الجمعة 22 نوفمبر 2024

رواية امل كاملة

موقع أيام نيوز

رالفصل الأول
دلفت لداخل غرفتها بخطوات مثقلة وموجة من الڠضب تحتاجها پعنف.. من وقت ان سمعت من ابيها اسم الجار الجديد لشقتهم .. وعقلها يرفض بشدة استيعاب هذه المفاجأة الغريبة .. كلما دار بمخيلتها ان هذا البغيض اصبح جارها والباب امام الباب
وصلت الى شرفة الغرفة فوقفت تنظر للأسفل على هذه السيارة الكبيرة والمخصصة لنقل الاثاث .. فى أعلى السيارة من الخلف كان واقفا يساعد العمال او من تبرع من اهل المنطقة في حمل قطع الاثاث لنقلها فى تجهيز الشقة .. مشمرا اكمام قميصه الاسود وكاشفا عن ذراعيه القويتان على بنيان جسده العضلي ..ملامح وجهه الرجولية الجذابة على شعر راسه الفاحم السواد .. لفتت انظار معظم الفتيات والنساء فى المنطقة ممن وقفن في شرفاتهن او من تمهلت اثناء سيرها وهي تحدق بعيناها عليه كالبلهاء ..الوغد الملعۏن مازال محتفظا بجماله الخاطف للأنفاس وتلك الهالة الجاذبة لكل صنف مؤنث.. غصة مريرة ابتلعتها في حلقها حسرة على من زهقت روحها هباءا ..فتمتمت بحړقة وهي ترتد للخلف عائدة حتى سقطت بتعب على طرف تختها 

مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
فاتن !!
.............................
توقف بسيارته على أطراف الحي الضيق تنتابه الحيرة.. فى التقدم الى الميدان الكبير حيث السكن الجديد لأخيه ووالدته.. ام التراجع كي لا يكسب عداء ابيه الغاضب على خروج زوجته من منزله وابتعادها عنه في تحدي واضح لارادة الزوج الكهل والمتزوج حديثا بفتاة بعمر أبناءه ..بحجة مرض الزوجة وعدم مقدرتها على تلبية طلباته واحتياجاته..زفر حانقا من تردده على اتخاذ قراره فى امر هام كهذا .. فهو لم يكن ابدا من محبي التصادم والاحتجاج عكس اخيه الكبير الذي نشأ على تحمل المسؤلية منذ الصغر ولديه حق الاعتراض او التمرد اذا لزم الأمر .. اما هو فكان دائما المدلل من ابيه ووالدته .
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
ترجل من سيارته ليستنشق بعض الهواء النقي فى الخارج فالتقطت اذانه بعض الهمهمات النسائية القريبة منه .
يالهوي على القمر يابت ايمان ..اموت انا .
دا بينه غريب يامنيلة على عينك .
تصلب مكانه مسترق السمع كاتما بصعوبة ابتسامته .
هو فعلا شكله غريب عن المنطقة من نظافته وحلاوته 
او ممكن يكون اجنبي ياشروق 
تصدقي صح يابت الحلاوة دي فعلا تدي على اجنبي 
لم يستطع الصمود اكثر من ذلك فالټفت اليهم برأسه فجأة اجفلهم ..ظهر الارتباك جليا على قسمات وجههم وهن يسرعن بخطواتهم تتخطيانه .. تتهامسان بصوت خفيض .
يانهار اسود دا بابينه سمعنا.
اسرعن بخطواتهن امامه فى الجهة الأخرى من الشارع وهن يكتمن ضحكاتهن ..ظل هو ساكنا في مكانه وتابعت عيناه سيرهم حتى خروجهم من الحي .. كان يبدوا من مايرتدينه من ملابس ومابيدهم من دفاتر انهم فتيات جامعيات ..الاولى كانت نحيفة بشعرها الاسود على بشړة رقيقة وبيضاء ..لم يلتفت جيدا عليها وذلك لتعلق نظراته بالفتاة الثانية ..ذات الوجه المستدير بالملامح البريئة والتي اختلطت بشقاوة فطرية ..ظهرت بوضوح حينما استدارت برأسها اليه بابتسامة رائعة قبل ان تخرج من الحي وتختفي هي وصديقتها .
..............................
انتي كنت فين ياماما
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
التفتت سميرة على صوت ابنتها وهى تدلف لداخل المنزل..فعدلت عن دخول المطبخ وذهبت اليها فى الصالة الصغيرة وسط المنزل وهي تقول 
ابلة فجر ..اخيرا يااختي صحيتي وخرجتي من اوضتك..مش بعادة يعني تتأخري في نومتك كده 
انتظرت فجر حتى جلست والدتها على الاريكة بجوارها فقالت بتوتر 
لا ما انا كنت راجعة من شغلي تعبانة وراحت عليا نومة .
نظرت اليها والدتها بتفحص تسألها 
انتي فعلا شكلك متغير ..هو ايه اللي تاعبك بالظبط 
ازاحت كف والدتها عن وجهها برفق قائلة 
ياماما دول كانوا شوية صداع وراحوا لحالهم..المهم انا خرجت من اوضتي مالقتش غير ابراهيم بس هنا فى البيت قبل مايخرج هو كمان ويروح السنتر ..هو انتوا رحتوا فين 
يعني هانروح فين يعني اختك لسه مارجعتش من جامعتها وانا طلعت بصنية أكل للجيران الجداد ارحب بيهم ....
قاطعت والدتها قائلة بحدة 
نعم!! وانتي توديلهم أكل ليه ان شاء الله هما كانوا قرايبنا ولا لينا بيهم سابق معرفة. 
صاحت عليها سميرة بحنق 
في ايه يابت مالك هو انتي هاتبصي على اللقمة كمان دا الراجل وامه العيانة ملخومين فى ترتيب العفش.. نسيبهم جعانين احنا بقى عشان مش قريبنا ولا نعرفهم .
اخفضت نبرة صوتها تحاول تخفيف حدتها فى القول
ياماما انا مابصيتش فى لقمة ولا حاجة ..انا بس مش عايزة يبقالنا علاقة كده من اولها مع ناس غريبة عننا ومنعرفهاش .
غريبة دا ايه بس يافجر دول ناس ولاد اصول يابنتى وولاد عز كمان.. والست الكبيرة تتحط على الچرح يطيب بس المړض بقى هدها والراجل جوزها ماتحملش تعبها قام متجوز عليها عيلة من دور عياله من غير مايراعي شعورها ولا احساسها ..لكن ابنها بقى ربنا يحرسه لشبابه مخلصوش قهرة والدته .. خرج بوالدته يعزل بيها وترك لوالده الجمل بما حمل .
سألت فجر مندهشة 
وانتي لحقتي تعرفي دا كله امتى ياماما
من والدته نفسها..ماانا قعدت معاها والكلام جاب بعضه دا حتى
والدك كمان اتعرف على ابنها اسم النبي حارسه علاء ..حتة شاب انما ايه حاجة تشرح القلب ..دا ابوكي معجب بيه اوي .
فعرت فاهها مذهولة 
حاجة تشرح القلب!! لدرجادي ياماما 
بكرة تشوفيه وتعرفي بنفسك .
تنهدت سميرة بصوت واضح قبل ان تقوم من جوارها وهى تتابع 
انا قايمة اغسل المواعين اللي اتكومت فى الحوض وبالمرة احضرلكوا حاجة للعشا.
نظرت فى اثر والدتها وهي تتمتم بصوت خفيض
دا على اساس اني لسة ماعرفتوش !
اجفلت مخضۏضة على صوت صفق الباب وشقيقتها تدلف هاتفة بمرح 
يالهوي يالهوي على جارنا الجديد يابت يافجر طول وعرض ولا نجوم السيما بالظبط ..شوفتيه ولا لسة 
اغمضت عيناها بتعب وهي تحرك رأسها بيأس 
شوفته ياشروق شوفته .
على اقرب المقاعد ارتمت شروق وهي تتسائل بحالمية
هو انا ايه حكايتي النهاردة مع الرجالة الحلوة 
.................................
في الشقة المجاورة وتحديدا بداخل الغرفة القريبة من غرفة فجر تناولت زهيرة دوائها واستلقت لتنام على التخت الجديد .. بعد ان تمكن الارهاق وتعب اليوم فى نقل الاثاث وترتيبه من جسدها الهزيل .. رفعت رأسها على صوت الطرق الخفيف على باب الغرفة فرحبت بابتسامة قائلة
ادخل يانور عيني انا لسه صاحية. 
معلش بقى تعبتك معايا النهاردة ياست الكل .
زمت شفتيها بحنق قائلة 
تعب ايه ياواد اللى تعبتوا دا انا اخري كنت بشرف وبس على العمال اللي انت اجرتهم مخصوص يوضبوا الشقة .. انا حتى ملحقتش اوضب الهدوم فى الدولاب. 
قال مازحا وهو ينظر للحقائب الموضوعة ارضا 
وماله ياست الكل ارتبهم انا من عنيا دا انت تؤمري. 
لكزته بقبضتها على ذراعه قائلة بحزم محبب 
ملكش دعوة بهدومي ياقليل الادب انت ..انا هارتب
حاجتي بنفسي .. بس بكرة الصبح بقى احسن انا النهاردة خلاص.. 
تثائبت وهي تقاوم نومها فتابعت 
المهم بقى انت قدرت تلاقي محل هنا فى المنطقة ولا لسة 
قائلا 
نامي انتي دلوقتي وريحي جسمك .. وبكرة ابقي اسأليني براحتك بقى .
كررت بأصرار 
يابني انا معاك اهو ..قولي بس لقيت محل ولا لأ 
اجاب يأسا 
ياستي انا خدت فكرة النهاردة من السمسار عن بعض المحلات الجديدة والفاضية فى المنطقة وبكرة بقى ربنا يسهل ونعتر على واحد كويس .. المنطقة هنا عمومي ومهمة يعني ربنا يجعلها فاتحة خير علينا ان شاء الله . 
كان يتكلم بأسهاب فلم يعي الا متأخرا ان والدته استسلمت لسلطان النوم ولم تعد منصتة له .. ظل بجوارها لبعض اللحظات متأملا وجهها الجميل..لقد كانت والدته فائقة الجمال فى شبابها ببشرتها الحليبية وعيناها الخضروان .. كانت من اجمل فتيات الحي حينما تزوجها ابيه ابن الحسب والنسب وصاحب اكبر محل أدوات صحية .. ولكنها أصيبت ببعض الأمراض المزمنة مبكرا كالسكر والضغط والام الظهر والعظام .. في البداية كانت محاطة برعاية زوجها واهتمامه ولكن مع مرور الايام زال الاهتمام والرعاية رويدا رويدا حتى تلاشى تماما وانتهى اخيرا بزواجه من عاملة فى المحل.. نيرمين.. كلما تذكرها وتذكر الاعيبها المكشوفة عليه قبل ان تفقد الأمل منه وتنصب شباكها على ابيه فتوقعه فى شركها . فزفر بضيق على احساس العجز الذي تمكن منه فى التصدي لها.. مسح بكف يده على وجهه يحاول تهدئة اعصابه .. ثم تناول غطاء الفراش ودثر والدته جيدا فى فمه وهم باشعالها بقداحته ... ولكنه وقف باهتا وارتخت يداه حينما لمح هذه الجميلة الواقفة فى شرفة الشقة المجاورة... كانت ملتفة بشالها تنظر للأمام وخصلات شعرها الحريري تتطاير بنعومه فى الهواء ... يبدو انها كانت شارده مما سمح له بتأملها لفتره مبهورا حتى اللتفت هى عن غير قصد لتجفل اليه فاشتعلت نظراتها وهى تنظر اليه كنمرة متوحشة .. انتفضت لتخرج من الشرفة على الفور ... فابتسم بتسليه وهو يشعل وهو ينفث دخانها فى الهواء باستمتاع.. تمتم وهو يبتسم مع نفسه 
دي باينها هاتبقى فل ان شاء الله.
.............................
تقطع الغرفة ذهابا وايابا على قدميها بغير هوادة من وقت ان رأته بهذا القرب وهو ينظر اليها بكل وقاحة بداخل شرفته القريبة من شرفتها ..وڼار من الڠضب المكبوت ا اليها فى هذا الطقس ..لتجده فجأة امامها مقتحما خصوصيتها.. حاولت تنظيم انفاسها لتخفيف هذا الشعور البغيض الذي انتابها بقلة الحيلة والقهر ..انقذها رنين الهاتف برقم تعشقه بعشق صاحبته.
اجابت بهدوء. 
الوو ..
وصلها الصوت المحبب بمرح
الوو .. انتي فين ياعنيا ماسمعتش صوتك من مدة يعني .
تبسمت بخفة قائلة 
مدة ايه بس ياسحر دا احنا اليوم كله مع بعض فى المدرسة .
ماهو ده اللى مجنني يابنتي .. انك ترجعى من شغلك وتقعدي الفترة دي
كلها من غير ما تزعجينى باتصال واحد حتى يبقى انا كده اقلق بقى.
صمتت قليلا قبل ان تجيبها 
لا ماتقلقيش ياسحر انا بس كنت مصدعة وخدتني نومة لهتني عن ازعاجك. 
وصلها صوت صديقتها القلق .
لا يافجر .. انا بعد ما سمعت نبرة صوتك دي بقيت متأكدة ان في حاجة بجد تعباكي مش هزار ..هاتقدري تتكلمي فى الفون ولا تصبري للصبح عشان الوقت اتأخر دلوقتي على الخروج .
اومأت برأسها تقول 
اشوفك بكرة ياسحر في المدرسة ان شاء الله تصبحي على خير. 
بعد ان نهت المكالمة مع صديقتها الحبيبة .. استلقت على فراشها تبتغي النوم والراحة قليلا عن ما يدور برأسها. 
.......................
فى الجهة الاخرى بعد ان انهت مكالمتها اللتفت مرة ثانية للتصحيح فى كوم الكرسات المتناثرة امامها على طاولة المكتب بعد اختبار الشهر الذي فاجئت به طالبات الفصل بالامس ..بدون سابق إنذار 
رفعت رأسها على صوت حفيف فستان قادم مع وقع خطوات كعب حذاء عالي بداخل الغرفة ورائحة العطر النسائي الذي تعلمه جيدا .
هااا ايه رأيك 
فغرت فاهها وتدلى فكها بذهول وهي تري والدتها تلتف امامها بفستان سهرة بالون الفضي مطرز ببعض حبات الخرز على الصدر .. فانعكست اضاءة الفستان مع حبات الخرز على وجه المرأة الابيض وهي تبتسم بتفاخر
و تسأل بالحاح
هاا ياسحر ..ماقولتيش رأيك فى الفستان ايه 
فاقت من ذهولها وهى ټضرب بكف يدها على سطح المكتب قائلة
عايزاني اقول رأيي فى ايه ياماما فى سنك ده ومكانتك كموظفة محترمة فى القطاع الحكومي لابسالي فستان بترتررر
شهقت رجاء تتخصر امامها مستنكرة
وماله سني ياعنيا كبرت بقى ولا عجزت دا انا اعرف ناس فى سني ولسة مااتجوزوش ..وان كان على الاحترام فانا محترمة ڠصب عن الكل ..يعني البس ترتر ولا مشخلع حتى ماحدش له عندي حاجة .
طيب ولما هو كده زي انتي مابتقولي ..عايزة رايي فى ايه بقى 
قالت رجاء بتوسل 
عيزاكي تقولي رايك بجد فى الفستان وانا لابساه من غير ما ترمي كلامك الدبش كده فى وشي .. انا ماليش هنا فى البلد دي غيرك ياسحر عشان اسأله فى حاجة ضروري زي دي ..فرح بنت اخويا قرب و عايزة اللحق اجهز نفسي بقى .
ماشي ياماما حاضر. 
كظمت امتعاضها بصعوبة وهي تستجيب للابتزاز العاطفي من ناحية رجاء ..فالقت نظرة متأنية على ماترتديه لتفحصها جيدا قبل ان تبدي رأيها ..الفستان لم يكن سئ بأكمله .. فقد كان منسدل على قوامها المتناسق بنعومة ..بالإضافة ان قماشه لم يكن بالضيق الذي.. تنهدت بيأس حتى وجدت ضالتها اخيرا .فابتسمت داخلها بخبث لتجيب والدتها بكل ضمير
بغض النظر عن الترتر ياست ماما .. فلو نظرنا نظرة شاملة على الفستان هانلاقيه طويل واكمامه طويلة دا غير انه كمان لايق عليكي بس ياخسارة بقى فيه عيب مهم قوي .
سألتها مجفلة 
ايه هو العيب اللى فيه
كرشك 
نعم !!
بقول الحق ياماما ..كرشك ظاهر قوى فى الفستان .
تنهدت رجاء بغيظ وهو تتمتم بصوت خفيض 
ماشي تمام ..هنلاقيله صرفة ان شاء الله .
سألتها ببرائة
هاتشفطي كرشك ولا توسعي الفستان 
هتفت عليها حانقة 
مالكيش دعوة .. انتى قولتي رأيك وكتر خيرك على كده ..المهم بقى امتى هاتجهزي انتي كمان وتشتري حاجة عدلة عشان فرح بنت خالك .
هي غنوة ياماما وعايزاني اغنيهاماقولتلك مش رايحة فرح الزفتة بنت خالي ولا راجعة البلد دي تاني نهائي ..هو انتي ايه مازهقتيش 
رفعت رجاء طرف فستانها وهي تردد مع خروجها من الغرفة بتصميم
لا مازهقتش ياسحر
وهاتروحي الفرح معايا يعنى هاتروحي الفرح .
بصوت عالي صاحت هي الأخرى كي تسمعها 
وانا قولت مش رايحة الفرح يعني مش رايحة الفرح واما اشوف كلمة مين بقى فينا اللي هاتمشي
.
على طاولة صغيرة بوسط المنزل اعدتها زهيرة مائدة للأفطار فوضعت عليها بعض الاصناف الخفيفة من الطعام بالإضافة لبراد من الشاي الساخن ..كانت تهتف على ابنها
ياللا بقى ياعلاء كفاية نوم يابني 
خرج لها من غرفته يجفف شعر راسه بمنشفة صغيرة قائلا 
ياست الكل انا خرجت اهو والنعمة..كفاية بقى تندهي عليا هاتصحي العمارة كلها معانا. 
قالت ضاحكة
ماانا كنت فاكراك لسة نايم ياحبيبى ..مكنتش اعرف بقى انك صحيت وخدت شاور كمان .
ولا يهمك ياحبيبتي..صباح الفل عليكي. 
صباح الفل والورد كمان على احلى علاء 
قالتها وهي تجلس هي الاخرى تشاركه وتابعت تسأله 
صحيت بدري لوحدك يعني ماارتحتش فى مكانك الجديد ولا ايه
وضع لقيمة كبيرة من الجبن قائلا بمكر
بصراحة بقى ياأمي انا فعلا مقدرتش انام في الاوضة الجديدة دي اصلها مقفلة كده وعلى شارع خلفي بجد ماستريحتش فيها ..عكس اوضتك انتي بقا بتطل على الميدان والمناظر الحلوة. 
قطبت قائلة بدهشة
ما هو دا كان رأيك انت يابني..لما قولت انك عايز الهدوء ..بعيد عن دوشة الناس والعربيات. 
اومأ برأسه قائلا بارتباك 
هو فعلا كان دا رأيي في الأول ياست الكل..بس بصراحة امبارح وانا فى أوضتك حسيت براحة
نفسية كده..جعلتني اتمنى انها تبقى اوضتي .
قالت بحنان 
ياحبيب قلبي مدام عجباك اوي كدة يبقى نبدل بقى وخدها انت وانا ياسيدي اخد أوضتك .
تسلميلى ياست الحبايب انتي دايما كده مريحاني في أي حاجة اطلبها .
نهض عن مقعده فجأة يقول 
اسيبك انا بقى واقوم البس عشان يدوبك احصل مشواري مع السمسار .
لاحقته بنظراتها قائلة 
ربنا يريح قلبك ياحبيبى ويفتحها فى وشك دايما .
اوقفته فجأة قبل ان يفتح باب حجرته وهي تسأله بلهفة وتردد
هو اخوك حسين ماتصلش بيك ياعلاء 
التف اليها قائلا بابتسامة مطمئنة 
ولو ما اتصلش ياأمي برضوا هايجي ويطمن عليكي..حسين طيب وانا عارفه كويس .
قالت بحزن 
حتى بعد ما قولتلوا ياجبان 
ازداد اتساع ابتسامته
اطمني ياأمي .. هو بس اللى أخره عنك خوفه من زعل الوالد لكن خليكي متأكدة انه هايجي.
.............................
كانت فجر تلملم اغراضها على عجالة فى الحقيبة الصغيرة لها كي تلحق دوام عملها فى المدرسة حينما دلفت اليها شقيقتها شروق سائلة بتعجب 
ايه دا انتي لسه ماروحتيش الشغل يافجر دي الساعة قربت على ٨ .
قالت باستياء
والنبي سيبنى فى حالي ياشروق .. طول اليل معرفاش انام امبارح لحد ماصليت الفجر وبعدها بقى عوضت وراحت عليا نومة لدرجة اني ماحسيتش بصوت المنبه. 
سألتها بمشاكسة
وياترى ايه اللى اخد عقلك بقى لدرجة انه طير النوم من عيونك ياابلة فجر 
لوت شفتيها بحنق وهي ترتدي سترتها الجلدية قبل ان تخطوا للخارج قائلة
مش هارد على واحدة تافهة زيك. 
ضحكت شروق تتناول قلم الحمرة لتلوين شفتيها وهي ناظرة فى انعكاس شقيقتها فى المراة التي كانت خارجة من الحجرة فقالت بمرح
والنبي مسيرك لتقعي يافجر .
عادت اليها فجأة قائلة بتحذير ومزاح 
خفي شوية على صباع الروج ياماما دا مال يتامى .
.............................
فتحت باب الشقه لتخرج فاصطدمت عيناها به مباشرة امامها وهو خارج ايضا من شقتهم .. تنحنح فى البداية وهو يلقي عليها التحية 
صباح الخير. 
تجهم وجهها ونظرت اليه نظرة تحدى وازدراء .. توقع ان ترد اليه تحية الجار الجديد لكنها مرت من امامه تتخطاه لتنزل الدرج وكأنها لاتراه ! عقد حاجبيه وفغر فمه دهشة من جرأتها ..ظل لبعض اللحظات ينظر فى اثرها مصډوما من فعلتها .. همس ذاهلا بصوت خفيض 
يابت ال .... دى مجنونه دى ولا ايه عشان تعمل كده مع المعلم علاء وماتعبروش !
هز رأسه يبتلع الأهانة وهو ينزل خلفها يتميز غيظا منها ومن عجرفتها عليه دون سبب واضح او قد يكون السبب هو ڠضبها امسا حينما اجفلت عليه وهو ينظر اليها من شرفته مستغلا غفلتها..ولكنه ماذا يفعل فقد سرقته اللحظة امس وهو ينظر اليها كالمسحور ولم يعي بالزمان ولا المكان ولا الأصول والأعراف .. تنفس پغضب وهو يقسم بداخله انها لو كانت رجلا لرد بتهشيم وجهها .. وجهها الذى يشبه القمر لايدرى لما يشعر كأنه رأها سابقا !
اما هى فقد أحست بنشوى غريبة فى احراجه . كانت تشعر مع سماع خطواته خلفها وكأن نظراته تنفذان عبر ظهرها وصوت انفاسه الهادره تصل اليها بوضوح وهى تتصنع البرود والغطرسة أمامه .
............................
وفي مكان اخر 
بداخل المحل الضخم والمخصص لبيع الأدوات الصحية ..كان المعلم أدهم المصري مستندا بمرفقيه على ركبتيه وهو يتلاعب بسبحة يده فى جلسته على الكرسي ..وقد تركزت عيناه على مدخل المحل دون كلل بأمل كاذب فى انتظاره..رغم علمه الكبير بتشدد ولده حينما يقرر ..لقد ورث علاء معظم جينات ابيه شكليا وداخليا ايضا خصوصا صرامته القاطعة فى اتخاذ القرارت مهما كانت صعبة او مصيرية .. لطالما افتخر به واحبه اكثر من حسين الذي ورث عن والدته الطيبة الزائدة كما ورث لون عيناها ايضا وبشرتها البيضاء .. اعتدل يضرب بكف يده على فخذه وهو يزفر بضيق ..يتساءل فى حل لهذه المعضلة الشائكة..لقد تزوج وانتهى الأمر .. لكنه ايضا يريد زوجته الحبيبة وأولاده فى كنفه فماذا يفعل واين هو الحل 
خرج من شروده على صوت هاتفه برقم زوجته الثانية نرمين التي بمجرد ان فتح المكالمة قالت بتذمر 
الوو ..كده برضوا يا أدهم تسيبني نايمة وتخرج من غير ماتصحيني حتى 
قال بصوت خفيض حازم وعيناه تدور فى المحل حتى لا يلفت اليه نظر العمال او حتى الزبائن 
وطي صوتك يانرمين مش ناقصين فضايح .
وصله صوتها بميوعة
طب ولو وطيت صوتي يعني هاتسيب المحل وتيجي تشوفني و تراضيني وانت عارف كويس اني لسة عروسة جديدة ودا حقي 
تحمحم بارتباك قبل يتدارك نفسه فقال بصرامة
بقولك ايه انا ورايا مشوار ومش فاضيلك دلوقتي .. استني لما ارجع البيت نبقى نتعاتب براحتنا. 
مشوار ايه 
نهض فجأة وقد حزم امره 
بعدين بقى اقولك لما اشوفك سلام .
...............................
في المدرسة وبداخل احدي الفصول بعد ان انصرفت الفتيات لحضور حصة الألعاب في الفناء الواسع ..كانت فجر جالسة على احدي المقاعد فى الفصل الفارغ وسحر الجالسة بجوارها على نفس المقعد تسألها بجديه
انتي متأكدة ان هو نفسه
اجابتها بثقة 
دا انا لو اتوه عن الدنيا كلها لايمكن اتوه عنه .
مش يمكن حد
يشبهله
بشبه ابتسامة قالت 
يشبه فى الشكل والاسم كمان في ايه ياسحر اشحال ان ماكنت حاكيالك بكل اللي حصل 
رفت برموشها تستوعب جيدا قبل ان تقول
بصراحة صدفة غريبة جدا يعني صاحبنا ده ساب البلد كلها وضاقت عليه عشان مايلاقيش
غير عمارتكم ويسكن فيها 
تنهدت بسأم قائلة
ياستي حسب ما سمعت من امي انه اختار عمارتنا عشان بتطل على ميدان ومنطقة عمومي مناسبة يفتح فيها محل أدوات صحية زي والده .. وبنفس الوقت يبقى قريب من والدته ويراعيها. 
ياسلام !!
قالتها سحر بتهكم وتابعت 
لدرجادي هو بيحب والدته يعني غريبة فعلا واحد بالأخلاق دي ويتصرف كده .
تبسمت بمرارة 
امال لو شوفتي امي وهي بتوصف فى جماله وشبابه ولا اعجاب والدي بيه عشان نصر والدته ومخلصوش قهرتها ولا نظرة الستات ليه فى شارعنا ولا اكنهم شافوا رجالة قبل كده .
سالت دمعتها بخط رفيع على وجنتها وهي تتابع 
عايش حياته يافجر وربنا ماانتقمش منه زي ما كنت بتمنى وبادعي عليه .
اقتربت تربت بكف يدها على ظهر صديقتها قائلة 
هدي نفسك شوية يافجر مش كل الأمور بتمشي زي مااحنا عايزين ..ربنا له تدبير مختلف عننا فى تخليص الحقوق. 
هتفت بانفعال 
يعني امتى بس ياسحر العدل يتحقق والمذنب ياخد عقابه لحد امتى هايفضل الضغيف بس هو اللي يدفع التمن والقوي يعيش ويتمتع و......استغفر الله العظيم .
اومأت سحر متفهمة ثورة صديقتها وحزنها وهي تناولها محرمة ورقية لتجفف دماعتها قبل ان تسألها مجفلة 
الا صحيح يافجر هو عرفك 
هزت اكتافها وهي تمط بشفتيها تقول 
بصراحة مش عارفة .
ها يامعلم علاء ايه رأيك
طاف بعينيه على المساحة الشاسعة و الفارغة و الحوائط المطلية حديثا فأومأ ببعض الرضا 
كويس ياعم حودة المحل بس السعر اللي انت عارضه غالي قوي .
قال الرجل متشدقا 
وانا ايه ذنبي بس يا معلم علاء ..دا صاحب المحل هو اللي محدد السعر ده عشان زي ماانت شايف كدة المنطقة عمومي والبشر فيها زي النمل يعني لقطة وعلى العموم لو مش عاجبك المحل فى غيره فى الناحية التانية من الميدان برضوا ..اهم حاجة راحتك .
بنظرة متفحصة لداخل المحل وخارجه شعر ببعض الرضا وهو يرى شرفة الشقة الجديدة امامه..حتى يتسنى له رؤية والدته عن قرب وهو يتابع اعماله .. مع بعض
التسلية لرؤية شرفة الشقة المجاورة امامه مباشرة..ترى ماذا سيكون رد فعل صاحبتها المتعجرفة حينما تراه امامها الان لو خرجت بالصدفة
عاد من شروده على صوت السمسار وهو يقاطع افكاره
ها يامعلم علاء ايه رايك بقى ورسيت على انه محل 
بابتسامة عريضة قال 
خير ياباشا .. بلغ صاحب المحل ده بالموافقة عشان نخلص النهاردة ياريت.. وعمولتك هاتخدها مني مقدما .
هلل الرجل فرحا
على بركة الله ..انا هاتصل بالراجل دلوقتي عشان نجهز العقود مدام انت فلوسك جاهزة وربنا يجعلها فاتحة خير عليك ..
.............................
كانت زهيرة منهمكة فى تريب ملابسها داخل الخزانة بعد ان تبادلت الغرفة مع علاء ابنها ..حينما سمعت صوت جرس المنزل..تركت مابيدها وذهبت بخطواتها البطيئة وهي تتحامل على ألألم المزمن لعظامها وظهرها .. فتحت الباب فتسمرت مذهولة حينما وجدته امامها ..قال بصوته الرخيم
ايه يازهيرة انتي هاتسيبني واقف كدة على الباب مش ناوية تقوليلي اتفضل 
تراجعت للخلف مستاءة من لهجته المتهكمة وهي تدعوه للدخول 
اتفضل ياحج البيت بيتك .
خطا لداخل المنزل وعيناه تطوف على كل تفصيلة فى ارجاءه 
هه ياماشاء الله.. شقة واسعة على الطراز القديم لكن شكلها يفرح وتفتح النفس ..انتي لحقتي كمان توضبيها ولا... 
قال الاخيرة بنظرة ذات مغزى عليها وهو يجلس على اقرب المقاعد ويتابع 
ولا شكله كده جابلك ناس تساعدك حكم انا عارفه حبيب ابوه بېخاف على صحتك من الهوا
زفرت حانقة تردد خلفه
أكيد طبعا بېخاف عليا وجابلي ناس تساعدني يامعلم وهي فيها حاجة دي 
لا مافيهاش حاجة يازهيرة إن ابنك ېخاف عليكي و يجيبلك ناس تساعدك..بس ياريت بقى تفتكري انتي كمان إني انا والده وليا حق عليه زيك .
تنهدت بنزق وهي تجلس على الأريكة امامه وقالت
بقولك ايه حج ماتجيب من الاخر وقولي عن سبب الزيارة الكريمة دي
قال بجدية 
عايز ابني يا زهيرة يرجع لحضني من تاني يسندني ويقف جمبي ..دا طول عمره دراعي اليمين اللي بعتمد عليه .
فتحت فاهها تنتوي الرد ولكنه سبقها يتابع 
عارفك هاتقولي انك مش ممانعة..لكن انا هاجيب من الاخر زي ما قولتي ..ابنك لايمكن هايصفالي طول مانتي زعلانة ومنشفة راسك يازهيرة ..الجواز كان هايحصل هايحصل سواء كانت بت صغيرة ولا واحدة كبيرة عنها ..انا بقالي سنين متحمل تعبك وعمري ما اشتكيت ..ماينفعش انتي تيجي على نفسك بقى دلوقتي وتتقبلي الضرة البيت واسع و....
قاطعته بحدة قائلة 
لأ ماينفعش يا أدهم .. حتى لو كان البيت يساعي الف ..برضوا مش قابلة الضرة ..انت بتعايرني وتقول انك اتحملت تعبي لكن من جواك عارف كويس اني رغم تعبي ده ياما أتحاملت على المي عشان ارضيك .. فبلاش النغمة دي والنبي ..انت راجل البت زغللت عيونك واتجوزتها على ام ولادك .. انت حر ..وانا كمان حرة اني مابقلش
على نفسي بالضرة .
ظل لعدة لحظات ينظر اليها صامتا بوجه صارم وغير مقروء قبل ان ينهض قأئلا بقسۏة غير مبالي بتأثير كلماته على المرأة 
ماشي يازهيرة خليكي كده على عندك وانتي فرحانة بابنك اللي ضمتيه لحزبك .
تحرك خطوتين قبل ان يتابع 
بكره بقى لما يتجوز المحروس ويشوف حياته مع واحدة تنسيه الدنيا ومافيها ..مش هتلاقي غير بيت جوزك بس اللي مفتوح يازهيرة .. لكن انا ساعتها هاعمل بأصلي واخلي مراتي اللى هي ضرتك تشيلك فى عنيها .. عن اذنك بقى ياام الرجالة. 
...........................
عادت سميرة من الخارج محملة بأكياس الخضر والفاكهة التي ابتاعتها من السوق فى جولتها الصباحية اليومية .. كانت على وشك فتح باب شقتها حينما رأت الرجل المهيب بحلته الأنيقة وهو خارج من شقة جارتها الجديدة متجهم الوجه وكأن على رأسه الطير ..قطبت سميرة دهشة من عبوس الرجل لدرجة تركه باب الشقة مفتوحا . انتابها الفضول والريبة ايضا لمعرفة كنية الرجل وصفته ..فتحركت تلقائيا ناحية الشقة المجاورة تاركة اكياسها ارضا .
طرقت بخفة على الباب المفتوح 
ياام علاء ...يامدام زهيرة ..ياام علاء .
حينما لم تسمع ردا دفعت الباب بتوجس وهي تهتف بصوت أعلى .
يامدام زهير......يانهار اسود .
دلفت مندفعة لداخل المنزل حينما رأت المرأه امامها جالسة ورأسها متدلية على كتفها وكأنها غائبة عن الوعي.. اقتربت بلهفة تربت على وجنتيها وهي تهتف بلوعة 
يامدام زهيرة ..ياست ام علاء .
رفعت رأسها الثقيلة بصعوبة وهي تجيب المرأة بضعف هامسة 
ايوة ايوة انا هنا مټخافيش .
بلعت سميرة ريقها قائلة ببعض الارتياح 
الحمد لله يااختي انك بخير ..هو انتي ايه اللي تاعبك 
قالت بصعوبة 
معلش والنبي هاتقل عليكي .. ممكن تسندينى ادخل اوضتي اريح فيها على سريري 
انتي تؤمري ياختي..
الف بعد الشړ عليكي .
قالتها وهي تلف ذراعيها حول المرأة تساعدها بالنهوض .
...........................
تعجبت فجر من مشهد أكياس الخضر والفاكهة وهي ملقاة بأهمال أسفل باب الشقة المغلق .. ازاحت الاكياس قليلا لتفتح بمفتاحها وهي تتمتم
هي ماما راحت فين وسابت الاكياس مرمية كده 
هزت رأسها لاستنتاجها الاكيد بانشغال والدتها بالحديث مع احدى الجارت ..فتناولت الأكياس وهي تدلف لداخل المنزل وفور دخولها بهم المطبخ .. تفاجأت بصوت والدتها وهي تصيح 
ياولاد ..هو مين فيكم اللي رجع ودخل الاكياس
خرجت اليها مجفلة تقول 
انا اللي دخلتهم ياماما ما تقلقيش ...
طب كويس تعالي .
على حين غرة جذبتها من كفها تسحبها للخارج..هتفت فجر بجزع
انتي سحباني ومودياني فين ياماما
يابنتي هاخليكي تقعدي جمب جارتنا ام علاء تاخدي بالك منها على مانزلت انا اجيبلها دكتور من العمارة اللى ورانا .
جذبت كفها صائحة بحدة وهي توقفها 
ام مين انا مش متعتة من مكاني ولا داخلة شقة الناس الغريبة دي نهائي .
ڼهرتها سميرة قائلة پعنف 
في ايه يابتهو دا وقت قنعرة برضوا الولية شكلها ميطمنش واخاڤ اسيبها لوحدها يجرالها حاجة على مااجيب لها الدكتور .
تخصرت تسأل بازدراء
والمحروس ابنها بقى ..سايبها كده تعبانة وراح على فين .
هو لو ابنها موجود ولا اعرف حتى نمرته ..كنت احتاجتلك يامنيلة ..اتحركي يابت اخلصي خلينها نلحق الولية . اتحركي .
انصاعت مضطرة لوالدتها وهي تسحبها پعنف تدخلها منزل الد اعدائها ..
.................................
تركتها سميرة مع المرأة المړيضة وهي مستلقية على فراشها بداخل غرفة نومها بعد ان عرفتها عليها سريعا ..
تململت فجر بعدم راحة وهي واقفة بوسط الغرفة مكتفة ذراعيها تحسب الوقت فى انتظار عودة والدتها بالطبيب و التي لم يمر على خروجها سوى دقائق قليلة.. 
هامسة لنفسها
الله يسامحك ياماما على دي الورطة .
حدقت بعيناها على المرأة الغائبة عن الوعي والتي لم يترك الزمن اثاره عليها رغم تقدم عمرها ومرضها.. مازلت محتفظة بجمالها وهي تبدوا مليحة القسمات رغم شحوبها .. شعرت نحوها ببعض الاعجاب والتعاطف ڼهرته سريعا حينما تذكرت ابنها ومافعله قديما مع فاتن..فتصلب فكها للذكرى وارتعشت شفتيها تتنهد بحړقة رغم مرور عدة سنوات على ماحدث .
اجفلت على صوت المرأة وهى تزوم وتحرك رأسها 
اممم ...علاء .
ضغطت على اعصابها وهي تقترب من فراش المرأة
ااا انا مش علاء يااخالتي ..انا فجر بنت جارتك سميرة .
فتحت المرأة اجفانها فظهرت عيونها شديدة الخضرة أثارت اعجاب فجر بشدة .
قالت بصوت ضعيف وهي تستفيق 
ايوه صحيح يابنتى انا افتكرتك ..هي والدتك راحت فين 
والدتي راحت تجيب دكتور عشان يشوفك .
قالت بحرج 
يادي الكسوف تلاقيها خاڤت و قلقت عليا .. بس انا الغلطانة عشان نسيت اخد حباية الضغط النهاردة.. هاتعبك يابنتى ممكن تجيبلي البرشام بتاعي من الاوضة التانية .
دنت فجر منها تقول بامتعاض
ازاي يعني هو انا هاعرفه منين 
هاتلاقيه فى اول اوضة عالشمال ..يمكن بس اتنتر مني فى الارض ولا على السرير وانا برتب الاوضة .
زفرت بضيق وهي تدلف لداخل الحجرة التي طل من شرفتها وجه هذا البغيض ..المدعو علاء ..مشطت بعينها على
أنحاء الغرفة الأنيقة ذات الاثاث الحديث.. كل شئ مرتب فيها ولا يوجد له فيها اثر من ثياب ولا حتى عطر يخصه 
رمشت بعيناها تذكر نفسها لما جاءت من أجله.. اخذت تدور وتبحث عن علب الدواء حتى رأته اسفل المقعد المنجد .. فدنت على ركبتيها تتناوله وتتحقق منه جيدا قبل ان تنهض به لتعود إلى المرأة.. ولكنها بمجرد ان استدارت شهقت مڤزوعة حينما رأته امامها بطوله الذى حجب الرؤية ووجهه الوسيم بخطۏرة فقال بتسلية 
ايه شوفتي عفريت قدامك !
خارج كده ورايح فين ياحسين 
التف بجسده على صاحبة الصوت مجفلا وعيناه اشتعلتا ڠضبا من جرأتها في سؤاله .. فقال بنزق 
وانتي مالك انتي عشان تسأليني
خطت امامه وسط الصالة بمئزرها الحريري والذى اظهر سيقانها اسفل المنامة التي غطتها بالمئزر فقالت بنعومة مستفزة
يعني الحق عليا اني بسأل عشان اطمن ومقلقش عليك لو اتأخرت .. دا السيد الوالد موصيني اوي اني اخد بالي منك واراعي راحتك .
كبح جماح نفسه بصعوبة عن الرد عليها بما يليق بها وهو الذي اشتهر دائما بحلمه وطيبته السمحة لكن مع هذه المرأة المتبجحة و التي اخذت مكان والدته .. سيطير كل ما تعلمه ونشأ عليه هباءا ...قال مابين اسنانه
وانتي واخدة بالنصيحة قوي ..عشان كده خرجتي من اوضتك بسرعة توقفيني قبل ما اخرج من باب البيت وتسأليني ..طب راعي الأصول الاول والبسي حاجة عدلة بدل ما انتي واقفة كده قدامي بالروب والقميص. 
قالت بخجل مصطنع وهى تلملم أطراف المئزر
يووه عليا دا انا مخدتش بالي.. بس انت مش غريب ياحسين..انت ابن جوزي ..ربنا يحفظه ويخليه. 
حاول السيطرة على حركة فكه وصدره يصعد وبهبط مع تنفسه بخشونة وقال 
بقولك ايه يااسمك ايه انتي.. انا مش قابل سؤالك ولا قابل حتى كلام معاكي وتاني مرة اياكي اشوفك لابسة كده بالمنظر ده قدامي سمعاني .. عن اذنك بقى .
استدار عنها يخرج بسرعة صافقا باب المنزل بقوة لدرجة اهتزت بها الجدران .. تخصرت تنظر في اثره ضاحكة وهي تتمايل بخطواتها ..حتى توقفت امام مراة معلقة فى الحائط .. تنظر إلى صورتها الجميلة بتفاخر وهي تتلاعب بشعرها العسلي بفعل الاصباغ وملامح وجهها التي زادتها المساحيق جمالا فوق جمالها .. يليق بها الثراء وهي تستحق بعد حياة مليئة بالعوز والشقاء والإهانة والإستغلال .. ولكن يبقى شئ واحد فقط ينقصها .. ينقصها هو ..هو فقط !!
.................................
حينما دلف الى منزله والذي بالصدفة وجد بابه مفتوحا كان محبطا لسبب غير مفهوم له .. فمنذ ان راها أمس بشرفتها وهي اخذت حيزا غير هين بتفكيره طوال الليل فى جمالها الخاطف ..وهي واقفة بشرفتها وشعرها يتطاير حولها .. مشهد يغري اعظم الرسامين لتسجيله وياليته كان شاعرا حتى ليصفه بالكلمات .. فيأتي الصباح لتصدمه بمعاملتها المتعجرفة والمتكبرة.. فأطاحات بالباقي من عقله طوال اليوم .. حتى انه تمنى بشدة رؤيتها الان بشرفتها وهو عائد للبناية او حتى صدفة كالتي حدثت صباحا .. فتأتي المفاجأة ليراها الان بغرفة نومه !! 
لم تصدق عيناه رؤيتها فى البداية وهي جالسة على ركبتيها تتناول علبة دواء اسفل المقعد بمشهد اغراه لحبس انفاسه حتى وقفت
والتفتت اليه لتشهق مخضۏضة .
ايه شوفتي عفريت قدامك
قالها وعيناه تلاحق ملامح وجهها المزعورة من رؤيته بتسلية شديدة .. ظلت لبعض اللحظات فاغرة فاهها پصدمة وهي تحدق بعيناها عليه متلاحقة الانفاس ..ثم مالبثت ان تستعيد رشدها لتهتف عليه بقوة 
ايه ياجدع انت داخل زريبة ..مش تتنحنح الأول ولا تعمل اي حركة 
قال ببساطة
واتنحنح واعمل صوت او حركة ليه انا داخل بيتنا اللي بالمناسبة لقيت بابه مفتوح .
صاحت پعنف وقد فقدت السيطرة على اعصابها
اه ..ودا يخليك بقى تقف تبص على جارتك من غير خشا ولا حيا .
ضيق
عيناه بتفكير قائلا 
انت بتتكلمي عن ايه بالظبط عن وقفتي فى البلكونة امبارح لما شوفتك وتنحت ثواني ابصلك من غير قصد ولا ودخولي دلوقتي أؤضتي وانا شايف بنت جميلة وزي القمر فيها .. وبرضوا اتسمرت من المفاجأة وماقدرش اتكلم ولا طلع اي صوت .. بس يكون فى علمك انا في المرتين ملحقتش برضوا ابصلك كويس عشان تبقي عارفة .
توسعت عيناها بذهول من جرأته واجاباته الغير متوقعة فقالت بعدم استيعاب
انت بتقول ايه
صمت قليلا محدقا بعيناها التي أثارت نظرتها رجفة بداخله فقال بابتسامة ساحرة 
بصراحة مش عارف .
فجأة انتابها شعور بالصدمة والإرتباك دون سبب معلوم ..فهذا الرجل الخطېر حتى في ابتسامته البسيطة .. هو قادر على زلزلة كيان اجمل النساء واقواهم .. فما بال فاتن !
قالت بتعب لإنهاء الجدال معه 
طيب حضرتك ممكن توسعلي عشان انا عايزة اروح بعلبة الدوا دي للست التعبانة جوا ..ممكن 
امي انا تعبانة .
قالها بجزع قبل يختفي من امامها سريعا بالذهاب الى والدته كي يراها ويطمئن عليها .. همست فجر غير مصدقة ما يحدث
يانهار اسود ..دا ايه هو ده ياعيني عليكي يافاتن .
وقفت بعلبة الدواء متسمرة وهي تراه جالسا على طرف
الفراش بجوار والدته يهتف عليها پخوف وكأنه طفل صغير 
ايه ياأمي مالك انا سايبك كويسة ايه اللي جرالك بس بعد ما مشيت 
قالت زهيرة بصوت ضعيف ممررة كفها بحنان على وجهه
ياحبيبي ماتقلقش عليا ..انا بس نسيت اخد حباية الضغط النهاردة ..دلوقتي اخدها واقوم وابقى زي الفل .
نهض سريعا عن الفراش من جوارها قائلا 
لا ياأمي الكلام دا ماينفعش.. انا هانزل حالا اجيبلك دكتور يشوفك ويطمني عليكي.
اوقفته فجر ممتعضة حينما هتفت عليه والدته ترجوه الأنتظار
أمي نزلت تجيب الدكتور ..فياريت يعني تستنى دقايق .. هي أكيد على وصول .
قالت زهيرة برجاء
والنبى ماله لازمة الدكتور..انا بس اشرب حباية الضغط ودلوقتى ابقى زي الفل ..هو انتي لقيتي علبة البرشام يابنتى
قالت الاخيرة مخاطبة فجر التي همت لترد ولكن اوقفها صوت والدتها الذي اتي قريبا من داخل المنزل وقد جاءت ومعها الطبيب
..........................
ترجلت شروق من سيارة الأجرة امام البناية التي تقطن فيها وهي تسرع بخطواتها وفور ان اعتلت الدرج سمعت خلفها من يهتف عليها 
ياأنسة ..ثواني حضرتك قبل ما تطلعي السلم .
استدارت على ناحية الصوت فجحظت عيناها من المفاجأة وهي ترى هذا الوسيم الذي رأته بالأمس امام سيارته فى الحارة الضيقة واعجبت به بشدة .. يتقدم نحوها الان بخفة واناقة غير عادية وكأنه خارج من أحدى مجلات الموضة الرجالي .. قال بابتسامة رائعة وهو يخلع نظارته السوداء التى كانت حاجبة عيناه الخضروان 
السلام عليكم .
وكأنها فقدت النطق ..ظلت تنظر اليه صامتة دون حراك .
ازداد اتساع ابتسامته فقال بمكر 
ايه ياأنسة انا بكلمك ..هو انتي مابتروديش ليه 
بكف يدها كتمت ضحكة خجلة على وجهها الساخن وقد تحولت وجنتيها لقطعة حمراء ملتهبة .. فقالت بصعوبة 
يانهار ابيض عالإحراج .. دا انا كنت فاكراك اجنبي .
قال بمرح
عشان كدة كنتي بتعاكسي براحتك بقى .. على اساس اني مش هافهمك .
اومأت برأسها وهى مازلت تكتم ضحكاتها وعيناها منخفضة أرضا ..اعطته الفرصة ليتأملها جيدا قبل ان تقول اخيرا
لكن انت ايه اللي جابك هنا عند بيتنا اوعي تقول انك جاي تشتكيني لبابا عشان عكستك 
استجاب لمزاحها ضاحكا وهو يحرك رأسه بالنفي قائلا
لااا مش لدرجادي يعني ..هو انا اطول واحدة حلوة تعاكسني .
هزت رأسها ابتهاجا بإطراءه وهي صامتة .. فتابع هو 
في الحقيقة بقى انا جاي لوالدتي واخويا هما ساكنين هنا جديد .. تعرفي المعلم علاء ووالدته الحجة زهيرة 
اجابت بحماس 
معرفهمش ازاي بس دول جيرانا والباب قصاد الباب .
تبسم بارتياح يقول 
كويييس اوي ده .. ممكن بقى اطلع معاكي تعرفيني الشقة
.........................
خرج علاء مع الطبيب الذي قام بفحص والدته ليستفسر عن حالتها ويتلقى منه النصائح والارشادات لعلاجها ومراعتها فظلت معها سميرة التي دثرتها جيدا وهي تتحدث معها بعفويتها
الف سلامة عليكي يا ام علاء ..ربنا مايرقدلك جتة تاني ابدا
قالت زهيرة بامتنان 
تسلميلى ياختي ..انا مش عارفة بصراحة هاقدر ارد جميلك دا ازاي انتي والمحروسة بنتك ..ربنا يحفظهالك يارب .
تبسمت سميرة بمودة قائلة 
في ايه بس ياام علاء لو مكنش الجيران يلحقوا بعض فى وقت زي ده..يبقى ايه لزمتهم بقى دا المثل بيقول ..الجار قبل الدار ..بس انتي لازم تراعي لنفسك وبلاش الزعل يااختي..اديكي شوفتي بنفسك الزعل بيعمل ايه .. ودا كلام الدكتور مش كلامي .
تنهدت زهيرة قائلة بحزن 
ودي نعملها ازاي بس دا الزعل ورانا ورانا مهما حاولنا نهرب منه .
لا ياام علاء .. انا عارفة ومتأكدة ان الراجل اللي خرج من عندك هو السبب في زعلك .. هو دا يبقى جوزك يااختي اصل بصراحة الشبه بينه وبين سي المحروس علاء ابنك كبير اوي يعني .
قالت زهيرة بقلق وصوت خفيض 
وطي صوتك والنبي يااختي ..انا مش عايزة علاء يسمع. 
لا ما انا سمعت خلاص ياماما وفهمت لوحدي السبب اللي خلاك تتعبي كده فجأة .
اجفلت المرأتان على صيحته الغاضبة وهو يدلف اليهم بداخل الغرفة وتابع بسؤال والدته
هو قالك ايه بالظبط ياماما وخلاكي تزعلي بالشكل ده 
اجابت نافية
مقلش حاجة يابني تستاهل ..بلاش تعصب نفسك على الفاضي 
لا قال .
قالها بحدة عاصفة..جعلت الډماء تهرب من وجه سميرة التي نهضت عن الفراش قائلة بارتباك 
يادي النيلة السودة .. هو ايه اللي حاصل بالظبط دا انا شكلي عكيت الدنيا وانا مش دارية
حدقت زهيرة الي ابنها معاتبة وهي تومئ برأسها ناحية سميرة
عجبك كده 
زفر علاء مطولا وهو يمسح بكف يده على صفحة وجهه ..فقال بلطف 
معلش ياخالتي سميرة..انا اسف لوكنت احرجتك سامحيني.
يووه يابني.. اسامحك على ايه بس دا انت زي ولادي .. انا بس مش عايزة ابقى سبب في مشكلة بينك وبين الراجل ده اللي الظاهر كده يبقى والدك .
مشاكل ايه اللي هاتبقي انتي السبب فيها بس ياخالتي ..هو احنا كنا سايبين بيتنا وحالنا ومالنا وجاين هنا ليه طيب فسحة يعني دا انت شكلك طيبة اوي ياخالتي .
الله يحفظك يابني دا من زوقك .
حاول علاء التماسك وكبت غضبه امام السيدة سميرة طوال لحظاتها المتبقية معهم
والتي لم تطل كثيرا .. حينما همت للخروج ..وقام بإيصالها حتى الباب تفاجأ بأخيه حسين امامه كما تفاجأت سميرة بوقوف ابنتها شروق معه !!
.........................
انا اسف ياأمي سامحيني.. 
مسمحاك ياحبيبى وقلبي راضي عنك دنيا وآخره. 
اه ياأمي..وحشني حضنك
اوي .
اجفل حسين من لهجته المتهكمة
الله ياعلاء ..مش والدتي ووحشاني مضايقك في ايه انا بقى 
هتف عليك بمشاكسة
وافرض واحشاك ..هاتفضل بقى كدة لازق فى حضنها ..ماتنشف ياض .
تبسمت زهيرة بمرح تخاطب حسين 
اخوك بينكشك ياحبيبي.. دا باينه غيران !
بنظرة ذات مغزى حدق حسين نحو شقيقه مع ابتسامة ماكرة ..أثارت حنق علاء 
فرحان اوي بكلامها انت عشان جاي على هواك .
اومأ برأسه موافقا بابتسامة متشفية 
اوي .
ضحكت زهيرة بسعادة .. اطربت قلب علاء ولكنه تحول للجدية في سؤال شقيقه 
اخبار الوالد ايه والبت دي عاملة ايه معاك 
ذهب العبث عن وجه حسين بمجرد ذكر الاثنان امامه ..لايريد اثارة الشك بقلب اخيه ووالدته لو اجابهم بصدق عن ما يقلقه من هذه المدعوة نيرمين...فقال بجمود 
ابوك مابشوفهوش كتير والبت دي... اهي ممشية امورها معايا ..طول ماهي بعيدة عني وفي حالها .
بزاوية فمه تبسم بسخرية علاء قائلا 
هاتفضل طول عمرك طيب ياحسين .. طيب ومابتعرفش تكدب!
لدرجادي انتي بتحبيه يافاتن 
احبه ..يالهوي عليا دا انا بمۏت فيه ..علاء دا راجل ولا كل الرجالة .. دا حاجة كده ولا في الخيال.. جمال وهيبة وشخصية قوية ..راجل حقيقي الست ممكن تتسند عليه والنبي دا انا ساعات كتير بخاف لا اكون بحلم .
يارب اتجوز واحد زيه 
يارب ياحبيبتى وانا اكره .. بس لاا لايمكن هتلاقي واحد زي علاء ابدا 
اغمضمت فجر عيناها پألم ودموع ساخنة ټحرق مقلتيها .. مع تردد هذه الكلمات برأسها دون رحمة رغم مرور اكثر من ١٠ سنوات عليها .. هذا اول لقاء يحدث بينها وبينه عن قرب وترى هذا السحر الفطري لهذا الرجل والذي يجتذب به النساء ليقعن اسيرات عشقه كالعنكبوت حينما تجتذب الفريسة لتمتص رحيقها حتى لا يتبقى منها شئ صالح للحياة .
طرق خفيف على باب غرفتها جعلها تستقيم بجلستها وهي تمسح دمعاتها سريعا لتعود لواقعها هاتفة 
ادخل .
دلفت شقيقتها وهي تضحك بمرح قائلة 
اسكتي يابت ياشروق ..النهاردة حصل معايا .....ايه ده انتي معيطة 
قالت نافية بارتباك
لا طبعا ..ايه اللي يخليكي تقولي كده 
قالت واثقة بوجه جاد ذهب عنه الهزل وهي تجلس بجوارها على الفراش 
وشك الدبلان يافجر وعيونك الحمرا .. في ايه يابنتي ماتقولي على اللي مزعلك ..دا انا اختك واقرب واحدة ليكي .. بعد المضړوبة على قلبها سحر .
لكزتها بقبضة يدها على ذراعها وهي تستجيب لمزاحها
بس يابت ..ماتقوليش كدة على سحر ..لازعل منك والنبي بجد.
قالت شروق وهي تمط شفتيها 
ايوة يااختي ما انا عارفة ..صحبية الهم بتاعتكم ..اموت واعرف مين فيكم اللي ناحسة التانية معاها اتنين حلوين وزي القمر..يقعدوا ليه من غير جواز مش فاهمة انا 
فعرت فاهها مذهولة تقول
لا إله إلا الله ..نصيب يابنتي ماسمعتيش عن حاجة اسمها النصيب .
نصيب إيه يافجر دا انتوا العرسان دوبت باب البيت من الخبط عليكم .. ومافيش لاحاجة بتكمل معاكم ..
دا ايه النحس دا اللي متبت فيكم
لم تتمالك نفسها اكثر من ذلك فضحكت من قلبها ..على منطق شقيقتها ومزاحها .. وبعد لحظات من الضحك والمرح سألتها شروق بجدية 
مش هاتقوليلى بقى ايه اللى مخليكي معيطة 
تنهدت بثقل وهي تجيبها 
افتكرت فاتن ياشروق .
نهضت من جوارها فوراقائلة بضيق 
تاني فاتن يافجر .. ماخلاص يابنتي عيشي حياتك بقى وانسي اللي حصل وكان .. وكفاية بقى انها كرهتك فى صنف الرجالة كلهم .
صمتت امام شقيقتها غير قادرة على الرد .. فكيف تخبرها ان الماضي عاد وبقوة بمجاورة هذا البغيض وهي التي لا تعلم من القصة سوى نهايتها !
...............................
خرج ادهم من غرفة مكتبه فرحا بغير تصديق بما أخبرته به الفتاة الخادمة بحضور فلذة كبده الكبير الى المنزل طالبا رؤيته ..خلفه كانت نرمين التي كانت اكثر لهفة منه ولكنها كانت بصعوبة تحاول السيطرة على مشاعرها
امام زوجها.. تسارعت دقات قلبها تكاد ان تخرج من صدرها وهي تراه واقفا وسط بهو المنزل الكبير..مرتديا سترة جلديه على سروال اسود ..جذاااابا بدرجة مهلكة .
علاء انت جيت ياابني
الټفت الى ابيه بوجه جامد بعد ان القى نظرة عليها بطرف عينه وقال 
شئ طبيعي ان اجي بيتي ولا انت عندك اعتراض ياوالدى
تبسم أدهم وهو يقترب من ابنه مربتا بكف يده على اكتاف علاء العريضة 
ابدا ياحبيبي ماعنديش اي مانع .. واقف ليه تعالى معايا على الصالون جوا. 
اشار بكفه يوقف والده معترضا 
معلش باابويا انا مش جاي اضايف ..انا جاي في كلمتين ورد غطاهم. 
طب هاتقولهم واحنا واقفين مش نقعد يابني ونتكلم براحتنا .
هم ليرد على اباه ولكن استوقفته بقولها 
في ايه بس ياسي
علاء ماتسمع كلام والدك ..هو احنا هانخطفك 
صك على اسنانه قائلا بحدة 
متتدخليش انت بين الأهل وخليكي فى حالك 
صاحت بلؤم 
كده برضوا ياسي علاء بس انا اللي استاهل فعلا عندك حق ..انا خارجة وسيبهالكم خالص عشان اريحكم ..عن اذنكم .
نظر في اثرها أدهم وهي معتلية الدرج قبل ان يلتفت ناظرا لعلاء بلوم قائلا 
ليه كده بس يابني المعاملة الجافة دي معاها هي كانت عملتلك ايه بس دي غلبانة ويتيمة و ..
قال علاء مقاطعا والده 
ماخلاص ياوالدي الله يرضى عنك ..الكلام دا قلته يجي مية مرة قبل كده.. خلينا فى الكلمتين اللي انا عايز اقولهم .
كده على الواقف ياعلاء ماشي ياسيدي كنت عايزني في ايه 
قال بتحذير 
أمي ياحج ادهم يامصري .
سأله ادهم بريبة 
مالها امك ياعلاء 
امي تعبانة ومش حمل كلامك الصعب..مشكلتك تحلها معايا انا ..امي طلبت الطلاق وخلاص دي مش نهاية الكون .. سيبها فى حالها بقى وخليك في عروستك اليتيمة والمسكينة .
تنهد أدهم بعمق وڠضب مكبوت بعد ان تلاشت الفرحة من وجهه وحل محلها شئ اخر فقال 
يعني هو دا اللي جايبك ياعلاء ..مش انك عقلت وعرفت ان ابوك ليه حق عليك زي امك كمان كبرت ياعلاء ومابقاش حد يهمك ولا تعمله حساب .. بما فيهم ابوك اللي كانت غلطته الوحيدة جوازه على والدتك الست المصونة .. اللي ماصدقت تلاقي اللي يشجعها عشان تهجر جوزها وتسيبه بفضلك .
اكتسى وجهه بغلاف البرود رغم النيران المشټعلة بداخله ..وهو يحاول الحفاظ على ثباته 
انا مش هارد عليك ياوالدي ونلت فى مواضيع انتهت .. انا كنت جاي في كلمتين وقولتهم خلاص ..بعد اذنك ياحج بقى ياأدهم .
..............................
خرج من منزل أبيه وكأن الشياطين تلاحقه الى الحارة الشعبية التي نشأ وترعرع فيها .. كان يسير بوجه متجهم وغاضب لما الت اليه الأمور بينه وبين ابيه وانقسام العائلة التى كانت مترابطة منذ نشأتها الى ان جاءت هذه الشيطانة دون سابق انذار وفرقت بينهم .
علاء .. ياعلاء .
الټفت على
صاحب الصوت الجالس حول احدى الطاولات الصغيرة ملوحا له ببده واليد الأخرى ممسكة بذراع الارجيلة في المقهى القريب .. زفر بضيق قبل ان يذهب إلى صديق الطفولة.. سعد .. والذي كان احد الأضلع الثلاثة لمثلث الصداقة الذي جمعت بين الاثنان سعد وعلاء وابن الطبيب الشهير كرم الوالي ..عصام .. والذي انضم اليهم في الجامعة فوطد صداقته معهم لدرجة جعلته يرتاد حارتهم بشكل يومي حتى ظنه الناس من اهلها ..هذا قبل ان تنتهي صداقتهم معه بصورة مأساوية وبفضل امرأة ايضا !! 
ايه ياعم ماشي كدة على طول ولا اكن ليك صحاب 
سعد باشا .. معلش راحت عليا وماخدتش بالي 
قال سعد بابتسامة ودودة 
انت روحت فين ياعم وقولت وعدولي
فرك بكفيه على صفحة وجهه قبل ان يجيب صديقه 
في ارض الله الواسعة ياسعد ..انا لقيتلي شقة كويسة فى عمارة قديمة عند الميدان انا والست الوالدة.. وكلها كام يوم ان شاء واشتغل في محلي الجديد كمان. 
ياماشاء الله ...ربنا يسعدك ياحبيبى ..بس يعني انت كده هاتسيب ابوك لوحده بعد العمر دا كله ما بلاش ياصاحبي تنشيفة الدماغ دي ..دا مهما كان برضوا والدك .
زفر مطولا وهو ينظر الى صديقه دون اجابة قبل ان يقطع صمته ويستأذن فى الذهاب
معلش ياسعد انا مصدع اوي وماليش نفس لأي كلام .. استأذن بقى متاخذنيش .
نهض سعد معه قائلا بعتاب 
هو انت لحقت تقعد ياعلاء عشان تمشي بالسرعة دي
معلش .. هابقى اشوفك بعدين ونتكلم براحتنا ..ولا تجيني انت احسن على عنواني الجديد. 
قال سعد مرحبا 
اجيلك انا ياصاحبي ولا يهمك.. بس انت ابعتلي العنوان فى رسالة حتى .
ربت على كتفه بامتنان
طول عمرك ابن أصول وبتصون العشرة ياسعد .. ربنا مايحرمني منك .. خلاص اسيبك انا بقى وعلى تليفونات بعد كده .
اومأ سعد برأسه موافقا .
طب سلام بقى
قالها علاء قبل ان يذهب سريعا من امام صديقه الذي استدار برأسه لناحية منزل الحاج ادهم المصري فوجدها واقفة في شرفتها تتبع بعيناها علاء حتى خرج من الحارة واختفى .. التفتت بعد ذلك لتقع عيناها بسعد الذي تبسم بمغزي ..فارتدت هي سريعا تعود للداخل !
..............................
حول مائدة الطعام كانت الاسرة جميعها مجتمعة لتناول وجبة العشاء .. الاب على رأس المائدة والأبناء والزوجة على جانبيها ..سميرة كانت تشرح ما حدث في يومها بشكل ممل مع زوجها الذي كان يستمع بإنصات حينما اتت السيرة عن الجيران الجدد
لدرجادي الشبه ما بينهم كبير 
اجابت سميرة على سؤال زوجها 
كبير اوي ياحج ..امال انا عرفته كده لوحدي ازاي .. دا نفس الطول والعرض والهيبة كمان ..فرق بس فى لون الشعر الابيض وتجاعيد الوش عند الراجل الكبير ..بس الراجل الكبير ده شكله شديد وقاسې .. مش زي اسم النبي حارسه علاء .. دي كان واقف على دماغ والدته مړعوپ عليها ولا اكنه عيل صغير
حتى .
تمتم شاكر 
تلاقيه بس ورث القلب الحنين من امه..
هتفت شروق بمرح
هو ورث القلب واخوه التاني خد من والدته الشبه الواضح مابينهم ..البشرة البيضة والعنين الخضرا ..حتى في الطول هو متوسط زي والدته..ولا لكنهم قسموا شبه الولاد مابينهم عشان ماحدش فيهم يزعل .
استجاب الجميع لدعابة شروق بالضحك ..عدا فجر التي كانت تسقط لقيماتها بصعوبة .. امتعاضا من تكرا ذكر اسمه بينهم حتى على مائدة الطعام .. اجفلت على نداء ابيها 
ايه يافجر مابتضحكيش ليه معانا ولا بتتكلميمش بعادتك يعني
قالت بفتور 
عادي يعني ياوالدي.. اصلي سرحت شوية ومركزتش في اللي بتقولوه. 
قال ابيها بابتسامة عريضة
طيب مدام ركزتي دلوقتي معانا بقى اقولك انا على خبر حلو يخصك .
اجفل الجميع على جملة شاكر فتساءلت هي بفضول 
خبر ايه ياوالدي 
المهندس عادل ابن صاحبي عبد الصمد وكيل مدرسة السلام الثانوية .. شافك قبل كده معايا وانا بوصلك المدرسة .. فطلب من والده انه يفاتحني في موضوع جوازه منك .
قالت سريعا دون تفكير 
قوله لأ ياوالدي...انا مش عايزة اتجوز. 
مش عايزة تتجوزي ليه ان شاء الله
صاحت بها سميرة غاضبة وتابعت 
هو انتي اللي على لسانك لأ وبس .. مش لما تشوفي الراجل الاول وبعدها تحكمي. 
هتفت پغضب 
شوفته ياماما قبل كده وسلم عليا كمان وانا مع والدي .. هو اي نعم شكله كويس ومش بطال ..بس معجبنيش .
قالت سميرة بتهكم 
معحبكيش ليه ياعنيا مدام بنفسك بتقولي عليه مش بطال.. ولا هو بتر وخلاص.. كل مرة يجيلك عريس لازم تطلعي عنينا كده .. ماتدي نفسك فرصة واقعدي معاه .
انا شبعت اكل .
قالتها وهي تنهض وتذهب سريعا من حديث والدتها التي لم تصمت في اثرها وهي تهتف بصوت مسموع رغم تحذير زوجها .
اهي قامت وسابتني اتفلق ياشاكر.. ولا اكن ليها ام وعايزة تفرح زي بقية الامهات ببنتها .. اعمل ايه معاها دي بس ياناس 
صفقت باب غرفتها بقوة وهي تزفر براحة بعد ان ابتعدت هاربة من حديث والدتها .. الباكية على زاوجها وتتلهف للفرح بابنتها الكبرى .. خرجت لشرفتها تتلمس الهواء البارد عله يخفف من اختناقها كلما أتت هذه السيرة .. وصل إلى انفها رائحة التبغ المحترق .. فانتقلت عيناها فورا على الشرفة المجاورة لتجده امامها متكئ بأريحية على سور الشرفة.. ينظر لها بابتسامة متسلية فقال 
مساء الخير.
....
بداخل سيارة ابيها وهي جالسة في الكرسي الأمامي هتفت من النافذة الامامية وهو واقف امام الجزء الأمامي من السيارة القديمة يفحصها بعد عدة محاولات لتشغيل محركها ولم تفلح 
وبعدين بقى يابابا دي ناوية تدور فى يومها ده ولا احنا هانخدها مواصلات النهاردة ولا ايه بس 
هز رأسه شاكر بعدم رضا قائلا بيأس 
والله يابنتي مش عارف اقولك ايه ..بس شكلنا كده هانخدها مواصلات صح 
فتح باب السيارة الخلفي وترجل منه ابراهيم الشقيق الصغير ذو السنوات العشر قائلا باعتراض 
يعني ايه يابابا هانخدها مواصلات دا انا كدة اكيد هاتأخر ومش هلحق طابور المدرسة .
ترجلت خلفه فجر قائلة بحنق 
ما انت السبب ياابرهيم فى التأخير ده بنومك التقيل يا ابني ده انا بقالي ساعة جاهزة ومستنياك وفي الاخر انا اللي هالبس الجزا لو اتأخرت عن الحصة الأولى .
صباح الخير ياعم شاكر هي العربية عملتها معاكم ولا ايه 
الټفت الثلاثة على صوته وهو خارج من البناية .. رد ابيها بالتحية عليه وأكمل بشرح مايراه من عطل اصاب سيارته .. ارغمت فجر نفسها على عدم النظر اليه وهي تراه يقترب منهم متطوعا للكشف عن العطل ثم عرضه النبيل ليقلهم جميعا معه ..التفتت بحدة رأسها رافضة عرضه الكريم 
لا طبعا انا مش موافقة اركب معاكم .. انا هاخدها مواصلات يابابا وانت براحتك بقى.. ياللا بينا ياابراهيم .
جذب ابراهيم يده
من كفها صائحا 
سيبى ايدي يافجر .. انا عايز اركب العربية مع عم علاء بدل ما اتبهدل فى المواصلات واتأخر .
حدقت اليه بتوعد محذرة
يعني امشي انا ياابراهيم وتدخل انت المدرسة لوحدك. 
هتفت ابيها من خلفها 
وتمشي لوحدك ليه بس يابنتي ما العربية موجودة اهي وعلاء كتر خيره عارض ياخدنا في سكته وهو ماشي على مشواره. 
اكمل علاء قائلا ببرائة وعيناه تنطق عبثا
مافيش داعي للكسوف والوالد واخوكي الصغير هايركبوا معاكي ياابلة فجر .
ابلة !!
تمتمها بشراسة قبل ان يعاجلها ابيها بالقول حازما
ماتخلصي بقى يافجر خلينا نتحرك ونلحق مصالحنا بدل الوقفة اللي من غير داعي دي .. دور عربيتك يابنى واحنا التلاتة هانركب معاك .
تلجمت عن الرد مصډومة وهي ترى ابيها يجذبها من ذراعها ويدفعها دفعا فى الدلوف داخل السيارة .
متابعة بعيناها مايحدث في الأسفل وهى ناظرة من الشرفة كانت شروق تضحك بمرح .. سألتها سميرة التي دلفت بالصدفة بداخل الغرفة 
بتضحكي على ايه يابت 
اجابت مبتسمة وهي تتحرك لداخل تاركة الشرفة 
على بنتك ياماما .. شكلها وجوزك بيزقها يدخلها ڠضب عربية علاء جارنا يهلك من الضحك .
سألتها مجفلة 
وايه اللي هايدخلها عربية علاء يابت
ياماما عربيتنا عطلت والمعلم علاء عرض على بابا وفجر وإبراهيم يوصلهم فى سكته ..لكن بنتك
بقى مابطيقش علاء واكنها بتشوف عفريت لما تشوفه .
قطبت
سميرة ذاهلة وهي تجلس على طرف الفراش 
وايه اللى يخليها تكرهه بقى هي كانت تعرفه قبل كده ولا شافت منه حاجة وحشة
هزت اكتافها بعدم فهم وهي تجلس بجوارها 
بصراحة مش عارفة .. يمكن مش قبلاه ودي حاجة عادية وياما بتحصل..حتى لو كانت مع واحد زي علاء ده اللي عامل زي نجوم السيما فى حلاوته .
قالت سميرة مستنكرة 
بقى اختك مش قابلة علاء اللي كل بنات المنطقة هايموتوا على نظرة منه اما بت خايبة صحيح .. وانت بقى ياحلوة .. ايه اخبارك 
اخبارك انا في ايه ياماما 
مالت سميرة برقبتها اليها قائلة 
اخبارك مع اخوه حسين ياعين امك .. ولا انتي فاكراني مش واخدة بالي من نظراتكم لبعض وابتسامتكم اللي على الفاضية والمليانة.. دي حاجة باينة زي عين الشمس. 
توردت وجنتيها وهي تعاود هز اكتفاها وابتسامة جميلة ارتسمت على ملامح وجهها فقالت 
معرفش ياماما.. بجد معرفش .
وماذا بإمكانها ان تقول لقد مرت عدة ايام منذ أن رأته مجفلة على سلالم البناية يسألها عن شقة اخيه ووالدته .. وبعدها اصبحت تراه بشكل شبه يومي .. مرة بداخل السيارة المصطفة بالحي القديم وهو ينظر اليها فى المراة وكأنه اعتاد انتظارها ..ومرة أخرى داخل البناية حينما كان يعاود الزيارة لوالدته.. حتى أصبحت هي متشوقة لرؤيته ومتلهفة للقاؤه
انتي سرحانة في ايه يامنيلة 
انتفضت مجفلة على صيحة والدتها فقالت بارتباك 
يعني هاكون سرحانة في إيه بس ياماما انا هاقوم يدوبك بقى اللحق البس عشان احصل ميعاد الكلية .
نظرت في اثرها سميرة وهي تنهض عن التخت وتخرج سريعا من الغرفة
بتتهربي مني انا ياشروق ماشي .. خيبة عليكي وعلى اختك ..بلانيلة .
.............................
بداخل السيارة التي كانت تقلهم.. كانت جالسة في الكرسي الخلفي على اعصاب محترقة وهي تزفر بضيق من نظراته المسلطة عليها فى المراة الامامية اثناء قيادته طول الطريق .. يتحدث بعفوية ومرح مع شقيقها الصغير وقبل ذلك كان ابيها الذي تركهم امام محل عمله بإحدى المصالح الحكومية .. وظلت هي تحصي الدقائق فى انتظار انتهاء المسافة المؤدية لعملها والتى لم تظن يوما انها طويلة هكذا.. تدعي داخلها بالصبر على سماع حديثه الممل مع شقيقها الصغير .
مقولتليش بقى ياعم إبراهيم ناوي لما تكبر تطلع ايه 
قال الصغير بكل فخر 
طبعا هطلع بشمهندس كبير ..عشان انا اشطر واحد في حصة الرياضة .
جدع ياابراهيم .. شد حيلك بقى وماتكسلش عن هدفك .
سأله الصغير بفضول 
طب انت بقى ..طلعت معلم ليه ومطلعتش مهندس او دكتور هو انت كنت بليد فى الدراسة 
ضحك بصوت عالي ضحكة اصدرت صدى بمحيط السيارة كله..لدرجة اهتز بها جمود فجر من روعتها .. فحاولت بصعوبة الحفاظ على ثباتها امام عينه المتصيدة لاقل لمحة منها ..قال اخيرا بنفي 
لا ياعم إبراهيم.. انا مكنتش بليد بالعكس بقى . دا انا كنت اشطر منك كمان ..بس انا بقى حبيت التجارة مع والدي فى المحل بتاعنا اكتر من الوظيفة بعد ما اتخرجت .. وعشان تبقى عارف .. انا حاصل على ليسانس حقوق بدرجة جيد جدا .
قال الاخيرة وعيناه عليها في المراة ..مشددا على الأحرف يريد ايصال الرسالة لها .. وكأنها لاتعلم !
حينما وصلت السيارة اخيرا امام المدرسة .. تنهدت بارتياح تفتح الباب سريعا للخروج من هذه المساحة الضيقة بوجوده.. سبقها ابراهيم هاتفا بمرح قبل خروجه 
الف شكر يامعلم على التوصيلة الجميلة دي. 
رد عليه ضاحكا 
ولا يهمك يابشمهندس.. انا تحت امرك في اي وقت .
لوح له بكفه مودعا قبل ان يهرول سريعا لأصدقاءه
مع السلامة .
قالت هي متحلية ببعض الزوق رغم امتعاضها 
شكرا .
بابتسامة مرحة قال 
لا شكر على واجب.. دا احنا اهل وجيران ياأبلة فجر.
ابلة فجر !! مرة اخرى ..كزت على اسنانها غيظا وهي تصفق باب السيارة بقوة وهى ذاهبة من امامه وطيف ابتسامته العابثة تكاد تفتك برأسها .
..................... ............
هو دا محل المعلم علاء ادهم المصري 
الټفت عامل المحل حسونة على الشاب الواقف امامه بمدخل المحل فجاوبه بعملية وهو يباشر عمله فى التنظيف 
ايوة حضرتك هو ده فعلا محل المعلم علاء .. اصل احنا لسة معلنقاش اليفطة.. على الافتتاح بقى .
خطا الشاب لداخل المحل يمشط بعيناه كل زاوية وكل ركن فيه بانبهار هامسا 
ياماشاء الله ولسة كمان في افتتاح 
لحقه الفتى زاجرا
في ايه حضرتك داخل كده على طول .. ما انا قايلك من الاول اننا لسه ماافتتحناش المحل .
تحولت ملامحه فاردف پغضب
في ايه انت هو انا هاسرقه دا انا جاي لصاحب المحل نفسه المعلم علاء .. صاحبي .
نظر اليه الفتى بنظرة تقيمية من رأسه لأخمص قدميه من ملابسه المتواضعة المتمثلة فى قميص مزركش بعدة رسوم غير مفهومة على سرواله الجينز الباهت على جسده النحيل و قامته متوسطة .. ملامح وجهه الخشنة على بشرته القمحية موصومة ببعض الحفر الصغيرة لاثار حب شباب قديمة تركت ندوب ظاهرة .. سأله بتشكك 
انت! ..صاحب المعلم علاء ..على العموم المعلم علاء مش موجود.
٠
قال بصوت خشن وعيناه اشتعلت سعيرا من نظرة الفتى المتدنية 
اسمع ياض انت .. انا ممكن اتعصب عليك دلوقتي واعرفك مقامك كويس .. او اخلي علاء يطردك من المحل نهائي جزاءا لقلة ادبك معايا .
انا قليت ادبي عليك حضرتك 
هو انت لما تبصلي البصة دي ماتبقاش قلة ادب 
قال الفتى ببرود وهو يتناول هاتفه
على
العموم يافندم انا هاتصل بالمعلم علاء دلوقتى وأسأله هايجي امتى ..عايزني اقوله مين اللى سأل عليه بقى 
بلهجة حازمة اثارت اندهاش الفتى قال 
قوله صاحبك سعد مسنتيك تيجيلوا على المحل حالا دلوقتى .
على انغام اغنية حديثة لعمرو دياب كان يدندن خلفها الكلمات بسعادة وهو يقود سيارته بعد ان اقلها لمحل عملها .. لقد اصبحت صورتها الجميلة عالقة بذهنه طوال الوقت .. نظرتها الشرسة كلما دائما ما تدعوه للتساؤل والتفكير عن السبب في ذلك .. كم يتلهف لرؤيتها مبتسمة او ضاحكة..كم يود لو تزيل هذا الحاجز الوهمي الذي وضعته بينها وبينه وتعامله حتى معاملة الجار العادية.. وبعدها يحدث التطور كأي شئ طبيعي .. تنهد مطولا وهو يتفادى سيارة امامه قبل ان يلتفت لهاتفه الذي صدح بصوت ورود مكالمة من عامل المحل الجديد حسونة .
الوو .. ايوه ياحسونة عايز ايه
الوو يامعلم .. تعالى هنا شوف .. في واحد بيقول انه صاحبك قال وعايزك تيجي فورا تقابله. 
صاحبي مين 
انا عارف بقى دا واحد كده ........
انقطعت جملة الفتى وسمع بعدها همهمة جدال غاضبة..
تساءل بقلق 
في ايه عندك ياحسونة .
فجأة وصله صوت صديقه الغاضب بعد ان تمكن من نزع الهاتف من يدي الفتى الذي كان يصيح بجواره معترضا
اسمع ياعلاء .. الواض لازم تمشيه حالا .. دا بيقل ادبه عليا ومش مصدق اني صاحبك
بوجه عابس تسير فى طرقات المدرسة بعد ان انهت حصتها من درس الحساب للطالبات.. تشعر وكأنها ازدادت في العمر سنوات بداخلها..رغم اهتمامها الواضح لإناقاتها ومظهرها الخارجي ..لكن جلسة واحدة فقط مع فتيات تخطين بالأمس مرحلة الطفولة وبدأن الان اكتشاف الأنوثة والتمرد على كل ماهو قائم ..ومن ثم القيام بكل فعل احمق من اجل اثبات الشخصية ولفت النظر اليهن والى ما يملكن من مقومات .. تفقد معهن كل درجات التحضر حتى تستطيع السيطرة وحفظ الذات امامهم .. ويالها من مرحلة تكرهها بشدة مما تلاقيه منهن .
انتي يابت ياللي هناك اقفي مكانك .
اجفلت الفتاة على النداء فالټفت تجيب وهي تلوك فاهها بالعلكة 
نعم ياميس.. انتي بتكلمينى انا 
اقتربت منها تميل اليها برقبتها قائلة بتهكم 
امال يعني هاكون بكلم الحيطة اللي وراكي 
صمتت الفتاة مطرقة رأسها .. فتابعت وهي تفحصها بعيناها من حجابها الصغير الذى كان عائدا لنصف رأسها ومظهر شعرها الكستنائي المصفف بعناية فتدلت منه عن قصد خصلات كبيرة على وجهها الظاهرة عليه اثار مساحيق التجميل بخبث ..فتبدوا للغافل من بعيد جمال طبيعي.. ثم ما ترتديه من قميص وتنورة محكمين بشدة ع
ايه اللي موقفك هنا ومخليكي سايبة حصتك وايه اللي لابساه اساسا ده وجاية بيه المدرسه
قالت الفتاة بتلجلج 
ماله بس ياميس اللي لابساه ماانا لابسة يونيفروم المدرسة اهو 
مخالف ياحبيبتى.. نص شعرك ظاهر من الحجاب دا غير المكياج اللي على وشك واللبس الضيق .. ولا اللبانة دي كمان تفيها من بوقك اخلصي .
بصقتها الفتاة من فاهها قائلة پخوف
اهو ياميس اللبانة في حاجة تانية 
قالت بحزم 
روحي على الحمام بسرعة وامسحى اللي فى وشك وظبطى حجابك كويس .. وحاولي بقى لما تروحي البيت توسعي هدومك دي شوية.. بدل ماهي لازقة كده عليكي .
نظرت اليها الفتاة باستنكار فقالت بسخط 
كله ده .. طب معلش بقى ياميس انا ماأقدرش اتحرك من مكاني هنا .. انا اساسا واقفة مستنية ميس منى عشان اخد منها دفتري وهي أكيد خارجة حالا من غرفة المدرسات وهاتجيبهولي دلوقتي .. 
برقت عيناها بشدة وهمت لترد ولكن اوقفها النداء بأسمها من الخلف بصيحة غاضبة .
سحر .. انتي موجودة هنا وانا بقالي ساعة مستنياكي جوا ..
القت على الفتاة نظرة بتوعد قبل ان تستدير ذاهبة لصديقتها المكتفة ذراعيها پغضب بمدخل حجرة الحاسبات .. تبعتها سحر لداخل الغرفة قائلة بأسف 
معلش يافجر اتأخرت عليكي بس البنات النهاردة طلعوا عيني و...
وايه بس ياسحر ساعة كاملة مستنياكي وانتي حصتك خلصت من زمان اصلا .
يابنتي ما انا خدت حصة الأبلة سها عشان غابت النهاردة وتعبانة ...
قاطعتها بحدة مرة أخرى
وافرضي سها كانت تعبانة ياستي مافيش حد غيرك ياخد مكانها ملطوعة بالساعة وانا بستناكي وانتي ولا هامك صاحبتك ولا هامك زعلها .. ايه 
اجفلت سحر على تشنج صديقتها بحديثها العاصف .. فصمتت قليلا تمتص ڠضبها قبل ان تقترب منها قائلة بلطف
طيب ممكن تهدي كده شوية وتروقي اعصابك حبتين .. انا معاكي دلوقتي وهاسمع منك كل اللى مضايقك .. زفرت فجر بقوة وهي تسقط على احدى المقاعد خلفها ..
حدقت بها سحر لحظات قبل ان تجلس هي الأخرى امامها ..فسالتها
ممكن بقى افهم ايه اللي معصبك جامد اوي لدرجادي كده 
الزفت ياسحر 
زفت مين 
هتفت عليها فاقدة السيطرة 
هو في كام زفت بس يابنتي جار الهنا اللي سكن قصادي عشان ېخنقني ويزهقني في عيشتى .يعني مش كفاية انه بقى ساكن قصادي والباب قدام الباب .. لااا.. دا بقى قاطع عليا المية والنور والنفس كمان اللي بتنفسه .
رددت سحر بدهشة 
النفس كمان اللي بتتنفسيه !! ليه يابنتى احنا مش اتفقنا ان مالكيش دعوة بيه وانسي اللي فات بقى وعيشي حياتك .
اعيش حياتي ازاي بس ياسحر ودا محاصرني فى كل جهة حواليا.. فى بيتنا وبين اهلي طول الوقت ماعندهمش غير سيرة المعلم علاء وشهامة المعلم علاء ورجولة المعلم علاء .. اخرج اشم هوا فى البلكونة الاقيه قصادي على طول قاعد قدام المحل اللي أجره جديد .. مأنتخ
على الكرسي وحاطط رجل على رجل واكنه منتظرني اخرجله عشان يشلني .. ياأما الاقيه واقف في بلكونة اؤضته اللي جامبي بكل برود وابتسامة مستفزة يقولي مساء الخير. 
لم تقوى سحر على كبت ضحكتها ..فهتفت عليها فجر مستنكرة 
شايفاني هافرقع وانهار وانتي بتضحكي عليا ياسحر 
قالت سحر بقلة حيلة 
يابنتي بصراحة انا مستغربة ومش عارفة اقولك ايه بس الظاهر كده ان شكله بيغيظك .. وباين اللعبة عجباه !
يغيظني !! ليه بقى بيني وبينه ايه عشان يغيظني ولا يفكر فيا اصلا 
مطت سحر شفتيها قائلة بتفكير 
بصراحة مش عارف 
.................................
بعدة طرقات خفيفة على باب المنزل المفتوح هتفت سميرة على صاحبته وهى تتقدم بخطواتها في الداخل بتردد 
ياام علاء .. انتي فين ياختي وسايبة الباب مفتوح 
جاءها الرد مباشرة من زهيرة الجالسة امام شاشة التلفاز بوسط المنزل 
تعالي ياحبيبتى انا موجودة هنا قصادك على طول..ادخلي يام فجر انتي مش غريبة .
يووه .. هو انتي موجودة هنا والنبى ماكنت واخدة بالي. 
قالتها سميرة بابتسامة بشوشة وهي تتقدم نحو المرأة وتابعت 
الف هنا يااختي انك سيبتي السرير وخرجتي من الاؤصة ..ايوه كده احين
دي الحركة بركة والقعدة في السرير تجيب العيا .
لوحت لها زهيرة بيدها قائلة بابتسامة
الله يهنيكي ياحبيبتى.. تعالي هنا اقعدي جمبي هنا ياام فجر .
جلست سميرة امامها على اقرب المقاعد .. وهي تسأل مندهشة 
طب والباب ياام علاء سايباه مفتوح ليه 
بابتسامة ودودة اجابتها زهيرة 
انا اللي قولت لعلاء يسيب الباب مفتوح ..ماانا عارفاكي هاتيجي تطمني عليا في الوقت ده زي كل يوم .. انتي خلاص عودتيني على سؤالك عني.. ربنا مايحرمني منك ياغالية .. وتفرحي باسم النبي حارسها فجر هي وبقية اخواتها .
تمتمت سميرة بتمني 
يارب ..يارب ياام علاء ..انتي ادعيلها بس ربنا يهديها..دي العرسان رايحة جاية عليها وهي اللي منشفة راسها وتاعبة قلبي معاها ..نفسي بقى افرح بيها واشيل عيالها. 
قطبت زهيرة بدهشة سائلة
طب وهي ايه اللي مانعها عن الجواز دي حتى زي القمر وباين عليها هادية كدة 
هادية قوي يااختي وزي النسمة كمان ..دي الوحيدة في عيالي اللي ماتعبتنيش لا صغيرة ولا كبيرة .. غير بس في دي ! 
خليها زي ابني علاء .. ماهو انا كمان نفسي افرح بيه وكل مااكلمه..يقولي لما الاقي بنت الحلال ياماما..اهو على الحال دا بقالوا سنين..من ساعة مافاتحني بالجواز على واحدة جارتنا وابوه رفض وبعدها يااختي قفل السيرة دي نهائي..بس فالح يلاوعني في الكلام كل ما افتح معاه السيرة !!
مش هو ده اللي كنت مستنيه منك ياعلاء ..مش هو ده .
صاح بها غاضبا امام صديقه الذي كان يتعامل معه بهدوء وهو يسحبه من ذراعه ليجلسه على احدى المقاعد البلاستيكية المصطفة امام المحل
اهدى شوية واقعد ياعم ..انت هاتعمل عقلك بعقل عيل صغير 
ياعني الواض يقل أدبه عليا ياعلاء وانت ياصاحبي ماتجبش حقي !
زفر علاء مطولا بتعب امام صديقه المصر بقوة على عقاپ الفتى فقال 
يعني اعمل ايه بس ياسعد اكتر من كده عشان ترضى زعقت للولد وشديت عليه قدامك ..لا وأمرته كمان يجيبلك شاي مخصوص من القهوة اللي في اخر الميدان ..ايه اللي فاضل تاني بقى اطرده يعني
همس بتردد 
ويعني هو لو ساب الشغل عندك مش هايلاقي غيره 
قال علاء بعتاب 
لا ياسعد مش لدرجادي.. انت عايزني اقطع عيشه عشان بس اتنك في الكلام معاك او باصلك نظرة مش ولابد ..دا عيل مكملش ١٧ سنة واحنا كبار كفاية اننا نفوت ..فوت بقى يابني وفك .. دا انا قطعت سكتي في مشوار مهم لمهندس الديكور وجتلك جري .. دا بقى مايعرفكش معزتك عندي. 
ابتسم سعد بزاوية فمه بملامح مغلفة لا تظهر أي تعبير بما يعتمل داخله
اللي يسمعك بتقول كده يقول ان جتلي جري على رجليك مش بعربية. 
اه ياسعد مدام هزرت يبقى فكيت .. ايوة كده ياعم خلينا نقعد مع بعض على رواقة ونعيد بقى قعادتنا الحلوة .
ربت بكفه على ذراع علاء ببعض المرح قائلا 
ماشي ياعم نفك عشان خاطرك .. بس في الأول بقى نحب نبارك ونهني ..بسم ماشاء الله المحل شكله
يبهر ويفتح النفس .. مبروك ياعم ويجعلها ان شاء الله عتبة خير .
تهللت اسارير علاء بفرح يقول 
الله يبارك فيك يابو الصحاب ويسمع منك يارب ..دا انا دافع فيه لحد دلوقتي ډم قلبي ونفسي بقى المشروع ينجح واعوض الفلوس اللي صرفتها فيه .. ولسه كمان عايز ادفع قدهم تاني. 
قال الاخيرة وهو يخرج نوته ورقية من سترته وتابع 
شوف ياباشا اشرب انت اشرب الساقع ..على ما انا بصيت شوية على حسبة الطلبات اللي هنا دي وحسبت تمنهم. 
تناول سعد زجاجة المياه الغازيه يحتسي منها وانكفئ علاء ينظر فى النوته بتركيز قطعه سعد بالسؤال 
الا انت ماقولتليش ياعلاء .. ماشاء الله يعني انت جبت تكلفة المحل ده منين بعد ما سيبت والدك والشغل معاه 
رفع اليه رأسه يجيب ولكنه الټفت على من تلوح له بكفها من مسافة قريبة بابتسامة رائعة 
الله ينور ياعم علاء.
رد بابتسامة هو الاخر ملوحا بكفه ..فالټفت بعد ذلك يجيب صديقه الذي تسمرت عيناه على الفتاة 
طبعا ياباشا ده من فلوسي اللى حوشتها السنين اللي فاتت من شغلي مع ابويا .
عاد اليه سعد برأسه وكأنه لم يسمع ماقيل سابقا..سائلا بذهول 
مين دي ياعلاء
نظر علاء نحو الفتاة التي عبرت للجهة الأخرى من الرصيف فأجاب على السؤال رغم دهشته 
دي شروق بنت جيرانا في السكن الجديد .
ردد سعد وهو يتابعها بعيناه 
يانهار ابيض ..دي شبها جامد ياجدع. 
رفع علاء عيناه مرة أخرى عن الدفتر مستفسرا
شبه مين
شبه مين ! معقولة ماخدتش بالك منها ياعلاء دي نفس الملامح وتدويرة الوش الابيض المنور دا غير الج.......
بس ياسعد .
صاح بها مقاطعا بحدة وقد تحولت ملامحه الى الشكل مخيف فتابع پغضب 
إنهي الكلام في الموضوع ده ياسعد لأن انا نسيته من زمان ..وياريت تاخد بالك كويس من كلامك معايا بعد كده .. عشان اللي بتتكلم عليها دي تبقى جارتي ومش المعلم علاء اللي هايبص لجارته بالشكل ده !!!
...
صدحت أصوات ألأغاني العالية بقوة تصم الاذان وعلقت اعقاد الإنارة ذا الأشكال والألوان المختلفة اعلى المبنى وجانبيه .. لتنبئ الجميع بافتتاح محل المعلم علاء ادهم المصري للأدوات الصحية .. يتلقى التهانى من أشخاص بعضهم يعلمهم و اخرين لا يعلمهم .. كان يرتدي حلة بالون الازرق القاتم على جسده الرياضي الطويل فزادته بهاءا وجمالا ..يوزع البسمات على الوجوه المباركة كما يوزع الزجاجات الغازية والمشروبات الأخرى .. ولكن تظل عيناه عالقة بشرفتها التي هجرتها من ايام ..عسى ان تطل برأسها عليه فتشاركه فرحته ولو بوجهها العابس الجامد ..فيكفيه رؤيتها من بعيد رغم اشتياقه المضني لرؤية عيناها التى علقت بذهنه وأصبحت تتخلل أحلامه من وقت ان راها بهذا القرب داخل منزله.. لكم يتمنى رؤيته الان لكم يشتااااق .
معلم علاء .
اجفل منتبها على صوت شقيقه الصغير وهو يقترب منه بضحكة صافية فاتحا ذراعيه 
حبيب قلبي ..الف مبروووك. 
الله يبارك ياغالي .. وحشتنى ياض.
وانت اكتر والنعمة .
تابع وعيناه تدور يمينا ويسار .. داخل المحل وخارجه 
بس ايه ياعم الحلاوة دي ياعم لحقت تعمل الحاجات دي كلها امتى 
طبعا ما انت غايب عن زيارة والدتك بقالك اكتر من اسبوع.. هاتعرف منين بقى 
يابني اضطريت اسافر الغردقة عشان مشكلة حصلت مع الوفد السياحي .. ما انت عارف الشركة ومشاكلها. 
غمز بعيناه يقول بمشاكسة 
ايوه ياباشا فكرتني بالسياح بقى والنسوان الحلوة .
طب وانت تعرف عن اخوك كدة برضوا ياريس.. أنا مايملاش عيني غير بنت بلدي .
حيبي انت حسحس تربية اخوك بجد ياض .
لف عليه بزراعه يدفعه للأمام قائلا 
تعالى بقى افرجك على المحل من الداخل عشان تشوف اخوك وافكاره الجامدة دا انت هاتنبهر .
.......................
مش ناوية بقى تقومي و تتفرجي
دي الدنيا هيلمان بره .
رفعت عيناها عن شاشة التلفاز وهي جالسة على الاريكة الاثيرة ..قائلة بسأم 
مش قايمة ولا زفت .. يعني هاشوف الهنا...اهي زيطة وخلاص. 
زيطة وخلاص !
اقتربت منها فدنت اليها برأسها تسألها 
في ايه يابنتي انتي مقفلة كده ليه بقولك هيلمان ناس رايحة وجاية وانوار ملعلطة فى الميدان كله .. دا بابا قاعد هناك وسط الرجالة اللي بتهني وماما من العصر مع الست زهيرة بتساعدها وواقفة معاها فى استقبال الستات اللي بتهنيها ولا ابراهيم دا كمان هو واصحابه بيرقصوا مهرجانات ولا اكنهم فى فرح بلدي .. 
زفرت حانقة قبل ان تعود ببصرها ناحية التلفاز مرة أخرى 
ربنا يفرح الكل ياستي ..انا مالي بقى 
مطت شروق شفتيها وهي تتحرك للأبتعاد بخطواتها 
براحتك ياأختى .. على العموم انا رايحة اتفرج من بلكونة اؤضتك وبرضوا هارجع واحكيلك.. عشان اغيظك. 
تنهدت بيأس من تلهف شقيقتها وابويها لحضور الافتتاح العظيم ورؤيته مع اصرار والدتها المستمر على رأسها بضرورة الذهاب للجارة أم المحروس لتهنئتها والعمل بالأصول...وكأنها تهتم ..فلتذهب الأصول الى الچحيم .. فهي ابدا لن تعيد دخولها هذا البيت كما حجبت نفسها عن النظر بالشرفة رغم صعوبة القرار عليها .. ولكن يكفي ألا تلتقي بوجهه البغيض .
...............................
بين أجواء المرح ورقص الفتيان الصغار والنتقل بين
الأفراد المهنئين انشغل علاء قليلا عما يدور بعقله ويحتل فكره ..اما حسين فقد اتخذ موقعا جيدا بجانب المحل وهو ينظر فى الأعلى لشروق التي احتلت شرفة شقيقتها وهى تتابع الحفل بابتسامة رائعة مثلها.. فجأة اعتدل بوقفته حينما وقعت عيناه على اخر شخص توقع حضوره فى هذه المناسبة ..بوجه قلق تابع اباه وهو يخرج من سيارته ويتقدم نحو اخيه الذي سمرته المفاجأة هو الاخر فوقف جامدا امام ابيه الذي قطع السكون بينهم
حسين باشا .
انتفض مجفلا.. فتبسم مرحبا بابن حارته وصديق اخيه الصدوق ..صافحه بحرارة قائلا 
أهلا...ازيك ياسعد ..ليك وحشة والله .
ياراجل.. هو انا لو واحشك فعلا ماتجيش بقى تعدي عليا ولو مرة واحدة حتى وتسأل .
مشاغل ياعمنا ماانت عارف الشركة بقى والظروف اللى مرينا بيها في الأيام اللى فاتت .
اومأ برأسه موافقا
عارف ياحسين عارف.. بس اهي الظروف ابتدت تتحسن زي ما انا شايف اهو .
لوح برأسه ناحية ادهم وهو يتحدث بحميمية مع ولده علاء ..فتبسم حسين وقال 
بصراحة انا نفسي ما كنتش متوقع مجيته هنا بنفسه عشان يبارك لعلاء ..بس دا الحاج ادهم المصري. يعني ماحدش نهائي هايفهم دماغه .
اومأ سعد برأسه مرة ثانية قبل ان يتحرك مستئذنا
طب عن إذنك بقى اروح اسلم انا على الاتنين .
بعد أن تركه سعد وذهب بعيدا عنه ..رفع رأسه ناحية الشرفة مرة أخرى ليعود ببصره اليها ولكن اصابته خيبة أمل حينما لم يجدها.. ليفاجأ پصرخة من جهة قريبة لامرأة غريبة وهرولة من الرجال بصخب ناحيتها مع توقف مجموعة من السيارت واصوات تصيح باصطدام سيارة لطفل ..وقبل ان يدرك ماحدث جيدا تفاجأ پصرخة صادرة منها وهي
خارجة من البناية التي تقطنها 
إبراهييييم .
..........................
بداخل غرفتها كانت مستلقية على فراشها تتحدث مع صديقتها المتذمرة والغاضبة في الهاتف .. قالت اخيرا بعد ان استمعت جيدا لكلماتها الساخطة .
طيب ممكن بقى افهم انتي ايه اللي مزعلك بالظبط زن والدتك بالموافقة على عريس الهنا ولا زنها إنك تباركي لوالدة علاء بنفسك .
جاءها الصوت الشاكي من الناحية الأخرى 
الاتنين ياسحر ..عايزاني اوافق بالعريس وعايزاني اروح للست دي ڠصب عني ..قال ايه.. قال عشان الست زهيرة بتسألها عني كل ما تشوفها وهاتموت وتشوفني .
طيب ما يمكن صح يابنتي الست حبتك ونفسها تشوفك ..تاخديها ليه بذنب ابنها 
بلهجة محذرة قالت 
إنهي الكلام في الموضوع دا ياسحر ..انا مش ناقصاكي. 
ماشي ياستي ننهي الموضوع خالص كمان.. طب والعريس ابن صاحب والدك بقى .. ماتفكري في الراجل مدام مهندس ومحترم زي مافهمت منك .. حتى عشان ترضي والدتك..دي نفسها تفرح بيكي .
وصلها الصوت المتهكم 
شوفوا مين اللي بيتكلم طيب ياست سحر ماتفكري انت كمان بدال ما انتي تاعبة والدتك طنت رجاء وفرحي الست بيكي بقى .
يابنتي افهمي.. انا حاولت كتير لكن مافيش حاجة بتم ..مش عارفة بقى دا عيب فيا ولا غباء من الآخرين. 
صدر صوت ضحكة صغيرة من فجر فاأكملت سحر بضحك هي الأخرى 
ههه اسكتي صح يابنتى .. مش انا امبارح كلمت مرات خالي عشان اباركلها على أمل إن اخلص من زن والدتي ..يالهوي على اللي حصل ..خلتني أكلم العروسة بنتها كمان ..تصوري يافجر البت صوتها عيالي ومسرسع زي المعزة بعيد عنك وعن السامعين..بس ايه بقى حظوظ .
ايوه يااختي حظو......
انقطع صوت الهاتف فجأة.. فقالت سحر بقلق 
سكتي ليه يافجر في حاجة عندك 
لم تسمع رد منها فقط سمعت صړخة قوية تصدر من مسافة ليست بعيدة
أخويا انا إبراهيم عمل حاډثة
...........................
بصرخات ملتاعة خطت سميرة ومعها ابنتها فجر المتماسكة زورا امام والدتها بداخل رواق المستشفى يبحثن عن حجرة العمليات المختصة بقسم الحوادث كما دلتها الفتاة الممرضة.. صړختها زادت عندما رأت زوجها الجالس على إحدى المقاعد يسبح بسبحته وبجواره أدهم المصري يربت على أرجله يعطيه الدعم .. ومن الناحية الأخرى كان ألأبناء علاء وحسين على أرجلهم واقفين بجوار الحجرة ومعهم اخرين لاتعلمهم وعلى جانب اخر.. وحدها كانت شروق جالسة على إحدى المقاعد ترتجف باكية 
إبني جراله ايه ياشاكر أخوكي جراله إيه ياشروق حد يطمني على ابني ياناس 
انا خرجت انده على ابراهيم زي ماقولتي ياماما.. بس لقيته مرمي في الأرض وشه مغرقه الډم والناس حواليه .. انا خاېفة عليه أوي ياماما .
زجرها من خلفها والدها بحدة 
بس يابنت اخوكي كويس ماتفوليش عليه بكلامك ده
هتفت سميرة بتشكك 
ولما هو كويس .. قاعد جوا فى اؤضة العمليات بيعمل إيه ياشاكر ابني ماله ياشاكر 
جاء صوته بالقرب منهم .
اطمني ياخالتي سميرة ..حالة إبراهيم مش بالصعوبة دي اللي في دماغك أنا شوفته بنفسي .. أكيد خير إن شاء الله .
رفعت
فجر عيناها عليه وهو يتحدث فتفاجأت بنظرة منه ناحيتها لم تفهمها إن كانت اشفاق أو حنان أو شئ اخر .
بس انا لايمكن هاسامحكم لو جرت لابني حاجة عشان سيبتوني ومشيتوا.. هو انا مش والدته عشان اطمن عليه بنفسي .
زفر شاكر بنفاذ صبر 
دا وقت كلام دلوقتي ياسميرة .. مش كتر خيره علاء شال الواض وحطه في عربيته وجري بيه هو
صاحبه عشان يلحقوه .. على ما وصلنا احنا فى عربية والده واخوه حسين .. يعني كنتي عايزانا نسيب الواض سايح فى دمه على مانندهلك ونجيبك معانا .
تركت جميع ما تفوه به وأتت على جملة واحدة تسأل بجزع
يعني الواض كان سايح في دمه ياشاكر
يووووه..دا انت مافيش فايدة في الكلام وياكي ..انا ماعنديش دماغ ليكي .
قالها وهو يلوح بكفه قبل ان ينتقل للجلوس مرة أخرى بجوار الحاج أدهم ..اقترب علاء من الثلاثة قائلا بلطف وهو يتناول كف المرأة ويجذبها
تعالي ياخالتي سميرة اقعدي هنا على الكرسي وريحي نفسك بدال ماتتعبي على الفاضي .. تعالي معاها يافجر انتي وشروق .
اذعنت فجر لكلماته مضطرة وهي تدفع والدتها برفق للجلوس على مقاعد المشفى.. جلست هي بجوارها مع شروق المتشبثة بوالدتها وكأنها طفلة صغيرة ..رغم امتعاضها منه ومن توجيهه الكلمات لها.. ولكن ظل اسمها يتردد فى ذهنها بصوته بشكل غريب..فهذه اول مرة يناديها بتسمها دون أبلة !!!
وهكذا قضي الوقت المتبقي فى الإنتظار ..شاكر والحاج ادهم المصري جالسان فى جهة وسميرة وبناتها جالسات فى جهة أخرى.. تحت انظار الشباب الثلاثة الواقفين حسين الناظر لحبيبته يبثها الامان من عيناه وعلاء الذي لم يكن يتوقع ولو في أحلامه أن يراها الليلة بهذا القرب منه ويرى عينيها الجميلتان والمتلألأتين بحزن بعد أن تمنى من قلبه رؤيتهم ..برغم ان المناسبة غيرة سارة على الإطلاق.. وسعد ..الذي كان يتنقل بنظراته بين شروق الصغيرة الجميلة والشبيهه بشكل كبير من فاتن التي كانت فعلا فاتنة بحق ولكن غبية كما يذكر .. وفجر التي كااانت قديما صغيرة بجسد هش وضغيف وقد اصبحت الان مثال المرأة المكتملة الأوصاف ..لقد عرفها رغم تغيرها ومرور عدت سنوات على رؤيتها اخر مرة ولكنه عرفها !!!
بعد مرور الوقت 
كان ابراهيم الصغير ممدا على تخت المشفى ..محاط بالأربطة الطبية التي الټفت على رأسه و قدمه اليسرى
والدته ووالديه خارج الغرفة مع الجميع بأمر الطبيب بعد أن اطمأنوا عليه قليلا .. سميرة كانت تفرك بكفيها قائلة بتوتر 
ياحبيبي يابني .. الواض وشه اصفر زي اللمونة ياشاكر .
حرك شاكر رأسه بيأس من زوجته قائلا بتعب
تاني ياسميرة .. يعني مش تحمدي ربنا انها جات على قد كده وربنا نجاه بدال الزن بتاعك ده.
قال من خلفه أدهم بصوته الرزين 
سيبها يااستاذ شاكر..هي بردوا أم وقلبها محروق من الخۏف على ابنها.
سميرة بعتب وهي ناظرة الى زوجها 
قولوا ياابوعلاء خليه يبطل جمودية القلب دي عليا .
رد زوجها بنظرة حانقة موجهة اليها أثارت ابتسامة أدهم النادرة لدرجة تعجب لها ولديه وازدادت دهشتهم وهم يتابعون حديثه المنبسط مع الجار الجديد وزوجته 
الله ياجماعة ..هو انتوا بتبصوا لبعض كده ليه أنا مش عايزة اكون السبب فى خناقة مابينكم.
تبسم الاثنان ببعض المرح استجابة لدعابته.. فقال شاكر بامتنان 
تعبناكم معانا ياابوعلاء وقطعنا عليكم فرحة المحل الجديد .
قال علاء والذي كان واقفا بالقرب منهم مع أخيه حسين 
ماتقولش كده ياعم شاكر دا واجب علينا ..دي سلامة إبراهيم بالدنيا كلها. 
اومأ شاكر برأسه فارتسم الفخر جليا على وجه أدهم كما ارتسمت سعادة غير مرئية على وجه سميرة التي انتقلت عيناها تلقائيا ناحية ابنتها الجالسة على إحدى المقاعد
هي شروق أختك راحت فين يافجر 
تمتمت بصوت خفيض 
نزلت تجيب مية معدنية وشوية عصاير من كانتين المستشفى. 
أجفلها حسين بقوله منزعجا
كدة نزلت لوحدها من غير ماتقول ..مش يمكن ماتعرفش مكان الكانتين ولا الكافتيريا حتى 
هزت رأسها ولم تعلم بما تجيبه فتفاجأت بالحاج ادهم وهو يأمر ولده 
روح ياحسين وراها واطمن عليها دي المستشفى كبيرة وممكن تتوه فيها .
ذهب حسين سريعا أم علاء فقد قطب حاجيبه دهشة من سلسلة المواقف الغربية لوالده هذه الليلة قبل ان يتحرك اليا ويجلس بجوارها على احدى مقاعد المشفى متمتما بخبث 
اااه ..دا انا رجلي تعبتني اوي من الوقفة الليلادي.
تشنجت هى بجلستها وقد شعرت بجسده الضخم قد احتل المسافة الفاصلة بينها وبينه وقدميه الكبيرتان تكاد تلتصق بأقدامها الصغيرة ..رائحتة القوية سيطرت على حواسها فطغت على رائحة المشفى..تململت بعدم راحة تريد القفز من جواره ولكنها تذكرت ابتسامته السخيفة لها.. لابد انها ستصبح ضحكة كبيرة الان حينما يراها تهرب من جواره ..زفرت داخلها استسلاما وهي تهمس بصوت مكتوم وصل لمسامعه فابتسم بانتشاء
استغفرالله العظيم يارب
...............................
امام بائع الكانتين وقفت بمشترياتها خلف رجل وامرأة سبقوها لدفع الحساب وهي تتابع جدال المرأة مع البائع في ثمن الأشياء بانتباه حتى اجفلت على صوت غريب 
عاملة إيه دلوقتي يا أنسة شروق 
شهقت منتفضة وهي
ترى هذا الغريب يحادثها بهذا القرب لأول وهلة .. قبل ان تستعيد ذاكرتها وتعلمه
هو انت حضرتك تعرفني 
قال بابتسامة
طبعا اعرفك هو انت نسيتي ولا ايه انا صاحب علاء...
عارفة عارفة انك صاحب جارنا علاء .
قالتها بمقاطعة وصوتها خارج بتوتر وتابعت 
وعارفة كمان انك شيلت اخويا معاه وجيبتوا على المستشفى قبل ما نوصل انا ووالدي.. بس يعني إنت تعرفني منين عشان تندهني على طول كده بأسمي 
شعرت بتأنيب الضمير وهى ترى تاثير كلماتها الحادة على وجهه وشفتيه التى كانت تتحرك بارتباك.. فعادت قائلة بلطف
انا اسفة يااستاذ.. بس معلش بقى متأخذنيش انا لسة متأثرة بحاډثة أخويا ومش قادرة اميز أي كلمة خارجة مني .
أومأ برأسه 
عندك حق ياانسة.. ويمكن اكون خضيتك بس انا بجد قلقت عليكي .
قلقت عليا !!
ياانسة .
طب عن إذنك بقى .
لم تنتظر إجابة فقد وجدتها فرصة للهرب من هذا الغريب ونظراته المسلطة عليها.. فلا تعلم لما شعرت بعدم الراحه نحوه .
حينما انهت حسابها مع البائع خرجت فورا تتجاهل النظر نحوه وهي تسرع بخطواتها للخروج من الكانتين .. تنفست بارتياح وهي ترى حسين ينزل الدرج اللولبي للمشفى لتجده سريعا قد أتى أمامها .. فتوجه اليها قائلا بانزعاج 
انتي ازي تنزلي هنا لوحدك مش خاېفة لتوهي فى المستشفى الواسعة دي 
قالت مبتسمة وقد اسعدها ما رأته في عيناه نحوها 
اصل كنت عطشانة فسألت الممرضة ودلتنى .. بس انت نازل على السلم ليه مادام في انساسير
قال بحزم محبب 
عطشانة تبقى تقولي واحنا الرجالة نتصرف بدال ماتخليني...تخلينا نقلق عليكي ..دا انا ماقدرتش استنى الاسانسير ونزلت جري اشوفك .
تهللت اساريرها فرحا من جملة قيلت لها مرتين هذه الليلة ولكن من حسين وقعها على سمعها كانت وكأنها أجمل كلمات العشق .
إنت هاتفضلي متنحة كده وساكتة مش ياللا بقى خلينا نلحق الجماعة فوق وادي الاسانسير اتفتح اهو .
اوقفته بيدها قائلة 
لا انا عايزة اطلع على السلم مش بالأسانسير .
حرك رأسه موافقا بابتسامة رائعة يقول 
ماشي ياشروق .. مع ان النزول كان عليه فرهدة
بس موافق برضوا .. هاتي اللي في إيدك دا بقى .
قال الاخيرو وهو يتناول منها المشتريات قبل ان يصعد معا الدرج اللولبي بناء على رغبتها وكم أسعده طلبها هذا .. غافلين عن زوج من الأعين ترصدتهم وتابعتهم حتى اختفوا. 
................................
بعد انتهاء الليلة العصيبة والاطمئنان على الطفل المصاپ .. كان لابد من العودة ليلا إلى المنزل بعد اصرار مسؤلي المشفي الخاصة بذهاب الجميع حتى أهل المړيض .. تطوع حسين بأن اقل أسرة الأستاذ شاكر زوجته وابنتيه.. اما الحاج أدهم فقد عاد مع ابنه علاء وصديقه سعد .
بداخل السيارة خاطب علاء ابيه قائلا 
متشكرين اوي ياحج على اللي عملته معانا النهاردة 
بتشكرني على ايه بالظبط 
يعني ياوالدي على كل حاجة الصراحة.. من أول مجيتك الإفتتاح
الليلة لوقفتك مع الجيران ..دا دي لوحدها كبيرة قوي عندي ..خصوصا إنهم ناس غريبة عنك ومتعرفهاش .
قال أدهم بحزم 
مدام جيرانك يبقوا مش اغراب ولا حاجة ..ثانيا بقى أنا سألت كويس عن الناس دي وعرفت إنهم ناس محترمين قوي .
نقل عيناه عن الطريق لينظر فجأة لأبيه قائلا بجدية
هو انت فعلا سألت عنهم 
قال بثقة 
طبعا سألت عنهم أمال يعني اسيب ناس تدخل لوالدتك وانا مش عارف أصلهم ايه ولا فصلهم 
عاد للطريق وهو يمط شفتيه قائلا 
والدتي !! قولتلي بقا.
عند هذه النقطة غير دفة الحديث فجأة وهو يسأل صديقه الغارق فى افكاره وهو ناظر لخارج الطريق من النافذة 
سرحان في ايه ياسعد انت كمان 
اجفل من شرود قائلا
هااا .. إنت بتكلمني ياعلاء 
قال الحاج أدهم ساخرا 
هه ياسعد دا انت مش معانا خالص ..إيه اللي واخد يابن مدبولي 
بشبه ابتسامة أومأ برأسه ولم يجيب وهو يعود لأفكاره مرة أخرى. 
عندما توقفت السيارة امام المنزل الذي احتل بمساحته قطعة كبيرة من الحارة.. وجدها فى شرفتها تنظر اليهم بترقب قبل ان تتركها وتنزل سريعا إليهم .. ترجل أدهم من السيارة وهو يدعوا ابنه للدخول
مش هاتنزل تشرب الشاي حتى 
قال بجمود 
معلش يا والدي خليها مرة تانية.. الدنيا ليلت .
وافرض حتى الدنيا ليلت مش بيتك ده وبيت ابوك تعالى ادخل انت وصاحبك. 
خرج صوت سعد من الكرسي الخلفي 
خليها مرة تانية ياعم أدهم وانا هاجيبه بنفسي ونقعد معاك .
قبل ان يرد أدهم جاء صوتها المتلهف 
حمد الله على السلامة ياحج .
سك علاء على فكه غيظا من وقفتها على باب المنزل بزبنتها المتكلفة وعبائتها البيتيه الخفيفة غير مقدرة لمكانة ابيه الرجل الوقور ..فقال بغيظ 
عن إذنك ياولدي يادوبك اوصل سعد على بيته دا زمانه والدته قلقانة عليه .
ماشي ياعلاء ..تصبح على خير .
قالها أدهم وهو يصفق باب السيارة پعنف.. ليذهب الى زوجته التى استقبلته بقلق مبالغ فيه 
كده برضوا ياأدهم تسيبنى كده على اعصابي وانا هاموت من القلق عليك.. هو إنت إيه اللى
أخرك الوقت دا كله 
اغلق باب المنزل خلفه قائلا بسأم 
بعدين يا نيرمين..هاقولك بعدين ..بس سيبني بس اريح شوية الاول .
مصمصت بشفتيها حانقة وهى ناظرة فى اثره بعد ان تركها وسط البهو الكبير .
.....................
وبداخل السيارة تكلم سعد اخيرا بانتباه الى صديقه
احسن حاجة عملتها ياعلاء .. عشان انا عايزك فى موضوع ضروري.
موضوع ايه اللي ضروري ياسعد احنا دخلنا فى نص الليل وانا على أخري. 
قال برجاء 
معلش والنبي ياعلاء اتحامل على نفسك نص ساعة بس واسمعني .
تأثر علاء برجاء صديقه فقال 
ماشي ياسعد ..تحب نقعد فين بقى 
أجاب سريعا بلهفة 
عند القهوة اللى ورانا بيتنا ..دي بتبقى فاتحة للصبح .
بعد نصف ساعة وبعد ان سرد سعد ما يطلبه وانتظر رد صديقه الذي بهت وجهه لبعض الوقت قبل ان يقول اخيرا
انت متأكد من طلبك دا ياسعد 
و انا يعني لو مش متأكد هاطلب منك ياعلاء 
كان يحاول جاهدا انتقاء كلماته 
ياسعد افهمني ..البت صغيرة اوى عليك .. دا غير كمان ظروف اخوها. 
قال سريعا
ان كان على ظروف اخوها فالواض اكيد بكرة يتحسن .. وان كان على سنها فدي مش مشكلة لو انت اتدخلت بشطارتك معاهم ..انا عرفت انهم بيعزوك من معاملتهم ليك.. وحسب ماعرفت انهم عيلة على قدهم ومتوسطة الحال.. وانا زي ما انت عارف ظروفى مشيت كويس دلوقتى وبقيت اكسب كويس من ورشتي .
ياحبيبي انا عارف كلامك ده .. انا بس مش عارف افاتحهم ازاي والله
قال برجاء مع اصرار شديد ارتسم على وجهه 
بقولك إيه ياعلاء ..انا قصدتك وانت صاحبي..ارجوك بقى اقف معايا فى الموضوع ده..انا من ساعة ماشوفت البت وانا قلبي اتعلق بيها.. وبجد بقى لو انت صاحبي بجد وحقيقى توقف معايا في موضوع جوازي من شروق !!
.....
بالغرفة البيضاء كانت الأسرة جميعها مجتمعة حول إبراهيم الذي استعاد عافيته قليلا ليعي جيدا حديثه مع اسرته ..والدته بالكرسي المجاور لرأسه تطعمه بيدها وزوجها جالس على طرف التخت.. أما الفتيات شقيقاته فجر وشروق بجواره من الناحية الأخرى.. يداعبنه بالأحاديث الطريفة.
قالت شروق بمشاكسة
طبعا ياعم انت هاتعيش الدور بقى علينا طول الإيام إللي الجاية دي.. اكل ودلع ونوم فى السرير براحتك ولا دراسة بقى ولا قرف .
كان رده ابتسامة ممتعضة أثارت ضكك الجميع فقالت فجر بمرح هي الأخرى 
يالهوي عالعسل لما يكشر بوشه .
اللتفت إبراهيم مخاطبا لأبيه 
ماتشوف بناتك ياعم الحج دول اللي بيستظرفوا على ابنك العيان . 
سمع منه شاكر فقال لهم حازما بابتسامة
بس يابت انت وهي..خلوا عندكم ډم بقى وبلاش غلاسة على الولد..يعني مش كفاية انه عامل حاډثة ومدشدش ..كمان انتوا تيجوا عليه .
ضحكت الفتاتان مرة أخرى مما اثرن ضيق إبراهيم الذي قال لوالده بعتب 
حتى انت ياعم الحج بتقلش عليا مكانش العشم ..ماتشوفي الجماعة دول يا ست ماما .
ناولته قطعة من الفاكهة ليأكلها بفمه وهى قائلة بابتسامة
سيبك منهم ياحبيبي وخليك فى صحتك انت.. دول عالم فاضية .
رددت فجر خلفها 
احنا برضوا ياست ماما عالم فاضية 
ايوة عالم فاضية ورايقة كمان .
قالتها سميرة بتأكيد قبل ان تلتفت على من أطل برأسه محييا 
صباح الخير عليكم.
رد الجميع عليه التحية عدا فجر التي خبئت ابتسامتها.. فتقدم هو لداخل الغرفة قائلا بحبور
عيني باردة عليك ياابراهيم .. اخبارك إيه النهاردة يابطل 
الحمد لله كويس انا النهاردة يامعلم علاء .
اقعد يابنى انت هاتقعد واقف.
قالها شاكر وهو يشير بيده على إحدى المقاعد .. أجفل علاء الذي كانت مازالت عيناه عالقة ناحيتها ..تحرك ليجلس امامهم وهو يقول 
انا لسة جاي من عند الدكتور دلوقتي وطمني على حالة إبراهيم.. دا بيقول انه خلاص ممكن يخرج النهاردة او بكرة بالكتير .
ايوة يابني صحيح زي ماقالك كده ..بس انا زعلان من والدك ..عشان دفع حساب المستشفى من غير مايقولي .
جحظت فجر عيناها ڠضبا
اما علاء فقد ردد خلف ابيها سائلا
ابويا انا دفع! امتى ده 
جاوبته سميرة 
النهاردة الصبح يابنى وصل مع اخوك حسين وقعدوا شوية مع إبراهيم قبل ما يخرجوا مع شاكر .
هو حسين خرج بدري شوية عشان كان وراه مشوار مهم ..والدك بقى فضل معايا حبتين زيادة لكنه ماجبليش سيرة نهائي ..عرفت انا بالصدفة من حسابات المستشفى بعد هو ما مشي .. بس ليه كده يابني دي الحال مستورة والحمد لله .
قال علاء بابتسامة صافية امام نظرات فجر التى اشټعل الڠضب داخلها 
وماله ياعم شاكر دا احنا اهل .
بعد هذه الجملة فقدت السيطرة ولم تعد تقوى بعدها الصمود 
عن اذنكم !
رايحة فين يابنت 
انصرفت سريعا ولم تكلف نفسها عناء الرد على والدتها التى قال مندهشة فى أثرها
هي البت دي خرجت وراحت على فين 
اجابتها شروق وهى تتحرك للخروج ايضا 
تلاقيها بس عندها مكالمة مهمة ولا حاجة..انا رايحة اشوفها .
قال علاء وهو ينظر في اثر شروق هي الأخرى رغم تغيره من موقف فجر 
طب انا كمان كنت عايزك فى موضوع مهم ياعم شاكر ..بمناسبة ان ربنا نجا إبراهيم وخلاص خارج قريب ان شاء الله من المستشفى. 
...........................
بخطوات مسرعة كانت تهتف للحاق بها 
استنى يافجر
بقى شوية انتى ايه قطر 
الټفت لشقيقتها وسط رواق المشفى قائلة بحدة 
يعني عاجبك اللي بيحصل ده ياشروق 
قالت شروق بصوت خفيض وعيناها تدور على البشر المتناثرين حولهم 
وطي صوتك يافجر الناس واخدة بالها .
زفرت بداخلها وهي تحاول السيطرة على الڠضب المتصاعد داخلها فقالت مابين اسنانها 
انا هافرقع من الغيظ ياشروق ..الناس دي بقت فارضة نفسها علينا بشكل مستفز وأبوكي وامك قابلين وساكتين ..هو في ايه بالظبط
قالت شقيقتها بنفي رغم مايدور بعقلها 
وانا هاعرف منين يعني ما انا زيي زيك 
مالكم واقفين هنا ليه 
الټفت الاثنتان على سحر وقد اصبحت امامهم فتابعت مازحة
اوعوا تقولولي انكم اټخانقتوا هنا فى المستشفىلأ عيب نفرج الناس علينا. 
تبسمت شروق للمداعبة اما فجر فقالت 
كويس انك جيتي ياسحر ..اصل انا بصراحة مخڼوقة ونفسي ارغي معاكي وافك شوية .
همت لتتكلم ولكنها صمتت متسمرة وهي ترى علاء وهو خارج مع شاكر من حجرة إبراهيم فقالت ذاهلة 
يانهار أبيض.. مين الحليوة دا اللي خارج مع ابوكي يافجر
قالت حانقة 
حتى انتي كمان ياسحر 
.............................
على طاولة مستديرة جلس الاثنان بداخل كافتيريا المشفى بناء على طلب علاء الذي تلعثمت الكلمات داخل فمه وهو يدعوا الله ان ينتهي من هذه المهمة الثقيلة .
يابني ما تتكلم ساكت ليه انت مش قولت عايزني في موضوع مهم 
تحمحم يجلي حلقه فقال بحرج 
أسف ياعم شاكر بس انا مكسوف صراحة عشان الظرف يعني.. لكن اعمل إيه بقى في صاحبي اللى قصدني وشدد عليا عشان افاتحك .
صاحبك مين وعايزك تفاتحني فى ايه 
صاحبي سعد وهو...قصدني فى موضوع نسب معاك..
قاطعه شاكر قائلا ببساطة
قصده يعنى على فجر ..ومالك يابنى محرج ليه ما انا على طول الناس بتفاتحنى عنها .
شعر بشحنة من الڠضب اندفعت بداخله فجأة وهو يقول بحدة 
لا طبعا هو مايقصدتش فجر 
امال هو قصده على مين...معقولة يقصد شروق 
اومأ برأسه وهو يتابع
انا عارف انه اكبر منها بيجى عشر سنين على الاقل ..بس هو انسان محترم وعشرة عمر و.......
صمت عن اكمال جملته وهو يرى شاكر الذي كان يضحك بدون سبب .
هو انا قولت حاجة تضحك ياعم شاكر 
قال معتذرا وهو ينهي ضحكته 
معلش يابني ما تأخذنيش اصل شروق العريس التاني يتقدم لها فى نفس اليوم..والعجيب بقى انه كمان من طرفك برضوا ويخصك
قطب سائلا بدهشة 
تقصد بمين إنه من طرفي ويخصني 
قال شاكر بابتسامة
يعني انت متعرفش ان والدك الحج ادهم المصري طلب إيد شروق النهاردة لحسين اخوك 
وكأن دلوا من الماء البارد سقط على رأسه لم يعرف يرد على الرجل ولو ببنت شفاه ..فتابع شاكر 
دا حتى بالأمارة طلب مني افكر براحتي انا والبنت على ما يخرج ابراهيم بالسلامة من المستشفى وبعدها تبقى الزيارة رسمي.
تصبب العرق فوق جبهته من هذا الموقف الحرج فسأله بتوتر
طب انت كده هاتوافق على مين فيهم ياعم شاكر 
شوف يابنى انا هاعرض الموضوع على البنت وهي بقى اللي تقول رأيها ..ان كانت موافقة على واحد فيهم ولا هاترفض الاتنين .
بلع ريقه فقال بتوتر 
طبعا دا حقها أكيد .
...............................
حينما انهى مقابلته مع شاكر ..خرج سريعا من الكافتيريا وكأن الشياطين تلاحقه .. يريد الخروج من المشفى واستنشاق هواء طبيعي ..فطوال سنوات عمره التي تعدت الثانية والثلاثون لم يتعرض لمثل هذا الحرج.. كيف لأخيه ان يفعل هذا ويتقدم لخطبة الفتاة جارته دون حتى ان يخبره .. ولسخرية القدر يتم هذا الان بعد اظهار سعد صديقه نيته الواضحة للزواج بها ..فكيف يكون وضعه حينما تختار واحد منهم دون الاخر ..في اية جهة يقف الان
حاسب ياأخينا.
خرجت بخشونة من أحد الأشخاص الذي كاد أن يصدم به.. تراجع فورا للرجل ليذهب من جواره .. استدرك نفسه وهم ليكمل طريقه ولكنه توقف مبهوتا لهذه الأعين المسلطة عليه وهو يقف أمامه
بوسط الرواق بمسافة ليست بقريبة غير منتبه لحديث أحد الأشخاص بجواره.. ملامحه الإرستقراطية نحتت مع تطور سنوات عمره لتزيده وسامة و جاذبية أكثر . يرتدي حلة رمادية وكأنه أحد المسؤلين.. بلمحة بسيطة شعر بحنين الصداقة القديمة ولكنه تذكر سريعا كيف انتهت ..إحتدت عيناه واشټعل صدره بغضبه القديم ..فتحرك سريعا يتخطاه حتى اصطدم به عن قصد حتى كاد الرجل ان يسقط لولا أنه تماسك ومع هذا لم يتكلم او يعترض حتى ..هتف الرجل الذي بجواره
دا اټجنن دا ولا إيه 
اوقفه بأشارة بكفه ليصمت فسأله الرجل بفضول 
انت تعرف الراجل دا ياعصام بيه 
بلهجة الأمر قال 
اسمع ياعزمي انا عايز ادخل حجرة الكاميرات دلوقتي حالا .
قال الرجل بإذعان 
تحت امرك ياباشا. 
خطت لداخل الغرفة نحو زوجها الجالس على الإريكة الاثيرة امام شاشة التلفاز يدعي المشاهدة ولكن ملامح وجهه المنغلقة تظهر عكس ذلك وهو يتلاعب بمسبحته بشرود .. حتى انها جلست بجواره ولم يشعر بها.. فتساءلت بصوت مسموع 
اللي واخد عقلك ياحج يتهنا به !
أجفل من شروده فالتفلت اليها قائلا 
نعم يا نيرمين عايزة إيه 
بلهجتها الناعمة 
يعني هاعوز ايه بس ياحج هو انت منقصني من أي شئ انا بس مستغربة يعنى سرحانك الكتير الأيام دي .. هو انت في مشكلة عندك
في الشغل 
قال بمغزى 
وهي المشاكل انحصرت بس في الشغل يانيرمين والشخصية بقى مافيشولادي اللي انصرفوا عني وعاشوا حياتهم ولا مراتي اللى سابتني بعد العمر دا كله دا عادي بقى عندك 
قالت بارتباك 
لا طبعا انا مقصديش حاجة وحشة ..انت عارفني
من الأول انا راضية بقليلي ونفسي نبقى عيلة واحدة كمان .. بس هما بقى اللي رفضوا وبعدوا من نفسهم..انا حتى ملحقتش اعمل مشاكل معاهم عشان تتحسب عليا.. لكن تقول ايه بقى ولادك ودماغهم ناشفة زيك والست زهيرة بقى فدي خدت على الدلع والأنانية ..فشئ طبيعي ترفض اللى قبلت بيه ضرتها الصغيرة والغلبانة .
انت غلبانة يانيرمين 
قالت حانقة من سؤاله الساخر
انت قصدك ايه ياحج 
مقصديش حاجة يابنت الناس ..عن اذنك بقى .
قالها ونهض فتركها تنظر لأثره بغيظ .
............................
بداخل غرفته بشركة الأدهم للسياحة والسفر كان جالسا مع احد العملاء حينما أجفله شقيقة باقټحام الغرفة بوجهه الجامد دون استئذان وخلفه السكرتيرة تردد برجاء لمديرها
اسفة ياحسين بيه بس انا قولتلوا انتظر دقايق لكنه مرديش .
اشار لسكريرته بالإنصراف وتقدم هو نحو أخيه مرحبا 
دا ايه الزيارة الجميلة دي نورت المكتب يامعلم علاء .
صافحه بجمود اثار استيائه وهو يخطوا لداخل الغرفة حتى جلس امام العميل الذي شعر بالحرج أيضا فنهض على الفور عن مقعده 
طب عن إذنك بقى ياحسين بيه ..اكمل معاك في وقت تاني ..تشرفنا ياحضرت .
اومأ علاء برأسه وتولى حسين مصاحبة الرجل حتى باب المكتب يحدثه بلطف واعتذار حتى خرج فصفق باب الغرفة خلفه ليلتفت الى أخيه قائلا بقلق 
في ايه ياعلاء هو في حاجة حصلت 
تلاعب قليلا بشاربه وهو ينظر إليه بغموض حتى جلس امامه فقال اخيرا 
اطمن ياحسين باشا مافيش حاجة حصلت .. دا بس اخوك الغلبان جاي يستفسر منك عن حاجة كده.
غلبان !
خرجت منه باستنكار قبل ان يتابع 
هو في ايه بالظبط ياعلاء دي مش عوايدك يعنى تتكلم بالالغاز ..ماتقول اللى انت عايز تفتسر عنه يمكن افهم .
قال مباشرة
اجيبلك من الاخر ياحسين بيه .. لما انت بتحب ابوك اوي كده ومكبره عشان تطلب إيد البنت ..طب حتى ادينى فكره بحكم اني جارها مش في الأصل اخوك. 
بنت مين انت قصدك شروق معقول
قالها باندهاش وعدم تصديق وتابع 
يانهار ابيض..هو بابا لحق يطلب إيدها .
هتف عليه غاضبا 
انت هاتستهبل عليا ياض .. يعني هو طلبها من غير ما يقولك 
يابني افهم انا قولتلوا عن رغبتي للإرتباط بيها .. لكن مكنتش اعرف انه هايلحق بسرعة دي كدة يطلبها من والدها ..بس انت ايه اللي مزعلك 
اللي مزعلني انك ماقولتليش وخليت منظري زي الزفت النهاردة لما والدها فاجأني وانا بافاتحه عن موضوع سعد .
وماله سعد بشروق 
تنهد بثقل وهو يمسح بكفيه على وجهه وأخيه يردد السؤال على اسماعه 
مال سعد بشروق ياعلاء 
كان عايز يتجوزها هو كمان .
نعم !!
صاح عليه حازما 
حقه ياحسين ..شاف البنت عجبته وطلب مني اشوف أهلها بحكم إني جارها ..عمل اللي انت ماعملت ماعملتوش .
زفر حسين وهو يحاول التماسك أمام أخيه
ياعلاء كفاياك تقطيم فيا بقى ..انا ملحقتش افاتحك بحكم السفرية اللي جات فجأة وبعدها حاډثة إبراهيم أخوها ..وان كان على والدي فانا وربنا ما اعرف السبب اللي خلاه يجري بسرعة كدة ويطلب إيد البنت .. يمكن ماصدق بقى عشان يخلص مني ويخلاله الجو مع عروسته الجديدة.
قال الاخيرة ممازحا جعلت طيف ابتسامة تغزوا ملامح اخيه الذي أكمل
أو يمكن عايز يقربك منه من تاني .
ردد خلفه بتفكير 
يمكن برضوا!
................................
وعودة للمشفى وبداخل غرفة إبراهيم دلف شاكر بابتسامته المعهودة وهو يمشط الغرفة بعيناه 
ايه ده هما خواتك مشيوا ياعم هيما ولا إيه
قالت سميرة التي كانت تنتهي من صلاتها وتهم لطوي سجادتها
بناتك ياخويا الاتنين خرجوا مع سحر يوصلوها لخارج المستشفى. 
جلس بجوار ابنه المصاپ وهو يقول 
بنت حلال سحر دي وتستاهل كل خير ..أنا مش عارف بس إيه إللي أخرها من الجواز ..هي الرجالة عميت 
رددت خلفه زوجته 
لأ ياخويا ما عميتش ..دي البنات هي اللي بتدلع على كيفها ..ولا انت ناسي النسخة التانية منها معاك ..مقصوفة الرقبة فجر .
تدخل إبراهيم
مالها فجر بس ياست ياماما ماهي زي الفل معانا هي لازم تتجوز يعني
شهقت سميره ضاحكة 
ينيلك ياواض .. لهو انت مش عايز اختك تتجوز زي البنات ولا تشيل ولادها .
لأ مش عايزها تتجوز .
قال ابيه ايضا وهو يضحك 
ېخرب عقلك ياابراهيم ..دا انت طالع حمش قوي على كده ..بس ياحبيبي البنت مالهاش غير بيت جوزها.. ومهما قعدت في بيت ابوها ..بيتها هو بيت جوزها في الاخر. 
تنهدت سميرة بصوت عالي قائلة 
اه ياابو فجر ..ياما نفسي اجوزها بقى وافرح بيها..نفسي تعقل وتبطل جنان.. كمان لو توافق على المهندس ابن صاحبك ده وتفرح قلبي. 
سيبك بس من ابن صاحبي وركزي في اللي جاي.. ان شاء الله فجر هايجلها نصيبها وهاتفرحي بيها بس انتي قولي يارب..انا دلوقتي فى بنتك الصغيرة .
بنتي الصغيرة مالها ياراجل 
ياولية افهمي بقى البت الصغيرة إتقدم لها اتنين النهاردة 
فغرت فاهاها دهشة وقالت 
هنا والاتنين النهاردة فى المستشفى!
تبسم
شاكر فسبق إبراهيم والدته بالسؤال 
هما مين يابابا فيهم حد نعرفه
هم شاكر ليجيب ولكن استوقفه طرق على باب الغرفة ..ليدلف بعدها رجل مهيب بحلته الرمادية ومعه الطبيب المعالج لإبراهيم الذي قال بابتسامة جميلة لإبراهيم
السلام عليكم..عامل ايه النهاردة يابطل الباشا مدير المستشفى جاي بنفسه يشوفك النهاردة. 
نهض شاكر مرحبا بالرجل
اهلا ياباشا ..دي إيه المفاجأة الحلوة دي
سميرة ايضا
يااهلا مرحب بيك يا سعادة الباشا. 
تحدث هو بصوت رزين ولكن متردد
انا جيت النهاردة وعملت مرور على بعض الحالات .. اا انت كويس ياابراهيم.. الدكتور بتاعك طمني عليك .
اجاب إبراهيم بروتينية
نحمد ربنا على كل حال. 
وكأنه يتفحصهم او يبحث عن إجابة ظل ينظر إليهم بأعين مشتتة وهو يستمع من الطبيب المعالج لإبراهيم وهو يصف حالته.. حتى دلفت الشقيقتان .
السلام عليكم. 
ايه ده هو في ايه 
جذبت المراة بناتها الاثنتان من ايديهم تسحبهم لداخل الغرفة و تهمس لهم 
بس يامنيلة انتي وهي ..دا البيه مدير المستشفى
قالت فجر بدهشة
ودا إيه إللي جابه عندنا
أكملت سميرة بنفس الهمس
بيقولك قال عامل مرور على الحالات. 
همست شروق هي الأخرى بمزاح 
وجاي عند إبراهيم أخويا مخصوص بقى عشان يطمن عليه و..
قطعت جملتها ولم تكملها حينها فقد أخافتها نظرة هذه الرجل المهيب رغم صغر سنه وهو يحدق بها وكأنه رأى شبحا أمامه .. جف حلقها ولم تستطيع التنفس إلا حينما انتقلت نظراته إلى فجر ثم ما لبث ان فاجأهم بسؤاله المباشر
هو انت تعرفوا علاء المصري منين 
أجفل الجميع من سؤاله المباغت لكن شاكر هو الذي اجابه رغم دهشته 
المعلم علاء يبقى جيرانا يابني ..بس ابن حلال هو وابوه واخوه. 
اومأ برأسه وعيناه نحو الفتاتين 
جيران وبس 
قال شاكر وقد ازدادت دهشته 
ايوه جيران وبس ..لكن واضح بقى ان انت تعرفه 
تمتم بغموض 
طبعا أعرفه وعز
المعرفة كمان ..عن اذنكم .
قال الاخيرة وخرج على الفور وخلفه الطبيب ..امام دهشة شاكر وأسرته جميعها. 
قالت شروق وهي تتنفس اخيرا ارتياحا بخروج هذا الغريب
يانهار ابيض الراجل ده خوفني قوي .
قالت فجر خلفها معترضة 
بقى ده خۏفك ياهبلة.. دا حتى شكله ولا البهوات اللي بيجوا في التليفزيون.
قال أبيهم 
بس عجيبة يعني إنه بيسألني عن علاء!
ياخويا ولا عجيبة ولا حاجة.. خلينا إحنا فى موضوعنا .
قالتها سميرة وهي تجلس على احدي المقاعد الجلدية امامهم وتابعت مع زوجها 
ها بقى ياابو إبراهيم ..انت كنت بتقولي ان شروق متقدملها عريسين .. هما مين بقى 
صدر صوتها من الخلف
شروق مين ياماما
قالت سميرة بسخرية 
هو احنا عندنا كام نسخة منك ياهبلة بنفس الإسم
قالت شروق بابتسامة مرتابة قالت 
معقولة!يعني انا متقدملي عريسين ..ودول يبقوا مين يابابا 
.....
ترقبت متفحصة وجه ابيها الضاحك وهو يتلاعب بالكلمات معهم عن معرفة هوية العريسان..حتى صاحت عليه زوجته 
في إيه ياشاكر تعبت قلوبنا معاك ..مرة تقول معرفة جديدة ..مرة تقول الاتنين من طرف واحد ..هي فزورة ياراجل ماتقول بقى وريحنا. 
يعني غلب حماركم
تذمر الجميع فخرج صوت زوجته الساخط 
يووه بقى انت لسه هاتحزر وتفزر من تاني 
ضحك بصوت عالي قبل ان يقول اخيرا
خلاص خلاص انا هاتكلم .. شوفي يابت ياشروق انا هابتدي بالعريس التاني وهاسألك مباشرة كدة ..إيه رأيك في الراجل اللي اسمه سعد صاحب علاء
هتفت مستنكرة 
ميين !! لا طبعا يابابا ..مش عايزاه مش عايزاه. 
سالت سميرة بعدم فهم 
سعد مين اللي صاحب علاء 
اقترب منها زوجها يذكرها به ..اما فجر فتذكرته جيدا بعد ان تناسته منذ فترة طويلة .. سعد .. لقد كان جار فاتن الصامت .. الصامت دائما او قليل الكلام بشكل أدق ..حينما رأته في يوم حاډث أخيها لم تتعجب ابدا ..فهي كانت تعلم انه صديق هذا المدعو علاء.. أجفلت من شرودها على صيحة شقيقتها 
في ايه يابابا ماتقول بقى على اسم العريس التاني..ولا انت فالح بس تقولي على العريس المنيل ده اللي جسمي قشعر بس من أسمه .
قال شاكر بتعجب
ياساتر يارب ..جسمك قشعر من اسمه بس! طيب ياستى العريس التانى يبقى حسين ادهم المصري..وحش دا كمان عشان نرفضوا برضوا ولا .
هتفت على الفور ضاحكة
لا طبعا ترفضوا دا ايه ياعم شاكر ..اش جاب لجاب بس ياراجل حرام عليك وقعت قلبي .
تبسمت سميرة بفرحة غامرة أما ابيها فقال ممازحا
شوفي ياخويا البت وبجاحتها..طب وربنا انا قلبي كان حاسس عشان كده ابتديت بالتاني.
قال إبراهيم هو الاخر ضاحكا 
ايوة بقى يابت ياشروق ..الواض حليوة وشكله زى الخواجة .
قالت شروق وهي لاتستطيع السيطرة على دقات قلبها المتسارعة من الفرحة 
ايوة ياهيما .. دا انا مش مصدقة نفسي ولا مستوعبة اللي بيحصل
.
هتفت فجر پغضب فاجأ الجميع 
هو في ايه بالظبط هي الناس دي خلاص بقى موراهمش حد غيرنا
أجفل ابيها من حدتها قائلا
مالك يابنتي هو انت مش عاجبك حسين 
قالت خلفه سميرة بحزم 
وهي إيه ډخلها بالعريس ..ماهي لو عايز تتجوز هي كمان..احنا مش ممانعين.
قالت شروق هي الاخرى 
انت زعلانة يافجر عشان هاتخطب قدامك ..لو عايزاني اأجل الموضوع ده انا موافقة ياحبيبتى..بس انتي ماتزعليش. 
كانت تهز رأسها بعدم استيعاب وهي ترى حديثها اخد منحى اخر غير الذي تقصده 
ياجماعة افهموني .. انا ماعنديش مانع من
خطوبة شروق ولا عندي اعتراض حتى على العريس ..انا بس مخڼوقة من العيلة دي وحاسة انهم فارضين نفسهم علينا بالعافية
قال ابيها ببساطة
وافرضي زي مابتقولي كده..ايه اللي حاصل بقى ماهم طالبين النسب يعني مش حاجة عيب ولا حرام .
حركت شفتيها تحاول اخراج جملة مفيدة تدعم موقفها امام نظراتهم المترقبة ولكنها لم تجد ..فتحركت اليا نحو الخارج قائلة باستسلام 
انا طالعة اشم هوا .
خرجت مغادرة بخطوات مسرعة ولم تنظر ولا تلتفت على صيحات ابيها الذي خرج خلفها..فلم يستطع اللحاق بها ولا معرفة وجهتها .
عندما عاد الى الغرفة متهدل الأكتاف بملامح ساكنة سألته فورا زوجته 
هي راحت فين ياشاكر .
مش عارف .. انا خرجت وراها بس ملحقتهاش..هي البت دي مالها 
قالت سميرة بتوجس
معقولة تكون زعلانة عشان هاتتخطب شروق قبلها بس انا عارفة بنتي فجر كويس لايمكن تفكر في كده ابدا .
قالت شروق وقد اختفت ملامح الفرح من وجهها 
هي دايما پتكره علاء وعيلته ياماما ..معرفش ايه السبب
طب وبعدين احنا كده بقى نوافق ونراضي اختها ولا نرفض ونراضيها هي
سألها شاكر بحيرة فقالت زوجته بلهفة
نرفض دا ايه ياعنيا هاتي يابت نمرة الحاج ادهم ولا اقولك هاتي تليفونك ادوس على رقم علاء انا حافظاه من والدته..هاتيه وانا اكلمه 
........................
بغرفته الحبيبة التي اصبحت مسكنه ومأواه من وقت أن تزوج أبيه وتركت والدته وأخيه البيت .. أصبح يقضي معظم اوقاته في العمل وحينما يعود على ميعاد النوم فقط ..فلا يأكل في البيت إلا قليلا في حضور أبيه..عدا ذلك فهو يطلب طعامه بداخل غرفته ..فلايريد الجمع بينه وبين هذه المرأة حتى لو على مائدة طعام .. كان خارجا من حمام غرفته ينشف شعر رأسه بمنشفة صغيرة حينما سمع طرق على باب غرفته وصوت ابيه يردد 
حسين..انتي صاحي ولا نايم يابني
تحرك سريعا يرتدي تيشيرت ابيض على جزعه العاړي وهو يجيبه
انا صاحي يابابا.. على طول هافتح اهو .
في ظرف ثواني كان عند باب الغرفة يفتحه لوالده 
متسائلا بدهشة لزيارته
في حاجة يابابا
تكلم أدهم برزانته المعتادة 
انت هاتسيبني واقف كده على الباب من غير ماتقولي اتفضل .
انزاح من أمامه مرددا بحرج
انا اسف يابابا معلش..اتفضل طبعا أكيد .
دلف ابيه ممشطا بعينيه الغرفة قائلا بمزاح 
ايوة كدة بقى خلينا ندخل عرينك ياأسد ونعرف مخبي إيه جواه يخليك تستغنى عن بقية البيت كله !
انتبه حسين لمزاح ابيه اللازع فاستجاب بابتسامة هادئة
ماشي ياحج أدهم مقبولة منك ..بس انت عارف بقى إن انا معظم الوقت مشغول. 
بابتسامة ماكرة قال أدهم وهو يجلس على طرف التخت
ياراجل ..يعني لما تتجوز شروق بقى هاتفضل برضوا معظم الوقت بره البيت 
ضحك باضطراب يشوبه الحياء قائلا 
إيه يابابا بس على طول كده خليتها مراتي ..مش لما يوافقوا الاول على الخطوبة
ماهم وافقوا .
نعم !!
نعم الله عليك ياحبيبي..بقولك وافقوا..انت اطرش يابني 
هنا ازدادت ضحكاته صخبا وفرحة قائلا
جرا ايه يابابا اللهلسة مش مصدق ياعم .. دا بجد بقى مش هزار .
اجابه بابتسامة سعيدة لفرحه
لا صدق ياحبيبي..والدها اتصل بيا حالا وبلغني الموافقة..وانا اتفقت معاه اننا هانزورهم رسمي بعد خروج ابنهم من المستشفى على طول .
قال متبسما بامتنان
انا متشكر قوي يابابا انك اتصرفت بسرعة كدة وطلبتها..بصراحة طلبك في الوقت ده وبالسرعة دي وفر عليا كتير قوي.. المهم بقى انا عايز دلوقتي اتصل انا لازم اتصل على علاء
ابلغه .
قال الاخيرة وهو يتناول هاتفه من على الكمود..اوقفه ادهم قائلا
لا ما اخوك عرف خلاص ..والدة البنت اتصلت عليه وبلغته بنفسها .
تنفس حسين بارتياح فقال
كويس قوي .
أجفله أدهم في طلبه 
هاتسكن معايا ياحسين بعد الجواز ولا هاتخلف بوعدك
رغم ثقل مايطلبه على نفسه ولكنه أومأ برأسه موافقا لإرضاءه. 
معاك يابابا ان شاء الله.
.........................
بخطوات مثقلة تقدم ناحية القهوة الشعبية التي ضمتهم لفترة طويلة من الزمن.. وشهدت على أيام الفرح والحزن جلسات السمر والضحك.. ها هو جالس كعادته ېدخن الأرجيلة وأمامه فنجان قهوته في انتظار ما سيخبره ..يبدوا شاردا من نظرته لنقطعة بعيدة في الفراغ.. ترى بماذا يفكر تنهد بعمق وهو يقترب منه يتمنى انتهاء هذه المهمة الثقيلة على قلبه في الحال .. 
أجفل سعد من شروده على أصوات الرجال حوله ممن يرددن التحية للمعلم علاء ابن حارتهم وجارهم قبل ان يترك المنطقة مع والدته 
هاا يامعلم طمني..إيه الأخبار انا قاعد على ڼار من ساعة ماقولتلي في التليفون عايز اقابلك .
ها قد بدأنا.. يبدوا ان سعد سيصعب عليه المهمة ..تحمحم يجلي حلقه فقال متهربا 
كده على طول! مش لما اخد نفسي الأول ولا اطلبلي حاجة أشربها حتى.
قهوة مظبوط للمعلم علاء ياض ياحودة .
هتف بها سعد بعجالة نحو فتى القهوة قبل ان يلتفت الى علاء متابعا
وادينا طلبنالك حاجة تشربها ..اخلص بقى ياللا ياعلاء قول اللي فيها.
قطب علاء بدهشة قائلا 
هو انت لدرجادي البت معلقة معاك دا انت
يدوبك شوفتها مرة ولا مرتين ياسعد!
قال متشدقا
وافرض شوفتها مرة واحدة حتى ياأخي وعجبتني وطلبت اني اتجوزها..فيها حاجة دي
لا مافيهاش حاجة ياسعد.. بس انا بصراحة مستغرب لهفتك دي وتسرعك في طلب ايدها
قال بتوتر 
مستغرب ليه يعنيأنا اساسا بقالي مدة بفكر وبجهز للجواز فلما شوفت البنت قلبي شاور عليها وقولت ان خير البر عاجله..المهم بقى انت عملت إيه خلصني ياصاحبي وريح قلبى .
تنهد مطولا وهو يجسر نفسه للرد فقال
شوف ياسعد انا هاقولك اللي حصل بالظبط وانت تحكم بقى .
قال بقلق 
هو انا ليه حاسس انك هاتصدمني ياعلاء هي البت رفضت ولا ابوها هو اللي مرديش 
نظر اليه صامتا لبعض الوقت قبل ان يقول اخيرا 
انا مش هاصدمك ياسعد انا هاقول اللي حصل وبس .
ترك ذراع الأرجلية پعنف على الطاولة الصغيرة قائلا 
وايه هو بقى اللي حصل 
...............................
دلفت لداخل شقتهم فتفاجأت بعدة أكياس مغلفة .. لملابس بيتية ومنامات علقت على واجهتها صور لفتيات ترتديها بحرية وبالأعلى كتب بالخط العريض اسم ماركتها المحليه الرخيصة.. متناثرة على كنب الصالون بشكل فوضوي .. أزاحت مجموعة منها بيدها لتجلس وهي تهتف 
ياماما .. انتي فين ياماما 
خرجت لها سريعا وهي تنشف يداها بمريلة المطبخ التي ترتديها ..فقالت 
ايوه أيوة ..بتندهي بصوتك العالي كده ليه خضيتي الجيران. 
لوحت بيدها حولها قائلة بضيق
بنده عشان اشوف البلاوي دي ..ايه ده ياماما هو انت نويتي تفتحي محل قمصان نوم وعبايات بيتي 
هاها ظريفة اوي.. حقيقى ضحكتيني. 
قالتها بسخرية وهي تخطو لتلملهم بيدها وتابعت
دول هدايا ياعنيا 
هدايا لمين 
هدايا لمرات خالك عيد وبنتها العروسة 
صاحت عليها صاړخة
كل دول هدايا.. ليه ياأمي هو انتي غنية اوي لدرجادي 
اعتدلت رجاء تجلس أمامها بعد ان وضعتهم جميعا على المنضدة الصغيرة فقالت بضيق
مش كلهم يامنيلة.. هي أساسا كانت موصياني عليهم ..عشان البلد هنا ارخص والحاجات كتير واحلى .. وانا بقى جبتلها كام واحد من نفسي .
تمتمت بحنق
اممم .. ماشي ياماما ..ربنا يهني سعيد بسعيدة. 
وانتي بقى فين هديتك 
قالت بتهكم ردا على سؤالها 
نعم !! هدية مين ياحبيبتى وانا مالي أصلا 
انت مالك دا إيه امال هاترحي معايا بأيد فاضية. 
فغرت فاهاها وتدلى فكها بشكل فكاهي وهي تومئ بيدها فى الهواء وتوشك على الإصابة پصدمة عصبية
تاني ياماما..تاني برضوا..مصرة انك تاخدينى معاكي الزفت البلد رغم كل اعتراضي ده ..انا قايمة وسيبهالك .
نهضت على الفور تاركة والدتها فى الصالة وحدها والتي همست بتوعد 
ماشي ياسحر ..ان ماكنت اخليكي تيجي معايا مبقاش انا رجاء 
...............................
نعم !!
قالها بحدة وهو ينهض عن مقعده پعنف لدرجة أجفلت من حوله من الرجال واثارت استياء علاء الذي خاطبه بحزم
اقعد ياسعد بلاش فضايح.. الرجالة حواليك أخدت بالها .
تابع الاخر دون ان يبالي 
وماياخدوا بالهم ولا يتفلقوا حتى..هو انت يهمكم حد في الدنيا غير مصلحتكم .
نهض علاء واقفا ليساويه في الطول بل ليظهر الفرق الشاسع بين جسده الضخم الطويل وجسد الاخر المتوسط والهزيل..قال علاء بتحذير
تقصد إيه بكلامك ياسعد اننا مايهمناش غير مصلحتنا 
هتف سعد أمام نظرات الرجال الذين ارتكزت أبصارهم عليهم 
قصدي انت عارفه كويس ياعلاء.. افهم ايه انا بقى لما أكلمك عن واحدة جارتك تخطبهالي ..وتيجي انت تاني يوم تقولي اخوك اتقدم لها كمان.. لا وابوها قال خيرها ما بيني وبينه والبنت بقى اختارته هو ..ماهو طبيعي انها تختاره..ابن الحاج ادهم المصري ومعاه شركة سياحة دا غير شكله اللي عامل زي الخواجات ..هايروح فين سعد الغلبان فيكم ياعم .
ضيق عيناه وهو بهز برأسه يستوعب 
انت واخد بالك من نفسك ياسعد ولا واخد بالك من كلامك ده خلي بالك.. كلامك ده هايتحسب عليك ..انا مازلت لحد الان بتصرف معاك بأدب ومراعي موقفك ..رغم اني مستغربه جدا صراحة..الهوليلة الكبيرة دي على بنت شايفها يادوبك مرتين بالعافية امال لو كانت حب عمرك كنت عملت ايه يعني . وعلى فكرة بقى ..أخويا هو اللي اتقدم الأول ومكانش يعرف نيتك منها..وكون البنت اختارته فدا مش ذنب يتعلق بيه..أما انت بقى لو شايف معاك حق وعايز تكبر الموضوع كبره براحتك ..دا لو معاك حق أصلا! 
صمت وصمت الاخر وظلت فقط حرب النظرات قبل ان يتملك اليأس بعلاء فقال مغادرا .
انا شايف ان مالوش فايدة القعاد وحتى القهوة اشربها انت.. سلام بقى ياصاحبي. 
تحرك من امامه وذهب امام عيناه التي كانت تشتعل بنيران الحقد وكلماته تتردد برأسه امال لو كانت حب عمرك كنت عملت ايه تدخل أحد الرجال قائلا 
هو مين فيهم اللي غلط فيك ياسعد المعلم أدهم ولا اخوه .
قال الاخر 
تلاقي بس في سوء تفاهم مابينهم ..المعلم ادهم مايهونش عليه زعل صاحبه وحسين ربنا مكمله اخلاق وادب .
بسس !!!
قالها پحده فتوقفت الالسنة عن الكلام قبل ان يتابع 
اللي بيني وبين عيال أدهم المصري..ماحدش له دعوة بيه .
تحرك بعدها مغادرا القهوة وهو يخرج من جيب سترته الهاتف ليهاتف رقم إحداهن وقد مر وقت طويل على اخر مكالمة بينهم ..انتظرها لحظات حتى اجابت اخيرا هامسة بغير تصديق 
سعد !!
بتتصل بيه ليه 
قال بحدة وقد ابتعد
بمساحة كافية عن اعين رجال القهوة المتلصصة
عايزك. 
نعم !
ايه ياعين خالتك هي اول مرة 
قالت برجاء
لا مش اول مرة سعد..بس انا دلوقتي ست متجوزة وانت وعدتني انك هاتسيبني في حالي وتشوف نفسك .
ورجعت في كلامي ياستى ..تيجي حالا ياروح اڤضحك قدام جوزك واخربها عليكى .
يامصيبتي يامصيبتي.. انت جرالك إيه النهاردة بس جوزي في البيت
مقدرش اخرج ..ماتخربش عليا حرام عليك .
قال بلهجة اخف حدة 
تمام ..يبقى تجينى بكرة على مكانا القديم وقت جوزك مايكون في شغله..اظن كده معندكيش حجة بقى ..ماشي ياحلوة. 
وصله صوتها بهمس منكسر
ماشي .
اغلق فى وجهها الهاتف ومازلت كلمات علاء تترد فى عقله حتى تمتم هو مع نفسه
حب عمري!! ما انتوا السبب في ضياع حب عمري !!
................................
على حائط السور الرخامي لدرج المبنى الخلفي ألمؤدي للحديقة الداخلية بالمشفي استندت برأسها تبكي وتذرف دماعتها ..مستغلة خلو هذا المكان من المرضى او الزائرين.. شعور بالقهر تغلغل داخل أعماقها..تريد الصړاخ اعترضا عما يجيش بصدرها.. فكيف السبيل لنجاتها من هذا الغزو الذي حاصرها وسيطر على عقول جميع أفراد عائلتها.. عاجزة عن صده ..فلو تكلمت الان لجرحت اعز احبابها في سمعتها وهي التي استأمنتها على سرها رغم صغر سنوات عمرها .. فكيف السبيل او الحل وهي التي ظنت انها تناست ماحدث مع مرور عدة سنوات..
اااه .
خرجت پألم من اعمق اعماقها لتسمع همسا اجشا خلفها يقول 
ياه.. لدرجادي انتي تعبانة وحزينة
شهقت منتفضة وهي تستدير على مصدر الصوت .. فوجدته بهيئته المهيبة مستندا بكتفه على نفس الحائط الرخامي .
هتفت فيه وهي تمسح پعنف يدها الدموع العالقة على وجنتيها غير مبالية بمركزه 
انت إيه يابني أدم انت مترصد ولا مچنون عشان تعمل حركات العيال دي وتوقف تخضني في مكان خالي زي ده 
مط بشفتيه قائلا ببساطة 
انا اقف في المكان اللي يريحني..المكان مكاني والمستشفى ملكي أبا عن جد .
أومأت برأسها قائلة بفظاظة
يعني إنسان صايع ومدلع ..والده عينه مدير لمستشفى كبيرة ومهمة زي دي ..بس عشان يسلي بيها وقته بدل ما يقعد فاضي من غير شغلانة.
تبسم رغما حنقه من حدة لسانها..فقال بهدوء 
اولا انا مش انسان صايع ولا مدلع ..انا دراس وأخدت شهادات مهمة من أعظم الكليات في لندن ..ثانيا بقى انا مكنتش واقف عشان اخضك ..انا بس لمحت شبح واقف فى المكان الفاضي ده وقولت اشوف واطمن ..كوني اني وقفت شوية خلفك من غير ما اتحرك ولا أنبهك فدا لأني اتعاطفت معاكي لما لاقيتك بټعيطي بحړقة. 
زمت شفتيها بخط قاسې وهي تحاول جاهدة السيطرة على رجفة الألم بداخلها فاستدارت عنه تعطيه ظهرها قائلة بصوت خارج بصعوبة
طيب ممكن بقى تسيبنى في حالي وتحتفظ بالتعاطف دا لأي حد غيري تاني .
تقدم بخطواته ليقف أمامها مباشرة واضعا يديه داخل جيبي بنطاله ينظر لها بتحدي قائلا 
على فكرة الدموع مش حاجة عيب عشان تتكسفي منها وتداريها عن أقرب الناس ليكي .
رفعت وجهها الذي أغرقته الدموع قائلة باڼهيار
ياأخي ما تسيبني في حالي بقى وشوفلك حاجة تاني تتسلى بيها .
إيه علاقة علاء المصري بيكم 
باغتها بسؤاله فتجمد وجهها لعدة لحظات وهي ناظرة اليه فاغرة فمها بعجز ..قبل أن تجد صوتها اخيرا فقالت 
هو انت إيه حكايتك مع علاء المصري وليه مصر تعرف علاقتنا بيه هو انت مين بالظبط
تنهد من اعماقه وهو ينظر بعيدا عنها فقال 
ان كان على حكايتي مع علاء فدي ليها تاريخ انتهى من سنين ..وليه مصر إني اعرف علاقتكم بيه ..فدي ليه سبب وجيه اوي عندي ..الشبه الغريب !
شبه إيه بالظبط
احتدت عيناه واكتسى وجهه بالڠضب فقال 
تقربلكوا إيه فاتن 
تقربلكوا إيه فاتن 
كان سؤاله الذي نبه كل إشارات الحذر لديها..جعلها تنتصب في وقفتها.. فتوقف تدفق دماعتها وهى ناظرة اليه بشراسة..مع تحفز كل خلية بجسدها نحو هذا الغريب الذي اقتحم خلوتها عن عمد وها هو الان يسألها بكل جرأة عن أشد أسرارها خطۏرة.. هذا بالإضافة لسؤاله منذ البداية عن غريمها الأصلي علاء !
خرج صوتها المتشنج وهي تسأله بقوة 
انت مين 
لم تجفله هيئتها الجديدة فقال بهدوء 
انا عصام الوالي إبن الدكتور أكرم الوالي..مدير المستشفى اللي احنا واقفين فيها دلوقتي. 
هتفت بحدة 
انا مش عايزة اعرف اسمك ..أنا عايزة اعرف .. إنت إيه علاقتك بعلاء بالظبط وتعرف فاتن وشبهنا احنا بيها ازاي 
مالت زاوية فمه بابتسامة ساخرة قبل ان يقول 
انت مش ملاحظة انك بتكرري نفس سؤالي ليكى بس مع فرق الصيغة .
برقت عيناها أكثر مع ارتجاف جسدها الغاضب فقالت وهي تجز على اسنانها
اسمع ياجدع انت انا معنديش مقدرة على تحمل برود اعصابك ده وانت بتكلمني عن أعز انسانة عندي ..واكنك كنت تعرفها هي شخصيا! جاوب عليا وقولي انت مين 
خرج سؤالها الاخيرة پصرخة جعلته يتخلى قليلا عن ثباته المستفز فقال 
أنا كنت صاحب علاء واعرفها هي زي ما كنت بعرف كل أهل الحارة عندهم .. دا كان قبل ما تتقطع كل علاقتي بيه واسافر على انجلترا واكمل تعليمي هناك .
بس
شعرت بارتباكه الملحوظ بعد سؤالها المختصر بكلمة
واحدة .. في لغة جسده المتوترة وشحوب وجهه الوسيم.. فقال 
أظن انا كده قولتلك على علاقتي بعلاء ومعرفتي بفاتن ..جه الدور عليكي بقى عشان تقوليلي عن علاقتكم بيها .
ضيقت عيناها قليلا وهي تنظر اليه بتفكير وكأنها غير مقتنعة بإجابته او تشك بقوة انها ناقصة بحقائق مهمة.. خرج صوتها اخير فقالت باقتضاب 
سر الشبه الكبير مابينها وبين أختى .. هو إنها تبقى بنت عمتي.
تحركت فورا لتستدير عنه فاأوقفها بسؤاله المتلهف 
طيب هي فين دلوقتي وإيه أخبارها 
عادت مرة أخرى تحدق بعيناها الى عيناه ذات الون البني الفاتح .. فقالت 
ماعدتش في أخبار عنها خلاص..فاتن مېتة بقالها سنين كتير.. مېتة من يجي ١١ سنة .
هل هذه صدمة التي ظهرت جلية بشكل مخيف على ملامح الرجل ام أنه تأثر بخبر مۏتها لم تريد معرفة الإجابة فقد استدارت مغادرة وتركته متسمرا مكانه وكأنه تمثال حجري لا تبدوا عليه أية مظاهر للحياة .
................................
حينما عاد إلى منزله وفتح الباب ليدلف داخله..خطى بهدوء متعمدا عدم اصدار صوت حتى لا يوقظ والدته..فترهقه بأسألتها وهو لم يعد به طاقة ..فيكفيه ما تلقاه من سعد منذ قليل ..تمشى بهدوء حتى وصل لباب غرفته فاتفاجأ بصوتها يهتف من خلفه .
إنت جيت من إمتى ياعلاء 
ماشي كده بتتسحب وداخل على اؤضتك على طول ..هربان من حاجة ياولا.
مال بوجهه ينظر الى حيويتها وهي تسير بخطواتها المتعثرة
قليلا فقال 
إيه ياقمر انتي عيني باردة عليكي النهاردة .
عقبالك انت كمان ياحبيبي. 
ارتفع حاجباه فقال بمرح
إيه ده هو لحق يقولك..أما صحيح واض ما يتبلش في بقه فوله .
لكزته على ذراعه بقبضتها الضعيفة بعتاب 
بس ياواض ماتقولش كده على اخوك ..دا فرحان والفرحة مش سايعاه..بعد ما اختار اللي شاور عليها قلبه ..اتاريه كان منمر عليها وعامل فيها ساهي.. مش زيك خايب .
خرجت ضحكته بدهشة 
انا خايب برضوا ياام علاء طب ليه الغلط ده بس دا انا حتى حبيبك. 
ايوة انت حبيبي بس خايب برضوا..عشان أنا عايزة افرح بيك واشيل عيالك وانت ولا سائل ..هاتعرف تعمل كده بقى زي اخوك اللي عملهالي مفاجأة وخلي قلبي كان هايوقف من الفرحة .
قال بحنان وخوف 
بعد الشړ عليكي وعلى قلبك ياست الكل ..ان شاء الله انا كمان افرحك زيه .
قالت بإلحاح 
طب اوعدني يكون قريب .
تبسم بمرح من دلال والدته فقال برجاء 
بس انتي ادعيلي من قلبك والنبي .. 
داعيالك ياحبيبى من كل قلبى تاخد اللي في بالك .. وتحبها وتحبك .
بعد سماعه لهذه الدعوة الجميلة.. دنا بجسده اليه لينتعم بحضنها الامومي..وقد اسعده مقصد الدعوة كثيرا..كثيرا جدا .
................................
في اليوم التالي 
كان موعد عودة إبراهيم إلى منزله.. بعد أن اطمئن الأطباء على استقرار حالته ..فصرحوا له بالخروج.. ذهب شاكر مع علاء ألذي أصر لإصاله والعودة بإبراهيم داخل سيارته الفارهة..حتى أنه تولى مهمة حمله .. صاعدا به درجات السلم إلى شقتهم .. كانت شروق هي من استقلبتهم بابتسامتها المعهودة ..مخيبة ظن علاء الذي كان يمني نفسه برؤية شقيقتها.. دلف بإبراهيم إلى داخل الشقة حتى وصل غرفته..فوضعه بخفة وحرص شديد على سريره ..
بسس كويس أوي كده ..ربنا يحرسك لشبابك ياحبيبي.. تعبناك معانا. 
إستقام بجسده وهو يرفع نفسه فقال بمزاح ردا على كلمات سميرة
على ايه بس ياخالتي دا حتى إبراهيم خفيف في الشيلة ومش تقيل يعني . 
رد عليه إبراهيم بمشاكسة
طبعا ياعم.. وإبراهيم هايجي إيه بس فى شيل الأوزان الثقيلة اللي بتربي بيها عضلاتك .
ياولد.. وانت بقى مركز وواخد بالك .
وهي محتاجة تركيز يامعلم علاء ..دول بارزين من الهدوم لوحدهم وكأنهم بيعلنوا على نفسهم. 
ضحك ثلاثتهم فانضم إليهم شاكر الذي دلف متسائلا 
إيه ياجماعة بتضحكوا على إيه 
ولا حاجة ياعم شاكر.. أصل إبراهيم بيقر على عضلاتي. 
بيقر ليه بس بكرة يكبر ويربي أحسن منهم .
قالتها زهيرة وهي تدلف فجأة اليهم لداخل الغرفة تقدمت نحوها سميرة.. هاتفة بمودة 
أم علاء ..تعبتي نفسك ليه بس وجيتي 
بادلتها المصافحة قبل ان تقترب من إبراهيم قائلة 
تعبت إيه بس ياختي دا انا كان نفسي أروح المستشفى واطمن عليه بنفسي 
وانا اللي مانعتها .. ماتزعلوش مني ياجماعة انتوا عارفين اللي فيها .
قالت سميرة
ونزعل ليه بس يابني ربنا يشفي عنها يارب..هي حمل خروج ولا تعب..واحنا أهل وحبايب مابين بعضينا.. يعني ماندوقش 
قالت زهيرة باتسامة راضية
تعيشي ياحبيبتى وتسلميلي .. وانت بقى ياعريسنا الحلو ..عامل إيه النهاردة
وجهت الاخيرة لإبراهيم الذي بادلها الإبتسامة في قوله
الحمد لله أحسن من الأول ياخالتي .
الحمد لله ياحبيبي.. أمال فين البنات اخواتك حبايب قلبي دول عايزة اسلم عليهم ياسميرة .
..........................
دلفت مقتحمة الغرفة عليهم هاتفة بانزعاج 
إيه ياعنيا انتي وهي لازقين في الاوضة كدة ليه ومستخبين 
ردت شروق التي كانت تمشط شعرها
أمام المراة
انا مش لازقة ولا حاجة ياماما ..انا بس بوضب نفسي على الخفيف كده عشان مطلعش بشعري منعكش ولا لابسة حاجة مش تمام ..دي مهما كان برضوا هاتبقى ان شاء حماة المستقبل والواحد لازم يخلي باله .
اه ياختي عندك حق..طب وانتي يابرنسيسة ..مش ناوية تخرجي برضوا وتسلمي على الست
قالت الاخيرة لفجر التي كانت تلعب في هاتفها ..فردت بعدم اكتراث
واخرج لها أنا ليه طب دي هاتبقي حماتها ..أنا بقى إيه دخلي
تغضن وجه سميرة بالڠضب وهي تهتف على فجر بصرامة 
فجر..انتي مش شايفة انك مزوداها هو في إيه بالظبط
أجفلت فجر من هيئة والدته المتحولة فقالت بتوتر وهي تترك الهاتف سريعا من يدها وتنهض عن مقعدها 
هايكون في إيه بس ياماما انا بس مخڼوقة ومش عايزة اخرج ولا اشوف حد ..
قالت سميرة بحزم 
إسمعي اما أقولك يابنت ..انت لما كنتي رافضة تروحي للست بيتها في تعبها أو حتى تباركيلها على المحل الجديد..انا مغصبتكيش ..لكنها بقى مدام الست وصلت هنا بيتنا.. يبقى ملزوم عليكي تخرجي وترحبي بيها مفهوم .
قالت تجادلها
طب ده بالنسبة للست ..لكن بقى إللي اسمه علاء ابنها ده كمان.. انا بصراحة مش طايقاه .
وانت مالك بعلاء تحبيه تكرهيه انت حرة مع نفسك ..لكن بقى ياحبيبتى..ألأصول لازم تمشي ..واجب الضيافة لازم يمشي.. يعني مش كل حاجة على مزاجك.. سامعاني كويس .
اومأت برأسها دون ان تنطق بكلمة
..فالتفتت والدتها نحو شروق قائلة
وانتي كمان..اخلصي في لبسك واستعجلي في الخروج .. جاتكم القرف 
بصقت كلماتها وخرجت تصفق الباب خلفها بقوة على الفتاتين .
...............................
بعد قليل خرجت مضطرة إليهم فى صالة المنزل كانوا جالسين والدتها على مقعد وحدها وعلى الاريكة امامها كانت المرأه البيضاء ذات العيون الملونة بجوار شروق التى سبقت فى الخروج إليهم ..تداعبها وتتحدث معها بفرح وفي الجهة الاخرى كان ابيها والمدعو علاء الذي إرتفعت عيناه إليها فور خروجها من الغرفة جالسان على أريكة وحدهم .. حينما اقتربت منهم رحبت برزانة 
السلام عليكم .
ياحبيبة قلبى انت اخيرا شوفتك .
بسم الله ماشاء عليكي .. دا انت قمر انت كمان .. انا المرة اللي فاتت كنت تعبانة و ملحقتش اتحقق من جمالك ياحبيبتى.
أومأت برأسها وهي تنزع نفسها عن المرأة بلطف قائلة 
شكرا ياطنت .. شكرا على زوقك .
بتشكريني على إيه بس ياحبيبتى.
همت لتغير وجهتها في السير ولكن نبرة والدتها وهي تأمرها أمامهم بنظرات محذرة فهمتها وحدها 
سلمي على علاء يافجر .
تمتمت ټشتم بداخلها وهي تتقدم نحوه .. وقد نهض عن مقعده واقفا باحترام ليصافحها .. حينما اطبقت كفه الدافئة كفها الصغيرة والباردة .. كانت تننوي انتزاعها فى الحال ولكنه أجفلها بضغطه الخفيف عليها لترفع عيناها اليه ناظرة لعيناه بتساؤل..قال هو بصوت أجش وقد غابت عن وجهه التسلية المعتادة وحل محلها مشاعر اخرى غامضة عليها 
دي أول مرة نتعرف بجد.. أنا تشرفت بيكي ياأنسة فجر.
اومأت بعيناها وهي تنزع يدها لتستدير وتعود لغرفتها ولكنها أجفلت مرة ثانية عندما جذبتها والدته لتجلسها بجوارها من
الناحية الأخرى فتحيط الاثتنان بذراعيها.
اقعدي ياحبيبتى هنا معايا زي اختك.. ربنا يفرحني بيكي انت كمان عن قريب يارب .
حينما رفعت عيناه فجر ولمحت نظرة زهيرة وهي تنتقل بحالمية منها وإلي ابنها المبتسم امامها ..عرفت مايدور بعقل المرأة جيدا !!
...........................
بملامح متجهمة وقفت امام المراه تعدل وشاحها الحريري لتغطي به شعرها بعد ان ارتدت عبائتها السوداء الغالية ..رمشت عيناها مجفلة من صوته الذي صدح خلفها فجأة وهو خارج من حمام غرفته .
ايه ياحلوة انتي لحقتي تغيري وماشية 
زمت شفتيها امتعاضا ولم ينطق لسانها بكلمة.. مال إليها برأسها فقال بخشونة
ما بتروديش ليه يابتالقطة كلت لسانك 
الټفت اليه بنيرانها فخرج صوتها الحانق 
انت مش خدت اللي انت عايزه خلاص ..عايز مني ايه تاني بقى
أمسك ذراعها فجأة فباغتها ان لفه خلف ظهرها ..وقال وهو يجز على اسنانه 
حسك ده ما يعلاش عليا ياعين امك..ولا انتي العيشة المرتاحة ولا الأكل الحلو نسوكي نفسك ونسوكي ان انا السبب في ده كله
قالت پألم 
سيبي إيدي ياسعد انا ماغلطتش فيك ..عشان تذلني وتكسر نفسي كده .
ضغط اكثر ليزيد من ألمها ونبرته ازدادت حدة 
ماقولتليش بلسانك.. لكن انا حسيتها بفعلك وانتي قرفانه من لمستي ..وبتعدي الثواني عشان تهربي من خلقتي .. ولا انتي فاكراني مافهمش طريقتك دي يابت.
قالت برجاء مع هذه الألم المتزايد 
حرام عليك ياسعد دراعي هاينكسر في إيدك .
تركها فجأة فارتدت للخلف تدلك ذراعها وهي تتابع 
انت ليه مش حاسس بالوضع اللي بقيت فيه دلوقتأنا معدتش فاضية زي الأول..انا بقيت ست متجوزة .
ابتسم بزاوية فمه قائلا بسخرية وهو يتقدم ليجلس على التخت 
فرقتي إيه يعني عن الأول بقيتي محترمة مثلا
إرتسم الألم جليا
على وجهها وهي تكبح بصعوبة دمعة احتجزت داخل مقلتيها.. فقالت
انت مش ملاحظ انك مصمم على چرحي من اول ماجيت وكأنك بټنتقم مني في ذنب انا معملتوش .
أشاح بوجهه عنها وهو يتناول سېجارة من علبته ويضعها في فمه ليشعلها بقداحته بعد ان شعر بنصل كلماتها وقد أصابه في الصميم ..ظلت صامتة تنظر اليه وهو ينفخ دخان سيجارته في الهواء أمامه..فقالت
شكلي كده قولت الحقيقة..عشان تعرف بس إني فاهماك كويس .
نظر إليها بازدراء قائلا 
انتي مش كنتي عايزة تمشي ..ماتجري عجلك بقى واخلصي..مستنية إيه
تحركت بتمهل تتناول حقيبتها وتتحرك للخروج وفور أن وضعت يدها على مقبض الباب ..أوقفها قائلا 
إستني عندك .
الټفت اليه بكليتها مجيبة
نعم عايز إيه 
حسين ابن جوزك ..خطب البت جارة اخوه علاء ولا لسه 
اجابته رغم دهشتها
بكرة ان شاء الله رايحين يتقدموا رسمي ويتفقوا على حفلة خطوبة قريب .
شاح بوجهه يصرفها من تحت اسنانه 
خلاص غوري .
لوت شفتيها قائلة بتهكم 
ياريت بس نظرة القرف اللي شايفاها في عينك دي .. تمنعك ماتتصل بيا تاني ولا تطلبني أجيلك ڠصب عني .. حل عني بقى ياأخي عايزة اعيش .
تمتمت الأخيرة بصوت بطئ وهي تفتح الباب فخرجت من الغرفة والشقة نهائي .. تاركته ينظر في أثرها عاقد الحاجبين بملامح غاضبة لا تنبئ بخير. 
..........................
في المساء وبداخل غرفتها كانت جالسة على التخت مع صديقتها العزيزه سحر والتي كانت تضحك دون توقف ..أثارت استياء فجر وهي تهتف عليها 
ما كفياكي بقى ياسحر ..انت مش ناوية توقفي في يومك ده النهاردة
هههههه مش قادرة اتخيل منظرك يافجر وانتي زي الفار المبلول وسطهم.. أمك تبحلقلك من ناحية والست وابنها يرسموا عليكي من ناحية.
صاحت بها فاقدة التحكم
دا بعيونهم دول كمان ..قال يرسموا عليا قال .
توقفت ضحكها وهي تغمز بعيناها بمشاكسة
بس الواض حلو اوي يافيفي .. ويستاهل التفكير بصراحة. 
هبت ناهضة عن الفراش قائلة پغضب 
الكلام ده مافهوش هزار ياسحر ..ماتخلنيش ازعل منك .. مش كفاية الحصار اللي بقيت حساه منهم .. وهما فارضين نفسهم علينا بالعافية واكنهم بقوا جزء من عيلتي. 
قالت سحر بيأس 
للأسف يافيفي هما فعلا بقوا جزء من عيلتك من ساعة ما والدك وافق بالنسب معاهم .
إلا انا .
قالتها بمقاطعة وتابعت 
مهما حصل ياسحر ..أنا لا يمكن استسلم للناس دي وانسي اللى أذوني في أعز واحدة كانت على قلبي.. لا يمكن هانسى عڈابها قبل ما تسيب الدنيا خالص وټموت بسببهم .لايمكن. 
قالت سحر مغيرة دفة الحديث لتخرج صديقتها من داومة زكريات لچروح قديمة لم تشفي منها أبدا رغم مرور السنوات.
صحيح يابت فجر ..كان شكله إيه الراجل ده اللي قولتي عليه امبارح 
راجل إيه 
الراجل مدير المستشفى.. إنتي نستيه 
همت لتجيب ولكنها اجفلت على صياح والدتها وهي تهتف عليها .
بت يافجر ..تعالي هنا برة الاؤضة عايزاكى .. إسحبي معاكي مقصوفة الرقبة سحر وهاتيها .
شقهت سحر مندهشة 
انا مقصوفة رقبة !
اخلصي يابت ..تعالي انتي وهي. 
يانهار اسود.. هببتي أيه ياسحر دي امي عمرها ما عملتها .
نهضت عن التخت متمتمة 
والنعمة ماعملت حاجة.. يكونش زعلت عشان سيبت امي معاها لوحدها!
.............................
حينما خرجت الاثنتان للصالة القريبة ..وجدن سميرة جالسة على إحدى المقاعد وعيناها المشټعلة مسلطة عليهم تطلق شرارات حاړقة بوجههم .. بجوارها كانت رجاء حاجبة وجهها بين كفيها وجسدها يهتز كأنها تبكي بحړقة .
هو في إيه ومالها خالتي رجاء 
كان سؤال فجر التي تجاهلتها والدتها وهى تطلق سهامها تجاه سحر مباشرة 
مش موافقة تراضي امك ليه يابت
اجابت سحر بإجفال 
ها ..انا ياخالتي سميرة 
ايوة انت .. يعني عشان مدرسة وكلمتك ماشية يبقى بقى تتكبري بقى على والدتك وماترضيهاش فى حاجة تافهة زي دي .
تابعت تنظر ببلاهة لوالدتها التي كانت تجفف دماعتها بمحرمة ورقية وسميرة التي أكملت بغيظ 
بت ياسحر ..انت زيك عندي زي الزفتة اللي واقغة جمبك دي .يبقى كلمتي انا تمشي عليكى ولا لأ.
هزت برأسها بحركة غير مفهومة وهي تمتم 
أكيد تمشي ياخالتي سميرة ..بس انا مش فاهمة حاجة. 
صاحت عليها بحزم 
عنك مافهمتي.. انت تروحي البيت مع امك دلوقتي تحضري هدومك وبكرة الصبح تسافري معاها على البلد عدل.. سامعاني ..ولا انت عشان امك غلبانة هاتحطي عليها .
تلجم لسانها عن معارضة سميرة وهي تحدق بوالدتها التى تنظر اليها ببرائة ..فهمست بداخلها وهي تعض على لسانها غيظا 
بقى دي غلبانة دي !
..
بخطوات مثقلة وذهن مشتت تخطت الباب الخارجي للمدرسة.. لاتتمنى العودة للمنزل الذي هي واثقة تمام الثقة الان ..أنه اصبح خلية نحل تعج بالأهل والأقارب والجيران وهن يتضافرن مع والدتها لمساعدتها والتهنئة لحفل الخطوبة الذي تقرر إقامته فوق سطح المنزل..لقد تمكنت من الخروج صباحا بأعجوبة ..متحججة بوضع طارئ في المدرسة لا تستطيع الإفلات منه أو التغيب عنه ..فهي أرادت الخروج وبشدة لتتنفس هواء اخر .. بعيدا عن محيط هذا الرجل الذي توغل بخبثه داخل عقول أفراد أسرتها .. أسبوع كامل مر على خروج إبراهيم من المشفى وهذا الرجل يأتي يوميا للإطمئنان عليه ومداعبته..فتعلق
بيه الطفل الصغير كما تعلق به من قبل
أبيها ووالدتها..كما تعلقت به شقيقتها شروق الذي اعتبرته أخيها من وقت ان قرأت فاتحتها على أخيه حسين ..وكأنها كانت تنتظره طويلا ليقوم معها بدور الشقيق الأكبر .. فاندمجت الأسرتان بكمياء نادرة وأصبحت الشقتان مفتوحتان أمام بعضهم وكأنهم عائلة واحدة .. لم يتبقى لها في المنزل سوى غرفتها المحصنة عنه وعن والدته التى كلما رأتها لمحت لها بسذاجة وكأنها لاتفهم مايدور بعقل المرأة.. كل ما تمر به الان فوق طاقتها وفوق إحتمالها.. حتى صديقتها الغالية سحر التي كانت تلجأ لها معظم الأوقات فتستطيع بذكائها وخفة ظلها ان تخفف عنها وتدخل السرور بقلبها ..إبتعدت هي الأخرى عنها مضطرة في رحلة سفر مع والدتها لبلدتهم لحضور حفل زفاف إحدى أقاربهم ولم تعد حتى الان .
تنفست بعمق وهي تعتلي الرصيف المؤدي لموقف الباصات حتى تستقل إحداهم ..فلا داعي للهروب أكثر من ذلك والتنصل من واجباتها تجاه أسرتها وشقيقتها فى مناسبة هامة كهذه .. تباطئت خطواتها حينما لفت نظرها وقوف هذه السيارة الرياضية باهظة الثمن بجانب الرصيف وبمنطقة كهذه تبدوا السيارة غريبة عن المكان وسكانه والمدرسة الحكومية أيضا.. قدمت بخطواتها تتخطاها دون ان ترفع عيناها ناحية السائق ولكنها توقفت مجفلة حينما سمعت من يهتف باسمها من الخلف عن قرب ..استدارات اليه فوجدته هو نفسه هذا الغريب مدير المشفى الذي رأته سابقا وسألها بكل جرأة عن فاتن .. وهو يترجل من السيارة بأناقة تليق به وبمكانته ..فقال بتردد 
ااا ممكن كلمتين لو سمحتي يا أنسة فجر
ظلت صامتة لبعض اللحظات مبهوتة لا تستوعب مطلبه.. فخطا يقترب منها قليلا يكرر
أسف لو خضيتك أو افتكرتينى مچنون.. بس انا بجد محتاج اتكلم معاكي ضروري. 
خرج صوتها المندهش تلوح أمامه بكفها 
تتكلم معايا في إيه بالظبط انا بيني وبينك إيه عشان يبقى في مابينا كلام ضروري
انا عارف ان مافيش مابينا حاجة ..بس انا غايب بقالي سنين طويلة عن البلد وكان يهمني اعرف منك......اللي مقدرش اسأل حد غيرك عنه ..ارجوكي اركبي معايا وانا اوعدك مش هاخد من وقتك كتير .
برقت عيناها وهتفت بحدة
اركب معاك فين انت اټجننت اعرفك منين انا عشان اخرج معاك واكلمك عن اللي فاتك فى سنين غربتك بعيد عن البلد .
تكلم بمهادنة وقد كان حديثه يبدوا كرجاء
انا اسف حقيقي بجد .. بس لو مش عايزة تركبي معايا خلاص ممكن ندخل الكافيه اللي موجود هناك
ده اخر الشارع ..بس أرجوكي ماتكسفنيش ..انا مافيش قدامي غيرك وانتي انسانة واعية جدا لتصرفات البنى الادم إللى بيكلمك..ان كان كويس ولا وحش. 
بصرت بعيناها الى الكافيه الذي لوح إليه بكف يده ناحيته..فعادت تنظر الى وجهه جيدا فوجدته شاحبا وعيناه حمروان وكأنها لم تذق طعم النوم منذ عدة ليال ..تعجبت لحال هذا الرجل الغريب وتصرفاته الأغرب معها.. فوجدت نفسها تخبره ببعض الطف
انا أساسا متأخرة على خطوبة أختي ..يعني مش فاضية للخروج ولا الكلام أصلا. 
طرق بعيناه أرضا بخيبة أمل قبل ان يرفعها ثانية اليها فقال
طب ممكن نخلي القاء يبقى في يوم تاني !
خرج ردها بسؤال 
طيب ممكن انت بالظبط تفهمني ..عرفت توصلي ازايولا عرفت تجيب عنوان مدرستي اللى بشتغل فيها منين 
هز اكتفاه يجيبها بسهولة 
عادي ..سألت عنك وعرفت !
حينما عادت الى منزلها ..كما توقعت تماما وجدته ممتلئ على اخره بالأقارب والجيران من سيدات اتت لتساعد والدتها في تحضيرات الحفل كإعداد بعض الأطعمة وبعض أصناف الحلويات بالإضافة لتحضير المشروبات الباردة ومعهم أطفالهم الذين كانوا يركضون ويلعبون بداخل البيت وكأنه ساحة للعب.. وفتايات يبدوا من اعمارهن أنهن اتين من أجل العروس التى كانت بغرفتها وأصوات ضحكاتها العالية مع الفتيات صادرة خارج الغرفة وبقوة.. سمعت صوت والدتها من المطبخ ولكنها لم تجرؤ للدخول إليها فقد كان مزدحم بالنساء حولها ..أكملت سيرها الى غرفتها الحبيبة وعندما همت لفتحها وجدتها مغلقة من الداخل فطرقت على بابها .. فوصلها صوت نسائي من داخل الغرفة 
ايوة ياللي بتخبط مين انت يالي اللي على الباب 
أنا فجر اخت العروسة وصاحبة الاوضة .
ابلة فجر ..أيوة صحيح .. معلش والنبى ياحبيبتى اصلي برضع الواد ..استنيني دقيقتين بس وافتحلك.. انا جارتك ام مروان اللي ساكنة فوقيكم على طول ..انتي عارفاني
تمتمت بتعب 
طبعا عارفاكى ياستي .
زفرت بضيق وهي ترتد للخلف عائدة فلم تجد موضع قدم امامها لتستريح بها سوى غرفة أبويها المغلقة بإحكام وغرفة إبراهيم وهي لاتفضل إزعاجه في هذا الوقت.. فأين تذهب الان والغرفة الباقية لشقيقتها صاخبة بأصوات الفتيات ..قررت التوجه ناحية الحمام لتغسل وجهها ويديها..فتنفرد مع نفسها لبعض الدقائق.. حتى تنتهي ام مروان من إرضاع ابنها .
اغلقت الباب خلفها فور ان دلفت لداخله والټفت للمغسلة لتغسل بكفيها على وجهها بالمياه الباردة وهي مستمعة بطراوتها على وجهها قبل ان ترفع رأسها اخيرا لتنظر في المراة ..فوجدت انعكاس شبحه أمامها ..شهقت مخضۏضة وهي تلتف بكليتها للناحية الأخرى مزعورة فوجدته واقف خلفها بالفانلة الدخلية البيضاء وبنطاله الجينز الباهت
القديم ..فتحت واغلقت فمها عدة مرات وهي تتشبث بحافة الحوض فلم يخرج سوى بعض الكلمات المتقطعة 
انت ا.. انت ايه.. جيت ا ..ايه اللي جابك هنا
بكف يده اوقفها وهو يشير إليها قائلا بهدوء وصوت خفيض
وطي صوتك ..إهدي ..أنا هنا بغير حنفية الشطاف .. وانتي اللي ډخلتي ھجم تغسلي وشك على الحوض من غير ما تاخدي بالك مني وانا قاعد مقرفص تحت هنا عند القعدة .
وتيجي ..
بقولك وطي صوتك .
استجابت لمقاطعته فخرجت جملتها التاليه بهمس مع رعبها
وانت إيه اللي يجيبك حمامنا أساسا مافيش سباك هو اللي يقوم بالمهمة دي عنك 
اجابها بثقة رغم همسه
في طبعا ..بس انا مقبلش حد غريب يدخل بيتكم وانا موجود والحاجات دي انا ياما عملتها بكل سهولة .
جحظت عيناها وفغرت فاهها مندهشة من هذا المتبجح ..همت لتتكلم ولكن أجفلها الصوت النسائي الصادر من قريب. فاستدارت برأسها فورا وهي تلمح خيال إمرأة وهي تتحرك من خلف الزجاج في أعلى الباب..كما يبدوا انها تبحث عن شئ ما في الخارج ..عادت اليه بنفس اللحظة تنظر بړعب قاټل ..عما قد يقال عنهم لو فتحت المرأة الباب الان ..من المؤكد سيتظن بها السوء وتتخيل بخيالها وضعا مشينا. 
وجدته يشير بيده على فاهه حتى تصمت ولا تتحرك 
لعدم اثارة شك النساء الثرثارت .. ما أثار دهشتها حقا هو هذا القلق الذي رأته بعيناه ووجهه الذي كان مغلفا بصرامة وجدية لا يشوبها أي مظاهر للتسلية أو العبث.
وقفت مذعنة لأمره ولكنها أشاحت بوجهها عنه وأعطته ظهرها المتشنج وهي ترتجف خوفا كطفل صغير ينتظر العقاپ .. وهي لا تشعر به من الخلف فقد كان خوفه عليها وعلى سمعتها الطيبة أضعاف .. مشفقا على عقلها مما يدور به الان من أفكار وهواجس تعصف بها مع هذا الوضع الغريب .. بمجرد ابتعاد المرأة خرجت على الفور راكضة
من أمامه.. فتركته يتنفس براحة وتعب أيضا .
...............................
دلفت لداخل غرفتها سريعا والتى وجدتها بالصدفة خالية من المرأة التى كانت ترضع ابنها ..اغلقت الباب وصفقته بقوة وهي ترتمي على الفراش باڼهيار ..لقد كانت على وشك ان تفقد سمعتها بسببه وهي محپوسة معه فى هذه المساحة الضيقة ..ذرفت دماعاتها المتعبة بعدم احتمال..
لقد خارت قواها ولم تعد بها طاقة للتحمل ومايزيد بقلبها القهر هو الكتمان وهي لا تجد من يشاركها هذا السر الذي اثقل ظهرها سوى صديقتها وهي غير موجودة الان ..ولكن إلى متى تستطيع الصمود أمام هذا الحصار 
مسحت بيدها دماعتها بسرعة خاطفة وهي تتناول الهاتف من حقيبتها لتهاتفها .. لم تنتظر كثيرا حتى فتح الاتصال ..فهتفت عليها فجر بمناجاة
انتي فين ياسحر وسايباني انا تعبانة اوى وعايزاكي جمبي .
وصلها الصوت القلق 
انا فين ازاي يابنتي ما انتي عارفة اني موجودة في البلد ..هو إيه إللي حصل 
صاحت صاړخة 
لقيته فى الحمام ياسحر ..لقيته فى الحمام. 
نهارك اسود ..هو إيه إللي لقيتيه في الحمام 
الزفت ياسحر .. الزفت إللي احتل بيتنا وبقى حاسب نفسه من أهله .. تعالي ياسحر ..انا محتاكي دلوقتي أكتر من أي وقت .
ياحبيبتي انا فاهمة انك تعبانة وحاسة بيكي..لو عليا اركب العربية وانزلك القاهرة حالا ..بس اعمل إيه بقى فى الورطة اللي انا فيها والنهاردة حنة بنت خالي وبكرة دخلتها كمان ..المهم دلوقتي أهدي و فهميني بشويش ..هو مين الزفت اللي شوفتيه فى الحمام 
..............................
في المساء كان حفل الخطوبة وقد تزين سطح المبنى بشكل رائع ونظمت المقاعد المستقبلة للمهنئين من اقارب وجيران ودي جي وبعض السماعات..لقد كان الحفل عائلي وصغير..العروس الجميلة كانت جالسة بجوار عريسها بركن وحدهم.. فجر والتي ارتاحت قليلا بعد جلسة الفضفضة في الهاتف مع صديقتها المحبوبة سحر .. اخرجتها قليلا من هذه الشرنقة الخانقة ..فاستطاعت الاندماج فى الحفل مع المهنئين واجواء الحفل العائلي البسيط الذي تم بناء على رغبة العروسين..او بالأصح رغبة شقيقتها العروس.. التى أرادت تقليد احدى تريندات الميديا .. ارتدت فجر فستان بلون ازرق مزين ببعض حبات الكريستال بنفس الون .. اظهر جمال قوامها ورشاقتها .. وجهها الجميل زينته ببعض المساحيق الخفيفة.. شعرها البنى الذي صفقته بعناية كان يتراقص بنعومته وكثافته بشكل سرق عيناه معها أينما ذهبت حتى لكزته والدته على ذراعه بشكل اجفله 
عينك ياواض .
قال بعدم استيعاب 
في حاجة ياما 
تبسمت بمكر وهى تغمز بعيناها 
لما انت كده هاتتجنن عليها وهاتكلها بعنيك..ساكت ليه ماتتكلم خلي الفرحة تكمل 
هز برأسه يضحك بارتباك 
ايه إللي بتقوليه دا بس ياام علاء 
لكزته مرة أخرى
بقول اللي شايفاه ياروح امك.. فاكرني مش واخدة بالي .. دا انت عيونك ڤاضحاك .. بس البت تستاهل.. جمال وتربية.. حاجة تشرح القلب كده..يازين ماختارت ياحبيبى.. ياللا بقى عشان تنور دنيتي انت واخوك بالفجر والشروق مع بعض.
لم يستطع التماسك اكثر من ذلك فضحك من قلبه وهو يلف ذراعه على كتفها 
بقيتي عفريتة يام علاء وبتعرفي تقلشي كمان .
ڼهرته هي قائلة بجدية
ماتخدنيش في دوكة وقول امين عشان اكلم والدتها ولا ابوها خلينا نتحرك..
دا خير البر عاجله. 
خبئت من وجهه الإبتسامة..لا يدري بما يجيبها ..فطلبها هذا اشد ما يتمناه ولكن لايدري ما الذي يجعله قلق من ناحيتها ..وهي غامضة وكثيرا يرى بعيناها مشاعر غريبة ولا يدري تفسيرها .
خرج من شروده على لكزة أخرى من والدته ولكن وجهها قد شحب وذهب عنه السرور .. وهي تحدق بعيناها للأمام .. نظر للوجهة التي تنظر اليها فتشنج جسده وتصلبت عضلاته وهو يرى أبيه الذي دلف بداخل السطح ومعه زوجته الجديدة نيرمين وهي تتأبط ذراعه بزينتها الصاړخة على فستان بالون النبيتى ..وحجاب اظهر نصف شعرها فتدلى من رقبتها سلسال كبير من الذهب على شكل قلب بالإضافة للأساور والحلي التي زينت كفها ورسغها .
خرج صوت والدته المرتعش من فرط انفعالها 
شايف ابوك وعمايله ياعلاء
الټفت اليها قائلا برقة بعكس النيران التي تفور بداخله 
سيبك منهم ياما ..ماتخليهمش يضيعوا عليكي فرحتك بابنك .
بابتسامة شاحبة وهي تتابعهم بعيناها قالت 
فرحة ايه بقى.. ما هو ابوك ومراته قاموا بالواجب.. انت واخد بالك دا بيعرفها على نسايبنا..شاكر ومراته.. ودلوقتي يسحبها ويتصورا مع اخوك العريس وشروق عروسته. 
طعنه هذا الألم الذي رأه جليا بداخل عيناها فشدد بذراعيه عليها 
فوقي ياما واصحي كده.. انا عايزك شديدة وقوية ..ولا انتي نسيتي احنا كنا بنتكلم في إيه 
عادت اليها ابتسامته الصافيه وهي ترفع اليه رأسها 
أنسى ازاي بس ياحبيبي دا احنا كنا بنتكلم على فجر وخطوبتك عليها. 
انعشته ابتسامتها فتمنى من قلبه ان تظل هذه الإبتسامة على وجهها الجميل فلا تغيب أبدا فأخذ قراره بدون تفكير
خلاص ياما انا موافق .. بس ياريت بقى تقنعي البت وأهلها 
.............................
بوجهها الجميل وابتسامتها الرائعة التي سلبت لب قلبه 
وهذه الشقاوة الفطرية التي تطل بعيناها ..والتي في عرفها بأول نظرة منها ..كان ينظر إليها هائما وهي تداعبه بنظراتها وتلميحات صديقاتها .
إيه ياحسين هاتفضل كده باصصلي وبس فضحتني قدام المصاېب إلي هناك دول .
القى نظرة على صديقاتها فعاد إليها بابتسامة ساحرة 
ومالهم المصاېب دولمش عاجبهم العريس بقى
شهقت ضاحكة
مش عاجبهم دا إيه هما يطولوا يلاقوا عريس قمر زيك كدة دا تلاقيهم دلوقتي هايموتوا من الغيظ. 
رفع جايبه قائلا بمرح
أمال إيه حكاية فضحتنى دي قدامهم
اقتربت منه تهمس بشقاوة 
انا بس مش عايزاهم يحسدوني عليك.. وانت اسم الله عليك ..أحلى من مهند التركى نفسه .
ارتفع حاجبيه أكثر وازداد مرحه فهم ليرد عليها بابتسامته المعروفة ولكن اوقفه الصوت الأجش المعروف إليه 
مبروك ياحسين .
الله يايبارك فيك ياولدي .. 
الف مبروك ياحبيبي .. ربنا يجعلها جوازه العمر .
مدت نيرمين كفها هي الأخرى لتهنئته بابتسامتها المعهودة 
الف مبرووك ياحسين..ربنا يتمم بخير. 
عروستك قمر ياحسين.. ربنا يخليها...لك .
توقفت مبهوتة امامها قبل أن تستدرك نفسها وتكمل التهنئة 
حينما ابتعد الرجل وامرأته سالته شروق بتعجب
بقى هي دي مراة ابوك ياحسين دي خالتى زهيرة احلى منها بمراحل. 
إكتففى فقط بنظرة معبرة ولم يجيبها بالكلام ..فتابعت 
بس لاحظت ياحسين..لما وقفت جملتها فجأة وهي بتسلم عليا وتكلمني ..واكنها كانت بتشبه عليا
مط شفتيه بضيق فقال 
ماتسيبك من سيرة البت دي وخلينا احنا فى كلامنا ياشروق
تبسمت بدلال لتعيد الى وجهه الفرحة 
كنت بقول انى هاتجوز واحد احلى من مهند
!
.................
إندمج ادهم فى الحديث مع
اهل العروس ..وانزوت نرمين فى زاوية وحدها تتابع فقرات الحفل ..تراقب وترصد كل ما تقع عليه عيناها .. عقلها يدور فى دوامة وهي تحدق بالعروس.. لديها إحساس كبير بأنها رأتها قبل ذلك ولكن اين لا تعلم ازاحت الفكر من عقلها حينما رأته بهيئته الخاطفة للانفاس .. يتحدث بهيبة تفوق سنه .. لطالما تمنته وفعلت المستحيل لتفوز بقلبه 
ولكنه كان كالجبل الذي لا يهتز ولا يتأثر .. ولكن يبدوا ان الجبل لم يعد كذلك.. وعيناه متعلقة بهذه الفتاة شقيقة العروس كما علمت من زوجها.. ذات الرداء الأزرق .. ماسر هذه العائلة اشاحت بعيناه بعيدا متأففة فتذكرت فورا اين رأت وجه هذه الفتاة حينما رأت من يدلف لداخل السطح بهيئته الماكرة وخطواته البطيئة متصنع الحياء .. همست بداخلها
طول عمري وانا حاسة ان ليك حكاية كبيرة اوي ياسعد !
...
چثت على قدميها أمام أخيها ذو الوجه العابس وهو جالس على إحدى المقاعد وفارد قدمه المصاپة على مقعد اخر أمامه..في محاولة لمدعابته 
ها ياأستاذ إبراهيم.. لاوي بوزك ومكشر ليه
رفع إحدي حاجيبه ومالت زاوية فمه للأسفل قبل يشيح بوجهه عنها دون إجابة 
اقتربت منه أكثر بوجهها تخاطبه
ياه ياابوخليل ..لدرجادي انت زعلان ياقمر طب ماتقول بقى على اللي مضايقك..يمكن نعرف نصالحك ياولا .
عاد اليها برأسه قائلا بعتب 
وتصالحوني
ليه بقى ياأبلة فجر هو انا افرق معاكم أصلا
ليه بس بتقول كدة ياابراهيم هو احنا قصرنا معاك في حاجة ياحبيبي يكونش يعني عشان انشغلنا في الفرح واستقبال المعازيم وسيبناك شوية.
شوية بس! دا ابوكي من ساعة من جابني هنا ماسأل فيا تاني وامك رايحة جاية حواليا تجامل في الستات حبايبها وانا ولا شايفاني.. وانتي بقى مشغولة بالعروسة واصحابها.. دا لولا عم علاء اللي بيطل عليا كل شوية ويجيبلي في الساقع والحلويات وياخد باله من طالباتي.. لكنت فرقعت مكاني هنا ولا نزلت حتى برجل واحدة وسيبت الفرح .
انتابها شعور بالغيظ والغيرة من هذا المتحذلق الذي اكتسب قلب أخيها فقالت بلوم 
طيب وافرض احنا انشغلنا شوية ياهيما عنك في مناسبة مهمة زي دي.. انت بقى متقدرش على العموم حقك علينا ياسيدي ..قولي بقى اللي يرضيك عشان تقبل اتصور معاك 
رفع إحدى حاجبيه بمكر وهو ينظر ناحية والدته 
إللي يرضيني طبق جاتوه كبير من العلب اللي جابها العريس وامك دارتها عني .
فغرت فاهها ضاحكة بدهشة من شقيقها الماكر 
انت عايز امي تقتلني صح دي أكيد شايلاهم عشان تجامل اصحابها وحبايبها وتفتخر بيهم انها من حاجة العريس .
قال بإصرار
ماليش دعوة يافجر ..انا مش هاصالحك ولا اتصور معاكي غير لما تجيبي اللي قولت عليه.. وياريت الطبق يكون كبير كمان.
انا عارفة كويس انك مش هتهدى غير لما تاخد اللي انت عايزه .. جبار زي الست الوالدة..أمري لله..أقوم اجيبلك واحد وربنا يستر .
قالت الأخيرة وهي تنهض من جوارها ولكنها بمجرد ان استدارت تفاجأت باصطدامها بجسد صلب ومغطي بالون الكحلي.. ارتدت للخلف وتلون وجهها بالحرج وقد تبينت هوية من اصطدمت به.
قال هو بلطف
انا أسف.. بس انا كنت جاي اشوف إبراهيم..ليكون ناقصه حاجة. 
غمغمت ببعض الكلمات الغير مفهومة وهي تذهب من أمامه وتتخطاه..جعلت عيناه تتابعها حتى اختفت وسط جمع الفتيات المدعوات.. عاد من شروده على صوت أخيها وهو يشاكسه 
حلوة قوي البدلة دي ياعم علاء .
التف اليه ضاحكا فقال
لو عجبك افصلك واحدة زيها ياعم هيما .
فرد ظهره وهو يقول بثقة
خليها بعدين بقى ياعم .. لما جسمي يتشد واربي عضلات زيك ..عشان تبقى لايقة عليا .
انت لسه برضوا بتقر على عضلاتي..ماقولنا بقى لما تكبر ..انت ايه يابنى مابتهدمتش
علت أصوات إبراهيم الضاحكة وهو يشعر بأصابع جاره علاء تتغلل بشعره وكأنها دغدغة ..جعل علاء يضحك هو الاخر ..ولكن توقفت هذه الضحكة فجأة حينما رأى أمامه من يدلف لداخل السطح بخطوات خجله نحوه .. عبس وجهه وهو يترك إبراهيم فتقدم اليه يختصر المسافة حتى أصبح أمامه بوجه جامد ومتسائل.. وقف الاخر أمامه يخاطبه بأدب
ايه ياعلاء مش هاتسلم على صاحبك اللي جاي مخصوص يصالحك ويحضر خطوبة اخوك 
مد كفه يصافحه بجمود قائلا بخشونة
أهلا ومرحب بيك ياسعد ..على الله بس ما يكونش لسة شايل مننا.. ما انت عارف ..احنا ناس ما يهمناش غير مصلحتنا .
بكف يده الحره شد على ساعد علاء قائلا بتشدق
ماخلاص بقى ياعلاء .. دي كانت لحظة ڠضب وراحت لحالها.. وادينى جاي بنفسي أهني وابارك للعروسين.. دا احنا عشرة عمر ياجدع والمصارين في البطن بتتعارك. 
تبسم بزاوية فمه على استحياء وهو يرى أمامه سعد صديقه القديم ذو الجسد الهزيل وهو يعتذر عن خطأ بزلة لسانه حينما لم يتقبل الرفض له وقبول الفتاة بشقيقه ..صاحب المواصفات التي تتمناها كل فتاة .. كان من البديهي ان ترجح كفة حسين شقيقه للفوز بموافقة الفتاة وأهلها.. شعر نحو صديقه بالشفقة فكما قال هو أين يأتي سعد أمام اولاد المصري سائله ببعض اللين 
طب وانت عرفت بميعاد الخطوبة والمكان ازاي 
أجابه بحماس
عرفت من السيد الوالد .. ماهو وجه لي دعوة بصفتي صديقك .. ها ياعم هاتيجي بقى معايا عشان ابارك له بنفسي ولا اروح لوحدي 
حينما ذهب مع صديقه لتهنئة العريسان ..إستقبله حسين على مضض ولكنه لم يظهر إنطباعه هذا فتقبل تهنئته ببعض الزوق وابتسامة لا تصل لعيناه ..إكراما فقط لشقيقه الأكبر ألذي اومأ له بعيناه ليفهم .. وحتى حينما صافح العروس يبارك لها هي الأخرى تماسك عن نزع كفه التي اطبقت على كف شروق ..رغم أدعائه الحياء.. فهو ليس بغافل عن نظرته اليها بطرف عينه.. حتى ذهب مع أخيه وتركهم.. تنهد ببعض الارتياح وهو ينظر للعروسه الجميلة التي انتبهت لتغير لونه فاقتربت منه تساله 
إيه مالك في حاجة زعلتك 
هز برأسه ينفي مجفلا من فطنتها
لا طبعا.. انتي ليه بتقولي كدة 
اجابته ببساطة
يعني عشان وشك اتقلب لما شوفت اللي اسمه سعد ده لما جه وسلم علينا.. انا خدت بالي على فكرة .. بس اقولك على حاجة ..انا كمان مش طايقاه .
أشرق وجهه مرة أخرى وهو يردد أمامها بالضحك 
على النعمة انتي مصېبة.
بوسط الفتيات كانت نيرمين مازالت تراقب وهي تدعي التصفيق والغناء مع الفتيات .. حتى ملت ان تكون بالهامش وهي ترى زهيرة مندمجة مع النساء بفرح وزوجها هو الأخر مع نسيبه الجديد شاكر اما
علاء فبالرغم من جلوسه مع سعد ولكن عيناه لم تترك الفتاة هذه شقيقة العروس .. قررت التعويض عن نفسها ولفت الانتباه .. وهي تدخل في وسط الفتيات ترقص بضمير وحنكة..حتى استطاعت لفت انظار الجميع بما فيهم زهيرة التى كبتت قهرها وهي تستمع لتعليقات النساء جيرانها عن هوية الفتاة وعلمهم بأنها الزوجة الثانية لوالد العريس.. وهي تدعي بكل قلبها انتهاء هذه الليلة على خير وذهاب هذه النرمين .
................................
حينما
انتهت اخيرا الليلة الطويلة بانتهاء حفل الخطوبة وغادر الجميع حتى أدهم وزوجته..لم يبقي سوى العريس الذي انفرد بعروسه فى غرفة الجلوس. وترك والدته مع اسرة شاكر فى الخارج بوسط المنزل على كنب الصالون .. تتسامر معهم و تضحك من قلبها.. حتى ينزل اليها ابنها علاء الذي كان لا يزال فى السطح يشرف على العمال الذين تكلفوا برفع اثار الحفل .. وتنظيف السطح .
فجر كانت بداخل المطبخ تزفر حانقة وقد كلفتها والدتها بإعداد الشاي .. فقد استكفت هذه الليلة من تلميحات المرأة ونظرات هذا المدعو علاء التي كانت تتبعها طوال مدة الحفل ..رفعت الصنية و التى امتلئت بأطباق الحلويات بجوار كاسات الشاي .. تأففت متمتمة
يارب عدي الليلة دي بقى..انا تعبت.
خرجت من المطبخ لتجد الثلاثة ينظرون ناحيتها بابتسامة عريضة تكاد تصل للأذنيهم .. تقدمت لتضع الصنية على الطاولة الصغيرة امامهم ..قائلة بتوجس 
الشاي ياجماعة .
جذبتها المرأة من ذراعها لتجلسها بجوارها قائلة بمحبة
وهاتمشي ليه بس ياقمر ماتقعدي معانا كده وانسينا ..دا احنا بقينا اهل وبكرة الشقتين يبقوا بيت واحد كمان.
تبسمت بتكلف وهي تدرك ما تبطنه إشارة المرأة فقالت بمجاملة
طبعا ياطنت.. البيت بيتك أكيد.. بس معلش بقى انا تعبانة ونفسي اريح شوية .
ڼهرتها والدتها بصرامة 
ما تهمدي يابت واقعدي دقيقتين.. خلاص يعنى هاتموتي وتنامي
هتفت عليها زهيرة بابتسامة
لا بقولك إيه ياسميرة.. أعملي حسابك ياعنيا ماتزعقيش في القمر دي تاني .. دي خلاص ياحبيبتى بقت حماية! 
أكمل على قولها شاكر 
ايوة بقى ياسميرة.. دا الظاهر كدة احنا مش هانعرف نكلمها تأني.. مدام بقت في حماية الست زهيرة والمعلم علاء.
انسحبت الډماء من وجهها وقد وصلها معنى التلميح الصريح من ألإثنان.. وبالأخص حينما لمحت النظرة القلقة بعيون والدتها ..فهي أكثر من يعرفها .. نهضت سريعا تنوي الهروب ولكن المرأة الطيبة اوقفتها من يدها ..قائلة بسذاجة
المرة اللي جاية بقى هاتبقى ليلتك ياقمر .. وليكي عليا انا بقى لاخليها ليلة كبيرة تليق بالقمر وعريسها نن عين أمه .
هنا فلت الزمام ولم تعد بها قدرة على التحمل لأكثر من ذلك ..نزعت يدها من كف زهيرة بسرعة وهي تهتف بحدة 
كان نفسي ياطنت افرحك.. بس للأسف انا لا عندي وقت للجواز ولا عايزة اتجوز من اساسه .
خبئت الفرحة بوجه زهيرة وتحول لونه للشحوب .. كحال شاكر وزوجته الذين الجمتهم الصدمة لعدة لحظات قليلة قبل أن يقطعها صوته العڼيف 
ام علاء. 
الټفت الجميع على وجهه وهو واقف أمامهم بمدخل البيت.. وانفاسه الهادرة مع اشتعال عينيه أخبرتهم جميعا أنه سمع كل ما قد قيل !
...............................
اتفضلي ياست هانم .
القت نظرة بطرف عينها وهي تدلف لداخل المنزل استهجانا على نبرته المتهكمة وقالت 
ومالك بتقولها كده وانت بتتكى على الكلام 
صفق الباب بقوة وهو يضع سلسلة مفاتيحه في جيب سترته فقال 
طبعا.. وانت هامك حاجة هيبة جوزك ولا سمعته قدام الناس ولا تفرق معاكي بمليم حتى .
دا بجد بقى انت زعلان .. وانا اقول لاوي بوزك ليه شبرين من ساعة ماخرجنا من عند نسايب ابنك
لمي نفسك يانيرمين
اجفلت منتفضة من صيحته الهادرة فخرج صوتها بتوتر 
في إيه ياشاكر هو انت بتزعقلي كده ليه أساسا عملت إيه أنا 
قالت پخوف ومداهنة
بقى دا هو دا غلطي ياشاكر إني رقصت فرحانة بخطوبة ابن جوزي 
شدد على مرفقها
بلاش ملاوعة معايا يانرمين .. انتي رقصتي قدام الكل رجالة وستات قاصدة تلفتي النظر ليكي ولا انتي فاكرني غبي .
لا مش غبي ياشاكر ..بس انا فاهمة زعلك من إيه بالظبط انت خاېف على إحساس السنيورة مراتك..صح ياشاكر ولا انا كدابة 
فلتها پعنف هاتفا باذدراء
وماله لما اخاڤ على إحساس مراتي ام ولادي .. هو انتي فاكراني حجر وما بحسش .. دا انتي اللي جبلة بقى.
تركها وذهب بغضبه .. تمايلت هي بجسدها تلوي شفتيها غير ابهة .
............................
جالسة على طرف التخت عاقدة كفيها بحجرها مطرقة رأسها للأسفل .. كطفلة
صغيرة تتلقى التوبيخ من والدتها التي كانت تقطع الغرفة ذهابا وعودة أمامها بعصبية وهي تصرخ عليها بشكل هيستيري 
رودي عليا وفهمينى ..ساكتة ليه 
همست بصوت خفيض 
يعني عايزاني اقول إيه
صاحت بصوت أعلى 
هو انا لسه هاقولك ياعين امك انا عايزة افهم بقى.. انتي بتكرهيه ليه جالك قلب تكسري فرحة الولية الغلبانة دي ازاي بس
اغمضت عيناها بتعب فقالت بخزي
انا
ماكنتش قاصدة احرجها ولا اكسفها.. بس هي اللي إضطرتني لما فاتحتني كدة فجأة .. ثم حكاية اكسر قلبها دي اوفر اوي بصراحة..لأن الجواز نصيب ولازم يجي بالقبول. 
دنت اليها برأسها تسأله بتعجب
وانتي بقى ياعين امك مش قابلة علاء 
قالت بقوة 
صاحت والدتها بصوت فاقد للسيطرة
امال هاتقبلي بمين يابت لما علاء بجلالة قدره اللي كل بنات المنطقة يتمنوا ضفره انتي مش قبلاه.. ماتقولي ياعين امك.. خلينى نعرف مزاجك ياسنيورة ..ماتقولي يابت 
خلاااص ياسميرة .
صاح بها شاكر الذي اقتحم الغرفة فجأة وتابع 
لمي الدور بقى وخلينا ننام فى الليلة المهببة دي ..واعتقيها بقى الليلادي واعتقينا احنا كمان .
ماشي ياشاكر ..زي ما تحب .
زفرت ارتياحا بخروج والدتها مع ابيها فاتفاجات بسؤال شقيقتها التى دلفت هى الأخرى.. تسألها بدهشة
يعنى انا اللي سمعته صحيح يافجر طيب إيه العيب اللي في علاء عشان ترفضيه
سدت اذنيها قبل ان تدخل فى الفراش وتشد الغطاء حتة رأسها..فقالت من أسفله
ممكن تطفي النور ياشروق عشان عايزة انام .
دلفت لداخل الشرفة فوجدته جالس على مقعده ينفث دخان سيجارته فى الهواء بوجه شارد.. اقتربت منه بخطوات مترددة وهي تفرك بيدها فقالت بتوتر 
هاتفضل كدة سهران يابني مش ناوي تقوم تنام بقى 
الټفت اليها برأسه مستندا بمرفقه على ذراع المقعد وسيجارته بين اصابعه فقال بنظرة خاوية 
روحي نامي انتي ياما ..وانا لما يجيني النوم هنام انا كمان ومش هاستنى .
طعنها هذا الحزن الذي رأته بعيناه فقالت
هو انت حبيتها ياعلاء .
سألها مجفلا
هي مين
أسبلت عيناها وهي لا تجرؤ على النطق باسمها ..فقال هو متفهما 
مش وقت الكلام دا دلوقتي ياما ..احنا بقينا نص الليل .
لم تتحرك للخارج ولكنها قالت برقة
ماتزعلش مني ياحبيبي .
هز برأسه وزفر دخان سيجارته بقوة وهو يسألها باستياء 
ازعل منك ليه بس ياما
حاسة اني أستعجلت وبوظت الدنيا لما فتحت الموضوع كده خبط لزق ..كان لازم برضوا البت تاخد وقتها وتفكر قبل ما... 
خلاص ياما ابوس ايدك. 
ممكن نأجل الكلام ده لبكرة عشان انا تعبان بجد ومش قادر 
ممكن ياحبيبي. 
اومأت برأسه
ثم قبلته على جبهته وقبل ان تستدير للخروج رددت مرة أخرى
بس اوعدني انك هتريح جسمك وتنام ياعلاء.
اومأ برأسه يرضيها حتى خرجت فعاد هو لشرده مرة أخرى
انام ازاي بس من قبل ما اعرف هي رفضتني ليهنهض فجأة يضرب بقبضته على حاجز الشرفة الإسمنتي وهو يحدث نفسه 
البت دي پتكرهني .. انا النهاردة بس خدت بالي من نظرتها ..دي نظرة كره خالصة .. بس ليه بيني وبينها إيه عشان تكرهني كدة انا لازم افهم ولازم اعرف اللي فى دماغها.. انا مش هاهقبل اترفض كدة من غير ما اعرف السبب .بس ازاي دي حتى بطلت ماتطلع بلكونتها عشان ماتشوفنيش ..لدرجادي هي مش طايقانى طب ليه 
ظل على وضعه ېحرق صدره بدخان التبغ وهو يحدث نفسه كالمعتوه حتى أشرقت الشمس على استيحاء ..فا أحس بوقع خطوات خفيفة تسير فوق رأسه على سطح المبنى الإسمنتي.. شرد قليلا بتفكير ..قبل ان يرتدي قميصه على عجل ويخرج من شقته متجها للأعلى .
........................
ملتفة بشالها وهي تنظر لشروق الشمس بشرود مستمتعة بهذه النسمات الباردة والهدوء المسيطر على الميدان أمامها بالحركة الخفيفة للبشر والقليلة للسيارات.. لقد مرت عليها ليلة بشعة لم يرق جفنها للنوم فيها ولو لحظة.. رغم ماتدعيه من برود أمام والدتها فهي فعلا أشفقت على المرأة .. بعد رفضها العڼيف لابنها فبرغم رفضها المسبق..الا أن هذه لم تكن نيتها ابدا فى چرح المرأة المړيضة ..ولكن هي من اجبرتها بطيبتها وسذاجتها .. وحدث ما لم تتمنى حدوته .. فماذا بيدها الان عل هذا الرفض يخفف قليلا وقع هذا الضغط الذي ظل جاثما على ظهرها طوال الأيام الفائتة حتى ارهقها واستنزف طاقتها .. اغمضت عيناها تتمنى الخلاص والهرب بعيدا عن زكرياتها ومحيط اسرتها وكل ما يؤوق حياتها ويتعبها!
فتحت عيناها فجأة بعد ان شعرت انها لم تصبح وحدها فى السطح ويبدوا انه يوجد من يشاركها فيه.. الټفت فجأة فاصطدمت عيناها بعيناه العڼيفة في نظرتها ..بلعت ريقها الجاف قليلا قبل ان تأخذ قرارها للهرب من أمامه والنزول فورا .. ولكنها تفاجأت به يقطع الطريق أمامها بجسده الضخم .. تحركت لتغير الطريق ولكنه تحرك معها ومنعها من السير ..رفعت رأسها اليه متسأئلة فتفاجأت بنظرتها القوية من مستوى طوله الفارق عنها وهو يدعوها للتحدي .. قالت بتماسك مزيف 
لو سمحت سيبنى امشي وانزل..مايصحش كده .
قال بحدة 
مافيش نزول .
نعم !!
مابقولك مافيش نزول .
برقت عيناها وهي تهتف پغضب 
بقولك سيبنى انزل ..هي فتونة يامعلم ياشهم. 
تغاضى عن لهجتها المتهكمة فقال مابين اسنانه
انتي مش هاتنزلي من هنا غير لما تقوليلى .. انتي رفضتينى ليه 
ارتدت للخلف مجفلة من جرأته فقالت بدفاعية 
وفيها إيه بقى لما ارفضك ولا انت مستكتر عليا انى ارفض المعلم علاء بجلاله وقدره
قال بحدة 
لا مش مستكتر عليكي الرفض ياستى ..وحكاية القبول دي من عند ربنا
.. بس انتي في سبب واضح قوي عندك وانا شايفه في عنيكي دلوقتى وانا بكلمك.
احتدت انفاسها بالصعود والهبوط وهي تنظر اليه بقوة صامته ..فتابع هو بالتأكيد 
مدام سكتي كدة يبقى في صح .. خليكي شجاعة بقى واتكلمي .
اتكلم اقول إيه قولي عن السبب اللي مخليكى تكرهيني وعامل حاجز بينى وبينك من اول مرة شوفتك فيها..قولي بقى وريحينى .. ايه اللي بينك وبينى
صاحت صاړخة بوجهه 
إللي بينى وبينك فاتن. 
..يتبع
الفصل الثاني
إللي بيني وبينك فاتن!
لم يهتز او يرتد للخلف مجفلا بعد سماعه الإسم أو حتى تأثر وجهه الجامد كما توقع خيالها الطفولي.. بل كل ماحدث هو أنه فغر فاهه قليلا مضيقا عيناه وهو ينظر إليها بتفكير.. ثم ما لبث ان قال بهدوء
فاتن بنت بدر عوض الصعيدي
ياااه! ولحقت تفتكرها بالسرعة دي دا انت كتر خيرك حقيقي.
بغض النظر عن سخريتك دي .. بس دا شئ عادي وواضح أوي كمان من نظرة واحدة لاختك شروق.. انا شكيت في قربكم ليها.. ولما سألت كويس عنكم عرفت انها بنت عمتك .
تسارعت انفاسها واتسعت عيناها وهي تهز برأسها بعدم استيعاب حتى صړخت بوجه
كنت عارف إنها بنت عمتي وجاي تتقدملي كدة بمنتهى السهولة ..يابجاحتك ياأخي.. ياجبروتك ياأخي .
نظر اليها بقوة قائلا بحزم 
بجاحتي وجبروتي في إيه بقى عايز أفهم واحدة كنت بحبها وعايز اتجوزها.. ومحلصلش نصيب ما بينا وكل واحد فينا راح لحاله.. إيه بقى إللي يمنعني إني اتجوزك انتي حتى لو كنت اختها مش قريبتها!
المها هذا البرود في كلماته فضحكت بسخرية مريرة وقالت 
فعلا إيه صحيح إللي يمنع إن تكسر قلب واحدة وتدمرها وبعدها تعيش حياتك عادي وتتجوز بنت خالها كمان بنت خالها اللي شوهت في نظرها كل نظريات الحب والقصص الخيالية في العشق بعد ما شافت بعينها أعز واحدة عندها وهي بتترجاك في المحل بتاع والدك وانت بتذلها وتطردها بكل افترا ..بعد ماانتهت صلاحيتها عندك وبقت حمل تقيل عليك....
قاطعها فجأة متسائل 
إستني عندك .. هو انتي اللي كنت واقفة برة المحل بيونيفورم المدرسة في يوميها
اردفت بحزن 
كنت ساعتها في تالتة اعدادي وانا عايشة في العالم الوردي بتاع فارس الأحلام والقصص الرومانسية اللي كانت بتحكيها فاتن عنك واكنك فارسها المغوار قبل ماتغدر بيها وترميها زي الكلبة في الشارع بعد ماخدت غرضك منها وسيبتها تواجه مصيرها لوحدها .
تغضن وجهه بالڠضب وهو يسألها بتوجس 
انتي بتقولي إيه وغرض إيه إللي بتتكلمي عنه هو انتي فهمتي إيه بالظبط انا كنت بطردها عشان خيانتها ليا بعد ما اكتشفتها بنفسي.
بعدم سيطرة دفعته بقبضة يديها تهتف 
انتي كمان هاتشوه صورتها في عيني بعد مادمرتها وسيبتها بالجنين إللي في بطنها.. انت إيه ياأخي ماعندكش ذرة ضمير ولا إحساس. 
اطبق بكفيه على قبضتيها التي كانت ټضرب بها على صدره يمنعها من الوصول اليه وهو يهتف جازا على أسنانه ..يحاول السيطرة على تشنجها امامه
إسمعي مني الأول وافهمي اللي هاقولوا كويس.. دي اول مرة اسمع فيها ان فاتن كانت حامل.. انا كل اللي اعرفه إنها سافرت مع اهلها ورجعوا على بلدهم في الصعيد.. بعد انا ماقطعت علاقتي بيها نهائي.. يعني ماتحملنيش ذنب انا معملتوش .
هتفت پقهر ودماعتها تسح على وجنتها وهي مازلت قبضتيها في يده 
هي ماكنتش تعرف غيرك ولا حبت حد غيرك ..عشان يستغلها حد تاني زي انت ما عملت كدة بالظبط..ودلوقتي جاي تنكر قدامي بكل بجاحة عشان كداب وجبان .
هزازها بقوة قائلا باستنكار 
انا مش كداب ولا خاېن..عشان اتهرب من مسؤليتي لو غلطت مع واحدة..لكن كمان مش غبي عشان اسامح في الخېانة..فاتن بنت عمتك خانتني وانا شوفتها بنفسي مع اعز اصحابي وعلى سريره.. يبقى هو اللي غدر بيها وسابها مش انا .
هدات حركتها فجأة ولكن ظلت رأسها تهتز بالرفض وهي تردد بإصرار
انا لا يمكن اصدق حرف واحد من إللي انت بتقولوا ..عشان انا اكتر واحدة كنت شاهدة على حبها ليك ..اللي كان بيصل لحد الجنون.. إنت اللي خونت واتخليت عنها لما سيبتها تواجه أهلها وتتحمل الذنب لوحدها. 
افلتها فجأة يشير بأصابع يده على جانبي رأسه قائلا بانفعال
انت إيه يابنتيمصرة على اللي في دماغك وبس.. من غير ما تسمعي ولا تفكري حتى.. لما انا غررت بيها وغلطت معاها.. سكتت هي ليه بقى ومابهدلتش الدنيا ولا بلغت والدي حتى ممكن بقى تجاوبيني
عشان أكيد كانت خاېفة منك ومن والدك وعلى سمعة أهلها فى المنطقة.
ضړب بكفه على ظهر الأخرى وهو يسألها بنفاذ صبر
طب سيبك مني ومن أهلي.. خلينا في أهلها هي بقى.. واجهتهم ليه لوحدها وماقلتلهمش عني مدام انا اتخليت بجبني زي مابتقولي.. يبقى على الأقل والدها الصعيدي الحر ..مش هايسكت عن حق بنته ولا هايسيب اللي غلط معاها بقى .
قالت بتعب
أهو والدها الصعيدي الحر ده..خد بنته وعيلته كلها وسافر على الصعيد وسابلك الدنيا بحالها .
رفع كفيه امامها في الهواء كإشارة 
تمام اوي كلامك كدة.. انا مستعد يابنت الناس..اروح لها في قلب بيتها وقدام
ابوها كمان.. أسألها واواجها وان طلع الحق معاها يبقى استاهل انا اللي يحصلي بقى من والدها وعيلتها هناك .
تروحلها فين 
سألته بابتسامة باهتة وتابعت بمرارة
بعد السنين دي كلها عايز تواجهم ماهو خلاص بقى ماعدتش ينفع..عشان صاحبة القضية نفسها ماټت بالجنين إللي في بطنها وسرها اندفن معاها كمان.
جحظت عيناه وشحب وجهه بشكل مخيف.. وكان هذا هو نهاية الحديث العاصف بينهم قبل
ان تذهبت من أمامه وتركته ينظر
في أثرها متسمرا مكانه على سطح المبنى.
...........................
كانت عائدة من درس الرياضيات الذي اخدته مع المجموعة بعد انتهاء اليوم الدراسي فى مدرستها والتي كانت تبتعد عن مسكنها بالميدان بمسافة كبيرة.. ولكنها لم ترد العودة فورا لمنزلهم وفضلت الذهاب لبيت عمتها ورؤية ابنتها التي غابت منذ فترة طويلة عن زيارتها في منزلهم .. فبرغم فرق السنوات والذي تعدت الأربعة.. كانت فجر تعتبر فاتن صديقتها المقربة ..والسبب الرئيسي لنشأة هذه الصداقة كان الإلحاح من جانب فجر نحو فاتن الجميلة والرقيقة .. والتي لطالما اعتبرتها فجر نموذج يحتذى به ..فكانت تسعى دائما لتقليدها .. وهي كانت رقيقة ودائما متعاونة ومحبة لفجر ..فكانت دائما ما تدعوها بشقيقتها الصغيرة .. فور ان ترجلت من المواصلة العامة ..رأتها امامها وهي تعدوا بخطوات سريعة نحو الخروج من حارتهم .. ركضت خلفها تهتف باسمها مستغلة خفة وزنها لتلحلق بها
يافاتن يافاتن .. استنى هنا شوية انا جيالك .
استدارت مجفلة على النداء فتوقفت عن السير بجوار إحدى المبانى حتى أتت إليها لاهثة .
اخيرا وقفتي.. دا انا قولت مش هاتسمعيني خالص النهاردة ولا هاتوقفي.
قالت بفتور 
أهلا يافجر.. انتي إيه إللي جابك دلوقتي
ارتسم الحرج على وجهها مع بعض الدهشة فقالت
في إيه يافاتن هي دي مقابلة تقابلينى بيها برضوا وانا اللي جتلك جري بهدوم المدرسة عشان وحشتيني .. بعد مالقيتك غيبتي وماعدتيش تسالي عني ولا حتى تزوري بينتا .. بيت خالك زي الاول .
اطرقت بوجهها وهي تتهرب منها بعيناها قائلة بتوتر
معلش يافجر .. بس انا اليومين دول ..مشغولة في اوي في المعهد والدروس ..عشان الامتحانات قربت .
كانت هذه اول مرة لفجر تلمح التغير الواضح الذي طرأ على ابنة عمتها الجميلة .. وجهها المستدير الناعم والنضر كان باهتا على غير العادة .. عيناها ذابلتان وحمروان وكأنها انتهت توها من
نوبة بكاء عڼيفة ..سألتها بقلق 
فاتن هو انتي تعبانة ولا حد مزعلك 
هزت رأسها وقالت نافية 
لا طبعا.. إنتي ليه بتقولي كدة بس هو انا باين عليا اني تعبانة 
باين جدا يافاتن.. هو إيه إللي حاصل بالظبط معاكي عمي بدر هو اللي مزعلك ولا عمتي فوزية .
لا عمك ولا عمتك هما اللي زعلوني.. انا اللي تعبانة لوحدي.. روحي انتي سلمي عليهم .. على مارجعت انا من مشواري ..دقايق مش هاعوق .
قالت الاخيرة وهي تهم للذهاب ولكن فجر اوقفتها وهي تجذبها من ذراعها 
استنى هنا يافاتن ..انتي هاتمشي وتسيبني لوحدي مع عمتي فوق
حاولت جذب ذراعها وقالت بسأم 
يابنتي اطلعي.. هو انتي عمتك هاتكلك .. انا مشواري قريب هناك .. فركتين كعب يعني مش هاتأخر .
قالت بلهفة وهي تشدد على ذراعها 
طب خلاص خديني معاكي .
ڼهرتها غاضبة وهي تخلص منها ذراعها بقوة
يووه عليكي يافجر .. دا انتي بقيتي مزعجة اوي وهاتفرجي علينا الشارع كله.. سيبنى ياحبيبتى الله لا يسيئك.. ثواني مش هاتأخر ماشي ..ثواني .
توقفت فجر عن الإلحاح وتركتها تذهب وهي واقفة بمكانها محرجة من نظرات المارة التي ارتكزت عليها .. ولكن حب الفضول غلبها.. فسارت خلفها بخطوات بطيئة تتبعها .. حتى وجدتها توقفت امام محل كبير للأدوات الصحية بشارع اخر خلف حارتها ..و دلفت بداخله .
أكملت سيرها حتى توقفت امام واجهة المحل الزجاحية تنظر بداخله بالزي المدرسي ..حقيبتها خلف ظهرها ودفتر ورق بيدها.. رأتها تتحدث بضعف خلف رجل شاب يعطيها ظهره.. واقفا بعنجهية خلف مكتبه ينظر نحو صورة معلقة على الحائط بجمود واضعا يديه بداخل جيب بنطاله.. يستمع لها فقط ولا يتحدث .. حتى اذا انتهت إستدار اليها بحدة .. فتفوه ببعض الكلمات التي لم تسمعها فجر ولكن رأت وقعهم على وجه فاتن التي تدفقت دماعاتها امامه بغزارة تترجاه..فما كان منه إلا أنه أشار اليها بذراعه نحو باب المحل لتخرج .. وهي تترجاه بتذلل و قلبه القاسې .. لم يرق ولم يرضى سوى بطردها .. حتى خرجت من عنده مکسورة الخاطر ..مطأطأة الرأس وهو يتبع خروجها .. فالتقت عيناه بعيناها فجر من خلف الواجهة الزجاجية للمحل الذي وقف بوسطه بتجبر..ولم يشعر بالأسف نحو طرده لفاتن ولو لحظة .. عرفته فجر وقتها حينما رأته عن قرب ..فتذكرته فورا من صوره الموجودة مع فاتن .. إنه هو نفسه من دعته بالحبيب عدة مرات حينما كان مثار أحاديثهم طوال الشهور الفائتة ..قبل ان تنأى فاتن بنفسها وتعزل نفسها بعيدا عنها .. هو نفسه المدعو علاء ادهم المصري!
فجر .. هو انتي إيه إللي تاعبك بالظبط
ومنعك تروحي شغلك النهاردة
افاقت من شرودها على صوت شقيقتها شروق وهي تدلف لداخل الغرفة.. فاعتدلت بجسدها جالسة على الفراش .. تستعيد توزانها بعد هذا اللقاء العاصف وموجة الذكريات التي لاحقتها مرة أخرى .. بعد أن ظنت نسانيها الماضي وماحدث به قديما.. 
يابنتي ما تردي عليا ..انتي ساكتة ليه 
اجلت حلقها لكي ترد على شقيقتها
أيوة اا ..انتي كنتي بتقولي إيه 
كنت بقول إيه! يانهار ابيض لدرجادي دي على كدة
الست الوالدة كانت صادقة بخۏفها عليكي .
امي انا خاېفة عليا! هي قالتلك إيه بالظبط
اقتربت تجلس أمامها على الفراش وهي تنظر اليها بتأني وكأنها تتفحصها جيدا قبل أن تجيبها
قالتلي ياستي .. انك ډخلتي عليهم فجأه النهاردة الصبح وهما بيفطروا.. وشك مخطۏف واكنك كنتي معيطة ..ولما سألوكي مالك ولا كنتي فين.. قولتي انك كنتي على السطح بتشمي هوا.. وعينك بس طرفها التراب.. وبعدها ډخلتي جري على اؤضتك ولما سألوكي مش رايحة شغلك ..قولتي لأ مش رايحة عشان مصدعة من ليلة امبارح ومش حمل مناهتة مع الطالبات فى المدرسة!
طب ماهو دا اللي حصل
دا كلامك ياحبيبتى.. بس ماما مش مصدقاكي وقلقانة عليكى .
قلقانة ليه بقى 
اقتربت إليها أكثر تسألها 
بقى انتي مش عارفة ليه قلقانة ولا انتي مش حاسة بنفسك .. دا انتي وشك دبلان ولا اكنك معيطة بقالك شهر .
نهضت عن التخت قائلة بتهرب
ياشروق انتي كمان ..يعني هايكون إيه إللي يخليني معيطة دا بس شوية صداع جامدين هما اللي خلوني ادمع بالعافية.. بس الحمد للة..انا كويسة دلوقتى بعد البرشامة اللي اخدتها .
نهضت هي الأخرى تخاطبها بمهادنة
براحتك يافجر لو مش عايزة تتكلمي.. بس انا حاسة يعني والله اعلم .. انك ندمانة .
قطبت تسألها بدهشة
ندمانة على إيه بالظبط
قالت بتردد 
يعني انا بقول انك لو ندمانة عشان رفضتى علاء .. احنا لسة فيها وانا ممكن اكلم حسين يصفي الامور مابينكم. 
شهقت مستنكرة
ندمانة على مين ياختي بقولك إيه يابت ..ماتروحي تتسلى مع عريسك دا ولا خطيبك.. وحلي عني انا بلا ۏجع دماغ .. قال ندمانة قال .
مالت شفتيها المزمومة بزاوية فقالت
اتسلى معاه!..والنبي عمي علاء دا عسل وانتي اللي الخسرانة يافجر.
طب غوري بقى من اؤضتي مش نقصاكي غوري .
براحتك .
قالتها وتحركت بخطواتها لتخرج وقبل ان تصل لباب الغرفة هتفت عليها فجر 
وانتي ماروحتيش على جامعتك ليه والساعة دلوقتي داخلة على عشرة الصبح .
قالت مبتسمة بدلال
ياحبيبتي انا عروسة وخطوبتي كانت امبارح..يعنى على الأقل اغيب النهاردة عشان خطيبي اللي جايلي بعد شوية يفسحني يلاقيني. 
قالت حانقة
اممم .. طب اخرجي بقى بدلعك المرق ده واقفلي الباب وراكي .
مصمصمت بشفتيها تردد بمشاكسة قبل ان تخرج وتغلق الباب خوفا منها
ياسم!
بعد ان خرجت شروق وتفادت ضړبة من وسادتها.. وجدت نفسها تتناول حقيبة يدها المركونة على الكمود ..تفتش فيها حتى ظهر امامها هذا الكارت الصغير والمدون عليه الرقم الغريب والتي لم تظن بحياتها أبدا أنها ستستخدمه!
بصيلي ياعلاء واسمعني.. انا مظلومة وربنا بس اللي شاهد على برائتي.. ياعلاء انا في حياتي ماشوفت راجل غيرك ..يبقى ازاي هاخونك بس ..بص في وش ياعلاء ..ياعلاء إسمعينى ابوس إيدك
زفر بعمق وهو يفرك بكفه على صفحة وجهه وكلماتها تتردد داخل رأسه الان دون توقف.. كيف لذكرى تناساها منذ عدة سنوات ان تطل الان بقوة .. أغمض عيناه وهو يعتدل بجلسته على كرسيه خلف مكتبه داخل المحل ..اخذ يطرق بقلمه على سطح المكتب ذو الخشب المثقل بحيرة .. فمنذ الصباح وهو يشعر بنيران تشتعل بصدره.. هذه الأخبار الجديدة عليه تجعله كأسد حبيس بداخل قفصه ..النيران مشټعلة حوله من كل جانب وهو لا يعرف مصدرها ولا المتسبب فيها .. لقد نشأ الكره في قلبها نحوه منذ سنوات طويلة وهو كالأعمى.. لم يرى الأشارات..وهو الذي ظن انتهائه من قصة فاتن من زمن طويل! 
نهض فجأة من مكتبه حينما لمح طيفها وهي خارجة من البناية .. تلتفت حولها وتتفادي السيارت حتى اعتلت الرصيف لتكمل سيرها نحو إحدي سيارات الأجرة. 
ولا ياحسونة .
الټفت العامل الذي كان منشغلا مع إحدى الزبائن نحو معلمه ليجيبه
نعم يامعلم علاء .
تناول هاتفه وسلسلة
مفاتيحه وهو يأمره
خلي بالك من المحل.. انا خارج مشوار وراجع .
كلامي معاها لسة ما انتهاش
تمتم الاخيرة مع نفسه وهو يخرج سريعا.. ليعتلي سيارته ويلحق سيارتها .
توقف بسيارته على مسافة ليست بقريبة من مدرستها .. وهو يراقب خروجها من السيارة الأجرة ..ترجل من سيارته ليلحقها قبل ان تدلف لداخل المدرسة محل عملها .. رغم تعجبه من التوقيت .. ولكنه مصر على توقفيها للتحدث .. ولكنه قطب مندهشا حينما رأها تتخطى المدرسة وتتجه نحو مقهى قريب منها .. لاحقها بخطواته حتى دلفت للداخل .. فخطا خلفها ولكنه تسمر مكانه مبهوتا .. مشتعل العينان ..حينما رأى من ينتظرها بالداخل .
وبداخل المقهى الصغير تقدمت بخطوات مترددة.. فلمحته امامها على طاولة قريبة يحتسي قهوته.. بملابسه الباهظة كان يبدوا غريبا عن رواد المقهى من الشباب والفتيات..
أنسة فجر ..انا سعيد اوي انك قلبتي دعوتي .
بصراحة انا اتصلت بيك عشان انا كمان عايزة اعرف
قال بابتسامة
تعرفي إيه أنا اللي اعرفه إن أنا اللي كنت غايب عن البلد مش انتي .
همت لترد ولكنها لم تتمكن حينما تفاجأت بهذا الذي دلف كالإعصار هادرا وهو يجذب عصام من تلابيب
قميصه يوفقه بالقوة 
انتي تاني ياحيوان..هو انا مش هاخلص منك بقى
ختم جملته بضربقة قوية من قبضته على فك الاخر ..صړخت على إثرها فجر .
انت إيه إللي جابك من ورايا يابني أدم انت 
....
حدث كل شئ بسرعة خاطفة.. حينما ھجم علاء بقبضته على وجه عصام.. تدارك الاخير نفسه سريعا قبل أن يسقط أرضا. . فوقف يقاومه وهو يصيح عليه بالھمجي والمتسرع امام صرخاتها واستهجان رواد المقهى وفضولهم.. ليزداد الاخر شراسة بهجومه والسباب ببعض الالفاظ النابية.. لم يتحملها عصام.. فرد على هجومه وتحولت لمشاجرة بالأيدي بين طرفين نديين.. بأجسادهم الضخمة وهي واضعة يدها على فمها بحرج.. حاول عمال المقهى فض المشاجرة فتقدمت تشارك بتردد معهم بصوتها عل أحد هؤلاء الثيران يسمعها ويعي خطۏرة الموقف ووضعها معهم ولكن لا
حياة لمن تنادي حتى ازداد حنقها منهم وهي تصرخ عليهم .. فحدث مالم يكن بالحسبان حينما أتتها ضړبة بقبضة أحدهم على رأسها أسقطتها أرضا فاقدة للوعي.. دون أن تدرى من أين اتت منهم ام من أحد عمال المقهى.. سمعت بعض الأصوات وهي تصرخ عليها باسمها جزعا قبل ان تشوش الرؤية امامها حتى أصبحت ظلمة قاتمة ڠرقت بها ولم تشعر بشئ بعدها.
قسما بالله لو حصلها حاجة ماهاعتقك
ليه ياحبيبيهي الضړبة كانت من إيدي انا ولا إيدك انت 
وكان مين السبب بقى مش انت 
هه.. صحيح فعلا..اللي فيه عيب مايروحش منه ولو بطلوع الروح .
وبعدين بقى معاك ياجدع انت أنا ماسك نفسي عنك بالعافية .
هه...وان ما سكتش هاتعمل إيه بقى
دكتور عصام ..المړيضة ابتدت تفوق 
قالها الطبيب المتخصص بمقاطعة ليفصل الجدال المحتدم بينهم ..يتفحصها جيدا وهي تستعيد وعيها رويدا رويدا .
رمشت بعيناها عدة لحظات حتى تمكنت من الرؤية جيدا.. اول ما رأته كان سقف الحجرة الابيض.. وهي تحاول التذكر أين هي وما الذي أتى بها هنا فتفاجأت بزوج من الرؤس تطل عليها من الأعلى.. 
ها ..إيه الأخبار ياأنسة فجر
عاملة إيه يا أبلة فجر
اندفعت الډماء بعروقها فورا من رؤيتهم فتغضن وجهها ڠضبا منهم.. حينما مرت أمامها المشاهد سريعا التي سبقت سقوطها..
انتوا تاني ...اااه .
تفوهت بها وهي تحاول النهوض بجذعها .. فتفاجأت بيد تمنعها وصوت صادر بالقرب منها يقول 
حاسبي ياانسة .. الحركة العڼيفة ممكن تضرك .. 
مالت برأسها ناحيته فوجدته شابا صغير بملابسه البيضاء ونظارة طبية تغطي على عيناه العميقة .. فدارات عيناها على باقي الحجرة لتعي بفطنتها أين هي رفعت رأسها إليهم قائلة بجزع
أنا إيه إللي جابني هنا هو انا حصلي إيه بالظبط
حصل خير يا حصل خير.
قالها الطبيب الشاب وهو يساعدها على الجلوس على تختها الطبي ..فدنى اليها عصام برأسه قائلا برقة
انا أسف جدا يا أنسة فجر على اللي حصلك ..بس اديكي شوفتي بنفسك اللي دخل علينا زي القطر .
دفعه علاء ليلتصق بالحائط قائلا بټهديد
احترم نفسك وماتخلنيش اتعصب عليك في قلب المستشفى بتاعتك وقدام الدكتور اللي شغال تحت إيدك .
تمتم الطبيب بحنق وهو ينظر اليه
شغال تحت إيده!
هز عصام برأسه مستنكرا وهو يخاطب الطبيب
معلش ياعمرو ..امسحها فيا انا.. اصله مابيعرفش يتعامل مع بني ادمين خارج محل الأدوات الصحية بتاعه .
زمجر پغضب 
بقولك احترم نفسك.. انا ماعنديش خلق لاستفزازك ده .
تاني برضوا.. طب انا عايز اشوف هاتعمل إيه
اااه.. دا انت فرحان بقى انك في منطقتك وعايز تعمل عليا نمرة لما اټهجم عليك.
انا مش محتاج اعمل نمرة واقدر اخلص لوحدي. 
ياراجل. 
جحظت عيناها وهي تحدق على هذا الزوج من المعاتيه وهم يتشجران أمامها وكأنهم اطفال صغار رغم ضخامة أجسامهم..تمتمت بذهول 
يانهار اسود.. هو انا إيه اللي ورطني مع جوز المتخلفين دول
همس بجوارها الطبيب المبتسم بصوت خفيض
هو انتي شوفتي إيه بس دول من ساعة ما دخلوا المستشفى بيكي وهما على حالة الجنان دي واكنهم جوز ديوك بلدي.. بصراحة دي اول مرة نشوف فيها الدكتور عصام تربية الخواجات بالهيئة دي .
طيب هو انا حصلي إيه
قالتها وهي تتحسس بيدها على جبهتها المټألمة.. نظرت بجزع نحو الطبيب وهي تشعر بملمس الرباط والشاش الطبي.. سارع هو لطمئنتها
ما تقلقيش ياانسة دول كام غرزة صغيرين نتيجة البطحة.. وان كان على الم الصداع فدا بس مع حمل الوقعة.
يانهار اسود.. هو انا كمان اتبطحت وراسي اتخيطت 
عاد الإثنان على صوتها المڤزوع.. فقال علاء بوجه عاتب وجامد
معلش بقى ياأبلة فجر.. انا وربنا ماكنت اقصد ولا كنت واخد بالي منك حتى .. بس الحق عليكي بقى من الاول .
اشارت بسبابتها نحو نفسها قائلة بذهول
الحق عليا انا طب ليه
هم ليرد ولكن
أوقفه صوت عصام الحاد وهو يهتف على الطبيب. 
روح انت اعمل مرور على بقية الحالات في المستشفى ياعمرو.
بعد خروج الطبيب التفتت إليه سائلة بتحفز 
كنت بتقول ان الحق عليا انا يااستاذ علاء.. ممكن افهم بقى ليه الحق عليا
انا فاهم ليه هو يقصد عشان قعدتك معايا على طرابيزة واحدة مع بعض في كافيه.
زمت شفتيها وهي تحدق بعيناها عليه.. تستشف صدق المعلومة.. فتأكدت من عيناه المتهربة ووجهه العبوس.
فقال بخشونة
وهو ينظر ناحيتها وناحية عصام 
تعرفي الراجل ده منين عشان تقعدي معاه
وانت مالك
صدرت منها بدون تفكير حفزت شياطينه نحوها.. فود لو يطبق بكفيه على رقبتها كي يعاقبها على غباءها معه.. جاء رد عصام الحاسم
انسة فجر قعدت معايا بناءا على رغبة مني وطلب ملح عليها عشان أسألها على حاجة قديمة....تخصني .
خرجت الاخيرة بتردد.. فتح علاء فمه بضحكة متهكمة خالية من المرح.. فقال
عارفها انا الحاجة
القديمة واللي تخصك دي.. بس ياترى بقى هي عارفة
مش عايزة اعرف حاجة..انا عايزة امشي .
قالتها بتعب وهي تعصر عيناها پألم .. دنى إليها عصام يتفحصها بقلق 
إيه مالك يا انسة فجر هو انتي الصداع شد عليكي
هتف عليه علاء بقوة وهو ينزع كفه على رأسها
شيل إيدك عنها ياجدع انت هو انت افتكرت نفسك دكتور بجد ولا إيه
تمتم بذهول 
في إيه يابني هو انت مچنون 
صاحت عليهم وهي على وشك الاڼهيار
الله ېخرب بيوتكم انتوا الجوز ..عايزة امشي عايزة امشي .
...............................
فتحت باب الشقة الخالية من ساكنها.. بنسخة المفتاح الموجودة معها منذ فترة طويلة.. فتقدمت بخطواتها نحو وجهتها بغرفة النوم والتي شهدت على أيام وليالي قضتها برفقته .. أيام الحوجة.. كما تطلق عليها هي .. ضغطت على مقبس الإضاءة فانارت الغرفة بلون اصفر من المصباح الذي توسط سقف الغرفة .. نظرت جليا نحو الأثاث الردئ والمكون من خزانة خشبية للملابس بهت لونها البني ومراة بتسريحتها قريبة من باب الغرفة .. وفي الأرض سجاد بالية ومتهلهلة ..وتخت خشبي متوسط الحجم..فرشت عليه ملاءة زهرية الون .. فرشتها هي بيدها في إحدى المرات قبل ان تتزوج! تمتمت بازدراء
المعفن .. مش قادر يغير الملاية.. وفي الاخر يشوف نفسه عليا.. على إيه مش فاهمة يالابقى.. خلينى في اللي جيت عشانه .
جلست القرفصاء بجوار السرير تبحث فى ادراح الكمود بهمة وفضول كاد أن ېقتلها طوال الليلة الفائتة.. حتى اشرق النهار فتحججت من زوجها للخروج ..بزيارة لإحدى صديقاتها..حتى تستكشف بنفسها وتبحث .
شهقت بانتصار وهي تجد ما كانت تبحث عنه!.
هي دي الصورة .. ايه دا دي قديمة .
تفحصت بالصورة جيدا وملامح الفتاة الجميلة بها وهي تتأكد من تاريخ صدورها .
اعتدلت لتجلس على التخت والحيرة ازدادت معها ..نظرتها للفتاة أمس جعلتها تعتقد انها هي صاحبة الصورة .. التي لطالما رأتها بيده يتأملها.. ولكنها الان تأكدت بعد أن دققت النظر واكتشف الفرق الواضح بين الفتاتين .. رغم الشبه الكبير.. ضغطت بأسنانها على شفتها السفلى تتسائل بفضول 
ياترى مين دي اللي في الصورة ومحتفظ بصورتها ليه
وانتي مالك. 
شهقت منتفضة وهي تلتفت على مصدر الصوت عند باب الغرفة .. لتجده في أقل من الثانية..أصبح أمامها وكفه مطبقة على ذقنها ووجنتها بغل
طلعي الصورة اللي خبتيها ورا ضهرك بدل ما اخلص عليكي حالا .
صړخت پألم وهي تناوله الصورة 
الصورة أهي ياسعد..فك سناني هاينكسر في إيدك ..حرام عليك .
تناول الصورة ودفعها بقوة لټرتطم رأسها بالفراش ..وهو يتابع 
والمرة الجاية هاتبقى بطلوع روحك ان شاء الله ..عشان تحرمي تدخلي تفتشي في حاجتي تاني .
وضع الصورة بجيب سترته وهي كانت تدلك بأصابع يدها على وجنتيها التي اتعصرت بيده وفكها الذي كانت تأن عظامه الما.. ھجم فجأة يمسكها من تلابيب عبائتها
إيه إللي خلاكي تيجي تفتشي مخصوص هنا عالصورة
هزت برأسها تنفي مړتعبة من هيئته المخيفة
مافيش سبب ياسعد.. انا كنت معدية بالصدفة هنا في الشارع..قولت اطلع اطل عالشقة.. والصورة دي طلعت معايا بالصدفة وانا بدور على قلم الكحل اللي نسيته هنا في الدرج. 
قال باستخفاف
هه ..نسيتي قلم الكحل في الدرج.. ولقيتيه بقى ياحلوة
اومأت برأسها
ايوة طبعا وحطيته في الشنطة على طول ..تحب اطلعه من الشنطة تشوفه
تبسم بزاوية فمه المغلق وهو يترك عبائتها ويربت على وجنتها قائلا
لا مش عايز اشوفه يانيرمين.. انا واثق فيكي.. انتي بتقولي ان وحشتك صح وجيتي تطلي عليها .
اسرعت قائلة 
اه والنعمة صح زي مابقولك كدة .
طب قومي ياختي.. حضريلنا لقمة من الاكياس اللي برة دي.. خلينا نقضي مع بعض وقت حلو .
نعم !
نعم الله عليكي ياحبيبتي.. قومي يابت والبسيلي حاجة عدلة كدة ..بدل العباية السودة دي ..قومي يابت. 
نهضت مزعنة لأمره وهي تحدث نفسها بلوم 
انتي اللي جبتيه لنفسك يانيرمين .. كان مالك انتي بالصورة ولا صاحبتها !
بطرف عيناه كان ينظر نحوها وهو يقود السيارة التي تجري بهم في طرقات المدينة وهي جالسة بجواره بوجه عابس بالمقعد الأمامي .. عيناها محدقة امامها على الطريق صامتة پغضب .. عدة مشاعر مختلطة كان يشعر بها نحوها .. لقد
كاد أن يفقد عقله حينما رأها ممدة على الأرض فاقدة للوعي ..جبهتها مصاپة وتذرف دما ..خوفه عليها أنساه الڠضب منها لجلوسها مع ألد أعدائه .. الخۏف الذي جعله فكان الأهم عنده هو صحتها واستعادة وعيها..حينما فتحت عيناها الجميلة شعر بتوقف دقات قلبه من فرط الفرح بعودتها إليه .. فرحة تبددت فور ان عاد للواقع وتذكر جلستها في المقهى مع هذا الماجن!
عرفتيه
ازاي 
اجفلت من شرودها سائلة 
نعم!! انت بتكلمني 
ايوة بكلمك واسألك.. الزفت ده عرفيته منين 
زفرت حانقة فقالت بسأم 
انت هاتسأل وتتعبني من تاني .. ما انا قولتلك إني تعبانة ومش حمل كلام. 
ماشي ياست البرنسيسة ..هي إجابة السؤال ده بس وبعدها مش هاسألك تاني .
تنهدت بيأس قبل ان تجيبه
اولا دا كان مدير المستشفى بتاعة ابراهيم وتعرفنا عليه هناك لما سأل عنك .. وعشان تريح نفسك ..انا اللي اتصلت بيه النهاردة عشان اسأله .
تسأليه عن إيه 
صمتت ولم تجيب فاردف هو 
فهمت على فكرة من غير ما تقولي .. بس اللي ماتعرفهوش انتي بقى ..إن الزفت ده هو السبب في كل المصاېب اللي....
كفاية ابوس إيدك .
قالتها بمقاطعة وهي تضع كفيها على جانبي رأسها بتعب.. وتابعت 
انا تعبانة دلوقتي ومش حمل أي كلمة ولا معلومة حتى .. ممكن تسيبني اريح بقى على ما توصلني البيت .
اومأ برأسه موافقا
ممكن .. بس انتي هاتقولي لأهلك إيه على البطحة دي 
اشاحت وجهها تردف 
هاقول اني اتزحلقت في الشارع ووقعت على دماغي .
................................
وقعتي على دماغك! يادي المصېبة السودة..انا كنت عارفة ان ليلة امبارح مش هاتعدي على خير ولازم هايجي بعدها نكد .
صاحت بها سميرة بجزع وهي تتفحص رأس ابنتها المصاپة.. خرج على أثرها شاكر من غرفته مجفلا
في إيه ياسميرة ونكد إيه إللي بتقولي عليه
هتفت بجزع وهي ټضرب على صدرها 
تعالى ياابو إبراهيم.. شوف بنتك اللي خرجت زي الوردة المفتحة ورجعالنا دلوقتي مربطة رأسها بالشاش والقطن وماقدراش تتكلم 
اقترب شاكر من ابنته الجالسة على مقعد السفرة مطرقة رأسها پألم
يتفحص جرحها
مالك ياعيون ابوكي ..ايه اللي حصلك 
هزت رأسها صامتة وقد اشتدت الالام رأسها ..فهتفت زوجته 
أهي مقدراش تتكلم ياشاكر ..انا كنت عارفة ان العين هاتصيب حد من عيالي انا كنت عارفة .
هتف عليها بصرامة 
خلاص ياسميرة بطلي بقى كلامك ده .. المهم يابنتي في حاجة تاني في جسمك اټأذت. 
بصوت خفيض قالت 
الحمد لله يابابا.. مافيش حاجة تاني غير بطحة الدماغ دي .
تمام يابنتي.. بس انتي ليه مابلغتناش نلحقك في المستشفى ولا العيادة اللي روحتيها بدال ماتوقفي بطولك هناك وانتي
تعبانة 
ها. 
فتحت فاهها مجفلة لا تدري بما تجيب .. لتفاجأ بطرق خفيف على باب الشقة وصوته يهتف 
عم شاكر .. ياست ام ابراهيم .
اجاب الرجل وامرأته ببشاشة 
اتفضل يابني واقف ليه عندك هو انت غريب
حدقت به وهو يدلف لداخل الشقة فجحظت عيناها پصدمة وهي ترى ما يمسكه بيده وهو يتكلم بدماثة وزوق
مساء الخير ياجماعة .. انا جيت بس اسلم الانسة فجر شنطتها اللي نسيتها معايا في العربية .
هي كانت راكبة معاك في العربية
صدرت من سميرة بصوت يشبه الصړاخ من دهشته.. 
اغمضت فجر عيناها يائسة .. لتكتمل معها ماسي هذا اليوم الطويل والغريب.. تنحنح هو قبل يجيبها
اصل انا كنت معدي بعربيتي في الشارع اللي وقعت فيه الانسة فجر ساعة ما وقعت .. 
قاطعه شاكر سائلا
هو انت اللي وصلتها المستشفى
القى نحوها نظرة بمغزى قبل ان يومئ برأسه موافقا.. فهللت سميرة ببشاشة وهي تنقل نظراتها بينه وبين ابنتها 
اسم النبي حارسك يابني وصاينك.. راجل وشهم.. مايفوتكش واجب وعلى كده بقى انت اللي وصلتها هنا بعربيتك .
كادت ان تبكي مڼهارة أمامهم.. ولكنها تماسكت بصعوبة ..قال هو مبتسما ببرائة 
طبعا ياخالتي سميرة.. دي اصول وواجب عليا .
القت نظرة قاټلة نحو ابنتها وهي تربت على صدره..
والنبي ياحبيبي .. انت مافيش منك ولا زيك في الدنيا كلها .
تمتمت فجر بداخلها 
فاضل بس تدعي عليا قدامه وتقولي هو خسارة فيكى وبكرة ياخد ست ستك .. عشان يكمل مسلسل الذل .
اكمل شاكر على قول زوجته 
انتي بتقولي فيها ياام إبراهيم.. انا عن نفسي ما شوفتش في حياتي كلها حد بشهامته ولا جدعنته .
عم علاء .
الټفت الجميع على صوت إبراهيم وهو خارج من غرفته بالعكاز وكما توقعت تماما هرول نحوه يحمله بحب .
حبيبي انت ياابوخليل .. تاعب نفسك ليه بس وخارج .. مش تنده عليا عشان اجيلك بنفسي. 
ضړبت بيدها على الجزء السليم من جبهتها ..تهمس 
يارب بقى ..عدي أم اليوم دا على خير.. انا خلصت.
إنت صحيح وصلت فجر للمستشفى النهاردة ياعلاء 
رفع رأسه عن الهاتف يجيب والدته
ايوة فعلا.. وانتي عرفتي منين بقى ياام علاء 
جلست بجواره على الأريكة قائلة بمرح
عرفت من امها ياحبيبي.. دي فضلت تتشكر فيك يجي ساعة.. وتهنيني انا بقى علي تربيتي الصالحة في ولادي .. ان كان انت ولا حسين كمان .
قال بابتسامة 
حسين كمان! وانت قولتي إيه ياست الكل 
يعني هاقول ايه بس يابني في موقف زي ده مدام صادفت
البنت ساعة ماوقعت في الشارع وساعدتها فدا واجب عليك.. المهم بقى.. هي قبلت تركب معاك العربية ازاي بعد اللي حصل منها امبارح 
قال بارتباك
يعني ياست الكل ...هي كانت متصابة وقبلت المساعدة .. هوقولها انا قبلتي مساعدتي ليه بعد رفضك ليا امبارح.. وبصراحة يعني.. فجر مش صعبة قوي لدرجادي. 
قصدك إيه 
ها .
إيه إللي ها بقولك تقصد إيه 
قال مغيرا دفة الحديث 
ياست الكل ..انتي هاتفضلي تقرري فيا كدة وتسيبني جعان
..فين الاكل اللي قولتي انك بتحضريه من يجي ساعة
يا حبيب قلبي انت لدرجادي جعان ثواني الاكل هايبقى جاهز .
تبسم بيأس من طيبة والدته وحنانها قبل أن يلتفت لهاتفه فضغط بإبهامه على اسمها !.. اتاه صوتها بنعاس
الوو.. مين معايا على التليفون 
قال بمرح 
إيه ياست البنات.. هو انت لحقتي تنامي 
صمتت قليلا قبل ان تجيب بعد لحظات پصدمة 
انت عرفت نمرتي منين يابني أدم انت وإيه اللي يخليك تتصل بيا أساسا
انت كمان عرفتي صوتي .. لا دا انا كدة افرح بقى 
اتاه صوتها المتذمر 
بقولك ايه ياجدع انت..اقفل السكة انت.. بدل ماقفلها انا في وشك. 
صدر صوته الحازم
إياكي تقفلي يافجر انا بحذرك اهو. 
صمتت فوصله صوت انفاسها الحادة ..فتابع .
واسمعيني بقى وافهمي.. مدام قررتي تسألي في القديم عشان تعرفي..فانا انا كمان قررت اشاركك عشان افهم .
تفهم ايه انت عايز إيه بالظبط. 
عايز افهمك ان مقابلتك المرة الجاية مع اللي اسمه..عصام.. ماهتبقيش فيها معاه لوحدك.. عشان هابقى انا طرف فيها !
.... ..
والنبي زي ما بقولك كدة... انا عن نفسي اتفاجأت زيك بعد ما عرفت من ماما .
تفوهت بها شروق لمحدثها وهي تتأمل نفسها أمام المراة بإعجاب.. اتاها صوته المندهش
يابنتي إيه الجنان ده يعني الصبح تقوليلي ان اختك 
فجر رفضت اخويا علاء قدام والدتي والاتنين خرجوا من عندكم غضبانين بالليل ودلوقتي جاية تقولي ان علاء هو اللي وصل اختك على المستشفى والبيت كمان.. طب اصدقها ازاي دي بقى
ضحكت بمرح وهي تردف بدعابة
شكلهم كدة بيحبوا بعض الجماعة دول وبنفس الوقت بيستعبطوا قدامنا. 
قال بتمني 
ياريت ياشروق والله انا اتمنى من كل قلبي .. دا اخويا علاء دا طيب قوي وتعب وشقي مع والدي كتير .
ياسلام ياحبيبي ما انا كمان اختي زينة البنات وتستاهل كل خير .
وصلها صوته الضاحك
يعني الاتنين ولاد حلال ويستاهلوا كل خير.. ادعي ربنا بقى يجمع قلوبهم على بعض.
يارب يارب .
تعرفي ياشروق.. ان اخويا علاء كان ليه قصة حب كبيرة مع واحدة زمان .
استدارت بجسدها عن المراة تسأله باهتمام 
لا دي أول مرة اعرف.. ودي كانت قريبتكم ولا زميلته في الجامعة 
لا كانت قريبتنا ولا زميلته في الجامعة.. دي كانت بنت جيرانا في الشارع اللي ورانا بس بقى في الجزء الفقير.. اصلهم كانوا ناس على قد حالهم ووالدي اياميها ماعجبهوش الوضع ورفض البنت يطلبها لعلاء..وحصل مشاكل وقتها وخناق مابينهم لأنه كان متمسك بيها لاخر نفس.. لكنه فجأة بقى صرف نظر وانتهت حكايتهم لما البنت سافرت هي وأهلها على الصعيد وعزلوا نهائي من المنطقة.
قالت بتأثر 
ياعيني.. بزعل انا من قصص الحب اللي بتنتهي كده من غير جواز ولا ارتباط. 
فجأءها يقول 
على فكرة ياشروق انا نسيت ما اقولك.. البنت دي تشبهك قوي.. وانا كنت سمعت من والدتي قبل كده انها تقربلكم .
عقدت حاجبيها بدهشة
تقربلنا احنا ازاي بقى هي كانت اسمها ايه ولا بنت مين عشان اعرف
والدها كان راجل نجار كدة اسمه بدر عوض الصعيدي.. والبنت نفسها كان اسمها فاتن .
انت بتقول فاتن معقول هي دي اللي كان بيحبها علاء!
...............................
اعتدلت بجذعها على الفراش وتفرك بكفها على جانب وجهها وقد طار منها النعاس وهي تستوعب كلماته.. فقالت بامتعاض 
سمعني تاني لو سمحت.. عشان الظاهر كدة انا ماا سمعتش كويس.
قال بتصميم وهو يشدد على كلماته 
لا إنتي سمعتي كويس يافجر.. بس بتقاوحي.. ورغم كدة انا هاكرر برضوا تاني .. مقابلتك مع الدكتور عصام المرة الجاية هاتبقى شاملاني انا كمان .
هتفت حانقة 
وتشملك إنت ليه بقى المقابلة دي هو لقاء القمة دول يدوب كلمتين هاخدهم منه عشان اعرف اللي حصل زمان .
وصلها صوته بحدة 
انا عارف انهم كلمتين..
ومتأكد كمان ان الكلمتين دول هايكونوا عن انا. 
صمتتت وظلت صوت انفاسها الحادة هي سيدة الموقف لعدة لحظات قبل ان يقطع علاء صمتها 
اسمعي يافجر .. انا عارف انك مش مصدقاني وعندك شك فيا ..بس انا عايز القعدة تبقى بينا احنا التلاتة عشان نكشف اوراقنا قدامك وتشوفي بنفسك مين فينا معاه الحق.. ياريت يابنت الناس تهاوديني في كلامي المرة دي .
بعد أن أنهت المكالمة زفرت بضيق وهي ترمي الهاتف على الجانب الاخر من الفراش .. وقبل ان تسقط رأسها مرة أخرى على الوسادة ..تفاجأت بشقيقتها وهي ټقتحم عليها الغرفة تهتف
الحقي يافجر الحقي.. شوفتي اللي حصل
فغرت فاهها وهي تحدق بها ببلاهة فاستطردت شروق بلهفة 
انا حالا قافلة دلوقتي مع حسين وقالي خبر بمليون جنيه.. عارفة قالي إيه
ظلت صامتة أيضا على نفس وضعها.. فتابعت شروق بحماس
قالي ان علاء جارنا كان بينه
وبين فاتن بنت عمتك قصة حب كبيرة وكان بيحارب والده عشان يتجوزها بس محصلش نصيب مابينهم. 
صمتت بصدر لاهث وهي تراقب رد فعل شقيقتها التي كانت تنظر لها بتبلد قبل ان تنزل في الفراش وتشد الغطاء عليها وهي تأمرها بعدم اكتراث
اخرجي ياشروق واقفلي الباب وراكي وماتنسيش تطفي النور اللي ولعتيه. 
نهضت عن الفراش متفاجئة منها فقالت حانقة 
دا إيه التناكة دي قال وانا اللي قولت ان هافاجئك بخبر
الموسم.. روحي ياشيخة سديتي نفسي بتناحتك دي.
بعد سماعها لصوت صفق الباب القوي بخروج شقيقتها.. تمتمت هامسة
كان بيحارب والده عشان يتجوزها !!
......................
على مائدة السفرة كان يتناول طعامه وهو صامت .. يستمع لها وهي تتحدث بجواره بمواضيع شتى.. وهو يومئ لها برأسه بروتينية دون حماس.. دلف اليهم حسين يلقي التحية
مساء الخير ياوالدي.
رفع راسه عن الطعام وهو يرد عليه بوجه مشرق 
مساء الفل ياحبيبي.. تعالى كل معايا وافتح نفسي تعالى .
تبسم بداخله وهو يرى وجه نيرمين الذي تغضن پحقد فقالت 
اسم الله عليك ياحج.. ما انا باكل معاك اهو.. ولا انا مش قد المقام عشان افتح نفسك
تغاضى ادهم عن الرد عليها وهو ينتظر رد ابنه حسين والذي قال بأسف 
معلش ياوالدي انا أكلت حاجة خفيفة في الشغل وشبعان.. خليها مرة تانية بقى.
تنهد أدهم وخرج صوته بإحباط 
تاني برضوا ياحسين.. يعني مافيش مرة تفوتها من غير ما تاكل في الشغل وتيجي تاكل معانا أكلة بيتي ترم بيها عضمك يابني.
لا ما انا جيت بدري النهاردة الساعة ٥ مخصوص عشان أتغدا معاكم .. بس للأسف مالقتش حد في البيت غير الشغالين يحضرلي الاكل.
ارتفع حاجب أدهم وانتقلت نظراته لنرمين التي شحب وجهها قبل ان يسأله 
ليه بقى هي مراة ابوك ما كنتش موجودة 
ما انا قولتلك ياوالدي.. ماكنش في حد موجود غير الخدامين .. عن اذنكم اروح اغير هدومي وارتاح .
قالها وذهب سريعا من امامهم.. أسرعت نيرمين تبرر لزوجها ذو النظرات المتفحصة لها 
ما انا قايلالك ياحج الصبح.. إني هاخرج ازور واحدة صحبتي واقضي اليوم معاها .
تقومي تقعدي لبعد خمسة العصر .. وعلى كدة وصلتنا هنا امتى بقى 
بلعت ريقها وهي تجيبه بتوجس 
ما انا عديت على خالتي كمان واتغديت عندها .. فوصلت هنا على الساعة ٦ المغرب كدة .
ظل صامتا لبعض اللحظات مضيقا عيناه بشكل جعل البرودة تسري بأطرافها قبل يقطع صمته وهو ينهض عن الطعام دون رد .
تنفست الصعداء بمجرد ذهابه وهي تمتم پخوف 
الحمد للة ربنا ستر .. الحمد لله.. منك لله ياسعد .
بعدها بيومين. 
بمنزل شاكر خرجت فجر من غرفتها وهي تصرخ بفرح على والدتها الجالسة على مقعد السفرة بوسط المنزل وهي منهمكة في تفطيع الخضروات على الطاولة 
سحر اتخطبت ياماما سحر اتخطبت. 
شهقت سميرة واضعة كفها على
صدرها 
بسم الله الرحمن الرحيم.. في إيه يابت خضتيني.. وسحر مين دي كمان اللي بتقولي عليها اتخطبت
هللت فجر بمرح 
في أيه ياست الكل هو احنا عندنا كام سحر بس صاحبتي سحر بنت رجاء صاحبتك.. لحقتي تنسيهم برضوا ياست ياأصيلة
صاحت فيها حانقة
أكيد عرفتهم يامقصوفة الرقبة.. انا بس مكنتش مركزة في الأول.. المهم بقى انت عرفت منين أكيد هي اتصلت بيكي وعرفتك.
طبعا ياست الكل.. دي اتصلت عرفتني وبعتت الدليل كمان.
قالت الاخيرة وهي تدنوا منها و تناولها الهاتف تنظر اليه .. حدقت سميرة لبعض الحظات بصورة العريسان على شاشة الهاتف قاطبة الحاجبين قبل تفك عقدتهم وتنفرج اساريرها فقالت بفرح
يامشاء الله ياولاد .. دي كمان لبست الشبكة وعريسها زي انا ما انا شايفة كدة حاجة تشرح القلب.
قالت فجر بسعادة بالغة 
هو فعلا حاجة تشرح القلب ياماما.. لا وايه الخطوبة جات كدة فجأة قبل ما تسافر وتخرج من البلد.. ياسلام ياماما دا انا فرحانة قوي عشانها .
قالت سميرة بمغزى 
اه ياختي امال ايه ما انا كمان فرحانة اوي بيها .. البت راحت مڠصوبة على فرح بنت خالها قوم النصيب يحكم وتتخطب هي من هناك .. عقبالك انت كمان ياختي لما النصيب يحكم .
خبئت ابتسامة فجر وهي تفهم مقصدها فتناولت الهاتف من يدها بهدوء وهي ترتد عائدة لغرفتها فقالت بمهادنة.
اه طبعا امال ايه ان شاء الله ياماما ان شاء الله. 
همت لتنسحب ولكن والدتها اوقفتها من قبل ان تتحرك 
استني عندك يافجر.. لابسة كدة ومتنأتكة رايحة على فين 
قالت كاذبة بتوتر
رايحة مشوار للإدارة التعليمية.. عشان عندي شوية ورق عايزة اخلصه هناك.
والمشوار دا ماينفعش يتأجل عشان البطحة اللي في دماغك دي دي حتى ظاهرة على الوش مش مدارية .
تلجلجت قائلة
ياااست الكل.. ما انا هالبس كاب اداريها بيه.. اصل بصراحة المشوار مهم وماينفغش يتأجل أكتر من كدة.. عن اذنك بقى اخد شنطتي من الأوضة عشان اللحق احصل .
...............................
حينما دلفت لغرفتها ذهبت سريعا على الشرفة.. نظرت أمامها نحو المحل .. فاطمأنت لعدم وجود سيارته في موضعها بالخارج.. تنفست ببعض الإرتياح وهي تتناول حقيبتها بحركة رشيقة وتضعها على كتف. ذراعها.. ثم تناولت الكاب تضعه على رأسها كي تغطي به جبهتها المصاپة..
لتخرج بخطوات مسرعة من الغرفة والمنزل والبناية ايضا.. تود الحاق بموعدها.. لقد مر يومان منذ حديثها معه في الهاتف.. حينما أصر عليها لحضور اجتماعها مع عصام.. وهي ابدا لم تقتنع رغم الحاحه.. حينما رأته في بداية اليوم يخرج بسيارته.. استغلت الفرصة رغم تعبها .. لتتصل بعصام وتحدد معه موعدا في الحال.. تتحداه بإصرار فهو ابدا لن يفرض سيطرته عليها.. أنسي انه موضع اتهام وهي
تريد ان تعلم الحقيقة مهما كانت .
دلفت لداخل السيارة الأجرة التي أوقفتها سريعا وعيناها مازلت معلقة ناحية المحل .. تتوجس من مجيئه فجأة فيفسد لقاءها الثاني ايضا.
اطلع على طول ياسطى. 
قالتها لسائق السيارة الذي رد عليها بسؤال وهو يدير المحرك. 
على فين العزم يا انسة 
.............................
حينما ترجلت من سيارة الأجرة التي توقفت امام العنوان الذي وصفه لها هذا
المدعو عصام.. وقفت لعدة لحظات تنظر لواجهته بانبهار وتردد في الدخول لهذا المكان ذو اليافطة الاجنبية والذي يتوسط منطقة من ارقى مناطق العاصمة.. ويبدوا من الوهلة الأولى أنه أنشئ مخصوص لعلية القوم.. تقدمت بخطواتها حتى دلفت لداخله فوجدته اتخذ طاولة قريبة جدا من الباب حتى يسهل لها رؤيته.. وقف لها كالمرة السابقة بملابسه الباهظة والتي تمثلت في ارتدائه لسروال من الجينز وعليه كنزة صوفيه سوداء زادته بهاءا.. كان واقف بثقة في المكان الذي يشبهه عكس السابق.. عيناها ذهبت على باقي رواد المحل من فتيات ورجال فشعرت ببعض الحرج من ماترتديه وهذا الكاب الرياضي الذي غطى على جبهتها المصاپة فلفتت اليها الأبصار بغرابتها .
استقبلها بابتسامة مشرقة جعلته وسيما وهو يرحب بها حتى جلست امامه فقال بمشاكسة
اخيرا وصلتي.. دا انا قولت انك غيرتي رأيك ولا تكوني لاغيتي الموعد.
ردت بحرج 
بصراحة انا بعد مادخلت البتاع ده فكرت فعلا الغي وارجع من مطرح ماجيت احسن .
ليه بتقولي كدة 
قالت بحرص وهي تتجنب النظر حولها 
حضرتك مش شايف نظرات الناس ليا وكأني كائن غريب دخل عليهم في منطقتهم .
القى نظرة بطرف عيناه على بعض الطاولات فقال بابتسامة جانبية 
مكنتش اعرف ان بيهمك قوي اراء الناس اللي
عقولها فاضية دي بس على فكرة بقى .. بغض النظر عن الماركات الغالية اللي لابسينها.. انتي احلى واشيك واحدة دخلت المحل .
ارتبكت واحمرت وجنتاها من غزله الصريح فقالت بجدية 
ارجوك حضرتك انا جاية هنا على موضوع محدد وافتكر ان انت كمان عارف الموضوع ده .
اسبل عيناه وارتسم الحزن على ملامحه قبل ان يرد عليها 
عندك حق طبعا في اللي بتقوليه.. انا فعلا سبب اصراري على لقاءي بيكي هو....
قطع جملته يمسح بأطراف اصابعه على جبهته الباردة بحرج قبل ان يستطرد سائلا
هي فاتن ماټت ازاي بالظبط
ضيقت عيناها وهو تنظر اليه بتفحص ..فسألته
وانت يهمك قوي تعرف هي ماټت ازاي ليه يعني 
قال بتصميم
من غير اسئلة ارجوكي.. قولي وريحينى.
انتابها الشك من هيئته الحزينة فقالت بريبة 
انا مستعدة اقولك ماټت ازاي بس انا عايزة اعرف دلوقتي منك ..هي فاتن كانت بالنسبالك إيه هل هي كانت حبيبة صاحبك حسب كلامك ولا في حاجة تانية انا معرفهاش
صمت قليلا يفكر في الإجابة قبل ان يحسم قراره
بصراحة في.. بس انا بقى مش قادر اتكلم معاكي وانا مش عارف حدود معرفتك بيها واصلة لفين عشان اقدر اتكلم معاكي بسهولة .
جحظت عيناها وتحفزت كل خلايا جسدها وهي تقترب برأسها منه تهمس من تحت اسنانها 
عايز تعرف حدود معرفتي بيها إيه يكفي اقولك ان انا الوحيدة بعد اهلها اللي كنت على علم بحملها قبل مايسافر بيها والدها على الصعيد...
كانت حامل كمان!
قالها بمقاطعة بوجه مصډوم انسحبت منه الډماء .. اثار شكها اكثر فقالت 
في إيه هو مين اللي كان حبيبها فيكم انت ولا علاء 
اغمض عيناه وهو يضغط بأطراف اصابعه على أعلى انفه فقال همسا
حبيبها كان علاء .. انا كنت مجرد واحد صاحبه وبس .
طرقت بقبضتها على الطاولة بعصبية 
طب ماتفهمني بقى اللي حصل عشان ارسى على بر.. بدال الدوخة دي اللى دايخاها مابينكم .
فرد كفيه امامها وهو يهز برأسه بحركة مفهومة فقال 
مش عارف .
نعم!!
وربنا زي ما بقولك كدة.. مش عارف .
ههه انت لسة برضوا على نفس النغمة.. ماتغير يابني بلاش ملل .
شهقت منتفضة وهي تراه جلس بجوارها امام نظرات عصام المتفاجئ هو الاخر.. فقالت پغضب مكتوم 
انت تاني برضوا دا انت مصمم بقى تعملي ڤضيحة.
جز على فكه يخاطبها بټهديد
احتراما لأهلك بس.. هامسك نفسي عن اني اجرجرك من شعرك حالا واخرج بيكي قدام امة لا اله الله الموجودة في المحل دلوقتي.
فغرت فاهها وهي تدفعه بقبضتها على كتفه بتعصب
تجرجر مين يابني أدم انت هي سايبة ولا انت فاكر عشان اختي بقت خطيبة اخوك تبقى من العيلة بقى وتفرض نفسك عليا .
امسك بكفه على قبضتها وهو يهمس بجرأة 
دي المرة التانية تمدي فيها ايدك عليا وانا برضوا ساكتلك.. ودا معناه ان شلتي ما بينا التكاليف.. تحبي بقى اردلك انا كمان
شهقت تنزع يدها من كفه قائلة بقلة حيلة 
اوعى يا أخي دا انت
غتت فعلا.
قال لها باستفزاز 
ماشي ياحلوة حسابك معايا بعدين عشان نفذتي اللي في دماغك وجيتي تقابليه برضوا لوحدك بس معلش ملحوقة.. خلينا بس الاوة نشوف الباشا بتاع معرفش .
عضت على شفتها غيظا منه قبل ان تلتفت ناحية عصام حانقة .. فتفاجات بالحزن الذي اكتسى به وجهه وهو مطرق رأسه بشرود.. فرقع علاء بأصابع يده امام وجه الاخر قائلا بدعابة لا تحمل المرح 
اصحى يا سي الدكتور
.. انت نمت مننا ولا أيه ما تصحى ياباشا وتفهمنا بقى إيه حكاية معرفش دي بقى اللى ماسك فيها بقالك سنين. 
رفع اليه رأسه وهو يسند بمرفقيه على الطاولة مشبكا كفيه .. فقال بإصرار
ايوة ياعلاء .. رغم استخفافك وسخريتك دي .. بس انا برضوا مصر إني معرفش ازاي دا حصل انا معرفش ازاي لاقيتها جمبي عالسرير. 
ضحك بمرارة 
هههه .. ياحلاوة.. ما تكونش البنية حطتلك حاجة اصفرا بقى وخلتك تاخدها ڠصب عنك الشقة وتبات معاك في اوضة واحدة كمان 
قاطعتهم پصدمة 
انتوا بيتكلموا عن إيه ومين دي اللي لقيتها جامبك عالسرير وباتت فى اوضة نومك وشقتك. 
الټفت اليها علاء قائلا 
لهو انتي لسة ماعرفتيش ياحلوة احنا بنتكلم عن فاتن بنت عمتك اللي فضلتي طول السنين اللي فاتت متهماني انا ضياع مستقبلها .
الټفت رأسها الى عصام قائلة بحدة 
انت تقصد ان عصام هو.......
ايوة كدة بالظبط ياقمر .. عصام هو اللي ....
.
رايح فين ياسعد 
صدحت من خلفه بصوتها الذي صار يبث بجسده القشعريرة والكره .. كاد يكمل طريقه للخروج ويتجاهلها ولكنها كررت بنبرة أعلى 
ماشي على طول وعامل نفسك مش سامعني ياواد.. ماشي ياسعد ماشي يابني. 
توقف يزفر متأفافا لبعض اللحظات قبل ان يرسم على وجهه ابتسامة سمجة وهو يستدير بجسده إليها وهي متكئة بجسدها الممتلئ على الأريكة الخشب الملتصقة بالحائط وسط الصالة الضيقة . امامه تلفاز صغير وضع أعلى المنضدة 
معلش ياما مكنتش مركزة وانا خارج .. ها عايزة إيه بقى 
مصمصمت المرأة بشفتيها تصدر صوتا متهمكما 
ليه ياعين أمك بقى يكونش بتحب جديد 
ضغط بأسنانه على شفته السفلى بغيظ قبل ان يرد عليها 
وافرضي ياستي بحب جديد فيها حاجة دي بقى ولا هو بقى عيب ولا حرام
ردت بصوت متذمر 
لا ياخويا مافيهاش حاجة.. بالعكس بقى دا انا اتمنى ربنا يهديك و تجيبلي واحدة تخدمني بدال ما انا طالع عيني في شغل البيت والطبيخ.. وانت البعيد ماعندكش ډم .. لو شربت كوباية شاي بتسيبها بالتفل بتاعها .. ولا فيش مرة ربنا قدرك
تغسل الطبق اللي بتاكل فيه دا انا بشوف رجالة بشنبات يوقف عليها الصقر وتلاقيها بتساعد امهاتها وبتغسل المواعين وتكوي الهدوم و.....
اماااااا..
هتف بها هادرا فاقدا التحكم في غضبه لدرجة ارعبتها فجعلها تنكمش على نفسها صامتة پخوف . حاول تنظيم أنفاسه قبل ان يرد عليها ببعض الهدوء 
انت كنتي موقفاني ليه بقى من الأساس 
قالت بتردد 
انا بس كنت عايزاك تعدي على اختك نبيلة.. تشوفها لا تكون عايزة حاجة .. ما انت عارفها غلبانة ..من ساعة ماجوزها دخل السچن وهي بتدبر لقمتها بالعافية. 
رد من تحت اسنانه وهو يشير بيده 
تاني برضوا.. اختي ونيلة وزفت .. هو انا كنت مجوزها عشان اشيل همها هي وجوزها كمان ولا انتي فاكراني قاعد على بنك وبغرف في الفلوس من غير حساب 
في إيه يابني اشحال ان ماكانت الورشة دلوقتي بتدخلك شئ وشويات .. وربنا فتحها عليك من وسعه ... 
كفاية ياما الله يرضى عنك.. ماهو قرك دا هو اللي هايجيب درفها .. هابقى اتنيل
اعدي على اختي واشوفها استريحتي
اومأت برأسها زامة شفتيها.. فسحب نفسه للخروج ولكنها أوقفته قبل ان يمسك بمقبض الباب
ما تنساش تجيبلي معاك كيس برتقان ياولا .. حكم انا نفسي مسدودة وحاسة نفسي هاعيا. 
جز على فكه وهو يخرج فورا قبل ان يرتكب چريمة مع هذه العجوز .. صافقا الباب بقوة جعلتها تصرخ من الداخل 
طب براحة ياخويا شوية على الباب لاتكسره في إيدك.. وترجع تكسل ما تصلحه تاني..
حينما خرج من منزل والدته التي تركها بالداخل تثرثر متذمرة .. سار بخطواته البطيئة وهو يتنفس هواء الشارع بارتياح بعيدا عن محيطه الضيق معها ..حتى وصل إلى ورشته القريبة من المنزل .. ورشة السعد لصناعة غرف النوم واثاث المنزل البسيط .. وقف لعدة دقائق يتأمل اليافطة التي اعتلت الواجهة من الخارج.. عاقد الحاجبين .. لقد كان الثمن امتلاكه لها غاليا وهو بغبائه وتسرعه جعله فادحا ! 
...........................
تحركت مقلتيها بغير هوادة تتنقل في النظر ما بينهم دون تصديق ولا استيعاب حرف واحد مما ذكره علاء الذي يتحدث بثقة والاخر متكتف الذراغين أمامهم في جلسته بوجه جامد مغلف بالغموض.. ولكنه لا ينكر!... صاحت فجأة وقد فقدت السيطرة لدرجة أجفلت من حولهم .. انتوا بتشقطوني لبعضكم زي الكورة.. ماتفهموني بالظبط ايه معنى كلامكم ده
فك قليلا جموده حينما شعر بنظرات الفضول التي كانت تشع من بعض الأشخاص على الطاولات القريبة منهم فقال بتوتر 
ارجوكي ياانسة فجر وطي صوتك شوية.. الناس بتبص علينا. 
قالت بصوت
خفيض من بين اسنانها 
طبعا أكيد.. يهمك قوي رأي الناس اللي من عينتك .. لا تشوه صورتك اللي بتلمع قدامهم .. طب وهي ماخفتش عليها ليه ولا هي كانت لعبة ما بينكم ولا رهان ولا إيه بس انا دماغي هاتنفجر من دايرة الالغاز دي ..قالت الاخيرة بمغزى وقد انتقلت نظرتها مرة أخرى لعلاء الذي رد باستياء
في إيه ياست الأبلة بس ما انا قولتك 
على اللي فيها..
تحبي افسرلك اكتر ماشي ياست البنات .. انا كنت مجرد واحد مغفل بيحب البت جارته وواقع على بوزو فيها وكنت ناوي اتجوزها بحلال ربنا .. بس ابويا كان واقف في الموضوع.. قوم إيه بقى فجأة كدة اشوف بعيني خېانة المحروسة ليا مع ابن البهوات اللي كنت فاتحله بيتي وأكل من عيشي وملحي.. 
انا ماخونتكش
قالها مقاطعا بحدة .. اثار انتباه الاثنان فاستطرد متابعا 
ايوة ماخونتكش وفاتن اشرف واحدة شوفتها في حياتي كمان .
اهتزت رأس علاء بابتسامة ساخرة .. أما فجر فقالت بتعب 
امال أيه بس هو انتوا مش راضين تريحوني ليه وتقولوا الحقيقة ما هي خلاص راحت عند اللي خالقها ومافيش مسئولية على حد فيكم .
انا هاحكيلك بكل اللي حصل يا فجر وياريت بس تسمعيني كويس .. بس في البداية كدة ياريت اخينا ده ما يقاطعنيش نهائي لحد اما اخلص كل كلامي .
التفتت الى علاء محذرة فرفع كفيه باستسلام يمط شفتيه 
تمام خالص ياعم .. انا هافضل قافل بوقي للنهاية واحكي انت وألف ياباشا على كيفك !
تجاهل عصام تهكمه وفضل التحدث مباشرة 
في البداية كدة انا حابب اوضح معلومة .. انا فعلا كنت معجب بفاتن لأنها كانت بتمثل قدامي صورة حية لجمال بنت البلد اللي كنت بشوفها في السينما والتلفزيون.. لكن إعجابي ده عمره ما اتخطى انها تخص صاحبي وهاتبقى زوجته رغم علمي بمعارضة والده الشديدة ومعارضة والدها اللي كان مصر يجوزها لابن عمها زينهم في البلد .
قطعت صمتها تسأله متفاجئة
نعم!! وانت عرفت حكاية ابن عمها زينهم منين بقى 
علت زاوية فمه المغلق بشبه ابتسامة قائلا
ماهو دا بقى هو اصل الموضوع !
ظهر الاهتمام جليا على وجه الاثنان .. فتابع هو 
عشان اريحكم من الأسئلة.. انا هاحكي اللي حصل بالتفصيل .
توقف بسيارته المكشوفة أمام المحل المشهور والذي توسط الشارع الكبير ضمن مجموعة من المحلات في هذه المنطقة المعروفة .. فترجل منها بخيلاء وكأنه يمتلك المكان.. حينما دلف لداخله استقبله العمال بالترحاب الشديد وذلك لتبسطه في الحديث معهم .. حتى خرج إليه الرجل المهيب .. صاحب المكان .. رحب هو الاخر بابتسامة عريضة 
أهلا يادكتور.. نورت المحل يابطل .. دا إيه الزيارة المفاجأة دي 
تبسم الاخر بإشراق وهو يرد التحية بالمصافحة 
دا نورك ياعمي أكيد.. انا جيت النهاردة مخصوص عشانك انت .
اشار له ليجلس امامه وجلس هو خلف المكتب فسأله بدهشة 
جاي عشاني انا.. يارب يكون خير .
اكيد طبعا خير ياعمي.. انا عايز اطمنك على علاء عشان كنت عنده امبارح فى زيارة وشوفته بنفسي .
رد متلهفا 
صحيح يابني ..يعني هو كويس في الجيش كدة ومرتاح ولا يكونش تعبان ابوس إيدك يابني طمني.. دا مقاطعني عشان الموضوع إياه ومابيرضاش يتصل ولا يبل ريقي منه بكلمة.. ولا اكني عدوه.
معلش ياعمي .. هو واخد على خاطره منك وانا بصراحة رغم اني متفهم موقفك .. لكن برضوا متعاطف معاه .. اصله بيحب البنت أوي ومتعلق بيها.
انت كمان هاتعوم على عومه ياعصام.. دا بدل ما تعقله. 
الله ياعم ادهم .. هو انت هاتزعل مني انا ولا ايه دا يدوبك بس واسطة خير مابينكم.
طب ياخويا ياواسطة الخير.. طمني على احوال صاحبك بقى .
ظلت جلستهم الودية في الحديث عن علاء واحواله في الجيش لعدة لحظات .. قبل ان يغادر عصام وقد طمأن الرجل على احوال ابنه العنيد .. دلف لسيارته وادار المحرك وهو يقود بالبطئ حتى تمكن بالخروج بها إلى الشارع الرئيسي وقبل ان يسرع تفاجأ بمن تصدرت بجسدها امام السيارة فضغط على مكابح السيارة پعنف حتى اصدرت صريرا .. اخرج رأسه لها هاتفا بجزع 
انتي اټجننتي يافاتن عايزة تضيعي نفسك وتوديني في داهية 
وكأنها لم تسمع .. لفت حول السيارة حتى فتحت الباب الأمامي وجلست بغير
أذن قائلة پخوف
نزل غطا العربية ياعصام.. وخرجني من هنا بسرعة الله يخليك قبل ابويا مايشوفني.
ليه هو في إيه ... 
ابوس إيدك بسرعة .. إنت لسة هاتستفسر .
أذعن لصيحتها ليغلق الجزء المكشوف من السيارة وادار المحرك بسرعة لتقطع السيارة الشارع الرئيسي وبعد ان تجاوزته.. تكلم عصام بقلق 
ممكن بقى تقولي في إيه عشان افهم اللي حصل .
رفعت وجهها المغرق بالدموع فخرج صوتها بنشيج مكتوم 
عمي زينهم وابنه فتحي.. جاين عندنا النهاردة يقروا فاتحتي مع ابويا .
يانهار ابيض.. انت بتقولي إيه
والنعمة زي ما بقولك كدة يا عصام .. انا رفضت ومنعت الأكل والشرب كمان .. بس أبويا مصر يجوزني ويرتاح مني.. خصوصا بعد ما سمع من عمي ادهم لما حذره
وقالوا ابعد بنتك عن ابني .. وعلاء سابني وراح الجيش .. انا هاموت لو اتجوزت حد غيره ياعصام .. ابوس إيدك شوفلي صرفة . انت أهلك ناس واصلين يعني تقدر تتصرف في موضوع الجيش ده.
أيوة يابنت الناس انا معاكي .. بس الحاجات دي بتاخد وقت وانتي بتقولي ان النهاردة قراية فاتحتك.. نحلها ازاي دي بس
باطراف اصابعها مسحت دماعتها پعنف فقالت بتصميم
انا خرجت هربانة ومش
راجعة البيت تاني غير وانا في عصمة علاء عشان ما حدش يملك يجبرني على حاجة تاني. 
ضړب بكفه على المقود وهو يردف بعصبية 
ياادي الداهية السودة.. انتي مچنونة يابنتي وعايزة توديني في مصېبة معاكي
ازداد بكاءها المرير بشكل اثار حنقه من نفسه .. فقالت من بين بكاءها
انا مكانش قدامي حل غير كدة.. وانا عارفة ومتأكدة اني لو رجعت دلوقتي.. ابويا هايكسر عضمي عشان هربت وبرضوا هايجوزني فتحي ابن عمي ڠصب.. ترضهالي دي ياعصام .
استغفر للحظات قبل أن يسألها بضيق 
طب انتي عندك مكان يابنت الناس تقعدي فيه على ما اتصرفت انا ووالدي مع علاء بظروف جيشه دي وخرجناه أجازة .
حركت رأسها نفيا .
كل عنوانين قرايبي واصحابي ابويا يعرفهم .. وانا معرفش حد تاني يساعدني .
ردد خلفها بقلة حيلة 
يعني كدة انا لبست .
زفر بضيق وهو ينظر امامه للطريق .. فتابع بعد قليل بحزم 
اسمعي يا فاتن .. انا مقدرش ادخل بيكي بيتنا .. ولا اعرف اقعدك عند حد اعرفه.. بس ممكن اقعدك في شقتي وانا اقعد في بيت العيلة ..لكن كمان اخاڤ على سمعتك.. 
قاطعته بلهفة
وايه اللي هايمس سمعتي بس وانت هاتسكن عند اهلك قعدني هناك يومين وحاول تتصرف انت وتنزل علاء اجازة بسرعة من الجيش .. عشان يخف الحمل دا من على ضهرك.
هز رأسه بقلة حيلة وهو يلتفت مرة اخرى للقيادة فقال مستسلما 
لله الأمر من قبل ومن بعد .
...........................
ادار مفتاح شقته في الباب قبل أن يفتحه ويدلف أولا ثم هتف عليها وهي متسمرة مكانها 
ادخلي يافاتن .. البيت بقى بيتك خلاص
دلفت خلفه بخطوات مترددة لداخل الشقة الفاخرة بأثاثها المبهر.. تتلفت يمينا ويسار بعدم راحة .
قال خلفها بمزاح 
إيه يافاتن خاېفة لا استفرض بيكي ولا إيه 
نظرت إليه پخوف فضحك بصوت رنان فتابع 
معلش هارحمك انا واريحك دلوقتي .. بنت يا أمينة .. ياأمينة.
خرجت اليهم فتاة سمراء نحيفة تجيبه بارتياب وقد ارتكز بصرها على فاتن فور ان رأتها أمامها 
نعم يا سعادة الدكتور.. في حاجة .
ايوة في ياأمينة .. عايزك تاخدي فاتن وتوضيبلها اؤضة تنام فيها الكام يوم اللي جاين دول 
تقعد فين في اؤضتك انت ياسعادة الدكتور .
صاح فيها هادرا
اؤضة مين ياغبية انا بقولك شوفيلها اؤضة تانية تقعد فيها مؤقت كدة كام يوم .. اؤضتي انا اياكي تقربي منها ولا تدخليها.. انت سامعة ولا لأ .
اذعنت بصوت مطيع 
فاهمة يابيه فاهمة .
عاد بنظره الى فاتن الواقفة محلها بجمود يخاطبها
اسمعي يافاتن .. انا هاتروحي معاها دلوقتي تختاري اؤضتك وانا هادخل اوضب شنطتي واسيبك بقى معاها.. بس هاجي يوميا اطمن عليكي واجيب طلبات البيت في حضور امينة على ماقدرنا اتصرفنا في اجازة علاء وبعدها بقى اسلمك ليه وانتوا تتصرفوا مع بعض فى موضوعكم ده .. تمام كدة
هزت برأسها موافقة هامسة بصوت خفيض
تمام .
ذهب عصام فتركها هي بالمنزل مع الخادمة التي اختارت لها غرفة جميلة بالمنزل .. مرت ليلتها الاولى لم يغمض لها جفن من القلق والخۏف لما سيترتب على مغامراتها. ولكنها دائما ماكانت تشجع نفسها بالصبر لحين حضوره وبعدها تنحل كل مشاكلها مع عائلتها وعائلته .. فهو قوي وقادر على حماية من يحب ..في اليوم التالي اتى إليها عصام صباحا ببعض طلبات المنزل .. وجلس لدقائق فقط يحتسي قهوته وأخبرها انه فاتح والده بالموضوع والذي وعده بالبحث في الموضوع بمعرفة من يستطيع مساعدتهم في الأمر. . وفي اليوم الثالث حينما أتى عصام في موعده فاستقبلته الخادمة بوجه شاحب قبل أن تخرج اليه فاتن 
إيه مالك يا أمينة وشك مخطۏف كدة ليه
مسحت دمعتها بكم جلبابها فقالت 
عايزة امشي واشوف أمي ياسعادة البيه.. وانت أمرتني ماسيبش الهانم لوحدها .
تنهد وهي يثني قماش بنطاله قبل أن يجلس
على احد المقاعد بصالة البيت 
يابنتي ما انا بقولك اصبري يوم ولا اتنين تاني بس .. وان شاء الله هاديكي انا اجازة كبيرة بعدها من غير خصم مليم واحد من المرتب .
يابيه انا امي تعبانة وما ينفعش اقعد اكتر من كدة من غير ما اطمن عليها.
تدخلت فاتن التي خرجت من غرفتها وشاهدت حديث الفتاة
خليها تروح ياعصام وانا هاستناها هنا على ما تيجي.. تطمن هي على والدتها بس ياريت ماتتأخرش .
قالت الخادمة بلهفة 
لا والنبي ياهانم .. قبل ما تغيب الشمس هاتلاقيني جيت هوا .. المهم بس اطمن عليها واشوفها .. موافق يابيه .
أومأ موافقا بضيق قبل ان يقول
ماشي ياستي.. بس مافيش خروج غير بعد
ما انا امشي.
تهللت اسارير وجهها فقال هو امرا 
فرحتي
ياختي .. ياللا بقى اعمليلي فنجان قهوة على ماقولت الكلمتين اللي جاي اقولهم.. يالا .
من عنيا ياباشا .
قالتها بمرح قبل تذهب من امامهم سريعا .. فسألته فاتن
مافيش اخبار عندك ياعاصم. 
قال بحزن 
في أخبار يافاتن ..الاول مش عارف بقى هايفرحك ولا يحزنك .والتاني نخليه بعدين .
قالت بتوجس 
خلاص ابتدي بالأول .
الاول ياستي هو ان عمك وابنه رجعوا تاني على الصعيد.. بعد مافقدوا الامل .. ووالدك بقى قالب
الدنيا عليكي حسب ماعرفت .
اومأت رأسها بحزن عميق قبل ان تقول 
طبعا دا المتوقع واللي عاملة حسابي عليه من الاول .. المهم بقى خلينا في الخبر التاني. 
التاني ياستي هو ان والدي قدر يتواصل مع واحد معرفته من زمان .. رتبة مهمة هناك .. قال انه هايقدر يتصرف ويخرجوا اجازة فى خلال يوم ولا اتنين بالكتير. 
تبسمت بمرح لتمحو اثار الحزن من وجهها فقالت
بجد ياعصام.. يعني خلاص انا هاخلص
من مشكلتي بقى وارتاح. 
قال خلفها بأمل 
ان شاءالله ياستي اتمنى .
لم تدم الجلسة سوى لحظات ولكنه لا يذكر بعدها سوى انه استيقظ من نومه على صوت مزعج لجرس وطرق عالي على باب شقته.. رأسه الثقيلة رفعها عن الوسادة بصعوبة وهو يتأمل غرفة نومه المعروفة .. اعتدل بجذعه لينزع الغطاء عنه ولكنه تفاجأ بحركة خفيفة بجواره وصوت مكتوم .. ادار رأسه فتوسعت عيناه بجزع وهو يرى بجواره فاتن وهي ملتفة بغطائها حتى ذقنها تشهق باكية بصوت مكتوم وشعرها المبعثر يغطي وجهها.. رفعت اليه عيناها الحمراون پانكسار ..فضړب بكفه يغطي فمه بجزع .. لا يعرف كيف حدث هذا ولكنه علم جيدا انه وقع في مشكلة خطېرة خطېرة جدا.
... 
الطرق العڼيف على باب الشقة مستمر والصوت المزعج لجرس المنزل لا يصمت أبدا وهو ينظر إليها پصدمة. حتى خرج صوته اخيرا قائلا بتشتت
هو إيه إللي حصل بالظبط وانتي إيه اللي جابك أوضتي وانا إيه إللي نايمني فيها أساسا
كانت تهز رأسها بحركات غير مفهومة وتغمم بكلام لا يستطيع سماعه مع أصوات بكائها ونشجيها العالي .. كرر عليها سؤاله مرة أخرى بترجي
ابوس إيدك يافاتن فهميني.. إيه اللي حصل يابنت الناس 
خرجت كلماتها من وسط بكائها فسمعها بصعوبة
انا كمان... مش عارفة حاجة.. انا كمان مش فاهمة.. بس الأكيد..هو إني صحيت فجأة.. لقيت نفسي بالوضع وعرفت اني ضيعت .. ضيعت.
مع ازدياد الحركة العڼيفة على الباب الخارجي نهض مضطرا يرتدي ملابسه ولكنه دنى منها فجأة وهو يغلق ازارار قميصه 
أبوس أيدك يافاتن فهميني طيب .. مدام انتي صحيتي قبلي يبقى إكيد فاهمة حاجة عني.. هو انا اللي اتهجمت عليكي يافاتن ولا قربت منك وانا مش داري كدة بنفسي 
رفعت رأسها اليه تنظر بعيناها التي ذبلت من البكاء ووجهها مغرق بالدموع و قالت بحدة
انا اول ما صحيت وحسيت بنفسي .. كان هاين عليا اۏلع فيك وكنت قايمة اجيب سکينة اغرزها في قلبك وانا مخي جايب فورا ان انت اللي عملت كدة فيا.. بس اللي انقذك مني هي ريحتك .
نعم!
قالها ببلاهة وعدم فهم .. فتفاجئ بها تجذبه من قماش قميصه تتشممها بأنفها فصاحت بوجهه 
الريحة اللي هلت في مناخيري وانا بين الفوقان والنوم وكل حواسي متخدرة.. إلا حاسة الشم .. مش هي دي .. دي ريحة تانية.. شمتها انا كتير.. لكن مش ريحتك انت الغالية .. يعني مش ريحتك.
بوجه شاحب وصوت خرج بصعوبة وهي تبتلع في ريقها الجاف .. قالت ببعض التماسك رغم العواصف الهوجاء التي ټضرب بشدة داخل عقلها
وإيه اللي حصل بعد كدة 
تتنهد بثقل قبل ان يجيب عن سؤالها وهو يحدق في الجالس بالقرب منها على الطاولة.. بوجهه الجامد وقد ذهب عنه حتى السخرية المريرة وكأنه عاد لقلب الأحداث رغم مرور السنوات .
الأفندي دا يقولك علي اللي حصل .. لأني اتفاجأت بيه وهو بيقتحم علينا الشقة زي الإعصار وعلى أؤضة نومي تحديدا كان محدد طريقه بالظبط.. وطربق الدنيا فوق دماغي انا والبنت الغلبانة .
التفتت رأسها اليه تنظر باستفسار فخاطبها بقوة قائلا
تفتكري يعني واحد ظبط حبيبته مع اعز صحابه وفي وضع زي ده.. هايبقى آيه رد فعله ساعتها
اذيتها!
لا طبعا انا ما بلمسش حريم انا بس هجمت على اخينا ده وفتحت مخه وهي بقى اعتبرتها مش موجودة ولا تستاهل تعبير مني أساسا .
بس هي كانت مڼهارة قدامك واترجيتك تصدقها 
وانت لو مكاني كنت هاتصدقها 
اطرق عصام بحزن يعتصر قلبه فهز رأسه نافيا 
أكيد لأ .. انا مش ملاك .
ضړب علاء بقبضته على الطاولة وهو يقول ما بين أسنانه 
ولما هو كدة إيه لزوم المحڼ ده بقى والقصص الرخيصة اللي بتسمعهانا بقالك ساعة 
رفع عصام رأسه قائلا بانفعال 
بقى بعد إللي حاكيته دا كله وانت لسة برضوا مش مصدق يابني أدم انت 
ياعم وانا إيه بقى اللي يخليني اصدق القصة الهبلة بتاعتك دي من الأساس والدليل شوفته بعيني.. دا غير كمان انها طلعت في الاخر حامل.. يعني فكك بقى من التمثلية البايخة دي. 
اغمض عيناه يائسا قبل أن
ينقل أنظاره الى فجر الجالسة واجمة أمامهم .. تنظر إليهم بأعين خاوية.. فاقدة للحياة بهم .
وانت كمان يا انسة فجر مش مصدقة برضوا كلامي رغم علمك بأخلاق بنت عمتك 
قالت بتعب 
يا أستاذ عصام.. انا لا مصدقة ولا مكدبة ولا عدت فاهمة حاجة خالص .. انا حاسة نفسي واقعة في بير غويط دلوقتي والبير دا مالوش قرار.. ونفسي الاقي بقى مخرج من بحر الالغاز دة.. لكن
مش عارفة.
يعني برضوا مش مصدقة.. طب ما سألتوش نفسكم انتوا الاتنين.. هي ليه مجابتش إسمي قدام والدها بعد الدنيا ما اتطربقت فوق دماغها هي لوحدها
صمتت فجر وجاء الرد من علاء بتهكم كالعادة 
ودا بقى يأكدلنا انك برئ ..صح 
أسمع ياعلاء .. إنت لما دخلت علينا الشقة وضربتني وفتحت دماغي.. مكنتش فاهم ولا جاب مخي اي حاجة عشان اعرف ارد عليك بيها.. انا ساعتها كنت مقدر حالتك.. بس اللي حصل بعد كدة خلاني فهمت..انت بعد ما مشيت فاتن اټرعبت من منظري والفضايح اللي كانت هاتيجيها من ورايا.. لبست هدومها ومشيت وسابتني.. انا بقى قدرت اتصل بوالدي ودخلت بعدها المستشفى ايام على ما خرجت لقيت البنت الخدامة اختفت نهائي وحاولت اوصلك انت وافهمك عن طريق سعد لكنك رفضت وبشدة .. كنت مشغول قوي على فاتن ونفسي اوصلها لكن اتفاجأت بخبر سفرها مع أسرتها على الصعيد ..سألت عن عنوانها هناك وكنت مستعد اطلبها منهم واتجوزها .. لكن والدي خاف عليا بشدة من اهلها لما حكيتلوا الموضوع .. واصر انه يبعدني ويسفرني اكمل تعليمي في لندن وانا سافرت زي الجبان وسيبتها .
قال الاخيرة بصوت خفيض واجش وقد سقطت معها دمعة خائڼة على وجنته ازاحها بأبهامه بسرعة .. جعلت الاثنان ينظران اليه وكأن على رؤسهم الطير .. قبل ان ټنهار فجر فقالت باكية 
يعني كل اللي حصل دا كان مؤامرة والبنت الخدامة مشتركة فيها مع شخص مجهول عليكم .. طب ليه
بجد مش عارف .. الخطة كانت محكمة جدا وظهور علاء في الوقت ده بالذات عقد الدنيا من جميع النواحي. 
وانا كنت هاعرف منين كل كلامك ده .. انا جاتني رسالة من شخص مجهول بيحذرني فيها من صاحب عمري اللي خطڤ حبيبة قلبي وخلاها تسيب الدنيا وتعيش معاه في الحړام.. انا اتبرجلت من الرسالة دي ومكنتش مصدق بس لما اتصلت بامي أكدتلي ان البنت هربانة من أهلها بقالها يومين ..انا برج من عقلي كان هايطير مني من الكلام العجيب ده وڠصب عني لقيت نفسي مقدم على أجازة وادعيت فيها مرض والدتي .. وبمجرد ما نزلت على بيتنا عشان استفسر وصلتني رسالة على فوني من رقم مجهول واحد بيستهزأ بيا
وبيبلغني بوجود حبيبتي مع عصام في شقته وخيانتهم ليا فيها.. وبعدها روحت وشوفت بنفسي وحصل اللي حصل.. انتوا لو كنتوا مكاني كان هايبقى إيه تصرفكم ساعتها 
..............................
على مقعد خشبي صغير خاص بالقهوة الشعبية داخل الحارة كان 
ېدخن الأرجيلة.. ينفث داخانها المتصاعد عاليا بشرود في الهواء وعيناه على المنزل الكبير والذي يشغل مساحة واسعة من حارتهم.. لمحها بشرفة غرفتها وكأنها خرجت تبحث عن شئ ولكنها عادت حانقة تزفر بضيق حينما رأته أمامها بابتسامة جانبية خبيثة ..وحدها هي من تعرف مغزاها .. غمغم بصوت خفيض
واللله وبقى ليكي بلكونة عالية ياست نيرمين تبصي فيها على الخلق اللي تحت من فوق وتقرفي كمان منهم.. هه الله يارحم .
بتقول حاجة يا أستاذ سعد 
ها.. انت بتقول إيه
اجفل منتبها على سؤال صبي القهوة وهو يضع امامه كوب الشاي ومعه كوب اخر زجاجي للماء فعاد الصبي قائلا
اصل افتكرتك بتكلمني بس شكلك كدة كنت بتكلم نفسك
قال بصيحة أجفلت الرجال الجالسين بقربه 
وانت مالك انت اكلم نفسي ولا اكلم خيالي حتى.. انت اخرك تحط قدامي الشاي وانت ساكت فاهم ولا لأ
مط الفتى شفتيه بنظرة أثارت حنق الاخر 
فاهم طبعا يا أستاذ سعد .. بس انت ما تزعلش نفسك .
قالها وتحرك ذاهابا امامه فجز سعد على أسنانه ينوي إيقافه بوابل من الشتائم .. ولكن نظرة واحدة نحو السيارة الأنيقة التي دلفت داخل الحارة ألجمته .. فتابع بعيناه حتى توقفت السيارة امام المنزل الكبير وترجل منها الشاب الانيق بحلته الرائعة وحذائه الامع .. شعره الكستنائي المصفف بعناية على بشرته الخمرية ونظارته السوداء والحاجبة لون عيناه الخضراء .. لفتت كالعادة نظرات الفتيات نحوه من أهل الحارة بأعجاب واضح .. لوح بيده ناحية الجالسين بالقهوة فهلل الرجال مرحبين بأصواتهم العالية بمرح وعلى رأسهم كان صوت صبي القهوة 
يا الف مرحب يا حسين باشا.. مساء الفل على عيونك .
تنفس بعمق ليجلي عن صدره قليلا هذه النيران المشټعلة بداهله.. وهو يرى تجاهل هذا المتعجرف بتحية خاصة له ليساويه بالبقية.. تمتم داخله وهو يتناول الهاتف
ماشي ياسي حسين.. خليك كدة فرحان بنفسك.
بحث قليلا داخل صفحته الخاصة بإحدى وسائل الاجتماعي ..فتبسم بانتشاء حينما وصل لمقصده..
وهي
كانت صفحتها !
...............................
يغتلس نحوها النظرات وهو يقود
سيارته .. لا يصدق انها بجواره الان باختيارها .. جالسة في المقد الأمامي ساندة رأسها المائلة على خلف المقعد بأسترخاء.. مكتفة ذراعيها وهي تنظر من نافذة السيارة في الخارج بشرود.. يؤلمه حزنها هذا وهو يشعر بالعجز في التصديق او التكذيب لما قد قاله عصام.. منذ لحظات ..يفتقد الراحة التي كان ينشدها بعد اكتشاف الحقيقة .
حتى لو كانت ناقصة او مزيفة ولكن وضح امامها
جليا الان صدق حديثه معها .. ولكن اين ستأتي الراحة لو صدق فعلا ما قاله عصام ولم يكن كاذبا 
أجلى حلقه قبل ان يخاطبها قائلا
تفتكري الكلام اللي قالوا عصام النهاردة دا كان صح 
ردت بصوت هادئ على نفس وضعها برأسها المائلة نحو نافذة السيارة 
وإيه اللي هايخليه يكدب 
هز أكتافه باضطراب 
يعني.. يمكن عايز يفتح مجال للحديث معاكي ويظهرلك برأته. 
اعتدلت رأسها لتنظر اليه بإجفال 
أفندم! .. يعني إيه كلامك دا بقى
مط شفتيه فقال 
انا بفترض يعني عشان بصراحة الكلام دا لو صح .. هايبقى الوضع خطېر اوي. 
ضيقت عيناها تهز رأسها باستفسار .. فتابع مستطردا 
اصل معنى كلامه ان الخېانة جات من حد قريب مننا أوي وكان على علم بعلاقتي انا وفاتن وعلاقة عصام بيا .
اومأت صامتة فا أكمل
بس المهم بقى هو انك عرفتي واتأكدتي بنفسك من براتي من كل التهم اللي اتهمتيني بيها .
اطرقت رأسها مسبلة عيناها فقالت بصوت خفيض
هاتصدقني لو قولتلك إني كنت افضل اني معرفش 
سألها باندهاش 
ليه بقى 
أجابت بحزن 
اشاحت بوجهها عنه حينما شعرت بالخط السائل لدمعاتها التي تدفقت مرة أخرى على وجهها.. تنهد هو بثقل وهو يضرب بكفه على مقود السيارة .. لاعنا عجزه عن كشف الحقيقة بوقتها.. ساد الصمت بينهم في محيط السيارة لعدة لحظات قبل ان يقطعه هو قائلا
طب انا مش عايز افكر عليكي المواجع.. بس انا عندي فضول اسألك.. هي ماټت ازاي
التفتت إليه قائلة بغموض
تصدق معرفش 
نعم !!
حقيقي معرفش.. هي سافرت مع عمتي ووالدها وانقطعت اخبارهم .. وبعدها وصلنا خبر مۏتها.. عمتي ادعت انها ماټت بحمى شديدة وأهلي طبعا صدقوا.. لكن انا بما إني كنت عارفة بخبر حملها.. فا انا كنت متأكدة انها ماټت بسبب تاني خالص.. ان ماكنوش ډفنوها بإيديهم. 
انزاحت عيناه عن الطريق فالټفت الى عيناها الجميلتان وهي تنظر اليه بصفاء رغم حزنها.. فقاوم هذه المشاعر التي انتابته في هذا الوقت الصعب قائلا
على فكرة مدام ماشوفتش بنفسك.. يبقى مش لازم تكون فكرتك صح 
اجفلته سائلة
اجابها وهو يلتفت للطريق
العلم عند الله وحده .
.........................
بداخل غرفتها كانت شروق مستلقية على فراشها .. تتحدث في الهاتف مع صديقتها ايمان وتتلاعب بخصلات شعرها بدلال
يابت يامتخلفة انتي افهميني بقى .. مابيعرفش يقول كلام حلو ..دي طبيعته اعمل إيه انا بقى
وصلها الصوت الساخر 
والنبي إيه بقى الحليوة ده اللي عامل زي نجوم السيما مش عارف يقول كلام حلو ..بطلي كڈب بقى وافترا بقى.. ماحدش ياختي هايقر عليكي اطمني .
قالت بابتسامة مرحة
يعني بعد دا كله وتقولي مافيش قر .. والنبي انا خاېفة لتحصلي حاجة من عيونكم الفقر دي يافقر.
بقى انا فقر يا شروق وهان عليكي تقوليهالي في وشي كدة .. دا بدل ما تظبطيني وتجوزيني اخوه.. حتى عشان نبقى سلايف .
هههههههه انا عارفة ..والنعمة كنت متأكدة انك بتلفي وتدوري مع في الكلام .. عشان توصلي في الاخر للكلمتين دول .
طب اعمل بس يابت ياشوشو اصل الجدع اخوه ده من ساعة ما شوفته في خطوبتك وانا عاملي جنان في عقلي .اصله حليوة اوي .
ردت عليها بدلال 
اممم بس برضوا مش احلى من حسين .
قالت خلفها معترضة 
لا بقى في دي انا اخالفك بالقوي.. اينعم خطيبك حليوة لكن أستاذ علاء.. يااختي عليه رجولة كدة وعضلات.. حاجة كدة من الاخر مزيج بين الحلاوة والخشونة
صاحت فيها بمرح 
اه يافاشلة يامستهترة .. بتوصفي في الراجل من غير خشيا ولا حيا .. طب الټفتي لمذاكرتك الاول واحنا في اخر السنة وقربنا من الامتحانات .
شهقت صديقتها متذكرة 
فكرتني صحيح..
ليدر الدفعة نزل في جروب الكلية جدول المحاضرات الجديد ..انتي شوفتيه
لا لسة ما شوفتوش .. خليكي معايا بقى عشان اشوف النظام إيه إيه ده .
إيه في إيه 
استني يا إيمان اشوف الرسايل دي اللى وصلتني من حساب غريب .
هتفت إيمان عليها محذرة 
حساب غريب.. طب اوعي احسن يكون هاكر ولا حاجة .
يابنتي انتي كمان انا مافتحتش لينك ولا فيديو... دي مجرد صور بتحمل
وو.... يانهار اسود.
إيه في آيه
هتفت شروق پغضب 
دي صور لحسين يا إيمان .
حسين خطيبك ياشروق 
....
تقدم بخطواته داخل الشقة متعجبا من حالة الصمت التي تسود المكان في هذا الوقت من اليوم.. رمي سلسلة مفاتيحه على المنضدة الصغيرة والتي
توسطت الصالة مناديا بصوته 
يا ام علاء .. ياما .. انتي فين يام علاء
قال الاخيرة وهو يتجول داخل البيت باحثا عنها ..حينما لم يجدها في المطبخ اكمل بحثه عنها داخل غرفتها فلم يجدها ايضا ساوره الشك فبحث في باقي ارجاء الشقة بقلق .. وقلبه يحدثه بالأسوء حتى تفاجأ بها تدلف من الباب الخارجي وابتسامة جميلة تزين محياها
حمدالله عالسلامة يامعلم علاء .
تنهد ارتياحا بصوت عالي قائلا بتعب 
انتي كنتي فين بس ياما قلقتيني عليكي.
ازداد اتساع ابتسامتها وهي تخطو بخطواتها البطيئة قائلة
سلامتك يانور عيني من القلق ولا اي حاجة تعكنن مزاجك حتى .
يدوملي يارب لسانك الحلو ده اللي بينقط عسل زيك ياعسل انتي .
قوليلي بقى كنتي فين ياقمر
كنت في السطح ياعيون القمر .
بتعملي إيه في السطح ياما
حاجة بسيطة ياحبيب قلبي.. طلعت انشف سجادة المطبخ بس على سور العمارة بعد ماغسلتها .
تغير لون وجهه فقال بتوتر 
نعم!! انتي ازاي تعملي كدة بس ياما هو انت حمل رفع سجادة ولا حتى غسلها.. انتي عايزة تتعبي وتتعبيني معاكي ياست الكل .
قالت بمهادنة 
براحة شوية يابني براحة.. وسيبني اكمل كلامي .. اولا انا مطلعتش لوحدي انشرها.. انا كان معايا جارتي وحبيبتي ام ابراهيم.. دي شالتها لوحدها تطلع بيها السلم وانا كنت بساعد معاها على الخفيف كدة .
نظر اليها بلوم قائلا 
لكن غسلتيها الاول ياما وتعبتي فيها دا غير انك تعبتي معاكي جارتك كمان.. وانا منبه عليكي من الاول ماتتعبيش نفسك في شغل البيت.. مش كفاية انك رافضة موضوع اجيبلك خدامة مخصوص.
يابني وانا مالي بس بالخدامة المخصوص.. ما الست اللي بتيجي في اخر الأسبوع بتقلب البيت من فوقه لتحته تنضيف.. ودي سجادة المطبخ يعني حاجة خفيفة قوي ومكنش ينفع اسيبها لاخر السبوع بعد ما اتدلق عليها كوباية اللبن كانت في إيدي من غير قصد. .
نظر اليها بحنان معاتبا 
كمان ياما.. طب كنتي استنيني على ما ارجع واعملك كل انتي عايزاه.. ياإما بقى توافقي على موضوع الخدامة وماتتعبيش قلبي معاكي.. ياشيخة دي نيرمين ال.....استغفر الله العظيم يارب.. عندها بدل الخدامة اتنين .
تغير وجهها فجاة من لفتته قبل ان تغير دفة الحديث لناحية أخرى
انا ماليش دعوة بحد يابني .. المهم بقى انت كنت راجع مع الأبلة فجر منين
رفع رأسه مجفلا 
هااا
تبسمت زهيرة بمرح قائلة
إيه هو اللي هاا بسألك كنت راجع مع الأبلة من فين هو السؤال صعب قوي كدة معاك لدرجادي
بابتسامة مستترة هز رأسه 
بقيتي خبيثة قوي ياحجة زهيرة وعفريتة كمان في كلامك.. يعني البنية قابلتها صدفة ووصلتها بقى معايا.. فيها حاجة دي 
امممم .. لأ ياحبيبي مافيهاش حاجة. دا احنا حتى أهل ونسايب.. ولا إيه يامعلم علاء .
نهض فجاة من جوارها يقاوم رغبة ملحة للأبتسامة فقال 
انا قايم اريح شوية عشان انا حاسك كدة بتلمحي لحاجات ....
ضحكت وهي تنظر لأثره مرددة
قوم ياخويا قوم .. على العموم مش انا بس اللي خدت بالي .. امها كانت معايا وخدت بالها هي كمان .
............................
بعد أن بدلت ملابسها وارتدت بيجامة منزلية مريحة توجهت فورا لغرفة شقيقتها.. فطرقت بخفة على باب الغرفة قبل ان تفتحه وتدلف لداخلها مرددة
مساء الخير ياشروق.. كنت عايزة الشاحن بتاعك عشان انا تليفوني فصل شحن والشاحن بتاعي مش شغال .
ردت عليها بتمتمة 
الشاحن على المكتب عندك خديه.
همت تتناوله وتخرج ولكن لفت نظرها وجه شقيقتها العابس وجلستها الغريبة على تختها وهي مريحة ذقنها على قبضتيها المضمومتين وساندة بمرفقيها على اقدامها المتربعة .. هاتفها يصدح بجوارها على الفراش ولا تعيره أدنى اهتمام .. فسالتها بتوجس
مالك ياشروق والتليفون اللي بيرن جمبك ده مابتروديش عليه ليه
دا رقم حسين وانا مش عايزة اعبره.
نعم !!
رمشت بعيناها متعجبة قبل ان تتناول كرسي صغير تقربه منها.. وقالت 
والنبي إيه ودا من امتى ان شاء الله وحضرتك بقى مش عايزة تردي عليه ليه بقى
عشان اتخانقت معاه 
ياشيحة!! طب ممكن اعرف بقى اتخانقتي مع خطيبك ليه ولا دا سر ومش مسموح لي أعرفه
إعتدلت في جلستها وهي تتناول الهاتف الذي صمتت رناته 
طبعا ياحبيبتي مسموح انك تعرفي وتشوفي بنفسك كمان أخلاق أخينا دا اللي عامل نفسه ملاك وهو مقضيها مع النسوان الأجانب .
حدقت بعيناها فجر على الصورة التي بهاتف شقيقتها.. فسالتها
دا هو نفسه حسين! معقول بس انتي عرفتي تجيبي الصورة دي زاي
الصورة وصلتني
من حساب مجهول من واحدة بتحذرني منه ومن أخلاقه الزفت.
وانتي بقى اي واحدة تحذرك من خطيبك تقومي مصدقاها على طول .
يعني إيه
سألتها بريبة .. فردت فجر على سؤالها بسؤال
طب انتي لما سألتيه قالك إيه
قالت بتعصب 
هو عارف يرد حتى.. دا كل اللي عليه يقولي الكلام في التليفون ما ينفعش و تعالي اقابلك واشرحلك بالتفصيل.. هو انا طايقة اسمعه الخاېن ده عشان اقابله واقعد معاه
كمان.. وإيه التبرير دا اللي هايقدمه بعد ما شوفت الصورة بنفسي والخاوجاية حضناه بكل سفالة وقلة ادب وبتبوسه في خده .
نهضت من امامها قائلة بهدوء
يبقى تروحي تقابليه وتفهمي منه كويس.. حسين لو خاېن صحيح كان هايعرف يثبتك بكلمتين بمجرد ما واجهتيه في الفون.. ثم ان البنت اللي بعتت الصور دي واضح قوي نيتها سيئة للتفرقة ما بينكم.. ماتديش فرصة لحد يفرق مابينكم واسمعيه الأول.. وبعدين احكمي بنفسك .
اوقفتها قبل ان تخرح من الباب 
بس انا دمي بيغلي منه يافجر ..وهاين عليا اروح اۏلع فيه شعره الناعم ولا ابوظ وشه اللي فرحان
بيه ده .
ابتسمت فجر رغم ألالم القابع بداخلها
طب افهمي منه الأول ولو ما اقتنعتيش يبقى اعملي فيه ما بدالك .. ان شالله حتى تسخطيه قرد مسلسل .
............................
في المساء كانت سميرة بداخل غرفتها تتحدث باستفاضة عن احداث يومها كالعادة وزوجها الذي ينظف بمحمرمة ورقية اطارات نظارته .. يستمع بتركيز مع كل حرف حارج منها حتى سألها مستفسرا
طب وانتي ما سألتيش بنتك ليه وعرفتي منها.
اه ياخويا وتفتكر بقى لو سالتها هاتقول الحقيقة
قطب حاجييه فقال بدهشة 
وتكدب ليه بقى اذا كان هو نفسه قال لوالدته انه
شافها صدفة فقام بتوصيلها معاه في سكته .
مالت برقبتها امامه تشير بسبابتها على جانب رأسها 
لا والنبي.. وانا بقى هايدخل في مخي الكلام ده ولا حتى هاصدق كلام بنتك الي انا متأكدة انها هاتكدب فيه هي كمان
زفر شاكر رافعا عيناه للأعلى 
طب ياام العريف.. ممكن بقى تفهميني انتي وجهة نظرك إيه عشان افهم انا بدال اللف والدوران ده معايا في الكلام .
قربت وجهها إليه وهي تردف بعين خبيرة 
انا قصدي اوصلك ياحبيبي ان بنتك اللي كانت منشفة راسها الأول من ناحية علاء ابتدت تحن وتميل له.. وحتى هو كمان حساه ما اتأثرشبرفضها ليه ولا حتى بين انه زعل منها.. ودا طبعا بغض النظر عن غضبه في ساعتها .. ساعة الرفض.
وضع النظارة على عينيه مسهما بتفكير فتابعت 
انا شوفت بنفسي نظرتهم لبعض النهاردة وهما خارجين من عربيته.. دي مش نظرة اتنين كارهين بعض ولاحصل مابينهم عرض بالجواز والرفض .. دول بيتكلموا عادي ولا اكنهم يعرفوا بعض من سنين حتى وبينهم مواضيع للكلام .. مط شفتيه وهو ينظف بسبابته داخل اذنه 
هو كلامك معقول .. بس برضوا ممكن تفسيراتك دي وتحليلاتك دي كلها تبقى غلط أو من هم خيالك .. لكن ان كان عليا انا اتمنى .. علاء دا راجل وبنتك لو لفت الدنيا بحالها مش هتلاقي واحد زيه ولا في اخلاقه . 
................................
وفي الجانب الاخر كان جالسا على تخته بنصف نومة.. مكتفا ذراعيه خلف راسه .. مستندا على قائم السرير وقد جاف عينيه النوم بعد ان تزاحمت بعقله ذكريات الماضي وما يحدث الان في الحاضر .. وما سيترتب على صحة ما سمعه اليوم من عصام صديقه القديم الذي كان له بفترة من الزمن اقرب اليه من سعد نفسه صديق الطفولة والجيرة أيضا.. قصة حبه القديم التي انتهت بچرح غائر افقده الثقة في جميع النساء لفترة طويلة من السنوات.. قبل ان يقابل جنيته الصغيرة التي خطفت لب قلبه من أول وهلة في رؤيتها.. وللعجب العجاب تبقى قصتها مربوطة ايضا بجرحه القديم .تنفس بحريق من داخل اعماقه.. لا يدري متى ينتهي من عڈاب قلبه وكيف السبيل لحل تسلسل عقده التي ليس لها نهاية .. اعتدل على الفراش بجذعه لينزل بقدمه على الارض ويتناول علبة سجائره مع علبة كبريت فقد فوجئ بتعطل قداحته ..خطا ناحية شرفته وقبل ان يدخلها كانت السېجارة في فمه .. اخرج عودا ثقاب ليشعل به سيجارته ولكنه توقف بيده في الهواء قبل ان يصل بالعود المشتعل الى السېجارة داخل فمه بعد ان تسللت رائحتها المسكرة الى صدره.. التف برأسه ناحية شرفتها فوجدها بهيئتها التي ذكرته برؤيته الأولى حينما سحرته بنعومتها وجمالها.. مستندة على سور شرفتها وشعرها المتمرد يتطاير حول رأسها بحرية.. استفاق من شروده حينما شعر بلسعة نيران عود الثقاب التي وصلت الى فمه.. فما فائدتها لو غطت برائحة تبغها على رائحة الطيب من جميلته .. تحمحم بصوت واضح ليصل الى أسماعها وهو ماحدث.. التفتت اليه برأسها فقال هو بتردد 
انا قولت اعمل صوت عشان مازعجكيش زي المرة الي فاتت .
اشاحت بوجهها قليلا بخجل قبل ان تعود اليه بابتسامة صافية منها فاجأته
متشكرين أوي يا معلم
علاء على زوقك.. وممنونين جدا عالتقدير .
ابتسامتها كانت بسيطة وخجلة.. لكنها جعلت الډماء تضخ داخل قلبه بسرعة مچنونة.. وصوت دقاته تصل لأسمعاه كطبول افريقية.. حاول التحكم بهذا الهذيان الذي اصاب عقله.. حتى يستطيع إخراج جملة مفيدة معها ..فتنحنح قائلا بصوت مهزوز
ما انا مش عايز اكرر غلطي.. حكم انتي المرة اللي فاتت بصيتلي بغدرة كدة ولا اكنك قطة شرسة وهاتهجم عليا .
هنا رنت صوت
ضحكتها 
ااه .. دلوقتي بس عرفت المجاذيب ييتجننوا ازاي .. هذا ماحدث به نفسه وهو يشعر بالخدر الذي اصاب أطرافه.. من رؤية ضحكتها الصافية والتي زادت من جمال وجهها بروعة.. خبئت ضحكتها فجأة وتغير وجهها وهي ترد 
أنا المرة اللي فاتت كان عندي اسباب عشان اكرهك بيها من قبل ما اشوفك. 
يعني انتي دلوقتي ماعدتيش بتكرهيني
رفعت عيناها اليه مجفلة فحدقت اليه للحظات صامتة قبل ان تجيب.
مش عارفة بس انا اكتشفت اني كنت ظالماك في حاجة انت ملكش ذنب فيها.. دا غير إني اكتشفت ان انت نفسك كنت مجروح.
مط بشفتيه امامها وهو يعيد كلماتها برأسه فأطربت أسماعه وأنعشت بداخله الأمل.. فتابعت هي بسؤال
طب احنا دلوقتي هانعمل ايه
قطب حاجبيه فسألها ببلاهة
في إيه
رفعت عيناها وهزت رأسها بيأس فتذكر هو
اااه.. انت قصدك يعني عن موضوع الكلام اللي ذكره عصام
اومأت برأسها إيجابا فقال متنهدا في البداية
اولا احنا لازم نتأكد من صحة الكلام الأول.
قالت بسرعة وتعصب
أنا متأكدة من صدق كلامه.. عشان متأكدة جدا من أخلاق فاتن .
اطرق بعيناه ارض وشعر بالأسف قبل ان يتكلم
أرجوكي ما تاخديش كلامي بمحمل على فاتن.. بس انا راجل عشت سنين على مشهد انها خانتني مع اعز اصحابي.. ودي حاجة أثرت جدا في نظرتي ناحية الستات وافقدتني الثقة في كل الناس.
وضح التفهم على ملامح وجهها فأثبتت هي بالقول
انا فاهماك على فكرة ومش بلوم عليك.
تنهد بارتياح وشعور بالسعادة يتسلل اليه رويدا رويدا..فقال بعملية
خلاص ياستي مدام بقينا متافهمين يبقى هاقولك على اللي بفكر فيه.. انا من بكرة ان شاء الله هادور على البنت الخدامة اللي كانت شغالة عند عصام .
هزت رأسها بحماس واكملت على قوله
حلو اوي ده.. لأن البنت دي أكيد عندها حل السر اللي دوخنا طول السنين اللي فاتت..وانا كمان هحاول الاقي طريقة تعرفني عن الفترة القليلة اللي قضتها فاتن في الصعيد قبل ماتموت.. يمكن يكون في حاجة تهمنا فيها .
اومأ برأسه عن رضا
تمام.. واهو منها برضوا تعرفي هي ماټت بجد ولا حاجة تانية.
اومأت هي ايضا ..فسره جدا نظرة الأمل بعيناها ورغم قساوة الوضع ولكنه وجد اخيرا شيئا يربطهم ويقرب بينهم.. شعرت بالحرج حينما طال الصمت بينهم فاستاذنت للعودة لغرفتها.. وتركته هو يتأمل الكون حوله بنظرة أخرى بعيدة كل البعد عن السابق.
.........................
في اليوم التالي .
خرج من داخل ورشته يهلل بترحيب 
دا انا الصبي لما قالي جوا ماصدقتش .. نورت الورشة ياعلاء باشاء 
منذ الطفولة
وحشتني ياسعد.. ووحشتني ايامك .
ما انت ياعم عزلت وقولت عدولي.. تعالي اتفضل معايا جوا الورشة عشان افرجك كمان على شغلي الجديد .
خليها مرة تانية ياحبيببي.. المهم خلينا نتكلم احنا هنا عشان عايزك في موضوع ضروري .
جلس الاثنان على مقعدين من الخشب وفي الوسط طاولة خشبية أيضا صغيرة خارج الورشة .. فسأله سعد بفضول 
موضوع إيه بقى اللي كنت عايزني فيه .
اصل بصراحة انا كنت عايز اسألك عن حاجة قديمة كدة مر عليها سنين.. بس انا قولت يمكن يكون عندك خبر ولا تعرف حاجة عنها .
عقد حاجبيه بدهشة فسأل
عن مين بالظبط وموضوع إيه دا اللي مر عليه سنين
تنحنح علا بتردد قبل ان يقول اخيرا 
يعني ..اصل انا كنت قابلت عصام .. عصام صاحبنا القديم انت تعرفه
جحظت عيناه واشټعل صدره بالڠضب بمجرد سماع الأسم فقال بحدة 
ماله الخاېن ده وهو ليه عين كمان يشوفك ويفتح معاك مواضيع وانت ازاي تسمحله اساسا...
قاطعه علاء
في إيه ياسعد استنى واديني فرصة اتكلم.
حاول تنظيم انفاسه الهادرة داخل صدره فقال 
معلش يا علاء.. بس انت عارف اني قطعت علاقتي مع البني ادم ده من زمان من ساعة ماعرفت منك موضوع خيانته ليك .
قال الاخيرة مشددا على الاحرف لفت نظر علاء الذي رد 
يابني ما انا عارف كل كلامك ده.. انا بس عايز دلوقتي اتأكد من صحة الكلام اللي قالهولي .. واعرف ان كان صدق ولا كدب .
شحب وجهه پصدمة وهو يستمع لعلاء وهو يسرد كلمات عصام فقال 
يعني هو بعد السنين دي كلها ما افتكرش يقولك الحقيقة غير دلوقتي وانت بكل سهولة كدة صدقت
يابني انا لا صدقت ولا كدبت .. انا بس عايز اشوف البنت الخدامة دي واسالها غشان افهم .
بصق جملته قائلا 
وانا مالي بقى
انت مالك ازاي بقى هي البت دي ماكنتش قريبتك برضوا
ضړب على الطاولة التي امامهم پعنف وهو ينهض عن مقعده يهدر صائحا پغضب 
انا ماعنديش قرايب خدامين ياعلاء .
ربت علاء
على ذراعه بمهادنة 
طب اهدى طيب واقعد ..الناس في الشارع بتبص علينا .
عاد للجلوس مرة أخرى وصدره يعلو ويهبط من الڠضب وهو يردد 
ما انت بتقول كلام يعصب ياعلاء.. انا البنت دي لما قدمتها للزفت عصام .. كان على اساس انها معرفة من ناس قرايبنا وكان صعبان عليا حالها وامها التعبانة .. يعني مش قريبتي ياعم .. دي كانت مجرد معرفة وراحت لحالها.. يعني
ماعدتش اعرف عنها حاجة..
ثم أردف بغل
هو لدرجادي الجدع ده عرف يلف دماغك من قاعدة واحدة 
ظهر الڠضب على وجه علاء وهو يرد عليه بحدة 
انا مش عيل صغير ياسعد عشان يجي حد ويلفني بسهولة .
صمت الاخر يشيح عنه بنظره فأجفله علاء بسؤاله 
الا صحيح ياسعد.. لما قابلك عصام زمان عشان يوسطك مابيني وبينه.. ماقولتليش انت ليه على الموضوع ده .
تحركت شفتاه بتوتر مرددا
هااا
حانقة.. غاضبة.. تهز اقدامها بعصبية تحت الطاولة الجالسة عليها أمامه في المطعم الشهير والذي كان قد وعدها منذ فترة قريبة.. لصحبتها في زيارته.. وفي أعلى الطاولة كانت مستندة عليها بمرفقيها وهي تستمع لتبريره بأعين متوسعة كبركتي عسل بلونهم ..مكورة شفتيها كالأطفال على وجهها الذي تخضب بحمرة قانية من الڠضب.. هيئتها الشهية اخرجته من تركيزه بضع مرات فازداد ڠضبها منه وازدادت رؤيتها تسلية بعيناه وهو يكبت ابتسامة ملحة بصعوبة عن وجهه.
يابنتي زي مابقولك كدة.. هو دا كل اللي حصل.
برقت عيناها اكثر تهتف 
ياسلام.. وانا بقى عيلة صغيرة ولا هبلة عشان اصدق حاجة زي دي.
رد بابتسامة مستترة
صغيرة دا إيه بس ياشوشو دا انت عاقلة وست العاقلين كمان .
قالت غاضبة 
بلاش أسلوبك ده معايا ياحسين.. عشان انا حساك بتسخر مني ومن كلامي.
لم يستطع كبح ابتسامته وهو يردف
أسخر من مين بس يابنتي هو انتي في حد يقدر يسخر منك برضوا ياقمر
ارتخت ملامح وجهها قليلا ولكنها قاومت الضعف امامه.. فقالت بإصرار
طب قولي الحقيقة واعترف ان كانت البنت دي حب قديم ولا انت عملت معاها علاقة.. وانا هاصدقك واسامحك لو قولت الحقيقة.
حب او علاقة!! هههه
دون ارادته.. دوت الضحكة بصوت عالي قبل أن يكبتها بوضع كفه على فمه.. راقبته لعدة لحظات وهو يقهقه بصوت مكتوم ولا يستطيع التوقف.. مما اثار استيائها اكثر.. فنهضت عن كرسيها پعنف
ماشي ياحسين.. خليك انت كدة اضحك مع نفسك وانا ماشية وسايباك .
امسك بمرفقها يوقفها بحزم قبل ان تذهب
استني بقى واقعدي ياشروق.. الناس بتبص علينا.. اقعدي بقى عيب.
أجفلت على النظرات الفضولية حولها فجلست مضطرة وهي تطحن اسنانها غيظا
هما دقايق بس ياحسين هاقعدهم.. ولو فضلت
فيهم تتكلم وتضحك بأسلوبك الساخر ده مني و من عقلي.. هاقوم واسيبك وابقى دور بعد كدة بقى على حاجة تصالحني بيها.. عشان انا مش هاسمحلك نهائي.. وان شالله حتى تتفسخ......
اوعي تكمليها لازعل بجد وربنا .
قاطعها بجدية حقيقية بوجه ذهب عنه المرح.. فتابع جديته بصوت أجش ممسكا بكفها
انا مش بستهزأ بيكي.. انا بس شايف ان الموضوع كله هزار ومش مستاهل لخناقة مابينا انا وانتي 
رقت قليلا من نبرته فقالت ببعض الرزانة
انت شايفه موضوع مش مستاهل و انا شايفة العكس.. يبقى تفهمني الحقيقة.
يابنتي ما انا قولتلك.. كانت لعبة هزار من واحد صاحبي.. حب يعمل فيا مقلب مع مجموعة من الزملا لما كنا في حفلة لشركة السياحة اللي كنت بشتغل فيها الأول قبل ما استقل وافتح شركة لوحدي.. ودا كان في سهرة مع وفد سياحي.. صاحبي ده زق البنت الخوجاية دي تيجي ترزل عليا وفي نفس الوقت كان هو بيصور اللي حاصل. 
سألته بشك
يعني الموضوع رزالة بس ومافيش أي حاجة تاني
هز رأسه بالنفي وهو يبتسم بسعادة
وحياة غلاوتك عندي.. مش أكتر من كدة.. دا صاحبي عمل المقلب دا مخصوص نكاية فيا عشان انا كنت دايما مقفل وسطهم .
طب وانا إيه اللي يخليني اصدق
حدق بعيناها الجميلتان يقول بصدق رأته جليا في عيناه 
عشان انا مش هانكر لو كنت كدة فعلا.. الموضوع ده مر عليه اكتر من سنتين يعني مكنتش لسة شوفتك ولا عرفتك عشان تتحسب عليا خېانة.. بس انا اللي مستغربه بجد هي ازاي وصلتك الصورة!
أهي وصلتني وخلاص.. 
يعني مش هاتقولي على المصدر 
قالت بتحدي
لأ مش هاقول ياحسين.. عندك مانع 
رفع حاجبه بتسلية
ماشي ياشروق.. المهم بقى انتي صدقتيني ولا لسة برضوا مصممة عاللي في دماغك.
هزت كتفها وقالت بدلال
مش عارفة
ازداد اتساع ابتسامته فقال بمرح وهو يشير بيده للنادل
بس انا عارف.. مدام اتكلمتي كدة باسترخاء نسبي يبقى بدأتي تحني.. نكمل عتابنا بقى واحنا بنتغدى.. تحبي اطلبلك إيه
............................
مع قرب انتهاء اليوم الدراسي وخروج الطالبات من غرفة الحاسبات بعد انتهاء حصتها معهم.. وقفت تلملم أشيائها وتضعهم بحقيبتها
اليدوية.. قبل ان تنصرف هي الاخرى وتعود لمنزلها.. وسط انهماكها وصل لأسماعها صوت صفير من الفم بصوت خفيض .. رفعت راسها لتتبين مصدره ناحية الباب المفتوح بمواربة صغيرة ولكنها لم تجد احد فعادت لما تفعله فتكرر الصوت مرة أخرى واثنان وهي ترفع عيناها ولا تجد سوى الهواء.. زفرت بغيظ وهي ترجح
بانها معاكسة من إحدى الطالبات لتستفزها فتناولت عصا خشبية تستخدمها ساعة الضرورة في التدريس وذهبت لتفاجأ من يشاكسها .. رفعت يدها الممسكة بالعصا بتحفز وهي تمسك بمقبض الباب لتفتحه لتباغت من يقف خلفه. لتفاجأ بشهقة انثوية ضاحكة 
حاسبي يا ابلة فجر انتي هاتضربي صاحبتك ولا إيه
سحر!! وحشتيني يامجنونة.. وحشني جنانك .
سحر وهي تشدد
عليها بذراعيها وهي تقهقه بمرح
مش اكتر مني يا فجر وربنا.. مش اكتر مني . 
بشويش ياجماعة على نفسكم.. دول اخرهم اسبوعين فراق مش سنين يعني .
اوعي تقولي انك معرفتهوش والنعمة ازعل منك .
رفغت فجر عيناها اليه مرة اخرى فهزت براسها ضاحكة حينما تذكرت ملامح وجهه
لا ماتزعليش مني ياسوسو.. انا دلوقتي حالا افتكرته من الصور اللي انتي بعتيهالي.. استاذ رمزي صح
قالت الاخيرة وهي تشير اليه بسبابتها.. اومأ اليها هو قائلا 
صح فعلا يا انسة فجر .
رحبت فجر بمصافحته الودودة وانتقلت عيناها لسحر التي تورد وجهها بفرحة جعلت ملامحها تبدوا كامرأة اخرى شديدة الفتنة والجمال .
طب إيه هانفضل هنا واقفين عالباب والطالبات يبصوا علينا ..تعالوا ندخل جوا الغرفة على الاقل نقعد بدل الوقفة . 
..........................
دلف لداخل منزله المتواضع پغضب حارق تتبعه شياطينه حتى أنه لم يلتفت للطفلة الصغيرة التي كانت جالسة على الاريكة الخشبية والخاصة بوالدته تشاهد التلفاز.. هتفت بمرح
خالي سعد.. ازيك ياخالي .
لم يسمعها ولم يرها أيضا وهو يسرع بخطوات ناحية غرفته.. والتي بمجرد دلوفه إليها صفق بابها يغلقه بقوة اجفلت الطفلة ذات السبع سنوات منتفضة.. وجعلت والدتها تخرج من داخل المطبخ سائلة وهي تجفف يداها
إيه الصوت ده هو في حد دخل عندنا هنا يامروة
ايوة ياماما.. خالي سعد ودخل على اؤضته وقفلها عليه كمان من غير مايعبرني ولا يرد عليا حتى.
تمتمت المرأة وهي تخطو ناحية الغرفة
خالك سعد!! مش بعادة يعني يجي بدري كدة
طرقت بخفة على باب الغرفة فوصلها صوته من الداخل
مش عايز اشوف حد .
انا اختك لبنى ياسعد...
لم تكمل جملتها حينما قاطعها صارخا بصوت جهوري يصم الاذان
قولت مش عايز اشوف حد.. ابعدوا عني بقى ابعدوا عني .
ارتدت عائدة لوالدتها في مطبخهم الصغير وهي ترتجف
اخويا سعد ماله ياما
سالتها نشوى بهدوء وهي متربعة على ارضية المطبخ تنزع بيدها ريش الدجاجة المذبوحة
مالوا اخوكي يابت
بصوت مرتعش وهي تتربع امامها على الارضية
دخل اؤضته زي القطر واما خبطت على باب الاؤضة عشان اشوفه او اسلم عليه.. صړخ عليا خضني وقعد يقولي ابعدوا ومش عايز اشوف حد فيكم..هو ماله ياما
نشوى وهي تعيد الدجاجة داخل إناء المياه الساخنة قبل ان تخرجها مرة اخرى وتكمل ما تفعله
يعني هايكون ماله يعني دا واد نكدي ېموت لو ملاقاش حاجة ينكد بيها على نفسه وعلى اللي حواليه..لا هو وصغير راضي ولا حتى بعد ما كبر وربنا فتحها عليه راضي.. عيل فقري.
بس انا خۏفت اوي من شخطته فيا يااما.. هو انا باجي عندكم كل يوم عشان الاقي منه المعاملة العفشة دي.
قالت نشوى بتحدي
ليه ياعين امك هو انتي قاعدة في بيته دا انتي قاعدة في بيت ابوكي ومع امك مش مع مراته.. سيبك منه يابت ومن قرفه واستني كدة لما اعملك طبق ملوخية تاكلي صوابعك وراه على مرقة الفرخة دي.. عشان ترمي بيها عضمك ياعين امك .
اندمجت لبنى مع والدتها في حديث الطعام الشهي وتناست سعد وما يفعله ..فسالتها
طب مش كان احسن ياما تخلي سيد الفرارجي ينضفها بالمرة بدل تعب القلب ده
ردت نشوى باقتناع
في بيتنا احسن يابنتي.. عند سيد الفرارجي اكيد هاينقصها من حوايجها!
.............................
وبداخل غرفته كان كالبركان الثائر بنيران الحقد.. صوت انفاسه الهادرة مسموعة بوضوح داخل فضاء الغرفة .. ترتعش مقلتيه باضطراب وهو يستعيد بذاكرته وجه غريمه من وقت أن سمع بإسمه.. والذي عاد الان بعد كل هذه السنوات لينبش في الماضي الذي تظل اثاره عالقة بذهنه ولا تتركه حتى بنومه من أحلام تقبض على صدره لتذكره دائما حينما يغفل أو يحاول المضي قدما بحياته فلا ينسى ابدا ماحدث بوقتها ولا ينسى ما سبقها من سنوات كان يتألم وېحترق فيها صامتا ولا يشعر به أحد.. نشأته الصعبة وهو صغير حينما كان فقيرا معدما بجسده الضئيل الذي لالطالما أغرى أقرانه الصغار في الحارة ليتنمروا عليه فيسحقوا لولا وجود علاء المصري الذي كان رغم صغر سنه يقف بوجههم لمناصرته واخذ حقه وقت الزوم..كان مصدر حماية وأمان له.. أحبه كشقيق لم تلده أمه رغم شعور النقص الذي كان ينموا بداخله مع نمو جسده.. فقد من الله على علاء بالخلقة الحسنة والجسد الرجولي الخشن منذ صغره بالأضافة لمال ابيه وحسبه ونسبه.. عكسه هو الذي كان
يرى النقص في كل شئ حوله.. لكنه كان يكيف نفسه ويتعايش مع هذا الشعور البغيض بفضل تواضع علاء معه الذي كان يغدق عليه بالحنان الأخوي بما يخفف عنه.. لكن مع دخول مرحلة الجامعة وتعرف علاء على هذا المدعو عصام ابن الطبيب الشهير.. انقلبت حياته لمرار وهو يرى نمو الصداقة بينهم بتكافئ مذل له.. بل ومهين وهو يرى التفاف الاصدقاء حولهم من فتيات
وشباب وكأنهم نجمان متلألان.. الكل يتهافت على التعرف اليهم وهو بينهم على الهامش وغير مرئي اطلاقا وتمر السنوات وتتطور العلاقة ليحتل هذا العصام مكانه في الحارة ايضا بعد الجامعة.. فيأسر قلوب الطبقة الفقيرة من اصدقاء وجيران لهم.. وكأنه فرد نشأ وتربى بينهم.. وهو على حاله دوما غير مرئي ولا أحد يشعر به ولا أحد يسمع صمته.. حتى اتى هذا اليوم حينما راها بسيارته هي حب عمره وحلم حياته.. في سيارته.. فكانت هي الفرصة.
التمعت عيناه فجأة وهو يعيد بعقله ماحدث قديما.. ويقسم بداخله على النجاة وان كان الله انقصه من نعم كثيرة انعم بها على غيره.. فقد ميزه هو بالدهاء والذكاء.. وكما نجح قديما فلابد له من النجاح الان ايضا مهما كان الثمن!
..............................
في المساء 
تفاجات فجر وهي تجلس امام شاشة التلفاز تشاهد إحدي البرامج بعودة شقيقتها من مشوارها بصحبة خطيبها بوجه يشع بالسعادة عكس ما خرجت به.. تدندن بصوتها وهي تقترب منها لتناكشها و تغني . 
عارف انت الحظ بعينه ..كان وشك حلو عليا 
كل اللي الناس شايفينه.. مايجيش واحد في المية
مللي انا لسة ماقولتوش.. انا
لو تبقى معايا بيترج 
القلب ويتهز... انا لو تاخد عيني يانور عيني عيني ماتتعز.
استجابت ضاحكة وهي تدغدغها فقالت مندهشة.
والنبي إيه طالعة من عندنا ابو الڠضب مرسوم على وشك ودلوقتي راجعة وعمر دياب بيغني على لسانك إيه يابت الجنان ده
قالت بدلال
وماله بس لما ارجع بعمر دياب ولا سنية العالمة حتى ..مش المهم اكون مفرفشة يااختي الابلة .
اومأت برأسها موافقة وهي تضحك
ان شالله يارب دايما ياحبيبتي.. المهم بقى احكيلي اتصالحتوا ازاي
اعتدلت بجلستها تسالها ببلاهة
وانتي عرفتي ازاي ان احنا اتصالحنا بقى
مالت اليها برقبتها وابتسامة متسلية على وجهها.. فردت شروق
معلش بقى سؤال غبي وانا اساسا مكتوب على وشي الصلح والدلع كمان .
سالتها بتوجس يشوبه المداعبة
دلع ياشوشو 
اومأت برأسها
اه والنبي يااختي دلع.. دا خدني الاول على المطعم اللي قولت عليه قبل كدة .. صالحني هناك وفهمني اصل الصورة ومناسبتها واكلنا فيه على موسيقى هادية ورومانسية وبعدها فسحني في الملاهي وهيصنا فيها وجابلي جيلاتي.. انا النهاردة كان من اسعد ايام حياتي يافيفي.. 
قالت فجر بارتياح
طب الحمد لله ياستي انه عرف يصالحك ويبسطك كمان ..ياريت بقى تاخدي بالك بعد كدة من اي حاجة تجيلك من ناس غريبة.. عشان ماتضريش نفسك وتاخدي خطيبك بذنب هو معملهوش.
عندك حق يافجر.. حسين دا طيب قوي وعرف يمتص ڠضبي منه.. وانا بعد ما شرحلي صدقت كل حرف طالع منه.
تمام اوي الكلام ده.. هو فينه بقى مجاش معاكي
لا ماهو دخل عند والدته يشوفها ويشوف علاء اخوه.. اصل اتصل بيه وطلب يقابلوه وهو معايا بنتفسح .. المهم بقى.. انتي ليه قاعدة هنا في الصالة مش في اؤضتك وفين باقي العيلة مش شايفاهم
اجابت فجر
والدك ووالدتك أخدوا إبراهيم لدكتور العظام عشان الكسر بتاعه.. وانا بقى قاعدة هنا في الصالة كنت بستناكي عشان اطمن ياستي واديني والحمد لله اطمنت .
حبيبة قلبي انتي .
ربنا يرزقك انتي كمان يااحلى فجر باللي ينسيكي كل تعب السنين ويدلعك بقى.. دا الدلع حلو قوي ياجدعان .
والنعمة حلو اوي
.
كانت ترددها وهي تتجه بخطواتها نحو غرفتها.. جعلت فجر تتبعها بنظراتها وهي تهمس بداخلها
معقول ياشروق هايجي اليوم ده اللي احب فيه واتحب زيك انتي كدة وزي سحر كمان
............................
حبيب قلبي يا ابوعلاء 
قالها حسين وهو يفتح على اخيه باب الغرفة قبل يقطع جملته متابعا بعد ذلك
ايه ياعم الدخان دا كله دي الاوضة معمية بريحة السجاير .
قال بابتسامة ومزاح
ادخل يااض على طول واسترجل ولا انت هاتخاف على صدرك من الريحة كمان .
تقدم للداخل متافافا وهو يهوي بيده
اخاڤ ياعم وماخافش ليه ما في الحالتين الضرر واحد.. وانت بقى اللي بتعمله ده اسمه اڼتحار .. طب افتح شباك البلكونة حتى عشان تهويها شوية .
اشار بلامباة
افتحها انت.. انا مكنتش واخد بالي اصلا .
فتح حسين باب الشرفة على مصراعيه متنهدا بارتياح قبل ان يعود بنظره جيدا لاخيه الجالس على طرف الفراش بشرود وهو ېدخن بشراهة ومطفأة السچائر بجانبه وقد امتلائت بالأعقاب .
ردد وهو يتناول كرسي ويقترب به للجلوس امامه
يانهار ابيض دا انت عاملها حريقة بجد.. كل دي سجاير شربتها ياعلاء انت عايز ټنتحر يابني.. وماتقوليش والنبي خاف على نفسك والكلام ده.. اصل ده مش شرب دي حريقة.
زفر علاء وهو ينفث دخان السجيارة التي بيده
لا ياسيدي مش هاقولك.. انا اصلا ماعنديش مزاج ولا فيا
حيل لأي كلام.
قطب حاجبيه بقلق
ليه ياعلاء انا فهمت انك محتاجني لما اتصلت بيا.. بس شكلك بيقول ان في کاړثة .
مط شفتيه بزاوية
هو مش کاړثة قد ما هو حيرة وانا حاسس نفسي في داومة ومش عارفة طريق خروجي منها .
ربت على قدمه قائلا بمؤازرة
سلامتك ياعلاء من الحيرة.. قولي اللي محيرك وانا احاول معاك في حل للدومة الڠرقان فيها دي .
قال علاء برجاء
انا عشان
كدة اتصلت بيك ياحسين.. انت اخويا وصاحبي ورغم انك الأصغر لكن انا بحسك بتشوف الامور بميزان العقل اكتر مني.. وانا عايز احكي لحد يفهمني.
بعد ان سرد علاء لأخيه كل ماحدث بينه وبين فجر وماقاله عصام وما رأه من سعد وحيره اكثر .. ظل منتظرا لعدة لحظات لرد حسين الذي كان متكتفا بذراعيه يستوعب ويفكر بصمت.
إيه يابني ماتتكلم هاتفضل ساكت كدة كتير.
حك حسين بسبابته على ذقنه المهذبة وهو يتحدث بتركيز
اصل بصراحة كمية المعلومات دي اللي قولتهالي مرة واحدة.. جعلتني انا كمان احتار زيك.. رغم شكي من زمان .
سأله باستفسار
شكك في إيه 
كنت شاكك بوجود لغز في اختفاء فاتن من الحي وبين مقاطعتك انت لموضوع الجواز .
قال علاء
ماهو دا اللي انا كنت معتقد فيه من زمان.. انها خانتني.. لكن اخلاقي بقى منعتني احكيلك ولا اقول باللي شوفته بعيني.. لكن اللي حكاه عصام دلوقتي وتأكيد فجر على كلامه..قلب كل الموازين معايا.. وانا بقلبها في دماغي ومش عارف اتأكد ازاي انا كمان واعرف الحقيقة.
طب ما انت قولت انك هاتدور على البنت الخدامة .
حصل ياحسين.. بس انا مش عارف اسال مين غير سعد اللي لخبط الدنيا معايا وقالي انه مايعرفهاش ولا حتى تبقى قريبته زي ما انا كنت فاهم..
وانت صدقته
نعم!
بقولك ياعلاء.. انت صدقت ان سعد ما يعرفش البنت
تقصد آيه
..
مال براسه وضاقت عيناه بتفكير وهو ينظر لأخيه مستفسرا قبل ان يسأله بتوجس
تقصد إيه
اعتدل حسين في جلسته وهو يمط شفتاه واهتزت كتيفيه وقال
اقصد ان سعد ده اكيد بيكدب ومش بعيد يكون عارف كمان بمكان البنت وبيداري
ساله بعدم استيعاب 
ليه يعني وايه الليهايخليه يداري في حاجة مهمة زي دي وتهم صاحبه 
تكلم حسين بلهجة غامضة
بصراحة انا مش عارف ليه عشان اجاوبك.. بس برضوا مش مصدقه
طب ليه يابني ماتفهمني اللي في دماغك عشان اعرف.
اقترب برأسه من اخيه محدقا بعيناه وقال
عشان مش واثق فيه ياعلاء.. وعايزك انت كمان تفتح عنيك معاه.. سعد اللي انت شايفه دلوقتي غير سعد بتاع زمان.. سعد مبقاش صاحبك الضعيف اللي انت كنت بتدافع عنه ياعلاء من عڼف العيال الصيع في الشارع.. سعد بقى واحد تاني وانت نفسك ماتعرفوش .
سهم لبعض اللحظات مفكرا في كلمات اخيه المفاجاة ثم ما لبث ان قطع صمته قائلا باستنكار
ياااحسين ياااحبيبي.. انا عايزك تجاوبني بالمنطق مش عشان يعني سعد اتقدم لخطيبتك الاول فانت هاتشك بقى فيه وتشوفه بنظرة تانية.. يابني بالاش تتحامل.....
قاطعه بحدة
افهمني ياعلاء بقى وبلاش تقفل عيونك... دا انت بنفسك قولت ان الخېانة حصلت من حد قريب انت وعصام ويعرف بحكايتك مع فاتن.
انتفض عن تخته واقفا وهو لم يحتمل الفكرة فهتف باعتراض
لا ياحسين .. انت كدة فرطت منك اوي.. اللي انت بتقوله دا كلام خطېر وتطير فيه رقاب .
نهض هو الاخر يقابله وقال بهدوء لا يناسب العاصفة الهوجاء في عين أخيه
انا بقولك على اللي بفكر
فيه ياعلاء .
لوح بيده كإشارة بالتوقف
طب خلاص خلاص.. شيل من مخك الموضوع دا خالص وانا هابقى اشوف لى صرفة في موضوع البنت الخدامة ده.. ااانت اتعشيت ولاا هاتتعشى معايا انا ووالدتك
خرج سؤاله الاخير باضطراب شعر به حسين فاشفق عليه وقال مغيرا دفة الحديث
لا ياسيدي هاتعشى معاكم.. انا اساسا هلكان جوع من لعب الملاهي مع شروق.. دي هدت حيلي ولا اكنها عيلة صغيرة ولقت فرصتها .
شقت ابتسامة وجه علاء المضطرب فقال بمودة
ربنا يخليهالك ياحسين.. انتوا الاتنين لايقين على بعض اوي وتستاهلوا كل الخير.
ربت على ذراع اخيه فقال بمؤازرة
وانت كمان ياحبيبي اطمن.. اكيد ربنا هايهيئلك الظروف وتنول اللي بتحبها.
ساله ببلاهة
تقصد مين
تبسم حسين فغمز بعينه وهو يتحرك لخارج الغرفة 
فقال بمكر وهو ممسك بمقبض الباب
قصدي اللي بالك فيها ياابوعلاء.. ولا إيه
ختم بضحكة كبيرة وهو خارج.. اما علاء فتعرق واضطرب كأنه عاد مراهقا صغيرا في السابعة عشر من عمره.. 
...........................
خرج من غرفته بعد ان اخذ حماما دافئا انعشه وارتدى ملابس نظيفة غير ملابس العمل تلك .. وجد والدته جالسة ارضا ومعها شقيقته لبنى وابنتها يتناولان معها الطعام على مائدة صغيرة ومستديرة الطبلية تمتم بروتينية وهو يمشط شعر رأسه بيده
مساء الخير .
ردت لبنى بحماس وهي تضع ملعقة الارز بفمها
مساء الفل ياخويا.. تعالى كل معانا الاكل سخن وطعمه حلو قوي .
سبقته نشوى بردها
سيبيه يا لبنى احسن يقولك نفسي مسدودة زي ما بيعمل معايا كل يوم .
تحركت عيناه ناحية المائدة ومع عليها من اصنافا شهية فاصدرت امعاءه الخاوية اصوتها طلبا للطعام..تمتم وهو يفترش الأرض معهم 
لا انا
هاكل معاكم اصل انا جعان.. ازيك يابت يامروة.
ردت الطفلة بعتب طفولي
توك ما افتكرت ياخالي دا انا قاعدة هنا من الصبح وانت لما دخلت ندهت عليك وانت ولا اكنك شوفتني ولاحتى عبرتني .
دفعها بكفه على رأسها بمزاح
العتب عالنظر يااختي.. المرة الجاية هابقى اخد بالي.
تسامرا أربعتهم ببعض الاحاديث المختلفة وهم يتناولون طعامهم حتى قربوا على الانتهاء فقالت لبنى وهي تهم برفع اطباق الطعام 
الحمد لله..
اكلة حلوة اوى ياما. ربنا ما يحرمنيش منك .
ردت نشوى وهي تمسح يدها بطرحتها القماش
بالهنا والشفا ياحبيبتى.. ما يطرح مايسري يمري.. انا هاقوم اعملك كوبايتين شاي نحبس بيهم.
هتفت لبنى على ابنتها موبخة
ماتبس يابنت انتي وقولي الحمد لله.. انتى هاتقعدي اليوم كله تاكلي قومي يازفته هاتبقي زي الدبة .
نهضت الطفلة عن طعامها ممتعضة فخاطب سعد شقيقته وهو يهم لينهض هو الاخر
ماتسيبيها تاكل.. هي كل يوم هاتكل لحمة
مصمصت لبنى بشفتيها قائلة
اهي حظها منيل زي حظ امها اللي اتجوزت واحد فالح بس يشرب البرشام ويبيعه وفي النهاية بقى رد سجون.. وناس تانية محظوظة بقى ربنا فتحها عليهم من وسعها وبقوا هوانم كمان .
ضيق عيناه متسائلا 
قصدك مين يعني
قصدي على نيرمين ياحبيبي.. اللي شافتني وانا داخلة الحارة ولا اكنها تعرفني.. نسيت صاحبتها وايام الشغل في المصنع قليلة الاصل .
نهضت وهي ترفع بعض الاطباق وتابعت 
هي زهزهت معاها وانا وامينة الدنيا جات علينا بزيادة.
جذبها من ذراعها يوقفها پعنف
هو انتي لسة بتكلميها البت دياتمليتي عليها فين تاني الله ېخرب بيتك
ردت بعتاب
يعني هاكون شفتها فيه يعني ما انا قطعت علاقتي بيها من زمان زي انت ما امرت .. لكن بقى جوزها طلع يبقى زميل جوزي في السچن وانا وهي اتقابلنا في الزيارت ورجعنا اصحاب زي زمان.
جز على اسنانه وهو يضغط على مرفقها پعنف
البت دي لو ما بعدتيش عنها ولا لمت هي نفسها عنك انا هايبقى ليا صرفة معاها .
نزعت يدها وهي تهتف بوجهه
اموت واعرف ايه مخليك كارها انت بالشكل ده ومخليها هي تدعي عليك ليل ونهار وبرضك مارضياش تقولي السبب
رفع قبضته المضمومة امام وجهها قائلا بتحذير 
ابعدي عن البت دي وما تعرفيهاش تاني يالبنى يامش هايحصل طيب.
قالت بتحدي
وان مابعدتش هاتمنعني من الخروج مثلا زي زمان.. لا اصحى ياحبيبي.. انا عندي بيت وساكنة فيه لوحدي كمان.. عن اذنك بقى خليني اخد الاطباق دي للمطبخ .
تخطته وذهبت من امامه تتجاهل غضبه الذي تأجج مرة وهو يشعر بقرب اڼهيار المعبد على راسه.. مسح بكفه على شعره يكاد ان يقتلعه من منبته.. يبتغي الوصول لحل سريع لإعادة سيطرته على زمام الامور كسابق عهده.
.............................
تسلم إيدك ياست الكل..الحمام طعمه يهبل .
كل ياحبيبي ومطرح مايسري مري .
قالتها زهيرة وهي تربت على ذراع حسين وهو يتناول معهم قطع الحمام المحمر امامه بشهية..اكمل هو بمسكنة
اه ياامي..دا انا وحشني اوي اكلك اللذيذ ده.. مش العك بتاع الطباخ الجديد ولا اكل المطاعم ..دا انا معدتي نشفت والنعمة.
هتف عليه علاء مستنكرا 
ماتاكل وانت ساكت ياض.. هو انت هاتحكيلنا قصة حياتك هنا
رد حسين بتصنع الحقد
تمتم علاء
يخريبت قرك ياشيخ.. دا انت الحرمان خلاك مزعج.
رنت ضحكة زهيرة النادرة فأطربت اسماع الشقيقان بسعادة وقالت
ربنا ما يحرمني منكم ولا من مناقرتكم انتو الاتتنن ياولاد قلبي.
كنت عايز اقولك على حاجة ياست الكل.. بس خاېف لاتزعلي .
قطبت زهيرة حاجبيها متسائلة
حاجة أيه بالظبط قول ياحبيبي وماتترددتش.
رفع انظاره ناحيتها وناحية علاء المنتظر قوله بقلق
بصراحة والدي كان طالب مني ان اعزم الجماعة.. اا شروق وعيلتها يعني عندنا في البيت.. فاانا كنت يعني..
قاطعته قائلة بتماسك
إعزمهم ياحسين دا واجب واصول ياحبيبي.
ردد خلفها علاء باستنكار
واجب واصول ياما! وعند نرمين
هدرت عليه صائحة پغضب
عند بيت ابوك ياعلاء مش بيتها.. وبعد عمر طويل ان شاء الله هايبقى بيتك انت واخوك وعيالكم من بعدكم.
اكمل على قولها حسين
هو دا فعلا الصح ياامي ودا من اهم الاسباب اللي خلتني اوافق على العزومة.. وانا من رأيي ان علاء كمان يحضر معانا دا لو ماعندكيش مانع طبعا.
وانا كمان!
قالها علاء باعتراض فرد حسين
ايوة ياعلاء.. والدي مهما رحب بالجماعة مش هايبقى زيك برضوا وانا ڠصب عني هانشغل بشروق.. وانا مش عايز حماتي تضايق مني ولا ابلة فجر .
قال الاخيرة بمكر انتبه له علاء الذي نزل بعيناه لطبقه يأكل منه بارتباك.. فهتفت زهيرة بخبث هي الأخرى
حقة ياعلاء .. دي تبقي عيبة
في حقنا لو اضايقوا او زعلوا ..لازم يابني تروح حتى عشان اخوك.
نظر اليها حسين بابتسامة مستترة قبل ان يلتفت لعلاء الذي تحمحم وقال برزانة
ماشي.. ماشي ياامي هابقى اشوف الظروف ان شاء .
............................
في اليوم التالي
خرج شاكر من شقته في موعده
اليومي في الصباح حتى يلحق بعمله وبعد ان خرج من البناية وهم بالتوجه للناحية الثانية من الرصيف ليصعد باية وسيلة للمواصلات العامة تفاجأ
بالنداء خلفه باسمه 
عم شاكر ..استنى اوقف ياعم شاكر .
التف بجسده وهو يعدل نظراته فوجد علاء على مسافة قريبة منه بسيارته وهو يلوح له بيده فلوح هو الاخر يحيه على عجل
ياهلا يابني.. هو انت عايز حاجة عشان بس انا مستعجل على
ميعاد الشغل.
قال يدعوه
طيب تعالى عشان اوصلك معايا في طريقي .
رد شاكر 
يابني مالوش لزوم انا هالحق الأتوبيس واخلص .
صفق علاء باب السيارة يتكلم بحمائية
طب على النعمة ماانت راكب غير عربيتي تروح بيها الشغل النهاردة.. في ايه ياعم شاكر هو احنا اغراب 
عاد اليه شاكر يهز رأسه بيأس
اخ منك يامعلم علاء.. يعني هو لازم الحمقة دي ماقولنا مالوش لزوم.
بعد ان اعتلى معه السيارة وانتظر قليلا ليتحرك بالسيارة سأله شاكر
هو انت مستني حد يابني
اجابه باضطراب وعيناه في مراة السيارة الجانبية ينظر خلفه باهتمام
لا طبعا هاتحرك حالا بس انا كنت عايز اسألك.. هي العربية لسة عطلانة
اه ياعلاء ماتفكرنيش.. دا الميكانيكي طالب في تصليحها شئ وشويات.. انا بفكر اسيبها عنده واستعوض ربنا فيها.. دي حتى بيع ماتنفعش .
سأله بتردد ليكسب مزيدا من الوقت
ليه بس دي حتى باين عليها عربية اصيلة بدليل انها عاشت العمر دا كله معاك .
عاشت فين بس يابني دي من ساعة ماجبتها وهي مطلعة عيني.. لا انت فاكرني وارثها.. دي اشتريتها كسر بعد ربنا مارزقني بابراهيم حكم ساعتها كان ربنا فارجها عليا والمرتب لسة بخيره وبعرف اوفر منه مش زي دلوقتي مابياخدتش معايا لنص الشهر من المصاريف اللي كترت وو.... فيه ايه ياعلاء يابني هو انت عرييتك دي مش ناوية تمشي النهاردة
هاا معلش ياعم شاكر.. اصل اندمجت مع كلامك .
الله يرضى عنك يابني دور العربية خليني الحق ميعادي.
حاضر ياعم شاكر حاضر
أدار المحرك بيأس لعدم رؤيتها ولكن بنظرة خاطفة للخلف عاد اليه الأمل مرة اخرى وهو يتحرك بالمقود.. فقال بتصنع المفاجأة
اي ده دي الانسة فجر.. هي لسة كمان مراحتش مدرستها .
قال شاكر بلؤم وقد فطن لخطط علاء المكشوفة 
اه صحيح دي هي.. استنى لما انده لها بقى .. بت يافجر... تعالى هنا يابنت .
...............................
جلس على كرسيه الخشب خارج ورشته يرتشف من كوب الشاي بيد واليد الأخرى ممسكة بسېجارة..ينفث دخانها هي الأخرى في انتظار بقية العمال العاملون بالورشة والذين كانوا يأتون تباعا.. اجفل منتبها على هذا الخيال الذي شعر بظله من الخلف..وصوته الاتى يقول
صباح الخير يامعلم سعد .
التف اليه برأسه وجده واقفا بأناقة بشموخ.. وضوء الشمس انعكس على بشرته البيضاء فزادته وسامة.. ..يداه الاثنتان بجيبي بنطاله..ذقنه ممدودة للأمام ونظرة غريبة منه وهو يردد
بقولك صباح الخير يامعلم سعد.. انت مش سامع ولا إيه
وضع كوبه على الطاولة ونهض مرحبا بحبور متكلف
يااهلا يااهلا ياحسين يااخويا .. معلش بقى اصلي اتفاجأت بالزيارة الكريمة.
صافحه حسين مشددا
ليه بس ياراجل المفاجأة دا انا حتى عريس.. وشى عادي ان اجيلك مش دي ورشتك برضوا
شعر سعد بغرابة السؤال ولكنه اجاب
ايوة طبعا ورشتي ياحسين.. امال هايكون ورشة مين يعني
اومأ برأسه وهو يخطو نحو مدخلها فالقى نظرة لداخل الورشة قبل ان يعود بانظاره لسعد القابع مكانه باندهاش
الورشة اتغيرت اوي ياسعد واتطورت .. انا فاكر اما كنت بلعب في الشارع هنا زمان.. كانت يدوب لتصليح الشبايبك والكراسي وبعض الحاجات الخشب الخفيفة.. لكن دلوقتي بقى بتجهز عرايس زي ما انا شايف اهو .. الله يفكره بالخير بقى الراجل الغلبان.
سأله بتجهم
راجل مين الغلبان
اجاب حسين 
عم بدر الصعيدي ياسعد.. مش برضوا هو كان صاحب الورشة دي في الاول.. قبل انت ما ربنا يفتحها عليك وتاخدها منه وتكبرها بقدرة قادر .
شدد على حروف الاخيرة قبل ان يستأذن بغموض
عن اذنك بقى ياسعد اصلي متأخر على شغلي .. ابقى اجيلك وقت تاني بقى عشان اتفرج على شغل الورشة ويمكن اختار ولا تعجبني حاجة منهم .. سلام بقى .
قالها واستأذن وظل سعد على وضعه متسمرا بمكانه لعدة لحظات وهو ينظر الى ظهره حتى اختفى من امامه تماما.. لا يدري سر هذه الزيارة الغريبة ولايدري غرض حسين الحقيقي منها .
...........................
جالسة بنفس محلها كالمرة السابقة بالمقعد الخلفي للسيارة بعد ان اوصل والدها لمقر عمله ولكن شتان بين المرتين.. في الاولى كانت تزفر بضيق وتعد الدقائق حتى تخرج من السيارة بعد ان دلفت اليها مضطرة.. اما الان فهي تشعر بالارتباك والتوتر ولا تعلم السبب.. ونظراته تلاحقها منذ ان جلست بالسيارة حتى رغم وجود والدها بالمقعد الامامي قبل ان يتركها معه وينصرف هو الى عمله.. اخرجها من شرودها وهو يسألها 
اخبار ابراهيم إيه يا ابلة فجر
اجابت بخفوت وخجل تعجبت هي له
كويس والحمد لله.. امبارح الدكتور طمن والدي ووالدتي عليه.
اومأ براسه
طب الحمد لله.. انا امبارح مقدرتش اشوفه عشان بس كنت مشغول في موضوع كدة .
اومأت هي ايضا برأسها قبل ان
تساله باهتمام 
عرفت حاجة عن البنت الخدامة .
هز برأسه نافيا 
للأسف لسة.. بس اديني بسال وان شاء الله هابقى اعرف 
مطت شفتيها بيأس فلحقها هو قائلا 
ماتقلقيش اكيد ليها حل يافجر .
اعجبها سماع اسمها منه دون ابلة فنفضت الفكرة عن رأسها وهي ترد
انا مش قلقانة ..عشان عارفة ان ربنا اكيد هايظهر الحق .. ومدام الخيوط بقى تفك اولها يبقى هاتكر البقية بإذن الله .
الټفت عن الطريق
ينظر اليها بابتسامة رائعة اربكتها 
فعلا يافجر عندك حق.. مدام ربنا اظهر جزء من الحقيقة..يبقى أكيد هايكشف لنا الباقي بإذن الله.
...
تتهادى بخطواتها الرقيقة وهي تقطع طرقات المدرسة و كأنها منفصلة عن الواقع .. تتلقى التحية من زملاءها وبعض الطالبات.. فتومئ اليهم برأسها وعقلها يدور في حيرة تتملكها منذ ايام.. مشاعر غريبة بدأت تنبت بداخلها تجاه شخص كان منذ فترة طويلة من عمرها .. تشمئز كرها بمجرد ذكر اسمه.. لا تعلم ولا تجد تفسير لهذا الارتباك الذي تشعر به اثناء وجوده.. والسؤال الملح هو.. هل من الممكن ان يحدث
تنهدت بثقل وهي تدلف لداخل غرفة المدرسات وهي تجزم بداخلها ان الايام كفيلة لتعلم حقيقة ماتشعر به تجاهه
القت التحية على اثتنان منهم جالسات بركن وحدهم يتحادثن ويضحكن كعادتهن فاقتربت من سحر وهي جالسة وحدها في اخر الغرفة.. مريحة وجنتها على كف يدها المفتوحة وهي مستندة بمرفقها على طاولة المكتب واليد الأخرى ترسم بالقلم دوائر في الصفحة الفارغة للدفتر .. القت هي حقيبتها لتجلس على المقعد امامها و تحدثها بقلق
صباح الخير .. حاطة ايدك على خدك ليه ياحلوة
ردت بفتور وهي على نفس وضعها
صباح الخير يافجر .. عادي يعني 
قطبت حاجبيها بحيرة تسألها 
عادي يعني!! في ايه ياسحر قلقتيني بجد هو العريس زعلك ولا ايهقولي يابنتي وانا اعرفك مقامه .
بشبه ابتسامة اعتدلت في جلستها قبل ان ترد عليها
لا ياستي العريس مزعلنيش ولا حاجة.. دا انا اللي فقرية لوحدي وبوز نكد .
سألتها
بذهول
بوز نكد!! انت ليه بتقولي على نفسك كدة ياسحر هو ايه اللي حصل 
زفرت سحر قبل ان تلقي نظرة نحو زميلاتها في الطرف الاخر لغرفتها..فاطمأنت لانشغالهم في الحديث والضحكات فقالت بتردد
هو انا وحشة يافجر ولا شكلي كبير عن سني
اسرعت فجر للنفي بقلق 
لا ياحبيبتي ولا اي حاجة من دول.. يابنتي ليه بتقولي كدة
تنهدت بعمق قبل ان ترد
عشان هو دا اللي مزعلني يافجر.. انا من ساعة ما اتخطبت لرمزي وشايفة نظرات الناس ليا واكني خدت حاجة مش من حقي.. شايفينه هو صغير وانا كبيرة رغم اننا مقاربين لبعض في السن وبالعكس بقى هو اكبر مني بسنة.. انا طول عمري بشوف نفسي حلوة يافجر.. لكن من ساعة ما اتخطبت لرمزي بقيت اشوف نفسي ناقصة ولا وحشة من نظرات الناس اللي مستكتراه عليا.. انا شوفت النظرات دي في البلد هناك وكبرت مخي عشان مجتمع ريفي.. لكن هنا في المدينة لقيته افظع من تلمحيات الجيران ولا حقد بعض المدرسات الزملة اللي بشوفه بشكل واضح في عيونهم.. ولا الطالبات اللي كان بيتمايعوا ويتمايصوا قدامه يوم ماجاه معايا المدرسة واكنهم بيقنعوه يسيب مدرستهم القرشانة ويتجوز واحدة صغيرة منهم .
ربتت فجر على كفها فقالت بإشفاق
ماتحسيش حد من الناس دي ياسحر وتتعبي نفسك.. محدش ببيحب الخير لحد.. ونظرة الحقد والحسد هاتلاقيها في اي حتى تروحيها.. خليكي واثقة في نفسك وخلي حب رمزي ليكي سلاح تواجهي بيه اي حد من الناس دي .
قالت بتشكك
تفتكري رمزي هايستمر بجد في حبه ده ولا هايرجع في كلامه من تلميحات الناس ونظراتهم
ردت فجر بابتسامة مشرقة
افتكر وافتكر قوي كمان.. انا من ساعة ما شوفته المرة اللي فاتت وانا قلبي حس بحبه وتعلقه بيكي من اول نظرة
همست سحر بتمني 
يارب يافجر يطلع كلامك صح وما انصدمش فيه هو كمان .. انا قلبي خلاص مش متحمل اي حزن تاني .
ضغطت فجر على كف صديقتها قائلة بدعم
ياحبيبتي ربنا ما يجيب حزن تاني ابدا ويتم فرحتكم بخير انتي ورمزي.
..........................
بخطوة غريبة وغير متوقعة ذهب اليه في مقر عمله عله يجد حلا لهذه الأسئلة الملحة داخل عقله.. من وصف رجل الاستعلامات الذي ساله فور ان دلف للمشفى.. يبدوا انه اقترب .. توقف بوسط الرواق كي يسأل عامل النظافة والذي اخبره بإكمال طريقه وسيجد المكتب امامه من جهة اليمين .. حينما وصل واخبر سكرتير مكتبه لم يتأخر الرجل عنه ثواني حينما داخل مكتب مديره.. وبعدها خرج مهرولا يخبره ان المدير في انتظاره.. 
وبداخل المكتب و بعد ان استقبله عصام بترحاب شديد وجلس هو مقابله على كرسي المكتب ألأمامي.. تكلم علاء بجمود 
انا عارف انك مستغرب جيتي المفاجاة دي بس انا ...
مش مهم السبب ياعلاء.. المهم انك جيت .
قالها عصام بمقاطعة ولهفة جعلت علاء يهز رأسه بحركة غير مفهومة قبل ان يرد 
لو سمحت عشان نبقى واضحين ..مش معنى ان جيت يبقى خلاص انا صدقت .
رد عصام بحماس 
والله عارف كل كلامك .. بس انا
فرحان انك ابتديت تسجيب وتسمعني ودي في حد ذاتها خطوة كبيرة وانا كنت بحلم بيها من زمان .
حدق اليه علاء لبعض اللحظات صامتا تذكر فيها ايام الصداقة القديمة ولكنه اجلى الفكرة عن رأسه فورا فتكلم بجدية 
انا كنت عايز أسالك عن البنت الخدامة.. انت كنت تعرف لها قرايب او عنوان عشان اسال عنه
هز برأسه نافيا بإحباط 
للأسف ياعلاء .. البنت اختفت نهائي بعد الموضوع
ده.. دورت
عليها بكل السبل ومعرفتش اعثر عليها .. لأني مكنتش اعرف عنها حاجة غير انها من طرف سعد .. إللي لما سألته هو كمان انكر قرابته ليها وقالي انها مجرد معرفة رغم انه لما جابها وصاني عليها ولا اكنها واحدة من قرايبه
همس علاء بصوت خفيض بحيرة 
تاني برضوا ياسعد.. وبعدين بقى.
اجفله عصام وهو يسأله
عاملة إيه الانسة فجر وإيه اخبارها .
توحشت ملامح وجه علاء وهو يرد عليه بفظاظة
وانت مالك بفجر تعرفها منين عشان تسأل عليها
رد عصام بابتسامة مستترة
عادي يعني لما اسأل عليها.. مش هي كانت حاضرة معانا في ساعة الكلام.. يعني بقت طرف في الموضوع.
كشړ علاء وهو يرد بصوت خشن 
لا بقى هي مش طرف عشان تسأل عليها ولا تكلمها.. وكلامك يبقى معايا انا وبس.. دا لو في كلام .. سلام بقى 
قال الاخيرة وهو ينهض تاركا عصام ينظر في اثره بدهشة مع ابتسامة جميلة وكأنه استعاد صديقه القديم . 
............................
وفي المساء 
وبداخل منزل ادهم المصري كانت الاسرتان مجتمعتان على مائدة سفرة طويلة.. تراصت عليها مجموعة كبيرة من اشهى والذ الاطعمة.. ادهم كان على رأس السفرة وعلى جانبه الايمن كانت زوجته نيرمين واولاده علاء وحسين وفي الجانب الاخر كان شاكر وزوجته سميرة وبناتها فجر وشروق وأصغر الابناء ابراهيم الذي كان جالسا مقابل علاء الذي كان يغدق عليها باهتمامه.. اما ادهم فكان يوزع اهتمامه على شاكر وأسرته بشكل مبالغ فيه.. حتى انه نسي هو ان يتناول طعامه لولا شاكر الذي هتف عليه بتحذير 
والله ياحج ادهم لو ماكنت تاكل قدامي ماهاحط لقمة في بوقي لا انا ولا الاولاد .
زمجر ادهم رافضا وهو يجلس على مقعده
وايه لزوم الحلفان بس ياشاكر
رد شاكر متشدقا
امال يعني عايزني اقولك ايه بس وانت عمال تضايف فينا وناسي نفسك من غير ماتحط في جوفك لقمة في إيه ياراجل هو احنا ضيوف دا احنا نسايب واهل في بعضاينا.
رد ادهم بابتسامة ومودة 
واكتر من اهل كمان.. ربنا يديم المحبة مابينا .
تبادل حسين واخيه الأبتسامة بارتياح من موقف ابيهم وفعله المشرف مع اهل عروسه قبل ان يعود بنظرات عشقه اليها.. ومن نفس الجهة كان علاء الذي لم يرفع عيناه عن محبوبته التي كانت تتناول طعامها بهذا الارتباك الذي اصبح مصاحبها طوال جلستها امامه وهي شاعرة بنظراته المسلطة عليها ..كل هذا امام نيرمين التي تبتلع طعامه بصعوبة وهي ترى علاء المصري بجلالة قدره والذي جعلها تدور حول نفسها مررا حتى تحظى بنظرة صغيرة منه وفشلت.. هو الان يحدق بهيام مراهق صغير نحو هذه الفتاة العادية الجمال.. او حتى لو كانت جميلة..فماذا تفرق عن غيرها ومالذي يميزها كي تأسر قلب هذا الۏحش .
افاقت من شردوها على صوت أدهم وهو يسألهم 
ها ياجماعة يارب يكون الاكل عجبكم.. ايه رايك في الاكل ياست سميرة بما انك الخبيرة وسطينا .
ردت سميرة بابتسامة
ماشاء الله ياابوعلاء ..السفرة شكلها يفرح باللي عليها ولكن دا من صنع ايديكي يامدام نيرمين 
اجفلت نيرمين من سؤالها المباغت قبل ان تتلبسها العنجهية فقالت بتفاخر 
لا في الحقيقة ياست سميرة.. انا مابطبخش بآيدي خالص ..الحاجات دي كلها بإيد الطباخ .
جز علاء فكه منها وهو يكتم غضبه ولكنه تفاجأ من رد سميرة التي خاطبتها بمكر 
اه ياحبيبتي يعني انتي مابتطبخيش بإيدك.. طب حتى
لو كان كدة يابنتي.. برضوا لازم تقفيعلى راسه تشرفي وتراعي بنفسك عشان تطمني.. يعني مثلا انا لاحظت ان معظم الاكل هنا ملحه زايد ودي حاجة مش كويسة على صحة جوزك .. دا غير ان في حاجات كتير هنا الطباخ اهتم فيها بالمظهر والشكل لكن الطعم مش بنفس الحلاوة.
بهتت نيرمين وهي لاتجد ماترد به على تدخل سميرة السافر وتلميحاتها الغير مقبولة..التفتت لأدهم لتسبين رد فعله ولكنها وجدته يأكل غير عابئ ونفس الأمر مع الجميع .. واكملت سميرة.
حقة ياابوعلاء ..زهيرة امبارح بعتتلي طبق محشي على الغدا.. كنت هاكل صوابعي وراه انا والولاد.. دا غير نفسها كمان في الحلويات.. ماقولكش .
اغمض أدهم عيناه پألم وكأن رائحة طعام زوجته اتت اليه من الماضي فقال باشتياق 
انتي هاتقوليلي على اكلها ما انا عارفة وحافظه كمان . اخخخ.
لكز شاكر من تحت المنضدة بقدمه ساق زوجته بأعين محذرة حتى تكف على الكلام ولكن الرد جاء من حسين الذي اردف هو الاخر بخبث
عندك حق ياخالتي سميرة.. دا من ساعة مااتعشيت عندها اول امبارح وانا حاسس بطعم الحمام المحشي بتاعها لسة في بقي من كتر حلاوته.. طب تصدقي انا حاسس اني لسه
شامم ريحته .
تدخل شاكر بمزاح بعد ان لاحظ تأثر ادهم من حديثهم 
لا بقى دي فرطت منك ياحسين .. عشان الحمام هنا قدامك عالسفرة ياحبيبي.. يعني شئ طبيعي تشم الريحة.
بجد ياعم شاكر.. تصدق نسيت هههه
قالها حسين وانطلقت الضحكات ليسود المرح على الجميع عدا نيرمين التي كانت تغلي من الغيظ.. ولا تجد من يشاركها وكأنهم جميعا اتفقوا على اهانتها .
بعد انتهاءهم من وجبة الطعام
أخذهم أدهم مع ابنائه الأثنان بجولة داخل البيت حتى انه عرفهم على شقة في الطابق الثاني والتي ستكون خاصة بحسين وشروق بعد الزواج ..والتشطيبات التي تسير فيها على قدم وثاق للأنتهاء منها خلال الشهور المتبقية للسنة الاخيرة في دراسة شروق.. على أن يتم الزفاف فور انتهائها من الاختبارات الاخيرة.. بعد ذلك دعاهم لشرب الشاي في حديقة منزله الخلفية.. خرج معه الجميع عدا فجر التي تسمرت مذهولة امام صورة اسرية معلقة بوسط بهو المنزل الكبير.. ضمت الصورة العم ادهم وهو اصغر من ذلك بسنوات طويلة.. الجميلة زهيرة وهي تحمل ابنها حسين وهو يشببها كثيرا في طفولته بعيناه الخضروان وبشرته البيضاء.. تظهر الصورة مدى سعادة الأسرة وترابطها ومعبرة عن شخصياتهم الحقيقية دون تزيف.
عجبتك الصورة
انتفضت مجفلة على صوته الذي اتي فجاة خلفها.. فأكمل وهو يتقدم إليها بخطواته حتى اصبح بجوارها
معلش ان كنت خضيتك.. بس انا استغربت يعني لما لقيتك مخرجتيش معانا برة في الجنينة واما رجعت شوفتك واقفة متسمرة قدام الصورة .
ردت بابتسامة خفيفة ومحرجة
لا ولايهمك.. بس بصراحة ان الصورة شدتني اوي.. وڠصب عنيلقتني واقفة متنحة قدامها
تبسم علاء وقال بحنين
انا كان عمري وقتها عشر سنين وحسين كان عمره ساعتها اربعة.. ابويا في يومها بقى كان واخدنا زيارة لمولد السيدة ودخلنا الاستديو ده عشان نتصور وتبقى ذكرة .
قالت هي
الصورة جميلة.. بس اللى تجنن فيها بجد خالتي زهيرة.. ماشاء الله عليها دي كانت قمر .
مط شفتيه وقال
هي فعلا كانت قمر ومازالت.. بس انا بسبب الصورة دي عملت اول خناقة في حياتي وروحت فيها القسم .
اللتفتت اليه مړتعبة تسأله
يانهار ابيض.. ليه بقى
اجابها 
عشان في يوميها انا كنت راجع من الدرس ورايح استلم الصور من صاحب الاستديو.. بس ابن العبيطة بقى كان بيطلع في الصور قدامي ويبص بوقاحة.. لحد اما عاكس صورة امي قدامي وانا بقى الډم غلي في نفوخي قومت مكسر كاميرة التصوير فوق دماغه.. وبعدها روحنا القسم وابويا دفع تمنها وعملنا مع الراجل محضر صلح .. ولولا كدة كنت هاتحبس .
كانت فاغرة فاهها وهي تستمع له حتى سالته بذهول 
يانهار ابيض.. على كدة بقى عمي ادهم ضړبك هو كمان بعدها ولا عاقبك
تبسم بتفاخر رجولي 
بالعكس بقى دا فرح بيا اوي عشان طلعت راجل ومااتحملتش على امي كلمة .
سالته بفضول 
هو قال ايه على خالتي زهيرة وخلاك اتعصبت كدة
تحمحم بحرج قبل ان يجيبها بتردد
ااا..قالي انها حلوة .
يعني ايه
قالتها بعدم فهم لبعض الثواني قبل ان تأتي براسها فقالت بمرح 
قالك ماما حلوة
اومأ بعيناه وهو يدير راسه عنها بحرج ولكنها اعادها فور ان سمع ضحكتها التى صدحت في ارجاء البيت الكبير بصوت عالي قبل ان تحاول كتم فمها بكفها.. حدق بها عن قرب يرسم تفاصيل وجهها الجميل وهي لا تستطيع التوقف عن الضحك.. بشقاوة لم يرها عليها قبل ذلك.. حتى اصابته هو ايضا العدوى.. فشاركها الضحك على حرج بسعادة يتراقص لها قلبه .
لبضع لحظات ظلوا غير قادرين عن التوقف هما الاثنان .. غافلين عن زوج عينان بنيتان تراقبهم من مسافة قريبة.. تتأكل من الغيظ.. انسحبت حتى لا تفتعل معهم ڤضيحة ويذهب كل تعبها وشقائها هباءا.. دلفت لداخل غرفتها وهي تقبض وتفتح على كفها حتى تستطيع السيطرة على هذه النيران المشټعلة بداخلها.. ضړبت بكفيها پعنف على تسريحة مراتها وهي تنظر لوجهها المحتقن بالڠضب المكتوم وصدرها يصعد ويهبط بسرعة من فرط انفعالها ونيرانها ..حتى اخرجها صوت الهاتف ينبأها بمكالمة واردة ..فور ان رأت الاسم فتحت ترد پغضب 
نعم عايز انت كمان ومتصل ليه في الوقت ده اساسا
وصلها صوته المتهكم 
صوتك متغير ليه يابرنسيسة هو انت مش مبسوطة مع ضيوف الهنا
قالت وهي تجز على اسنانها
والنبي ياشيخ وحياة الغالين عندك.. ارحمني من اسلولك المستفز ده.. انا فيا الليمكافيني.. هلاقيها منك انا ولا من جوز المضاريب اللي سيطروا على عقول الشباب وخلوهم زي الخواتم في صوابعهم .
سألها باهتمام 
تقصدي مين يانرمين بكلامك ده
ردت هاتفة بصوت خفيض
اقصد الزفتة خطيبة حسين والحية اختها اللي لفت المعلم علاء وبقى عامل قصادها زي العيل الصغير.
تقصدي فجر يانرمين 
ايوة زفتة ياسيدي.. اقفل والنبي انا مش متحملة. اقفل ينوبك ثواب .
في الناحية الأخر اغلق معها المكالمة وهو ينفث دخان الشيشية عاليا في الهواء و يردد بانتشاء 
يعني الحكاية فيها فجر.. وانا اقول القديم بيتحفر فيه ليه
اممم .. كدة بقى اكيد ليها حل!
.............................
بعد ان هدأت ضحكاتهم اكمل هو بتأثر وهو يحدق معها بالصورة
انا امي غلبانة اوي يافجر ..على قد جمالها دا كله لكن عمرها ما اتكبرت ولا شافت نفسها على ابويا.. بالعكس كمان دي من ساعة ماجابها من بلدها اللي في الأرياف وهي تحت رجله وبتخدمه وتقريبا نست بلدها من قلة المرواح هناك بعد ابوها ما ماټ وبقت
عيلتها هي كل دنيتها لكن بقى المړض كسرها وهدها واثر كمان على جمالها..
ردت بسرعة
لا طبعا المړض مأثرش على جمالها ..خالتي زهيرة لساها زي القمر وتجنن
كمان.
تعرفي انك شبها .
نعم!!
قالتها وكأنها تتأكد من صدق ماسمعته فكرر هو جملته ونظرة دافئة من عيناه أسرت عيناها بصدقها
بقولك يافجر.. انك تشبهي والدتي في حاجات كتير. اوي .
..
رفرفت بروموشها تحدق به مذهولة وهي لا تستوعب جملته ولا تعرف سببها او معناها فسألته باستفسار
يعني إيه بقى اشبه والدتك في حاجات كتير
تنفس بعمق وهو ينظر الى عيناها بهذا القرب قبل ان يجيبها فوضع يدا في جيب بنطاله والأخرى رفعها امامها ليشير لها بأصابع يده وكانه سيشرح لها معلومات مهمة غائبة عنها
شوفي ياستي.. بغض النظر عن انك تشبهي والدتيفي عزة النفس والتواضع والرقة كمان.. دا بقى في المميزات الشخصية.. اما بقى في الصفات.. فانت
عليكي ضحكة زي اللي خرجت دلوقتي على قد روعتها وندرتها لما باسمعها من والدتي فانا ببقى بشتاقلها ولا هلال العيد ..
احمرت وجنتاها خجلا فاأسبلت عيناها في الارض حرجا ولكنها رفعتها فجأة حينما سمعت وصفه الثاني
دا غير الغمزة بقى.
سألته مندهشة
غمزة ايه انا ماعنديش غمازات .
رد بثقة
لا عندك.. لما بتضحكي من قلبك بتظهر واحدة في الناحية الشمال من وشك .
توسعت عيناها بذهول متزايد من معرفته الدقيقة لتفاصيل صغيرة عنها.. هي نفسها غافلة عنها
يعني كمان الغمزة الخفيفة دي في خالتي .
ضحك بمرح قائلا 
لا بصراحة انا امي معندهاش غمزات بس دي كانت ملحوظة انا خدت بالي منها وحبيت اعرفك بيها .
دبت بقدمها على الارض غيظا تشيح بوجهها عنه حتى لا يرى ابتسامة ملحة على وجهها .. تابع هو بتسلي وهو يلاحق وجهها
بس دا ماييمنعش انك زي القمر وكتكوتة كدة زيها وعينيكي بقا... 
لفت رأسها بانتباه حينما ذكر عيناها..فاأردف هو بصوت دافئ
عنيكي دي من اول مرة انا شوفتهم فيها عن قرب ودا كان في شقتنا لو تفتكري الموقف اللي اتعصبتي عليا فيه.. لما بصيت فيهم يافجر حسيت كأنهم بحر وانا ڠرقت فيه او كإني اعرفهم من زمان من قبل حتى ما اتولد.. او كأنهم وطن وحسيت فيه بالامان .. شوفت في عيونك أني لقيت نفسي او لقيت عنواني اللي كنت بدور عليه بقالي زمن طويل.. في عيونك راحة قلبي اشتاقلها من سنين طويلة.. طويلة اوي يافجر .
توقف عن الكلام وهو يحدق بها وهي كانت غير قادرة عن النطق مأسورة او مسحورة من كلماته المفاجاة.. تبادله النظر ايضا ولكن بحيرة.. فكان الصمت هو سيد الموقف بينهم.. حتى استفاق الاثنان على صوت نيرمين التي عادت من غرفتها اليهم فلم تتحمل اكثر من ذلك .
هاتفضلوا واقفين مكانكم كدة كتير .
الټفت اليها الإثنان مجفلان من حدتها فتابعت بلهجة اخف كي لاتفضح نفسها
اقصد يعني ان الشاي برد واحنا مستنينكم برة في الجنينة .
استدركت نفسها فجر فتحركت لتخرج على الفور.. أما علاء فاحتدت عيناه نحو نيرمين التي بادلته النظر بتحدي واشتياق تفضحه حركة جسدها الذي يهتز أمامه.. عض على باطن وجنته يكتم غضبه قبل ان يطرق بعيناه ارضا يستغفر ربه ثم انسحب للخارج خلف فجر وتركها هي في البهو وحدها .
..........................
خرجت فجر لداخل الحديقة الخلفية.. لتجد والدتها واباها واخيها إبراهيم على طاولة كبيرو تضمهم مع العم أدهم المصري الذي كان مستفردا بشاكر في جانبوحدهم يتسامران بالضحك والاصوت العالية وكانهم على معرفة قديمة ببعض.. بمجرد اقترابها منهم سألتها والدتها 
كنتي فين الوقت دا كله يافجر
ازاحت فجر كرسي بلاستيكي لتجلس عليه بجوارها..قبل ان تجيبها وهي تجاهد لتداري ارتباكها وتوترها من كلمات علاء التي احدثت زلازل بداخلها
ما انااا دخلت الحمام ياماما.. ظبطت نفسي كدة شوية فيه .
ظبطتي ايه بالظبط انا مش شايفة اختلاف يعني .
قالتها سميرة بتشكك.. فتناولت فجر طبق من الحلويات لتنكفئ تأكل فيه بشراهة غير معتادة.. دون ان ترد عليها فهى كانت في حالة لا تسمح لها بالمزيد من الأحاديث.. همت سميرة لتسألهأ مرة اخرى بتصميم ولكنها توقفت حينما رأت علاء وهو يقترب منهم ايضا.. فانتقلت عيناها اليهم بتشكك صامت..ازداد اكثر حينما رات رد فعل ابنتها وهي تدعي التجاهل وعدم النظر اليه رغم جلوسه الصاخب بالمرح بجوارهم ومناكفته لإبراهيم ومداعبته.
رفعت فجأة رأسها تسال والدتها
هما حسين وشروق فين ياماما مش شايفاهم يعني
ردت سميرة على سؤالها بمغزى
حسين ياختي واخد شروق يفرجها على بقية الجنينة والأشجار اللي فيها.. خطاب بقى ويحقلهم يبعدوا عننا ويحكوا براحتهم .
شعرت فجر بعدم الإرتياح من
إجابة والدتها التي تبدوا بداخلها رسائل مبطنة لها.. واكتمل الشعور حينما جلست بجوارهم نيرمين التي كانت تطلق سهام نظراتها نحوها بشكل يثير التوجس والأرتياب .
...............................
وعند حسين الذي كان يحرك ببطء في ذراع ألأرجوحة الجالسة عليها شروق.. يستمتع بمشاكستها وهي تتذمر من فعله پغضب طفولي رغم هذه السعادة البادية على وجهها
ياعم ماتهزها كويس كدة بلاش غلاسة.
رد عليها پغضب مصطنع
بقالي ساعة بمرجحك ياست هانم
وفي الاخر بتطلعيني غلس.. دا انتي فعلا بقى معندكيش ډم .
خرجت ضحكتها بصوت عالي تؤيده
ايوة هو فعلا كدة انا واحدة معنديش ډم.. هزها بقى وحركها كويس ينوبك ثواب فيا والنبي يا أخي تعبتني.
ثبت ذراع الارجوحة يوقفها مما اثار ضيقها
بتوقفها ليه ياحسين حرام عليك.. هو انا قولتلك وقف
قرب وجهه يسألها بجدية
هو انتي لدرجادي حبيتي المرجيحة ياشروق
ردت بحماس 
مش المرجيحة بس.. الجنينة كلها من اول الاشجار الكبيرة والعالية والازهار الجميلة اللي فيها.. دي كأنها جنة يابني.. يمكن انت مش واخد بالك عشان متعود عليها.. لكن انا بقى عشان طول عمري مابشوفش قدامي غير العفار والعربيات من شباك اؤضتي او بلكونة فجر.. فانا حاسة باللي بقوله ده جدا.. اللون الأخضر كله بيريح العين ياحسين.
مال اليها برأسه يسألها بلهجة مغوية
طب ايه رأيك بقى مدام انتي حبيتي الجنينة اوي كدة ماتيجي نقرب احنا ميعاد الفرح وليكي عليا أمرجحك كل يوم وادلعك كمان.
انطلقت ضحكتها العالية مرة اخرى حتى مالت رأسها للخلف وهو يميل اليها ويؤرجها بسعادة.
ماقولتليش ايه رأيك بقى
طب والنعمة انت مچنون.
وفوق سطحه كان جالسا على عقبيه يتابعهم بنظرات مشټعلة وحاړقة.. صدره يعلو ويهبط پجنون.. يرى هذا المدعو حسين وهو يميل اليها ويدللها بوقاحة وهي متقبلة وراضية بل وسعيدة.. كان ينقصه هو هذا المشهد المستفز.. لقد صعد على سطح منزله كي ينفرد بنفسه ويشرب في شيشته ليرتب افكاره لهذه الأحداث التي طرأت حديثا ليفجأ بهذه الثنائي في الحديقة الخلفية لمنزل أدهم المصري والتي تطل على حارته الفقيرة.. فتذكره بالماضي ومعاناته والامه.. نفث دخان من أنفه وهو يتراجع زحفا حتى لا يلفت اليه الانظار ورأسه تكاد ان ټنفجر من الافكار والذكريات التي أتت بثقلها الان كي تقلق راحته وتؤرق مضجعه.
حينما عاد شاكر وعائلته من هذه السهرة العائلية دلفت فجر على غرفتها فورا تتجنب علاء الدي صعد معهم وهو يحمل ابراهيم حتى ادخله غرفته ووضعه على تخته وبعد ان تلقى منهم عبارات الشكر والإمتنان استأذن للذهاب حينما يأس من
خروجها اليه من غرفتها وقد تجنبته طوال مدة السهرة بعد ان افضى اليها بما يحمله في قلبه نحوها.. دخل على والدته زهيرة التي كانت في انتظاره تشاهد التلفاز ومتلهفة للأخبار على احر من الجمر 
مساء الخير ياست الكل .
قالت بلهفة 
مساء الخير ياعلاء يابني .. ها العشا عدى على خير ولا حصل حاجة لا سمح الله
القى بجسده على المقعد الخالي امامها وهو يرد
كله خير ياست الكل والحمد لله.. يعنى كان هايحصل ايه بس
تمتمت بالحمد قبل ان ترد عليه
والنبي طول قاعدتكم هناك وانا حاطة ايدي على قلبي يابني.. خاېفة لابوك مايرحبش بيهم كويس ولا اللي اسمها نيرمين تعمل معاهم مغرز ولا حاجة مش ولابد.. حكم البت دي مش مضمونة وانا عمر قلبي مارتاح لها .
رد عليها 
ومين سمعك بس ياست الكل.. انا كمان عمري ما ارتحتلها ولا طيقتها.. بس بقى النهاردة هي كانت زي الساعة ماشية بأدب.. حكم السيد الوالد كان مهتم بالجماعة النهاردة ولا السفرة اللي عمالهم كانت ايه بقى حاجة ملوكي كدا.. بصراحة كان متوصي اوي بيهم .
بشبه ابتسامة اومأت زهيرة اليه قائلة 
طب الحمد لله يابني عقبالك انت كمان لما تتشرف بنسايبك.
قريب يا امي ان شاء وهاتبقي انت اللي مضايفاهم ياست الكل. 
مسحت بكف يدها الحرة على راسه بتأثر استشعره هو فقرر تغير دفة الحديث
اسكتي صح.. دا صاحبتك الست سميرة حړقت ډم نيرمين النهاردة لما كانت هاتجيبلها تبول لا إرادي .
ضحكت بمرح قبل ان تساله بلهفة 
والنبي جد.. طب ازاي بقى فهمني قول
جالسة على تختها بملابسها التي لم تخلعها من وقت ان عادت من العزومة ناظرة في الفراغ بشرود تفكر في ماحدث من وقت قليل .. لقد فاجئها اليوم بكلماته ذات الغزل الصريح.. وهي التي كانت تحادث نفسها عن ماهية شعورها المتنامي نحوه .. بعد سامعها لهذه الكلمات التي اربكتها واوقفت عقلها عن التميز .. والتي لمست فيها رقة احساسه.. كيف لها ان تستطيع المواجهة والتفكير بشكل صحيح ثم الاهم من ذلك كله.. لو صدق احساسها فعلا .. يصدق هو ايضا احساسه وقد كان قبل ذلك عاشقا لغيرها وبقوة 
فجر انت لسة قاعدة بهدومك .
انتفضت مجفلة من صوت شقيقتها التي اقټحمت الغرفة هاتفة.. 
يخرييتك ياشيخة خضتيني .
قالتها وهي ترميها بالوسادة التي تجنبتها شروق وانطلقت ضحكاتها بمرح
والنبي بجد اټخضيتي سامحيني يافيفي .. مكنتس اقصد والنعمة.
زفرت حانقة وهي ترد عليها 
بقى
بعد ماخضتيني وخلتيني قطعت الخلف تقولي والنبي ماكنت اقصد .. بجد حقيقي مستفزة.
اكملت ضحكاتها وهي تجلس بجوارها 
طب معلش ياابلة فجر سامحيني .. بس انا بجد استغربت قوي لما لاقيتك لساكي بهدوم الخروج.
ردت بغيظ
وما اقعد ياستي بهدوم الخروج ولا حتى انام بيهم .. انتي مالك ياباردة ودا يخصك في ايه اساسا 
هتفت بدلال.. تناغشها بسماجة وهي تلتصق بها
ماخلاص بقى يافوفة.. سامحيني
والنبي انا مقدرش على زعلك بقى.
شهقت فجر تضربها بالوسادة حتى تبتعد عنها
بحبك يا اختي ياقمراية والنعمة بحبك .
قاومت فجر ضحكتها وهي تدفعها عنها 
يابت بطلي غلاسة.. انزاحي عني خنقتيني.
استمرت شروق في محاولاتها حتى اجبرت فجر على التجاوب والضحك معها.. بعد ان هدات ضحكاتهم سألتها
بت ياشروق.. هي امك زعلانة مني ولاحاجة
حركت راسها بعدم فهم
ليه يعني هو انتي عملتي حاجة زعلتها
ردت وهي تمط شفتيها 
معرفش ياشروق.. بس انا حساها متغيرة وانا مش فاهمة ليه
ردت شروق
يابنت الناس.. امك لو زعلانة منك او متغيرة.. هاتقطع معاكي على طول او تديكي على دماغك.. هو انت معرفاش سميرة ياقطة
ابتسمت فجر بارتياح تردد خلفها 
اه صح عندك حق.. انا امي جبارة فعلا وماتخافش من حد.. دي كفاية اللي عملته النهادرة في اللي اسمها نيرمين.. دي نشفت ريقها بتلميحاته الصريحة.
شاركتها شروق ضاحكة
لا وشوفتي حسين وهو بيتفق معاها بتلقيح الكلام.. وربنا دي اول مرة اعرف فيها انه خبيث ههه بس بدم خفيف ههههه
في اليوم التالي 
استيقظ علاء مبكرا حتى يحظى بمقابلة مع مجنونته التي انزوت معتكفه بعيدة عنه منذ الأمس.. عله يستطيع لقاءها او يفوز بتوصيلة لها ولوالدها بسيارته.. ارتدي سترته السوداء ثم تناول مشط صغير.. يسرح به على شعره بعجالة وقبل ان يتناول ساعته تفاجأ بورود مكالمة على هاتفه برقم غريب ..وما ان فتح الاتصال حتى فوجئ بصوته المعروف 
الو ياعلاء .. انا عصام .
رد بخشونة 
نعم ياسي زفت.. بترن عليا بصفة ايه وليه ثم المهم بقى واللي عايز اعرفه دلوقتي حالا.. انت جبت نمرتي منين وعرفتها ازاي قولي .
وصله الصوت الحانق 
ياعم مش وقت اسألتك دي دلوقتي.. وان كان على نمرتك
فانا جبتها من سجلات المستشفى لما دخلت بابراهيم يوم الحاډثة.. المهم بقى اني عندي ليك خبر بمليون جنيه..
قاطعه سائلا 
نعم يافندم .. خبر إيه بقى اللي بمليون جنيه عشان انا عايز اعرف
عرفت مكان البنت الخدامة ياعلاء .. او بمعنى اصح عرفت عنوانها .
انت بتتتكلم بجد ياعصام .
والله زي مابقولك كدة.. انا نازل من بيتي دلوقتي حالا اروح على العنوان مع اللي هايدلني .
طب استناني بقى ..عشان جاي معاكم .
هاستناك فين انا خارج حالا عشان الراجل مستنيني .
وانا لابس وجاهز يابني ادم.. قولي اجيلك فين وبسرعة .
بعد نصف ساعة تقريبا وبداخل سيارة عصام وعلى الكرسي الامامي بجوار السائق كان جالسا علاء.. والرجل الغريب جالسا في الخلف .. وعصام يتولى مهمة تعريف علاء به
اهو ده بقى يبقى عم متولي ياعلاء ..كان بواب العمارة اللي فيها شقتي القديمة.. يمكن تفتكره .
تطلع علاء اللى الرجل الخمسيني بجلبابه البلدي الفضفاض وعمامة رأسه البيضاء على بشړة وجهه السمراء.. بذقن خفيفة مطعمة بالشعيرات الفضية .
افتكرته طبعا.. هو كان اياميها شباب اكتر من كده وجسمه كان نحيف على كدة .
رد الرجل بتفكه 
اياميها كنت لساتي جاي من البلد وشقيان.. لكن دلوك تخنت بقى من الراحة والقعدة على الكرسي .
اومأ له علاء بابتسامة خفيفة قبل ان يتوجه لعصام سائلا 
ايه الحكاية بالظبط فهمني 
رد عصام وهو ينقل بصره اليه والى الطريق
شوف ياسيدي.. انا شوفت عم متولي بالصدفة في مستشفى حكومي وانا رايح ازور واحد صاحبي هناك .. اتكلمت معاه ودردشنا شوية اثناء ما انا بوصي صديقي الدكتور يهتم بيه.. ومن غير تفكير لقتني بسأله عن البنت امينة.. رغم انه زمان مكانش يعرف بعنوانها بس المرة دي لقيته بيجاوبني وييقولي على عنوان بيت جوزها ودا عرفه بالصدفة لما كان رايح يزور واحد من قرايبه في المنطقة اللي هي اتجوزت فيها .
الټفت علاء يسأل الرجل
انت متأكد من كلامك ده ياعم متولي
اجابه
الرجل بثقة
طبعا يابيه متأكد امال ايه.. دا انا اعرفها من وسط مية .
اومأ علاء برأسه وهو يلتفت لعصام .. فقال بحماس وهو يفرك بيداه على فخذيه
على خيرة الله.. زود السرعة شوية والنبي ياعصام .. خليني نوصل لبنت الابالسة دي .
بعد قليل كانت السيارة متوقفة بمنطقة فقيرة .. انتشرت فيها المنازل بطريقة عشوائية.. معظمها مبني بالطوب الجيري والباقى يكاد يسند نفسه من السقوط على رؤس اصحابه.. فور ان ترجل الثلاثة من السيارة التي غاصت بالمياه الموحلة حتى بللت احذية الثلاثة بالإضافة لتبقع اطراف بناطيل الاثنان رغم محاولاتهم الحثيثة برفعها .. اما العم متولي فتمكن من حفظ جلبابه الفضفاض برفعه عاليا حتى ظهرت ساقية حتى الركبة ولم يبالي وهو يتقدم امامهم
نحو البيت المذكور ..قال عصام وهو يضع منديل ورقي على انفه
الريحة هنا صعبة قوي.. وكأنها ريحة چثة متحللة.
رد العم متولي بعدم اكتراث
دا تلاقيه بس كلب ولا قطة ميتين في الخړابة القريبة دي.. انت مش واخد بالك من الژبالة اللى ظاهرة في مدخلها ولا ايه
نظر عصام نحو البيت المشار اليه من العم متولي .. فاشاح عيناه فورا وهو يجاهد لعدم
التقيوء امامهم 
ياساتر يارب .. دي ژبالة بجد وفعلا واضح ان في كلب مېت هناك..
رد علاء بابتسامة ساخرة
معلش يادكتور.. اصلك مش متعود على المناظر الۏحشة دي .. فممكن تستنانا هناك في العربية على ما نخلص مشوارنا.. بدل ما يغمى عليك ولا حاجة ..واحنا خايفين عليك لا تتعب .
حدجه عصام بنظرة حانقة قبل ان يرد 
لا ماتخافش ولا تقلق عليا ياحبيبي.. انا هكمل طريقي ومشواري معاكم عادي.. قال يغمى عليا قال.
ازدادت ابتسامة علاء بنظرة اغاظت عصام.. الذي جاهد لضبط اعصابه وعدم الشجار معه .. فقال العم متولي وهو يتوجه ناحية منزل بابه اخضر .
هو دا البيت يابيه .. بيت امينة وجوزها .
... يتبع
الفصل الثالث 
طرق العم متولي للمرة االذي لا يعلم عددها على باب المنزل.. الذي بهت لونه الأخضر .. ولا احد مجيب وكانه لا يوجد به احياء.. قال عصام المتأفف من الرائحة 
الظاهر كده مافيش حد في البيت ده.. ماتيجوا نروح ياجماعة ونبقى نيجي في وقت تاني .
القى علاء نحوه نظرة حانقة قبل ان يلتفت الى العم متولي ويسأله
انت متأكد ياعم ان هو دا البيت نفسه ولا يمكن غلطلت في العنوان
رد الرجل 
طبعا يابيه متاكد.. عشان بيت قريبى هناك في الشارع اللي وراه وانا في كل مرة باجي عنده بعدي عليه ولو عايزيني اجيبلك قريبي هو كمان نسأله مافيش مانع .
بتسالوا على مين يا بهوات 
قالتها المرأة الواقفة بالقرب منهم على باب البيت الملاصق لبيت امينة.. الټفت اليها الثلاثة مجفلين على صوتها ليجدوها امامهم متكئة على الحائط.. بعباءة منزليه خفيفة.. نصف شعرها الأمامي ظاهر من ربطة رأسها وزينة وجهها صاخبة بالالوان.. تولى العم متولي الإجابة عليها 
احنا جاين نسال على اصحاب البيت ده يا ست.. ما تعرفيش بقى هما راحوا فين عشان احنا بنخبط بقالنا فترة ومحدش بيرد.
ردت المرأة وهي تقيم الاثنان علاء وعصام بنظرات متفحصة من منبت شعرهم حتى احذيتهم الغالية الثمن والتي تطلخت بالطين 
لهو انت متعرفش باللى حصل
سألها علاء مجفلا رغم استيائه من جراة نظراتها 
مالهم اهل البيت وايه اللي حصل معاهم بالظبط
لوكت بعلكتها بداخل فمها وهي ترد عليهم بتمهل 
ازاي بس ما تعرفش يابيه دا فتحي اتقبض عليه من يجي ست اشهر پتهمة تعاطي واتجار بالبرشام 
ردد خلفها عصام 
اتجار بالبرشام!! طب احنا عايزين مراته هي فين
رفعت المرأة حاجبها الرفيع باستهجان وهي تسأله
انتوا عايزين امينه طب ليه
اردف خلفها بلهفة مما اثار ارتياب المرأة
ايوة بالظبط كده.. هي امينة دي.. فينها بقى
صك علاء على فكه وهو يليقيه بنظرة محذرة حتى يصمت واكمل على قوله ببعض الكياسة
يا ست احنا من جمعية بتراعي الناس الفقرا والباشا اللي جمبي ده عايز يساعدها .
مالت رأس عصام وهو ينظر اليه ببلاهة وعدم استيعاب ليفاجأ بالمرأة تقترب منه بعبائتها الضيقة تطبق بيدها على قماش قميصه الابيض قائلة بلهفة
طب ما انا كمان عايزة مساعدة يا بيه.. دا انا شقيانة في خدمة البيوت.. وجوزي بيطلع عينه في السواقة على كام ملطوش .. ولا هي المساعدة ما تجوزش غير على امينة.
تدلي فكه واتسعت عيناه برهبة يحاول تخليص يده منها وهو لا يعرف بما يجيبها .. يرجوا المساعدة من علاء الذي ينظر اليه بتسلي بابتسامة مستترة.. استدرك العم متولي بفراسته فقام بابعاد المرأة قائلا
يا ست ابعدي شوية خلي الراجل ياخد نفسه.. معلش بقى يا عصام .
قالها متولي وهو يرى جزع الاخير بنظره لكم قميصه المبتل .. فقالت المرأة ببعض الحرج
سامحني يا بيه.. اصلي كنت بغسل هدوم الواد .
صاح بړعب
هدوم الواد!!
تابعت بترجي
ايوة يا بيه هدوم الواد.. دا انا ايدي باشت من كتر الغسيل.. لو تتعطف عليا جمعيتكم وتجبولي غسالة يبقى كتر خيركم
هتف عليها متولي باستنكار
يا ست بيقولك جمعية.. يعني اجراءات وشغل كتير وبحث عن حالتك في البداية..جاوبينا الاول على سؤالنا وبعدها نشوف امرك.
زفرت المرأة حانقة من الرجل فقالت بامتعاض 
امينة مش هاتلاقوها هنا .. عشان هي اساسا من ساعة ما جوزها اتحبس وهي بتبات عند امها وبتيجي هنا زيارت بس توضب البيت او تاخد لها هدمات تلبسهم هناك .
سألها علاء 
طب ما تعرفيش عنوان بيت امها دا فين بالظبط
شهقت رافعة حاجبها مرة اخرة 
انتوا كمان هاتروحولها بيت امها هي لدجادري اسمها مهم عندكم في الجمعية
صاح عليها العم متولي 
خبر ايه يا بت ما تجاوبي عالسؤال وخلاص ..لزوموا ايه الرط دا كله
ردت باستنكار
ماهو انا معرفش بيت امها دا فين عشان اقول.
مسح علاء بكف يده.. على صفحة وجهه شاعرا بخيبة الأمل فاتفاجأ بعصام وهو يخاطب المرأة بلطف 
طب ممكن يا
مدام لما توصل هنا امينة تتصلي بالرقم اللي انا هاكتبهولك دلوقتي تبلغيني
شهقت بفرحة وهي تراه يخرج من جيبه ورقة صغيرة يدون عليها بالقلم الحبر رقم الهاتف
هو دا رقم تليفونك يابيه
كشړ بوجهه اليها وهو يناولها الورقة 
حضرتك دا رقم الجمعية مش رقمي وعلى العموم انتي فاهميهم حالتك واكيد هما هايتصرفوا معاكي.
لمست بأصابع يدها على كفه الممدودة بالرقم بجرأة اثارت ارتعابه وهي تخاطبه بنعومة
تسلم الايادي يا باشا.
بلع ريقه وهو يحرك قدميه هربا منها وذهب معه علاء ايضا .. العم متولي استأذن منهم لزيارة قريبه .. اما هي فأخرجت هاتفها الصغير من جيب صدرها تتصل برقمها.. فوصلها الصوت المتعب
الو يا راوية .. عايزة ايه
ردت بلهجة مائعة
الو ياست أمينة.. ياللي طلعتي ميه من تحت تبن.. بقى بتعرفي الناس النضيفة دي وتخبي عليا جارتك حبيبتك.
تقصدي ايه ياراوية
............................
بفناء المدرسة وعلى اريكة خشبية ضمتهم الاثنتان اسفل الشجرة الكبيرة سألتها بمرح
قالك إيه ياقطة عيدي كدة اللي قولتيه دا من تاني.
ردت فجر بتذمر
واعيد من تاني ليه ياختي هي اغنية
هزت سحر رأسها بابتسامة خبيثة
لا ما انا وداني بايظة النهاردة .. عيدي والنبي .
لكزتها بقبضتها على ذراعها 
لا انتي بتستهبلي ياسحر ولاودانك بايظة ولا حاجة.. انتي بس عايزة ټحرقي دمي وخلاص .
هتفت عليها بصوت ينبض بالفرح
واحړق دمك ليه بس ياعبيطة انتي هو احنا كل يوم بنلاقي رجالة بتقول الكلام الحلو ده .. ولا حتى بنلاقي ابلة فجر تستجيب ووشها يحمر كمان... يابنتي دا تطور كبير قوي مكناش نحلم بيه.
اشاحت فجر عنها وجهها تداري عنها ضحكتها وقد لامست كلمات سحر ما تشعر به بالفعل.. فتابعت سحر 
لا بقى دا انت شكلك كدة واقعة على بوزك .. بتبعدي وشك وتداري ضحكتك عني.. ماخلاص اتكشفتي ياقطة وسرك بان .
التفتت اليها فجأة تسألها بقلق
بجد ياسحر.. يعني انا فعلا بحبه بقى ولا دا مجرد فرحة من اهتمام راجل بيا
ردت سحر بجدية
ماهو ياقلبي لو ماكنش الراجل ده ليه مكانة في قلبك مكنتيش انتي حسيتي بكلامه ده ولا وشك الحلو ده نور من الفرحة.
تابعت بتشتت
طب ازاي دا بس يحصل.. وانتي بنفسك عارفة اللي فيها يعني وكدة.
قصدك يعني على حبه القديم لفاتن 
سألتها فأومأت برأسها توافق.. فردت سحر
بقولك ايه يافجر.. ماتسيبي الماضي ياحبيتي وارميه ورا ضهرك.. عيشي اللحظة يابنتي وانسي بقى.. انا مش قصدي تنسي فاتن طبعا.. انا بس عايزاكي تفتكري كويس مدام اكتشفتي بنفسك برائة علاء.. يبقى شيلي كمان من دماغك حكاية تأنيب الضمير.. عشان انتوا الاتنين مابتغلطوش.. والحي ابقى من المېت.
شردت فجر وهي تنظ للبعيد تفكر في كلمات سحر .. فاصطدمت عيناها بعينن اخرى تنظر نحوهم من نافذة مفتوحة لإحدى الفصول وكأنها تراقبهم.. فعادت لصديقتها قائلة بدهشة
بت ياسحر.. انتي مش ملاحظة ان الاستاذ عبد الله مدرس الرياضات بيبصلك
كتير دا غير اني بدأت احس بتصرفاته بقت غريبة شوية معاكي اليومين دول!.
نظرت نحو ماتنظر اليه فارتد هو عائدا لداخل
الفصل.. فردت باندهاش
امال لو شوفتيه وهو بيسلم على رمزي.. دا كأن في مابينهم تار بايت!
شهقت فجر ضاحكة
يكونش بيحبك يا منيلة
شهقت الأخرى متفاجئة 
نهار اسود.. يعني كان بيحبني في صمت وبيكتم في في قلبه ياعين امه.
ردت فجر ضاحكة
وانتي ولا حاسة ياعديمة الاحساس هههه
حركت كتفها بدلال
وانا مالي يااختي.. حد قالوا يقعد ساكت مع واحدة معجبينها كتير .
ازدات ضحكاتهم لتردف فجر
هو الخسران 
طبعا هو الخسران
...............................
نهض حسين عن مقعده يستمع لكلمات اخيه وهو يقطع غرفة مكتبه ذهابا وايابا بتوتر وتركيز شديد مع كل حرف .. حتى انتهى علاء فعاجله حسين سائلا
طب وبعدين ياعلاء.. مشيتوا كدة من غير ماتعرفوا اي معلومة عنها
....................
بس انتوا اتأكدتوا من العنوان
....................
وانتوا متأكدين بقى ان جارتها دي هاتبغلكوا لو شافتها.
....................
طب مليني العنوان اللي انتوا راجعين منه دلوقتي.
....................
مالكش دعوة ياعم .. مليني وخلاص..
تناول ورقة يدون فيها العنوان ثم انهى المكالمة مع اخيه.. لينظر في الورقة وكأنه وجد ضالته.. يتمتم بالحمد .ثم مالبث ان يتحرك ذاهبا من مكتبه.. لوجهة يعلمها جيدا!
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
بداخل السيارة وهو يقود كان ينظر لأكمام قميصة المبقعة بقرف اثار انتباه علاء الذي ما ان انتهى من مكالمة اخيه حتى انطلق في الضحك مرة اخرى يردد
ههههه يابني ما انا قولتلك .. خليك في عربيتك وانت عشان ماتتعبش.. انتي مش حمل المناظر دي..
رد عليه عصام بسخط 
ماتبطل انت قلشك بقى وترقيتك دي .. محسسني ان واد طري من بتوع اليومين دول ..لا ياحبيبي انا دكتور ومتعود على مشاهد تشيب .. مش الحاجات الخفيفة دي.
صدحت ضحكة علاء الصاخبة وهو يكمل في مشاكسته
طب ولما هي حاجات خفيفة .. حسيت ليه انا ان قلبك هاوقف من الړعب اول ما الست كلبشت في دراعك ههههه.
تأفف حانقا يهز براسه بضيق من اسلوب علاء المتهكم.. ولكن بداخله كان يشعر بسعادة تبدوا مؤقتة لاستعادة صديقه.. تابع علاء
ماترد يادكتور يامحترم على كلامي وقول انك ماخوفتش منها بجد بدال ما انت بتاكل في نفسك وبس
اللتفت اليه عصام كابتا
ضحكته
بصراحة خۏفت ماكدبش عليك .
انطلقت ضحكته تزامنا مع ضحكات علاء الصاخبة قبل ان يكمل
بس دي شئ عادي ياعم .. فجأة لقيتها بتمسك في ايدي خضتني ههههه.. وفي الاخر طلعت غاسلة هدوم الواد كمان !
قهقه الاثنان غير قادين على التوقف لعدة لحظات قبل يمسك نفسه اخيرا علاء وسأله مندهش
رقم مين صح اللي ادتهولها وادعيت انه رقم الجمعية المزيفة.
رد عصام
ماهو فعلا رقم جمعية حقيقي .. اينعم انا اټخضيت في الاول لما لقيتك بتألف الموضوع ده .. بس لما فهمت انه عشان سمعة الست والعادات في المناطق الشعبية.. دوغري افتكرت جمعية بنتي واديتها رقم حقيقي.
ضيق علاء عيناه مستفسرا 
بنت مين وجمعية ايه بالظبط هو انت اتجوزت وخلفت كمان
رد عصام 
فى الحقيقة دا حصل من ٣ سنين بالظبط.. بعد مارجعت من لندن .. اتجوزت بنت خالي.. بس بقى كانت مدلعة وبتهمل حتى في تربية بنتها.. ماقدرناش نكمل مع بعض واتطلقنا ..بس للأسف خالي ومرات خالي اخدوا في البنت في حضانتهم وحرموني منها.. فاانا بقى من شوقي خۏفي طول الوقت عليها من اهمال واستهتار والدتها ..اسست جمعية خيرية وكتبتها باسمها عشان ربنا يباركلي فيها.
الټفت لعلاء وجده ينظر اليه بشرود .. طرقع بأصابع يده امام وجهه
ايه ياعم سرحت في ايه وانا بكلمك 
استفاق علاء من شروده وهو يلتفت للطريق امامه فقال متهربا 
سوق ياعصام.. خليني احصل المحل اللي سايبه من الصبح ده .
تعجب عصام من التغير المفاجئ لعلاء ولكنه اثر الصمت.. حتى لايزعجه بفضوله والټفت يركز في قيادة سيارته. 
.....................
في المساء وبينما هو منهمك في عمله على احدى قطع الاثاث بمساعدة عامل اخر في الورشة.. دلف صبي صغير من حارتهم يهتف عليه 
عم سعد ياعم سعد .. الحق في ناس عايزينك برة .
رفع رأسه اليه يسأله 
مين ياض ياعبودي اللي عايزني برة
رد الطفل بلهاث
واحدة ست ياعم سعد .. قالتلي ادخلك وانهدلك بسرعة
ست مين ياض طب معرفتش اسمها.
قالها سعد ليجدها فرصة عمال الورشة في المزاح معه.. قال احدهم 
الله ياعم سعد.. انت عايزها تقول اسمها وتفضح نفسها قدامنا.
فقال الاخر
الله يساهله ياعم سعد.. اخرج ياعم وشوفها.. دي الست عايزاك بسرعة .
نفخ صدره وهو يتلقى مزاحهم بتفاخر وبخطوات منتشية ذهب من اماهم .. حتى اذا خرج من باب الورشة .. نظر الى الطفل متسائلا
فين الست دي ياض ياعبودي اللي بتسأل عليا .
رد الطفل وهو يشير بيده 
اللي واقفة هناك ومديه ضهرها .
تقدم سعد نحو المرأة المجهولة وقبل ان يقترب منها وجدها تلتف اليه بكليتها.. لتصطدم عيناها بعينيه التي جحظت من رؤيتها وكاد ان يقع امامها في وسط الشارع وامام المارة.. استدرك نفسه يظبط خطواته.. وهو يقترب منها ومقلتيه تتحرك يمينا ويسارا ناحية وجوه البشر في الشارع.. مړتعبا من فكرة التخيل حتى .. انها هنا في وسط حارته وخلف منزل ادهم المصري وفي هذا الوقت الحساس اليه..انها حتى لم تتغير شكليا ولم يتغير جسدها النحيل .. هي نفسها ببشرتها السمراء الناعمة وعيون المها خاصتها تنظر اليه بتحدي لم يره عليها قبل ذلك.. حينما اقترب منها وجدها تبسمت بزاوية فمها قائلة
ازيك يامعلم علاء وحشتني ياراجل .
لم يرد تحيتها بل اقترب يدفعها بيده متمتما
امشي اتحركي على طول..و من غير نفس اخلصي.
تحركت تسير معه مضطرة وهي تهمس باستفزاز 
طب حتى رد السلام الأول.. لدرجادي مړعوپ لحد يشوفني ويعرفني.
دفعها بحدة كاد ان يوقعها هامسا هو الاخر
وانتي بلعتي حبوب الشجاعة النهاردة وجاية تتحديني يابنت محاسن.
اخرجت ضحكتها صوتا وهي ترد عليه واضعة كفها بجانب فمها
ايوة صح انا بنت محاسن وانت ابن نشوى التخينة بياعة الخضار هههه.. اه
قالتها پألم حينما وجدت نفسها تدفع بقوة داخل مخزن ممتلئ حولها بالأخشاب.. دلف خلفها يغلق الباب فورا بقوة.. وتقدم خخطوا امامها ببطء وجسده يهتز من فرط انفعاله.. اكملت هي دون ان تهابه وقالت باستفزاز
يامعلم سعد انت جايبني هنا المخزن بتاعك عشان تخلص عليا ولا تتدفني فيه حي.....
لم يعطيها فرصة لإكمال جملتها
ردت ضاحكة باستفزاز رغم خروج صوتها بصعوبة
ماعدتش عندي حاجة... ابكي عليها ياغالي.. وان. وان دخلت السچن مش هادخ...ل لوحدي.... هاتدخل انت..معابا.....
ضغط بكفيه الاثنان 
يبقى هاخلص عليكي احسن وتبقي جيتي لقضاكي ...
..
جحظت عيناها بقوة حتى كادت ان تخرج من محجريها بشرتها السمراء اصبحت تتحول للون الأحمر القاتم.. يداها التي تقاوم لكي تنزع كفيه المطبقين على
قرب نفاذ الهواء من صدرها.. أو قرب نهايتها التي لطالما توقعتها دائما بمخيلتها.. منذ هذا التاريخ المشؤم حينما شاركت هذا الملعۏن جريمته بغباءها.. وحاجتها للعاطفة الكاذبة التي أوهمها بها في بداية تعارفهم كي يكسب ثقتها.. وبعد ان حدث ماحدث..رأت وجهه الحقيقي الذي يبدوا في الظاهر واجهة بشړية ولكن بداخله مسخ.. مسخ مشوه لايتورع عن فعل جريمته واللصاقها بغيره..
ثم رميها هي كذبابة من امامه بعدما انتفت حاجته اليها.. لتتحمل هي بعد ذلك عواقب ماحدث وحدها.. وتتجرع من مرار الأيام مايذكرها دائما بجريمتها معه.. لقد تعبت ولم تعد بها طاقة في حمل هذا الوزر الثقيل.. اذن فاليزهق روحها ويخلصها.. علها تستريح ولو قليلا من عڈابها !
كان يطبق على رقبتها الهشة يود لو يكسرها بيده ولتذهب لجحيمها الغبية التي جائت اليه بكل صفاقة كي تستفزه وتخرج شياطينه ..غضبه الاعمى جعله يتمنى ذلك ويرغبه بشدة لبعض اللحظات.. قبل ان يستفيق ويدرك نفسه.. فتركها على اخر لحظة قبل طلوع روحها من جسدها.. سقطت على الارض تسعل بشدة بعد ان تركها وابتعد عنها يسب ويلعن.. ثم ما لبث ان تناول خشبه صغيرة فضړب بها على الأرض بقوة امام رأسها المنخفضة للأسفل قائلا 
جاية ليه دلوقتي بعد ما نسيتك ونسيت ايامك الغبرة يا أمينة الزفت
رفعت عيناها اليه وقد هدأت انفاسها قليلا ولكن مازالت قدميها على تقوى على الوقوف .. فعادت لأبتسامتها المستفزة
انت خلاص صرفت نظر عن قتلي ياسعد ولا عايز تعرف سبب مجيتي لك الأول
هتف عليها 
جاوبي واخلصي يابت.. انا مش ناقص قرفك.
ردت بمرح في غير محله
وحشتني ياسعد وقولت اشوفك..فيها حاجة دي
هز رأسه بعدم استيعاب من فعلها فنزل امامها على عقبيه مضيقا عيناه يسألها
انتي يابت شاربة حاجة جمودية القلب دي غريبة عليكي.. قولي يابت مبلبعة ايه بالظبط 
قال الاخيرة وهو يجذبها من قماش بلوزتها التي نزعتها پعنف عن يده قبل ان ترد عليه پغضب وقد ذهب عن وجهها العبث 
شاربة المر من كيعاني ياحبيبي.. من ساعة ما اتجوزت فتحى بياع البرشام عشان الاقي حد يلمني واتحامى في كنفه بعد ما غدرت بيا.. وقولتلي ماحدش ضړبك على ايدك وكل فينا يروح لحاله ويشيل مسؤلية نفسه.. شيلت ياأخويا وبعدت عن وشك وريحتك من همي.. لكن ياغالي الحال اتغير علاء وعصام وصلوا لبيتي.. يعني قربوا يوصلولي .
لكزها على ذراعها ليرد بعدم تصديق
كدابة يابت محاسن ومش مصدقك.. بيت مين اللى وصلوله هما يعرفوا اسمك كامل اساسا عشان يعرفوا بيت جوزك
صاحت پغضب
انا مابكدبش ياسعد.. راوية جارتي حاكتلي ان في تلات رجالة جم على بيتي يسألوا عني بحجة انهم جمعية خيرية وعايزة تساعدني..راوية اكدت انها سمعت اسم الدكتور عصام على لسان واحد منهم واللي عرفته انا من المواصفات اللي حكتها ومواصفات التاني مش بعيد يكون علاء واللي خلاني اتأكدت اكتر بقى مين عم متولى اللي كان بواب العمارة .. العمارة اللي كان فيها شقة عصام فاكرها طبعا يانور عيني.. اكيد هو اللي دلهم عليا.. عشان ابن عمه ساكن ورا بيتي وياما شافني وشوفته في الشارع هناك .
انسحب اللون من وجهه فاستقام بجسده واقفا وهو يستوعب كلماتها المفاجئة.. وحينما ظل على صمته فترة ليست بقليلة.. هتفت عليه 
يكون في معلومك ياسعد.. انا لو حد منهم عثر عليا ولا عرف مكاني.. اوعى تفتكر اني هاسكت ولا انكر .. لا ياحبيبي انا هاقر بكل حاجة واحكي من طق طق لسلام عليكم .
الټفت اليها بنظرة تطلق شررا من حدتها فعادت لابتسامتها المستفزة و تابعت غير ابهة 
ما انا ماعدتش عندي حاجة اخاڤ عليها او اخسرها لو حبسوني ولا حتى عدموني .
غلف وجهه بقناع جامد وهو يومئ لها بذقنه سائلا باقتضاب
والمطلوب إيه
أجابت بقوة 
تشوفلي مكان اتاوا فيه غير بيت ابويا وتحميني منهم لو وصلولي!!
..............................
بداخل سيارته التي صفها في ركن مظلم بالشارع الضيق.. كان ينظر في ساعة يده يحصي الدقائق في انتظار خبر او معلومة على هذا اللقاء المثير.. هذا اللقاء الذي توقع حدوثه منذ علمه بمعرفة أخيه بعنوان المرأة المنشودة وهو استنتج بذكائه لجوءها الى شريكها .. فوضع الإحتمالات برأسه لمراقبة بيت زوجها ومراقبة اخرى دقيقة لسعد الذي سيكشف حقيقته اخيرا لشقيقه ويعلم بحقيقة مافعله قديما.. ولحسن الحظ لم
تتأخر المرأة لتأتي بعد ساعات فقط من تكليفه لعامل القهوة حودة والذي تسبب شجار سعد الدائم معه لقطع رزقه منها.. ليقبل بمهمة مراقبته ومراقبة من يقابلهم بكل سرور.. ولكن طال الإنتظار وبدأ القلق يتسرب الى قلب حسين.. فكما اخبره حودة المرأة دخلت مع سعد مخزن ورشته الخشبي ولم يخرجا حتى الان.. ترى ماذا يحدث الان وما الذي يتفقان عليه الان هؤلاء المچرمون
مسح بأطراف أصابعه على ذقنه المهذبة وعقله يدور في الاف السيناريوهات.. صدح الهاتف بورود مكالمة من حبيبته ولكنه مضطر لتجاهلها لانتظارها المكالمة الهامة و التي لم تتأخر كثيرا بعد ذلك.. رد حسين عليها سريعا بلهفة
ايوة ياحودة إيه الأخبار 
.....................
خرجوا هما الاتنين!طب راحوا فين يعني 
.......................
خليك وراهم ماتسيبوهمش الله يرضى عنك.. وتابعني بالاخبار اول بأول ولو لمحت اي حركة مش مظبوطة او فيها قلق اتصل بيا فورا .
..........
بعد مايخلص مشوارك معاهم تعالالي البيت قابلني.. لو على الفجر حتى انا هافضل مستنيك..عشان تحكيلي بالتفصيل الممل .
..................
تسلملي ياحودة يامجدع .
بعد ان انهى المكالمة زفر بسأم لعدم انتهاء
هذه الليلة الطويلة مع شعوره المتزايد بالقلق.. ادار محرك السيارة ليذهب لبيته وقد ضاعت عليه فرصة لقاءه بالمرأة ومحاصرتها الليلة بالحقائق لتعترف .. ولكن لا بأس.. ان لم تكن الليلة فالايام قادمة .
...........................
زفرت حانقة وهي تنظر لهاتفها وتدور حول نفسها من القلق بداخل غرفتها.. فقد وصل بيها الضيق لأعلى مراحله من كثرة محاولاتها الفاشلة في الاتصال به وهو لا يجيب.. ولا يكلف نفسه عناء ارسال رسالة حتى ليطمئنها ويرضيها.. تحدث نفسها بتوعد
ماشي ياحسين.. خليك كدة ماترودش ولا تعبرني وحسابك معايا بعدين بس.
ودت لو تهشم هذا الهاتف لقطع صغيرة .. فما فائدته في يدها وهي لا تستطيع به الإطمئنان على حبيبها الان.
صور لها الشيطان افراغ غيظها برميه على الحائط وليحدث ما يحدث بعدها.. فرفعت يدها لكي تفعلها ولكن اضاءة الغرفة التي عادت تتراقص مرة أخرى اعادتها لقضيتها الأساسية وهي السبب الرئيسي لاتصالها الدائم بحسين الان.. فوصلها صوت والدتها من خارج الغرفة
رد عليكي حسين ياشروق 
رفعت عيناها لأعلى بسأم قبل ان تخرج اليهم لصالة المنزل لترد
لأ ياماما.. برن عليه لما هاكسر التليفون وهو لا معبرني حتى 
لوحت سميرة بكفيها في الهواء بقلة حيلة 
طب نعمل ايه بس دلوقتي ياربي.. ابوكي وقافل تليفونه عشان عزا الراجل صاحبه.. وخطيبك بترني عليه مابيرودش.. واحنا ولايا هانجيب منين بس كهربائي في الساعة المتأخرة دي
تكلم ابراهيم بجوارها
ياماما انا بردان هنا في الصالة..عايز ادخل اؤضتى الدافية عشان انام وارتاح
فيها.
هتفت عليه سميرة بغيظ
ماتتنيل واصبر شوية على ما نشوف اخرتها.. النور ضغيف في البيت كله.. خليك جمبي هنا عشان ماتخافش لو الكهربا قطعت وانت قاعد لوحدك هناك.
سألتها شروق بقلق
طب هانعمل إيه احنا ياماما لو قطعت وبابا مش موجود عشان يتصرف 
ضړبت سميرة على كفيها 
يعني عايزاني اقولك ايه ماانا بضړب قدامك اخماس في اسداس اهو ومش لاقية حل.. ما هو لو كان ابوكي سمع كلامي وغير كهربة البيت اللي عفى عليها الزمن.. مكناش وقعنا في المغرز دا دلوقتي .
اهتزت الإضاءة مرة اخرى فصاحت سميرة 
بتتهبي إيه عندك يافجر ماتيجي بقى يابنتي وبلاش ۏجع قلب .
وصلها الصوت من الداخل
ياماما ما انا بحاول اشوف صرفة اوقفها بيها .
همت لتجادلها سميرة ولكن اوقفها صوت زهيرة التي هتفت على باب الشقة
ياسميرة يابنات.. ايه الأخبار .
ردت سميرة
ادخلي ياحبيتي انتي هاتستأذني.
خطت زهيرة لداخل الشقة من بابها المفتوح وهي تتكلم 
لا ما انا بستأذن عشان علاء ياحبيتي.. اصله جاي عشان يشوف الكهربا عندكم .
صدح صوته من خلفها
مساء الخير ياخالتي.
ردت سميرة بلهفة
تعالي ياحبيبي.. ادخل يابني انت مش غريب 
تقدمت شروق نحو زهيرة لتجلسها على الأريكة ودلف خلفها علاء.. فقالت زهيرة
والنبي يااختي.. اول اما قولتله مارضاش يستريح ولا يشرب بق مية حتى.. غير لما يجي يشوف المشكلة عندكم سببها ايه.
سميرة وهي تخاطب علاء
معلش يابني هانتعبك معانا.. نعمل إيه بس وابو العيال النهاردة مسافر البلد في عز واحد صاحبه.
رد علاء وعيناه تبحث عنها وسطهم
لا ياخالتي ما تقوليش كدة انا مش غريب عنكم.. هي سکينة الكهربا فين عشان اشوفها 
ردت شروق وهي تشير بيدها
سکينة الكهربا جوا في المطبخ ياعلاء.. دي حتى فجر بقالها فترة جوا بتحاول فيها .
ذهبت عيناه فورا ناحية المطبخ فقالت سميرة
ادخل يابني خلي شروق توصلك بس انت هاتعرف بقى دي كهربا يعني مش حاجة سهلة .
رد عليها وهو يتحرك مع شروق
والله لو ماعرفتش ياخالتي.. هانزل على طول اجيب الكهربائي.. ما انا مش هاستنى عشان اعك كمان.
أومأت سميرة برأسها واللتفتت بعد ذلك للحديث مع زهيرة وذهب علاء مع شروق التي صدح هاتفها بمكالمة من خطيبها حسين.. فتوقفت في الطرقة الموصلة للمطبخ والمرحاض ..تشير لعلاء
معلش ياعلاء حسين بيرن ادخل انت اهو المطبخ قدامك عشان وانا هارد على الفون.. اومأ لها برأسه فذهبت لترتد عائدة لغرفتها ودلف هو وحده عندها بداخل المطبخ.. فوجدها واقفة محلها امام القاطع الكهربائي للإنارة العمومي للشقة.. ممسكة بيدها عصا صغير تحاول جاهدة فيه على أطراف اصابعها
القى عليها التحية بابتسامة زينت وجهه على هيئتها اللذيذة وكأنها طفلة بالبيجامة ذات الرسوم الكارتونية 
مساء الخير..
انزلت قدميها على الأرض لتسدير اليه وترد التحية
مساء النور يامعلم علاء.
سألها بمشاكسة
بتعملي إيه
رافعت حاجبيها ترد باستنكار
والله كلك نظر يامعلم علاء.. بحاول اثبت في المفاتيح الملخلخة دي وهي بتطفي وتنور لوحدها .
تقدم لداخل المطبخ قائلا بمرح 
بس واضح كدة ان طريقتك مش نافعة ولا يمكن عشان انتي قصيرة ومش طايلة تثبتي كويس.
ردت بغيظ وهي تلوح بالعصا على المفاتيح المثبتة في القاطع
مش موضوع قصيرة.. الموضوع انها هي نفسها بايظة.. يعني مثلا اثبت الجزء ده بتاع اوضتي واؤضة النوم بتاعة ماما وبابا.. الاقي الجزء اللي جمبه اللي بيشمل أؤضة شروق وابراهيم أطفى.. واما اثبت الجزء ده بتاع بتاع الصالة والمدخل الاقى هااا..
صړخت شاهقة وهي تكمل پخوف
الاقي الصالة والحمام هما اللي انطفوا.
صدحت ضحكته مجلجلة في هذه المساحة الضيقة حينما عمها الظلام بانطفاء الجزء الخاص بها من مفاتيح القاطع.. انار
كشاف هاتفه ليراها منكمشة على نفسها على حافة حوض غسيل الأطباق.. ولكنها استقامت فجأة لتداري ارتباكها وتوترها أمامه.. فالټفت للقاطع يبتثه على انارة جميع الشقة باحترافية تعجبت لها .. ثم استدار اليها قائلا بخيلاء 
حاجة بسيطة أهي.. يعني ماكنش ليه لزوم تتعبي نفسك الوقت دا كله.. كنت انديهيني بس أو شاوريلي من البلكون وانا احلها .
فغرت فاهها تنظر اليه مندهشة من طريقته حتى خرج من أمامها بابتسامة شملت جميع وجهه
...........................
بداخل غرفته حسين وهو جالس على طرف تحته يتحدث معها بمحايلة
يابنتي والنعمة ماكنت فاضي .
وصله صړختها
حتى لو ما كنتش فاضي ياحسين.. تطمني حتى برسالة مش تسيبني اكل في نفسي والقلقل والأفكار الۏحشة تلعب في دماغي .
رد بحنان وقد لامست قلبه كلماتها
سلامتك ياقلبي من القلق ولا الخۏف..و سامحيني عشان نسيت موضوع الرسالة دي.. بس والله دماغي كانت مشغولة ومازالت .
سألته بتوجس
مشغولة في إيه بقى دماغك
نعم!!
بقولك مشغول في ايه ياحسين وجاوب بقى عشان دماغي انا ماتروحش في حتة تانية.
سألها بعدم فهم
حتة تانية فين بالظبط يعني عشان اعرف
صدر صوتها بتعصب
في الستات مثلا ياحبيبي.. يعني تكون بتفكر في واحدة تانية غيري.. والنعمة ما يحصل ياحسين لاكون مسودة عيشتك وممرارها كمان .
قهقه يضحك من قلبه
ههههه ېخرب عقلك ياشروق ضحكتيني بجد ېخرب عقلك.. هو انا عندي وقت اعرفك انتي نفسك عشان اعرف واحدة تانية.. وحتى لو في مين دا اللي يقدر ياخد مكانك ياقمر
رقت لهجتها وهي مازلت تهاجم
ماتحاولش تاكل عقلي بكلامك دا ياحسين عشان ماعدتش بياثر معايا فاهم
والنبي بجد اللي بتقوليه ده يعني انا ماعنديش معزة في قلبك على كدة بقى
اصدرت صوت طقطقة بفمها تنفي بدلال
لأ
تابع معها 
طب والنبي سامحيني المرة دي بقى عشان خاطري وحياة الغالين عندك ياشيخة.. دا انت حتى حنينة وقلبك طيب.. مش برضوا قلبك طيب
قالت بمرح
انا مستعد اسامحك المرة دي عشان الغالين بس .. مش عشانك انت وبشرط انك ما تتكرهاش تاني كمان فاهم
فاهم ياقمر ياام قلب حنين انتي.. ربنا يخليكي للغلابة يارب.
صدحت ضحكتها الجميلة على اسماعه.. انعشت صدره بعشقها وادخلت السعادة على قلبه.. فأنسته همه وما يشغل عقله.. همس بحب
ربنا بخليكي ليا ياشروق ويباركلي فيكي ياقلبي
رددت خلفه 
وانت كمان ياحبيبي.. ربنا مايحرمنيش منك ابدا وافضل انا كدة على قلبك طول العمر
ضحك على دعابتها وهم للرد ولكن قاطعه ورود المكالمة المنتظرة.. فأسرع ينهي معها
شروق ياقلبي.. ممكن تسامحيني دولوقتي وتقفلي والنبي عشان عندي مكالمة مهمة .
همت لتعترض ولكنه استرضاها برجاء حتى انهى المكالمة سريعا ورد على حمودة الذي كان ينتظره بأسفل البيت ولم يقبل بالصعود اليه في هذه الساعة المتأخرة من الليل.. فنزل اليه حسين يقابله في حديقة منزله
انت متأكد ان ماحدش فيهم شافك ياحمودة
عيب عليك ياحسين بيه.. هو انت فاكرني غبي دا انا كنت براقبهم من مسافة بعيدة.. دا غير اني كنت لابس كمامة كمان ولابس لبس تقيل عشان الزفت دا لو شافني مايعرفنيش.. حكم انا عارفه دا بلوة مسيحة.
ربت حسين على ذراعه مشجعا 
جدع ياحودة.. انا عارفك راجل من الاول ومخك نضيف امال انا لجأتلك ليه انت بالذات على طول عشان عارفك.. المهم الشقة اللي شوفتهم داخلين فيها
دي.. ماتعرفش بتاعة مين فيهم.
رد حودة بحماس
طبعا سألت وعرفت.. الشقة دي بتاعة الزفت سعد ومأجرها في الخفا من كام سنة كدة.. للمزاج والعب .. بس الجيران اكدولي ان في واحدة بتتردد على طول شقته دي وكأنها عشيقته.
انتبه حسين لمقولته فحث حودة بتصميم
طب انا عايزاك تستمر في مراقبة الشقة دي كويس وتخلي ناس ثقة من ناحيتك.. يشاركوك في مراقبة الاتنين سعد وامينة واهم حاجة .. تعرفلي مين هي دي الست اللي كانت بتردد عالشقة المشپوهة مع سعد سامعني ياحودة
.... .
على طرف تخته القديم كان جالسا بقدميه المثنية لجواره وهو مستند بكتفه على القائم .. ېدخن سيجارته شاردا في مايحدث معه الان وهذه المصائب التي حلت فوق رأسه دفعة واحدة.. الايكفي ظهور عصام المتعجرف وبحثه في الماضي بالتقرب مرة أخرى من علاء والعب بعقله.. حتى تأتي هذه الملعۏنة لتقلب الطاولة فوق رأسه وتزيده هما فوق همومه.. لقد تناسها ونسي أيامها بعلاقته مع نرمين لكن بظهورها الان اعادت الاحداث بعقله وكأنها الامس.. تتوالى بذاكرته المشاهد واحدة تلو الأخرى دون توقف.. بداية من عودته من عمله في هذا اليوم الفارق في حياته حينما رأها تدخل السيارة مع هذا الطاووس الذي لم يكره في حياته اكثر منه.. فاشتعلت النيران بقلبه.. ود لو يوقف السيارة فيسحبها من ذراعها كي تخرج من جواره.. لكن
بأي حق وهو يعلم تمام العلم انها لن تقبل.. تحركت اقدامه نحو ورشة ابيها كي يخبره بما حدث وتتلقى هي وهو عقابهم .. لكن على اخر لحظة هداه شيطانه لتغير وجهته لمكان اخر! وقد ارتسمت بعقله خطة لضړب عدة عصافير بحجر واحد .. وكانت أمينة صديقة شقيقته والتي عملت بفضل وساطته
لها عند عصام.. هي اداة لتحقيق هدفه ومعرفة جميع مايحدث بداخل الشقة.. وقد سارت خطته على أكمل مايريد حتى هذا اليوم حينما اتصل بها للترتيب في ساعة الحسم التي بناءا عليها تنجح خطته!
كانت أمينة بداخل المطبخ الرخامي تهمس غاضبة في الهاتف وعيناها تراقب لخارجه نحو الجالسين بوسط الصالة الواسعة .
أاجله ساعتين ازاي ياعم انت بقولك هايشرب قهوته ويمشي على طول .
وصلها صوته المنزعج
يابت اتصرفي.. شغلي عقلك بأي فكيرة تخليه يستنى على ما يوصل علاء من جيشه دا ركب القطر وخلاص هانت .
ايوة يعني هاقوله إيه عشان يستنى وما يخرجش 
صاح عليها هادرا
انتي غبية يابت انتي كام مرة هافضل أعيد وازيد في الكلام عشان تفهمي .
ماتزعقش فيا ياسعد حرام عليك.. انا بنفذ كل اللي بتقوله لكن في دي بقى هاتصرف ازاي يعني أضربه بقى على راسه مثلا عشان يفضل مستني وما يخرجش 
صمت قليلا قبل ان يتكلم بحماس
بت ياامينة انا خلاص هاقولك تعملي إيه بعد ماجبتيلي انتي الفكرة من غير ما تدري .
فكرة ايه ياسعد مش فاهمة
مافيش وقت عشان اشرحلك.. المهم بقى انك تستنى كدة على على القهوة اللي على الڼار دي.. شوية كدة على ما انا اوصلك.
وايه دخل القهوة بس ياسعد انا مش فاهمة حاجة.
عنك مافهمتي.. نفذي اللي بقول عليه وانا في ظرف دقايق هاكون عندك من الباب الخلفي بتاع المطبخ وهافهمك نعمل ايه 
احسن تتأخر ياسعد
ياغبية هاتأخر فين بس وانا موجود اساسا قريب منك براقب البيت.. اخلصي اقفلي ياللا وانا هاوصل الصيدلية واطلعك على طول .
صيدلية ايه ياسعد
اقفلي يابت بلا غباوة
بعد نصف ساعة .
لطمت بكفيها على وجهها تخاطبه بجزع وهو واقف امامها بوسط الصالة في شقة الدكتور عصام 
يانهار اسود يانهار اسود.. انت حطيتلهم ايه في القهوة دول باينهم ماتوا يامصيبتك السودة يا أمينة يامصيبتك السودة.
هتف عليها پغضب وهو يجثو بركبته على الأرض التي استلقى عليها عصام دون إرادته قبل ان يصل لباب الخروج بفعل المنوم
بس يازفتة انتي دول ماماتوش ولا حاجة.. تعالي بس ساعديني عشان نشيل الزفت ده ندخلوا أؤضته ونيمه على سريره.
قالت بترجي وهي تفرك كفيها ببعضهم
أوعى يكون ماټ ياسعد وحياة الغالين عندك ياشيخ
هتف بصوت خفيض مابين أسنانه
يابت ماتبقيش غبية وافهمي بقى.. دا منوم.. يعني مش سم عشان يموته.. هاستفاد ايه انا بمۏته بس تعالي ساعديني وماتقليقيش هما اخرهم ساعتين ولا حاجة وتلاقيه قام زي القرد.. تعالي يالا ساعديني نشيله مع بعض ربنا يهديكى .
اذعنت لأمره مضطرة فچثت على ركبتيها تساعد برفعه من اقدامه وهو من رأسه واكتافه.. فسألته وهي تومئ برأسها نحو فاتن المستلقية لا حول لها ولا قوة على الأريكة الاثيرة
ودي هانشيلها بردوا ولا هانسيبها مكانها
رد بحزم وهو يرفع لأعلى ثقل عصام 
نفس الأمر بس هاندخلها اؤضتها .
وقد كان.. بعد ان أنهوا مهمة حمل عصام قاموا بنقل فاتن هي الأخرى لغرفتها.. ولإكمال الخطة خرجت امينة من الباب الرئيسي ليراها حارس العمارة بشكل طبيعي للذهاب الى منزلها.. وخرج هو من الباب الخلفي بناءا على اتفاقه مع أمينة ولكنه توقف بوسط الدرج.. ولم تطاوعه قدماه للنزول.. فنزل بجسده جالسا بإرهاق.. يفرك بأطراف اصابعه على جبهته المتعرقة.. لا يستطيع السيطرة على تفاعل جسده منذ ان حملها بيداه الإثنتان وشعر بنعومة جسدها الفاتن كاإسمها.. يريد ازاحة مشهد رؤيتها عن رأسه وهي نائمة على فراشها وقد كشفت بلوزتها عن جزء كبير من كتف ذراعها الغض ولا يستطيع.. يبتلع ريقه بصعوبة حتى اصبح جسده يرتجف.. ثم مالبث ان ينهض مستقيما لينحي عقله جانبا عن التفكير .. وصعد مسرعا ليفعل ما أملاه على رأسه شيطانه وغريزته الدنيئة دون تقدير العواقب.. لم يشعر بعظم ما يفعله من خطأ غير بعد وقت طويل.. وقد نال ما تمناه وارق مضجعه ليالي طويلة في أحلام النوم او اليقظة.. نهض عنها ينظر پصدمة لأثار جريمته عليها.. زحف يبتعد عنها بأعين متسعة بذهول من نفسه.. فهذا لم يكن مدرجا في خطته ولكنه حدث فما العمل الان والوقت لقرب وصول علاء يمر نهض عن التخت فجأة وقد حسم أمره واتخذ القرار! فلتبدوا چريمة مكتملة.. لكن لا رجعة للخلف مرة أخرى .
ارتدي ملابسه بسرعة ورفع من الغرفة كل اثر يدل على حضوره ثم حملها هي وخرج بها لغرفة عصام يضعها بجواره.. فنزع عن عصام ملابسه هو الاخر ..وبعد ان جذب عليهم غطاء الفراش تحرك بظهره للخلف يلقي نظرة أخيرة قبل ان يستدير ينوي الخروج ولكنه تفاجأ بأمينة التي كانت واقفة على باب الغرفة المفتوح كتمثال اسمر شاحب وعينان كبيرتان اتسعتا بشدة تتحرك مقلتيهم باضطراب .. شفتيها منفجرتان پصدمة .. اقترب منها يدفعها پعنف لخارج الغرفة.. ويغلق بابها بسرعة.. استفاقت من صډمتها فهجمت عليه تمسكه من تلابيب قميصه صاړخة تسب وټشتم 
ياحيوا....... ياابن الكل......
بكف يده اطبق على فمها يمنع وابل الشتائم واليد الأخرى دفعتها للخلف على الحائط
فشل حركتها بذراعه ليهدر بصوت مخيف اظهر قبح قلبه 
صوتك دا مايطلعش يابنت محاسن.. واسمعي مني اللي جاي دا كويس قوي.. عشان انا وانتي
في مركب واحدة.. هاتعملي مصډومة هاتعملي بريئة! انتي ملطوطة معايا في كل اللي حصل.. يعني المصېبة عليا وعليكي.
زامت تحت كفه المطبقة على فمها بقوة.. تحرك رأسها بنفي واعتراض ودمعاتها تتدفق من عيناها بعجز فضغط يهزها پعنف وقسۏة مشددا بقوله
بلاش دور المسكنة والصعبنيات دي عليا انا ياروح امك.. ماحدش كان ضړبك علي ايدك يابت. فوقي كدة واصحي.. خليكي حلوة ونفذي للاخر اتفاقك معايا.. عشان اللي هايضرني هايضرك واللي هايسري عليا هايسري عليكي.. فهمتي بقى ياحلوة ولا نعيد في الكلام من تاني
هزت رأسها تومئ پقهر فنزع كف يده عن فمها وذراعه عنها وحينما هدأت حركتها سألها بخشونة
ايه اللي رجعك على هنا تاني
همست بضعف
رجعت اخد تليفوني اللي نسيته في اؤضة الدكتور عصام
طب خوشي انجري ياللا هاتيه وشوفي ناسية ايه تاني وراكي مش ناقصين مصايب.. وحاولي تنجزي بسرعة عشان قطر علاء قرب يوصل 
عاد من الذكرة الأبدية في رأسه لحاضره الان وهو يتنفس بعمق.. يحاول استيعاب الأمر والتفكير بروية لحل ما.. فحينما فاجئته الليلة على حين غفلة بهذه المعلومات الجديدة.. لم يجد أمامه سوى وضعها تحت عيناه الان وضمان سيطرته عليها .. فلتبقى في هذه الشقة لبعض الوقت حتى يجد الحل الجذري لكل مشاكله !
............................
بعد يومان .
صعدت فجر لسطح البناية التي تقطن بها وهى تحمل على كتفها سجادة متوسطة الحجم ولكنها كانت تلهث من ثقلها.. تتقدم بخطواتها البطيئة بها نحو حافة السور الخرساني لتلقيها عليه.. ولكنها تفاجأت بالسجادة وهي تسحب من ذراعيها وانتزعت منها بحركة سريعة للأعلى.. استدارت مجفلة لتجد علاء يحمل السجادة بذراعه وكأنها لا تزن بيده شئ.. 
خضتني ياعلاء.. مش تتكلم طيب ولا تديني اشارة قبل ماتسحبها كده
قالتها وهي تضع يدها على صدرها تهدئ ضربات قلبها السريعة.. فتحرك يتجاوزها نحو السور الخرساني وهو يتكلم بجمود
وانتي طالعة بيها لوحدك ليه مش تخلي حد يساعدك
ردت وهي تقف بجواره وتساعد في فرد السجادة معه 
يساعد مين ياعم هو انا عيلة صغيرة ولا دي اول مرة اشيل السجادة فيها يعني وانشرها هنا عالسطح .
اللتفت اليها مضيقا عيناه يسألها بغموض
وفي كل مرة برضوا بتتطلعي بالبيجامة دي
القت نظرتها على بيجامتها ذات الرسوم الكارتونية فسألته بعدم فهم
مالها يعني البيجامة هي يمكن تكون قديمة شوية وشكلها مبهدل بس يعني انا بنضف هالبس ايه بقى....
مش دا قصدي انها مبهدلة ولا قديمة..بل بالعكس بقى دي حلوة عليكي بزيادة ودا اللي مضايقني.. عشان دا سطح عمارة وفي ناس تانية سكانين معانا فيها
فتحت فمها لترد واقفلته مرة أخرى تخفض عيناها خجلا وهي لا تدري بأي إجابة تجيبه 
ممكن يابنت الناس ماتطلعيش بيها تاني يااما تنشريها في البلكونة تحت
ردت ببرائة 
البلكونات في شقتنا مابتوصلهاش الشمس كويس.. واحنا متعودين اساسا ننشرها هنا عشان احنا اخر دور .. دا غير ان البيجامة واسعة...
لا محزقة .
نعم!
رد بتصميم وجرأة
محزقة يافجر.. وطرف البنطلون اللي مشمراه دا مخلي رجليكي باينة منه.
شهقت خجلة لتسدير وتبتعد عنه ولكنه تصدر لها كالمرة السابقة.. رفعت عيناها اليه تسأله بدهشة
في إيه ياعلاء هو انت هاتعملها تاني برضوا معايا زي المرة اللي فاتت
قال ببساطة وعيناه تحاصر عينيها
المرة اللي فاتت انا كنت بوقفك عشان اعرف إجابة لأسئلة محيراني.. بس المرة دي انا موقفك عشان وحشتيني ومش عايزك تمشي وتسيبيني.
فتحت فمها بعجز غير قادرة على الرد فتابع هو
بتبعدي ليه عني وتختفي كل ما تشوفيني دا غير البلكونة كمان اللي حرمتي ما توقفي فيها
تحركت للخلف لتبتعد عن مرمى سهام عينيه وردت بتوتر
عادي يعني الأيام اللي فاتت اصلا انا كنت مشغولة.
أجفلها سائلا
هو انتي زعلتي عشان الكلمتين اللي قولتهملك في بيتنا.. انا اسف لو كنت زعلتك .
هزت رأسها ترد نافية
انا مزعلتش انا بس ..... استغربت واحترت .
احترتي
قالها ثم سألها
طب ليه تحتاري دول كلمتين كانوا في قلبي ناحيتك وانتي تستاهلي .
مش موضوع استاهل ولا من قلبك.. الحكاية بس!
سألها بحيرة
بس ايه يافجر ماتكملي.. وقولي اللي في قلبك .
اشاحت بعيناها عنه غير قادرة على النطق.. لتزيد من حيرته وهو ينظر نحوها صامتا هو الاخر ولكن بتساؤل ثم مالبث ان تكلم قائلا
فجر هو انتي مأثرة معاكي قصتي القديمة مع فاتن 
اومأت برأسها موافقة... قال هو
طب ليه يافجر ودا موضوع قديم وانتهى من سنين 
سألته هي 
طب والحب اللي كان مابينكم.. انتهى كمان من قلبك 
دي حتى كانت قصة حبكم اسطورية وانا نفسي كنت شاهدة عليها مع فاتن.
ارتفعت زاوية فمه بشبه ابتسامة
وافرضي يافجر كانت جميلة ورائعة في نظرك كمان.. بس ربنا مكتبش لنا نصيب مع بعض.. يبقى الدنيا تقف على كدة..
طب دي ماتعتبرش خېانة مني.
تبقى خېانة لو هي عايشة لكن دي توفاها الله.. وانا وانتي عايشين يبقى ندفن اللي في قلوبنا ليه
صمتت عن الرد مرة اخرى ليجفلها قائلا 
تتجوزيني يافجر 
برقت عيناها وانعقد لسانها عن
الرد او الأستفسار عن صحة ماسمعته .. فأكمل هو 
انا عارف اني بفاجئك بطلبي ده.. لكن انا راجل دوغري وبحب ادخل البيت من بابه.. تسمحيلي ياابلة فجر ادخل بيتكم من بابه
لولولويي
اطلقتها سحر بصوت عالي قبل ان توقفها فجر بكف يدها على فمها .
اكتمي الله ېخرب بيتك هاتفضحينا .
ازاحت سحر كف صديقتها
قائلة بمرح 
فرحانة يابنتي .. اعبر عن حبي ازاي بس ياناس
ماتعبريش دلوقتي ولا تتنيلي.. استني لما يحصل بجد .
ليه بقى مش بتقولي انك وافقتي وهو أخد ميعاد من والدك عشان يجيب والده ويجي يطلبك .
ابتسمت فجر تسعيد هذه اللحظات المچنونة.. حينما اومأت له برأسها موافقة ولكنه اصر لسماعها من فمها صريحة ..فردت موافقة على استحياء .. ليقفز بفرح كانه طفل صغير وينزل مهرولا لأبيها يطلبها مرة أخرى ..
بمفاجأة اصابت والديها حينما سألوها واجابت بنعم..
انتي يابت انتي روحتي مني فين
عادت فجر من شرودها ترد بقلق 
سرحت في اللي حصل النهاردة ياسحر .. بصراحة ماقدراش احط عيني في عيون والدي ووالدتي من الكسوف.
اطلقت سحر ضحكة بصوت عالي استفز فجر قبل ان ترد 
ههههه حاسة ان مشاعرك بقت مكشوفة قدامهم صح ودي حاجة مش متعودين عليها من الابلة فجر
لكزتها بقبضتها حانقة
صح في عينك.. هو انتي هاتعملي زي الزفتة شروق دي كمان.. اللي واخداني السليوة بتاعتها النهاردة ضحك ومسخرة .
علت سحر ضحكتها مرة أخرى 
ههههه ياعيني عليكي يافجر.. دا انتي هاتشوفي ايام عنب معانا بكسوفك ده ههههه.
لكزتها فجر مرة اخرى وقد اصبح وجهها كقطعة حمراء من الخجل .. سالتها سحر 
ماقولتليش بقى.. هو والده هايجي امتى بالظبط يطلبك رسمي
بكرة ان شاء الله بعد المغرب .
............................
ماخرجتش خالص! انت متأكد من كلامك ده
كان هذا سؤال حسين لحودة والذي اجابه بتأكيد 
والنعمة زي ما بقولك
كدة ياحسين باشا..من ساعة ما دخلت العمارة ماخرجتش منها تاني نهائي.. رغم مرور كذا يوم على كدة.
قال حسين بتحذير 
حوودة .. اوعه يكون البت بتخرج وانت سهيت عنها .. ازعل منك بجد والله.
رد حودة وهو يلوح بكف يده في الهواء
والنعمة ماحصل ياحسين باشا.. دي حتى خضار مابتجبيش رغم ان سوق الخضار قريب منها .. الزفت سعد دخل عندها مرتين بالاكياس وبعدها مراحش تاني واكنها حابسها.
تنهد حسين وهو يطرق بيده على مقود السيارة المتوقفة.. فقال وهو يجز على اسنانه 
ابن ال.... بس ماشي ..اكيد برضوا هاوصلها ..خليك انت مستمر في المراقبة ياحودة مع الرجالة اللي معاك .. ابوس ايدك ماتغفلش عن أي حركة ماشي .
رد حودة بحماس
اكيد طبعا ياحسين باشا.. خليك متأكد وحط في باطنك بطيخة صيفي .
................................
صاحت عليه في الهاتف وهي تهز أقدامها بتعصب 
بقولك زهقت وعايزة اخرج ياسعد.. انت هاتفضل قافل عليا بالمفتاح كدة لحد ما اموت بقى واعفن في الشقة دي
صاح عليها من مكانه بحزم
اترزعي واصبري لحد ما اشوفلك صرفة يابنت انتي انا مش ناقصك.
صړخت هي
لحد امتى بقى دا انا هكمل اسبوع من غير ما اشوف الشارع ودي عمرها ماحصلت .
رد باستهزاء
طبعا يااختي انتي هاتقوليلي ماانا عارف دا كويس .
مش وش بيوت ابدا.
اصابتها الكلمة في كرامتها.. بلعتها داخلها وهي ترد عليه بتماسك
الله يسامحك يابن الاصول ..انا مش هارد عليك وهاصبر زي ما بتقول.. بس بقى ياحبيبى الأكل قرب يخلص من البيت.. يعني ابعتلي حد بالتومين يأما تيجي بنفسك ولا انت عايزني اموت من الجوع بقى.
رد پغضب
اتنيلي استنيني هاجيبلك النهاردة اكل وتومين.. عايزة حاجة تاني يااختي اقفلي بقى عشان انا قرفت.
وبدون استئذان انهى المكاملة مما اثار استيائها وحنقها اكثر .. فركت بيديها وهي تسب وټلعن عليه
ماشي ياسعد ال..... ربنا يوريني فيك يوم.
ظلت على وضعها هذا لعدة لحظات حتى نهضت اخيرا مقررة تسلية وقتها بعمل أي شئ في هذه الشقة المتواضعة والتي تذكرها بشقتها .. بدأت بالصالة ثم اتجهت لغرفة النوم تنظف الأتربة العالقة بها.. رفعت السجادة الباليه عن الارض واتجهت لتغير ملائة الفراش .. فتفاجئت ونزع كيس المخدات .. فصدر سقوط شئ ما امامها على الأرض.. دنت تتناوله فتوسعت عيناها وانفرج فمها بابتسامة ساخرة وهي تتلاعب بهذا القرط النحاسي الكبير بشكله المعلوم اليها جيدا .
تمتمت وابتسامتها ازدادت اتساعا 
اه يا نرمين ال...... طب والنعمة كان قلبي حاسس.. ماهو على رأي المثل البيض المنشش يدحرج على بعضه! بس ياترى بقى جوزك عارف 
.
ولا حتى في أحلامه كان يطمح ان يتم الأمر بهذه السرعة.. فمنذ أسبوع واحد فقط كان يتمنى ان تخرج له من شرفتها فيملي عينه بالنظر إليها.. كم من ليلة مرت عليه وأرقه السهر في التفكير بها.. كم حرقه الشوق ليرى ضحكتها التي رأها مرة او مرتين فقط لكنها فعلت بعقله الافاعيل حتى كاد ان يصيبه الجنون بها.. حتى بعد أن وافقت على طلبه بعد عڈاب.. حتى وهو يأخذ المباركة من أبيها بتحديد موعد مع والده للأتفاق على خطوبة
رسمية أمام الناس فتأتي المفاجأة من أبيه الذي اقترح اختصار الوقت بعقد قران ابنيه الأثنين على الأختين متعشما بهذا بالتقارب الذي حدث بين العائلتين في هذه الفترة القليلة وتوطد العلاقة بينهم.. وكانت المفاجاة الأكبر حينما رحب ابيها ووافقت هي في الجسلة امام الجميع.. ليأتي هذا اليوم المبارك ويعقد قران أخيه أولا على شروق ثم يأتي دوره ليعقد على حبيبته التي كانت جالسة امامه في الصالة التي توسطت المنزل بجوار شقيقتها العروس ايضا ووالدتها ووالدته وبعض النسوة من الأقارب والجيران.. فالحفل صغير واختصر على عدد قليل من المدعوين على حسب الاتفاق.. على ان يتم الحفل الكبير بعد انتهاء شروق من اختباراتها الاخيرة في الدراسة
حينما وضع كفه في كف العم شاكر يبدوا أن الرجل قد شعر برجفته فقال متفكها
إيدك باردة اوي يابني.. هو لدرجادي الوضع يخوف
صدحت الضحكات العالية من المدعوين القلائل بصخب.. حتى علاء نفسه ضحك رغم تعرقه وتوتره.. ثم جاءت اللحظة الحاسمة.. فحبس انفاسه وهو يراها تدنو على الدفتر الكبير وتوقع بيدها الصغيرة عليه.. كانت دقاته قلبه العڼيفة تقفز في صدره قفزا من سرعتها وهو يراقبها.. فرغم كل ما يحدث الان كان ينتابه الخۏف من تراجعها المعتاد معه لاخر لحظة.. حينما رفعت رأسها إليه بابتسامتها الساحرة وانطلقت الزغاريد الفرحة من الأحباب لأعلام الجميع باتمام المهمة وان فجر شاكر عبد المنعم أصبحت زوجة رسمية لعلاء ادهم المصري.. كاد قلبه ان يتوقف من الفرحة وهو يتلقى المباركات من أبيها وأبيه وشقيقه حسين والمدعوين من الرجال 
.. حتى اقتربت زهيرة منهم بدموع الفرح علمتهم جيدا وعلمت أخلاقهم .
هههه إيه ياام علاء دا وقت بكى برضوا
قالها وهو يمسح بإبهام كفيه الإثنين الدموع العالقة وجنتيها .
ردت هي بصوت مشحون بالعواطف
فرحانة اوي ياحبيبي بيكم.. أخيرا ربنا حقق امنيتي وشوفتك عريس .
فرحانة بيه هو بس ياأم علاء وانا ايه بقى نسيتيني
لكزته بقبضتها الصغيرة على كتفه قائلة بحزم محبب
بس ياواض بلاش غلاسة..انتوا الاتنين أكيد طبعا فرحنالكم.. بس بقى فرحتي بعلاء ماتتوصفش عشان دا البكري واللي غلبني سنين طويلة لحد ماربنا اخيرا هداه .
إيه ياعم هي امك وحدك ماتسيب شوية للناس الغلابة.
ابعد شوية عن امك ياض وبطل شغل عيال.. الناس بتبص عليكم .
ومالوا ياابو علاء خليهم يبصوا براحتهم واحد فرحان وبيبوس في امه اللي زي القمر فيها حاجة دي
تجاهله ادهم وهو يحدق بزهيرة عن قرب بأعين مشتاقة فخاطبها قائلا 
مبروك ياام العرسان.. ربنا يفرحك بولادهم كمان .
اجابته بتماسك وأعين متهربة وهي تتملص من حسين 
الله يبارك فيك ياابو علاء ويفرحك انت كمان.. معلش بقى عن اذنكوا عايز اشوف الضيوف.
تركها حسين تذهب امام نظرات ابيه التي تعلقت عيناه بها وتحرك فمه دون صوت وكأنه يناجيها للتوقف حتى ابتعدت.. أصابه الإحباط فذهب هو أيضا عائدا لجسته مع شاكر .. تبادل حسين نظراته مع أخيه علاء الذي كان مراقبا بصمت.. فانتقلت عيناه بتشفي نحو نيرمين الواقفة بإحدى الزويا مع جارة
قديمة لهم وهي تغلي من الغيظ .
.............................
وفي الجهة الأخرى كانت فجر هي الأخرى لم تستوعب الأمر بعد.. هزتها سحر التي كانت جالسة بجوارها وهي تضحك بمرح 
إيه يابنتي مالك إصحي كدة وفوقي وانا بكلمك .
رمشت بعيناها وهي تهز برأسها
ردت سحر بمشاكسة
غيبوبة ايه بس ياكهينة هو انتي هاتعمليهوم عليا يابت يعني لما وافقتي على كتب الكتاب ماكنتيش دريانة ياقطة .
ضحكت فجر وهي تبرر
والنبي ياشيخة انا لحد الان ما اعرف ازاي دا حصل كل اللي فاكراه ان عمي أدهم كان موجود عندنا هو وعلاء وحسين بيتكلموا في الخطوبة ونده علينا انا وشروق نسلم عليهم ونقعد معاهم.. فجأة لقيته بيسألني وياخد رأيي في علاء.. طبعا انا اتكسفت ومعرفتش اجاوب بس مع الإصرار هزيت دماغي بالموافقة.. وكانت هي الإشارة ياستي.. لقيت الراجل بيقول لابويا..
احنا بدل الفرحة نخليها فرحتين وبدل الخطوبة نخليها كتب كتاب للعريسين على البنات واحنا اهل وعارفين بعاضينا.. لقيت بقى والدي ووالدتي والحجة زهيرة بيرحبوا بلهفة وحسين وشروق كمان الفرحة مش سايعاهم.. فضل بقى علاء يبصلي برجاء وكاني هاكسر قلبه لو رفضت .. من غير تفكير لقيت نفسي بهز دماغي وقبلت.. وعنها بقى نزلنا تاني يوم جبنا الشبكة وادي اليوم التالت أهو بقيت مراته! انت نفسك صدقتي
اصدق ياحبيبتي وماصدقش ليه بقى ربنا يكتبلك الفرح والهنا ياروح قلبي .
بادلتها فجر التهنئة
وانت كمان ياحبيبتي.. ربنا يتمم فرحتك انتي و رمزي على خير وتتجوزوا قريب بقى وافرح فيكي.. هو فين صحيح مجاش معاكي ليه
مين هو اللي مجاش ياعنيا هو يقدر دا انا بس سيبته يدور على مكان يركن فيه عربيته ونزلت اجري عشان احصل كتب كتابك.. دلوقتي ان شاء الله يجي يبارك ويهني ونتصور انا وهو معاكي انتي والمعلم علاء.. دي هاتبقى ذكرى حلوة قوي
قالت فجر بتشتت
طبعا هاتبقى ذكرة حلوة أكيد.. بس دا تسميه إيه دا اللي بيحصل معايا ياسحر لأن انا بصراحة مش فاهمة.
أومأت سحر بعيناها ورأسها عن اقتناع
دا بقى اسمه النصيب ياحبيبتي عشان تفهمي بقى وتفوقي.. واتعلمي بقى من المحروسة اختك هي ومقاصيف الرقبة أصحابها وشوفي بيعملوا إيه .
قالتها وهي تشير بيدها نحو شروق الجالسة بالقرب منهم على مقعد وحدها وحولها عدة فتيات أصدقائها يتبادلن معها التقاط صور السيلفي بعدة أوضاع.. غير عابئين بنظرات الجميع حولهم.. ولا نظرات حسين التي تراقب اصدقائها بحسد للقرب منها في هذه اللحظة المهمة لهم وهو محاصر بعدد من أصدقائه واقاربه.. يستعجل التملص منهم للذهاب اليها .
........................
إيه يا حبيبتي هو انتي سرحتي مني
التفتت نيرمين على محدثتها مجفلة فسألتها بتشتت
نعم يااا...هو انتي كنتي بتقولي حاجة
ردت المرأة وهي تهدهد في ابنها الصغير النائم برأسه على كتفها وهي تحمله على ذراعها
انا ام مروان و ساكنة في الشقة اللي فوق.. هو انتي لحقتي تنسيني دا انتي كنتي سرحانة بجد بقى وماخدتيش بالك من كل الكلام اللي قولتهولك .
ردت بسأم وابتسامة مصطنعة
معلش ياام مروان متأخذنيش يااختي.. اصلي حاسة بصداع كدة ودوخه....
قاطعتها بلهفة
انتي بتقولي دوخة معقولة يكون عملتيها وحملتي طب خلي بالك بقى من صحتك
اليومين دول.. دي العيال بتجي بۏجع القب.
ردت عليها نيرمين مستنكرة
حامل دا إيه ياستي انتي كمان دي شوية دوخة كدة وهايروحوا لحالهم.. يعني لا حامل ولا زفت.
لوت المراة شفتيها وهي تتقرب منها وتهمس همسا بالنصائح لها
طب شدي حيلك بقى ياناصحة واتشطري عشان تلحقي تجيبلك حتة عيل قبل ما الراجل يفلسع..يعني الشړ بره وبعيد.. اصل الزمن دلوقتي ياحبيبتي مش مضمون.. واديكي شايفة بنفسك نظرة جوزك ناحية ضرتك.
توسعت اعين نيرمين بجزع من فراسة المراة والتي بدت و كأنها تقرأ افكارها بخبث.. وتابعت المراة بنفس الهمس
ماتبصيلش كدة ياحبيبتي بخضة.. دي حكاية باينة زي عين الشمس.. وضرتك زي ما انتي شايفة كدة حلوة ومش باين عليها سن.. دا اللي يشوفها وهي واقفة مع خالتي سميرة يديها هي السن الاصغر.. دا غير انها متحامية بولادها الرجالة اللي بكرة يورثوا الجمل بما حمل مع بنات سميرة وتطلعي انتي من المولد بلاحمص لو ماخلفتيش عيل يشاركهم في الورث.
هبط قلبها بداخل صدرها وهي تتخيل سيناريو ما سيحدث بعد ۏفاة زوجها من زهيرة وابناءها..الكارهين لوجودها من الأساس.. فتعود هي لحياة الفقر والعوز مرة أخرى! استفاقت من شرودها على صوت رجاء والدة سحر وهي تهتف على أبراهيم الجالس بجوار السماعات
في إيه ياعم هيما ماتشغلنا أغنية فرايحي خليها تفرفشنا كدة وتهيصنا عايزين نرقص دا احنا في فرح ياحبيبي .
من عنيا ياخالتي رجاء.. أحلى اغنية لأحلى رجاء .
قالها إبراهيم ليصدح بعدها أغاني مهرجانات خاصة بالأفراح اشعلت الأجواء.. لترقص رجاء في الوسط وشروق .. أمام سحر التي كانت تنظر اليها بيأس مع فجر التي كانت تضحك لها بمرح لإغاظتها.
................................
بعدها بقليل 
جلس علاء بجوارها على اريكة ضمتهم هما الأثنان فقط.. ليلبسها خاتم زواجه بها ومعها محبس اخر من الذهب و أسورة جميلة زينت رسغها.. ليصدح صوت الزغاريد من النساء والفتيات التي اللتفت حولهم يشاهدن ويلتقطن الصور لهم بفرح تحول لهمهات منبهرة لرؤيته بالتهنئة والتعارف مع علاء واللتقطت بعض الصور الجميلة لأربعتهم . بقهقه هي والفتيات أصدقاءها والمدعوين..وازدادت اللحظات الجميلة لتسجلها عدسات الكاميرات.. فتجفلهم سميرة فجأة برشة من الملح منعا للحسد تسير امتعاض الجميع وثناء زهيرة
التي كان قلبها ينبض بسرعة خوفا من كم الفرح الكبير الذي أتى بعد سنوات طويلة عجاف.
تحول وجه حسين فجأة وهو يومئ بعيناه لعلاء نحو مدخل الباب ويهمس
دعيته ليه ياعلاء احنا مش قولنا قاعدة عالضيق وخلاص
أجفل علاء لحدة شقيقه فرد بدهشة هامسا هو الاخر
وافرض عالضيق ياحسين مدعيش انا بقى صاحبي
قال الاخيرة وهو ينهض قائما ليستقبل سعد الذي تنقلت عيناه بين صديقه وبين الجميلة ذات الثوب العسلي والذي تناسب مع لون عيناها وانعكس على بشرتها فزادها بياضا ونضارة .. وقبل ان يصل اليهم تفاجأ بحسين 
واخيه على الشقيقتان.. كالعادة ذهبت لغيره ولم يجد الفرصة للتقرب منها.. كالعادة حظه العسر يحول بينه وبينها.. وكالعادة يكبت مشاعره من داخله ليظهر العكس في الظاهر
............................
صدحت بعض الاغاني الخاصة لمحمد منير بناءا على رغبة علاء الذي نسق مع ابراهيم لإذاعتها من السماعات.. فسحب فجر من يداها يراقصها عليها لتتمايل معه هي بخجل.
دلف حسين يشاركهم الرقص مع شروق واشتعلت الأجواء.. حتى انهم سحبوا سميرة وزهيرة أيضا التي كانت تتمايل بخفة لظروف مرض ظهرها وعظامها.. بعبائتها التركواز وكأنها عادت طفلة صغيرة .. وقد خففت الفرحة عنها المها وتعبها.. غافلة عن اعين أدهم المصري الذي ارتكزت أبصاره عليها بحسرة وندم .. انسته طعم الفرحة بزواج أبناءه الاثنان.. 
اما نيرمين فكان بداخلها بركان يغلي من التجاهل وهي تشعر بقزمها وضالتها بينهم .. علاء الذي تمنته حتى المۏت وهو لم يعيرها ادنى اهتمام ها هو الان يرقص مع هذه الفتاة القصيرة بفرحة لم ترها على وجهه طوال سنوات معرفتها به.. حسين وهو يراقص شروق وعيناه تحاصرها ولا ترى غيرها وكأنها قطعة منه.. مشاعر جميلة حرمت منها.. وضاعت سنين عمرها بين شقاء في العمل وعلاقات خفية مع اشخاص استغلوها فيرحلوا بعد أن تنتفي حاجتهم منها ..ثم الزواج برجل بعمر اباها وقد ظنت ان الدنيا فتحت لها ابواب الهناء.. وها هو ايضا يبدوا انه قد مل منها .. حتى سعد الذي لطالما كرهته وکرهت علاقتها به.. لم يكلف نفسه حتى النظر اليها وكأنها ليست جميلة ولا تستحق الأهتمام كهاتين الفتاتين الملعونتين.. او حتى هذه المرأة العجوز التى خطفت قلب زوجها واعادت اليه الحنين اليها رغم بساطة ما ترتديه وتزين به وجهها..
سعد والذي كان ممسكا بكوب العصير يتناول منه وكانه العلقم بحلقه مع مراقبته لهم ولفرحهم.. انتبه على ورود مكالمة منها تجاهلها في البداية ولكن مع رؤيته لرسالتها انتفض خارجا من المنزل وذهب اليها بسرعة .
................................
فتح بمفاتحه باب الشقة ليدلف داخلها بسرعة هاتفا عليها .
انتي يازفتة انتي هببت إيه في الشقة
خرجت اليه أمينة مهرولة من المرحاض 
انا مهببتش حاجة ياعنيا سباكة الشقة بتاعتك هي اللي مصدية وقديمة.
تسمر مكانه وهو ينظر إليها ولم يعي ماتقوله.. شعرها الحريري الأسود كان مبتلا وبشرتها النضرة دوما كانت ندية بشكل لافت ..عبائتها الخفيفة اظهرت امتلاء خفيف حوط جسدها برشاقة بعد النحافة الشديدة قبل ذلك.. ابتلع ريقه وهو يسألها ببعض الهدوء 
هي إيه بالظبط اللى مصدية عشان انا اټخضيت لما شوفت رسالتك.
لوحت بيداها نحو المرحاض
انا بكلمك عن حنفية الحمام ياسعد .. دي باظت مني ومرداياش تتقفل.. بقالي ساعة عمالة احاول فيها وانشف بالمساحة عشان الشقة ماتغرقش.
تقرب منها حتى اشتم رائحة الصابون في شعرها فسألها
هو انتي واخدة حمام
ارتدت للخلف منتفضة وقد رأت اشتعال الرغبة في عينيه.. فصاحت عليه تجفله
واخدة حمام ولا عني ماكنت متزفتة حتى.. انت مالك مش تسمع الأول انا بكلمك في إيه
اظلمت عيناه وتبخرت رغبته بها في الهواء فقال مزرءا
على أساس إني مېت في جمالك يااختي دا انا بس كنت بجبر بخاطرك.
قالت ضاحكة بسخرية
ههه كتر خيرك ياشيخ ياسعد..خش ياخويا الحمام وشوف حنفيتك لا ټغرق الشقة وتقع على اصحابها هي مش ناقصة .
جز على فكه غيظا منها قبل ان يتحرك نحو المرحاض فهتف ساخطا 
ېخرب بيتك ياشيخة بهدلتي الدنيا .. ېخرب بيتك ياشيخة
لوت شفتيها ولم ترد على سبابه وشتائمه وراقبته وهو يشمر بنطاله ويخلع قميصه في الأعلى ليضعهم على كنبة صغيرة في صالة الشقة قبل ان يدلف للحمام .. ويقوم بأعمال التصليح .
أجفلها مناديا 
هاتفضلي واقفة كتير كدة مكانك وتعمليلي فيها هانم اخلصي يابت اعمليلي كوباية شاي .
تحركت متاففة لتفعل ما أمرها به ولكنها توقفت فجأة على صوت هاتفه.. تناولته وقبل ان تهتف منادية عليه لتنبيهه استوقفها الأسم الغريب .. رددته بدهشة
ن م .. ايه ده هو عامل اختصارة للأسماء .
دققت جيدا في الرقم الذي لم يكن غريبا عنها ..فتذكرت صاحبته على الفور فمصمصت شفتيها
مستنكرة.. همت بتركه حتى لا تتسبب لنفسها بمشاكل معه.. ولكن مع انتهاء المكالمة صدر صوت رسالة قادمة في الهاتف بتطبيق الوتساب بنفس الرقم .. لم تقوى على حجب فضولها نحو رؤية الرسالة.. فقرأت عايزة اشوفك ضروري ياسعد .. انا عارفة انك مستغرب .. بس انا محتجالك قوي .. فاضي بكرة اجيلك الشقة 
قضمت نعيمة على اطراف اظافرها بتوتر وهي تراقب نحو المرحاض وانشغال سعد في تصليح صنبور المياه.. فكتبت ترد باقتضاب
تعالي!
تبسمت بانتشاء وهي تمسح الرسائل .. وتعود بنظرها مرة أخرى تراقب قبل ان تذهب نحو المطبخ وتفعل ما امرها به.
خطت لداخل المنزل خلف زوجها وحريق صدرها مازل لم يهدأ ولم ينطفئ بعد.. بل ازداد اشتعالا وهي تراقب تجهم زوجها وشروده معها طوال عودتهم بالسيارة.. وتجاهله لإحاديثها المتقطعة معه.. حتى افقدها حماسها وفرحتها المصطنعة امامه بزواج ابناءه لكسب وده .. ولكن طفح الكيل ولم تعد بها قدرة على الصمت.. رمت حقيبتها على اقرب مقعد وجدته امامها.. تهتف عليه متخصرة قبل ان يصل الى الممر المؤدي لغرفته.
هو في إيه بالظبط انا عايز افهم.
استدار على صيحتها مجفلا يسألها عاقدا حاجبيه 
تفهمي إيه يانيرمين وليه الزعيق ده أساسا
اقتربت منه تردف بحدة
ما انا بسألك ياحبيبي عشان شايفاك مش معايا ولا حاسس بيا خالص وانا معاك .
زفر يرد عليها بسأم 
شكلك كدة فاضية ولا زهقانة وعايزة تتسلى بكلام فارغ وانا ماعنديش وقت ليكي وعايز انام .
قالها وهم ان يستدير عنها ولكنها اجفتله صائحة بغير سيطرة
لدرجادي معدتش طايقني ياأدهم.. حتى كلمتين معايا مش متحمل تسمعهم.. هو انا لدرجادي بقيت تقيلة على قلبك.
اظلم وجهه بالڠضب واحتدت عيناه نحوها فهتف عليها پغضب.
في ايه يابت مالك هو انتي اتنجننتي ولا عقلك ساح منك.. معنديش دماغ انا لدلع النسوان على اخر الليل دلوقتي 
انتفضت داخلها من صيحته الهادرة.. فهي أعلم الناس بشدة ادهم المصري وقسوته لحظة الڠضب.. تدفقت عيناها بالدموع علها تساعدها قليلا بمواجهته ضغطت على عيناها بكفيها تستدعي البكاء بحړقة وصوت شهقاتها تصدر بصوت عالي.. رقت ملامح أدهم قليلا رغم حنقه منها فقال ببعض الهدوء
يابنت الناس هو انتي حد قرب منك عشان تنصبي المناحة دي دلوقتي انا بصراحة مش فاهمك .
رفعت اليه عيناها المغرقة بالدموع ترد پبكاء
انا اللي معدتش فاهماك ياادهم.. دا انت كنت احن عليا من ابويا اللي اتحرمت منه وانا صغيرة.. ماكنتش بتعز عليا حاجة حتى لو طلبت عيونك.
سألها مضيقا عيناه بتفكير
اه وايه اللي حصل بقى 
ردت بمسكنة
اللي حصل هو انك كرهتني باين ولا مليت مني عيونك اللي فضحتك النهاردة وانت بتبص على مراتك القديمة خليتني احس بقيمتي عندك كويس اوي.. واعرف اني ماليش قيمة وسطكم انت وعيالك ومراتك..
طب انت حنيت لها..ذنبي ايه انا عشان تبعد عني وتحسسني اني كنت السبب في فرقتك عن مراتك حبيبتك وعيالك 
أشاح بعيناه عنها صامتا لايجد ردا على كلماتها التي اصابت الحقيقة بداخله ولكنه يأبى الإعتراف فتابعت بمكر وهي تتقرب منه واضعة يدها على ذراعه فقالت بنعومة
انا مقصديش افرقك عنهم ولا اكرهك فيهم.. انا يس مش عايزاك تبعد عني ياأدهم.. حتى لو هاترجع لهم.. دا انا مقطوعة من شجرة وماليش غيرك في الدنيا دي كلها.. انت اهلي وانت نتسي كلها.
ربت بكفها على كف يدها التى وضعتها على ذراعه قائلا بلطف
انا مبعدتش عنك يانرمين ولا هابعد ياستي.. فبلاش تنكدي عليا وعلى نفسك وشيلي الفكر دا من دماغك.. انا النهاردة كان فرح ولادي فشئ طبيعي اني اسرح ولا اتلهي عنك .
كذاب.. تعلم انه جيدا انه كاذب ولكنها قررت مسايرته لتصل لغرضها 
طيب ما انا كمان كنت مبسوطة اوي بفرحهم النهاردة ولولا اني عارفة بوضعي معاهم لكنت رقصت ودرمغت الدنيا... بس بقى انا عارفاهم مش طيقاني ولا هايقبلوا بفرحتي معاهم .. مع اني ربنا العالم
اني بعتبرهم زي اخواتي واكتر.. وامهم بقى الله يسهلها .
رفع حاجبه بشړ وهو يسألها 
قصدك ايه يانيرمين على امهم بالجملة الاخيرة دي 
عادت لخۏفها من غضبه مرة أخرى فقالت بتردد
انا مقصديش حاجة وحشة طبعا ياادهم.. انا بس اقصد على قسۏتها معاك وتكبرها عن الصلح.
نزع يدها پعنف ليذهب عنها
اللي بيني وبينها مالكيش دعوة بيه يانرمين.. خليكي في نفسك انتي وبس .
قال الاخيرة من بين اسنانه قبل ان يستدير ولكنها جذبته من ذراعه توقفه
طيب ماشي خليني في نفسي وبس ياادهم انا قابلة.. بس بقى انا نفسي اخلف عيل منك..
التف اليه برأسه قائلا 
وماتخلفي يااختي انا مانعك .
قالت بلهفة
حلو اوي يعني هاتقبل تروح معايا عندك الدكتور بكرة
ابتسم بزاوية فمه يقول
واروح ليه عند الدكتور ياحبيبتي انا راجل سبق لي الخلفة قبل كدة.. يعني ماعنديش عيب.. شوفي انتي بقى نفسك.. ايه اللي مانع عندك
سقطت يدها عنه پصدمة وذهب هو من أمامها غير مبالي تأثير كلماته عليها..
كتمت اڼهيارها وهي ټضرب بقبضتيها على جانبيها وعلى وشك الانفجار.. لقد رأتها في عيناه.. ادهم المصري لم يعد يريدها
حتى لو انكر ذلك.. الشعور بالخطړ كاد ان يذهب بعقلها.. دون ان تدري تناولت هاتفها تطلب رقمه تبتغي المشورة لإنقاذها.. حينما لم يجيب على المكالمة..لم تتردد في ارسال رسائلها اليه وكان جاوبه رسالة بكلمة واحدة تعالي هدأت انفاسها قليلا لانتظار الصباح.. ولكن عاد اليها شعور الحسړة حينما تذكرت وضعها هي الان مع الرجل العجوز.. ووضع العرسان الشباب الذين خرجوا ليحتفلوا مع عرائس الهنا وحدهم بحرية ومباركة الجميع.. ابتعلت مرار حلقها وهي تهمس بغل
يعني انا بس اللي اتكتب عليا الغلب والحظ المنيل.
بداخل السيارة التي كانت تصدح بأغاني المهرجانات وكانها هي الأخرى مهرجان بالأصوات العالية الصادرة من داخلها.. كان حسين في المقعد الخلفي مع محبوبته يردد لها الكلمات خلف المطرب بصوته الغالي وهي تشاركة أيضا
بهوايا إنت قاعدة معايا عينيك لي مراية يا جمال مراية العين
خليك لو هتمشي أناديك إنت لي أنا ليك احنا الإثنين قاطعين
تسيبيني أكره حياتي وسنيني هتوه ومش هلاقيني وهشرب خمور وحشېش
وتجيني تلاقيني لسه بخيري مش هتبقي لغيري
أيوه أنا غيري مفيش .
صاح عليهم من الأمام وهو جالس خلفه المقود يقود بيد السيارة واليد الأخرى ممسكة بكف فجر الجالسة بجواره على المقعد الاخر 
لم نفسك ياض انت وهي.. صوتكم وحش ويصحي الميتين .
ردت شروق وهي تضحك بمرح 
الله ياعم علاء مانفرحش يعني بنفسينا ونهيص واحنا النهاردة عرسان .
ردد خلفها حسين
ايوة صح ياعم علاء.. احنا عرسان ومن حقنا نفرح ونسمع الناس اللي ماشية كمان في الشارع عشان تفرح معانا.
هتف علاء متصنع التذمر رغم سعادته البادية على وجهه
عما الدبب يابعيد .. انتوا الاتنين ارخم من بعض وما جمع اللي اما وفق.
اڼفجر الثلاثة في الضحك حتى فجر التي كانت تخبئ فاهاها بكفها وشعور الحرج يكاد ېقتلها مع وضع كفها الضاغط عليها بكفه فوق ركبته.. القى اليها نظرة سريعة بوجهه المبتسم قبل ان يعود اليهم .
يعني مش كفاية قبلنا بيكم تركبوا معانا وتكتموا على نفسنا.. كمان بتصدعونا بأصواتكم النشاز 
رد حسين وهو يلف ذراعه على كتف شروق
بصراحة ياباشا احنا كنا محتاجين الخروجة دي.. عشان انا والبنية بقالنا فترة كبيرة مخرجناش.. واهو كمان عشان مانسيبكمش لوحدكم .. انتوا برضوا لسة جداد وما لحقتوش تاخدوا على بعض .
وانتوا بقى اللي خدتوا بعض!
قالها باستنكار قبل ان يهتف حازما 
شيل ايدك من على كتفها ياض .
رد حسين بغمزة
لما تسيب انت كف عروستك ياحبيبي ابقى ارفع انا دراعي عن عروستي .
قهقهت شروق وهي ټدفن رأسها بكتفه بسعادة انعكست على وجه حبيبها.. واثارت سخط علاءالذي تمتم في الأمام .
عيل بارد وغتت ومراته نسخة منه .
لعب حسين اليه بحاجبيه يغيظه.. وهو تجاهله حينما سمع همستها الخجلة بمرح
خلاص سيبهم وملكش دعوة بيهم .. هما فعلا شبه بعض على فكرة.
وانتي حتة مني وحبيبتي .
ايوة بقى عالرومانسيات احنا كدة هانغير .
تناول زجاجة مياه فارغة يدفعه لخلف عليه هاتفا بغيظ
ابو شكلك ياشيخ .. دا انت فعلا عيل غتت. .
قالها علاء واڼفجرا الثلاثة مرة أخرى في الضحك حتى اصابته العدوة منهم.. وشاركهم.
توقفت السيارة امام مدينة الملاهي الشهيرة.. فترجل الشقيقان منها اولا قبل السيدات .. نظر علاء للواجهة الكبيرة المضيئة فقال بامتعاض
يعني برضوا دا كلام ياجدعان.. عايزني وانا في سني ده اركب مراجيح ولعب عيال .. هو دا برضوا الوقت الحلو بالنسبالكم 
ردت شروق بحماس ولهفة والتي غطت كتفي فستانها بسترة حسين
لعب عيال ايه بس دا جوا دنيا تانية ياعلاء وربنا.. ناس كتير كبيرة وصغيرة الكل فيها بيقضي وقت حلو وجميل.
ردد خلفها حسين 
فعلا ياعلاء المكان جوا هايبسطك بجد.. ثم ايه حكاية سنك دي هو انت عجزت ياعم دا انت حتى في عز شبابك ياراجل.
الټفت اليها يسألها 
ايه رأيك ندخل مع جوز المجانين دول ولا نخلع منهم احنا ونروح حتة تانية تكون هادية 
قالت بابتسامة 
خلاص بقى.. مدام المجانين اختاروا النهاردة نوافق احنا ونخلي الحتة الهادية وقت تاني .
كاد قلبه ان يخرج من صدره من فرط السعادة التي يشعر بها وهو ينظر الى وجهها الجميل وهي تجيبه بخجل .. وقد انعكست الاضواء المبهجة على وجهها الملائكي ذو الزينة المتقنة وفستانها الزهري فزادتها تألقا وجمالا .. ذكرته بأميرة قد رأها قبل ذلك في إحدي افلام ديزني.
خرج من شروده على صيحة شروق وهي تدفع شقيقتها للأمام فاجفلتها منتفضة 
ماتتحركي بقى يابت وبلاش تناحة.. انت هاتفضلي لازقة مكانك كدة كتير
تحرك امامها ملوحا بقبضته بجدية مصنطعة
شيلي ايدك من عليها وماتزوقيهاش ولا
تضربيها.. انا على اخري اساسا منك وانت وعريس الهنا بتاعك .
ارتدت للخلف مقهقة بشقاوة فجذبها حسين اليه.. يقف لأخيه 
في ايه ياعم انت هاتضربنا بجد ولا ايه امال لو عرفت ان العزومة كلها على حسابك النهاردة هاتعمل ايه بقى....اجري ياشروق اجري.
قال الاخيرة وهو يجذبها من يدها للهروب من علاء الذي استوحشت ملامحه امامهم بمزاح .. واصوات ضحكاتهم تسبقهم في العدو .
الټفت الى حبيبته
التي كانت تضحك على مشهد الاثنان بمرح ..فرد كفه اليها قائلا 
انتي هاتفضلي واقفة مكانك بجد ولا إيه مش ياللا بقى عشان نحصل المجانين دول .
وضعت كفها بكفه بابتسامتها الجميلة.. ليتابعا سيرهم خلف شقيقه وشقيقتها.. الى داخل مدينة الملاهي حيث يحتفل الأربعة بمناسبة عقد قرانهم .
................................
وبداخل إحدى المطاعم وعلى طاولة وحدهم بإحدى الزوايا المختصرة بالمحل.. توقفت عن تناول طعامها بملامح واجمة تسأله
عايزني اسافر معاك 
رد بدهشة
ايوة يا سحر تسافري معايا.. فيها إيه بقى
صمتت قليلا تستوعب قبل ان ترد 
فيها كتير طبعا يا رمزي.. بقى عايزني اسيب امي وشغلي واسافر كدة لبلد معرفش فيها حد وغريبة عني كمان
البلد دي فيها شغل جوزك ياسحر.. يعني فيها اكل عيشه وبكرة بإذن الله.. هاتبقي بلد ولادنا لما ناخد الچنسية من عندهم .
كمان عايزني افضل هناك انا وعيالي لما تاخد الچنسية 
وفيها ايه ياسحر لما نعيش فيها ونكبر ولادنا هناك البلد متقدمة والتعليم فيها مستوى تاني.. دي حلم لناس كتير وفرصة الشباب بټموت نفسها عشانها .
اشاحت بعيناها عنه صامتة وقد ذهبت شهيتها لتناول الطعام بغير رجعة.. سألها رمزي 
هو لدرجادي القرار صعب عليكي ياسحر انا افتكرتك هاتنبسطي بالعيشة هناك .
الټفت ترد عليه
لا يا رمزي انا لايمكن انبسط في بلد غير بلدي ولا مكان مش موجودة فيه امي.. برغم كل عمايلها معايا اللي بټحرق دمي.. بس مقدرش اسيبها .
سألها بتجهم 
يعني هو دا اخر كلامك ياسحر معايا ومافيش بقى فرصة حتى عشان تفكري 
........................... 
حينما عادوا اخيرا بعد سهرة طويلة في قضاء وقتهم الممتع بداخل مدينة الملاهي.. بتجربة الالعاب المعروفة بها او التنزه وتناول المثلجات.. امام البناية السكنية الموجود فيها شققهم .. تركهم حسين على مضض للعودة بسيارته الى منزله مع والده وزوجة والده نيرمين .. 
مكنتش اعرف ان الحاجات دي هاتعجبك زي بقية البنات.
ردت بابتسامتها الرائعة
بصراحة وانا كمان.. طول عمري بشوف الحاجات دي مع البنات واقول عليها تفاهات.. بس منك انت حسيتها لها طعم حلو اوي .
اشرقت ملامح وجهه بأثر كلماتها وسألها
انا مش عايز ابقى غلس بس انا نفسي اسألك يافجر .. هو انتي عمرك ما حبيتي ولا حتى عجبك حد 
عمري ياعلاء .. اصل انا دايما عندك فكرة مقدسة للرومانسة وهي انها ما يصحش تبقى غير مع واحد بس والواحد دا لازم يبقى الحبيب .. والحب الحقيقي اكيد ما بيبقاش بالسهولة اللي تخلينا نلاقيه في طريقنا كتير .. عشان كدة بصراحة انا مكنتش مصدقة مشاعري في البداية ناحيتك .
توقف مذهولا من كلماتها التي اصابت قلبه في الصميم .
وقفت ليه مكانك مش ناوي تدخل الشقة تطمن خالتي زهيرة بقى برجوعك ..دي زمانها قلقانة عليك عشان اتأخرنا .
اكتشف انه في الدرجة التي قبل الأخيرة وهي تخطته لتصل إلى شقتهم . لعڼ حظه لأنه لم يتمكن من تنفيذ ما يشعر به 
لوحت له بكفها وهي على باب منزلهم 
إيييه بقولك اتحرك ياعلاء.. هو انت سرحت في إيه بالظبط 
الابلة فجر بنفسها وصلت اخيرا !
جحظت عيناها پصدمة وهي ترى اخر شخص تتوقع رؤيته في هذه الليلة بالذات
بلعت ريقها وخرج صوتها باهتزاز 
سميحة !
ايوة سميحة بنت عمتك ياخاينة انتي.. بقى بتتخطبي وتكتبي كتابك من غير حتى ماتفكري تتصلي بينا
اختفت الكلمات من ذهنها.. لاتدري بما تجيبها وهي غير قادرة حتى على تصنع الابتسامة.. كل ما استطاعت ان تفعله هو انها اومأت لها برأسها فقط .. وسمحت لها تجرجرها لداخل شقتهم وهي تعلم تمام العلم بما ينتظرها بالداخل!
بنت خالي فجر اخيرا جات ياما.
قالتها سميرة وهي تخطو الى داخل غرفة المعيشة والتي اجتمع بها جميع افراد الأسرة للترحيب بشقيقة شاكر وابنتها في زيارة لا تتكرر سوى مرة او مرتين في العام .. ولكن ان تأتي في هذه الليلة مخصوص .. هذا ماجعل البرودة تجتاح فجر بزعر .. وهي تشعر امامهم بزواجها من علاء بخېانة لذكرى فاتن بمجرد النظر لعمتها.. تقدمت بأطراف مرتعشة نحو المرأة التي وقفت لاستقبالها ..وقالت بغموض
اخيرا بقى
وصلت الابلة فجر عشان نسلم عليها ونشوف وشها!
.............................
في اليوم التالي 
وبداخل شقة سعد كانت أمينة بداخل المطبخ تصنع لنفسها شطيرة من الجبن وتضع بداخلها شرائح من قطع الخيار ..لتناول وجبة افطارها والساعة قد اتمت العاشرة صباحا حينما سمعت بصوت باب الشقة الذي فتح بمفتاحه.. خرجت منه وهي تخمن عودة سعد رغم دهشتها التي لم تطل كثيرا وتحولت لابتسامة عريضة شملت وجهها .. وهي تراها تخطوا لداخل الصالة الصغيرة وبيدها تحمل عدة اكياس لم تتبين ما بداخلها سوى الفاكهة.. كانت غافلة عنها .
فتكلمت أمينة بمرح وهي تستند بكتفها على الحائط تجفلها 
نورتي الشقة يامدام نيرمين
.
سقطت الأكياس من يداها الاثنتان وانتقلت عيناها تنظر نحوها بړعب تتمتم قاطبة حاحبيها
أمينة !
كټفت ذراعيها امامها ترد 
ايوة امينة يا عنيا ..عاملة ايه انتي بقى ياااا مدام نيرمين
تسمرت اقدامها عن التحرك وهي تنظر نحوها باضطراب وكأنها لا تعي ولا تستوعب ان كان ما تراه الان هذا حقيقة أم خيال.. أمينة ابنة خالتها صديقة الطفولة وايأم الشقاء.. تقف أمامها وداخل شقة سعد بملابس بيتية مريحة.. وكأنها !
خرج صوتها اخيرا بتلجلج
انتي.. انتي إيه اللي..جابك هنا وو..لابسة ليه كدة
تجاهلت أمينة الرد عليها لتتحرك نحوها.. تتمختر بخطواتها حتى اقتربت منها لتقف أمامها وتحدق بعيناها صامتة مع هذه الإبتسامة العبثية المستفزة التي لم تفارق وجهها.. ونيرمين تبتلع ريقها بترقب.. لتباغتها امينة فجأة وهي
تدنو للإسفل تلتقط الأكياس المبعثرة على الأرض .. فقالت فجأة وهي ترفعهم وترى ما بداخلهم .
ياحلاوة ياولاد.. دي فرخة مشوية وفاكهة وازازة بيرة كمان...لزوم الجو .
قالت الاخيرة بغمزة من عيناها اثارت سخط نيرمين فجعلتها تغمض عيناها وهي تقبض يداها وتشيح بوجهها عنها ..فلاحقتها امينة مقهقهة بالضحك
ههههه بتصرفي على سعد يانيرمين هههه بتصرفي على سعد يا منيلة.. يخيبك بنية.. طب استنضفي طيب ههههه
استدارت لها نيرمين بغتة تمسكها من تلابيب ملابسها قائلة بشراسة 
وانتي بروح امك بقى بتعملي ايه بقى هنا عشان افهم بس
قهقهت امينة بصوت عالي قائلة بمرح لتغيظها
انا واحدة جوزها محپوس في قضية برشام.. والدنيا ملطشة معايا يعني ماحدش هايستغرب عليا اي فعل اعمله.. لكن انتي ياقمر ياللي واخدة الراجل الغني الكبارة.. جاية هنا ليه بقى وكمان صارفة ومكلفة..لدرجادي ياروحي الشوق غالبك
صاحت تهزهزها پعنف
مالك انتي ومالي يازفتة بتضحكي وتتمسخري عليا ولا أكنك قفشتيني معاه في اؤضة النوم.. اشحال ان ما كنت انا اللي طبيت عليكي في شقته وانتي قاعدة ومريحة فيها ولاكنك صاحبته ولا عشيقته في إيه يابنت محاسن على اخر الزمن كمان هايطلعلك صوت يكونش نسيتي ياختي شغلة امك
اختفى العبث من وجه أمينة وهي تنزع كفي نرمين عن ملابسها پعنف فقبضت على رسخها بقوة .. تقول 
ايوة انا بنت محاسن يانيرمين وعارفة شغلة امي كويس اوي ومش ناسياها.. بس انا ياحبيبتي مش على راسي بطحة عشان اخاڤ ولا اكش.. عكسك انتي ياحلوة.. ياللي لعبتي ودورتي على حل شعرك ايام الفقر عشان تطولي فرصة كويسة.. وحصل.. ووصلتي للي انتي عايزاه.. دلوقتي بقى ايه حجتك عشان تخوني الراجل الكبارة جوزك مع سعد..
قالت الاخيرة بقرف.. ونيرمين انعقد لسانها واتسعت عيناها زعرا من هذه المچنونة التي أتت إليها في أشد أوقاتها صعوبة.
.............................
زهيرة وهي جالسة بجواره على طرف الفراش تهزهزه بيداها وصوتها يهتف عليه ليستقيظ من غفوته العميقة على مايبدوا من عدم استجابته لها
علاء باشا.. انت ياحلو.. ياعريس ياقمر انت .. ماتصحى ياولا تعبت قلبي.
الف بعد الشړ عليكي ياست الكل من تعب القلب .
لكزته بقبضتها حانقة
يعني انت صاحي من زمان بقى وبتستهبل عليا يازفت انت
خرجت الاخيرة بشهقة وقد فاجئها بنهوضه على حين غرة.. ويقول
طب واصحى انا ليه قوليلي كدة يازوزو.. قوليلي .
على صوت ضحكاتها
ايوة ياخويا اعملهم عليا.. بكرة تستكفى ودلعها هي بنت سميرة دي.
والنبي ولا الف واحدة يغنوني عن دلع انتي ياست الكل ياقمر .
ازدادت ضحكاتها ولكنها اجفلته
طب خلاص بقى واض سيبني عايزة اقوم .. صاحي ياخويا فايق ورايق.. باين عليها السهرة كانت صباحي مع حبيبة القلب على التليفون بعد مارجعت من مشوارك متاخر.
نزع ذراعه عنها وقال بجدية
ابدا والله ياامي.. دي حتى ما ردت على أي اتصال مني.. معرفش ليه
نهضت من جواره وهي ترد 
تلاقيها بس تعبت ونامت.. قوم انت بس وصحصح دا النهاردة الجمعة.. ودي مش عادتك تتأخر كدة في النوم .
ليه هي الساعة كام 
الساعة عشرة ياحبيبي .
قالتها وهي تتحرك للخروج وهو نهض مجفلا يتناول هاتفه
يانهار ابيض.. كل دا سيباني نايم ياامي طب الحق اتصل بيها اشوف مالها دي مارنتش ليه هي كمان
خاطبته زهيرة قبل ان تخرج من غرفته 
علاء.. ماتنساش ياحبيبي بعد ماتخلص كلامك في التليفون مع فجر تتصل باخوك.. عايزاه يجيني
سألها 
عايزاه في ايه ياماما
قالت بقلق 
يعني مش حاجة
بعينها.. انا بس عايزاه يجي وخلاص.
اومأ بسبابته على الناحيتين من وجهه بابتسامة حنونة
من عنيا الجوز .. ليكي عليا لو مجاش بنفسه اسحبهولك انا من قفاه
بابتسامة انارت وجهها
تسلملي عيونك ياروح قلبي .
.............................
وفي الشقة المجاورة وبداخل غرفتها.. اتاها اتصاله وكأنه نجدة من السماء لتنهض من جوار ابنة عمتها.... سارت على أطراف اصابعها حتى دخلت الشرفة.. اجابته بصوت خفيض 
ايوة ياعلاء.. صباح الفل والورد ياحبيبي .
.................
عارفة وربنا عارفة.. بس اعمل أيه بقى ما انت ماتعرفش اللي حصل
...............
عمتي ياعلاء.. وصلت امبارح وانا مكنتش قادرة اتنفس حتى من الإحراج وانا معاهم.. ربنا وحده اللي عالم الليلة دي عدت عليا ازاي 
..................
ازاي بس ياعلاء ماكنش ينفع طبعا ارد عليك انت بالذات وانا متحاصرة بوجودها حواليا.. دي نظراتها غريبة اوي ناحيتي..
......................
حاضر ححاول طبعا.. بس انت ماتزعلش مني ياروح قلبي.
روح قلبك برضو ياأبلة فجر
انتفضت فجر وهى ترى ابنة عمتها امامها على باب الشرفة.. والتي تابعت بغمزة من عيناها.
هو انت بتكلمي حبيب القلب 
هزت رأسها بتوتر وهي تنهي المكالمة سريعا..ثم التفتت لها قائلة 
هو انتي صحيتي من امتى ياسميحة
ضيقت الفتاة عيناها وردت بابتسامة ماكرة
بتقفلي السكة في وش خطيبك يافجر عشان ماسمعش كلامكم وكمان عايزة تلهيني
ألهيكي!
قالتها فجر بتعجب من سماجتها .. فسميحة ابنة عمتها هذه والتي تزوجت عن عمر السادسة عشر وهي تشبه شقيقتها الراحلة في بعض الملامح الدقيقة بوجهها ولكن ليست برقتها ولا رقيها.. تعاملها بتبسط ولا تراعي فرق العمر بينهم والذي يتعدي السبع سنوات.. تزعجها منذ الأمس بالأسئلة الفضولية والأحاديث الخاصة.. وكأن بزواجها قد قفزت لعمرها واصبحت صديقتها فجأة !
سكتي وسرحتي في إيه تاني ياابلة فجر هو لدرجادي كلامه حلو
قطبت فجر حاجبيها دهشة واستنكار قبل ان ترد ببعض الحكمة
هو انتي مش متجوزة برضوا ياسمحية يعني أكيد جربتي 
زمت سميحة شفتيها بحنق تجيبها
ياختي هما شهرين بس اللي اتخطبت فيهم وكنت ساعتها انا بجهز نفسي وهو بيجهز الشقة.. بالعافية كنا بنشوف بعض خطڤ كدة وبعد الجواز.. هما برضوا شهرين وسافر ياختي على الخليج وسابني .. يعني مالحقناش حتى نعرف بعض.
رقت ملامح فجر نحو الفتاة التي في عمر الطالبات بمدرستها.. ولكنها لم تستطع كبح السؤال الذي يلح بداخلها منذ الأمس 
معلش ياسميحة في سؤالي.. بس انا بصراحة كان نفسي اعرف.. هي فاتن ماټت ازاي
ردت سميحة بعفويتها 
الله يرحمها اختي يارب ويبشبش الطوبة اللي تحت راسها.. انا عرفت من امي انها ماټت بحمى شديدة.. اصل انا كنت صغيرة اوي ساعتها لما شوفت امي بتسحب فاتن وهي تعبانة مشقادرة تفرد طولها.. وخرجت بيها توديها المستشفى وبعدها بقى مارجعتش على بيتنا غير بكفنها.
التمعت عيناها فجر وهي تتذكرها وترسم بعقلها هذا المشهد وكانها تراه امامها وتشعر بألمها.. انتفضت فجاة على صيحة سميحة
برضوا مش هاتحيكيلي عريسك كان بيقولك إيه
حدقت اليها بجزع .. هذه الفتاة المزعجة لا تشبه فاتن على الإطلاق ولا حتى بالملامح.
..............................
بملامج متجهمة اقترب من ابيه الذي كان يتحدث في الهاتف وهو جالس على إحدى الارائك وعيناه مثبتة على شاشة التلفاز .
صباح الخير ياابو علاء .
الټفت اليه أدهم ونحى
الهاتف عن أذنه بعد ان استأذن محدثه في الناحية الاخرى قبل ان يرد ببشاشة 
صباح الفل ياحبيبي.. لابس كدة ورايح فين 
رد بغموض 
ورايا مشوار مهم عايز اعمله.. المهم بقى انا حاسس الجو هدوء يعني هو انت مافيش حد معاك
رد أدهم بابتسامة
لا مافيش حد معايا ياحسين باشا.. نيرمين استأذنتي تزور واحدة قريبتها عيانة .
اومأ برأسه بملامح مغلفة لا توحي بشئ.. تابع ادهم 
ماتتأخرش بقى في مشوارك ياحسين.. عايز اقعد معاك يابني شوية.. دا النهاردة الجمعة .
تحرك للخلف وهو يتحدث بوعد 
اخلص بس مشواري ياابو علاء وانا هاجيلك واقعد معاك قعدة طويلة كمان بس اخلص مشواري .
ترك ابيه يكمل مكالمته واستدار هو للخروج.. بوجه جامد.. يتصاعد الڠضب من كل خلية بجسده.. يريد التأكد بنفسه من صدق المعلومات التي اخبره بها حودة..
وبعدها لا يلومن المخطئ الا نفسه على حصد نتائج أفعاله
قبل دقائق .
استيقظ حسين على صوت هاتفه المزعج ينبئه بورود مكالمة.. رد بصوت ناعس .
الوو .. ايوة ياحودة عايز ايه عالصبح 
وصله الصوت الاهث 
ايوة ياحسين باشا.. في حاجة مهمة اوي عايزة اقولهالك .
معلومات إيه ياحودة..هي البت دي خرجت ولا الواد سعد عمل حاجة تاني 
رد الاخر بقلق
لا دي ولا دي ياحسين باشا.. دا حاجة غريبة كدة انا مستغربلها وو..
قاطعه بحدة 
انت لسه هاتوقوق... ماتخلص قول يابني انت في إيه
بصراحة كدة بقى انا شوفت الست نيرمين داخلة العمارة اللي فيها شقة سعد.. واما راقبتها لقيتها بتدخل شقة سعد بعد ما فتحتها بمفاتح كام معاها في شنطتها !
انتفض واقفا عن الفراش فقال بحزم
انت متأكد من كلامك ياحودة 
والله ياباشا زي ما بقولك كدة .. هو انا هتوه عنها 
تأجج صدره بالڠضب وعقله يدور فى عدة سيناريوهات..فقال 
اسمع ياحودة .. انا عايز اعرف البت دي بتعمل ايه في
الشقة فاهمني
ازاي بس هو انا هاعرف منين بقى 
قال مشددا وهو يتحرك بغير بغرفته كالأسد الحبيس 
اتصرف ياحودة ولا شوف أي طريقة.. انا عايز اعرف البت دي دورها ايه مع الكلاب دول.. وليك عليا ازودك بالفلوس اللي تغنيك عن الشغل والمرمطة.
..............................
وفي الجهة الأخرى .
وقف حودة بوجه ملثم يترقب حركة الأشخاص الخفيفة في هذه المنطقة النائية.. خلف البناية القديمة المتشققةو الموجود بها شقة سعد.. يبحث عن منفذ يمكنه من الصعود والدخول بداخل الشقة.. لقد وعده حسين بالمال الوفير الذي سيمكنه من تأسيس مشروع جديد يعيش بعائده .. ولكن هذا رغم اغرائه يأتي بالمرتبة الثانية لديه.. فهو متشوق لكشف حقيقة سعد مع هؤلاء النساء . ويبدوا انه قد وجد الطريقة !
بخفة الفهد تسلق على إحدي مواسير الصرف مستغلا عدم ثقل وزنه.. حتى تمكن من الصعود الى الشرفة الإسمنتية.. سقط بداخلها ولحسن حظه كانت نافذتها مفتوحة.. دلف من خلالها بحرص الى داخل غرفة النوم .. مشطها سريعا بعيناه فانتبه على هذه الأصوات الصادرة عن قريب.. خطى بخطواته حتى اصبح خلف الباب الذي فتحه بمواربة ليرى هاتان المرأتان واقفتان بوسط الصالة الضيقة .. جذبه حديثهم فتناول هاتفه ليتقط الصور ويسجل ثم يرسل الرسائل تباعا لحسين الذي طلب منه ان يتابع معه مايحدث لحظة بلحظة.
وعند نيرمين التي هدرت على امينة حانقة وهي تدفعها للخلف
ماتحلي بقا عني يابت.. مالك انتي باللي بعمله ولا اهببه مع سعد إيه ياعنيا رجعتي تحنيلوا تاني بعد مارماكي زي الكلبة زمان .
صدرت ضحكة ساخرة من امينة وهي ترد
احن لسعد! طب بذمتك انتي مصدقة نفسك وانتي بتقوليها سعد
دا كان فترة وعدت من حياتي وانا صغيرة.. لما كنت زي الغرقانة بدور على قشاية تسندني وتخرجني من جو امي والرجالة اللي كانت داخلة خارجة عندها.. مكنتش لسة عرفت الدنيا على حقيقتها.. سعد ياحبيبتي كان بيضحك عليا بكلامه المزوق والناعم وانا من هبلي كنت فاكراه هايتجوزني في حلال ربنا ويبعدني عن امي وقرفها .. لكن انتي بقى ياعنيا .. ايه حجتك عشان تمشي معاه في سكته هاا 
هزت رأسها بعدم احتمال وهي تنفي 
سكة مين يامجنونة انتي انا مش فاهمة انتي عملالي تحقيقي ليه اساسا هو انتي لدرجادي الغيرة قتلاكي من ناحيتي لدرجادي بتحقدي عليا عشان انا اتجوزت راجل غني واستريحت وانت فضلتي في المرمطة والفقر.. ايه ذنبي انا ان كنتي اتجوازتي واحد بياع البرشام ورد سجون كل واحد بياخد اللي يستحقه.. انا ربنا خلقني حلوة وجميلة وانتي ربنا خلقك وجمالك على قدك.. ايه ذنبي فيها دي بقى 
صدرت ضحكة امينة بصوت عالي ورقيع مستهزئة بما قالته
هو انتي لسة برضوا فيكي الانعرة الكدابة دي يانيرمين فاكرة زمان لما كنتي تلبسي الدهب الصيني قدام الناس وتقولي دا حقيقي.. ولا افكرك احسن بالحلق الكبير النحاس اللي كنتي بتفتخري بيه قدام البنات في المصنع.. على اساس انهم هبل ومايعرفوش الفرق .. فاكرة الحلق يانيرمين .
قالت الاخيرة وهي تخرجة من جيب عبائتها البيتية .. وتلوح به امامها.
جحظت عيناها نيرمين وتدلى فكها بعدم تصديق .. همت لتتناوله ولكن امينة ابعدته عن مرمى يديها .. وهي تقول بمرح
عارفة يانيرمين .. لما لقيته في كيس المخدة وانا برتب اوضة النوم جوا .. استغربت قوي.. انه لسه عايش معاكي.. بس اسغربت اكتر لما عرفت انك ماشية مع سعد بقالك سنين.. ههههههه .
رفعت نيرمين يدها نحو القرط تريد تناوله باڼهيار فتلاعبت بها امينه وهي تبعده عنها باستمتاع وتابعت
الا قوليلي صح هو انتي عرفتي توقعي الراجل الكبير دا ازاي ها ومين دلك على سكته اساسا سعد برضوا ههههه
هتفت عليها بتشجنج 
كفاية بقى ياامينة والا وديني لاكون حاكية لعلاء عالسر اللي بينك وبين سعد!
توقف امينة فجأة عن ماتفعله تسألها پصدمة وعدم تصديق
سر إيه انا مافيش بيني وبين سعد أسرار .
ردت نرمين وقد شعرت أنها قد اصابت هدفها 
لأ في والسر الخطېر دا هو اللي خلاكي تقبلي تتجوزي البرشامجي.. وخلى سعد يقطع صلته بيكي.. اوعي تفتكري اني مكنتش فاهماكي.. اينعم انتي وسعد ماحدش فيكم كان نطق بحرف.. بس انا ولبنى اخت سعد ..فهمناها لوحدنا لما اختفيتي فجاة عن الشغل عند البيه اللي اسمه عصام صاحب علاء .. لبنى اخت سعد حكتلي بنفسها انها في مرة سمعت اخوها وهو بيحذرك وينبه عليكي في التليفون عشان ماتعتبيش بيتهم تاني ولا تعتبي الشارع حتى عندهم ..لعلاء ولا الدكتور عصام حد فيهم يشوفك وساعتها هاتروحي في داهية .
تسمرت امينة مكانها وشحب وجهها ليقارب صفار المۏتى.. فقالت بصعوبة وهي تحاول ابتلاع ريقها الجاف 
بقولك ايه يابت انتي.. ماتحاوليش تلعبي عليا وتخترعي قصص من عندك .. انا ماعنديش قصص ولا حكاوي عشان اخاڤ منها .
هذه المرة ضحكت نيرمين وهي تنظر نحوها بتشفي وقد تبينت الحقيقة وصدق تخمينها من هيئة غريمتها المزرية .. فقالت بميوعة
ماشي
ياعنيا زي ما تحبي.. اصل بصراحة
انا معرفش حقيقة السر دا ايه بالظبط.. بس طبعا لو روحت لعلاء وبلغته بكلام لبنى اخت سعد اللي عدى عليه سنين.. وبلغته بعنوانك انتي هنا .. اكيد طبعا هايفتكر ويعرف ولا انتي إيه رأيك
عند هذه النقطة رفعت امينة راية الاستسلام .. فمدت اليه كفها مفتوحة كي تتناول قرطها وقالت بصوت محذر وخارج بصعوبة
خدي حلقك واطلعي من هنا يانيرمين.. وحسك عينك الكلام دا يطلع قدام حد تاني.. عشان ساعتها ياحبيبتي ..انا هافضحك قدام جوزك وابلغه بعلاقتك بسعد ولو حصلت اجيبله تاريخك كله واسماء الرجالة اللي مشيتي معاهم .
ابتسمت نيرمين بانتصار وهي تتناول القرط .. فتحركت للذهاب بخطوات بطيئة وواثقة .. وقبل ان تصل للباب اوقفتها امينة وهي تهتف باسمها
نيرمين .. نصيحة ليكي ياريت كمان ماتوصليش اللي حصل ده لسعد .. عشان ساعتها انتي اللي هاتتأذي بجد.
لوت شفتيها بسخرية وهي تنظر اليها بصمت دون ان تريحها ولو بكلمة.. ثم ما لبثت ان تتحرك فتصل الى مقبض الباب لتفتحه.. فكانت الصدمة التي جعلتها تتمنى لو انها تهذي او أن ماتراه هو من وحي خيالها فقط.. همست بغير تصديق .
حسين !!!
...
أغمض عيناه وتنهد بسأم وهو يستمع لإلحاح أخيه عليه في الهاتف بعد ان رد على اتصاله اخيرا.. بعد عدة اتصالات منه كان قد تجاهلها في خضم انشغاله مع رسائل حودة وسماع التسجيلات .. حتى انه تجاهل اتصالات شروق به واكتفى بإرسال رسالة موجزة لها على تطبيق الوتساب يخبرها انه سيحاول الاتصال به لاحقا لانشغاله مع أحد الأشخاص.. قال بتعب
يابني خلاص بقولك هاجي ان شاء الله.. بس مش لازم يعني يكون على الغدا.. سيبني بس افضى شوية كدة من المشوار اللي في ايدي.. وبعدها اشوف بقى.
........................
ياحبيبي ابوس ايدك سيبني دلوقتي انا مش فاضي.. هاتصل بيك بعد شوية ..... خلاص ياعلاء ياحبيبي فهمت..... طمنها بس انت وقولها اني جاي النهاردة.. على العشا تمام ماشي........ ما انا كدة كدة كنت عايزك في كلام مهم ....... هو دا وقته بقولك مشغول يابني اما شوفك هاقولك ..........سلام بقى الله يخليك.
انهى مكالمته سريعا رغم شعوره بتعجب أخيه وارتيابه.. ولكنه مضطر لضيق الوقت بيده خصوصا بعد اطلاعه على الرسالة الاخيرة لحودة!
صفق باب سيارته يغلقه بقوة بعد ان ترجل منها.. ثم سار بضع الخطوات القليلة نحو المبني القديم.. بعد أن صف السيارة بجواره.. اعتلي الدرج المتهالك بخفة وسرعة حتى وصل امام الشقة الموصوفة له من حودة في الطابق الأول في الجهة اليمين.. وقبل ان يطرق بقبضته على باب الشقة.. رفع هاتفه ليرى اخر التسجيلات المرسلة من حودة.. استمع لهذا الحوار الاخير بين نيرمين وامينة وقبل انتهاء التسجيل بثواني قليلة..رفع رأسه نحو الباب الذي فتح بغتة.. فرأى نظرة نيرمين الجذعة بعد أن تفاجأت به.. اعتلت شفتيه إبتسامة متهكمة وهو يخاطبها
ايه يامدام مش هاتقوليلي اتفضل
حينما ظلت على تسمرها وفمها الذي يفتح ويغلق دون النطق ببنت شفاه.. دفعها هو للداخل ودلف خلفها يغلق باب الشقة بملامح متجهمة أرعدتها فارتدت للخلف بخطواتها حتى اصطدمت بأمينة التي كانت واقفة بمحلها في وسط الصالة محدقة عليهم بدهشة.. لتفاجأ بحسين الذي كان يخطوا للداخل خلف نيرمين التي مازلت ترتد للخلف بظهرها
أنتي بقى أمينة ياروح امك 
قطبت حاجبيها مذهولة من حدته بالرغم من عدم معرفتها به.. نقلت نظرها باستفسار نحو نيرمين التي التصقت بالجدار خلفها.. فاأجفلها هادرا 
انطقي يابت .
انتفضت مړتعبة فردت على الفور 
ايوة يابيه انا أمينة.. بس هو انت مين بالظبط يعني ظابط ولا شرطة
جز على فكه وهو يقترب بوجهه منها ينفث دخان من حريق صدره الغاضب ..فانتقلت عيناه نحو نيرمين يسألها بسخرية 
إيه يامدام.. انتي مكسوفة ما تعرفيها انا مين طب اعملي بالعيش والملح اللي أكلتوه مع بعض في المصنع ولا حتى أيام شقاوتك.. قبل ما توقعي الراجل الكبارة في حبالك وتخليه يتجوزك بخبرتك الواسعة.. وبعدها برضوا تحني لأصلك تخونيه مع سعد الكل........
لطمت بكفيها على خديها وقد تأكد إليها استماعه لحديثها مع أمينة.. ولكن كيف هذا رفعت عيناها نحو اعلى الحوائط لترى ان كان هناك كاميرا خفية.. لتفاجأ بخروج أحد الأشخاص من غرفة النوم ملثم الوجه.. غريزيا اتجهت عيناها بشراسة نحو أمينة الواقفة محلها كتمثال حجري .. فاغرة فاهها پصدمه بلاحول لها وقوة ..استفقن الاثنتان على صيحة حسين 
اصحي انتي وهي معايا انا معنديش وقت ليكم .
خرجت نيرمين من صمتها تدافع عن نفسها بصوت مهتز
الكلام اللي سمعته من البت دي ياحسين انا بريئة منه.. دي واحدة غيرانة وحاقدة عليا.. زيارتي من الأساس النهاردة كانت فخ من تخطيطها وانا والنعمة مااعرف حتى ان دي شقة سعد .. اصل يعني لو هاخون جوزي صح لا سمح الله.. فينه هو دا اللي خونته معاه
هز رأسه بنظرة مزدرءة قبل ان يتجه لحودة الذي اظهر وجهه فانصعقت نيرمن 
الواض دا راح فين ياحودة
رد حودة بعد أن نظر بطرف
عينه نحو الاثنتان
الواض سعد من الفجرية كان في دمياط بيجيب نقلة خشب لورشته.. اخر الأخبار اللى وصلتني من مازن هي انهم وصلوا القاهرة.. وهما دلوقتي واقفين قدام محطة بنزين يمونوا العريية النقل ويريحوا شوية في الاستراحة هناك
اقتربت منه نيرمين وهي تتحدث بدفاعية مستغلة المعلومات الاخيرة 
اهو قالك بنفسه اهو انه من الفجرية برة البلد.. يعني انا بريئة اهو من التهمة الزور وكلام البت دي بت الحړام.. دي شايفة الناس كلها أوساخ زيها هي وامها .
نزل حسين بانظاره للإسفل نحو الأكياس المرتمية على الأرض قبل ان ينقلها مرة أخرى نحو نيرمين بابتسامة ساخرة ذات مغزى .. قبل ان يقول لها من بين أسنانه 
عارفة يابت ال..... لولا بس ان عندي اللي اهم منك وعشان انتي خلاص كمان بقيتي كارت محروق ومن النهاردة هاترجعي لمكانك الطبيعي في اقرب مقلب ژبالة.. لكنت انتظرت عشان اشهد عليكي العمارة كلها مع الكل.... بتاعك بس ملحقوقة.. اخلص بس من اللي في إيدي دلوقتي ..اخلصي ياللا غوري من وشي .
انتفضت من صيحته التي خرجت فجأة فأجفلتها.. لدرجة انها وقفت محلها غير مستوعبة.. فاطلق صيحة اخرى أشد حزما وحسما 
غوري بقولك دلوقتي انا مش فاضيلك .
وقتها لم تشعر بقدميها التي انطلقت كالريح نحو الباب الخروج.. مما جعل امينة المصعوقة يخرج صوتها اخيرا بتشتت
هو انتوا جاين لمين بالظبط 
لم ينطق حسين وهو ينظر اليها بغموض فخرجت الإجابة من حودة الذي كان يلعب بهاتفه
احنا جاينلك انتي ياحلوة عشان نسجل معاكي لقاء تليفزيوني.. ها نسجل بقى ونقول اكشن!
............................
خرج علاء من غرفته ليجلس حول السفرة على احدى مقاعدها بغرض تناول طعام افطاره من بعض الاصناف الموجودة عليها.. ولكنه كان واجما بحيرة.. لا يدري سببا لهذا القلق الذي شعر به من وقت انتهاء مكالمته السريعة مع شقيقه... نبرة صوته كانت منفعلة
و غريبة عن طبيعته الهادئة والرزينة.. هذا بالإضافة لهذه الجملة الغريبة عن اخباره بكلام مهم .. ترى مالذي يشغلك ياحسين وسوف تفاجئني به
رد عليك 
همممم
ارتفعت عيناه نحو والدته وقد استفاق من شروده 
بتقولي حاجة ياامي 
تبسمت زهيرة بارتياب وهي تجلس امامه وتضع عن يدها طبق الجبن... ترد
ايه اللي واخد عقلك ياحبيبي ومخليك تنسى حتى اكلك
ارتفع حاجبيه باستيعاب فتبسم بتصنع رغم اضطرابه قائلا وهو يتناول قطعة من الخبز يضعها بطبق الفول
عريس جديد يا أمي ..وشئ طبيعي
إني اسرح في عروستي .
قطبت حاحبيها وارتسم على وجهها عدم التصديق .. فقالت 
قالك ايه اخوك 
قالي انه هايجي على العشا.
ردت زهيرة بتذمر 
لسة كمان هايقعد للعشا انا كنت عايزاه يجي على الغدا يابني .
رد علاء بابتسامة وهو يضع اللقيمة بفمه 
وفرقت ايه بس ياست الكل ان كان عشا ولا غدا مش المهم بقى انه يجي 
اومأت زهيرة برأسها وهي تدعي تناول الطعام دون.. شهية تذكر وهذا لعدم شعورها بالإرتياح
..............................
امام احدى الكافتريات الشعبية بجوار احدى محطات البنزين كان جالسا على مقعد بلاستيكي .. يتناول افطاره من شطائر الفلول والفلافل الموضوع على المنضدة الخشبية التي توسطت الجلسة بينه وبين سائق الشاحنة المحملة بالأخشاب.. صدح هاتفه باتصالها اصدر بفمه صوت قرقعة بسأم وهو يتجاهل الرد.. ولكنها حاولت مرة واخرى حتى اثارت اهتمام السائق معه
ماترد يامعلم سعد لاحسن تكون مكالمة مهمة ولا حاجة!
رد عليه بملامح الملل 
ياعم ولا مهمة ولا حاجة.. دي بس زن نسوان فاضية للرغي والكلام الفاضي .
على صوت ضحك الرجل قبل يرد بمرح 
وافرض ياعم ان كانت نسوان فاضية ولا حتى رغاية.. هو في حد طايل في الزمن ده رد يا سعد باشا وماتتكسفش.. انا هاقوم بقى اوسعلك الجو و ادخل الحمام جوا.. وانت بقى عيش وخد راحتك..ها .
قال الاخيرة بغمزة وهو ينهض من ثم تحرك ذاهبا امامه.. رفع سعد حاجبه بانتشاء وهو يرد على اتصالها 
ايوة يانرمين.. عايزة ايه 
وصله صوتها الباكي 
ايوة ياسعد انا اتخرب بيتي وكله من بوز الأخص البت امينة .
اعتدل في جلسته يسألها بعدم استيعاب
امينة مين يازفتة هو انتي بتقولي ايه بالظبط 
هتفت تشهق بالبكاء
بقولك امينة ياسعد اللي انتي متاويها في بيتك ولا اكنها عشيقتك الزفتة جرجرت رجلي وخلتني اروحلك الشقة عندك النهاردة وفتحت معايا في كلام جديد وقديم عن سيرتي معاك ومع الرجالة اللي مشيت معاهم قبلك.. وكل اتسجل عند حسين اللي طب علينا فجأة مع الواد حود.......
بس الله ېخرب بيتك .
خرجت منه بمقاطعة هادرة وقد انتفض من جلسته واقفا.. وتابع
ممكن بقى تفهميني اللي حصل بالظبط وبالراحة وبإيجاز عشان افهم.. والمهم دلوقتي بقى قولولي انت بتكلميني من فين
سحبت نفس طويل تحاول التماسك قبل ان ترد اخيرا
انا واقفة في شارع السوق اللي القريب من بيتك.
.............................
بعد قليل وبداخل سيارة النقل الكبيرة التي كان يقودها بسرعة عالية كالبرق رغم حمولتها الثقلية 
.. بعد ان استمع لشرحها الوافي لما حدث وأجفتله بالأهم وهو مشاهدتها لحسين وحودة خارجين من مبنى شقته وامينة مسحوبة كالشاه لتذهب معهم بالسيارة.. لم يمتلك رفاهية التفكير بعدها وهو يتناول سلاسل
مفاتيح السيارة وقبعة راس السائق الذي لم ينتظر خروجه من غرفة المراحيض العمومية بهذه المنطقه.. قفز سريعا بډخلها في الأمام خلف عجلة القيادة وذهب بالسيارة دون سائقها.. كل ما كان يدور بعقله هو ايقافهم عن الوصول لوجهتهم.. لو علم علاء بما فعله قديما او عصام او أدهم المصري وما ادراك ما ادهم المصري ستكون نهايته حتما بالإضافة الى ضياع كل ما تمكن من بناءه في السنين الفائتة.. الايكفي له سرقته حلم عمره بالإرتباط بها أو بشبيهتها لايهم.. كان على علم بخط سيرهم الان لمعرفته الدقيقة لوجهتهم والطرق المؤدية لحارتهم.. في بعض اللحظات الفاصلة لايمكن التنبؤ بأفعال الفرد حينما يكون مهدد.. لايمكن تنبؤ فعل الفرد ليتمكن من النجاة.. ولابد له من النجاة.. ولا يوجد حل اخر .
وكانت الفرصة حينما رأى السيارة التي يعلمها جيدا اتية من مسافة قريبة في الجهة العكسية.. لم يتردد حينما زود السرعة اكثر والتف بها في اول فرصة وجدها امامه في الطريق .. كان من الجميل في الأمر هو ان قيادة سيارتهم كانت عادية وطبيعية لدرجة مكنته للحاق بهم حتى اصبحوا على مرمى بصره فهدئ من سرعته قليلا حتى على اقترب نسبيا منهم .. رأسه مازلت مغطاة بقبعة رأس السائق وهو الان قريبا منهم ولابد من تحين الفرصة.. والتي ما ان شعر بقربها لم ينتظر.. حينما الټفت سيارة حسين امامه لتقطع طريقا اخر لم يتنظر وقتا اخر لاستغلال هذه الالتفافة وقد تلاشى عقله وضربات قلبه تنافس في سرعتها السيارة والتي زاد مرة اخرى من سرعتها بشكل هستيري مكنه من صدم السيارة الكبيرة حجما ووزنا بالسيارة الصغيرة بشكل اجفل ركاب السيارة و قائدها الذي لم يتمكن حتى من الاستيعاب عندما وجد نفسه ينقلب مع السيارة والاخرين لعدة مرات بشكل عڼيف ادى لټدمير السيارة للقضاء على من بداخلها!
............................
منذ الأمس وهي تشعر بنفسها كالحبيسة داخل غرفتها .. تتجنب اللقاء بعمتها.. من وقت ان تفاجأت بزيارتها وهي لا تفارقها النظرة الغامضة منها.. رغم تعاملها بشكل طبيعي مع الجميع ان كان أخيها شاكر او زوجته أو حتى شروق.. اما هي فلم ترتاح لهذا الوجه الملغف بالغموض.. يقلقها حتى ابتسامتها.. ترى كيف تراها الان
خرجت من شرودها على صوت فتح باب غرفتها دون طرقه.
كشرت فجر بوجهها نحو شقيقتها التي دلفت منه
مش تخبطي يازفتة انتي ..هي وكالة من غير بواب 
ردت شروق بروتينة وهي تجلس بجوارها
هو انا دخلت عليكي وانت عريانة مثلا يافجر ما انتي بكامل هدومك أهو
فغرت فجر فاهها تود توبيخها بالكلمات ولكن اجفلها هذا السكون على وجه شقيقتها وعيناها المضطربة.. سألتها باقتضاب
مالك 
ردت شروق
مش عارفةيافجر.. بس مضايقة اوي حسين مش راضي يرد على أي اتصال مني وفي الاخر قفل السكة في وشي.
معقول! طب ليه يعني دي حتى مش عاويدوا.
هزت شروق رأسها باضطراب وقالت بقلق
لا هي حصلت مرة او مرتين لما كنا نتخانق مع بعض واشد انا عليه في الكلام .. بس انا مش فاكرة خالص اني اتخاقت معاه المرة دي .
ربتت فجر على ذراعها تطمئنها بابتسامة
خلاص ياقمر.. يبقى أكيد عنده حاجة ضروري شغلاه.. واول مايفضى هايرن عليكي يطمنك.
تنهدت بثقل وهي تفرك يديها
يارب يافجر يارب .
أشفقت فجر على شقيقتها التي بدا على وجهها القلق جليا.. فغيرت دفة حديثها 
ماقولتليش صح ياشروق هي عمتك بتتعامل كويس معاكي .
اه طبعا عادي وايه اللي هايغيرها معانا مثلا
رفعت اليها عيناها فجأة تسألها بانتباه
صحيح يافجر هو انا ليه حساكي لازقة هنا في الأوضة وما بتخرجيش كعادتك .. تضحكي وتهزري معاها
لوت شفتيها وقالت بتوتر
عادي ياشروق يعني انا بس ماليش مزاج ثم ان
سميحة بنتها قايمة بالواجب معايا وبزيادة .. دي صدعتني بحكايتها مع جوزها وحماتها ام لسان طويل .
اشرق وجه شروق بالضحك
يعني عليكي ياغلبانة بس ماتنكريش ان ډمها عسل 
اومأت برأسها فجر بيأس
هي فعلا ډمها عسل بس رزلة جدا وزنانة قوي.. الا صحيح هي مش بتغلس عليكي زي انا 
نهضت من جوارها ترد بثقة 
هي مين يابت اللي تغلس عليا هو انا عندي وقت ولا مرارة للعيال دي زيك
ياجامد .
امال يابنتي 
قالتها بثقة وهي تفتح باب الغرفة فاتفاجأت بها أمامها
عمتي !
اعتدلت فجر منتفضة وهي تنظر نحو وجهها الباسم وهي تخطوا لداخل الغرفة 
ايوة عمتك ياروح عمتك .. انتي بقى عاملة ايه
لم تتعجب فجر من احتضان عمتها لشروق فالطالما كانت تعشق تفاصيل وجهها والتي تذكرها دائما بابنتها الفقيدة بهذا الشبه الكبير بينهم .. حتى برغم عشقها لفجر والتي تشك باستمراره الان بعد زواجها من علاء.. ولكن تظل مكانة شروق المميزة بقلبها طوال الوقت.. اجفلت من هذه النظرة الغريبة نحوها 
ابلة فجر .. مختفية ليه ياعروسة
ردت ببلاهة من توترها
هممم... مختفية ازاي بس ياعمتي ما انا موجودة اهو
ازداد اتساع ابتسمامتها الغامضة مما تسبب في زيادة قلقها ..والذي تحول لجزع وهي تستأذن من شروق للخروج من الغرفة.. كي تتركهم وحدهم .. جحظت عيناها
فجر وهي تشاهد شقيقتها تنسحب من الغرفة تاركة عمتها معها وحدها بالغرفة وتغلق الباب عليهم خلفها.. ابتعلقت ريقها وهي ترى عمتها تجلس بجوارها على طرف التخت.. تهز بأقدامها مع هذه الابتسامة الغريبة والملازمة وجهها.. ثم قالت
حابسة نفسك عني ليه من امبارح يابت 
اومأت بكفها على صدرها قائلة پصدمة
انا ياعمتي ليه بس بتقولي كدة
حدقت اليها بنظرة ذات مغزي .. جعلت فجر تخفض عيناها عنها باضطراب .. ولا تقوى على النظر اليهم .. وقبل ان تستمع لكلمة أخرى منها انتفضت من الصړخة التي اتت اليهم من خارج الغرفة.. بل ومن خارج الشقة نفسها ..خرجت وعمتها معها بجزع لترى الجميع خرج قبلهم نحو مصدر الصوت والذي كان صادرا من الشقة المقابلة لهم 
علاء .
صړخت بها وهي تسرع بخطواتها اليهم ..فرأت زهيرة المرتمية على الأرض مغشيا عليها ..وعلاء ابنها يحاول أفاقتها ووالدتها التى دنت هي الاخرى بجواره لمساعدته.. تسأل
في ايه يابني حصل إيه .
رفع انظاره اليهم جميعا بوجه شاحب هاربة منه الډماء
ابوس ايديكم ياجماعة حد يجي يفوقها ويراعيها .. انا عايز اللحق بسرعة اخرج واروح لاخويا
سألت شروق على الفور
ماله حسبن ياعلاء وانتوا ترحلوا فين
اطرق بوجه وخرجت كلماته بصعوبة
اخويا عمل حاډثة!
هذه المراة الصړخة خرجت من فجر .. جزعا على شقيقتها التي سقطت هي الأخرى مغشيا عليها!
..........................
بعد اقل من نصف ساعة تقريبا .. كان بداخل المشفي يعدوا مع شاكر وابنتيه بخطوات مسرعة ومتماسكة رغم.. رهبة الحدث .. وصعوبته بعد تمكنه من الوصل بمعجزة الى المشفى .. تاركا والدته المړيضة برعاية سميرة.. وصل الى قسم الإستعلامات بالقسم يسأل احدى العاملات 
لو سمحتي كنت عايزة اسأل عن حسين المصري وحودة عرفان.
ردت العاملة وهي تنظر بإحدى الدفاتر أمامها
اللي جم في الحاډثة حضرتك 
اومأ برأسه دون النطق ببنت شفاه 
ردت الفتاة بعملية 
حضرتك هما وصلوا في حالة صعبة اوي .. واحد في العمليات دلوقتي مع نخبة من الدكاترة تحت اشراف الدكتور عصام .
الدكتور عصام !!
ايوة حضرتك والتاني بقى 
سألها بتوجس ماله التاني
قالت بأسف 
للأسف تعيش انت .. والبقاء لله.
....
الإنتظار وما أمرها من كلمة.. حينما يتعلق الأمر بأعز أحبابك.. وانت مسلوب الإرادة.. قليل الحيلة نحو ما تتمناه وترجوه من الله في هذه الأوقات العسيرة.. هي مجرد لحظات او اوقات تفصلك عن المعرفة.. ولكن مع شدتها ومرارتها تمر عليك وكأنها دهرا كاملا من العمر.
جالسا محله على إحدى المقاعد المخصصة للزوار في المشفى.. من وقت أن سمع الخبر وأتى الى هنا بخطوات مسرعة بجوار غرفة العمليات منتظرا.. وهو على وضعه هذا.. منكمش على نفسه بالمقعد الذي يبدوا وكأنه التصق به.. فلم تقوى اقدامه على حمل جسده.. يبتلع في ريقه الذي جف من الخۏف وهو يردد بلسانه الأيات والأدعية.. علها تساعده على الثبات وفك الكرب.. شعر بكف العم شاكر وهي تطبق على كتفه بمؤازرة .. فالقى نحوه نظرة خاوية قبل ان ينقلها سريعا نحو محبوبته الجالسة أمامه بصف اخر للمقاعد بقلب ملتاع وحزين تؤازر هي الأخرى شقيقتها التي لم تجف دماعاتها بعد من وقت ان استفاقت من غشيتها وتحاملت
على نفسها كي تأتي معهم إلى هنا.. نقلت فجر انظارها نحوه والتقت عيناها بعينيه.. فالمتها هذه النظرة الضائعة منه لها ودت 
علاء يابني اخوك ماله
صدحت بصوت عالي بعض الشئ و مرتعش رغم خشونته من قلب للممر .. انتقلت نظرات الجمبع على صاحب الصوت والذي كان أدهم المصري.. يتقدم نحوهم بخطوات مثقلة و بملامح جزعة وكأنه ازداد في العمر سنوات أخرى.. يسير بجواره سعد! وهو يدعي مراعاة الرجل من السقوط !
نهض شاكر عن مقعده يتلقف صهره من يده ليجلسه ويطمأنه
إطمن ياحج أدهم ان شاء الله خير 
رد أدهم برجاء وهو يستسلم لسحب شاكر نحو الجلوس على اقرب المقاعد امامه
ابني ماله ياشاكر.. ابوس إيدك تقولي الحقيقة .
شدد شاكر على ذراعه وهو يجلسه 
ياسيدي طمن قلبك هو بس دلوقتي في اؤضة العمليات والدكاترة ان شاء الله يلحقوه .
نظر اليه أدهم بأعين ملتمعة وكأنه يلتمس منه الصدق قبل ان يتجه نحو ابنه الجالس بالقرب منه يخاطبه بتوسل
أخوك هايبقى كويس ياعلاء صح.. حسين جدع ومش هايرضى انه يزعلني ولا يتعب قلبي بالقلق عليه .
اومأ له علاء برأسه صامتا لايقدر على النطق ولو بكلمة قبل ان يرفع عيناه نحو سعد الذي ربت بكفه على كتفه بمؤازرة .. أومأ له برأسه وعاد ليطرق برأسه للأسفل وعاد لانكماشه.. تنهد سعد بصوت عالي يدعي الأسى وهو يجلس بجواره هو الاخر صامتا يواكب الحدث.. وجدها أمامه جالسة بجوار شقيقتها.. تبكي بحړقة وجهها الجميل البيضاوي مرقط بالإحمرار من أثر البكاء.. تنهد بداخله وهو يتسأئل عن فرصته معها الان وقد أوشك غريمه على الإنتهاء.. لقد رأى بنفسه حطام السيارة التي دهسها بالسيارة ذات الحمولة الثقيلة.. مشهدها ينبئ باستحالة
نجاة من بداخلها .. إنه حتى لا يدري كيف تمكن من التصرف بهذه السرعة.. انه لم يوقفهم وحسب.. لقد قضى عليهم جميعا وضړب ٣ عصافير بحجر واحد..
ولكن مهلا.. لماذا يشعر ان هناك شئ غير مظبوط!
استفاق من نشوته وهو يتذكر كلمات علاء الذي هاتفه باستغاذة لكي يخبر والده بخبر حاډث شقيقه مع الملعۏن حودة.. لعدم قدرته هو على الكلام ومواجهة صدمة أبيه .. ولكنه لم يذكرها! هل خجل ام تناسى ذكرها أمامه .. ابتلع ريقه بتوتر وقد اكتنفه شعور بعدم
الراحة.. نهض فجأة معتذرا من جوارهم .. وذهب فورا نحو استعلامات المشفى .. وقف امام الفتاة المنشغلة بالرد في الهاتف.. يطرق بقبضته على الخشب المثقول لتبيهها
لو سمحتي ياأنسة .
أشارت له بيدها لينتظر ولكنه ازداد طرقه بعصبية
لو سمحتي بقى أفضيلي .
حدقت اليه الفتاة بحدة وهي تزيح على الهاتف عن إذنها
نعم ياحضرت عايز إيه 
عايز اعرف عدد المصابين في حسين أدهم المصري
نفخت الفتاة بنزق وهي تتناول الدفتر أمامها تبحث.. ثم مالبثت ان ترفع رأسها قائلة 
هما اتنين بس اللي دخلوا المستشفى من الحاډثة دي ..واحد مټوفي والتاني دخل العمليات فورا بأمر الدكتور عصام اللي شافه اول واحد 
ردد بدهشة 
الدكتور عصام!! طب والبت 
سألته بحدة 
بت مين
قال وهو يشدد على أحرف كلماته
انتي متأكدة من كلامك ده
زفرت حانقة
حضرتك دا اللي مقيد عندي في الدفتر.. وانا ماعنديش رد تاني.. 
قالتها واستدارت برأسها تنهي الجدال معه و تكمل مكالمتها في الهاتف ..شتم بداخله صلف الفتاة معه وتجاهلها له.. قبل أن يتحرك مبتعدا وعقله يكاد ان ينفجر من التفكير متسائلا 
يعني هاتكون غارت فين بس بت ال...... دي .. اتخطفت يعني ولا داستها عربية تانية غيرها
زفر حانقا وهو يتحرك ذاهبا للإنتظار معهم خارج غرفة العمليات ونية العزم بداخله في ازدياد... لقد سار في طريقه ومهما كانت العوقب والصعوبات سيتخطاها كما.. وسيصل الى وجهته مهما كانت النتائج 
...............................
وبعد ساعات طويلة خارج غرفة العمليات.. حينما خرج اليهم عصام ومعه بعض الأطباء.. تسارعت نحوهم الخطوات حتى علاء انتفض اخيرا من جلسته يسأل بلهفة 
إيه الأخبار ياعصام طمني
ربت عصام على ذراعه يتكلم بإرهاق 
خير ياعلاء ان شاء الله.. خير .
يعني حسين حالته إيه دلوقت
خرجت من عدة افواه بأصوات متعصبة وقلقة.
تنهد يشير اليهم بكفيه ألاثنتان 
ياجماعة اهدوا كدة وافهموني ابوس إيديكم.. عملية حسين كانت خطېرة.. وانا مقدرش افتي ولا اتكلم دلوقتي بحاجة غير بعد ما نطمن عليه بعد ٢٤ ساعة.. يعني دلوقتي ارجوكم بس تكثفوا الدعاء الفترة دي عشان بس ماتحصلش تطوارت تعقد الموضوع معانا.
قال الاخيرة بصوت خفيض ومتوتر.. زادت من جزع الجميع ..وتابع هو
هما دلوقتي هايخرجوه على غرفة العناية 
صدرت اصوات شقات عالية .. فاردف هو بعجالة
ياجماعة ارجوكوا منكم ان تمسكوا نفسكم شوية وتحافظوا على ثباتكم عشان المرحلة دي حرجة وهاتبقى صعبة الجميع معلش يعني.. عن اذنكم .
قالها وتحرك على الفور متهربا من صعوبة الموقف .
سعد والذي كان شديد التركيز مع كل كلمة قالها عصام.. تكلم بخبث ليلهي عقله قليلا 
ودا ماله ده مش طايق يرد على حد فينا.. هو ماعندوش ډم البعيد عشان يحس بحړقة قلبنا على حسين .
خرج الرد من خلفه بحمائية من طبيب شاب 
مين حضرتك اللي معندوش ډم دا لولا الدكتور عصام ما لحق الحالة بسرعة.. لكان الله اعلم هايحصل ايه معاه.. ما انت لو شوفت الدكتور جوا في اؤضة العمليات وشوفت المجهود الجبار اللي عمله مكنتش اتكلمت من الأساس.
جز على فكه بغيظ وهو يرى رد فعل الجميع وهما يتأسفون للطبيب الشاب المدافع بتعصب عن رئيسه
.................................
بعد قليل 
وقف أربعتهم خلف الزجاج العازل لغرفة العناية المشددة.. بعد انسحاب أدهم المصري الذي لم يتحمل رؤية ابنه على هذه الحالة وتبعه شاكر القلق على صحة الرجل الكبير.. علاء و الذي طار ثباته في الهواء وتساقطت دماعته على رؤية شقيقه الغائب عن الوعي .. رأسه ملفوفة بالأربطة الطبية والتي احاطت العديد صدره و بعض اعضاء جسده الأخرى.. معلق بيده الانانبيب الطبية والموصلة بالأجهزة الحيوية .. كانت فجر تربت على ذراعه كي تدعمه بوجه مغرق بالدموع وبنفس الوقت محتضنة شقيقتها التي على نشيج بكائها الحارق ..تكلم سعد وهو ينظر بطرف عينه نحوها
مش كدة ياجماعة.. احنا لازم نمسك نفسنا شوية.. البكا مافيش منه فايدة.. كلنا قلوبنا محروقة بس لازم نتماسك.. هدي اختك ياابلة فجر .. لا تجرالها حاجة.. دي لساها صغيرة على ۏجع القلب.. ولا إيه ياعلاء .
مسح بكفه على جميع وجهه.. يجفف دماعته وينشد القوة وهو يرد 
عندك حق ياسعد احنا فعلا لازم نتماسك.. عشان انا عارف اخويا قوي وعنيد.. وان شاء الله مش هايخذلني ولا يخذل حبيبته.
عض بداخل فمه على باطن وجنته من كلمات علاء المستفزة ولكنه مضطر التصنع 
طبعا ياحبيبي امال ايه ربنا يطمنكم عليه..
مين فيكم اللي يخص المړيض
التفتت الرؤس نحو الرجل الذي تقدم اليهم بالحلة الرسمية يكررها
مين فيكم ياخوانا قريب المړيض
تقدم نحوه علاء يرافقه سعد الذي
يريد الإطلاع على كل شئ ! 
انا حضرتك علاء المصري اخو المړيض حسين المصري.
رد رجل الأمن بعملية 
طيب احنا كنا عايزين نسالك شوية أسئلة...
قاطعه بلهفة
قبل اي سؤال ياسعادة الباشا.. انا عايز اعرف منكم قدرتوا تقبضوا على اللي عمل كدة ولا لأ.
رد الرجل وهو يمط شفتيه ويهز رأسه بالنفي
للأسف احنا عرفنا من اقوال الشهود ان اللي قام بالحاډثة دي.. كان سايق عربية لنقلة خشب كبيرة.. جري بيها بسرعة.. ومن ارقامها الموصوفة عرفنا ان صاحب العربية بلغ النهاردة بسړقة عربيته .
يعني اللي عمل كدة كان قاصد اخويا بقى مش موضوع حاډثة عادية في الطريق.
خرجت منه هادرة حاړقة بأعين جاحظة پصدمة..
ابن ال...... وديني لادور عليه وما هارحمه.
ازدرد ريقه الذي جف بصعوبة من هيئة علاء الذي توحشت ملامح جهه وهو لم يراعي حتى وجود رجل الأمن امامه.. والذي رد كالعادة بتحذير 
بلاش كلامك ده يااستاذ علاء لا يعرضك للمسؤلية القانونية.. احنا اكيد هانوصل للفاعل وساعتها بقى القانون هاياخد مجراه.
اومأ علاء برأسه رغم عدم اقتناعه.. اردف رجل الأمن
طيب ممكن بقى تيجي معانا عشان نتأكد من صفة الشاب المټوفي في الحاډثة .
ود سعد لو يسأله بفمه عن الملعۏنة أمينة ووجودها في السيارة وقت الحاډث ولكنه لم يقدر.. وتابع مسيره مع علاء نحو ثلاجة المۏتى 
خرج من الحجرة الباردة يجر اقدامه للتحرك بصعوبة.. يكاد ان يشعر بذهاب انفاسه عن صدره.. من وقت ان رأى الفتى اليافع چثة هامدة واكد هويته لرجل الأمن.. رأسه تدور في السيناريو الأسوء لو كان شقيقه مكان الفتى.. ما اصعبه من أحساس وأخيه الان بين الخالق.. يدعو داخله بتوسل الى الله الا يحدث هذا وينجيه.. دماعته المحتبسة ټحرق مقلتيه وهو يدعي الثبات امام البشر المترقبة والمنتشرة في هذا المحيط.
ربت على ظهره سعد للمرة التي لاذكر عددها.. وهو يلقي بكلمات التهوين على اسماعه وهو يومئ له برأسه.. مقدرا شهامته وعدم تركه ولو لحظة في هذا الوقت العصيب!
أجفل فجأة على رسغ يده وهو يجذب بشدة من فتى صغير لا يتعدى عمره الثامنة عشر يخاطبه بوجه مغرق بالدموع والكلمات خارجة منه بصعوبة ما بين شهقاته
وحياة النبي ياعم علاء خليهم يدخلوني عشان اشوف صاحبي.. ماهم دخلوكم انتوا اهو.. هي جات عليا يعني.
سأله بعدم استيعاب
انت مين يا حبيبي ومين دا اللي عايز تدخلوا
انا
مازن ابن سيد صاحب مخبز العيش في الشارع اللي وراكم .. وصاحبي هو حودة.. حودة اللي كان مع عم حسين اخوك في الحاډثة.
اومأ برأسه متفهما قبل ان يرد على الفتى بإشفاق
يابني بس انت صغير اوي وهما مش بيدخوا اي حد وخلاص .
كلمهم ياعم علاء .. هما اكيد هايسمعوا كلامك .
رد عليه سعد ما بين اسنانه
ماقالك ياض انت صغير وهما مش بيدخلوا حد يعني لازم تكون قريبه او يخصك.. هي غلبة وخلاص .
تجاهله مازن عن قصد وهو يتناول كفه يود تقبيلها ولكن علاء رفعها على الفور مما اثار سخط الاخر.. فقال بتوسل 
وحياة الغالين عندك لا تخليهم يدخلوني.. انا راجل وهاتحمل.. يعني مش هاعملهم مشاكل ولا اجيب عليهم مسؤلية.. ربنا ينجيلك عم حسين يارب.
........... ............
بعد دقائق وبعد ان تمكن الفتى من اقناع علاء الذي تصرف مع عمال الحجرة اشفاقا على الفتى وتقديرا لرجولته رغم صغر سنه ووفاءه النادر لصديقه .. كان واقفا امام صديقه بشجاعة نادرة ومع ذلك ينوح بصوت عالي
صاحبي....... يا صاحبي......... هاتوحشني ياحبيبي..........والنعمة ما هنساك وهافضل فاكرك طول حياتي............
اخذ فترة يشهق بغير توقف .. قبل ان يكمل
اطمن ياحبيبي على خواتك البنات ووالدتك.... والنعمة ما هخليهم يحتاحوا لحاجة ورقبتي هاتفضل دايما سدادة في أي حاجة يحتاجوها....... وعد عليا ياحبيبي لاكمل اي طريق مشيت فيه لوحدك او مشيتوا انا معاك...... وانت عارف ومتأكد من صدق أي كلمة بتخرج من صاحبك..........صاحبك ياحبيبي .. ياحبيبي ياغالي.
حينما انهى اخيرا الفتي لقاء صديقه خرج يسير بداخل اروقة المشفى يكفكف دمعاته...وقد افرغ من ضيق صدره شحنة
كبيرة ببكاءه ...كان قد وصل الى القسم الموجودة به غرفة حسين.. حينما تلقى اتصال والدته
الو ياما ...... ربنا يرحمه يارب انا لسه مخرجتش من المستشفى............ياما والنبي انا ماڤيا حيل للكلام دلوقت .......... حاضر ياما مش هاتأخر ........... لا ياما انا مضمنش انا هارجع امتى عشان انا دلوقتي عندي شغل..........مافيش حاجة انتهت ياما بمۏت حودة... انا لسة شغلي ما وقفش!
قال الاخيرة وانظاره متجهة بتصميم نحو الجالسين بالردهة الواسعة في المشفى
................................
فتحت اجفانها لتبصر هذا الضوء الأبيض القوي .. تأن پألم من جميع جسدها .. تتناثر الاصوات كثيرة حولها دون توقف .. حركت رأسها بصعوبة نحو هذا التجمع الكثير لأناس تغدي وتروح ولا تعلمهم.. توقفت عيناها نحو المرأة الجالسة بالسرير الطبي بجوارها والتي انتبهت عليها هي الأخرى فقالت بحماس
ايه ده اخيرا صحيتي يابنت الناس.. حمد الله على سلامتك يااختي.
رفرفرت برموشها قليلا تستوعب اين هي.. نزلت انظارها نحو جسدها الممدد
على التخت الطبي.. تفاجأت بهذه الأربطة الطبية والملتفة حول ذراعها المستند فوقها .. فقالت بصوت متعب
هو انا من امتى هنا وليه حاسة بجسمي كله واجعني هو حصل ايه
ردت المراة وهي تقضم قطعة من الفاكهة التي بيدها وهي تتفحصها بتركيز
هو انا مش شايفة حاجة تانية متربطة في جسمك غير دراعك.. والباقي بس يدوبك خدوش في وشك وأكيد هايكون في منها كتير في جسمك.. وتلاقي دا اللي تاعبك.. بس انا سمعت من الممرضة ان عملية دراعك كانت صعبة واخدت شرايح ومسامير كتير.. دي العضم كان متفتفت حسب ما سمعت.. هي دي واقعة ولا حاډثة
اغمضت عيناها وقد اعادت المرأة بكلماتها كل ما كانت قد تناسته في غيببوتها المؤقتة.
وقت الحاډث
كانت في المقعد الخلفي ترجتف بداخلها من ما سوف يحدث معها على اثر هذه الاعترافات التي اعترفت بها بكل سهولة امام هذان الشخصان والذي علمت ان احدهم يكون شقيق علاء المصري .. تبكي بصمت وهي منتظرة حدوث الأسوء معها.. ورغم تسلميها من داخلها ان هذه هي النتيجة الطبيعية لخطئها.. ولكنها كانت ترتجف من رأسها حق اخمص قدميها.. الفتى الشاب يتلاعب في الهاتف مع هذا المدعو حسين
دا احنا كدة بالأعترافات دي ياحسين باشا هنوديه في داهية على طول من غير كلام .
رد حسين 
اهم حاجة عندي دلوقتي ياحودة ان اكشفه قدام والدي وعلاء المغشوش فيه وفاكره صاحبه كمان!
مصمص حودة بشفتيه
ونعمة ربنا انا عارفه من الاول وس...... عشان ياما شوفته مع نسوان لامؤاخذة ...ويجي قدام الناس يعمل نفسه شريف وابن اصول كمان.. ياخد اوسكار في السڤالة وقلة الأصل.
ضحك حودة وضحك معه حسين هو الاخر.. وكانت الاخيرة في كل شئ.. فقد وجدت نفسها امينة تنقلب من مكانها مع انقلاب السيارة والذي تكرر لعدة مرات مع صراختها وصراخات الجالسين بالمقاعد الأمامية حتى شعرت بالنهاية.. قبل ان يتوقف انقلاب السيارة اخيرا وتشعر امينة بأنها محتجزة في هذه المسافة وعدة الام لا تحمل بجسدها وذراعها اسفل جسدها وهي ما عادت تشعر به وكأنه تخدر وقتها ولم تعي مابه.. حتى انتبهت على الأصوات الكثيرة لبشر لاتعلمهم .. حتى شعرت بنفسها .. حتى أخرجوها من السيارة والأصوات تزداد في ترددها بكلمات الأسي على الشابين المغرقين في دمائهم بالجزء الأمامي من السيارة والذي نال النصيب الأكبر من الټدمير.. والقليل من يردد بكلمات أخرى على اسماعها بالقرب منها حتى استفاقت لتعي جيدا وضعها.. فهتف الرجل العجوز ومعه عدة شباب حولها
الحمد لله اهي واحدة فاقت .. عقبال الباقي يارب ..
ترددت كلمات اليأس من الشباب التي تحاول اخراج الشابين مع بعض الأدعية لنجاتهم حتى سمعت بأحدهم وهو يهتف بصوته
خلاص ياخوانا الأسعاف قريبة من هنا قربت توصل ومعاها البوليس ان شاء الله عشان يعاين.
بمجرد سماعها اسم الشرطة انتبهت بداخلها غريزة النجاة فقالت بتوسل للرجل العجوز 
ابوس ايدك ياعم روحني.. لو البوليس وصل انا هاتفضح.
قال شخص بالقرب من الرجل
تتفضحي ليه ياست هو انت عاملة غلط دي حاډثة.
بيدها السليمة تمسكت بقماش قميص الرجل العجوز
والنبي روحني ابوس ايدك.. انا ركبت معاهم بحسن نية لكن بقى لو الخبر اتنشر هايقولوا مرات فلان كانت مع جوز الرجالة اللي عملوا .. دا غير اني هادخل في سين وجيم كمان.. ربنا يستر على ولاياك يارب.
اقتنع الرجل العجوز فخاطب الشباب المشغولة في محاولاتهم الحثيثة لإخراج الجسدين المكومين في الجزء المدمر بالسيارة.
الست عندها حق ياشباب.. هي مش عايزة حد يجيب سيرتها ..انا هاخدها وواديها على اقرب مستشفى.
قال احدهم بعدم اكتراث 
خدها ياعم .. يعني هايبقى مۏت وخړاب ديار.
فقال الاخر وهو يرفع هاتفا محمولا بيده
طب التليفون دا بتاعك ياست ولا بتاع الشباب 
حدقت بالهاتف فتذكرت انه يخص الفتى الصغير والذي كان يتلاعب به.. يبدوا انه سقط من يده للخلف وقت ارتطام السيارة.. تذكرت تسجيلات اعترافها عليه .. فاأومأت له برأسها موافقة بدون تفكير.. وضعه الرجل على حجرها فقالت بتذكر لهاتفه الحقيقي والصغير والموجود بحافظتها
طب والنبي كمان هات البوك بتاعي دور عليه عندك هتلاقيه 
رجعت لحاضرها تتسائل بجذع امام المرأة
التليفون بتاعي و البوك الكبير خدوهم مني ولا راحوت على فين بس
لاحقتها المراة بالرد على عجالة
ياحبيبتي ماتقلقيش ..
انا شايفه الممرضة بنفسي وهي بتحطهم تحت المخدة في الناحية اليمن .
حمد الله عالسلامة ياامينة.. عاملة ايه دلوقت
اومأت برأسها صامتة دون رد.
فقالت الممرضة 
طب ياحبيبتي .. انتي ماتعرفيش حد قريبك بقى يجيلك ويشوف حساب المستشفى حكم الراجل اللي وصلك.. دفع جزء صغير من الحساب ومشي ومحدش شافه تاني .
سهمت بشرود ولم تنطق ايضا فكررت الممرضة
ياست امينة عندك حد تتصلي بيه يجيلك ماينفعش سكوتك ده.
توترت وهي تنظر لهاتف حودة بيدها قبل ان ترفع انظارها نحو الممرضة الشابة تسالها
انا
تليفوني فاصل شحن ممكن تتصلي انتي من تليفونك .
اخرجت الممرضة هاتفها من جيب سترتها فسالتها بعملية
اهو ياستي مليني الرقم وقوليلي اسم صاحب الرقم !
....
بمن تتصل بوالدتها التي تهتم بالفتيات الاتي تسرحهن في أعمالها المنافية أكثر من أهتمامها بابنتها ولو مر على غيابها بالأشهر! وما العجيب في ذلك فالفتيات سيعدن عليها بالمنفعة.. أما ابنتها المنبوذة عديمة الفهم كما تصنفها دائما فما الفائدة التي ستعود من ورائها لأول مرة تحسد الفتيات على أختصاصهم باهتمام والدتها دونا عنها. ام تتصل بسعد! منبع الفساد والسبب الأساسي في خطيئة حياتها وهي تعلم تمام العلم انه لن يمر اعترافها بسرهم الأكبر مرار الكرام.. وهي أدرى الناس بغدره وسواد قلبه.. اذن بمن تتصل وزوجها حبيس السچن واخواته الفتيات لن يعيرنها اهتمام ولو وجدنها حتى چثة مرمية أمامهم في الطريق سيتخطينها ويعبرن الطريق دون ذرة من ضمير حي منهم نحوها.. لم تدري بشرودها سوى من صيحة الفتاة الممرضة عليها
ياست أمينة..سرحتي في إيه بس ماتمليني أي رقم تعرفيه وخلصيني بقى.
انتبهت فجأة تجيب الفتاة وقد هداها تفكيرها بمن تتصل بها
طب اتملي الرقم اللي هقولك دلوقتي!
.....................
في المسجد الصغير والملحق بالمشفى الكبير .. كان جالسا مربعا اقدامه.. فمه لا يكف عن التمتمة بالأدعية والأذكار والمسبحة العقيق بيده..وكأنه انفصل عن العالم لصالح قضيته الأساسية.. وهي استجابة الخالق لدعواته بشفاء ابن قلبه حسين.. 
خاطبه شاكر والذي اتعبه ظهره من كثرة الجلوس
وبعدين يا أدهم ... هانفضل هنا لحد أمتى دي الدنيا ليلت علينا.
رفع إليه عيناه المضطربة يرد بكلمات بالكاد تسمع
روح انت ياشاكر.. انا مش متعتع من هنا غير لما ربنا يستجيب لدعايا وابني يفتح عنينه.
رد شاكر بغير تصديق 
ياابو علاء ماينفعش كلامك ده.. تعالى روح معايا ريح جتتك عشان تقدر تقف في الأيام الجاية .
قال بحسم رغم ألمه
مافيش أيام جاية ياشاكر ولا في راحة لجتتي طول ما أبني كدة بين الحيا والمۏت.. مافيش حاجة هاتريحني غير وانا بقربه وبدعيله مكاني ده..
رد شاكر بأسى
طيب لو فرضنا عمال المسجد سمحولك تبات هنا.. انت نفسك هاتتحمل نومة الأرض.
مش لو عرفت اغمض عيني من الأساس.. دا لو حصل يبقى زادت عليا نومة الأرض
قالها بصوت مبحوح من ثقل ما يشعر به وصورة ابنه في العناية المشددة التي لم يتحملها لا تفارق ذهنه.. انعقد لسان شاكر عن الرد ولم يقوى على الجدال مرة اخرى معه..فالمصاپ اكبر من طاقة الجميع.
..................... ...........
وبداخل المشفى كان علاء يتحدث مع سميرة في الهاتف ليطمئن على صحة والدته وبجواره فجر وشروق التي غلبها التعب وغفت على كتف شقيقتها 
يعني هي كويسة دلوقتي ياخالتي
وصله الصوت المضطرب
ان شاء الله تبقى كويسة يابني.. طمن قلبك انت.
طب اديهاني اكلمها
ماينفعش ياحبيبي الدكتور اداها حقنة مهدئة وهي نايمة دلوقتي.. ان شاء الله لما تصحى يارب نسمع خبر حلو عن حسين عشان تقدر تقوم وتيجي بنفسها.
يااااارب ياخالتي يارب
طيب ممكن تديني فجر لو قاعدة جمبك ياحبيبي .
اه ممكن طبعا.. اتفضلي أهي معاكي.
تناولت فجر منه الهاتف وردت عليها
ايوة ياماما.. ايه الأخبار
ردت سميرة بصوت خفيض حتى لا يصل سماعه الى علاء
الحمد لله يابنتي.. بس الست تعبت قوي معايا النهاردة بعد ما مشيتوا وهي تصرخ وعايزة تروح لابنها لحد أما وقعت من طولها.. ولولا الدكتور عطاها مهدئ.. ربنا العالم مش بعيد كان راحت فيها لاقدر الله .
هزت رأسها وهي تجاهد لعدم اظهار تأثرها وحزنها أمامه حتى لا تزيد من همه 
طب انتي اتصرفتي ازاي دلوقتي
والله يابنتي ماعارفة اقولك ايه عمتك الله يكرمها ساعدت معايا شوية في مراعية الست لكنها فجأة سابتني وخرجت قال في مشوار مهم لناس قرايبها رغم انها ماخدتش بنتها الرغاية معاها!
يعني هاتكون راحت فين يعني هي تعرف حد في البلد غيرنا
خرجت منها بهمس قبل ان تجفلها والدتها سائلة 
انتوا مش ناوين ترجعوا بقى دي الساعة داخلة على احداشر 
مش عارفة ياماما دلوقتي اصبري كده شوية.
بعد ان انهت المكالمة واعطته الهاتف.. خاطبها هو وقد فهم فحوى كلمات والدتها الاخيرة
على فكرة يافجر خالتي عندها حق ..انتوا اتأخرتوا فعلا ويدوبك بقى تروحوا ماينفعش قاعدتكم هنا لحد دلوقتي.
لم تسمع أي حرف من كلماته فقد كانت مأخوذة بهذا الألم المرتسم على وجهه وهو يدعي الثبات أمامها وامام الجميع.. دون ان تنطق ببنت شفاه اجفلته فجأة تتناول كف يده الكبيرة تطبق عليها بكفيها الصغيرتين.. تومئ له بعيناها وصوتها الدافى الحنون
خليك مطمن انه ان شاء الله هايبقى كويس وهايقوم من تاني على رجليه.
رغم دهشته من جرأتها وفعلتها الغير متوقعة.. غمره إحساس الراحة والسعادة المؤقتة رغم صعوبة الموقف . وكأنه بهذا التواصل البسيط بينها وبينه قد ضمن شفاء اخيه ونهوضه مرة أخرى على قدميه ..دون أن يدري اطبقت كفه الحرة على إحدى على كفيها الملتفين حول كف يده الأخرى.. .. في تعبيره عن امتنانه لها ولدعمها .. فخرج صوته بصعوبة
انا مش عارف اشكرك ازاي يافجر..
مجرد
احساسي بقربك جمبي في اللحظة دي.. خفف عليا كتير قوي وربنا.
التمعت عيناها بدموع تحاول جاهدة لمنع سقوطها أمامه فتفقده صموده حتى الان.
احم احم.. مساء الخير.
ارتفعت عيناهم الاثنان نحو عصام الذي تهرب بعيناه عنهم في رسالة واضحة لهم.. أشعرتهم بالحرج وقد استفاقوا اخيرا انهم جالسين في ممر المشفى وعرضة للنظرات الفضولية من البشر حولهم ..
خير ان شاء الله.. بس احنا لازم ننتظر مرور اربعة وعشرين ساعة على ما يفوق 
تدخلت فجر 
طب هو احنا لازم نصبر اربعة وعشرين ساعة ماينفعش يفوق قبل كدة
رد بتمني
والله ياريت.. بس دي فترة تقريبة عشان بصراحة لو مافاقش بعد كدة ممكن المدة تطول وماحدش فينا يعرف امتى دا هايحصل بالظبط.. انا بس بوضحلكم الصورة.
تمتمت فجر بالدعاء اما علاء فقد شحب وجهه خوفا ان يحدث هذا.. استيقظت شروق على اصواتهم ترفع رأسها على قول عصام 
انا مش عايز ازعجكم ياجماعة.. بس انا شايف انكم تروحوا ترتاحوا
شوية.. قعدتكم هنا مافيش منها فايدة
رد علاء بحمائية
انا مش متعتع من هنا غير لما اخويا يفوق.
يا حبيبي قعدتك مافيش منها لازمة...
قاطعه بحدة
بقولك مش منقول ياعصام .
ايه مالكم هو انتوا بتتخانقوا ولا إيه 
قالها شاكر الذي أتى إليهم .. فكان الرد من عصام الذي تنهد بتعب وهو يضع كفيه بجيبي سترته الطبية
انا بس بقولهم ان مافيش داعي لقعدتهم كدة وتعبهم.. ويروحوا دلوقتي يرتاحوا شوية.. فيها غلط دي
لا يابني مافيهاش غلط.. الدكتور بيتكلم صح.. قوم معايا ياعلاء يابني مش كفاية والدك اللي مرضاش هو كمان يسيب مكانه في مسجد المستشفى.
قالها شاكر بحزم وكان الرد من علاء ببعض اللطف
معلش ياعم شاكر اتفضل انت وروح البنات معاك.. عشان انا مش هاقدر اروح الليلادي خالص.
ردت شروق بانغعال
وانا كمان مش هاروح وهافضل جمب حسين .
رد علاء 
روحي انتي دلوقتي ياشروق وتعالي الصبح.. على الأقل انت هناك هاتاخدي فرصتك كويس عشان تصلي وتدعيلوا من قلبك .. دا اللي محتاجه مننا دلوقتي .
اقتنعت بكلمات علاء ونهضت لتذهب مع أبيها
شدد شاكر على ذراع علاء قائلا 
بإذن الله نيجي بكرة وتبلغنا انت بالبشرى ..ربنا يعينك يارب ويقويك.
اومأ له علاء برأسه.. القى شاكر نظرته نحو ابنته الأخرى التي ودت لو تعترض على ترك حبيبها وحده الان في محنته ولكن منعها الحياء .. فنهضت بصعوبة وعيناها لا تترك عيناه الملاحقة لها حتى ابتعدت. 
عصام والذي كان مراقبا بسعادة بداخله استقرار صاحبه وعثوره على الحب اخيرا بعد!
استفاق يجلي من رأسه الچرح القديم فقال مخاطبا صديقه القديم
انا كمان مش هاسيب المستشفى الليلادي ياعلاء.. لو عوزت اي حاجة مني انا في مكتبي قريب من هنا..
...............................
يابت بطلي هبل واهمدي شوية كدة على ماشوفنا إيه أخرتها .
تفوه بها وهو يسير في طرقات المشفى.. وصله صوتها المرتعش في الهاتف
يعني اصبر لحد امتى بس لما يفوق وبقى ويفضحني قدام أبوه دا كان أدهم يدبحني.. ولا انت مش عارفه
عارفه اكتر منك ياختي.. دي عشرة عمري كله مش سنة جواز زيك.
طيب لما هو كدة عايزني استني تاني ليه دا انا بمۏت في الدقيقة يجي مية مرة وانا مستنية في اي وقت الاقي ادهم دخل عليا يبلغني ان ابنه فاق وعرف الحقيقة منه.
زفر متأفافا قبل ان يرد
مش هايلحق يانيرمين.. وخليكي متأكدة من كدة ..عمليه دماغه دي صعبة يعني على ما يقدر يفوق عايز وقت وانا بقى في الوقت ده هاعرف اللحق واتصرف .
تكلمت بعد ذلك عدة كلمات لم تصل لذهنه فقد تشتت عقله برؤيتها في الناحية الأخرى تسير مع والدها وشقيقتها نحو الخروج من المشفى ..تنهد بثقل وهو يمني نفسه بقرب الوصول اليها حينما يتخلص من غريمه.. اجفل على صړخة في أذنه
روحت فين ياسعد انا بكلمك
اخرج من فمه سبة قبيحة لها قبل ان يرد عليها من بين اسنانه
وطي صوتك ياهبابة انتي.. ولا انتي عايزة تفضيحينا قال ماشافهومش وهما بيسرقوا شافوهم وهما بيتخانقوا.
ما انا بصراحة خۏفت لما انت مرديتش عليا .
لا ياختي ماتخافيش واطمني.. المهم بقى كنتي بتقولي إيه
كنت بسألك.. معرفتش بقى الزفته امينة راحت فين
اخرج سبة اخرى 
بت ال...... دي كأن الأرض انشقت وبلعتها.. وانا هاتجنن عشان اعرف مكانها.
الف سلامة عليكي ياحبيبتي والنبي دا انا مقدرتش اتحكم في أعصابي من ساعة ما سمعت من البت الممرضة باللي جرالك.
اومأت لها بابتسامة باهتة على وجهها الشاحب وهي مستلقية على التخت الطبي والجالسة على طرفه الأخرى
تشكري ياحبيبتي.. ربنا ما يحرمني منك .. ومعلش يعني ان كنت تقلت عليكي في حساب المستشفى .. ما انا بصراحة مالقتش حد غيرك ابلغه بمصېبتي وباللي جرالي.. ما انتي عارفة اللي بيني وبين والدتي بقى.
قالت الاخيرة بخزي اثار اشفاق الأخرى والتي ردت
عارفة ياامينة من غير ما توضحي.. انا وانتي غلابة زي بعض والدنيا لطمتنا ياما .. الا قوليلي صح.. هي حادثتك
دي كانت في ايه بالظبط عربية صدمتك ولا حاجة تانية
انكرت على الفور 
لا طبعا عربية إيه بس دا انا كنت دايخة وانا بنزل سلالام المترو وفجأة ياختي وقعت متخرشمة ماحستش بنفسي الا هنا بعد ما ولاد الحلال جابوني ودفعوا جزء من حساب العملية 
اه يا حبيبتي الف سلامة عليكي يارب.. ينعل ابو الفقر اللي بيبهدل فينا كدة.. بس كمان الحوادث دي بتبقى قضاء وقدر من عند ربنا مالهاش دعوة بغني ولا فقير .. زي مثلا ابن الحاج ادهم المصري.. حسين اللي كتب كتابه امبارح .. النهاردة ياختي نسمع انه عمل حاډثة والعربية اتقلبت بيه مع واض غلبان من حارتنا اسمه حودة مسكين ياعيني بيسعى على رزق امه واخواته البنات الصغيرين بعد ما اتوفى ابوه وساب واحدة فيهم كانت يدوب حتة حمرا.. اهو ماټ هو كمان وسابهم ..ادي حال الدنيا بقى .
دون ان تشعر تساقطت دماعتها بأسى على الفتى الصغير الذي رأته بنفسها في أصعب اوقات شدتها وكان مع الشاب الاخر مصدر ټهديد لها وذهب في غمضة عين.. انتبهت عليها الأخرى 
امينة.. هو انتي بټعيطي ياختي يقطعني ياحبيبتي عشان نكدت عليكي وانتي فيكي اللي فيكي.
مسحت بابهامها على وجنتيها وسألت
طب و الشاب التاني يالبنى اخباره ايه بقى
لا ما التاني كمان حالته حالة.. خرج من اؤضة العمليات يدوبك من تلت اربع ساعات كدة .. وبيقولك حالته خطېرة وهو دلوقتي بين ايدين ربنا بس اللي قادر ينجيه..
مصمصت بشفتيها واصدرت بفمها اصوات استهجان وهي تتابع
لا وايه ياختي مضړوبة الډم نيرمين اللي هي مرات ابوه ولا باين عليها خالص.. طبعا وهي هايهمها في إيه كانت امه يعني دي تلاقيها فرحانة ان هاتنزاح نمرة من اللي هايشركوها الورث في يغمة الراجل الكبير جوزها.
قطبت حاحبيها وهي تتمتم مع نفسها الأسم نيرمين وعقلها تصدر بداخله اشارات الإرتياب والتحذير .
اجفلتها لبنى 
انت سرحتي في إيه ياامينة
ردت منتبهة
لا ياحييبتي مش في حاجة مهمة يعني.. بس انتي ماقولتيش جيبتي فلوس المستشفى منين اوعي تكوني بلغتي سعد او حتى والدتك لا تقول له هي كمان
لا ياحبيبتي ماتخافيش انا عملت زي ما نبهتي عليا بالظبط.. ماردتيش ابلغ مخلوق .. وان كان على حساب المستشفى فانا اتصرفت من فلوس جمعية كنت قبضاها قريب.. والحمد لله انها حكومي يعني الدفع فيها حاجة رمزي .
تسلميلي ياغالية ربنا ما يحرمني منك .. انا بس اقوم على رجلي وهاتصرفلك فيهم.. بس وغلاوة النبي عندك ماتبغلي حد بحادثتي حتى امي نفسها .. مش مضمونه.
تمتمت الاخيرة من غير صوت وهي تعنيها تماما.
.............................
نظر نحوه وهو يتقدم بخطواته اليه قائلا 
رجعت تاني ليه يابني بس 
رد عليه بابتسامة وهي يقترب ليجلس بجواره
امال يعني عايزني اسيبك لوحدك هنا دا انا حتى ما يجنيش نوم !
رد علاء بتأثر 
ياحبيبي ما انت واقف معايا اليوم كله كان واجب برضوا تريح
جتتك شوية وتيجي الصبح.
تغيرت ملامح سعد بحمائية مصطنعة 
ليه بقى هو انا غريب دا حسين دا يبقى اخويا الصغير .. يعني مصابك مصاپي ولا ايه رأيك ياعم علاء
اومأ برأسه اليه بامتنان قائلا
طبعا ياحبيبي اخوك امال ايه ربنا يقومه بالسلامة يارب عشان يشكرك بنفسه
بابتسامة جانيية متهكمة غفل عنها علاء 
لا ياسيدي انا مش عايز شكر انا بس عايزوه يقف على رجليه من تاني .
ربت علاء على فخذه والټفت للأمام وهو يتمتم بالدعاء
يااارب يااارب.
تمتم هو الاخر بصوته قبل ان يسأل علاء
في اخبار جديدة عن صحته او حد طمنك بأي جديد.
حرك رأسه بالنفي وكلماته تخرج بصعوبة
عصام بيقول انه في ظرف اربعة وعشرين ساعة لو مافقش يبقى لاقدر الله حصل الأسوء ودخل في غيبوبة وساعتها يبقى الله اعلم هايقوم منها أمتى 
رد متحاملا على عصام 
ماتكررش الكلام دا ياعلاء..اخوك ان شاء اكيد هايقوم منها .. لهو افتكر نفسه دكتور صح دا كمان دلوعة امه اللي ورث مستشفى عالجاهز .
الټفت اليه علاء محدقا باندهاش مما اثار ارتباك الاخر
بس عصام دكتور بحق ياسعد .. ولا انت نسيت كلام الدكاترة زمايله عن اللي عمله مع حسين
قال بتوتر متهربا بوجهه عن اعين علاء الثاقبة نحوه
لا طبعا مانستش.. بس انت قولت بنفسك .. زمايله او بمعنى اصح اللي شغالين عنده.. ومين يشهد للعروسة
حينما ظل علاء صمته تابع 
انا قولتلك سابق قبل كدة.. لا يمكن هاسامح البني ادم ده على اللي عمله زمان ولو انت صدقت براءته .. فانا ياحبيبي ماصدقتش.. دا لساتوا بتاع نسوان بدليل نظراته النهاردة ناحية البنات......
بس ياسعد..
قالها بمقاطعة حادة انهت الحديث بينهم .. ليشيح علاء بوجهه عنه ويستمر على وجومه هذا لفترة استمرت لقرابة الساعتين والاخر جالس بجواره صامتا ..يترقب لحظة غفوته .. والتي لم تأتي ولكنه نهض فجأة قائلا
انا تعبت من كتر القعدة وعايز اصلي ركتين تهجد لربنا.
رد عليه بحماس مستغلا الفرصة
طب انزل ياحبيبي على مسجد المستشفى وانا هافضل مكاني مستنيك. ولو في أي جديد هابلغك.
اومأ اليه برأسه وقبل ان يتحرك شدد
عليه
ارجوك ياسعد والنبي.. تبلغني على طول حتى لو الخبر تافه.
طبعا ياحبيبي من عنيا.
كاد قلبه ان يرقص فرحا وهو يتابع ابتعاد علاء حتى اختفى .. تحرك بخطواته يمينا ويسارا يتتبع حركة البشر في هذه الساعة المتأخرة من الليل.. حتى اطمئن لهدوء المنطقة التي يريدها.. سار بحرص حتى دلف لغرفة العناية المشددة ينظر بتشفي نحو المستلقي بداخلها على التخت الطبي وهو بين الحياة والمۏت.. تبسم بزاوية فمه وهو يخرج حقنة من داخل جيب بنطاله .. جهزها حتى امتلئت بالهواء واقترب يبحث عن وريد بجسده متاح حتي يتمكن من ايقاف الډماء عن المخ والقلب وينهي مهمته اخيرا بمۏته .. وجد اخيرا ساعده الأيمن خالي ويصلح للبحث.. بمجرد ان دنى برأسه تفاجأة بضړبة قويه بشئ ثقيل وقوي وقبل ان يتمكن من رفع رأسه بوغت
بأخرى اسقطته ارصا وقد اظلمت الدنيا بعيناه ولم يشعر بعدها بشئ !
... 
لقد أقسم ان يكمل المشوار.. اقسم الا يكرر خطئه مرة اخرى بعد ان سهى قليلا عن مراقبته وفوجئ بعدها بفاجعة الحاډث الأليم.. والذي راح ضحيته صديق عمره وبقي حسين وحده بين يدي الله في صراع البقاء.. هو لايعلم الحقيقة كاملة ولكنه يعلم جيدا بحقيقة هذا الثعبان ذو الواجهة الناعمة من كلمات صديقه الراحل وبما لمسه هو نفسه اثناء مراقبته طوال الأيام السابقة.. قبل ان يغفل عنه لدقائق فقط عند محطة الوقود .. حينما ابتاع بعض الأشياء من محل البقالة الكبير والملحق بالمحطة.. متكلا على دلوف السائق المرافق له في غرفة المراحيض العامة.. ليخرج بعد ذلك ويفاجأ باختفاء السيارة الكبيرة واختفاءه معها وظل فقط السائق الذي كان يسب ويلعن بأفظع الشتائم .. حتى تحدث في الهاتف وهدئ بعدها وكأن شيئا لم يكن.. وقتها فقط شعر بالخطړ.. هذا الخطړ الذي رأه بعد ذلك بعيناه وهذا الثعبان يتسحب بقدميه ناحية غرفة العناية في هذا الوقت المتأخر من الليل ورأسه تدور يمينا ويسارا بدليل واضح على سوء نيته.. مما جعله يترك موقعه بوسط الدرج الرخامي والذي جلس يستريح عليه اخيرا.. بعد رحلة تهروبه من عمال المشفى بين الطوابق.. سار بخفة خلفه ليتبع خطواته.. ثم توسعت عيناه بجزع وهو يراه من خلف الحاجز الزجاجي وبيده الحقنة التي كان يملؤها بالهواء.. توقف عقله عن التفكير بأي شئ سوى إيقاف هذا المچرم.. ليجد نفسه يتناول سلة القمامة الوحيدة التي وقعت عليها عيناه وقتها.. وعلى اطراف أصابعه سار بداخل الغرفة التي دلفها وبعزم شديد رفعها في الهواء ليضرب بقاعدتها القاسېة على خلف رأسه وتبعه بضړبة أخرى اقوى من سابقتها ..اسقطته مغشيا عليه قبل ان يتمكن حتى من رؤيته.. بصق بفمه مخرجا سبة وقحة قبل ان يقترب من حسين فخاطبه بلهجة حازمة ولوم
ماتقوم بقى ياعم حسين وفوق عشان ترجع الفيران دي لحجورها من تاني ..قوم بقى وكفاياك ياعم .
ثم دون أي كلمة اخرى أخرج سلة المهملات سريعا ليضعها قرب الباب ثم سحبه من اقدامه ليخرجه منها نهائيا وتركه بالردهة الصغيرة خلف الغرفة بعد ان تناول الحقنة ووضعها بجيب سترته.. خطا سريعا عائدا لمكانه وسط الدرج في انتظار من يأتي . 
لم يشعر بدخول الهواء داخل صدره سوى بعد ساعة تقريبا من الزمن بعد أن رأى الفتاة الممرضة وهي تتقدم نحو الغرفة والتي خرجت بعدها بقليل مهرولة بجزع لتأتي ببعض العمال واصداقائها الممرضات . 
...........................
حينما عاد علاء من صلاته التي وصلها بصلاة الفجر تعجب من مجموعة البشر الملتفة حول شئ معين.. شعر بالخۏف يجتاح قلبه وهو يسرع بخطواته حتى وصل اليهم.. ابعد بيده اثنان من الأشخاص وهو يسأل بتوجس
في إيه إيه اللي حصل
تفاجأ بسعد والذي ارتفعت اليه عيناه غريزيا إليه وإحدى الممرضات تطبب له رأسه وتربطها بالشاش الطبي.
سأل علاء بجزع وهو يحدق لهذا الچرح الواضح خلف رأس سعد 
إيه عورك كدة حصلك إيه بالظبط ياسعد 
اعوج فمه وهو يطرق برأسه بإحباط بعد فشل مخططه وتكلفت إحدى الممرضات بالإجابة
الاستاذ صاحبك لقيته مرمي جمب غرفة العناية المركزية بتاعة المړيض اللي يخصكم .
توسعت عيناه پصدمة وهو يتسائل بعدم استيعاب
ازاي يعني انا مش فاهم حاجة.. وقعت على دماغك يعني ما ترد ياسعد .
سبقه احد العمال برد متحذلق
وقع دا إيه دا شكله خد ضړبة شديدة على نفوخه من ورا.. ولا انت مش واخد بالك يااستاذ من مكان الإصابة فين
حدق علاء بتفحص نحو ما أشار الرجل على رأس سعد في الخلف مكان الإصابة وبأطراف اصابعه حركها قليلا فصړخ عليه سعد 
اااه ما بالراحة ياعلاء أخي.. انت مش واخد بالك من التعويرة.
معلش ياعم اسف..بس انا كنت بشوف حجم الإصابة.
هم ليرد عليه مرة أخرى ببعض الكلمات التي تظهر حجم ضيقه ولكن احتدت نظراته فجأة نحو هذا الذي أتى اليهم
لاهثا يسأل 
الف سلامة عليك ياسعد.. هو انت اللي حصلك دا حصل أزاي
اظلم وجهه وهو ينظر اليه بأعين مشټعلة واشارات الشك برأسه تدور نحوه..
ثم من دون أن ينطق ببنت شفاه نهض يتجاهله وهو يخاطب علاء 
انا رايح الحمام .
ذهب على الفور امام نظرات التعجب من الإثنان والصمت الذي قطعه عصام
انت معرفتش ماله
هز علاء راسه نافيا
لا معرفش انا واصل حالا لإني كنت بصلي الفجر في الجامع اللي تحت .
وانا بصراحة عيني غفلت على كنبة المكتب و... 
لم يكمل جملته وذلك لأنه تفاجأ بأحد ألأشخاص من إداري المشفى يستأذنه
دكتور عصام لو سمحت ممكن كلمة.
استأذن ليذهب للرجل من علاء الذي عاد للجلوس على مقعده من الأمس في انتظار إفاقة شقيقه.. ليضاف إليه ايضا انتظار سعد ومعرفة ماالذي أصابه
..............................
بداخل غرفة المراحيض الخاصة بالمشفى وقف امام المرأة الكبيرة المعلقة بالحائط يغسل بحرص من ماء الصنبور على جانبي وجهه اثار الډماء التى نزلت على رقبته و لوثت قميصه ايضا.. وحريق مشتعل بداخله مما حدث له منذ قليل وأجهض خطته وما كان ينتوي فعله .. عقله يشير نحو هذا العصام ولكن مع مساحة قليلة من التفكير.. ان كان هو بالفعل فما الذي منعه من كشفه امام علاء بل وفضحه أمام المشفى جميعها أيضا وهو مديرها وله السلطة بالقبض عليه وتسليمه للشرطة.. إذن فمن هذا الذي فعلها من الذي رأه واكتفى بضربه فوق رأسه
فجأة انتابه شعور الخطړ الكبير وقد ذهب منه إحساس الأمان بداخله لغير رجعة .. ولابد من التصرف!
..........................
حدق بالشاشة امامه لدقائق بأعين متسعة قبل أن يتجه بأنظاره نحو هذا الفتى الصغير.. والواقف بجوار رجال الأمن بثقة وعدم خوف من نتائج مافعله.
ايه ده إيه ده إيه يابني ده جبت الجبروت دا منين عشان تعمل دا كله لوحدك ولا انت معاك شريك 
أجابه بجرأة
انا لوحدي و معايش حد 
كمان !!
قالها باستهجان قبل أن يخاطب رجال الأمن وجميع الموجودين داخل الغرفة من موظفين بغرفة الكاميرات بالإضافة إلى رئيسهم 
وانتوا بقى كنتوا نايمين ولا إيه ظروفكم بالظبط عشان عيل زي ده يستغفلكم ويبات في المستشفى لا وكمان يجيب لنا مصېبة
دافع كبيرهم قائلا
يا دكتور عصام الولد زي ما انت شوفت بنفسك..كان بيتهرب من مكان لمكان وجسمه الصغير مساعده..لكن اهو قدرنا بالكاميرات نجيبه ونعرف مكانه.
توعدهم بحزم وهو يطرق بقبضته على خشب المكتب المثقل
ماشي ماشي خلي تبريرك دا لبعدين انت والبقية في التحقيق ان شاء الله .
وهما ذنبهم إيه عشان تجازيهم انا اللي غلطت تبقى تحاسبني أنا .
صاح بهى الفتى مما جعل عصام يفقد البقية من أعصابه
وانت كمان ليك عين ياولد انك تدافع وتتكلم بعد ماعملت مصيبتك لما كنت هاترتكب چريمة قتل بضړبك لسعد بالطريقة الغبية دي وفي نص الليل كمان .. ولا انت ماشوفتش شكلك في الكاميرا حالا وانت بتجره زي القتيل .
هتف حانقا
امال كنت عايزيني أشوفوه وهو بيحاول ېقتل عم حسين بحقنة الهوا واتفرج زي الأهبل بقى واقعد ساكت
قطب حاجبيه يسأله بعدم تصديق
ېقتل مين ياولد هو انت بتخرف ولا اټجننت
انا مابخرفش ولا اټجننت وادي الحقنة أهي وشوف بنفسك.
قال الأخيرة وهو يضع الحقنة پعنف على المكتب الصغير.. بعد أن اخرجها من سترته .. مما جعل عصام ينظر لها جاحظ العينين لعدة لحظات قبل أن يستدرك نفسه مخاطبا وكيل المشفى
نعيم اقفل علينا باب الأوضة دي حالا دلوقتي وانت يابني عايزك تشرحلي كدة وبهدوء انت بتقول إيه بالظبط عشان افهم 
................................
في منزل شاكر 
بداخل غرفتها وبعد أن ادت فرضها بصلاة الفجر استقامت فجر وهي ترفع معها سجادة الصلاة .. وفور ان استدارت اجفلت لوجود سميحة ابنة عمتها واقفة بجوار الباب .. خاطبتها وهي تخلع عنها رداء الصلاة الإسدال 
واقفة عندك ليه ماتدخلي .
تحركت بتثاقل لداخل الغرفة لتجلس بجوارها على التخت وهي ترد عليها 
انا بس مستغرباكي يعني.. امتى لحقتي تنامي وامتى لحقتي تصحي
ردت بابتسامة باهتة وهي تشد الغطاء عليها وتستند بظهرها على قائم السرير
يابنتي انا ملحقتش انام اساسا عشان اصحى دا احنا على ما وصلنا امبارح بالليل واطمنا على خالتي زهيرة كانت الساعة واحدة وعلى مادخلنا البيت وصلينا انا وشروق كانت الساعة مقربة على تلاتة.. بعدها بقى حطيت راسي عشان اعرف انام معرفتش أبدا أو يمكن أكون غفلت نص ساعة وماحسيتش بيها.. المهم اني قومت بدري ذي ما انتي شايفة كدة وصليت الفجر .. انتي بقى ايه اللي مصاحيكي بدري 
لوت شفتيها وهزت كتيفيها تقول
مش عارفة والنبي يابنت خالي.. ولا يمكن عشان نمت بدري امبارح لما لقيت البيت هس هس ومافيش حد غيري عشان اكلمه وابراهيم اخوكي قاعد على شاشة الكمبيوتر بتاعه في أؤضته.. قال وانا اللي قولت اني هاخد السبوع هنا معاكم رغي طول الليل والنهار .. قوم تيجي الحاډثة المنيلة دي.. عشان تعرفي بس اني حظي الزفت مرافقني على طول .. حتى هنا.
ردت عليها فجر برقة
ليه بتقولي كدة بس يابنتي ادعي انتي ربنا يعديها على خير وبعدها نرغي ونحكي معاكي للصبح.. بس انتي مقولتليش يعني..هي والدتك مباتتش معاكي امبارح ليه.
لا ياستي .. ماهي باتت مع
عمتي سميرة عند الستحماتك العيانة.. ربنا ياخد بإيدها يارب.. دي هي نفسها رجعت متأخر كمان يدوبك قبلكم بساعة.
قطبت بحيرة
قبلنا بساعة! ليه يعني واليوم كله امبارح قضته فين بقى
تنهدت بيأس قائلة
مقالتش يافجر ولو سالتها هاتقولي أي كلام .. امي اساسا اتغيرت من ساعة اختي ما اټوفت زيها زي ابويا .. بس على الاقل هي بتتعامل كويس معانا غيرش بس لما تفتكر اختي وتدخل اؤضتها وتقعد فيها بالساعات وماحدش فينا يقدر يقرب ولا يخبط عليها.. اما ابويا بقى فدا في ملكوت تاني .. دايما سرحان وضحكته مطفية .. حتى في عز فرحته بيا.. 
اخواتي الصبيان بيحبوا بعض عشان فاهمين بعض وانا بحس اني غريبة وسطيهم.. اصلها حلوة اوي لما تبقي اختك هي صاحبتك.. ياما كان نفسي يبقالي اخت اكبر ولا اصغر مني احكي واتحاكى معاها زيك انتي وشروق كدة.. على قد ما هي زي القطة النفرية لكن تتحب من اول قعدة..
ارتسم الحزن جليا على ملامح وجهها اشفاقا على ابنة عمتها الصغيرة التي حرمت من شقيقتها الكبرى والتي كانت لها هي قديما خير صديقة.. ربتت على ذراعها وقالت بحنان
انا صاحبتك واختك وحبيبتك ياستي.. مبسوطة بقى
تبسمت لها سميحة وهمت ان ترد ولكن استوقفها نداء شاكر من خارج الغرفة
يافجر انتي و سميحة انا سامع صوتكم.. و مدام صاحين يابنات اطلعوا ياللا حضروا الفطار عشان اللحق مشوار المستشفى .
................. ...................
لماذا لم يفكر فيه سابقا لماذا غفل عنه كل هذه السنوات في خضم بحثه عن الحقيقة.. متناسيا بكل غباء
الوجه الاخر لسعد الذي رأه هو فقط في عدة مواقف صغيرة اثناء دراستهم بالجامعة.. والتي كان يستغل فيها بكل حنكة ومسكنة
طيبة علاء وعاطفة الحماية نحوه.. كيف تمكن عقله الغبي من نسيان نظراته المكشوفة نحو فاتن حبيبة صديقه كيف صدقه حينما أنكر معرفته بأمينة الطرف الاخر في الچريمة وهو من أتى بها كيف غفل عن المستفيد الوحيد للتفرقة بينه وبين علاء وبين علاء وحبيبته السابقة فاتن!
سرحت في إيه ياسعادة الدكتور
استفاق من شروده ينظر بأعين شاردة نحو هذا الفتى الصغير الذي تمكن بشجاعته من كشف الستار اخيرا عن اللغز الذي أرق مضجعه لسنوات طوال .. مسح بأطراف اصابعه على ذقنه بتوتر وقال
بقولك إيه يااامازن ..مستعد انت بقى تشهد بالكلام ده قدام علاء أو الحج ادهم المصري
واشهد قدام المحكمة كمان لو حصل.. لهو انا جبان عشان اضيع حق اصحابي
اومأ برأسه له قبل ان ينتقل لوكيل المشفى المتبقي الوحيد معهم في الغرفة بعد أن اخرج جميع الموظفين
اسمعني يانعيم عايزك تراجع الكاميرات وتنبه على العمال ينتبهوا قوي على غرفة حسين في الايام اللي جاية وتاخد بالك من مازن وتجيبلوا فطار وتشوفله مكان يريح فيه و...
انا مش هافضل هنا انا عايز اخرج عشان اخد بالي من عم حسين .
قالها مقاطعا لعصام الذي هتف عليه حانقا 
بس بقى يابني وافهم ان المهمة دلوقتي بقت على المستشفى كلها.
فتح مازن فمه ليجادله مرة اخرى ولكن أوقفه طرق الباب وأحد الأطباء يهتف من الخارج 
يادكتور عصام حالة المړيض بتاع حاډثة امبارح الاستاذ حسين فاق من البنج !
...............................
في شقة علاء التي اقتحمتها شروق هاتفة بصوتها العالي 
خالتي زهيرة ياخالتي .. انتي فين ياخالتي زهيرة 
خرجت سميرة مجفلة من المطبخ وبيدها كوب زجاجي ممتلئ بإحدى المشروبات الساخنة 
مالك يابت بتزعقي كدة ليه 
ردت شروق بلهفة وهي تتجه نحو غرفة نوم المرأة وخلفها فجر ايضا
حسين فاق ياماما حسين فاق .
حينما فتح الباب فجأة وجدوا زهيرة واقفة بوسط الغرفة وهي مستندة بجسدها الضعيف على ذراعي عمتهم فوزية.. متسمرة بوجه رخامي وكأن سماعها للخبر من خارج الغرفة اصابها بالتخشب.. كررت شروق على مسامعها بهدوء 
حسين فاق ياخالتي زهيرة وان شاء الله هايبقى كويس .
هطلت دماعتها بغير تصديق وهي تنقل عيناها نحو فجر تلمتمس الصدق منها ..فرددت هي أيضا بتأكيد 
صدقيها ياخالتي زهيرة .. علاء اتصل بينا دلوقتي حالا وبشرنا وقال لنا نيجي كمان نبشرك عشان مستنيكي تيجي مع والدتي على هناك.. هاتقدري تيجي تروحي تشوفيه ياخالتي 
.. مسحت فوزية بإبهامها الدمعات التي سقطت متأثرة ببكائهن أما سميرة القوية دائما فكانت تكرر بكلمات الحمد مترافقة ايضا بسقوط دموع عزيزة قلما تخرج منها.
...............................
حمد الله على سلامتك ياحبيبي.. الف الف حمد الله على سلامتك .
اومأ له بعيناه ورد بصوت بالكاد خارج منه
الله يسلمك ياوالدي .
ردد خلفه بصوت خرج بارتعاش
ياحبيبي.. وحشني صوتك قوي يانور عيني ربنا مايحرمني منك يارب .
صدر صوت عصام من خلفه 
كفاية بقى ياعم أدهم عشان مانتعبوش اكتر من كدة.
رفع رأسه يرد عليه 
يعني ما ينفعش افضل دقيقتين كمان معاه
جاء
الرد من علاء والذي كان واقف من البداية متكتفا باستمتاع وهو يراقب ادهم المصري الرجل المهيب والمشهور بقوته.. وهو الان في اضعف حالاته بجوار شقيقه الذي استفاق اخيرا بمعجزة
ماخلاص بقا ياوالدي مش عايزين نبقى طماعين كفاية اننا اطمنا عليه .
تحرك ادهم مضطرا
عندكم حق انا مش عايز ابقى طماع و كفاية عليا انه فاق للدنيا والباقي بعد كدة يجي بالصبر .. الف حمد ليك يارب..الف حمد.
نظر علاء نحو أخيه قبل أن يخرج معهم فهمس اليه باسم حودة ..اومأ له بتوتر يرجوا الا يكشف كذبته
كويس ياخويا اطمن.. كويس ان شاء الله .
هم ليتهرب ولكنه همس بإسمها هذه المرة فأشرق وجه علاء ليطمئنه بابتسامة اعادت الډماء الى وجهه
اتصلت بيها ياعم وزمانها جاية في السكة مع فجر وابوها .. دي فرحتها بسلامتك ماتتوصفش 
.........................
بعد ان خرج الثلاثة من غرفته تنهد علاء ارتياحا ومعه والده الذي لم يكف لسانه عن الحمد .. أجفلهم عصام قائلا
طب ياجماعة انا كنت عايزكم تيجوا معايا على مكتبي في موضوع مهم .
تكلم ادهم بقلق
اوعى يكون في حاجة خطړ على حسين .
اسرع نافيا 
لا ياعم أدهم .. حسين ماشاء الله وضعه لحد الان كويس اوي.. بس انا كنت عايزكم في حاجة تانية خالص.
حاجة إيه يعني
خرج صوتها بتلجلج وارتباك لعدم توقعها فعلته هذه امام الجميع
الف...الف ..حمد على سلامة حسين .
انزلها مضطرا باستحياء حينما رأى هذه النظرة الحازمة من ابيها والذي ردد من تحت اسنانه 
حمد على سلامة حسين ياعم علاء .
ضحك أدهم يشاكسه والټفت هو لحبيبته التي زحف اللون الاحمر على وجنتيها وهي مطرقة عيناها للأرض بخجل فزجرتها شروق كالعادة تدفعها 
ودا وقته ده انا عايزة اشوف خطيبي .
عض على أسفل شفته غيظا وهو يكور قبضته نحوها مما اثار ضحكة عالية لأدهم فخاطبها مابين ضحكاته
قدمي لقدام شوية يابنتي مع والدك انتي وفجر واسبقوانا.. واحنا دقيقتين كدة وراجعين لكم .
تحرك شاكر ومعه ابنتيه نحو غرفة حسين .. وتحرك الثلاثة في رواق المشفى في اتجاه غرفة مكتب عصام الذي لم يكن منتبها لكل أجواء البهجة والمرح من حوله.. وسألهم 
امال سعد راح فين يا علاء اصل يعني مش شايفه .
هز بكتفيه يرد بعدم معرفة
معرفش .. فجأة اختفى في وسط المعمعة اللي حصلت لما الدكتور بشرنا بفوقان حسين .
تمتم عصام بداخله عليه بسبة وقحة وهو يتوعده
ماشي ياسعد ال..... حسابك جاي جاي.. هاتروح فين يعني
...... يتبع 
الفصل الرابع والأخير 
مضيقا عيناه ورأسه تتحرك بعدم استيعاب.. ملامح وجهه شاحبة وعيناه التي تتنقل ما بين الفتى وعصام وابيه.. تظهر بوضوح مدى صډمته في صديق عمره او ما اعتبره هو كذلك بغباءه.. خرج صوته اخيرا بتشتت 
انت بتقول إيه ازاي يعني وليه 
جاء رد مازن بعفوية
بقولك الا انت سمعته بنفسك ياعم علاء .. انا امبارح ضړبت اللي اسمه سعد وفتحت دماغه عشان اوقفه قبل ما يغز حقنة الهوا في دراع عم حسين وېقتله.
ازاي دا يعني وإيه السبب اللي يخليه يعمل كدة ولا انت عايز تألف من دماغك وخلاص
خرجت منه هادرة وكان الرد من مازن بقوة 
انا مبألفش من دماغي واللي بقولوا دا حصل ساعة ما انت نزلت تصلي في الجامع اللي تحت وسيبتوه هو لوحده و الدنيا ليل والحركة خفيفة في المستشفى.
كتم شهقته بكف يده الكبيرة على فمه وعيناه التي اتسعت بزعر.. تتحرك مقلتيه باضطراب وبغير هوادة ومازال هناك صوت بداخله يأمره بعدم التصديق فلا يعقل ان تكون هذه المعلومات حقيقية... قال بحدة 
انت كداب ياللا.. وانا مش ممكن اصدق أي حرف ولا أي كلمة قولتها.. الواض دا كداب ياعصام .. اطرده ولا مشيه أحسن.
زفر عصام بقوة وهو يشيح بعيناه عنه وكان رد مازن 
لا بقى انا مش كداب ياعم علاء.. الراجل ده مراقبه بقالي كام يوم بناءا على توجيهات عم حسين لحودة اللي كان هو كمان بيراقب شقته السرية مع البت عشيقته وواحدة تانية اسمها أمينة....
قاطعه پعنف صارخا
أمينة!!!
أيوة أمينة ياعم الحج.. دا الأسم اللي كان بيكرره دايما قدامي حودة صاحبي ويقولي ان البت دي عندها سر كبير وعم حسين مصمم يكشفه .
كمطارق من حديد... ټضرب فوق رأسه كلمات هذا الصغير والتي يلقيها امامهم بتلقائية دون الشعور بخطورتها.. انه يذكر أمينة وسعد بجملة واحدة وعشيقة سرية أيضا.. فما الذي يربط حسين معهم أيضا ولماذا يقدم سعد على قټله .
نطق اخيرا أدهم ذو الملاح المغلفة والغامضة باقتضاب
انت عرفت مين هي عشيقته 
لا ملحقتش اعرف مين عشيقته.. عشان ساعتها انا كنت براقبه عند محطة البنزين وكان هو راجع من دمياط لما اتصل بيا حودة وقالي انه خلاص هو وعم حسين هايكشفوا الحقيقة ونبه عليا اني اتصل بيه ابلغه قبل ما
يتحرك سعد والسواق بتاعه .. بس للأسف سعد هرب بعربية الخشب وملحقتش اللحقه......
نهض عن مقعده صارخا 
انت بتقول عربية خشب 
خلفه ردد أدهم بعد أن نهض هو الاخر وهو يضغط على حروف كلماته
انت متأكد من كلامك ده يامازن دا كلام يطير فيه رقاب
نهض هو أيضا يواجههم بثبات وهو يجيب
طبعا متأكد من كل حرف بقوله.. وحتى اسأل الدكتور عصام انا اديتلوا الحقنة اللي اخدتها من الكل...... ده قبل ما اخرجه زي القتيل من غرفة العناية بتاعة عم حسين
التف الاثنان نحو عصام الذي وضع بدوره الحقنة امامهم على سطح المكتب فقال وهو يومئ لهم بعيناه عليها
تقدروا تاخدوها وتتأكد بنفسكم من البصمات اللي عليها غير طبعا بصمات مازن .
تحرك ادهم پغضب أعمى يقول 
وانا لسة هاتأكد دا انا هسيح دمه ابن نشوى النهاردة .
خرج ذاهبا من أمامهم بخطوات مسرعة رغم كبر سنه .. علاء والذي لم تستطع قدماه على حمله سقط مڼهارا على مقعده 
يعني انا كنت مغفل طول السنين دي ياعصام وبغباء عقلي ادتلوا الفرصة النهاردة كمان عشان يكمل اللي بيعملوا ويخلص على اخويا طب ليه يعمل معايا كدة انا أذنبت معاه في إيه عشان يأذيني في أقرب ماليا ليه ياعصام ليه
ود عصام لو يخرج مابعقله من افكار واستنتاجات نحو هذا المدعو سعد او حتى يذكر علاء ببعض المواقف الصغيرة لهم بالجامعة والتي كانت تظهر بكل وضوح الخلل النفسي لهذا الشخص المړيض بحقده ولكنه أشفق على علاء.. فيكفيه هذه الصدمة الكبيرة فيمن اعتبره صديق عمره وجاره .. ويكفي ان انزاحت اخيرا غشاوة عيناه وليكتشف هو بنفسه بعد ذلك صدق ظنه .
.................................
عاد أدهم لحارته بغضبه الأعمى وقد امر رجاله بالبحث عن هذا المدعو سعد بكل الاماكن المعروف ذهابه اليها.. اما هو فتوجه مباشرة لمنزلهم القديم وحينما فتحت له نشوى صړخت مڤزوعة لدلوف رجاله داخل منزلها دون استئذان 
في إيه ياحج أدهم هاجم برجالتك علينا كدة مش تراعي ان البيت له حرمة
مال اليها برأسه بملامح وجهه المخيفة والتي لا تظر سوى لإعدائه 
بعد اللي عمله ابنك يانشوى .. ماعدتش ليكم حرمة عندنا في الحارة كلها .
خرجت اليهم لبني وهي تضع طرحتها على رأسها تسألهم پخوف 
إيه اللي حصل ياما دول حكومة دول ولا إيه.
تفاجأت بنظرة والدتها الجزعة وقد انعقد لسانها عن النطق فقال لها أدهم 
انا مش محتاج لحكومة يالبنى عشان اجيب حق ابني .. فاهمة يانشوى كلامي دا كويس ولا تحبي افهمك
رددت نشوى بتلجلج 
انت بس لو تفهمنا ياحج ادهم.. قصدك إيه بكلامك ولا عمايلك انت ورجالتك دي.. بدال ما احنا عاملين كدة زي الطرش في الزفة .
خرج فجأة رجال أدهم تباعا وهم ينفون وجود سعد بداخل المنزل .. مما جعل أدهم يهتف على المرأة بحدة
ابنك سعد راح فين يانشوى 
اجابت على الفور
والنعمة الشريفة
ما اعرف.
صمت محدقا بها بنظراته المشټعلة ببراكين الڠضب داخله مما جعل لبنى هي التي تجيب
سعد وصل عندنا هنا قبل ما تيجوا انتوا بساعتين بالظبط.. دخل اوضته عالسريع وخرج بعدها بشنطة هدومه واما سألته انا قالي انه مسافر.. بس ده اللي احنا نعرفه عنه ياحج ادهم وادي رجالتك فتشوا بنفسهم.. عشان تتأكد من كلامي .
ضيق عيناه وهو يخاطبهم بلهجة بطيئة ومرعبة بهدوئها
عايزك تبلغي ابنك يا نشوى .. انه اتكشف خلاص وان حسابه بقى مع أدهم المصري نفسه.. ان شالة حتى لو رجع لبطن امه من تاني برضوا هاجيبه واجيب حق ابني منه.. فاهماني يانشوى انتي وبنتك .. ياللا بينا يارجالة.
قال الاخيرة وذهب من امامهم تاركا لبنى ټضرب بيدها على صدرها وهي تندب 
يادي المصېبة عليكي وعلى ابنك يانشوى .. يامصيبتك السودة يانشوى.. هببت إيه يامنيل على عينك.. هببت في سنينك السودة .. يامصيبتك يانشوى .. يامصيبتك يانشوى.
تمتمت لبنى بداخلها
طول عمري عارفة ان نهايتك سودة ياسعد.. بس ياترى عملت ايه المرة دي عشان تقلب أدهم المصري بجلالة قدره عليك
............................. 
خرجت زهيرة من غرفة ابنها وهي مستندة على ذراعي سميرة وفجر التي خاطبتها بتحفيز
شدي حيلك ياخالتي زهيرة عشان خاطر حسين.. إيه هو انتي مافرحتيش بشوفته بقى
ردت زهيرة بصوت لاهث
فرحت ياحبيبتي طبعا و فرحت أكتر لما رد عليا.. بس برضوا قلبي بيتقطع عليه.. الواد مدشدش خالص ياعين امه.
قالت الاخيرة وهي على وشك البكاء .. ڼهرتها سميرة قائلة 
في إيه ياست انتي عايزة ټعيطي تاني ولا إيه دا بدل ما تحمدي ربنا انه قومهولك بالسلامة ونجاه
من المۏت لاقدر.
نظرت اليها بأعين لامعة 
الحمد لله ياحبيبتي على كل حال..بس انا والنعمة ما انا عارفة ارد جمايلكم معايا دي ازاي دا انا لو كان ليا اخت ماكانت هاتراعيني ولاتسهر جمبي زيك كدة ..انتي والست فوزية.
ردت سميرة بعتب
بس ياولية انتي بلاش تخريف.. ما انا اختك فعلا وبناتي هما بناتك بصحيح ولا انتي نسيتي ياختي
ابتسمت زهيرة قبل ان تقبل فجر من وجنتها وترد
انسى دا ايه بس دول عوض ربنا ليا بعد ماكنت
بتمنى بنت واحدة مع الولاد قوم ربنا يرزقني باتنين.. ربنا يتم فرحتي بيهم على خير يارب.
تكلمت فجر وهي تنظر امامها بقلق 
دا علاء اللي هناك ده ومال شكله كدة ما يطمنش
تمتمت الاخيرة بداخلها قبل ان تكمل بصوت عالي لهم 
طب اقعدوا انتوا هنا وانا هاروح اشوفه
ردت والدتها وهي تجلس زهيرة على اقرب المقاعد التي صادفتها
خليه يجي يروحنا بالمرة.. زهيرة مش هاتتحمل القعدة هنا .
عارضتها زهيرة
ليه بس ياسميرة هو احنا لحقنا نقعد 
شددت سميرة بقولها 
الدكتور منبه عليكي ماتجهديش نفسك.. خلينا نروح وترتاحي عشان نقدر نجيبك معانا بكرة تيجي تشوفي حسين ولا انتي عايزة ترجعي للرقدة من تاني وتنحرمي من شوفته.
حينما صمتت بيأس اعادت سميرة القول لابنتها التي تحركت نحو الذهاب الى حبيبها والذي كان جالسا في مقعده بجمود.. محدقا بالحائط الذي امامه وكأنه بعالم اخر.. حينما جلست بجواره لم يشعر بها وحين لمسته على ذراعه بيدها انتفض مجفلا فرددت باعتذر
اسفة ياحبيبي ان كنت خضيتك.
مسح بوجهه وهو يطرق برأسه ارضا 
معلش يافجر متأخذنيش ياحبيبتي.. بس انا بصراحة مجهد شوية وتعبان .
ربتت بيدها على ذراعه قائلة بحنان 
الله يكون في عونك ياحبيبي..انت من امبارح مانمتش ولا ارتحت دقيقة .. تعالى روح بقا معانا عشان تنام مدام الحمد لله ان ربنا طمنا على حسين .
هز رأسه باعتراض 
لا انا مش عايز اروح انا عايز اقعد اراعي اخويا .
قطبت مستنكرة 
تراعي فين تاني مش كفاية جوز البودي جاردات اللي جابهم عمي ادهم يحرسوه .. هو في إيه بالظبط ومين دا اللي هايئذي واحد تعبان وعامل حاډثة هو انتوا مخبين عننا حاجة
حدق بوجهها لحظات.. عاجزا عن النطق واخراج ما بقلبه من ألم وۏجع الخېانة التي طعنته في كرامته ورجولته من شخص اعتبره في أحد الأيام اقرب اصدقائه
سألته بقلق 
مالك ياعلاء وشك مخطۏف كدة ليه ياحبيبي إيه اللي تاعبك
اجفلها ناهضا دون الإجابة عن سؤالها.. فقال متهربا بعيناه عنها 
انا هاروحكم عشان ارتاح شوية زي ما انتي قولتي وكدة كدة انا بقيت مطمن على حسين دلوقتي.. بس انا مش شايف شروق يعني 
ردت بابتسامة متسلية
لا ماهي شروق قالت سيبوني خمس دقايق مع حسين قبل ما اخرج واروح معاكم 
بصوت ناعم كانت تردد بجوار رأسه وهو يستمع لها مغمض العينان 
وحشتني ياحسحس ووحشني كلامك الحلو.. كدة برضوا كنت عايز تسيبني والنعمة لكنت هجمت عليك وقطعت في جلدك بسناني .
ابتسامة رائعة انارت وجهه المكدوم وهو مغمض العينان غير قادر على مجارتها وهي تتابع بإغواء
بيقولوا عليك تعبان قال وكنت هاتدخل في غيبوبة طب بذمتك والنبي بجد كان هايهون عليك برضوا تسيب واحدة زي القمر كدة من غير ونيس.. طب والنعمة لكنت فتحت دماغك تاني بأي حاجة الاقيها قصادي عشان افش غليلي فيك وبالمرة اخليك تفوق ڠصب عنك.. ايه رأيك بقى
ازداد اتساع ابتسامته حتى تألم مصدرا صوت تأوه.. فرددت مسرعة بلهفة 
الف سلامة عليك ياحبيبي.. والنبي ما اقصد اتعبك.. بس انا بخرجلك اللي في قلبي بس.. عشان تعرف معاناتي وتعبي في اليوم اللي عادى عليا امبارح ده بطلوع الروح.
قالت الاخيرة بدلع كسابق كلماتها.. مما جعله يفتح عيناه اخيرا هامسا بتوعد رغم ضعف صوته 
طب والنعمة لاطلعه عليكي ياشروق .. بس افوق واقوملك .
صدحت ضحكتها تجلجل في محيط الغرفة الصغيرة.. ولكنها أجفلت على صوت علاء من خلفها
بتضحكي على إيه ياشروق اخويا تعبان الله يرضى عنك .
رددت وهي تحاول السيطرة على ضحكاتها 
خلاص ياعم انا خارجة اهو.. انا بس كنت بطمن على خطيبي حبيبي.. ولا اقول جوزي احسن بما ان كتابنا مكتوب..
ردد خلفها بسخط
ماتخلصي يابت الواد مش حملك وتعبان.. بدل ما يجي عصام يطردك بالزوق احسن .
هتفت بتذمر 
ماخلاص ياعم اديني خارجة أهو ..سلام ياقلبي .
الله يكون في عونك ياحبيبي .. لو تحب ممكن امنعها ماتيجي تزورك نهائي تاني البت دي عشان ماتتعبكش .. ايه رأيك بقى امنعها ماتيجي 
اشرق وجه حسين بابتسامة عريضة لمزحة أخيه الذي شعر بالسعادة لاستجابته للمداعبة ولوجوده حيا رغم كل ماحدث له بسبب غباءه في عدم كشف هذا الثعبان رغم كل المؤشرات التي كان يتعامى باختياره عن رؤيتها.. تنهد بعمق وهو يخرج خلف شروق وبداخله يصبر نفسه حتى يتعافى أخيه جيدا فيكشف له باقي الأسرار التى نوه عنها هذا الفتى المدعو مازن .
عاد أدهم لمنزله وهو يزفر متمتما بأبشع العبارات ڠضبا من عدم عثوره ورجاله على سعد الذي اختفى دون أثر .. لاعنا سوء حظه لعدم كشفه قبل ان يتمكن من الإمساك به في الوقت المناسب.. همس متعجبا من هدوء المنزل فهتف بصوته الجهوري 
نرمين .. يانرمين .. انت فين موجودة
ساوره الشك وهو يخطوا لداخل المنزل الكبير.. يتذكر انقطاع اتصالها به من وقت أن اخبرها بإفاقة حسين وطمأنها على وضعه.. انها حتى لم تكلف نفسها
عناء الذهاب الى المشفى لرؤيته ... هتف بصوت أعلى حتى خرجت اليه إحدى الخادمات من داخل المنزل 
ايوة ايوة ياسعادة البيه الهانم مش موجودة 
قال مستنكرا
نعم!! ازاي يعني مش موجودة هايكون راحت فين يعني الساعة دي
رددت الفتاة 
والله ما نعرف يابيه.. دا انا لولا اني كنت بوضب البيت وشوفتها وهي خارحة بشنطتها الكبيرة من باب البيت مكنتش انا كمان هاعرف .
شنطتها الكبيرة !!
صاح بها قبل ان يخطو مسرعا نحو غرفة نومه فوجد خزانة الملابس خاصتها مفتوحة لأخرها وتقريبا خالية من معظم ملابسها.. بحث بالصندوق الخشبي الصغير فصعق من خلوه من جميع مجوهراتها وبعض رزمات اوراقه المالية.. يابنت ال.....
خرجت سبته وهو يستعيد قول مازن برأسه عن اكتشاف حسين لشقة سعد وعشيقته وامرأة اخرى تدعى أمينة.. اتت برأسه الفكرة مع استعادة وجود السبب الرئيسي لمحاولة سعد الحثيثة لقتل ابنه وطمس الحقيقة .. پغضب حارق ذهب لضرفة ملابسه مخرجا من أسفل ملابسه المرتبة سلاحھ الڼاري يتأكد من خزانته المحشوة بطلقات الړصاص قبل ان يضعها بسترته خارجا مرة اخرى لرجاله ..مصدرا لهم تعليماته الجديدة 
..........................
بداخل غرفتها وبعد أن أنهت مكالمتها الهاتفية مع صديقتها سحر الساخطة من تصرفات والدتها وتعنت خطيبها في الضغط عليها للذهاب
ر متوقع امام الجميع وفرحة مشرقة بوجهه تسع الكون لاستفاقة أخيه وتحسن حالته وقت أن رأها صباحا وهي خارجة من المصعد ..ثم تبدل حاله مائة وثمانون درجة بعد ذلك وكأنه شخص اخر غير حبيبها.. انها حتى غير قادرة على الضغط عليه لمعرفة ما أصابه اشفاقا على حالته الغريبة في الحزن والأحباط.. ترى مالذي ازعجه لهذة الدرجة وافقده كل الوان الحياة
ممكن ادخل
اعتدلت مجفلة وهي ترى عمتها التي طرقت بخفة تستأذنها للدخول ودون انتظار اجابتها دلفت واغقلت الباب خلفها.. وهي تبتسم قائلة
المرة اللي فاتت برضوا كنت خاېفة وكأني هاخطفك ساعة مادخلت وقفلت الباب علينا.
ابتعلت ريقها وهي تجاهد لإخراج كلمات جيدة دون تلجلج 
ليه بتقولي كدة بس ياعمتي وانا إيه اللي يخوفني منك يعني
تبسمت بتسلية وهي تجلس بجوارها 
يعني لتكوني محرجة مني عشان شايفاكي هاتتجوزي الراجل اللي كان بيحب بينتي وهي كمان كانت بتحبه!
جحظت عيناها وانفرجت شفتيها بعجز دون النطق بكلمة واحدة ...وأكملت فوزية 
مش دا برضوا اللي مخليكي تستخبي دايما مني في اوضتك ولما تشوفيني قدامك تتهربي بعنيكي مني
اطرقت فجر برأسها وأسبلت عيناها غير قادرة على مجارتها.. أجفلتها فوزية 
ارفعي راسك يابت وحطي عينك في عيني.. هو انت شايفة انك عملتي حاجة غلط 
حركت رأسها بالنفي 
لا ياعمتي.. انا معملتش حاجة غلط وعلاء لو ما كنتش متأكدة من اخلاقه ماكنتش ابدا هوافق ارتبط بيه
سائلتها بجرأة
متأكدة من أخلاقه ولا انتي وقعتي على بوزك وحبتيه
حدقت بها قليلا قبل ان تتمكن من الرد هامسة 
بصراحة انا حبيته ياعمتي.. لكن يعلم ربنا اني عمري ما نسيت فاتن ولا لحظة واحدة من عمري.
سألتها 
يعني انت بجد لساكي بتحبي فاتن يافجر
اجابت بتأكيد 
طبعا ياعمتي وربنا العالم وشاهد على كلامي 
طب اثبتيلي يافجر انك بتحبيها .
اثبتلك .... اثبلتك ايه بالظبط ياعمتي
كررت فوزية بإصرار
لو بتحبيها بجد اثبتيلي .
رددت خلفها بتشتت
اثبتلك ازاي بس ياعمتي انا مش فاهمة حاجة!.
.....
بشبه ابتسامة خاوية تنظر للهاتف الذي يهتز بطنين اتصالاته والتي لم تعد قادرة على حصر أعدادها.. من وقت ان شحنته بالطاقة وعاد للعمل مرة اخرى.. مستقلية على جانب رأسها وجسدها تنظر اليه بحيرة غير قادرة على الرد وغير قادرة على قفل الهاتف.. وكالعادة اثارت تذمر المرأة جارتها في التخت المجاور
ياست أمينة ماتردي على التليفون دا اللي عمال هز قدامك بدال ماهو شغال يرن كدة عالفاضي .
زفرت ساخطة قبل ان ترد عليها 
في إيه ياستي بس ما انا كاتمة الصوت اهو ضايقتك في إيه انا
يابنتي
مضايقتنيش ولا حاجة انا بس مستغرباكي.. مدام انتي مش عايزة تردي ماتقفليه في وشه وريحي دماغك .. 
قلبت عيناها بسأم وهي تعتدل في فراشها تشيح بوجهها بعيدا عن المرأة.. والافكار المتوالية مازالت تعصف برأسها.. لاتدري ماذا تفعل الان في بداية الأمر كانت مصرة على عدم اطلاعه على معرفة مكانها ولكن الان وقد اقترب ميعاد خروجها من المشفى وهي لا تملك مأوى سوى بيت زوجها المعروف لعلاء وعصام فقد سبق لهم زيارته.. او بيت والدتها التي لم تكلف نفسها عناء الاتصال بها ومعرفة سبب انقطاع تواصلها معها.. فلا تجد سواه امامها ولكنها ايضا لا تضمن غدره وخسته.. فما العمل وهو شريكها والخطړ الذي يهددها نفس الخطړ الذي يهدده هو أيضا ..خصوصا بعد ان علمت من شقيقته عن اختفاءه و ڠضب أدهم المصري عليه وبحثه الحثيث عنه هو ورجاله .
صدح الهاتف مرة أخرى بورود مكالمته وكالعادة نظرت نحوه دون حسم امرها للرد أو إغلاق الهاتف.. ولكنها أجفلت
على قول المرأة بجوارها
تاني برضوا التليفون اللي بيرن.. الا بقولك إيه ياختي.. هو انتي مشغلة التليفون القديم دا ليه من الأساس وانت معاكي عدة جديدة باللمس وكبيرة
همم
قالتها بقلق وهي تتحسس بكفها تحت الوسادة هاتف حودة فتكلمت بعد أن اطمأنت لوجوده في مكانه
لا ما انا حاطة كل الأرقام المهمة هنا والتليفون الكبير سايبه بس للتصاوير والنت.. مش عايزة امرمطه احسن يبوظ بسرعة.
مصمصت المرأة تلتفت للأمام بعيدا عنها وتمتمت بصوت خفيض وصل لأمينة
قال مكالمات مهمة قال.. دا على أساس انها بتكلم حد تاني غير البنية اللي بتيجي هنا
عضت على باطن وجنتها غيظا من هذه المرأة التي تحشر أنفها في مالايخصها.. ولكنها تمالكت نفسها عن الرد فيكفي مايشغل عقلها في التفكير الان عن حل لهذه المعضلة العويصة معها.. اين تجد مأوى امن لها
.................................
وفي مكان اخر فوق سطح أحد الابنية وقد اتخذ مسكنه فيه بغرفة قديمة في إحدى زوياه منذ أيام .. كان واقفا مستندا بظهره على الحاجز الحجري ومازال ممسكا بالهاتف يحاول معاها في اتصالاته المتكررة بها دون رد حتى هتف بحدة ساخطا
ابو شكلك يابعيدة.. ماتردي بقى هي ناقصة قرفك 
ردت شريكة السوء التي كانت واقفة بجواره و مستندة بذراعيها على الحافة تنظر للمدينة الساكنة امامها 
لساها برضوا مش عايزة ترد عليك
قال من بين أسنانه
بت ال..... بتعملهم عليا وعايزة تشلني.. فاتحة التليفون وبتشوف الرنات ومع ذلك مابترودش وكأنها بتقولي اتفلق.
صمتت قليلا تاركة وجهها لنسمات الهواء الباردة مغمضة عيناها باستمتاع قبل ان تسأله بهدوء
طب وانت عايزاها تاني في إيه ما كل شئ انكشف خلاص وبان.. يعني مش فارقة .
الټفت اليها رافعا زواية شفته باستنكار
نعم ياست نيرمين.. شايفك يعني حاطة على قلبك مرواح وجيالي هنا تعملي جو لنفسك تتمتعي بهوا السطح ..ايه ياعين خالتك هو انت نسيتي المصېبة اللي انتي فيها ولا جوزك دا اللي قالب الدنيا عليا وعليكي ولا يوكنش الفلوس اللي سرقتيها منه يابت قوة قلبك
التفتت برأسها اليه تواجهه بحدة
يوه عليك ياسعد.. كان لازم يعني تفكرني بالهم اللي ورايا.. دا انا مصدقت انسى.
اعتلى ثغره ابتسامة متهمكة يقول 
تنسي!! طب لما تنسي انتي بقى ياحلوة.. ادهم المصري هاينسى هو كمان باينك عبيطة ومش دريانة بالمصېبة اللى احنا فيها. 
تنهدت ساخطة وهي تتكتف بذراعيها
اديني اتنيلت ومزاجي اتعكر بسببك عشان تستريح وماتقولش عليا عبيطة.. ممكن بقى ياابو العريف تقولي كدة.. انت ايه اللي في دماغك إيه بالظبط وليه مصر تلاقي امينة
تناول علبة سجائره من جيب بنطاله وعود صغير من علبة الثقاب ..اشعل به السېجارة التي وضعها في فمه ينفث دخانها عاليا في الهواء قبل ان يرد
اولا انا اللي في دماغي كتير اوي وصعب على واحدة زيك تفهمه.. ثانيا بقى وهو الأهم ..هو اني لازم الاقى امينة عشان اعرف منها هي قالت لهم إيه عايز اعرف الساعة اللي قضتها معاهم حصل فيها إيه بالظبط ماهو انا ماينفعش اسيب كل حاجة للظروف.. ثم ان ماحدش عارف.. مش يمكن الاقي طريقة تطلعني من كم المصاېب اللي
عليا دي وارجع فيها لبيتي وحالي ومالي.. مافيش حاجة في الدنيا مضمونة طول مالعقل شغال.
قال الاخير وهو يشير بسبابته بجانب رأسه.. لوت هي شفتيها بغير اقتناع ولكنها سألته
طب يعني على كدة انت ممكن تبرئني انا كمان بعقلك النور ده.
صدح ضاحكا بصوته العالي يقهقه ساخرا منها ..فقال بين ضحكاته
تتبرئي فين ياهبلة ههه وانتي هربانة بفلوس الراجل والدهب كمان ههههه
صكت فمها تشيح بوجهها عنه لكي تتجنب الرد على سخريته برد لاذع.. فأكمل هو ببعض الجدية بعد أن هدأت نوبة ضحكاته
على العموم انتي لازم تخلي بالك من نفسك وماتخرجيش كتير لحد الدنيا ماتهدى ونشوف لنا صرفة.. الا قوليلي صح انتي غيرتي من اللوكاندة اللي قولتلك عليها
لا مغيرتش ياسعد.. عشان ماينفعش اروح لبيت ستي ولا أي حد يعرفه أدهم .. بس انا شايفة كدة السطح هنا شرح وبرج .. ماتشوفلي صرفة اسكن هنا انا كمان في الأوضة اللي جمب اوضتك .
شرح وبرح !
قالها ساخرا قبل ان يتابع
لا ياختي ماينفعش نبقى مع بعض عشان ماحدش فينا يوقع التاني .. وبرضوا ماينفعش اللوكاندة ليكي وانتي ست ولوحدك.. شوفيلك سكنة عند أي حد مايعرفهوش جوزك .فاهماني بقى.
اومأت برأسها متفهمة وهي تتسائل بداخلها اين يمكنها الذهاب 
.............................
في المقعد الخلفي بسيارة الأجرة وهي جالسة بجوارها ولا تعلم عنوان وجهتها.. تنهدت بقلق وهي تنظر من نافذة السيارة للخارج.. لقد مر عدة أيام منذ حديثهم العاصف حينما طالبتها باثبات ولائها ومحبتها لابنتها الراحلة فاتن! تلجلجت معها وهي لا تدري مقصدها حتى سألتها بغموض 
يعني لو طلبت منك تسيبي علاء هاتسيبه 
ظلت فجر لبعض اللحظات تحدق بها بعدم استيعاب.. تنتظر منها التراجع عن مطلبها وادعاء المزاح ولكن ملامحها المغلفة زادات من حيرتها .
فخرجت اجابة فجر بتشتت
انت بتتكلمي ازاي ياعمتي هي علاقة حب ولا خطوبة عادية دا جواز وانا مكتوبة على إسمه ..
يعني ما ينفعش .
بابتسامة بمبهة نهضت من جوارها وهي تقول 
يعني انتي مش عايزة تسيبي حبيب القلب وبتقولي انك بتحبي فاتن! ماشي يافجر.
نهضت خلفها توقفها ممسكة بذراعها حتى سقطت دمعة على وجنتها دون ارداتها 
ياعمتي بلاش كلامك ده .. انا لو اعرف ان دا هايرجع فاتن هاعمله ومش هاتأخر .. بس دا ممانوش فايدة وهي دلوقتي عند ربنا .. يعني الحي ابقى من المېت زي مابيقولوا
انشق ثغرها بابتسامة جليدية لها قبل ان تخرج بصمت وتتركها في حالة من الشتات والتخبط استمر لعدة ايام وهي تعاملها بشكل طبيعي أمام الجميع والأغرب انها كانت تمازحها ايضا معهم ولكن تظل هذه النظرة المريبة منها تخبرها باستمرار الحړب الباردة بينهم.. حتى جاءت اليوم تخبرها بشكل مباشر امام والدتها انها تريدها معها في الذهاب زيارة لأحدى الاقارب من اهل زوجها .. بصفتها تعلم بأماكن المدينة أكثر منها .. الغريب في الأمر انها لم تأخذ ابنتها سميحة وهي الأولى وحتى انها لم تذكر لها العنوان.. ولكن ذكرته بالتحديد أمام السائق فما فائدة مجيئها معها اذن
بس هنا على إيدك يااسطى .
استفاقت من شرودها لتجدها تنظر نحوها قائلة بهدوء 
ايه يافجر مش عايزة تنزلي ياعين عمتك احنا خلاص وصلنا .
وصلنا!! 
قالتها قاطبة حاجبيها باندهاش ازداد أكثر حينما ترجلت من السيارة وهي ترى رقي المبنى السكني التي تتقدم بخطواتها نحوه وهي خلفها تسير كالمغيبة ..دلفت لداخل المبنى الرخامى تلقي التحية على الحراس وهم يرددون التحية خلفها بمودة وكأنها من أصحاب المبنى وليست غريبة عنهم 
...............................
وفي مكان اخر بحديقة المشفى وعلى اريكة خشبية تحت ظلال الأشجار الكثيفة كان جالسا متكتف الذراعين.. راسه مطرقة للأرض نحو اقدامه الممدودة للأمام .. تاركا نفسه للحزن وقد تمكن اخيرا بالانفراد مع نفسه بعيدا عن والدته او شقيقه المړيض الذي انتبه رغم تصنع السعادة والمزاح امامه بحزنه وسأله عما به ولكنه كان دائما ما ينكر متهربا منه ومن فراسته .. يخفي بقلبه هذه الغصة المريرة لشعور الغباء الذي تملكه طوال هذه السنوات.. شقيقه الصغير رغم طيبته ودماثة اخلاقه يكتشف العيب وهو المشهور دائما بقرب الشبه بينه وبين والده في قوة الشخصية والتحكم يظل اعمى وينساق خلف حمائية كاذبة لشخص مريض استغل هذه العاطفة بكل خبث ودهاء.. كيف كان سيسامح نفسه لوحدث السوء لشقيقه.. مۏته اهون من هذا الاحساس !
الجو جميل هنا صح 
رفع عيناه نحو محدثه وقد علمه من صوته من قبل ان يراه..اومأ له برأسه بروتينية غير قادر على الرد .. تنهد عصام بصوت عالي قبل ان يجلس بحواره مربتا على ركبته برفق 
هون على نفسك هون.. احنا عايشين في الدنيا عشان نتعلم .
ابتسم بجانبية قائلا 
اتعلم إيه بالظبط انا راجل داخل ٣٣ سنة واكتشفت اني طول سنين عمري اللي عدت دي كنت حمار .. يبقى هاتعلم امتى بقى
جاء رد عصام حازما
ماتقولش كدة ياعلاء .. انت مش اول واحد تنخدع في صديق .. في غيرك بينخدك في حبيبته وفي غيرك بينخدع في أهله نفسهم .. دي طبيعة النفس البشرية.. ماحدش له سيطرة عليها .. طب مثلا عندك انا . كنت فاكر خالي دا في مقام والدي.. لكن بعد ما اتجوزت بنته تعالى شوفه بقى.. مطلع عين امي على شوفة البنت رغم انه عارف اني احق من بنته المدلعة 
حدق به للحظات قبل أن يسأله باهتمام 
هي بنتك عندها كام سنة ياعصام .
اشرق وجهه مبتسما وهو يجيبه بحب
بنتي عندها ٣ سنين بس إيه بقى قمر زي البطة كدة وډمها زي السكر عكس امها خالص ..تنكة وشايفة نفسها مش عارف انا على إيه والله.
ضحك علاء وقد اندمج معه في الحديث قائلا بمزاح 
إيه ياعم دا انت شكلك مش طايقها خالص .
اشار بإصبعيه على عضمة رقبته قائلا بإسلوب فكاهي
دا كدة اهو.. شايف.. كدة هو والنعمة مخڼوق منها وهافرقع .. مش عارف انطسيت في نظري واتجوزتها ازاي بجد ولا اكمنها اغرتني بالبس العرياني باين ولا إيه 
صدحت ضحكة علاء مقهقها حتى دمعت عيناه والاخر يشاركه
دا انت باينك مغلول منها ياجدع 
اه والنبي ياخويا ماتفكرنيش.. دا انا قلبي شايل ومعبي .
تبادلا المزاح لعدة لحظات اخرى وكأنهم استعادوا صداقتهم القديمة.. حتى اجفلتهم إحدى الممرضات التي أتت اليهم بخطوات مترددة
يادكتور عصام لو سمحت.
في إيه يانهلة عايزة إيه 
فركت بيديها بتوتر وهي تتنقل بعيناها بينه وبين علاء الذي شعر بالقلق
بصراحة يادكتور انا مكنتش اعرف انكم مخبين عليه 
سألها علاء 
هو مين اللي مخبين عليه في إيه ياانسة
رددت پخوف وهي تخاطب علاء
بصراحة بقى الأستاذ حسين اخو حضرتك سألني عن الولد اللى كان معاه في الحاډثة وانا
قولتله
تعيش انت.. 
انتفض واقفا يقاطعها 
بتقولي إيه 
نهض عصام هو الاخر ولكن
ليسألها بهدوء
وبعد ما قولتيلوا حصل ايه.
اجابت متهربة منهم بعيناها
بصراحة حزن قوي وهو دلوقتي عمال يعيط عليه بحړقة وحتى والده مش عارف يهديه 
ېخرب بيتك .
قالها علاء وهو يجري مهرولا نحو المبنى الموجودة به غرفة اخيه.. اما عصام فجز على اسنانه ملوحا لها بقبضته يقول
كان لازم يعني تنسحبي من لسانك.. ماينفعش تعملي شغلك وانتي ساكتة روحي ياشيخة ربنا ياخدك.
ثم تحرك مسرعا ليلحق بصديقه .
بدموع الۏجع التي لا تتوقف كان يبكى صديقه الصغير.. وهو لايزال عقله لا يستوعب او يصدق الخبر .. ولكن ۏجع قلبه يخبره الحقيقة 
اه ياحودة ..
ادهم وهو يربت على ذراعه بقلب وجل 
ياحبيبي مش كدة هدي نفسك.. دا احنا مصدقنا انك بدأت تتحسن.
انا السبب انا السبب عشان لو مكنتش اخدتوا معايا في مشوار الزفت ده مكانش حصل اللي حصل وراح فيها.
صاح عليه أدهم بصرامة
بس يابني حرام عليك واستغفر ربنا.. دا قضاء الله وقدره.. واحنا مالناش الإعتراض على حكمته.
حاول التماسك وهو يجاهد للتوقف.. ولسانه يتمتم بالأستتغفار 
استتغفر الله العظيم.. استغفر الله العظيم يارب
تنهد أدهم بعمق وهو يهدهده 
ايوة يابني استغفر واستعيذ من الشيطان الرجيم .. دي كلها أقدار من ربنا.
مسح بأبهامه دمعة اخرى وهو يخاطب والده بحدة
بس دا مكانش قدر ربنا .. شكل العربية اللي دخلت علينا فجأة مايظهرش ابدا انها حاډثة.. لا دي واضح قوي انها كانت قصدانا.. هو انا تليفوني فين والبت امينة صح راحت فين ماټت هي كمان ولا إيه بالظبط
حرك ادهم رأسه بعدم فهم 
بت امينة مين احنا منعرفش ان كان معاكم ست ولا نعرف هي راحت فين وان كان على تلفونك فهو موجود ياحبيبي.. بس دا ادشدش واتكسر خالص.
سأله بخشونة
وتليفون حودة راح فين 
اجاب ادهم وهو يلوح بكفه 
والله يابني مااعرف بس بكرة هاسأل عليه الشرطة ولازم اعرف بس انت مهتم اوي كدة بيه ليه
اجابه على الفور بمغزى
عشان عليه التسجيلات ولا هي الست نرمين ماقلتلكش باللي حصل
انتفض في وقفته واتسعت عيناه سائلا
مالها نيرمين ياحسين هي إيه حكايتها بالظبط البت دي عشان انا لو شفتها تاني بعد ماهربت من غير سبب هاشرب من ډمها .
ابتسم يجيبه بسخرية مريرة 
لا هو انت متعرفش ان الزفت سعد اللي أخد فلوس منك زمان عشان يبعد فاتن عن ابنك علاء هو نفسه اللي كان مرافق نيرمين صاحبة اخته قبل ما يزقها على علاء واما تفشل معاه ترمي شباكها عليك انت فتوقعك وتتجوزها .. وهي لساها برضوا عشيقته .
فغر فاهه وتدلى فكه وعيناه اتسعت بشكل مخيف وهو يردد 
ردد مؤكدا قوله
انا شوفتك بعيني وانت بتديلوا الفلوس ومكنتش فاهم ساعتها عشان كنت صغير لكن الشك كان دايما بيكبر معايا .
توقفت جملته حينما رأى أخيه واقفا بجوار الباب بوجه شاحب.. يبدوا انه استمع لمعظم الحديث .. انصعق أدهم على رؤية ابنه الصامت ونظرة عيناه وحدها تتحدث .
...............................
حينما انفتح باب الشقة الفخمة استقبلتهم الخادمة الصغيرة بابتسامة مرحبة بهم 
اهلا اهلا ياهانم اتفضلوا .
توقفت مكانها مندهشة وهي ترى عمتها تدلف لداخل الشقة و ترد التحية على الفتاة 
ازيك ياصابرين عاملة إيه بابت 
صابرين!!
همست بالأسم متمتمة بتعجب قبل ان تجفلها عمتها التي عادت لتسحبها و تدلف لداخل المنزل 
شايفاني داخلة مش تدخلي على طول ورايا بدال ماانتي واقفة كدة زي سنفور المحطة .
رددت مندهشة
يقربولك إيه اهل الشقة دي ياعمتي دول شكلهم يعرفوكي من زمان واكنهم عشرة معاكي.
ابتسمت فوزية وهي تجلسها على اقرب مقعد وجدته امامها فجلست هي على الاخر بجوارها تقول 
عشرة فين يابت وانا ساكنة في الصعيد وهما هنا في القاهرة.
اهتزت شفتيها فجر وهي لا تجد من الكلام ما ترد به على عمتها التي تغرقها في غموض كلماتها وافعالها المختلفة.. اشرق وجه فوزية فجأة وهي تنظر أمامها
اهلا اهلا بالقمر.
ابتسمت فجر وهي تسألها ببلاهة
واسمه بيدوا كمان 
قالتها وهي تدنوا نحو الطفل الذي مد اليها كفه الصغيرة بأدب قائلا 
اهلا ياطنت .
ضحكت مرحبة وهي تستقبل كفه الصغيرة بكفها
يااهلا ياحبيبي ياروح طنت انت ....
رفعت رأسها فجأة نحو عمتها ثم عادت تدقق جيدا في ملامح الطفل وقد ارتسم الوجوم على وجهها بشكل جلي .. قبل ان تهتف على عمتها بزعر 
مين ده ياعمتي !
.
الوجه الطفولى المستدير ذا اللون
البرونزي المحبب للعين والرموش السوداء الكثيفة.. لم يغطوا ابدا على باقي الملامح المعروفة لديها .. لون العسل في عينيه.. الأنف الصغير والمستقيم بعزة وكبرياء.. وجنتية الممتلئتين.. عظام الوجه نفسها تشهد بقرب الشبه العجيب.. فمه الصغير المنفرج بابتسامة مازالت ذكراها صاخبة بعقلها .. مما جعلها تنتفض عائدة بظهرها للكرسي وكف الصغير مازلت بكفها.. لتسألها پخوف
مين دا ياعمتي
تبسمت فوزيه قائلة بمكر 
ايه فجر هو انتي بتشبهي عليه ولا الولد شكله عاجبك
رفعت عيناها من وجه الولد لتنظر لعمتها التي ارتسمت التسلية على ملامحها بوضوح مما جعل فجر تقف مذعورة تتلفت في اركان المنزل وهي تردد 
هو احنا فين بالظبط وانتي جايباني هنا ليه مين يقربلك في البيت ده ياعمتي...
حدقت بالطفل بأعين متسعة قبل ان تعود للصورة المؤطرة مرة اخرى فوجدتها هي نفسها واقفة امامها بابتسامتها الرائعة تقول 
ازيك يافجر!
..............................
متسمرا مكانه بمدخل الغرفة كتمثال من الرخام.. وجهه انطفئت فيه الحياة.. شفتاه المطبقتان وعيناه تتحرك بداخلهم مقلتيه باضطراب وكأنه يستجدي منهم التكذيب.. ولكن كيف وهذا مانطق
به أخيه.. عن مؤامرة من صديق خائڼ بالأتفاق مع أبيه نعم أبيه الذي ينظر اليه الان بترجي رجل اذنب في حقه.. حق ابنه! وبالتحالف مع الشيطان!
علاء يابني ماتصدقش كلام اخوك.. دا مش فاهم حاجة
امال الحقيقة هي إيه..بقى
ازدرد ريقه أدهم ليردف بخزي وعيناه لاتقوى على النظر في وجه علاء
انا مش هكدب حسين واقول اني ما ادتلوش فلوس..انا فعلا دفعتله.. بس دا لما اقنعني ان البنت لايفة على صاحبك كمان.. ومعلقاكم انتوا الاتنين في حبالها.
قال حسين من خلفهم 
وطبعا انت ماصدقت ياابوعلاء ولقيتها فرصة عشان تبعد بنت النجار الغلبان عن ابنك .
اضطرب ادهم عن الرد عليه فجاء صوت علاء يكمل على قول أخيه
قولتلته اثبت لعلاء وخليه يشوف خيانتها بنفسه صح ياابويا 
حرك رأسه بالرفض قبل ان يقول بتوسل
والله يابني ماكنت اعرف الكلام اللي قالوا اخوك دلوقتي.. سعد قالي ان البنت هربت من عريسها الصعيدي وقاعدة مع عصام في شقته اللي مأجرها للأنس والفرفشة.. عايزني كأب.. هافكر في أيه بس ساعتها غير ان ابني يشوف حقيقة البنت اللي عايز يتجوزها ويعرف أخلاقها.
تكلم علاء بصوت يقطر بالمرارة
كدة من غير بينة! صدقت على البنت وادتلوا فلوس عشان يعمل جريمته ويلبسها في عصام واعيش انا من بعدها بۏجع الخېانة من صاحبي والبنت اللي كنت عايز اتجوزها.. هونت عليك.
مساء الخير 
قالها عصام وهو يتقدم لداخل الغرفة بتوجس من هيئتهم لم ينتبه عليه علاء وهو يتابع مع أبيه
طب ليه تعمل فيا كدة ليه تسيبني اتعذب في مرارة الخېانة والظلم لناس بريئة...انا فتحت دماغ صاحبي وشاركت في ظلم البنت اللي اتدبحت بسببك انت والنجس سعد.. عايزني ابص في وشك ازاي دلوقتي ولا ابص لوش انا في المراية ازاي بس وانا حاسس بالعجز والمر اللي سكن جوايا منك .
الټفت فجأة نحو عصام الذي تسمرت أقدامه عن التحرك بالقرب منهم قائلا بهذيان
خدت بالك ياعصام دا بيقولك ان ادالوا فلوس عشان يبعد البنت عني شوفت بقى ياسيدي .. اديني اخيرا صدقت انك برئ واني فتحت دماغك ظلم.. حقك عليا ياصاحبي .
نزع ذراعه بحدة من أبيه ليتقدم نحو عصام وبحركة مفاجئة 
حقك عليا من تاني ياصاحبي .. بس دي غلطتك انت عشان كنت مصاحب واحد حمار.. زي ماهي كانت غلطة فاتن برضوا عشان حبت واحد عاجز زيي.. 
تحركت رأس عصام بعدم فهم بين الثلاثة قبل ان ينتهد مربتا على كتف علاء قائلا بإشفاق على حالته
اهدى ياعلاء وريح نفسك شوية.. انا مسامحك من زمان.. أي واحد في وضعك كان لازم هايعمل نفس اللي عملته .
اقترب ادهم بخطوات مثقلة نحو ابنه الذي انتفص للخلف يتجنب لمسته 
ياحبيبي اهدى على نفسك شوية.. انا مقدر صدمتك بس كمان عايزك تسمعني وتفهم موقفي..
قاطعه بحدة قائلا 
افهم ايه تاني ماخلاص كل المستور انكشف وبان ياعم الحج.. ياراجل دا انت شوفتني بعينك وانا بطردها من المحل وشوفت عذابي وانا فاقد الثقة في كل الناس بعدها.. طيب مصعبتش عليك البنت ولا صعب عليك ابوها اللي متحملش اللي حصل وساب البلد وهج بعيلته عشان يهرب من جبروتك ويتخلص من بنته اللي شالت مصېبة أكبر
من طاقتها وهي كانت عيلة يدوب ١٨ سنة .
هتف ادهم يرد بصوت مبحوح
يابني كنت فاكرها مش كويسة وكل اللي كان في دماغي اني انجدك منها.
صاح عليه هادرا
ماتغيرش الحقايق .. انت كنت عايزها كدة عشان يبقى ليك حجة تقنع بيها نفسك باللي عملته مع الوس....... سعد.. انت مذنب زيك زيه حتى لو مكنتش عارف باللي عمله.. 
صمت قليلا وهو ينظر بقوة لأبيه الذي تغضنت ملامحه بالأسى والندم الشديد.. ثم تابع 
انا كل ما ابص في وشك دلوقتي هافتكر خيبتي وافتكر اني كنت مخدوع طول السنين اللي فاتت .
اختنقت الكلمات في حلقة ولم يعد قادرا على التفوه ببنت شفاه.. خرج مسرعا من أمامهم ليهتف عليه والده بجزع وحينما لم يرد الټفت أدهم نحو عصام 
ابوس إيدك ياحبيبي حصله.. انا رجلي مش شلاني عشان اوقفه .
حرك عصام رأسه بغير فهم قبل أن يغادر مسرعا خلف صديقه.. خطا أدهم بتثاقل نحو أقرب المقاعد ليسقط عليه بتعب.. الټفت نحو حسين والتقت عيناه بعينيه قبل ان يشيح بوجهه هو الاخر عن ابيه غاضبا.. أطرق أدهم يضع كف يده على رأسه وقد تراكمت هموم العالم أجمع فوق ظهره
.........................
رفرفرت رموشها وهي تستعيد الرؤية وتستفيق من غشيتها على اثر رائحة العطر القوية التي اخترقت حواسها.. لترى عمتها جاثية على عقبيها امامها وهي مازالت ممسكة بزجاجة العطر
الحمد لله اخيرا فوقتي 
بعد ما وقعتي قلبي عليكي يافجر.
حاولت استعادة ذهنها وهي تنظر لسقف المنزل الغريب لتنزل بأعينها فوجدت نفسها مستلقية على أريكة اثيرة ناعمة الملمس .. ازدردت ريقها لتتكلم وقد استعاد عقلها المشهد الاخير الذي راته عيناها .
عمتي هو انا كنت بحلم ولا حصل ايه بالظبط انا اتهيألي زي ما اكون شوفت فاتن!
قلبت عيناها فوزية وهي تجيبها 
هي ماكنتش حلم ياعين عمتك ولا انتي نسيتي الولد كمان وافتكرتيه تهيؤات.
جحظت عيناها وهي تنهض بجذعها لتجلس مستقيمة
يعني اللي شوفته جد وحقيقي! طب ازاي
صدر الصوت الناعم من خلفها 
ها اكلمك بقى ولا هاترجعي يغمى عليكي من تاني
الټفت رأسها اليه بحدة فوجدتها تضحك وهي حاملة طفلها
طب بذمتك ياشيخة.. في عفريت حلو كدة 
برقت عيناها پصدمة وهي تجدها تتقدم لتجلس امامها
وتردف 
يابنتي مالك مسبهلة پصدمة كدة ليه انا فاتن قدامك اهو وماموتش .
همست بتردد وهي تتنقل بعيناها بينهم 
طب ازاي واحنا حضرتا جنازتك في الصعيد وعمتي اللي قدامك دي كانت مقطعة نفسها من العياط عليكي 
نهضت فوزية عن الأرض لتجلس بجوار ابنتها مطرقة الرأس وكانها استعادت الذكرى .. فردت فاتن وعيناها على والدتها
عمتك كانت مقطعة نفسها بكى على الوضع كله ياحبييتي .. ماهو اللي حصل ماكنش قليل عليها برضوا .
وهو إيه اللي حصل 
سألتها بدون تفكير مما اثار ابتسامة ماكرة من فاتن 
ياسلام.. يعني انتي متعرفيش باللي حصل ولا هاتقولي انك نسيتي
اسبلت عيناها ترد على كلماتها بحرج
لا طبعا فاكرة .. بس انا عرفت من عصام ان علاء برئ وان اللي حصل معاكي كانت متدبر بمکيدة هو نفسه لحد دلوقتي ما يعرفش مين اللي عملها فيكم
بس انا كنت عارفة باللي عملها
كنت عارفة!
قالتها مصدمة وأكملت 
طب هو مين يافاتن خلينا نعرفه ونرتاح بقى .
اجابت ببساطة 
سعد .
سعد!!
صړخت بالأسم فجر مصعوقة 
انتي بتتكلمي جد يافاتن هو إيه حكاية البني أدم ده بالظبط وانتي إيه اللي خلاكي ساكتة من غير ماتكشفيه وتفضحيه وتجيبي حقك منه الوس.... ده
راقبتها فجر وهي تقبل ابنها و
تطالبه بالذهاب لغرفته للعب بألعابه هناك .. وبعد ذهاب الطفل سألتها مرة أخرى بلهفة
ماتجاوبي يافاتن بقى.. إيه إللي خلاكي سكتي 
تنهدت عاليا قبل ان تجيبها 
عشان للأسف أنا نفسي معرفتش غير في اليوم اللى كنت هاسافر فيه مع ابويا الصعيد.. ولو قولتلك عرفته ازاي مش هاتصدقي
قطبت حاجبيها تسألها بحيرة 
ازاي يعني ممكن تحكيلي .
هاحكيلك
في فناء منزلهم الفسيح كانت جالسة على بسطة اسمنتية صغيرة منزوية على نفسها.. ضامة ركبيتها الى صدرها وهي مستندة بذقنها عليهم وكأنها بعالم اخر .. غير شاعرة بسخونة الشمس عليها بعد أن انهار عالمها الوردي وانتهت قصة عشفها بمأساة تقترب من الڤضيحة.. ولم يتبقى لها شئ بعد ان عادت الى ابيها بعد تهربها منه لأيام تتلقى عقابها بالركلات والضړب المپرح رغم تعللها بالأختفاء لدى إحدى صديقاتها.. هربا من الزواح بابن عمها الذي اصر والدها حفظا لكرامته بالسفر الى الصعيد وعقد قرانها عليه بالإجبار.. ولتتحمل وزر فعلتها.. فهي من أخطأت وهي من عليها دفع الثمن غاليا حتى لو كان عمرها.
الشمس سخنة عليكي يافاتن.
رفعت رأسها مجفلة على الصوت المتردد لتمسح بإبهامها الدمعات المتساقطة على وجنتها وقالت 
سعد! انت واقف هنا من أمتى 
خطا ليقترب منها قائلا 
انا هنا عشان عمي بدر بعتني لخالتي فوزية ابلغها بميعاد العربية اللي هاتيجي تلم العفش بتاعكم وتروح بيه عالصعيد .
اومأت برأسها وهي تعود لوضعها فاقترب أكثر فاردا كف يده امامها لتنهض
قومي يافاتن وكل مشكلة وليها حل.. وانا سداد .
رفعت رأسها اليه ناظرة باستفهام 
مشكلة إيه اللي تقصدها وانه حل دا اللي انت سداد
فيه 
تحركت عيناه يسارا ويمينا قبل أن يجيبها بصوت خفيض
انت عارفة قصدي على إيه يافاتن ولا انتي ناسية إن علاء صاحبي وبيحكيلي على كل حاجة
على الفور احټرقت مقلتيها بدمعة ساخنة تشيح بوجهها عنه لتخفي هذا الألم العاصف بقلبها فتابع هو 
انا مش بقولك كدة عشان اجرحك.. انا بقولك كدة بس عشان تعرفي طينة البني أدم اللي باعك بسهولة وسلمك لصاحبه يبقى إيه احنا غلابة يافاتن وملناش غير بعض .
حدقت مندهشة فاأكمل 
ايوة يافاتن.. انا عايزك تعرفي كويس اني بعشق التراب اللي بتمشي عليه وطول عمري ساكت ومش قادر اتكلم لتكسفيني .. بس انا بقولهالك اهو .. انا راضي بيكي مهما حصل.
تكلمت بحړقة
مهما حصل ازاي لهو صاحبك مشرحلكش الوضع اللي شافني فيه هاتقبلها ازاي دي على كرامتك
قال مسرعا
انا قابل بأي حاجة منك يافاتن عشان تعرفي بس اني عارفك وعارف اخلاقك.. انتي عيلة صغيرة واكيد الكل..... عصام هو اللي عمل فيكي الملعوب ده .
عصام معملش حاجة...
قاطعها بحدة
انت لساكي برضوا مصدقاه ماتفوقي بقى يابنت الناس واعرفي كويس اننا لعبة في ايدين الناس دي ..قومي معايا يافاتن وانا هاقنع عمي بدر بجوازنا .. انا خلاص ربنا ڤرجها عليا وهاعمل ورشة نجارة كبيرة تعيشنا ملوك.. 
قرب كفه اكثر وهو يردف بلهجة مقنعة
قومي يافاتن وانا مش هاسمح لابوكي يأذيكي ابدا طول ماانا عايش على وش الدنيا .
وضعت يدها بكفه مترددة لتنهض..فاطبق عليها بقوة ليرفعها اليه.. قربها منه بجموح والتمعت عيناه بالرغبة نحوها.. ارتجفت هي تبتعد عنه بدفاعية ولكن اشټعل ذهنها برائحته لتتذكر اين اشتمتها قبل لك ..لم ينتبه وهو يقربها منه مرة اخرى قائلا بهوس 
اه لوتعرفي انا بحبك قد ايه اه لو تعرفي انا مستعد اعمل إيه عشان ترضي عني يافاتن
برقت عيناها بۏحشية بعد أن تأكدت من ظنها لتدفعه بكفيها على صدره تبعده عنها پعنف وهي تخاطبه بازدراء 
وانا عندي المۏت اهون من إني اتجوز واحد ندل وجبان زيك!
استفاق من نشوته وكلماته خرجت بغير تصديق
ازاي يعني هو انت ناسية ابوكي هايعمل فيكي إيه ولا ابن عمك لما يتجوزك ويكتشف الحقيقة
قالت بتحدي
عارفة ياسعد.. وانا مستعدة وجاهزة للي يعملوه فيا ان شالله حتى يقطعوا من جلدي .. بس دا برضوا عندي اهون من أن اطل على خلقتك العكرة دي.
بصقت كلماته وذهبت لتدلف داخل منزلها ويسقط هو محلها على البسطة مذهولا مصعوقا من قولها الچارح وازدراءها له
قالت فجر وهي تمرر عيناها على انحاء المنزل الفخم ذو الاثاث الراقي
انا فاكرة بنفسي لما ودعتك في العريية اللي مسافرة عالصعيد وبعدها اتصلت بيكي وقولتيلي انك في مصېبة وطلعتي حامل كمان.. وبعدين انقطعت اخبارك وكل حاجة عنك لحد اماسمعت انك ..... اتوفيتي بحمى شديدة .. ايه اللي حصل بقى وقلب الوضع .
تدخلت فوزية 
اللي حصل احكيلك انا عنه يابنتي.. اصلها كانت في الأيام دي واكنها واحدة تانية غير بنتي اللي اعرفها .. كانت بتتحدى ابوها وترفض ابن عمها بكل قوة واكنها بتستفزه عشان تخرج شياطينه عليها لدرجة انها قالتلوا كدة بالفم المليان انها حامل من واحد ماتعرفوش .. شوفي انتي بقى وضع ابوها لما يسمع كدة من بنته هايظن فيها إيه
ضربها
ضربها دا إيه قولي عدمها العافية وهي ماكننش ساكتة معاه واكنها بتحرضوا بالقوة عشان ېقتلها لحد اما طبت ساكته بين إيديه وانا افتكرتها ماټت وهي پتنزف من كل حتة في جسمها .. قلبي وجعني عليها ماقدرتش اسكت واسيبها ټموت بالبطئ وهي پتنزف .. استعنت على ربنا واخدتها على الوحدة عشان الحقها من المۏت وقابلنا هناك الدكتور منذر اللي شخط فيا اول ماعرف حالتها وفهم اللي بيها.. وهددني انه يبلغ عننا لو حد قرب لها من تاني.. و انا بقى كنت فاقدة الأمل
على سرير المشفى كانت ممدة كچثة هامدة لا تشعر بشئ .. بعد أن انقذها الرجل الاربعيني وهي على حافة المۏت.. بقلب منفطر على حال الفتاة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الثامنة عشر .. صاح على والدتها 
انتوا اتجننتوا ياست انتي اقسم بالله انا ممكن ابلغ عنكم دلوقتي واوديكم في داهية انتي واللي عمل فيها كدة 
ردت فوزية الجالسة على أرض الغرفة تبكي وتندب
بلغ واعمل اللي انت عايز تعملوا يادكتور .. انا خلاص بنتي ضاعت واللي كان كان .
هدر عليها 
بطلي ندب بقى وفوقي.. البنت محتاجة رعاية .. احنا وقفنا الڼزيف بصعوبة دلوقتي .. لكن وربنا لو رجعت تاني ولا عرفت انها اټأذت منكم ما هارحمكم .
ردت مقررة بيأس 
اطمن يادكتور مش هاتسمع عنها حاجة .. عشان هي خلاص انكتبت شهادة ۏفاتها وابوها مش هايستريح غير لما يخلص عليها .
لا بقى دا انا ابلغ عنه احسن 
قالها وهو يلتف نحو مكتبة يتناول الهاتف فأوقفه صوت همهاماتها.. خطا ليقترب منها مستفسرا 
عايزة حاجة يافاتن 
همست بضعف 
ابوس إيدك يادكتور ماتبلغ عن ابويا.. خليه يريحني بقى والنبي.. ابويا مش حمل مرار اكتر من كدة.. ابوس ايدك يادكتور.
حرك رأسه بغير
تصديق
يابنتي ماينفعش كلامك ده .. مامتك بتقول انه مصر على قټلك.
اومأت موافقة
وانا استاهل يادكتور وقابلة وراضية.. والنبي ماتبلغ عنه خليه يربي
خواتي.. كفياني بقى أذية ليه انا عايزة استريح بقى وهو اللي هايرحني .
استقام بجسده يتنقل بعيناه بينهم بعجز لا يدري ماالعمل مع هذا الوضع الغريب ..الفتاة مصرة على الاڼتحار بيد والدها ..والمرأة مستسلمة للأمر وعاجزة عن الدفاع عن ابنتها الصغيرة من بطش ابيها .
فما الحل وكيف له ان يترك هذه الزهرة البريئة لهذا المصير البائس .
احتدت عيناه فجأة وهو يخاطب المرأة 
انا عندي الحل.
...
والحل كان إيه بالظبط
قطبت بحيرة فجر تسأل عمتها التي تبسمت قائلة براحة
الحل بتاعه ياحبيبتي كان النجدة اللي جات من عند ربنا.. الدكتور منذر قالي كدة بالمفتشر.. مدام كدة كدة ابوها ھايقتلها يبقى تخرجي من عندي تبلغيه بۏفاتها وسيبي كل حاجة بعد كدة عليا وانا هاتصرف.
سالتها مذهولة 
ودا اتصرف ازاي بقى 
عرف يتصرف بمعرفته وجاب جتة بنية مېتة بقالها شهور في تلاجة المستشفى وماحدش يعرف لها أهل .. وطبعا في التغسيل والكفن ماحدش حضر معايا ولا حتى ابوها اللي ربنا وحده عالم كانت حالته ازاي ساعتها.
قالت الاخيرة بنبرة حزينة فاأكملت على قولها فجر
ياعيني.. دا تلاقيه افتكر ان هو السبب في مۏتها .
اردفت فوزية 
مع إن الدكتور منذر كتب في تقرير شهادة الۏفاة انها حمى شديدة لكنه برضوا فضل عايش بعقدة الذنب ناحيتها لحد دلوقتي.. ياللا بقى.. ماهو مكانش في حل غير كدة.. اصله ياحبيبتي كان بين نارين.. يايجوزها ابن عمها يايقتلها وېتنقم لشرفه حسب اعتقاده.
طب وانتي روحتي فين بعدها يافاتن
اشرق وجهها بابتسامة جميلة تجيب
انا ياستي اخدني على جمعية خيرية هو كان عضو فيها هناك في المحافظة.. فضلت مستخبية فيها وتحت رعايته بالشهور .. عرف حكايتي وساعدني بحنيته وطيبة قلبه اني اتخطى الحزن اللي عشش جوايا وارجع انسانة طبيعية بالتدريج ..امي كانت بتيجي سړقة فيها عشان تشوفني.. المهم اني فضلت في الجمعية دي لحد اما جه اليوم اللي قالي فيه انه مسافر وراجع على بلده في اسكندرية.. ساعتها الدنيا دارت بيا وخۏفت قوي لايسيبني وينساني.. اصلي كنت زي الغريق اللي اتعلق بقشاية.. وكان هو ألامان بالنسبالي.. مااتكسفتش منه وانا بنهار قدامه عشان مايسبنيش.. فكان رده انه طلب يتجوزني عشان يقدر ياخدني معاه ويسافر بيا.. وانا وافقت واتجوزتوا.. قعدت تقريبا سنة على زمته وهو مراعي حالتي النفسية من غير ما يلمسني.. لحد اما روحتلوا بنفسي وطلبت حلالي منه.. عشت في حضنه احلى سنين عمري.. وربنا رزقني بعدها بكام سنة بعبد الرحمن اللي كمل فرحتي وسعادتي كمان.
رغم ارتياحها بما سمعته من حكايتها ولكنها لم تقدر على كبح سؤالها الفضولي 
بس انتوا قولتوا انه كان في الأربعينات.. يعني تقريبا ضعف عمرك.. فرق السن الكبير ده معملش حاجز مابينكم .
هزت رأسها بالنفي قائلة بابتسامة
ابدا يافجر.. هو
كان ذكي ودايما متفهم وضعه معايا.. دا غير انه خلاني أكمل تعليمي.. منذر اساسا كان واهب نفسه للعلم.. طب هاتصدقيني لما اقولك اني كنت اول بخته.. على فكرة انا جوزي كان دكتور كبير ووصل انه بقى مشارك في مستشفى استمثاري مشهورة هنا في السنتين اللي فاتوا دول.. امال انا ايه اللي جابني على القاهرة
كان!! لهو راح فين بالظبط
قالتها بتوجس لتفاجأ بتغضن ملامح وجه الاثنتان قبل أن تجيبها بحزن
ماهو للأسف بقى.. ان عمر السعادة ما بتدوم.. جوزي من ست اشهر بس يافجر اتوفى بسكتة دماغية.
ارتشعت شفتاها وزاغت عيناها بينهم وكان وقع الخبر على رأسها كالصاعقة
...............................
في شقة قديمة ومتواضعة الاثاث .. دلفت تجر معها حقيبتها الكبيرة بخطوات مترددة مع خالتها التي كانت تتمختر بخطواتها وعباءتها المنزلية المحكمة على تفاصيل جسدها البدين.. يصدر صوت اساور يدها بصخب وهي ترحب بها
ادخلي ياغالية يابنت الغالية ادخلي ..هو انتي غريبة ياعين خالتك
بقلب مرتجف جلست على اقرب أريكة وجدتها أمامها سندت الحقيبة بالقرب منها وهي تتلفت في انحاء الشقة المزينة بالمصابيح الصغيرة الملونة في بعض زوياها .. وبعض النساء التي تغدوا وتجئ أمامها وهي لا تعلمهم ثم استقرت أبصارها على المرأة الخمسينة وهي تحدثها وعلى وجهها الممتلئ والمزين بالوان المساحيق المتعددة ابتسامة عريضة يتخللها الانبهار
عاش من شافك يامرمر.. احلويتي وادورتي وبقيتي هانم بحق.
هزت رأسها قائلة بتوتر 
تشكري ياخالتي.. دا انتي اللي عنيكي حلوة ومابتكبريش ابدا .
صدحت ضحكتها الرقيعة بصخب قبل أن ترد
يالهوي عليكي وعلى كلامك الحلو يابت يانيرمين .. امال انا بحبك ليه يابت عشان طالعالي .. ياما كان نفسي المصېبة بنتي تاخد نص حلاوتك ولا نباهتك.. لكن اعمل إيه بقى فيها فقرية زي اللي جابها .
سالتها بفضول
طب هي على كدة لساها برضوا مختفية ولا اتكلمت حتى في التليفون نهائي زي ماقولتيلي
لا والنبي ياحبيبتي ابدا.. بس يعني هي هاتروح فين
هاتلف تلف وتلاقيها دخلت علينا زي القرد.. ايد ورا وأيد قدام.. بلا خيبة اللي مافي مرة فرحت قلبي بحاجة عليها
القيمة.. هاتعيش وټموت في الفقر بدماغها اللي زي الصرمة القديمة دي.
فتحت فاهها لترد ولكنها انتبهت على امرأتين تخرجن بكامل زينتهن وملابس شبه عاړية.. القين التحية بميوعة قبل ان يغادرن لخارج المنزل.. الټفت نيرمين نحوها تخاطبها پصدمة
انا مش سألتك قبل ما اجيلك ياخالتي وقولتيلي أنك خلاص بطلتي الشغل ده.. ممكن بقى تفهميني ايه دول
لوكت فمها بالعلكة وهي تجيبها بتوتر
يابت ما انا بطلت صح شغل هنا في بيتي.. بس بقى البنات اللي بتلقط رزقها برة البيت دي.. ايه دخلي انا بيهم بقى غير اني اخد عمولتي.. ولا انتي عايزاني اموت من الجوع يانيرمين
هزت رأسها قائلة بقلق
يعني انتي متأكدة انك بطلتي شغل هنا في البيت ابوس إيدك ياخالتي.. هما يومين هاقضيهم معاكي قبل ما اتصرفلي بسفرية بعيدة.. مش عايزة عوق ولا فضايح.. دا انا بقول ياحيطة داريني.
ماخلاص يابت.. هو انتي هتعمليها حكاية قولتلك مافيش يبقى تطمني.. اما اقوم اعملك حاجة بقى تاكليها
قالت الاخيرة وهي تنهض من أمامها على الفور
نظرت في اثرها تتمتم بقلق
اطمن!!.. هو انا طول ما انا ماقاعدة في البيت اللبش ده هايجيني قلب اطمن ولا اشوف راحة ابدا.. منك لله ياللي شورت عليا الشورة المهببة دي!!
............................
حدقت بوجهها جيدا وهي تسألها بمكر
مالك يافجر وشك اتخطف كدة ليه لدرجادي انتي زعلتي على الدكتور منذر
ازدردت ريقها وخرج صوتها بصعوبة
اه طبعا لازم ازعل امال ايه يعني انا أسفة يافاتن البقية في حياتك .
بوجه مغلف ردت باقتضاب
في حياتك الباقية يافجر .
اسبلت عيناها وهي تفرك بكفيها والأثنتان يرمقنها بنظرلت متفحصة.. ليسود الصمت بينهم لعدة لحظات ..قبل أن تقطعه فاتن 
لدرجادي بتحبيه يابت
رفعت رأسها مجفلة تقول
همم.. تقصدي إيه يافاتن
قصدي على علاء طبعا امال هايكون مين يعني
فتحت فاهها واغلقته مرة أخرى لتطرق برأسها ارضا وهي لا تقوى على النظر بعيناهم.. ليعود الصمت مرة اخرى بينهم قبل ان تنهض فاتن متمتمة
لساكي طيبة وعبيطة زي ما انتي!
رفعت رأسها وقبل ان تعي صحة ما سمعته وجدتها تجلس بجوارها
طب ولما انتي بتحبي اوي كدة.. ما تقولي اه يابت هو عيب
حدقت بها مندهشة قبل ان تلتفت نحو عمتها الواضعة كفها على جانب وجهها تتبسم بتسلية.. فقالت مشيرة بسبابتها نحوها
ماهي عمتي كانت عايزاني اسيبه عشان اثبت لها اني بحبك وانا كنت فاكراكي مېتة.. اشحال دلوقت لما اتأكدت انك صاحية وماموتيش
هو جزمة يابت ولا فستان عشان لما ارجع اخدهم من تاني دا جوزك يامنيلة على عينك يعني مش خطيبك وبس كمان
قطبت بحيرة تسألها
يعني إيه
قبلتها بشغف وهي ترد بابتسامة دافئة 
يابت انا اتجوزت من زمان وعيشت حياتي مع راجل نساني الدنيا بحالها ..مش بس حب المراهقة والظروف الۏحشة معاه.. يعني عمتك كانت بتلاعبك ياعبيطة.
والنبي بجد
وحشتيني اوي يابنت اللذينة ووحشتني طيبتك وحنيتك دي.
دي عيشتني ايام سودة وطب والنبي من ما انا مسمحاكي ياعمتي.
ازدادت ضحكات الاثنتان وفوزية تشاكسها
طب وانا اعملك ايه بقى ان كنتي صدقتي ودماغك لفت من اول ما شوفتيني لهو انتي فاكراني كنت هاقدر اعمل فيكي المقلب لولا اني شوفت ترددك ده وخۏفك مني طب ليه يابنتي دا حتى كل حاجة نصيب.
انا عارفة ياعمتي.. اهو لقيت نفسي متلخبطة ومكسوفة لما اتفاجئت بيكي في ليلة كتب كتابي واكنك ظبظتيني في تهمة متلبسة.
ياحبيبة قلبي .
هونت عليكي يافاتن تسيبني السنين دي كلها من ماتشوفيني ولا اشوفك.. ولا مرة وحشتك فيها
قالت مبتسمة 
مين قال كدة بقى انا كنت كل مااشتقالك اطل عليكي واراقبك من بعيد .
ازاي 
همت لترد ولكن اوقفها صوت الهاتف الذي كان يصدح بورود مكالمة.. 
دا تليفونك يافجر
اومأت برأسها وهي تخرج الهاتف من حقيبتها فقطبت مندهشة وهي تجيب على الرقم الغريب 
الو مين معايا ........... لا طبعا ماشوفتوش ولا قابلتوا من الصبح ...... ايه اللي حصل ياعصام.......... ازاي يعني ماتعرقش مكانه هايكون راح فين بس .......... طبعا ححاول اتصل بيه واشوفه راح فين ....... ماشي ياعصام .
انهت المكالمة سريعا لتنهض عن كرسيها قائلة بقلق
طب عن اذنكم ياجماعة.. انا لازم اروح على بيتنا حالا ... علاء خرج من الصبح ڠضبان وماحدش عارف طريقه فين
................................ 
تتلاعب بأصابع يده السليمة وهي تمازحه بدلال لعله يستجيب لها يبتسم
ياحسحس.. ياابو ډم تقيل انت مش ناوي بقى تفك كرمشة وشك دي.. مش لايق عليك ياعم .
رد بصوته الأجش
هو ايه اللي مش لايق عليا
قالت بدلال
التكشيرة.. بصراحة انا اول مرة اشوفك مدايق كدة .. في كل خناقتنا مع بعض مافيش مرة وشك اتقلب فيها بالشكل ده.
اعتلت زاوية فمه ابتسامة مستخفة وهو يرد
يمكن عشان ماكنتش موجوع قوي بالشكل ده.. ماهي خنقاتي
معاكي مهما كانت اسبابها تيجي ايه في اللي انا حاسس بيه دلوقت! 
حاسس بإيه ياحسين قول ياحبيبي على اللي مزعلك وخرج اللي جواك .
تجاهل سؤالها ليجيب بسؤال غيره 
بقولك إيه انتي مش ملاحظة ان علاء اتاخر اوي هو راح فين دي اول مرة يغيب فيها عني كل ده.
اخفت ارتباركها وهي تحاول الإجابة ببعض الثبات 
ما انا قولتلك ياحبيبي.. عمي ادهم اتصل بيا وبلغني ان علاء روح البيت عشان يرتاح شوية من تعب الايام اللي فاتت واكيد خدته نومه.
قال بتشكك 
عمك ادهم برضوا اللي بلغك امال هو راح فين بقى مختفي هو كمان.. دا حتى عصام مرجعش يطل عليه من الصبح .
ردت ممازحة بتصنع 
الله الله هو انت لحقت تزهق مني ياسي حسين ولا إيه بقى لما اتواضع انا النهاردة بجلالتي وقدري واتبرع بالأنفراد بيك .. تفتكرلي انت فلان وعلان واكني مش مالية عينك ولا سادة الفراغ اللي جواك .
فراغ إيه إللي انتي سداه 
نعم !
كرر باستفهام 
بسألك عن الجملة الاخيرة دي.. ايه معناها 
اهتزت كتفاها بعدم اكتراث
انا عارفة انا بسمعها كدة وخلاص.
فلت كفه من يدها ليضغط بابهامه وسبابته على وجنتها بغيظ
ولما انتي مش فاهمة معنى الجملة بتكرري ليه زي البغبغان هي لماضة وبس .
صاحت ضاحكة وهي تدفع يده 
بس ياعم الله .. هو انت شايفني عيلة صغيرة 
بابتسامة مستترة هتف متصنعا الجدية 
العن وامر.. العيلة هاتكبر .. لكن انتي بعقلك الهايف ده هاتجنني امي العمر كله.
ضحكت بمرح حتي جعلته يتخلى عن عبوسه ويشاركها الضحك وهي تردف بغرور
ربنا ما يحرمك مني يارب .
وفي الجهة الأخرى كان الوضع في شقة علاء على اشده.. أدهم الذي اتعبه البحث مع رجاله حتى استسلم مضطرا للأنتظار المر مع شاكر وزجته التي لم تستطع التخلي ولو لحظة عن زهيرة خوفا عليها لتنتكس وتعود للمرض مرة من الخۏف والقلق على ابنها الذي اختفى عن رؤيتها ولم يرد ولو على اتصال واحد منها في ظاهرة لم تحدث طوال حياته مهما مر عليه من أحداث.. عصام الذي ترك عمله في المشفى بعد معرفته بعدم عودة علاء من وقت ان غادر المشفى ولم يستطع اللحاق به .. كان واقفا بسيارته امام البناية مع فجر التي شرح لها مشهد الصباح وما فهمه من كلمات علاء معه.
انا قولت بس اشرحلك واقولك على اللي حصل بما انك شهدتي على الموضوع من اوله.
متكتفة الذراعين تهز برأسها وكأن كثرة الصدمات افقدتها حس الإجفال أو الإندهاش .
اردف عصام 
يافجر انا قولت اشرحلك عشان تفهمي وتطمنيني عليه لما يوصل .. انا لولا بس ان بنتي الصغيرة النهاردة بايتة عندي ماكنت اتحركت من مكاني في انتظاره 
تنهدت قائلة بتعب 
روح ياعصام وانا هاتصل بيك واطمنك لما يوصل.. هو اكيد هايرجع.. مهما كانت الصدمة كبيرة عليه لكن اكيد هايرجع.. مش كدة برضوا
ان شاء الله يافجر يرجع.. حس المسؤلية عند علاء اكبر من أي چرح واي هموم .
بعد ذهاب عصام وتركها في انتظار حبيبها الذي لم تمل تكرار الاتصال عليه رغم عدم اجابته.. حتى اقتربت الساعة للحادية عشر مساءا وكاد الانتظار ان يعصف بقلوب الجميع .. دلف فجأة لداخل شقته مكفهر الوجه القى التحية من تحت اسنانه ذاهبا نحو غرفته ليغلق بابها عليه.. ولم يبالي بنداء والده وتوسلات والدته او حتى شاكر وزوجته .. حتى وصلهم صراخه من داخل الغرفة
انا تعبان ومش عايز اشوف ولا اكلم حد.. ممكن بقى تسيبوني في حالي .
خرج صوتها بارتجاف
حتى انا ياعلاء مش عايز تسمع صوتي 
ساد الصمت فقالت بارتجاف أكثر
علاء.. انا مش هاتحرك من هنا غير لما تفتحلي.. ان شالله حتى ابات جمب باب الاوضة .
شهقت باكية 
افتحلي ياعلاء عشان اطمن عليك..
ياحبيبي انا قلبي هايوقف من الخۏف والقلق..
ضړبت على باب الغرفة صاړخة
ياعلاء افتح بقى وماتتعبش اعصابي اكتر من كدة...افتح يا علاء.....
شقت مخضۏضة حينما تفاجأت بفتح الباب وهو يجذبها بسرعة للداخل ويعاود اغلاقه مرة اخرى بقوة.
لم تصدق عيناها وهي تنظر الى وجهه العابس امامها..
وقد ارتسم الألم عليه بقوة.. تقدمت نحوه صامتة بتردد حتى 
حاسة بيك وواجعني اللي واجعك.. بس عايزاك تهدى.. 
.... ..
الوو........ صباح الفل ياخالتي........ في نعمة والحمد لله المهم البنات صحيوا.......... تمام ياخالتي فطريهم بقى وجهزيهم عقبال انا مااشق ريقي
بلقمة من عربية الفول اللي في اخر الشارع ......... وبعدين بقا ياخالتي متزعلنيش منك هما كدة كدة في طريقي يبقى ايه لزوموا بقى المواصلات والزحمة حمد لله المكنة شديدة وتتحمل المسافات.......... تمام بس حاولي تجهزيهم بسرعة عشان مايتأخروش على ميعاد المدرسة ........ ربنا يرحمه ويبشبش الطوبة اللي تحت راسه يارب......... ماشي سلام ياخالتي
انهى المكالمة واستدار بخطواته لكي يقطع الشارع ليصل للعربة في اخره التي سيتناول طعام افطاره عليها.. ولكنه توقف محله حينما لمح شبح الجسد الصغير ملثم الوجه وهو يتلفت حوله پخوف كي يصل لوجهته بخطوات مسرعة.. ابتسم بزاوية فمه وهو يتناول الهاتف مرة ليتصل برقم اخر
الوو .....ايوة ياعم علاء انا مازن....... معلش بقى ان كنت صحيتك بدري اوي بس المعلومة دي ماينفعش تستنى........ سعد دخل الحارة قدامي دلوقت متلتم زي الحرامية وزمانه وصل بيتهم .............بسرعة بس والنبي تعالي عشان اللحق انا مشواري واوصل البنات اخوات حودة الله يرحمه لمدارسهم ........... تمام وانا هتابعك بالتليفون ........... تسلم يارب .
اغلق الهاتف ليفرك مرة أخرى كفيه مبستما بحماس في انتظار المعركة!
............................
خرجت من غرفتها لتجد والدها ووالدتها وعمتها فوزية على منضدة الطعام يتناولون وجبة الإفطار في انتظارها.. القت التحية بوجه عابس وهي تجلس بجوارهم على أحد المقاعد 
صباح الخير ياجماعة 
رددوا خلفها التحية وهي انكبت تتناول طعامها بغير شهية.. شاكسها أبيها
ماتفردي يابت بوزك اللي قالباه كده عالصبح من غير سبب ولا يكون في سبب
ردت محرجة 
يوه يابابا هايكون في إيه يعني عادي .
أردف بابتسامة ساخرة
عادي برضوا ولا يكونش زعلانة مع سي علوة يابت وانا مش داري
ازداد عبوس وجهها والذي اكتمل بحمرة الخجل التي زحفت لوجنتيها.. تدخلت فوزية 
يالهوي عليك ياشاكر.. ماتهمد بقى ياخويا وماتكسفش البنية.. اللي يينها ويين خطيبها دي خصوصيات ملناش احنا فيها.
مصمصت سميرة بشفتيها
خصوصيات ايه بلا نيلة.. دا العيال من ساعة ماخطبوا بعض والمصاېب شغالة ترف على ادمغتنا بالكوم.. مرة بحاډثة حسين وكملت بالزعلة الكبيرة لعلاء ووالده.. اموت واعرف ايه اللي بينهم.. مش ناوية برضوا تتكلمي يافجر
تاففت ناهضة 
تاني ياماما السؤال ده ماقولتلك ماعرفش.. انا رايحة اجهز عشان احصل شغلى بقى.
رددت سميرة من خلفها 
برضوا انتي ماتعرفيش ياست الابلة! اقطع دراعي ان ماكنتي عارفة وبتستهبلي.
لكزتها فوزية 
ماتسيبها ياولية هو انتي هاتموتي لو معرفتيش
فتحت فاهها لترد ولكن سبقت فجر وهي تهتف على والدها فجأة قبل الدلوف لغرفتها
ماتمشيش يابابا قبل ماتاخدني توصلني معاك.. عشان علاء اتصل وقالي انه خرج بدري على مشوار مهم .
دوت ضحكة ساخرة من شاكر وهو يتلاعب بحاجبيه
ايوة بقى قولي.. يبقى عشان كدة قالبة وشك يا أبلة فجر.
دبت أقدامها على ألارض بغيظ قبل ان تذهب لداخل غرفتها متاففة.. تساءلت سميرة بفضول
يااخويا انه مشوار دا اللي يخرجه بدري كدة والساعة مجابتش سبعة الصبح...
توقف على مدخل الحارة بسيارته التي قادها بسرعة شديدة حتى يصل.. وجد مازن في انتظاره بجوار دراجته البخاربة وبجواره اخوات حودة.. اسرع اليه وهو يترجل من باب السيارة قائلا
حمد لله انك وصلت عشان اللحق اوصل انا البنات لمدراسهم .
تابع وهو يقترب من أذنه يهمس
وكويس عشان تحصله قبل مايمشي.
سأله بهمس هو الاخر وبأطراف اصابعه يمسح على شاربه بتحفز
هو فين دلوقتي
خرج من بيتهم جري على ورشته من يجي عشر دقايق بس.. يعني يدوبك تلحقه .
اربت بكفه على اكتاف مازن قبل أن يتحرك قائلا 
تمام يابطل.. اتحرك انت بالبنات وانا هشوف شغلي .
ربنا يقويك .
تمتم بها قبل ان يذهب مهرولا نحو الفتيات.. كم ود الأنتظار ليرى بنفسه عقاپ الخائڼ ولكنه لن يتقاعص عن تأدية واجبه في توصيل الفتيات.. وبعدها يعود على الفور ليرى وليضحي بيوم من العمل .
...............................
بداخل ورشته الخالية من العمال تناول سريعا بعض النقود الورقية من خزانة امواله الخشبية ليضعها في جيوب سترته الثقيلة وأيضا في جيبي بنطاله .. ثم أغلقها على عجالة كي يستطيع الخروج من الحارة بعد أن أتم مهنته برؤية والدته وإعطاءها بعض النقود لإعالتها .. زفر حانقا على وضع حاله الان وهو مهدد ومتخفي كاللصوص داخل حارته.. بعد ان كان يسير بها متبخترا كالملوك في سنواته الاخيرة وقد تيسرت حالته المادية بفضل نجاح مشروع ورشته.. ورشته المتوقفة من العمل الان بفضل هذا الملعۏن الذي سرق في البداية فرحته بخطبته لشروق النسخة الاخرى من حب عمره ثم تسببه في كشف أمره بالبحث في دفاتره القديمة واخراج اسرار ظن هو انها اندفنت مع مرور السنوات .بخطوات مسرعة وصل للخروج من الباب الخارجي.. اغلقه من الخارج بقوة ثم استدار وهو يغطي وجهه.. خرجت منه شهقة قصيرة مجفلة.. وهي يراه امامه بطوله المهيب 
علاء !!
بابتسامة متهكمة حرك رأسه قائلا
إيه خضيتك 
ازدرد ريقه وهو يجاهد الثبات امامه في الرد
وإيه بس اللي هايخضني منك... ياصاحبي 
صاحبي!!
رددها واعتلى شفته ابتسامة جانبية قبل ان يطرق بوجهه فتحركت اقدامه
ليقترب بخطوات بطيئة نحوه كنمر يحوم حول فريسته.. ملامح وجهه المظلمة جعلت الخۏف يزحف تحت جلده.. فتضخ الډماء السريعة لقلبه لدرجة جعلته يسمع صوت دقاته.. يحاول السيطرة على ارتعاش قدميه في الأسفل وهو يراقب خطواته حتى تفاجأ به يجذبه من تلابيب قميصه پعنف لتلفح انفاسه الهادرة وجهه.. يحدثه بلهجة مخيفة جازا على أسنانه
يعني انا كنت صاحبك بجد ياسعد
ارتجف مذعورا وخرج صوته باهتزاز 
في إيه ياعلاء جرا إيه بس مالك.
مال إليه برأسه قائلا بفحيح
دفيتها وحميتها من أذية بشړ ولما كبرت واشتد عودها لدغتني انا ولدغت حبايبي.. حبايبي اللي دفعوا تمن قربهم مني بسبب إني امنت لواحد زيك.. وانا عارف بعقد النقص اللي جواك وبرضوا بغباءي كنت
سيطر الړعب عليه وجعل كلماته تخرج بتلجلج
بببب ييييعلاء.. انت قولت بنفسك اني جسمي ضعيف.. يعني ماتاخدنيش بذنب وانت اكيد فاهم غلط .
رفع حاجبه وابتسم بشړ 
ماانت فعلا جسمك ضعيف بس انا بقى عندي رغبة انفضك النهاردة يمكن بأذيتك تهدى شوية الڼار اللي جوايا.
يعني إيه
خرجت پصدمة وعدم استيعاب قبل ان يباغته بضړبة قوية برأسه كادت تشطر جبهته نصفين وبعدها توالت صرخاته العالية بقلب الحارة وهو لا يقوى على ملاحقة الضربات ولا يعرف من أين تأتي!!!
......... .... ..........
بطرق قوي على باب المنزل الكبير فتحت الخادمة للرجل وهو يسالها بلهاث 
عم ادهم فين يابت صحيه بسرعة .
خرج له ادهم من قلب المنزل بجلبابه المنزلي وهو يجفف شعر رأسه بفوطة صغيرة 
مالك ياحوكشة بعمك ادهم وعايزها تصحيني بدري ليه اوي كدة
دلف الرجل لداخل المنزل يردف بكلمات غير متزنة 
الحق ابنك علاء ياعم ادهم.. ماسك في سعد صاحبه ضړب وعجن لما هايخلص في إيده 
هتف مجفلا 
انت بتقول مين سعد طب اجري بسرعة انده للرجالة.. على ما أنا غيرت الجلبية ولبست غيرها.. وعلى طول الحقوه لايخلص في إيده.. انا عايزه حي مش مېت .
هوا يامعلمي.
هتف بها الرجل وهو يهرول للخارج وعاد ادهم بخطواته السريعة لداخل المنزل وهو يتوعد لهذه المدعو سعد.
..............................
وفي الخارج ووسط الحارة بعد ان خلصوا سعد من تحت يده بصعوبة وهو يقاوم للإفلات منهم رغم كل مافعله بغريمه المغرق وجهه بالډماء وجسده لايقوى على الوقوف للولا المساندة.. كانت تتردد كلمات الرجال بلوم مشوب بالدهشة
اهدي يابني مش كدة حرام عليك دا كان هايخلص في إيدك.
ياعم سيبوني ياعم انا لسة ڼاري مابردتش
صلي عالنبي هو قدك ولا حملك يابني!
عليه افضل الصلاة والسلام.. طب سيبوني طيب وانا مش هاكلمه تاني... واخدينه على فين ابن المضايقة دههتف عليه الرجل المتشبث بذراعه بقوة 
يابني هايوده لامه اللي بتصرخ من بيتها عليه.. انت بس لو تقول لنا عمل معاك إيه عشان تقلب عليه القلبة السودة دي
حدق بالرجل صامتا وهو يقاوم مرة أخرى لإفلاته .. فتابع الرجل المتشبث بظهره من الخلف 
كفاية بقى هديت حيلي ياعلاء وانا عايز اسيببك بس خاېف لتتهور عليه من تاني.. دا انت مرمغت وشه في التراب وخليت جسمه شوارع .. اشحال ان ماكنتوش كبار و اصحاب كمان!
صړخ يقاومهم پجنون 
مش صاحبي.. مش صاحبي ياجدعان .. دا زرعة شيطاني وانا اكتشفت حقيقتها بس دلوقتي .
إيه اللي حصل ياجماعة في إيه
قالها ادهم وهو يقترب منهم وعيناه تجوب جمع الاشخاص الملتفة حولهم .. هتف عليه أحد الرجال
تعالى ياادهم ياكبير الحارة شوف ابنك يمكن تسكته ولا تسيطر عليه.. دا كسر سعد وبرضوا مصمم يخلص عليه .
رمق ابنه بنظرة سريعة قبل ان يسأل الرجال بلهفة
طب هو فين دلوقتي مش شايفه يعني
بداخل المحل الكبير للاداوت الصحية والخاص بأدهم الاب ضړب بكفه على فخذته وهو يرمق ابنه بغيظ بعد ان انفض جمع الرجال
يعني بس لو كان ربنا قدرك وادتني فكرة من الأول.. مش كان زمانه دلوقتي بقى تحت يدي بدل ماهو هرب كدة من الرجالة واستغفلهم ويعالم امتى بقى هانقدر نجيبه من تاني
نظر اليه باستخفاف قبل ان يشيح بوجهه للأمام بعيدا عنه.. ليثير الڠضب بداخل أدهم 
بلاش النظرة دي ياعلاء.. انا عارف انك زعلان مني وليك حق.. رغم اني ماكنتش اعرف بالمصاېب اللي عملها الكل... ده غير دلوقتي.. عارف اني غلطت زمان معاك بس ربنا العالم انا حاولت قد ايه اكفر عن غلطي.. بدليل اني لما حسيت بس بميل حسين لشروق بنت شاكر وميلك انت لفجر.. جريت بسرعة وطلبتهم من غير انتظار.. رغم معرفتي القديمة بصلة قرابتهم مع بدر الصعيدي ومراته وبنته..
ضړب بكفه على سطح المكتب غاضبا يقطع استرساله في الكلام بحدة
بقولك ايه ياحج.. قفل على كلامك ده عشان ما انا ماعنديش مرارة اسمع .. تمام.. وعن اذنك بقى عشان ماشى .
نهض ليغادر سريعا ولكن نداء ادهم بإسمه اوقفه ليردف قائلا برجاء 
كدة على طول خارج ياعلاء! دا انا مصدقت اشوفك يابني وماصدقتش فرحتي لما حكالي الواض حوكشة على اللي عملته في سعد.. عشان تاخد
بتارك منه
استدار اليه يرد بلهجة ذات مغزى
وانت بقى افتكرت اني طفيت ڼاري بضربه فاهصفالك انت بعد كدة لا أصحى ياحج ..انا دخلت المحل هنا عشان بس مكسفكش قدام الرجالة.. لكن اللي في قلبي ناحيتك مازال موجود وماتغيرش.. فاهم ياوالدي .. موجود وماتغيرش .
بصق كلماته الاخيرة وخرج مغادرا على الفور.. تاركا أدهم يعض اصابع الندم من خلفه
سيبته! ېخرب بيتك .
صاحت بها مجفلة نحو صديقتها الجالسة أمامها بجمود تتلاعب بيدها مكان خاتم خطبتها.. وقالت 
هو دا اللي كان لازم يحصل من الاول.. اساسا احنا مكناش لايقين على بعض .
ردت مستنكرة
مش لايقين ليه بقى ياغبية هو انتي يابت اټجننتي ولا
عقلك طار منك بقى اغيب عنك يومين ياسحر الاقيك تنيلي الدنيا
الټفت اليها تهتف حانقة
مكانش نافع يافجر.. انا حاولت لكن مافيش فايدة.. هو من عالم وانا من عالم تاني.. هو منفتح وانا مقفلة هو شكله وسيم ومهتم بنفسه وانا ابلة عجوزة في نفسي .
لكزتها بقبضتها على كتفها قائلة بحزم
بس يابت اسكتي وبلاش عبط.. انتي مشيتي ورا كلام الناس اللي استكترته عليكي وهزوا ثقتك في نفسك.. قولتلك من الاول.. فوقي لنفسك ياسحر.. رمزي بيحبك .
بتسمت بسخرية
ماعدتش له فايدة خلاص .. ببحبني بقى ولا بيكرهني.. اهو كل واحد راح لحال سبيله .
هزت رأسها برفص
انا مش مصدقة كلامك ده ومش متخيلة ابدا ان دي تكون النهاية.. اكيد في حل.. فاهمة .
مطت شفتيها بعدم اقتناع فلكزتها مرة أخرى على ذراعها بغيظ
والنبي الله يخليكي بلاش الامبالاة دي انا مش ناقصة.. هو انا هاخلص من المصاېب دي بس امتى ياربي.
ابتسمت بتصنع تغير دفة حديثهم وسالتها
ليه هو الأستاذ علاء لساه برضوا زعلان من والده 
زفرت بتعب
والنبي ياختي ماتجيبي سيرته ولا تفكريني بيه.. دا خرج......
قطع جملتها اتصاله.. فضحكت سحر ساخرة
مش عايزاني افكرك بيه طب اهو اتصل ياختي يفكرك بنفسه.
تحمحت تقول بإحراج وهي تتناول الهاتف
رغم اني متغاظة منه بس ماينفعش اسيبه يرن صح.
ردت سحر ساخرة 
عندك حق فعلا... عيب !
ضړبتها بقدمها وهي تنهض على ساقها.. فتاوهت الأخرى.. اشارت لها لتخفض صوتها قبل أن ترد بجمود تحول للهفة وقلق
الووو...... اهلا بيك ياعلاء............انت بتقول إيه ياحبيبي ........... لا طبعا انا هستأذن واجيلك حالا.......بلا مدرسة بلازفت .
اغلقت المكالمة وهي ترفع اشيائها على عجالة .. طب احنا نكمل كلامنا بعدين ياسحر.. عشان
معايا مشوار مهم ...ماشي ...
نظرت في أثرها وهي تردد بمرح 
ماشي ياختي ماشي.... اه ياجبانة.
........... ................. ...
ااااه... براحة يابت.
صړخ بها نحوها وهي تضغط بالقطنة والمطهر على خدوش وجهه والكدامات ..تمتمت ترد بتركيز 
اصبر شوية واتحمل ياسعد.. دا لسة باقي كتير.
جز على أسنانه من الألم يقول
لسة إيه تاني انا تعبت وماعدتش متحمل .
تنهدت قانطة وهي تلتف للجهة الأخرى تتناول قطنة أخرى وتضع عليها المطهر
يعني اعملك ايه ما انا بحاول اخلصك اهو.. بس انت وشك متبهدل خالص ومافيهوش مكان سليم .
وشي بس!
قالها وارتجف وجسده يستعيد هجوم علاء عليه وهو يزأر كالۏحش. يكيل له بالضربات واللكمات على جميع جسده..دون رأفة ورحمة بجسده الصغير .. بمقارنة بجسده الضخم .. لقد مرت هذه اللحظات المريرة لتذكره بمأساته وهو صغير قبل أن يحظى بحمايته.. لينقلب عليه الوضع الان وهو كبير .. وينال من كرامته وكبرياءه الذي صنعه لنفسه طوال السنوات الماضية.. الإهانة في ضربه وهو ېصرخ لكي يهب أهل الحارة في نجدته لعدم استطاعته صد ضړبة واحدة منه.. هو الذل بعينه.
هو انت پتبكي ولا إيه ياسعد
أجفل من شروده ليمسح بطرف قميصه دمعة هاربة من عينه.. تحمحم يتكلم بخشونة
دي بس من الۏجع الشديد في كف إيدي.
ردت مستنكرة 
يابن الناس ما انا قولتلك من الأول روح المستشفى وانت اللي مردتش .
صاح عليها رافضا
ومش هاروح يانرمين.. مش عايز حد يشوفني ولا الاقي شفقة من حد.. من هنا للصبح لو ماتحسنتش هاروح لدكتور براني اطمن واشوفها .
اومأت برأسها تتابع ماتفعله لتتجنب غضبه .. فسألها 
هي البت دي لساها برضوا مرجعتش ولا في عنها خبر
قصدك أمينة.. لا مارجعتش ياسعد بس انا خليت خالتي تتصل بيها.. ردت عليها لكن ماقالتش برضوا عن مكانها .
اخرج سبة من فمه زافرا قبل ان يرد 
مسيرها توقع تحت إيدي بت ال...... وان ماكنت ادفعها التمن غالي هي والزفت حسين مابقاش انا .. مدام كدة كدة خرابانة يبقى انتقم لنفسي صح بقى قبل ما اهج واهرب من هنا خالص.
أوقفت ماتفعله لتسأله برجاء
وانا كمان هاتلاقيلي متوى اهرب ليه ياسعد .
اومأ برأسه 
هالاقيلك يانيرمين.. مدام انت شاطرة وبتسمعي الكلام
...... .
ترجلت من سيارة الأجرة أمام البناية التي تقطنها والدتها.. وهي تتحامل على الام جسدها وذراعها معلق برباط طبي.. لفتت اليها انظار البشر الفضولية في منطقتهم من رجال ونساء اعتادت على نظراتهم المزدرئة لها ولوالدتها المعروفة لديهم مهنتها ولكن لا يجرؤ أحد على مواجهتها ولا الإحتكاك بها لسلاطة لسانها ودنو اخلاقها في الرد.. بصعوبة تمكنت من اعتلاء الدرج الأسمنتي حتى وصلت لشقتهم وقبل أن تمتد
يدها نحو جرس المنزل.. تفاجأت بفتح الباب وخروج إحدى الفتيات الغريبة عنها تتفوه لمحدثتها في الداخل
من عنيا ياأبلتي.. اتصلي انت بس في المصلحة وانا تحت أمرك.
رمقت أمينة بنظرة مندهشة قبل أن تتخطاها لتخرج وتردف بصوتها العالي ساخرة
دا باين جايلك وارد جديد يا ابلتي.. بس دي متكسرة خالص ياعيني ههههه
نظرت في أثر الفتاة أمينة بقرف وهي تغادر وتنزل الدرج.. قبل أن تلتف لداخل منزلهم فوجدت والدتها أمامها اتت لترى ماتقصده الفتاة هتفت متفاجأة بإسمها.. قبل أن تشهق وټضرب على صدرها بجزع
يانهار اسود.. إيه اللي حصلك يابت 
ردت بسأم وهي تلوح بيدها لمساعدتها
والنبي ياما دخليني الأول وبعدين اسألي.
اقتربت محاسن تلف ذراعيها حول ابنتها لتساعدها وهي تتمتم بتأنيب
تغيبي تغيبي وترجعيلي بمصېبة.. نفسي في مرة واحدة بس تفرحيني بدخلتلك عليا.
تأوهت پألم قائلة
والنبي دخليني الأول ياما.. هو حرام تدخليني من غير ما تأنبي ولا تقطمي فيا.. طب راعي حتى تعبي.
مصمصمت تلوك بفمها وهي تغمغم 
خشي ياختي خشي.. وانتي من امتى بس الكلام كان بيجيب فايدة معاكي!
بداخل غرفتها كانت تتحدث في الهاتف حينما سمعت جلبة في الخارج.. اتجهت بخطوات خفيفة حتى وصلت الى الباب تفتحه بمواربة.. لتتبين صدق ظنها حينما رأتها تدلف مع والدتها.. همست لمحدثها بمرح
العصفورة جات اخيرا ياسعد.
وصلها صوته المتلهف
امينة رجعت صح يابت ولا بتهزري
اجابت مبتسمة بانتشاء
بقولك قاعدة برة وانا شوفتها دلوقتي وهي داخلة مع امها.. دراعها متربط وبتمشي بالعافية دا باينه من أثار الحاډثة.
اجابها من الناحية الاخرى
حلو اوي... عايزك بقى ياشاطرة تعملي معاها زي مافهمتك بالظبط يانيرمين.. ماشي.
أومأت برأسها موافقة
تمام تمام.. طب اقفل انت دلوقتي وانا هبلغك بالجديد اول بأول.
اغلقت الهاتف وتنفست عاليا قبل ان تخرج لها من الغرفة.. لتجدها مستلقية على الاريكة بتعب ووالدتها بجوارها تخاطبها بسخط
يابت قولي اللي حصلك ده حصل ازاي وما اتصلتيش ليه تقوليلي عشان اجيلك هو انا مش امك يامنيلة على عينك
أجابت وهي مغمضة عيناها
والنبي ياما ارحميني دلوقتي انا مش حمل الكلام معاكي.. مشوار المستشفى هد حيلي وزود تعبي تاني
حمد الله على سلامتك ياامينة.
فتحت عيناها مجفلة على صاحبة الصوت تردد قاطبة الحاجبين بدهشة 
نيرمين!!! انتي إيه اللي جابك هنا
تسير برواق المشفى بخطوات مسرعة وعقلها يعمل في عدة اتجاهات.. بعد ما حدث وانكشف السر اخيرا بظهور فاتن.. ماذا يجب عليها أن تفعل الان اتخبره بوجودها على قيد الحياة.. أم تتجاهل الخوض في الموضوع خصوصا مع رغبة فاتن في التخفي عن الجميع سوى عن واحد فقط! وماذا عنه لو علم هل سيرق قلبه اليها مرة أخرى وينساها ام أن مرور السنوات قد ساهم في نسيانها من ذاكرته الى الأبد.. ولكن هل يعقل
نفضت رأسها لتجلى عنها بعض هذه الأفكار وهي تتجه لغرفة حسين في المشفى والتي اصبحت المقر الرئيسي له فيها الان بجوار اخيه.
طرقت بخفة قبل أن تفتح الباب لتقلي التحية على الجميع.
صباح الخير.
ردت زهيرة الممسكة بطبق الفاكهة تطعم منه ابنها المصاپ ومعها شروق وحسين أيضا.. دلفت تقبل المرأة على رأسها قبل أن تتجه لحسين تطمئن عليه.
عامل ايه النهاردة ياحسين
أجابها حسين بابتسامة ودودة وقد استعاد وجهه بعض صفائه ورونقه
الحمد لله ياستي..ادينا بنقاوح مع التعب عشان نقف على رجلينا من تاني.
قالت بابتسامة محفزة
شد حيلك ..انا كمان شايفة ان في تحسن.. ربنا يقويك أكتر وتخرج من عزلتك هنا في المستشفى.
رفع كفه وعيناه للأعلى بتمني والتفتت هي نحو زهيرة تحدثها
وانت كمان ياخالتي عيني باردة عليكي.. باين كدة تحسن حسين انعكس عليكي انتي كمان .
زهيرة بابتسامة راضية
ياه يابنتي.. دا انا روحي ردت فيا من ساعة مافاق.. هو احنا كنا فين وبقينا فين بس
تمتمت بالحمد وهي تتنقل نحو شقيتها الجالسة بركن وحدها تكتم ابتسامتها
نعم ياحلوة وانتي قاعدة لوحدك وساكتة ليه
ذهبت عيناها نحوه قبل أن تجيبها
ماانا قاعدة مؤدبة أهو يافجر.. فيها حاجة دي
حدقت بها مندهشة قبل أن تنقل عيناها نحو حسين الذي مالت رأسه يتمتم بملامح متهكمة اثارت ضحكة شروق
مؤدبة!!
التفتت فجر باستفسار نحو زهيرة التي تبسمت لمناكشاتهم وقالت 
والنبي يابنتي اهو من ساعة ما قعدت وانا شايفة الحركات والنظرات دي مابينهم
ومافاهمة حاجة.
تبسمت فجر هي الاخرى تخاطبها
ولا هاتفهمي ياخالتي.. كبري انتي مخك منهم.. دول دماغهم لوحدهم.. المهم انا مش شايفة علاء يعني هو راح فين.
تحمحم حسين يجيبها ببعض الجدية
علاء خرج من شوية يشوف حسابات المستشفى .
تحركت لتغاد الغرفة
طب انا هاخرج شوية اطل على واحدة اعرفها هنا على ما وصل هو .
.....................
مطرقة رأسها في الأرض تتكلم بلهجة منكسرة وصوت خفيض 
انا عارفة انك مستغربة قعدتي هنا وأكيد كمان مش طايقة تبصي في وشي.. بس اعمل ايه انا بقى بعد حسين ما كشفني وعرف كل البلاوي القديمة عني بسببك..
شددت على أحرف الكلمة الاخيرة قبل ان تتابع أضطريت اهرب واسيب الجمل بما حمل لجوزي.
سألتها غاضبة
وانت ضاقت عليكي الدنيا بقى ومالقتيش غير هنا عند أمي عشان تقعدي وتقرفيني.
صكت اسنانها وهي تكتم غيظها
كتر خيرك ياأمينة.. بس
انا ياحبيبتي مش جاية اقرفك ولا حاجة.. انا جاية هنا عشان دا المكان الوحيد اللي مايعرفوش عني أدهم.. ماانتي عارفة اللي فيها .
أشاحت أمينة بوجهها تزفر ڠضبا فهمي تعلم مقصدها.. وهو سمعة والدتها وتعمدها عدم ذكر اسمها أمامه.. عادت تخاطبها بتحذير
بس ماانا مش مأمناكي يانيرمين عشان عارفة علاقتك بسعد.. وانا مش عايزاه يعرف عني حاجة .
رفعت رأسها ترد بمسكنة
خلاص ياأمينة لا عاد ليا علاقة بسعد ولا غيره.. بعد ماراح مني كل حاجة في عز جوزي.. انا بس دلوقتي بقول ياحيطة داريني.. واسألي والدتك قبل اجيلها نبهت عليها بإيه.. انها ماتشتغلش خالص هنا في البيت طول ماانا موجودة.
غمغت بابتسامة ساخرة
على أساس ان أمي بتسمع الكلام ولا هاتنفذ
التفتت اليها تخاطبها بحزم
اسمعي اما اقولك انا مش هاطردك عشان عارفة معزتك عند امي.. لكن والنعمة يانيرمين ماتفكري تأذيني عن طريق الكل....... سعد لكون مسودة عيشتكم وانتي عارفة انا اقصد إيه.
زامت شفتيها تكبت ڠضبها ولتعود بمسكنة قائلة
اطمني ياأمينة.. مش هأذيكي ولا اقرب ناحيتك خالص ولا ليا دعوة بيكي أساسا.. مع إني كان نفسي نعيد مع بعض زكريات زمان.. دا احنا كنا اخوات مش ولا خالة.
رمقتها باستنكار غير مصدقة طلبها قبل ان تعود لإريكتها مستقلية مرة أخرى متجاهلة الرد عليها.
.................................
طرقت بقبضتها على الباب الذي فتح وحده على الفور لتجد طفلة رأئعة الجمال أمامها ببشرة
حليبية على وجه مستدير وعينان زرقاون ووجنتين ممتلئتين.. دنت فجر تداعبها بمرح 
يانهار ابيض عالجمال .. انتي مين ياقمر
غمغت الطفلة بصوت خفيض ولغة محببة وغير مفهومة.. جعل فجر تدنو أكثر نحوها مرددة
بتقولي إيه مش فاهمة.
دوت ضحكة رجولية من الداخل وصوت صاحبها يهتف
ماتحاوليش يافجر مش هاتفهمي الأسم ناديها ناني أحسن.
قبلتها من وجنتها وهي تدلف بها للداخل مرددة بحبور
ايه الحلاوة دي ياعصام .. تقربلك دي ولا إيه
أجابها بسعادة وفخر
دي بنتي يافجر.. ايه رأيك فيها
انت بتسألني عن رأيي دي قمر ياعم ربنا يخليخهالك.. بس ناني دا اسمها الحقيقي ولا الدلع
لا الدلع.. اسمها الحقيقي نانيس.
نانيس !
رددته بدهشة مع ضحكة مستتردة فأردف هو بغيظ
ماهو دا الأسم اللي اصريت عليه والدتها ياستي.. قال ايه اسم زهرة فرعونية.. على اساس انها بتحب بلدها قوي.
ازداد اتساع ابتسامتها وهي تداعب الفتاة مرددة
وانت زعلان ليه بس دي أحلى زهرة قابلتها في حياتي.. ربنا يحرسها من كل شړ.
غمغم بصوت خفيض 
حمد لله ماطلعتش شبه امها.
انتظرت هي لحظات في مناكفة الطفلة مترددة قبل أن تلتفت نحوه بجدية
انا كنت جايالك النهاردة في حاجة مهمة ياعصام .
ترك الأوراق من يده التي كان مشغول في قرائتها على سطح المكتب يعطيها اهتمامه
انا تحت أمرك يافجر.. قولي اللي عايزة تقوليه.
اجمعت شجاعتها وهي تأخذ شهيق طويل قبل أن تقول 
كنت عايزة أتكلم عن الدكتور منذر الله يرحمه اللي كان شريكم هنا في المستشفى ! واحكي عن حاجة مهمة عرفتها بس قريب .
قطب حاجبيه يسألها بدهشة
حاجة إيه بالظبط يافجر
عاد اليهم بداخل الڠرقة وهو يتحدث في الهاتف من تحت أسنانه
ياعم الحج بقولك معرفش غار فين هاعرفمنين انا بس ............ لا ياوالدي مازن مايعرفش عشان سعد اختفى من الرجالة كلهم وقت الخناقة............. ماشي ياابويا حاضر هارد عليك لما اعرف أي معلومة...........
كويس النهاردة حسين والحمدلله................ وفجر وشروق والجميع كويسين كمان.............الحمدلله طبعا هي دلوقتي احسن من الاول............ تمام هاخلي بالي منها ......... سلام بقي ياوالدي الله يخليك.
بعد ان اغلق المكالمة انتبه لنظرات الجميع المثبتة عليه.. قال حسين بابتسامة ذات مغزى 
الكلام الاخير ده كان على الست الوالدة صح
أشاحت زهيرة بوجهها عنه غاضبة وتبسم علاء قائلا 
ويعني دي اول مرة ماهو على طول بيسأل.
هتفت غاضبة
بقولكم ايه انتوا الاتنين.. انا مش ناقصة مقلتة ولا هزار منكم.. لموا نفسكوا احسن .
الجمتهم عن الرد فضړبت بكفيها شروق صائحة بمرح
ايوة كدة يازهيرة ياجامدة انتي.. اديهم على دماغهم .
رد حسين 
خليكي في حالك انتي يامؤدبة.
حاضر 
قالتها بأدب لتعود محلها مدعية الخجل وابتسامة مستترة جعلت علاء يتسائل باستفسار
هو في إيه
فردت زهيرة كفيها بقلة حيلة وأجابه حسين
لا ياحبيبي ماتشغلش نفسك انت.. دا حوار كدة مابينا.
اومأ برأسه
حوار مابينكم!! اه تمام.. طب انا كلمت فجر وقالتلي انها داخلة المستشفى هنا .. هي لسة ماوصلتلش على كدة ولا إيه!
.................................
بتقولي مين 
هتف بها وهو ينهض عن مقعده خلف المكتب پعنف ليلتف حوله ويتابع 
هو انت بتهزري ولا بتتكلمي جد 
تنهدت قانطة وهي تحاول انتقاء كلماتها
وانا ايه اللي هايخليني اهزر بس في حاجة زي دي هو انت تعرف اني تافهة للدرجادي
هتف بغير تصديق
مش تافهة يابنتي بس انا اصدقك ازاي وانتي جاية تقوليلي ان فاتن عايشة وكمان كانت متجوزة الدكتور منذر اللي كان شريكي في المستشفى 
اومأت رأسها بتعب
انا عارفة انك مش مستوعب ودا حقك طبعا.. بس انا بتكلم بجد.. دا انا لولا اني قابلتها بعيني في بيتها واتكلمت معاها وربنا ماكنت هاصدق.. ولو فرضا كنت بكدب مثلا هاتبلى ليه انا على راجل محترم زي الدكتور
منذر حسب ماعرفت يعني عن سمعته
سقط على الكرسي المقابل لها امام المكتب وهي يردد بذهول
انا طبعا مابقولش عليكي كدابة.. انا بس مستغرب ايه اللي لم الشامي عالمغربي.. ومن ناحية سمعة الدكتور فهو فعلا كان راجل محترم الله يرحمه وينضرب بيه المثل في الطهر والنقاء كمان.. ورغم انه كان دايما بيخبي حياته الخاصة عن الجميع.. بس احنا كان ظننا انه عشان ملتزم يعني.. لكن يطلع متجوز فاتن اللي اتضح انها مامتش.. بصراحة بقى دي حاجة ولا في الخيال .
استراحت بوجنتها على كف يدها المستندة على طرف المكتب بتعب وهي تنقل نظراتها منه والى الطفلة الصغيرة وهي تلعب على أرض المكتب بألعابها.. ثم ما لبثت ان تعتدل بجلستها تتناول حقيبتها تبحث عن شئ ما وهي تقول
بقولك إيه ياعصام.. انا عارفة انك لايمكن هاتصدق غير لما تشوف بعينك او تسمع
بودانك صح
صح ايه
رددها بعدم فهم وهو يراها تتناول الهاتف تضغط على أحد ارقامه ثم ردت على محدثتها في الجانب الاخر
الوو ياحبيبتي ازيك ... تمام بخير الحمد لله.... بقولك ايه طيب.. ماتاخدي تكلمي الدكتور عصام بنفسك.......
مدت بيدها اليه تناوله الهاتف قائلة
اتفضل اتأكد بنفسك .
تحركت رأسه بالرفض القاطع 
لالالا انا مش عايز اكلم حد... انتي عايزاني اكلم مين اساسا
صاحت عليه حازمة
امسك ياعصام وبطل خوف بقى.. هي تاكلك في التليفون.
تناول الهاتف بإيد مرتعشة وخرج صوته باهتزاز ليفاجأ بصوتها الناعم الدافئ 
الوو ياعصام.. انت خاېف ماتكلمني ولا إيه
سقط من يده الهاتف وكأنه حية على وشك ان تلسعه ونهض عن مقعده ينظر لفجر بأعين متسعة من الخۏف والدهشة وصدره يصعد ويهبط بتنفس مضطرب.. تناولت هي الهاتف من على الارض قائلة بسخط
ايه ياعم بترمي التليفون بقلب جامد كدة مش خاېف لايتكسر
وهو بيرميلك التليفون ليه
الټفت الاثنان على الصوت الخشن وصاحبه واقف على مدخل الباب المفتوح بيد الطفلة الصغيرة.
اغلقت هي المكالمة سريعا فردت بارتباك
علاء! لا ياحبيبي دا بس وقع منه من غير ما يقصد..هو انت وصلت أمتى
انا حالا واصل ياستي..والقمر دي هي الليفتحتلي باب المكتب.. ايه ياعم عصام الحلاوة دي جايبها منين بس
رد عصام بتشتت وهي يعود لجلسته خلف المكتب
هاا... اه ياحبيبي اتفضل اقعد هنا على الكرسي الفاضي ده.
جلس علاء وهو ينظر اليه بتفحص قبل ان يلتفت لفجر مستفسرا
دا ماله ده 
مطت شفتيها واهتزت كتفاها تجيب 
معرفش انا ماله... اسأله انت
أسأله انا !!
قالها باستنكار قبل ان يتابع 
طب انتي جيتي هنا ليه مش قولتي انك رايحة تزوري واحدة عيانة.
ردت متناسية
قولت لمين اني رايحة لواحدة عيانة
عاد بجسده لخلف المقعد ناظرا اليها بتشكك مما جعلها تتدارك نفسها وتتذكر 
اااه.. انت قصدك على حسين وخالتي زهيرة.. معلش لو كنت نسيت.. انا فعلا زورت واحدة زميلة هنا في الدور التاني وبعدها جيت هنا اسأل عصام عن حالة حسين واطمن يعني.
تطمني من مين دا شكله مش معانا اساسا او اكنه مضړوب على دماغه .. عصاااام .
قال الاخيرة وهو يضرب بكف يده على سطح المكتب بقوة مماجعله ينتبه مجفلا 
في ايه بس ياعلاء ياأخي مالك 
رد ممازحا
هو انت بعد دا كله ولساك بتسأل بقولك ايه يابني.. نصيحة كدة خد بالك من الأمورة الصغيرة لامها تشلوحك في المحاكم .
تقبل مزاحه يرد بابتسامة
لا ياسيدي اطمن... احنا واخدين اجازة اليومين دول من المحاكم اصل امها في رحلة لإيطاليا مع جماعة اصحابها.. شالله ماترجع تاني.
غمغم الاخيرة بصوت خفيض اثار ضحكات الاثنان .
بعد مغادرة علاء وفجر.. ظل عصام على حالة الجمود والتشتت.. لايجد تفسيرا لما يشعر به الان من وقت أن سمع صوتها وقد اصابته ارتجافة مفاجئة .. مع تسارع شديد في دقات قلبه.. وعقله يأتي بصورة وجهها وكأنه رأها الأمس وليس من عدة سنوات !!
..... ..
بداخل السيارة وهي جالسة في الأمام بجواره كانت مستندة برأسها لخلف المقعد تنظر من نافذة السيارة للطريق الخارجي واليه مع ترديدها لكلمات الأغنية التي يصدح بها مذياع السيارة.. 
وهمسلي قالي الحق عليه
نسيت ساعتها بعدنا ليه
فين دموع عيني اللي مانامت ليالي .
بابتسامة من عيونه نساهاني .
أمر عڈاب واحلى عڈاب عڈاب الحب للأحباب
ماقدرتش اصبر يوم على بعده
ماقدرتش اصبر يوم على بعده
دا الصبر عايز صبر لوحده.
ربنا مايحرمني منك يارب.
تنهدت قائلة بصوت كخرخرة القطة
انا بحب الأغنية دي قوي ياعلاء عشان بتعبر قوي عن اللي جوايا ناحيتك.. انا فعلا مااقدرش اصبر يوم على بعدك ولا حتى دقيقة احس فيها بجفاك.. يعني لو حصل.
ضغط بكفه المطبقة على كف يدها يضعها على ركبته متأوها 
بس بقى الله يخليكي كفاية كدة انا مصبر نفسي بالعافية.. مش كفاية عملة الزفت حسين اللي هاتخليني انتظر فرحي عليكي شهور تاني.. كنت ناقصه انا ده .
ضحكت بدلال وهي تزيح بكف يدها الحرة خصلات شعرها المتطايرة على وجهها بفعل
الهواء.
ياسلام يعني لدرجادي انت مستعجل على جوازنا
ترك الطريق لينظر اليها ويحدثها بصدق
اوي يافجر.. نفسي اليوم دا يبقى امبارح مش بكرة ولا النهاردة.. نفسي اغمض عيني وافتحها الاقيكي معايا في بيتي ومعانا اولادنا.. انا مقدرش اوصفلك إحساسي كان إيه لما شوفت بنت عصام النهاردة.. قلبي رفرف جوا ضلوعي وانا بتخيل انها تبقى بنتنا انا وانتي.. حتة منك وشبهك.. ياه ياجدعان امتى دا يحصل.
تبسمت بمرح قائلة 
بس بنت عصام دي حلوة زي الخوجات.. لكن انا ياعم على قدي .
التف اليها محذرا 
مين دي اللي على قدها.. اثبتي مكانك طيب بدل ما اتعصب عليكي.. لو بنت عصام قمر فاانتي قمرين وبنتنا هاتبقى تلت قمرات في بعض عندك اعتراض بقى
قهقهت ضاحكة تقول
طيب انا كنت عايزة اسألك بقى مدام عجباك لدرجاك كدة زي مابتقول.. ايه اكتر حاجة شدتك فيا
التف اليها مجيبا دون تفكير
عنيكي.
هزت رأسها قائلة بوجه متورد يشع بالسعادة
اشمعنى عيوني بقى افهم .. اصل انا طول عمري شايفاهم عادين يعني.. مش زي عيون شروق مثلا لونهم العسلي بيلفت النظر خصوصا في الشمس.
كان قد وصل الى وجهته فاأوقف السيارة أمام البناية التي تضم شقتيهم.. نظر اليها محدقا بعيناها يرد
مش موضوع لونهم ولا شكلهم ايه الموضوع اني اول ما بصيت فيهم حسيت وكأن فيهم رابط بيربط مابينا.. فيهم حاجة بتشدني ليكي زي المغناطيس.. فاكرة لما قولتلك بلاقي فيهم راحتي وقولت كلام كتير تاني عنهم.. انا مكدبتش في حرف يافجر.. انا عندي استعداد اقعد بالساعات وانا مركز فيهم واقرا كل لفته منهم.. وعمري ما امل.. عيونك المرسى اللي رست عليه مراكبي بعد شقا سنين طويلة يافجر.
فغرت فاهاها واغلقتها عدة مرات حتى خرج صوتها اخيرا 
طب انا اقول ايه دلوقت قصاد كلامك الحلو ده انا حاسة اني لو حاولت اردلك هاطلع حمارة وش قدام رومانسية المعلم علاء .. انت بتجيب الكلام دا منين
صدحت ضحكته الرنانة 
الكلام بيخرج من قلب المحب من غير تفكير ولا تركيز.. ياقلب علاء.
بقلب يضرب بالسعادة داخل صدرها لوحت بكفها قائلة
كفاية والنبي.. خليني استوعب شوية شوية الكلام الحلو ده بعد نشفان وشد اعصاب الأيام اللي فاتت .. عشان ما يغماش عليا قدامك دلوقتي.
قرب وجهه منها يقول بحنان
سلامتك ياعمري من أي سوء.. انا عارف اني مقصر معاكي عشان الظروف اللي طبت علينا فجأة.. بس
وعد عليا.. كل ده هايتعوض الأيام اللي جاية.
هتفت بلهفة 
بجد ياعلاء.. يعني هايبقى فيه كلام حلو زي اللي قولتوا دلوقتي
تنهد باضطراب أمامها محدقا بها بصمت وملامح مبهمة غير مفهومة وهي منتظرة الإجابة ثم مالبث ان قال
بقولك إيه يافجر.. قومي الله يرضى وخلينا نكمل كلامنا
بعدين عشان بس مانعملش فضايح .
تسائلت باستفسار وحسن نية
فضايح ليه هو احنا بنعمل حاجة غلط 
رد مقررا بتأكيد 
انا اللي هاعمل لو ماقومتيش من قدامي دلوقتي على طول.. يبقى اتحملي انتي اللوم لو والدك ولا حد من الجيران ظبطني وانا بحضنك او.......
لا وعلى إيه سلام ياعم .
قالتها بعجالة وهي تترجل من السيارة هاربة اثارت ضحكته المرحة مرة أخرى.
اعتلت الدرج وقلبها يقفز من السعادة معها وهي تستعيد كل لفتة وكل همسة منه.. تغزله لعيناها ولهفته عليها ونظراته المشبعة بالعشق.. ولكنها توقفت فجأة وكأنها استفاقت من سكرة عشقه.. ليصدح هذا الصوت بداخلها
ياترى لو عرف فاتن عايشة هايفضل على حبه ولهفته دي ولا هايحن لحبه القديم
تنهدت بأسى تكمل اعتلاء الدرج وقد ذهب عنها مرح اللحظة وعاد اليها هم القادم .
بداخل المدرسة محل عملها كانت جالسة مع صديقتها في ركن وحدهم تحت ظلال إحدى الشجيرات يتحدثن كالعادة في الموضوع الملح
ماتقولي يابت رديتي وقولتي ايه 
زفرت سحر تشيح بوجهها عنها
يووه عليكي يافجر ماقولتلك موضوع وخلص.. لزوموا ايه بس الرغي .
هتفت عليها حانقة
لزوموا ان الراجل بيكلمني ويتصل بيا عشان اقنعك.. هو في ايه بالظبط انا حاسة ان الموضوع اكبر من حكاية سفرك معاه.
الټفت اليها تنظر صامتة باعين خاوية مما جعل قلب فجر يسقط في صدرها
ايه اللي حصل ياسحر وليه الحزن دا اللي انا شايفاه في عيونك هو غلط فيكي ولا خانك ولا إيه بالظبط
ردت بصوت منكسر
مخانيش ولا غلط فيا بس انا قولتلك احنا ماننفعش لبعض.. انا أبلة وروحي في مناخيري وهو حلو ومتشيك تليقله واحدة زيه صغيرة تدلعه ويفتخر بيها.
لكزتها بقبضتها على ذراعها
بت انتي انا مش ناقصة اللغاز.. طلعي اللي جواكي واحكي ايه اللي حصل بالظبط
صدح هاتف فجر فجأة ليقطع تركيزها في التفكير لمعضلة صديقتها.. زفرت بغيظ وهي تنظر في اسم المتصل
اسمعي اما اقولك لينا قاعدة نرغي فيها وتحكيلي كل اللي جواكي.. لولا ان اني بس مش ورايا حاجة مهمة دلوقتي.. لكن والنعمة ماهسيبك ياسحر.. سامعة .
نهضت عن المقعد ترد على الهاتف بعد أن توعدت صديقتها
الوو........ ايوة ياعصام ...........تمام حاضر هاتصل بيها ونيجي على طول ماتقلقش انا عارفة العنوان.
بعد ان ابتعدت بمسافة كافية وسحر تتابعها بعيناها بشرود اجفلت فجأة على اهتزاز المقعد بجوارها
يشير لجلوس احدهم .. وبمجرد التفافاها الى الجالس تفاجأت به يحدثها
انا اسف لو فاجئتك او ازعجتك.. بس انتي ممكن تسمعيني الأول .
ضيقت عيناها متسائلة
اسمعك في إيه بالظبط ياأستاذ عبد الله
وفي مكان اخر
كان حسين على سريره الطبي يحاول جاهدا بيده السليمة ان يتناول منديل ورقي من العلبة الموضوعة على الطاولة القريبة منه.. يستحي ان يوقظ والدته التي غفت بجواره على المقعد الجلدي ولا يريد النداء على الممرضة.. انتابته رغبة ان يصل الى العلبة بنفسه دون المساعدة من أحد ولكنه كلما حاول ان يرفع جسده تألم بشدة.. تكررت المحاولات وفي كل مرة كان يسقط متنهدا بتعب حتى كاد ان يفقد الأمل.. ليفاجأ في المرة الاخيرة بشهقة انثوية وصوتها يصدح
انت بتعمل ايه ياحسين
انتفضت زهيرة من نومتها وكادت ان تستيقظ فلاحقها حسين 
نامي ياأمي ماتقلقيش دي شروق بتهزر .
عادت زهيرة لنومتها ودلفت شروق للداخل بخطوات خفيفة.. هتف عليها حسين ضاغطا على اسنانه بصوت هامس
مش تخلي بالك ياشروق.. دا انا مصدقت عيونها غفت من لطعتها جمبي طول الأيام اللي فاتت.
تقربت منه قائلة بأعتذار
معلش اسفة بس انا بصراحة لما شوفتك قلقت.. هو انت كنت بتعمل ايه
رد بصوت خشن 
انا كنت عايزة اوصل لعلبة المناديل اللي هناك دي.. بس مدام انتي جيتي اتفضلي يالا هاتيلي منديل .
حينما تناولت المنديل اردف بأمر
اتشطري بقى وامسحي العرق اللي على وشي كمان.
همت لتنفذ امره ولكنها ارتدت فجأة قائلة بتوجس
حسين.. اوعى تكون دي لعبة من الاعيبك
قال متصنعا الڠضب
الاعيب إيه وزفت إيه في ايه شروق هو احنا هانهزر
تخصرت مدافعة
اه الاعيب ولا انت نسيت امبارح.. لما قولتلي اشوف عينك اللي اتطرفت عملت ايه
رد بابتسامة خبيثة
عملت ايه ماتفكريني بقى عشان انا مش فاكر.
قالت بابتسامة ازدادات اتساعا تخفي خجلها
ياسلاااام... يعني نسيت لما شدتني بدراعك السليم ده لحد اما اترميت عليك و.......
لعب حاجبيه قائلا بابتسامة عبثية
وايه! ماتقولي.. ولا تيجي نعيد من تاني .
لكزته بقبضتها على دراعه السليم هاتفة بضحك
بس بقى قلة ادب اومال لو مكنتش مدشدش كنت عملت إيه
تأوه مټألما 
اه ياني ياما.. دراعي يامجنونة.
صدح صوت زهيرة خلفهم 
مالوا دراعك ياحبيبي.. عملتلك ايه البت دي
وضعت كفها على فمها بإحراج غير قادرة على الإلتفاف نحو المرأة فرد حسين بجدية مصطنعة
مافيش حاجة ياامي دا انا بس بهزر مع شروق.
كدة طب تمام يانور عيني.. ربنا يهنيكم ببعض.. بس ياريت والنبي توطوا صوتكم شوية عشان اعرف انام يعني.
قالتها بنبرة تنضح بالخبث جعلت حسين يضحك من قلبه متشفيا في شروق التى تسمرت محلها تكاد أن ټموت من الخجل ووجهها اصبح كقطعة الفراولة من الإحمرار.
..............................
انا عارف انك متفاجئة وتلاقيكي مستغرباني كمان بس بصراحة انا مصدقت اتشجع عشان اكلمك.. خصوصا لما عرفت بموضوع فسخ خطوبتك مع الجدع البقف ده .
بقف!
تفوهت بها مجفلة وقبل ان تتابع وجدته يقاطعها
ارجوكي سيببني اكمل كلامي ياسحر.
سحر!! حاف 
تمتمت بها داخلها باستنكار وهي تستمع الي باقي حديثه
اكيد انت عارفة او حسيتي من طريقة معاملتي ليكي ان معجب من زمان ونفسي اتقدم.. بس طبعا كنت متردد عشان يعني كنت خاېف لترفضيني عشان شكلي.. رغم اني في اوقات كتير كنت بحس بإعجابك بيا من خلال نظراتك او تلميحاتك بالكلام .
اشارت بسبابتها نحوها بجزع 
انا كنت معجبة بيك وبلمح بالكلام 
باغتها فجأة وهو يتناول كف يدها قائلا 
مش مهم ياسحر ان كنتي لمحتي ولا لأ.. المهم اني فوقت لنفسي اخيرا واتشجعت وفاتحتك.. فاضل بقى انك تتشجعي انتي كمان وتعترفي باللي جواكي .. بأنك متقبلاني رغم اني شكلي يعني على قدي مش زي الجدع دا اللي فاكر نفسه ولا نجوم السيما وهو مايسواش قشر بصلة.
قشر بصلة !!
غمغمت بها مصډومة قبل ان تفاجأ بالأستاذ عبد وهو يرفع من ياقة قميصه وصوت رجولي خشن محمل بالڠضب
مين ياض اللي مايسواش قشر بصلة 
هتفت بجزع
يانهار اسود رمزي.. سيبه يا رمزي.
لوح بسبابته محذرا نحوها 
اخرسي انتي مااسمعش نفسك خالص.. وانت ياض.. لساك ماسك في ايدها سيبها ياض بدل ما اقطعلك ايدك دي.
قالها وهو يفلت كفه عن كفها عنوة فصاح عبد الله
وانت مالك انت يابارد.. هي مش خلاص فسخت خطوبتها منك.. ماتسبيها بقى تشوف حياتها مع الإنسان اللي بتحبه.
شهقت سحر بغيظ من كلمات عبدالله لتفاجأ برد فعل رمزي القوي وهو يهتف
بقى انا بارد وهي بتحبك انت طب دافع بقى ياشاطر عن حبها ليك .
ثم طرحه ارضا ليكيل لها باللكمات وسحر تهتف
لتركه خوفا على الاثنان ودرءا للفضائح رغم انتشاءها بكل ضړبة يتلقاها عبدالله بعد افتراءه عليها
على منضدة خشبية صغيرة بإحدى الإندية الخاصة بعلية القوم كان جالسا يراقب صغيرته التي تلعب حوله مع أقرنائها من الاطفال.. منتظرا بشرود اللقاء المرتقب.. لا يصدق حتى الان ان تكون حقيقة.. لقد مرت سنوات طوال منذ الحاډثة المأساوية التي ظلت عالقة بذهنه دون ان يتمكن من تخطيها والنسيان.. وكانت السبب الرئيسي لتحوله من آنسان عابث الى دكتور جاد لايلتفت سوى لمستقبله والمحافظة على ارث والده
في مكان نقعد جمك يادكتور 
رفع رأسه على مصدر الصوت فارتد بمقعده للخلف مجفلا لاتصدق عيناها رؤيتها.. رغم النظارة السوداء التي اكلت نصف وجهها لكنه عرفها.. ملفحة بحجاب طويل على ملابس عصرية ذو ماركات غالية يعلمها هو جيدا .. وجهها الأبيض ازداد صفاء ونضارة اكثر من ذي قبل مع ابتسامة رائعة زادته اشراقا كما اظهرت النظارة الشمسية رقيها ونضجها.. وتحمل بيدها طفلا اكبر من ابنته بقليل ولكنه اجمع بين صفات ابيه الشكلية وجمال والدته .. طرقت فجر بقبضتها على المنضدة بقوة
هاتفضل متنح لها كدة كتير مش ناوي بقى تقولنا اتفضلوا .
نفض رأسه وهو ينهض عن مقعده بارتباك
ااه طبعا اتفضلوا ياجماعة.
مدت اليه كفها الحرة بابتسامتها المعهودة 
طب مش تسلم الأول يادكتور.
مد كفه المرتجفة يصافحها بتوتر 
أهلا بيكي يا فاتن... انتي عاملة إيه
انا كويسة والحمد لله.. انتي اللي ايدك باردة اوي واكنك عيان .
قالتها وجلست على الفور مع ابنها .. نظر هو لكفه التي صافحتها للتو صامتا ولكنه اجفل على صوت فجر التي هتفت عليه
انا واقفة على فكرة قدامك لسة.. ولا اقولك اقعد احسن مش وقت سلام 
لم يرد على مزحتها بل أكتفى ان يجلس على مقعده أمامهم وهو مازال مأخوذا برؤيتها
تكلمت فاتن بمرح
انت لسة برضوا مش مصدق ان انا اللي قاعدة فصادك
بصراحة متأخذنيش دي حاجة ولا في الخيال.. خصوصا كمان لما عرفت انك كنني متجوزة الدكتور منذر .. يعني قرببة من دايرتي وانا اللي بقالي سنين بضړب اخماس في اسداس عن مصيرك المجهول.
خبئت ابتسامتها وهي تتنهد قانطة قبل ان ترد
عندك حق فعلا.. اللي حصل كان اكبر من اي استيعاب او اي منطق.. بس الحمد لله ربنا وضع في سكتي اللي ياخد بإيدي وينجدني.. بس انا عمري مانسيت جميلك معايا ياعصام.
ضيق عيناه متفكرا 
جميل ايه بالظبط انا مش فاكر حاجة .
أجابت ممتنة
يمكن انت متكونش فاكر.. بس انا لايمكن انسى اللحظة لما.....
توقفت قليلا متأثرة بذكرة الماضي ثم اردفت
لما دخل علاء واشتغل ضړب فيك وانت كل اللي على لسانك فاتن شريفة وملمستهاش.. اتحملت الضړب وانت بتدافع عني في اضعف اوقات حياتي من غير ماترد بضړبة واحدة على علاء اللي سابك في الأرض سايح في دمك.. وانت برغم كل اللي فيك كنت رافض مني المساعدة او انقذك.. دا انت حتى فضلت تنتظر والدم پينزف من دماغك.. مش راضي تتصل بحد ينجدك غير بعد ماانا امشي عشان ماتضرش بسمعتي.. كان اهم حاجة عندك انى افضل مستورة ومانفضحش .
ظل ساهما بحديثها وهو لا يجد مايرد به عليها وكيف يرد وهذه الحاډثة حاضرة في ذهنه كأنها حدثت أمس وجرحهها مازال ېنزف بداخله.. صفقت فجر بكفيها لتفيق الاثنان
اصحوا ياجماعة اللي فات راح وعدى خلينا في الحاضر .. وشوفوا اجتماعكم النهاردة على ايه من بالظبط.
انشق ثغره بابتسامة مضطربة وهو ينظر نحو الطفل الصغير ليغير دفة حديثهم
بسم الله ماشاء صحيح.. ابنك جامع في الصفات اللي هاتخلي البنات تجري وراه لما يكبر.
ابتسمت بإشراق قائلة وهي تنظر نحو الطفل
دي حبيبي دا ابن عمري
.. عبد الرحمن هدية والده ليا قبل ما يتوفاه ربنا.
ربنا يخليهولك يارب ويرحم الدكتور منذر.. دا كان من احسن الناس خلقا والله حتى في شراكته معانا كان في منتهى الإخلاص والتفاني .
تبسمت ترد على كلماته 
اه شركته ليكم.. جينا بقى للمهم.. عشان انا كنت عايزة اتكلم معاك في الموضوع ده.
اومأ برأسه
حقك طبعا.. انا جايب معايا النهاردة كل حسابات الشهور الي فاتت.. دا غير طبعا اني عايزك تطلعي على كل التطورات اللي حصلت في الفترة دي وخصوصا قسم الدكتور منذر...
قاطعته فجر.
بس بس ياعم انا معنديش دماغ للتفاصيل بتاعتكم دي.. ايه رأيكم اخد عبد الرحمن ونروح نلعب مع الأمورة نانيس بنتك.
نهضت من جوارهم لتعلب مع الطفلان بحرية وسعادة متناسية الزمان والمكان حتى اتاها اتصاله فردت ضاحكة
الوو ياحبيبي عامل ايه
اتاها صوته الغاضب 
انتي فين يافجر
ردت مرتبكة 
يعني هاكون فين يعني رحلت مثلا هو انت بتسأل عليا ليه
وصلها صوت زفره طويلة وحادة قبل ان يهتف پغضب
عشان انا روحتلك مدرستك وسألت عليكي قالولي خرجت من يجي ساعتين وفي البيت مش موجودة وعند حسين وشروق في المستشفى برضوا مش موجودة.. قاعدة فين يافجر دلوقتي جاوبيني حالا .
..
ارتبكت من حدته المفرطة في الحديث اليها حتى كادت ان تقول الحقيقة وتذكر اسم فاتن وعصام.. ولكنها تداركت نفسها فخرج صوتها بتلعثم 
انااا عند واحدة صاحبتي تانية غير سحر.. بزورها في بيتها عشان عيانة.
وصلها صمته قليلا قبل ان يسألها بريبة 
صاحبتك دي اسمها ايه يافجر
ردت كاذبة بأسم واحدة أتى على رأسها فجأة
مدام نور...ااا هي مش أستاذة خالص على فكرة معانا في المدرسة.. عشان تعرف يعني .
امممم.
تابع بنبرة هادئة بشكل عجيب
طب خلصي مشوارك يافجر وياريت
متتأخريش .
اومأت بلهفة 
طبعا طبعا.. ححاول متأخرش ياحبييي .
قال منهيا المكاملة.
تمام يافجر وانا منتظرك عشان تحكيلي.. سلام بقى.
بعد ان انهاء المكالمة تنفست الصعداء وهي تشعر اخيرا بدخول الهواء الى صدرها.. فقد وترتها مكالمة علاء الغريبة بشكل مخيف.. وانتابها شعور القلق بشدة فهي لم تعهد هذه الحدة قبل ذلك من علاء خطيبها الحنون على الإطلاق.
الټفت لتعود للأطفال بعد ان انشغلت عنهم بمكالمتها مع علاء.. ولكنها لم تجدهم.. جالت بعيناها تبحث عنهم في جميع الأنحاء وهي تنادي بأسماءهم
نانيس.. عبد الرحمن.. نانيس .. بيدوا ..ياولاد انتوا فين
سقط قلبها عند أقدامها حينما رأت الكرة الصغيرة التي كانت تتلاعب بها معهم بعد ان ابتعدوا عن طاولة فاتن وعصام بمسافة طويلة عنهم.. وبدأت تردد بصوت مرتعش وتبحث عنهم بتشتت 
يابيدوا .. ياناني .. يانهار اسود انتوا روحتوا فين وسيبتوني
خرجت شروق من الباب الخارجي للمشفى لتستقل احدى سيارات الأجرة للعودة لمنزلهم بعد انهت زيارتها اليومية لحسين والإطمئنان عليه.. ابتسمت بخفة وهي تتذكر مناوشاته لها وهذا الجزء الخفي من الشقاوة لديه.. والذي لم يظهره لسواها ومكره الدائم للأيقاع بها رغم حالته الصحية 
لو كان طريح الفراش.. والغريب انها في كل مرة تأخذ حذرها منه ومع ذلك ينجح بألاعيبه معها .
اعتلت الرصيف القريب من المشفى تشير بيدها لسيارات الأجرة امامها.. ولكن شتت انتابهها هذا الصوت المتكرر والذي تجاهلته عدة مرات حتى التفتت نحو المصدر حينما ازداد علوه.. وجدت امرأة ترتدي عباءة سوداء واقفة بمدخل إحدى الشوراع الضيقة و تغطي على نصف وجهها بطرف حجابها القصير وهي تشير لها بيدها 
بس بس تعالي.
اومأت بسبابتها نحو نفسها ترد
انت بتشاوريلي أنا
أجابت بصوت خفيض
ايوة انت ياشروق.. إيه مش واخدة بالك مني
شروق!
رددت خلفها وهي تميز بحة الصوت والشبه الذي ليس غريبا عنها.. تحركت بخطواتها حتى اقتربت منها على مدخل الشارع فسألتها وهي تدقق النظر بها
انت نيرمين صح
اومأت برأسها وتكلمت پانكسار 
انا عارفة انك مستغرباني دلوقتي.. بس انا خاېفة اكشف وشي لايشوفني ادهم ولا علاء ابنه وانا مش ناقصة.
سألتها بحيرة
مش ناقصة إيه ثم انت موقفاني ليه بالظبط وانت هربانة من يوم حاډثة حسين وماحد عارف مكانك فين
تلجلجت قليلا ثم قالت بتماسك
ممماهو ماهو انت ماتعرفيش ياشروق باللي عمله ادهم معايا عشان اهرب.. دا كان بيشك فيا وفي الاخلاقي من غير سبب لحد اما هجيت طفشانة.. بس انا تعبت وكنت عايزاه يسامحني عشان أرجع.
عايزة ترجعيلوا يعني طب وانا مالي
سألتها فحركت الأخرى رأسها يمينا ويسارا وخاطبتها
طب بقولك إيه.. ماتيجي معايا نقعد في أي حتة كدة عشان افهمك .
هزت رأسها رافضة
اسفة معلش انا يدوب اروح
تحايلت بإصرار
طب حتى ادخلي لجوا الشارع شوية لاحسن حد يوصل فجأة منهم.. دول بس كلمتين عالواقف عايزاكي تبلغيهم لأدهم عشان يرجعني.
زفرت متأففه وهي تسلتسلم لسحبها لداخل الشارع الضيق وقبل أن تبتعد هتفت برفض
خلاص كفايه هنا قولي بقى واتكلمي اديكي اداريتي شوية عن مبنى المستشفى .
وقبل أن تتفوه نيرمين بكلمة تفاجأت شروق ييد كبيرة تلتف حولها والأخرى تكمم فاهها بمنديل ابيض ذو رائحة نفاذة حاولت مقاومتها ولكنها لم تستطع الصمود أكثر من دقائق حتى ارتخت أعصابها ولم تعد تشعر بما حولها على الإطلاق.
تذرف الدمعات بدون توقف والقلق يأكل قلبها على الطفلان مع شعور بالحرج يكاد ان يفتك بها وهي لاتقوى على النظر بأعين عصام الذي انلطلق مع عمال النادي والموظفين في رحلة البحث عن الطفلين وفاتن قريبا منها على إحدى المقاعد تبكي وتنوح اختفاء طفلها وبجوارها مجموعة من النساء أعضاء النادي يواسينها بعدة كلمات مطمئنة بقرب العثور على طفلها فلا احد يدخل ولا يخرج من النادي غير معلوم بالإضافة للكاميرات الموضوعة في مدخل النادي وخارجه.
اه يابني ياترى انت روحت فين بس
ردت عليها إحدى النساء
يامدام اطمني مدام الكاميرات ماسجلتش خروجهم من البوابة يبقى أكيد هنا في النادي.
قالت پبكاء
بس انا قلبي هايوقف من الخۏف عليه.. خاېفة ليكون جراله حاجة هنا كمان جوا النادي دا مساحته كبيرة والأطفال ما بيفرقش معاها اي حاجة عشان تجربها.
واستها المرأة الأخرى 
تفائلي يامدام وخلي إيمانك بربنا كبير.
ونعم بالله.. انا بس لو اعرف اختفوا ازاي كدة 
وجهت السؤال نحو فجر التي اشاحت بوجهها عنها بصمت وهي تتمنى المۏت على أن يصيب الأطفال السوء.. انتفضت فجأة على صړختها باسم طفلها وهي تنهض من مقعدها مسرعة.. الټفت فجر للأمام فوجدت عصام وهو يحمل الطفلان ابنته وعبد الرحمن الذي اختطفته والدتها 
انت لقيتهم فين ياعصام
سألته فجر بعد ان استقامت واقفة فأجاب هو بنبرة مرحة 
لقيتهم تحت الطرابيزة مستخبين ياستي في نفس المكان اللي كنتي بتعلبي فيه معاهم.. العفريتة بنتي بقى حبت تعمل فيكي المقلب اللتي بتعملوا معايا على طول وجرجرت ابن فاتن معاها ياعيني .
يعني كان مقلب من العيال وانا شربتوا!
قالتها پصدمة لتسقط مغشيا عليها بعد
ذلك 
............................
بداخل السيارة التي يقودها كانت نيرمين جالسة في المقعد الخلفي مسندة راس شروق الفاقدة للوعي على كتفها بسبب ما تنشقته.
طب انا كدة عملت كل اللي قولت عليا.. هاتنفذ وعدك بقى معايا ولا هاتخلى بيا
سألت وكان رده بحماس
اطمني يانيرمين.. هو اخرهم يوم ولا يومين بالكتير وهاتسافري معايا بلد جديدة انا جهزت كل حاجة.
طب دي هاتعمل فيها إيه وليه أصريت على خطڤها أصلا لزمتها إيه معانا.
سألته بالإشارة الى شروق رد هو بابتسامة ذئب وعيناه في المراة عليها 
هاعمل نفس اللي عملته من عشر سنين يانرمين.. وبعدها هي تختار بقى ياتيجي معايا ياتتحمل اللي هايحصل معاها.. وفي الحالتين هابقى انتقمت من حسين سبب كل البلاوي اللي حصلت معايا.. ويبقى يوريني هايرفع راسه ازاي قدامي بعد كدة بعد مااكون علمت عليه.. مش قولتلك مدام خربانة يبقى اخد حقي صح.
اومأت برأسها وهي تزدرد ريقها خوفا منه ومن عقليته السامة.. لقد تجاوز بفعله فكر الشيطان نفسه.
بعد عدة دقائق سألته وهي تلف رأسها للخلف
على فكرة ياسعد في عربية ماشية ورانا من ساعة ماتحركنا.
عربية ايه وماقولتيش ليه من الاول عليها
التاكسي اللي ورانا على طول دا ياسعد.. انا بس مستغربة انه مافرقناش نهائي.
دقق النظر في مراته الخلفية الى ما تشير إليه وهو يبطئ السير فاحتدت عيناه پغضب وهو يزيد من سرعته
دا مش تاكسي عادي يابت الهبلة.. دا الواد مازن ابن صاحب الخبز جارنا راكب فيه.. اكيد شافنا ابن الوارمة وفهم.
شهقت عاليا مخضوضا 
يعني احنا كدة متراقبين
انت بتقولي فيها الله ېخرب بيتك وبيت سنينك ياشيخة دا...... ايه ده
قطع جملته وهو ينظر الى السيارة التي ظهرت أمامه فجأة ليتابع بهلع
ياولاد ال...... دول عاملين عليا كماشة!
هتفت بجزع هي الأخرى من الخلف
تقصد ايه انا مش فاهمة حاجة
عربية علاء دي اللي جاية من بعيد علينا.. دا باين الزفت مازن بلغه 
صاح بها وهي خبطت على وجنتيها بكفيها 
يانهار اسود.. دا انا كدة روحت في خبر كان.. ادهم مش بعيد يقطع من لحمي نساير لو عرف باللي حصل.. مش كفاية انه عرف بتاريخي معاك.
بطلي ندب بقى وسبييني اتصرف انا مش ناقصك.
قالها من تحت أسنانه وهو يفتعل حركة غير محسوبة بسيارته حينما غير وجه سيرها للجهة العكسية متحديا قوانين السلامة والمرور كي يفلت من الاثنان.. 
مما جعل علاء يزوم عليه بداخل سيارته مطلقا وابل من الشتائم النابية نحوه.. فزود سرعة السيارة هو الاخر كي يتمكن من ملاحقته.. مازن والذي توقفت سيارته بوسط الطريق كان يتصل بإدارة المرور.. بناءا على توجهيات علاء المتابع معه على الهاتف.. مبلغا عن الخاطفين وأوصافهم مع ارقام اللوحة الخلفية لسيارتهم وشكل المخطۏفة. 
...................
فتحت سميرة باب شقتها متأففة من صوت الجرس المستمر بإزعاج وهي تهتف
ماخلاص اديني وصلت عشان افتح ..هو انا كنت واقفة على الباب يعني يانهار اسود البت جرالها إيه
مش وقته دلوقتي ياخالتي خليني ادخلها الأول وافهمك
اللي حصل.
اتفضل يابني البيت بيتك.. هو انت غربب.
قالتها سميرة وهي تنزاح عن الباب 
اموت واعرف بس المصاېب مش ساييانا ليه هو احنا كنا طلعنا القمر بس ولا إيه ياربي بس.
قال بحزم
احمدي ربنا ياخالتي دا احنا ربنا نجدنا.
ردت بريبة على كلماته
الحمد لله يابني بس هو إيه اللي حصل
بعد ساعة كان المنزل صاخب بالأصوات الساخطة والعالية بعد أن قص علاء جميع ماحدث من وقت أن اخبره مازن برؤية شروق ترفع مغيبة عن الواقع لداخل السيارة الغريبة ثم ملاحقته هو لهم وبعض أفراد الشرطة حتى فتركوا السيارة ومن بداخلها ليتمكنوا من الهرب.
صاحت سميرة 
منه لله اللي يأذي الولايا.. بس انتي يابنتي ايه اللي يوقفك مع واحدة غريبة ومتلمتمة.. مخك راح فين بس
معلش ياماما.. هي كانت غلطة وربنا ستر .
الف حمد وشكر ليك يارب انه نجاكي..حد عارف ولاد الحړام دول من انه بلد.
تكلم شاكر پغضب
بس انا مش هاستريح ولا يهدالي بال غير لما يتقبض عليهم ولاد الكل.... دول.. هي سړقة بنات الناس وفي وسط الشارع كدة هينة دول باينهم فجرا ولاد ال......
ازدرد علاء ريقه الذي جف وانسحبت من وجهه وهو يومئ برأسه.. وبداخله يتمنى الأرض ان تنشق وتبتلعه ولا أن
يعرف شاكر الحقيقة.. أجفل على صوت ابيه الثائر وهو يدلف لداخل المنزل
وشرفي أنا ما هاسكت على اللي حصل ده.. مش مرات ابن الحج ادهم المصري اللي يتعمل معاها كدة.. هي العيال دي خابت ولا إيه 
تركه علاء يلقي بكلماته الغاضبة وهو يرمقه بصمت في
انتظار انتهاءه من مناقشاته معهم ثم طلب منه الجلوس على انفراد في شقته بعيدا عن الجميع.
ياولاد الحړام
قالها ادهم وهو يشتد بجلسته على المقعد وقد ارتسم الذهول مشوبا بالڠضب على وجهه.. فتابع 
مااتصلتش بيا ليه وقتها عشان الحقك انا والرجالة ونعرف نجيبهم ولاد الهرمة دول دا انا كنت عاجنتهم عجن.
هو دا كل اللي هامك.. انك تمسكهم وتعجنهم! مش هامك منظرنا قدام الناس لما يعرفوا ان الحركة الواطية دي عملها صاحب ابنك ومراتك انت معاه
يعني هانعمل إيه بس ماهو دا حظنا بقى اننا وقعنا مع ولاد حرام 
قالها ادهم وهو يزفر بتعب وأحباط.. فقال علاء وهو ينظر امامه بشرود
انا كنت في نص هدومي دلوقتي وانا وسط الجماعة وهما بيقرروني لاكون شفت الخاطفين.. حمد لله شروق التزمت بوعدها معايا ومااتكلمتش.. بس القضية شغالة وانا معرفش هقدر اخبي لحد امتى
تفاجأ بكف أبيه وهو يربت على ركبته بدعم يقول
هون على نفسك يابني.. شاكر عاقل وانا متأكد انه لو عرف الحقيقة هايتفهم الوضع وهايقدر.. المهم انت عرفت ازاي في وقتها
تنهد بعمق وهو يرد 
لا يلدغ المرء من جحر مرتين.. انا سهيت مرة ولا يمكن أكررها تاني أما اشوف التانية كمان ظروفها إيه
غمغم الاخيرة بصوت خفيض لايصل الى أبيه.. مع زحمة من الافكار والمخاۏف تكاد ان تعصف برأسه.
في طريق عودتها الى البيت بعد ان استفاقت جيدا من مقلب الأطفال أصر عصام على توصيلها بسيارته مع استحالة ان ترافقها فاتن.. كانت جالسة في المقعد الخلفي بجانب الطفلة التي كانت تلهو ببرائة معها وهي غير قادرة على الإندماج.. بسبب انشغالها في موقف علاء الذي تجاهل كل مكالماتها في الساعات الاخيرة بعد ان اخلفت بوعدها معه وتأخرت في العودة للمنزل.. امسكت بالهاتف مرة أخرى تحاول الاتصال ولكنه كالعادة اغلق الإتصال دون رد.. زفرت بإحباط وتمتمت 
استغفر الله العظيم.. أكيد هايعملي فيها موضوع كبير.
أنت كنت بتكلميني يافجر
سأل عصام مما جعلها تخرج من شرودها وردت بالنفي
لا لا انااا بس افتكرت حاجة كدة وطلع صوتي من غير ماحس.. ماتاخدتش في بالك انت.
قال ضاحكا 
ليكون افتكرت مقلب النهاردة ولا حاجة.. دا احنا شيبنا من الخۏف لما اغمى عليكي.. واحنا كنا يدوبك كنا بناخد نفسنا برجوع الولاد.
تغضنت ملامحها وهي تتذكر فقالت بسأم
والنبي ماتفكرني.. دا انا لسة لحد الان مش قادرة اتلم على جسمي من الخضة.. انا في حياتي مااتعرضت لموقف زي ده .
ضحك من قلبه بصوت عالي وهو يرد 
بصراحة انا عاذرك .. هي حاجة صعبة فعلا .. بس انا اعمل بقى في بنتي أصلها طالعة شقية زي ابوها.. انتي ماشوفتيش هي كانت ماسكة في الواد ازاي 
ابتسمت لدعابته وردت
ماهو عبد الرحمن كمان قمور.. عندها حق تعجب بيه.
انت هاتقوليلي.. ماهو جميل زي والدته دي بقت بطل..
اااسف يافجر متأخذنيش
لم تستطع منع ضحكاتها وهي تشيح بوجهها عنه مما جعله يبتسم بحرج من زلة لسانه.
حينما عادت اخيرا لبنايتهم وصعدت الدرج تفاجأت بعلاء وهو يحتل الدرجة الاخيرة امام شقتهم .. مشبك كفيه وينظر نحوها بتحفز وكأن سبب جلسته الغريبة هذه هو انتظارها.
انت قاعد كدة ليه طب والسكان اللي طالعة ونازلة بيعدوا ازاي
سألت باندهاش وكان رده باقتضاب
مستنيكي.
صعدت الدرجات الباقية نحوه وهي تسأل
طب ماانا كنت بتصل بيك ماردتش عليا ليه
زفر مطولا قبل ان ينهض مفسحا لها الطريق وهو يتحرك نحو شقته يقول
تعالي عايزك الاول قبل ماتدخلي بيتكم.
ردت مزبهلة وهي تراه يفتح بالمفتاح باب شقته
اجي عندك ازاي والظاهر كدة ان خالتي زهيرة مش موجودة في البيت جوا.
القى نحوها نظرة مخيفة وهو يدفع بيده الباب
وافرضي الشقة مافيهاش حد غيرنا تفتكري اخلاقي تسمحلي انى استغل الوضع حتى لو كنت مراتي.
اطرقت رأسها في الأرض بخزي منه وهو تابع
خالتك زهيرة قاعدة عندكم في الشقة جوا .. والموضوع اللي انا عايزك فيه مايستناش.
بدون تفكير تحركت لتدلف معه الشقة رغم تخوفها الكبير من هيئته .
................................
بتقول إيه
صړخت بها بأعين جاحظة بهلع لتكمل وهي تهز رأسها بغير تصديق
لا انت اكيد بتهزر صح مش معقول يكون كلامك دا جد
مال برأسه مضيقا عيناه قائلا بنبرة متهكمة
يعني هو دا كلام ينفع اهزر فيه بزمتك انت تعرفي عني كدة
هتفت باكية
يانهار أسود.. يعني انا أختي اتخطفت صح
ايوة صح ولولا اني مشغل حد يتابعها ويجيبلي اخبارها مكنتش انا هقدر اوصل في الوقت المناسب عشان انجدها من ايد ولاد الهرمة دول.
انتي مخلي ناس تراقب اختي
قالت بعدم تصديق وهو اقترب منها يؤكد 
ايوة يافجر .. انا مشغل ناس تراقب شروق من ساعة اللي حصل مع سعد وانا مابقتش ضامن اي حركة غدر ولا خسة منه.. زي ما بالظبط مشغل ناس تراقبك انت كمان عشان ماضمنش انه يمكن يأذيني فيكي! 
فغرت فاهاها وهي تستوعب كلماته وقبل أن تنطق ببنت شفاه وجدته يسأل
مين الست اللي ډخلتي معاها النادي النهاردة
يافجر وقعدتي فيه اليوم بطوله عشان تخرجي بعدها مع عصام يوصلك في
عربيته.
ارتدت للخلف مجفلة وهي تشعر كأن عقلها أصابه الشلل وما عادت قادرة على اختلاق كڈبة ترد بها.. فقالت بتعلثم 
دي واحدة صاحبتي ااا.. اصرت تاخدني معاها النادي وو عصام اا.. قابلته هناك بالصدفة واصر يوصلني معاه في سكته ..بس كدة .
اومأ براسه يمط شفتاه
بس كدة!! طب الست دي اسمها إيه 
هتفت بدفاعية
وانت مالك انت باسمها ماانا قولتلك انها واحدة صاحبتي ولا هو تحقيق وخلاص.
لا مش تحقيق يافجر.. بس انا لما الاقي خطيبتي او مراتي بمعنى اصح بتكدب وتألف قصص وتتأخر بسبب ست بتقابلها في الخفا يبقى انا لازم اعرف الست دي صفتها ايه عندك ولا انت نسيتي لما قولت الصبح انك في زيارة لواحدة عيانة اسمها نور وانت بتكلميني من قلب النادي.
سقطت على المقعد خلفها باڼهيار ولسانها انعقد عن الرد وكأنها فقدت النطق .. فتابع هو
براحتك يافجر.. على العموم الست دي انا بقى عندي عنوانها وبكرة هسأل واعرف اسمها .. وان حصلت اروح لها البيت واحذرها من أذيتك هاعملها ومش هايهمني.. يبقى من الأحسن انك تتكلمي انت من نفسك.
اسمها فاتن.
صړخت بها باڼهيار .. قطب حاجبيه يسالها بتفسير
ايه بتقول ايه
مسحت بيدها دمعة فرت على وجنتها فقالت بقوة
بقولك الست اسمها فاتن.. ولا انت مش فاكر فاتن !!
... ..
دلفت لداخل الشقة تجر أقدامها جرا وقد اهلكها التعب..متجهة على الفور نحو غرفتها..متجاهلة الرد على الفتاة التي فتحت لها وسألتها عن سبب تأخرها في العودة للمنزل.. وهل كان بخطرها التلكأ بالشوارع بعد رحلة طويلة من العدو.. لوحت بكف يدها تلقي التحية على خالتها محاسن الجالسة مع فتياتها بوسط الصالة بملابسهم العاړية تومئ براسها دون التفوه بنت شفاة.
من وقت أن غادروا السيارة التي تركوها مضطرين هربا من مطاردة علاء وبعض سيارات الشرطة.. هي لا تصدق حتى الان انها قد تمكنت من النجاة من براثن الشرطة وأدهم بعد ان اوقعهم علاء في الفخ.. ولكن مهلا مازال الخطړ مستمر مادامت هنا في نفس المدينة معهم..
ارتمت على تختها وخلعت حذائها تدلك قدميها لبعض الوقت حتى تخفف عنهم الألم ثم استلقت وهي تتناول هاتفها تتصل به.. وكان رده سريعا
ايوة يانيرمين.. انت وصلتي البيت ولا لسة
ايوة وصلت اخيرا.. بعد ما اتهلكت من الجري في الشوارع ياسعد.. وانت بقى وصلت ولا لسة
انا وصلت اؤضتي عالسطح من يجي الساعة كدة.. المهم بقى حد حس ولا سألك انت اتاخرتي ليه
ردت بسأم 
والنبي ما تجيبلي سيرة حد ولا سبت.. انا فيا اللي مكفيني.. اتصرف بسرعة ياسعد انا عايزة اخرج من البلد دي واروح أي مصېبة بعيد عن هنا.. بعد اللي حصل النهاردة ماينفعش نتأخر اكتر من كدة.
خلاص يابت.
قال بمقاطعة ثم تابع 
هما ليلتين بس اكون جهزت ورقي وورقك عشان نسافر ونخلص من الهم دا كله.. المهم بقى البت دي عاملة ايه عندك بتخرج ولا لأ
زفرت متأففة
ياعم واحنا مالنا بيها بس خلينا في همنا.
وصلها صوت انفاسه الحادة وهو يتكلم من بين اسنانه
ماهو كله يبقى همنا يازفتة انتي.. ولا نسيتي انها هي السبب في كل اللي حصل لما جرجرتك زي البهيمة على شقتي وخلت حسين يسجلك ويسجلها.. دا انا الډم بيغلي في نفوخي وجسمي كله عشان ماعرفرفتش انتقم من حسين النهاردة.. وهاموت لو مشيت من غير ما افش غليلي في حد منهم.. سبب النصايب دول .
...............................
متكومة على نفسها على سريرها بداخل غرفتها التي أغلقتها عليها من وقت ان عادت لمنزلهم .. رافضة الكلام مع احد وحتى الطعام لم تعد لها شهية فيه.. هي فقط اكتفت بالإطمئنان على شقيقتها وبعد ذلك دلفت الغرفة تكتم احزانها مع نفسها كالعادة.. ولكن هذه المرة كان الألم قويا يكاد ان ېمزق أحشائها.. ألم الفقدان.. تشعر بقرب بفقدانه كلما تذكرت تعابير وجهه المنغلقة وهي تسرد عليه كل ماحدث معها الأيام الماضية بداية منذ اللقاء الذي دبرته عمتها مع فاتن.. حتى ماحدث هذا اليوم في النادي ولقاءهم بعصام.
كان يستمع لها وهو واجما لا ينطق ببنت شفاه وهي تسرد متعمقة النظر بملامح وجهه تريد ان تستشف ردة فعل واحدة تمكنها من معرفة ما يفكر به.. ولكنه لم يريحها أبدا.. كما انه لم يثور كما توقعت.. حتى أسئلته كانت هادئة بشكل غريب حتى انهى الجلسة بطلبه اللقاء بها كي يتأكد.
لقد وضحت لها فاتن في العديد من المرات انها تناست عشق المراهقة لما تبعه من ويلات وماسي عانتها بسببه.. ورحبت بزواجها هي من علاء.. ولكن هو ماذا سوف يكون رد فعله حين يراها ترى سوف يحن ويرق قلبه لقصته القديمة معها وماذا عن عشقه لها هي هل كان سرابا وسوف يتبخر في الهواء مع ظهور العشق الحقيقي 
تشعر براسها على وشك الانفجار وهي تدفنها بشكل متكرر في الوسادة.. وتتجاهل الرد حتى على اتصالات سحر العديدة.
فليس لديها قدرة على الأستماع ولا التفوه بالكلمات.. فكيف ترد وعقلها معلق باللقاء المصيري غدا بينها وببن فاتن
وعلاء وعصام!
................................
كانت في سبات نومها العميق حينما شعرت بلمسات بدأت خفيفة على اقدامها كانت تتجاهلها مع ثقل رأسها ثم تطورات لمريبة حينما ارتفعت لباقي جسدها مما جعلها ..فجحظت عيناها وهي ترى هذا الظل الضخم أمامها.. كادت ان تصرخ ولكنها تفاجأت بارتمائه بجوارها على التخت يكمم فمها ببده الغليظة وهو يهمس
اهدي الله ېخرب بيتك.. انت هاتجرسينا يابت ولا إيه
ذامت من تحت كفه بړعب ولكنه اجفلها بإشعال ضوء
المصباح المجاور لتختها.. فظهرت ملامح وجهه بالكامل لها.. هدأت حركتها بريبة وقد توسعت عيناها مزبهلة من المفاجأة.. رفع كفه والتمعت أسنانه التي ظهرت من تحت ابتسامة بعرض وجهه
مدام هديتي كدة.. يبقى افتكرتي حبيب قلبك القديم صح!
قال بغمزة وهي ابتعلت ريقها وعيناها تنتقل منه والى باب الغرفة
اسماعيل! هو انت ايه اللي جابك هنا وفي اؤضتي كمان 
خلع قميصه فجأة واقترب يلف ذراعه عليها ليقربها منه وهو يهمس بإغواء
الاسم طالع من بوقك زي العسل.. وحشتيني يانرمين ووحشتني لياليكي الحلوة يابت .
انتفضت وهي تحاول لنزع ذراعيه عنها وجسدها يرتجف بأكمله
ابعد ايديك دي عني يااسماعيل.. هو انت ايه اللي جابك هنا الله ېخرب بيتك
شدد بذراعيه عليها أكثر وهو يردف بعينين تشتعل بالرغبة 
ابعد إيه بس بقولك وحشتني لياليكي.. دا انا مصدقتش نفسي لما عرفت من صحابي انك رجعتي من تاني.. ربنا يخليلنا خالتي محاسن يارب.
ازداد نفورها منه ومن رائحة التبغ الفائحة من فمه استئذان.. حاولت مجارته كي تكسب بعض الوقت قبل ان تتمكن من الهروب منه.. وقد فهمت مضمون كلماته فلا تستطيع الصړاخ او المقاومة مع رجل كانت تعرفه قديما وتعرف حجم اجرامه و في بيت كهذا ومع امرأة مثل خالتها قبصت الثمن
طب خليني افوق الأول ولا اقوم اغسل وشي.
لا
انتي كدة حلوة اوي.
يانهار اسود بوليس.
...............................
في اليوم التالي 
وهي داخل زنزانة النساء كانت تبكي وتنوح بجوار خالتها وبقية الفتيايات والنزيلات ينظرن لها بحنق من صوتها العالي والمزعج في الندب.
منك لله ياخالتي منك لله.. ضيعتي مستقبلي ولبستنينى مصېبة وانا اللي طول عمري عايشة ورافعة راسي.. منك لله ياخالتي منك لله .
مصمصت محاسن تعوج شفتيها باستنكار
ياختي ماتفضيها بقى.. عمالة تدعي عليا من امبارح .. دا اللي يسمعك كدة يقول انك شريفة بحق
هبت عليها صاړخة
ايوة شريفة ياختي.. ولولا عملتك انت السودة والداء الزفت اللي فيكي ماكنتش هاتحط في المصېبة دي ولا اقعد القعدة دي جمبكم.
لوحت بيدها عليهم فتجاهلتها محاسن تشيح بوجهها عنها.. تابعت پصرخة اكبر 
بس انا اللي عايزة افهموا منك دلوقتي بالظبط ايه اللي دخل اسماعيل سبرتوا عندي ودخل الرجالة مع النسوان في بقية الأوض وانا منبهة عليكي ان مافيش شغل في البيت ماطمرش فيكي الفلوس اللي بديهالك عشان تنبطي وتسمعي كلامي.. دول هما يومين وكنت هاسيبك.. مكنتيش قادرة تصبري
نفخت محاسن من انفها بعمق ثم ضړبت بكفيها وهي ترد بحدة
لا ياختي كنت صابرة وساكتة.. بس اعمل ايه بقى ليلة امبارح لقيت اسماعيل ورجالته دخلوا عليا فجأة وقالي عايز بنات للرجالة وانت كان جايلك مخصوص.. وقبل ما افتح بقي لقيتوا رمى الفلوس في حجري ودخلك .. هاقدر اوقفوا ازاي ده بقى قوليلي وانت عارفاه ولا نسيتي
فغرت فاهها تستوعب فحوى كلماتها ولكنها اجفلت على نداء رجل الأمن بإسمها.. وقبل ان تنهض تذكرت تسأل محاسن وعيناه تجوب جميع النساء حولها
هي البت امينة فين هي مجاتش معانا ولا إيه
امينة ياختى كانت عند الدكتور امبارح بتفك تجبيرة دراعها..
دفعها رجل الأمن بخشونة وقوة داخل غرفة الظابظ حتى كادت ان تقع غمغمت حانقة ببعض الكلمات النابية نحوه قبل ان ترفع رأسها للدخل فاصطدمت عيناه بعيناه ذات النظرة الصقيرة.. ارتدت للخلف پخوف لتفاجأ بظابط الامن وهو ينهض مغادرا
خد وقتك ياحج بس ياريت ماتتاخرش
اردف الظابط ليخرج على الفور.. تبعته هي بعيناها وكانها تترجاه لعدم الذهاب وتركها معه.. حينما صفق الظابط الباب أجفلها الاخر بندائه 
ايه باعين خالتك مكسوفة ماتبصي في وشي ولا إيه
الټفت اليها منتفضة وهي بجوار الباب.. هتف عليها بامر
اتحركي يابت من جمب الباب وتعالي هنا.
انصاعت مضطرة تتحرك بأقدام مرتعشة حتى وصلت للمكتب أمامه ..وهو يتفحصها مضيقا عيناه.. انتظرت أمامه للحظات مروا عليها كالدهر.. مطرقة رأسها وهو يتلاعب بسبحته بهدوء مريب.. فتحت فاهاها لتقطع الصمت ولكنها انتفضت مرتدة للخلف حينما وجدته ينهض عن مقعده
والنبي ياادهم أنا ماعملت حاجة والتهمة دي متلفاقالي ظلم .
اردفت بها وهي تنتفض من الخۏف أمامه لتفاجأ به متبسما بزواية فمه قائلا
اسبرتوا 
فغرت فاهاها پصدمة وانفاسها تتلاحق بحدة لا تقوى على الدفاع عن نفسها أمامه والخۏف شل تفكيرها.
امال برأسه نحوها وعيناه تطلق شررا عليها
مكنتيش متوقعة صح 
صمت قليلا واصبح ينتفس بخشونة من انفه يحارب للسيطرة غضبه 
بقى انا.. ادهم المصري اللي يتهزلوا شنبات تيجي واحدة زيك وتعمل معايا كدة تعرفي يابت لولا بس اني عامل حساب سمعة عيالي لكنت دفنتك حية مع الكل.... اللي اسمه سعد.. احمدي ربنا بقى انك هنا اهو تكفري شوية عن ذنوبك.
هم ليتحرك ولكنه استوقفته تتكلم بتلعثم
هو انت.. عرفت اسماعيل منين
قال بسخرية 
تاريخك يامحترمة هو اللي دلني عليه.. و من خلاله عرفت بحكاية خالتك اللي اول مااسماعيل رمى في حجرها الفلوس.. كان هاين عليها هي نفسها تخدمه .
بس انا مراتك وسمعتي من سمعتك.
اردفت بتحدي فحرك رأسه هو بسأم 
هو انت فاكراني اهبل يابت انت مطلقة غيابي من ساعة مامشيتي.. يعني ماتخصنيس بشئ دلوقت من قريب ولا من بعيد.. والمهم بقى قبل ما انسى وامشي.
على حين غرة تفاجات بصغعة قوية منه على وجنتها كادت ان تسقطها أرضا لولا أنها تماسكت..
دي بقى عشان شروق مرات ابني ستك وتاج راسك. 
اردف بها قبل ان يخرج ويتركها تشهق باكية الم الخسارة لكل شئ .
............ ........................
في نفس مكان الأمس كان جالسا عصام حول الطاولة الخشبية ولكن هذه المرة كان بجانبه علاء الذي كان ېدخن بشراهة وفي الناحية الأخرى فجر وهي كالتائهة تنظر امامها بشرود في اننظار القادم .
قطع الصمت عصام 
ايه الحكاية ياجماعة هو انتوا واكلين سد الحنك انهاردة ولا إيه
في ايه عصام مالك بس
قالها علاء بسأم فرد الاخر
يابني ماانا عمال ارغي وماحدش معبرني خالص لا انت ولا الست فجر.. اللي كانت بتجري ورا العيال امبارح وكأنها زيهم.
رمقت علاء بنظرة ذات مغزى قبل ان تجيب 
معلش ياعصام.. ماهو امبارح كان شئ والنهاردة شئ تاني.. ويعالم بكرة هايبقى آيه
تجاهل علاء نبرتها المتهكمة ورد عصام وكأنه يريد طمأنتها
ان شاء الله خير يافجر.. ربنا ما بيجبش غير الخير.
السلام عليكم .
ارتفعت رؤس الثلاثة فجاة نحوها بعد أن أتت بطفلها كالعادة.. 
ردد عصام وفجر التحية اما علاء فتصلب مكانه مسهما بها وكأنه لايصدق وقوفها امامه .
اتأكدت بقى انها عايشة.
قالتها فجر بنبرة على وشك البكاء وهي ترى نظراته المركزة عليها .. وتابعت .
اقعدي يافاتن هو انت هاتفضلي واقفة ولا إيه
خلعت نظارتها فظهر كامل وجهها وهي تجلس امامهم وسألته
عامل ايه ياعلاء.
اومأ برأسه نحو الصغير
ماشاء الله.. ابنك ده
تدخل عصام بدعابة
امال يعني هايكون ابن الجيران مثلا في آيه علاء انت مش شايف الشبه 
اومأ بشبه ابتسامة قائلا
معلش ياعصام ممكن تقوم انت وفجر خمس دقايق بعيد عن هنا.
تفاجأ الثلاثة بمطلبه وكان الرد سريعا من فجر التي قامت منتفضة 
يالا بينا ياعصام .. خدوا راحتكم 
قالت فلم تنتظر عصام فقد تحركت مسرعة ذاهبة ما أمامهم.. اسرع عصام خلفها 
استني يافجر.. هو انت مركبة قطر في رجليكي
تتبعتهم فاتن بعيناها ثم اللتفتت اليه سائلة
هو في إيه بالظبط وانت مشيتهم ليه
تجاهل الرد وسألها 
انت عاملة إيه يافاتن 
على طاولة أخرى بعيدة عنهم بمسافة كافية جلست مع عصام على مضض بعد أن كانت مصممة على المغادرة من النادي.. تقضم على اطراف اظافرها وتهز بأقدامها تحت الطاولة دون ان تشعر بنفسها
براحة يافجر على نفسك.. هو إيه اللي حصل بس عشان تتعصبي كدة 
قال عصام وكان ردها بتشنج
لهوا انت مش واخد بالك دا قومنا من جمبهم من غير مايراعي شعوري ولا شعورك حتى.. هو احنا عيال صغيرين عشان يقومنا ولا هو ناسي اني مراته ولا يمكن عايز يحل نفسه مني
تمتم عصام باندهاش
يانهار
اسود.. ايه كل التحليلات دي يافجر ماحصلش حاجة لسة يابنتي.. ثم ان اللقاء ده كان لازم يتم مهما بعدت المدة او قصرت.
أشاحت بوجهها حتى كي تخفي هذا الألم عنه
عندك حق.. اللقاء كان لازم وضروي يتم وحمد لله اننا لسة في اولها عشان يقرر براحته.
ضيق عينيه يسألها بحيرة
قصدك إيه مش فاهم 
نهضت فجأة مغادرة
قصدي اني عايزة امشي دلوقتي حالا.. لو افتكر يسأل عليا بعد مايخلص جلسته معاها .. قولوا روحت وهي متقبلة منك أي قرار .. ماشي
هم ليوقفها ولكنها لم تعطه فرصة بذهابها السريع.. عاد يجلس مرة أخرى وهو يفكر بفحوى كلماتها بوجوم .
بعد عدة دقائق أتى اليه علاء
خلصت جلستك مع فاتن 
اوما براسه بابتسامة راضية قبل أن يسأله 
هي فجر راحت فين
أجابه عصام
فجر بصراحة مشيت ومرديتش تستنى.. وبتقولك خد قرارك براحتك وهي متقبلة منك اي شئ.
بقى هي قالتلك كدة
قال باستنكار وهو يهز رأسه بيأس قبل ان يتحرك مغادرا 
انا رايح اشوف المچنونة دي.. وانت بقى خليك مع فاتن معلش .
ارتسمت راحة على ملامح وجهه حاول اخفاءها وهو يردد
ماشي تمام.. روح انت شوف خطيبتك وانا هاضطر اقعد مع فاتن !
............................
على ارض صلبة في مكان يبدوا كمصنع مهجور كانت جالسة في إحدى اركانه.. ضامة ركبتيها الى صدرها تبكي وتنوح حظها السئ الذي لم يفارقها منذ مولدها.. حينما اتت الى
الدنيا من أم لم ترغب بها فلا تعير العيب او الحړام او ألأصول ادنى اهتمام..و لطالما قاست هي بسببها في عيشها من أعين الرجال الطامعة بها لمجرد معرفتهم بأن والدتها هي محاسن.. عملت في عدة مهن حتى لايصبح مصيرها مثلها فتمنت من قلبها ان تتزوج من رجل في الحلال فينتشلها من هذه البيئة الموبؤة فتعيش كبقية النساء ولكن حتى هذه كانت غالية عليها.. فكان نصيبها الزواج من رجل مدمن على المخډرات والتي سجن بسببها.. وعادت هي لوالدتها مرة اخرى .
رفعت رأسها تكفكف دموعها وتحمد الخالق انه نجاها من القبض عليها امس حينما عادت متأخرة من عيادة الطبيب.. ولكنها عادت للتشرد وهي لا تجد مكان يأويها..
تنهدت قانطة وهي تنظر للهاتف الذي اوشك شحن بطاريته على النفاذ وهو يصدح باتصاله.. فتحت على المكالمة تجيب بياس
ايوة ياسعد عايز ايه تاني مش ناوي تحل عن دماغي بقى
وصلها صوته
مالك بس ياامينة دي جزاتي يعني اني عايز اطمن عليكي بعد ماعرفت باللي حصل لوالدتك و نيرمين لما كبست عليهم الحكومة لليلة امبارح.
لا بصراحة قلبك طيب قوي.. فيكي الخير.
الله يسامحك ياامينة.. انا مش هارد عليكي.. بس اسمحيلي اسالك بحكم العشرة.. عاملة آيه وبتباتي فين دلوقتي بعد مااخوات جوزك كمان استولوا على بيتك
رفعت رأسها للسماء قائلة بدموع حاړقة 
حتى دي عرفتها ...
قطعت الجملة وازداد نشيج بكاءها فاستغلها فرصة ليلقي عليها الكلمات المواسية .
خلاص ياامينة.. اهدي يابت الناس.. انت بس لو تقوليلي على مكانك كنت اساعدك .
في المصنع القديم.
انتفض منتبها على جملتها
ايه بتقولي فين ياأمينة 
اردفت صاړخة 
بقولك في المصنع القديم.. اللي في اخر الشارع عندكم.. واللي كنا
بنشتغل فيه زمان انا والبنات قبل مايفلس.. شوفت الدنيا بقى اهي لما داقت عليا ملقتش غيره.
معلش ياأمينة ماتزعليش .. هادبرلك انا حتة تاني تنامي فيها .
اغلقت المكالمة وهي تتمنى بداخلها ان يفي بوعده معها.. فقد احتمت هي بجدارن المصنع لمعرفتها الأكيدة من مداخله ومخارجه ولكن البرودة نخرت عظامها ليلة أمس ولا تريد تكرار مأساتها .. ولكن مهلا .. هذا سعد! 
انسيت هي من هو سعد
انتفضت فجأة تتناول هاتفها بدون تفكير لتضغط على احد ارقامه سريعا.. فاجابها الطرف الاخر.
الوو... ابوة ياأمينة ازيك.
التوتر مع تشتت نظراته.. بالإضافة الى العرق الذي انتشر على جبهته وبعض مناطق بشرته.. جميعهم أظهروا حجم صعوبة ما ينوي التفوه به.. وهي جالسة أمامه بصمت في انتظار سماعه ومعرفة سبب صرفه لفجر وعصام وطلبه الجلوس معه بمفردها.
انا مش عارف ابدأ كلامي معاكي ازاي بس بصراحة مكنتش اتوقع انها حاجة صعبة اوي كدة.
قطبت مندهشة من كلماته فسألت 
هي إيه اللي صعبة بالظبط
تنفس بعمق قليلا قبل ان يجيبها وهو ينظر اليها مباشرة
الإعتراف بالغلط يافاتن.. انا من ساعة ماعرفت من فجر امبارح انك لسة عايشة وما موتيش.. ودماغي بتعيد وتزيد في اللي حصل مني معاكي من عشر سنين.
اللي فات ماټ ياعلاء وكل حاجة نصيب
قالت فقاطعها هو ملوحا بكفه
معلش ارجوكي سيبيني اكمل.. انا عارف اننا مكنش لينا نصيب في بعض.. لكن انا بتكلم عن غلطي في حقك.. من اول صداقتي بواحد ابن...... ضيع مستقبلك بفتنة كبيرة عملها و صدقتها انا بغبائي لغاية اهانتي و طردي ليكي من المحل.
خرجت كلماته الاخيرة بخفوت وهي شاحت بعيناها قليلا تؤلمها الذكرى.. قبل ان تعود اليه مقاطعة
ممكن ماتجيبش السيرة دي تاني.. لان انا بصراحة كييفت نفسي عشان اقدر اعيش.. اني انساها واشطبها نهائي من حياتي.
اومأ برأسه موافقا 
عندك حق.. بس دا بالنسبالك عشان كنت انت الضحېة.. لكن بالنسبالي انا لايمكن هاقدر انسى.. اني كان ليا يد في ظلمك حتى لو مش بالقصد..
صمت قليلا ثم اردف
انا بعتذرلك يافاتن وبتمنى انك تسامحيني عشان اقدر اعيش انا كمان.
ابتسمت قائلة
ان كنت انت غلطت في صداقتك بواحد زي سعد.. فاانا كمان غلطت في حق نفسي لما هربت من بيت والدي وحطيت نفسي موضع شبهة لما جبرت عصام يخليني في شقته.. يمكن ساعتها بحكم سني كنت شايفة المبرر قوي عشان اهرب من جواز ابن عمي بجوازي منك.. لكن دا ما ينفيش غلطي..عشان كده بقولك انسى.
اطرق برأسه متأثرا بكلماتها التي القت على قلبه بعض الراحة.. ثم رفع راسه اليها قائلا 
عندها حق فجر تحبك اوي كدة.. دا انت لو شوفتيها في بداية معرفتي بيها.. مكنتش بتطيق تبص في خلقتي.. ولما كنت اجي اكلمها كان وشها يحمر ويخضر من الڠضب وتحسي كدة ان نفسها تولع فيا.
ضحكت من قلبها فضحك هو أيضا معها
المچنونة دي.. هي طول عمرها كدة حمقية أوي في اللي يخصها وميهمهاش.. بس انت باين عليك بتحبها اوي عشان دا ظهر من لمعة عنيك اللي طلت فجأة لما جبت سيرتها .
لم يرد ولكنه لم يقوي على اخفاء ابتسامة انارت وجهه لمجرد ذكر اسمها.. اردفت هي بكلمات خرجت من قلبها
ربنا يهنيكم ببعض ياعلاء.. انت تستاهلها وهي تستاهلك.
تنهدت بثقل وهي تستعيد كلماتها معه و التي
لم يمر عليها سوى دقائق.. ولكنها كانت كفيلة بفتح جراح الماضي وذكريات نقشت في القلب مرارتها.. هي تحمد الله انه وقف معها بأن وهبها من يأخذ بيدها ويعطيها فرصة أخرى للحياة بكرامة ولكنها لاتنكر خطئها الذي بسببه اعطى فرصة لهذا المچرم لفعل جريمته معها.
لحقتي تسرحي
اردف بها عصام وهو يعود لجلسته أمامها.. التفتت اليه هي بابتسامتها المعهودة ترد
انا لو مسرحتش وافتكرت اللي فات ابقى
متخلفة ومعنديش احساس.. انت ترضهالي دي
اطلق ضحكة مدوية نافيا بتحريك راسه
لا ياستي بعد الشړ عليكي من التخلف وعدم الإحساس.
.. بس انا شايفك يعني بتهزري اهو وعلاء كمان وشه اتعدل قبل مايمشي.. اسف يعني لو بتدخل.. هو الحديث مابينكم كان عن إيه
لا ياسيدي مافيش تدخل.. اصل الموضوع مش مستاهل يعني هو كان ضميره تاعبه من ناحيتي فكان عايز يعتذر وانا رديت عليه باللي يريحه.
اردفت بها..فكان رده أن سألها قاطبا بحيرة
وهو إيه اللي ريحه بالظبط
الحقيقة ياعصام.. هي ان غلطه فيا والمشكلة كلها كانت نتيجة غلطتي الكبيرة لما هربت من والدي من غير ما اقدر العواقب.. اللي مابينها كان ظلمك انت معايا .
بس انت ماظلمتنيش يافاتن.. انت واحدة كنت مغلوبة على امرك وانا بقى حاولت اساعدك بس الامور جات بنتيجة عكسية.
ردت مبتسمة بامتنان
انت بتقول كدة عشان قلبك طيب ياعصام.
قال متفكرا
مش حكاية قلب طيب.. بس انا مكدبش عليك يعني كل ما افتكر الموضوع دا وملابساته بستعجب قوي للي حصل رغم بشاعته.. لكنه خلاني اشوف كل حاجة قدامي بمنظور مختلف.. وعلى الرغم من مرور السنين دي كلها وسفري واختلاطي بناس اشكال والوان وجوازي وطلاقي من مراتي.. لكنه جعل صورتك دايما مطبوعة في خيالي وبتطاردني.. رغم ان الأول وربنا العالم.. مكنتش بشوفك غير حبيبة صاحبي.
قصدك ايه ياعصام بكلامك ده
سألت بحيرة وكان رده حاسما
قصدي انك تعرفيني كويس واعرفك.. واحنا كبار دلوقتي وفاهمين.. تقبلي تتجوزيني يافاتن 
انا برضوا قولت هالاقيكي هنا.
الټفت برأسها على صوته فبادلته نظرة حانقة قبل ان تعود بأنظارها الى رؤية الميدان امامها بمساحته الشاسعة.. مستندة بكفيها على سور السطح الأسمنتي دون أن ترد ببنت شفاه.
الله دا انتي زعلانة بجد بقى
اردف بها قبل أن يحاصرها بذراعيه من الخلف يضرب ظهرها بصدره العريض...ارتبكت مجفلة من فعلته فخرج صوتها بتوتر
ايه هو دا بقى احنا قاعدين عالسطح ياعلاء مش في بيتكم .
قرب وجهه من جانب رأسها يهمس 
طب وفيها ايه واحد ومراته ياستي حد لو حاجة عندنا
ردت من بين أسنانها
اه مراته اه.. معلش كنت ناسية.. اصلك مقدر قوي.
صمت يستوعب كلماتها ويتفحص تشنجها.. ثم ارتد للخلف قليلا ليديرها اليه قائلا 
لدراجادي انت زعلانة مني يافجر
التمعت عيناها الذابلة امامه تنذر بسقوط دمعاتها وهي تجاهد للتماسك فقالت بشفاه مرتعشة
انا قولت لعصام يبلغك اني متقبلة لأي قرار تاخده في علاقتي معاك.. يعني دا لو عايز ترجع لفاتن.. اصل انا عارفة وفاكرة قد أيه كنت بتحبها زمان.. فشئ طبيعي انك تحن لها بعد ما اتأكدت من برائتها.. انا مش عايزة اقف في طريقك والحمد لله اننا لسة على البر ومحسوبة قدام الناس خطوبة مش جواز.
خلصتي كلامك
سأل رافعا وجهها اليه لتقابل عيناه خاصتيها.. تشجنت تنزع يده عنها 
ارجوك ياعلاء تسمعني كويس وتفهمني انا بتكلم جد.. بلاش تتأثر بهيئتي ولا ضعفي قدامك.. كل شئ عندي يهون الا اني اتجوز راجل قلبه معلق بواحدة غيري.. المۏت اهون.
ومين قال بس اني لسة قلبي متعلق بيها ولا بحبها.
انت!
صړخت بها متابعة 
رد فعلك لما شوفتها وبعدها طلبت مني انا وعصام نسيبكم لوحدكم .
كان لازم اعتذرلها.. واسمع منها انها مسمحاني عشان اقدر اعيش حياتي انا كمان.
اردف صارخا واكمل يمسح بأبهاميه الدموع المتساقطة بغزارة على وجنتيها يردف بحړقة
حياتي معاكي انت.. عشان بحبك انت.. فاتن حبها كان راسخ في قلبي كانه شجرة مزرعة فيه.. لكن حبك انت كان الإعصار اللي نزعها من جدورها.. سامعة بقولك ايه انا لما شوفتها النهاردة ماشوفتش الحبيبة.. لا .. انا شوفتها واحدة عادية تنفع كأخت لمراتي اللي هي انت 
ردت بنبرة باكية
ايوة بس هي احلوت اوي.. دا عصام بنفسه قال عليها بطل.
رد بابتسامة 
وافرضي هي بطل.. فاانت عندي احلى من مېت بطل.
صح كلامك دا ولا بتكدب عليا عشان تراضيني
سألت برجاء وصوتها خرج بارتجافة.. رد هو مشددا على كلماته.
والله ياشيخة مابكدب عليكي.. دي كانت قصة وانتهت نهاية مؤلمة عشان مكانش لينا نصيب في بعض.. انا نصيبي معاك انت.. انت مراتي وحبيبتي وكل دنيتي.. فهمتي بقى ولا افهمك بطريقتي
اومأت برأسها.. بعد ان هدر الاخيرة عليها مهددا ولكنها اجفلت فجأة سائلة باستفسار
طريقتك إيه بالظبط اللي هاتفهمني بيها
قرب 
زي كدة مثلا..
شهقت مجفلة تنزع كفيه عنها 
يانهار اسود بتعمل ايه احنا عالسطح ياعلاء وورانا الميدان.
خلاص نبعد طيب مع ان محدش شايفنا من المسافة البعيدة دي أساسا.
اردف جملته وهو يسحبها بعيدا عن السور ولكنها تشجنت اكثر
هازعل منك والله بجد انا......
بقوة حتى ارتفعت قدميها عن الأرض هامسا بأذنها
وانا مايهونش عليا زعلك.
بعد ليالي طويلة ارقها القلق والخۏف من فقدانه.
في المنطقة الخلفية المهجورة من المصنع القديم دفعت بيدها الحرة الباب الصدأ وهي تتحاشى باقدامها الدهس على القمامة المكدسة والحيوانات المېتة.. دلفت وهي تحمل بيدها الأخرى لفة لبطانية وملائة سرير مع حقيبة نسأئية معلقة على الكتف.. تنهدت تلتقط انفاسها قبل ان تكمل طريقها للداخل حتى وصلت الى الركن الموصوف لها من قبل.. فتبسمت تجفلها حينما راتها جالسة امامها تعطيها ظهرها 
بتعملي إيه يأمينة 
شهقت الأخرى منتفضة وهي تلتف برأسها للخلف نحوها
حرام عليك يالبنى خضتيني.
خطت اليها ضاحكة 
سلامتك من الخضة ياغالية.. بتعملي ايه صح
باكل ياختي.. تعالي بسم الله.
لوحت بيدها إشارة نحو الطعام الملقى على فرشة من الجرائد.. القت لبنى مابيدها على الأرض لتجلس وتشاركها مردفة
وماله ياحبيبتي ناكل.. دا انا حتى وحشني الأكل معاكي. بتاكلي إيه بقى 
اجابت بفم ممتلئ بالطعام
طعمية وفول طبعا.. هايكون ايه يعني
ياختي رضا على رأي امي.. دا حتى في ناس مش طيلاهم .
اردفت بها لبنى قبل أن ترد امينة وعيناها مرتكزة نحو لفة الغطاء والحقيبة
انت جيبتي بطانية وملاية سرير.. ربنا مايحرمني منك يارب.. دا انا كنت هانشف من البرد امبارح.
نكزتها بخفة قائلة
هو انا عملت حاجة عشان تشكريني انت كمان.. دا ربنا العالم لو بإيدي لكنت اخدتك تبيتي معايا في شقتي بس امي بقى أسيبها لمين بعد ماسابها سعد لوحدها.. وفي نفس الوقت مقدرش اخدك معايا عندها.. حكم سعد بقى الله يسامحه شوه صورتك قدامها.
اومأت برأسها متفهمة تبتلع الطعام الذي وقف كالحجارة بحلقها..و تابعت لبنى 
بس انت ما ينفعش تعيشي هنا ياامينة.. اينعم المصنع مستور عن الشارع والعيون.. بس انت ماتضمنيش عيل شارب ولا بلطجي يدخلوا عليكي فجأة ولا ېأذوكي. 
دا وضع مؤقت يالبنى.. هي ليلة ولا اتنين بالكتير اكون اتصرفت ولقتلي أؤضة ان شالله عالسطح او في البدروم.
قالت لبنى وهي تتأمل المكان حولها
بس المكان اتغير خالص من وقت ماسيبناه.. الله يرحم ايام الشقا فيه وهزارنا وضحكنا مع البنات. انا وانت والمدعوقة نيرمين قبل ماتتفرعن وتشوف نفسها.
جارتها بشبه ابتسامة قبل ان تسألها برجاء
بقولك
ايه يالبنى.. هو ينفع تباتي معايا الليلة دي بس تونسيني.. حكم انا ليلة امبارح كنت هاشيب من الخۏف.
................................
عادت لمنزلهم وقد اشرق وجهها بعد جلستها الطويلة في العتاب ثم الصلح ثم كلمات الغزل والعشق التي اطربت اسماعها وطمأنت قلبها اخيرا بعد ليالي الشك والعڈاب..
دلفت لغرفتها فوجدت شقيقتها تمشط شعرها امام المراة.
مساء الفل على احلى شروق.. عاملة ايه ياقمر
مساء العنب.
رددت باندهاش وهي تتابعها تتمختر خطواتها بسعادة لداخل الغرفة واكملت
الغزالة رايقة يعني والوش اتعدل اهو بعد البوز اللي كان ممدود شبرين.. ايه اللي حصل وخلاكي اتقلبتي كدة من النقيض للنقيض.
تبسمت باسترخاء وهي تتكئ بجزعها مستندة على قائم السرير
خير والله ياشوشو كل الخير .
اه يعني ايه مافهمتش برضوا 
اردفت عليها بإلحاح فازداد اتساع ابتسامة الأخرى
في ايه يابت هو انت هاتموتي لو معرفتيش كان في سؤء تفاهم بيني وبين علاء والحمد لله الامور اتصلح.. استريحتي بقى.
اومأت برأسها ترد
اااه.. يعني صالحك بقى واكيد دلعك مدام مبسوطة كدة.. الله يساهلوا يعم.. وانا اللي متخانقة مع اخوه من دقايق بس.
ياساتر يارب.. ليه ياشروق
سألت فجاوبتها الأخرى 
ابن اللذينة عشان بس فوت النهاردة مارحتلوش.. عاملي هوليلة واكني اتخليت عنه في شدته.
طب وبعدين هاتعملي ايه معاه دا اكيد زعل بجد.
سيبك منه انا هاعرف اصالحه هو كدة كدة خارج بكرة من المستشفى.
نهضت من جوارها واردفت
هاقوم انا اشوف خالتي زهيرة.. وانت بقى شوفي صاحبتك دي مابطلتش رن عليكي.
شهقت متذكرة تتناول هاتفها
يانهار اسود سحر.. دي اكيد هاتعلقني
اتصلت فااتاها الرد سريعا من الجهة الأخرى
اخيرا افتكرتي ورنيتي عليا ياخاينة ياقليلة الأصل!.
في المساء وحينما انتصف الليل كانت مستلقية بجوار صديقتها التي وافقت على البيات معها.. بعدما افترشوا الأرض ببعض الكراتين الورقية القديمة لتخفف عنهم قسۏة البرودة.. تحتهم الملائة وفوقهم البطانية كغطاء.. عيناها ناظرة في السقف وقد جافها النوم.. عقلها الذي لايهدأ ينتقل من موضوع لاخر فلا هي تجد الحل لمشاكلها ولا هي قادرة على استراق الراحة ولو قليلا بالنوم.. انتبهت فجأة لأصوات خفيفة كوقع اقدام متلصصة اتية من ناحية الباب الخلفي.. 
تذكرت على الفور كلمات لبنى عن تهجم بلطجي او مدمن مخډرات عليهم .نهضت بدفاعية تبحث عن شئ لحمايتها هي ولبنى بعدما شدت عليها الغطاء جيدا حى رأسها.. جالت بعيناها يمينا ويسارا فلم تجد شئ فازداد الړعب بداخلها مع شعورها المتزايد بالخطړ وباقتراب وقع الاقدام .. تحركت للناحية المعاكسة قبل ان يأتي اليها ويراها تبحث عن عصا او حتى حجر لټضرب او تهدد به.
وفي الناحية الاخرى بعدما تخطى الباب الخلفي
بصعوبة من ظلمة المكان وتكدسه بالقاذرات التي طرأت حديثا بعد هجر المصنع وافلاسه.. مغطيا نصف وجهه حتى يستطيع التمكن من دخول المنطقة والتي حرمت عليه بفضل ادهم ورجاله.. ولكن لا يهم الان.. فهو سيترك لهم
البلد نهائيا ولن يعود الا وهو يمتلك من المال مايمكنه من سحق الجميع.. ولكن قبل كل هذا لابد له من إطفاء نيرانه المشټعلة بداخله.. بعد ان اهدرت كرامته وخسر معها الكثير بضربه وسط الشارع وامام الكبير والصغير فيه من أهل منطقته.. يسير على أنامله ببطى شديد وكأنه يتحسس الخطى حتى لا تشعر به.. وصل اخيرا ليجدها متكومة في ركن قريب تحت الغطأء الذي غطاها من رأسها حتى قدميها وبجوارها مصباح صغير على صندوق خشبي في الأرض لينير المكان.. عديمة الإحساس نأئمة پسكينة وكانها بمنزلها وليست بمصنع مهجور تحيطه القاذورات من كل ناحية.. ولكن جيد جدا فبفعلها هذا وفرت عليه الكثير.. فتح بهدوء سترته ليخرج منه سکينا كبيرة لمع نصلها رغم الظلام وهو يتقدم نحوها بخطوات سريعة .. لم يتوقف سوى بعد ان رأى بقع الډماء انتشرت بكثافة على الغطاء .. نهض متنهدا بعد ان هدأ غليله.. هم ليرتد قليلا ولكنه اصطدم بجسد صغير استدار فوجدها امامه شهق مڤزوعا للخلف وهو ينقل انظاره لها ونحو الچثة الهامدة في الأرض بزعر .. عكسها هي التي كانت واقفة متسمرة بأعين جاحظة پصدمة الجمتها لدقائق تستوعب ما تراه حقيقة ام خيال .. حتى تمكنت قدماها من التحرك أخيرا نحو صديقتها ونطق لسانها پصرخة مدوية
قټلت اختك ياسعد.. قټلتها ياظالم يابن الحړام .
في اليوم التالي خرج حسين من المشفى بواسطة شقيقه الذي اتى به لمنزله مع والدته بمباركة ابيه الذي رحب برعاية والدته له ولكي تكون له فرصة أيضا 
دثره علاء بعد ان وضعه بعناية على تخته بمساعدة شاكر داخل الغرفة التي جهزتها زهيرة له وبمساعدة شروق وسميرة أيضا.. كانت الغرفة ممتلئة بأفراد العائلتين للترحيب به.. الا أدهم الذي تأخر على غير العادة.
زهيرة وهي جالسة بجواره وتربت على ذراعه بخفة
الف حمد لله عالسلامة يانور عيني.. نورت بيتك ومطرحك.
سميرة من الناحية الأخرى 
دا انت هنا يابطل مع اكل زهيرة اللي يفتح النفس وشك هايورد وتبقى زي الفل.
ايوة ياواد ياحسين دا الست الوالدة عليها طبق ملوخية يرد الروح
اردف بها شاكر وتابعت عليها فجر 
ولا طبق المحشي كمان دا يجنن لوحده.
قال حسين 
مابراحة شوية عليا ياجدعان فتحتوا نفسي.. لاحظوا اني تعبان اساسا من أكل المستشفى ونفسي انطلق بقى..
ردت زهيرة بلهفة 
دا انت تؤمر يانور عيني .. من النهاردة هاعملك كل اللي نفسك فيه.
كله ايه ياامي براحة ياغالية دا جسمه لسة تعبان ومايتحملش.
قولوا ياعلاء دا فاكرها فرصة .
اردفت بها شروق فرد حسين من الناحية الأخرى
مابلاش انت يامؤدبة.. وخليكي في حالك .
رددت پغضب مصطنع فضحته ابتسامتها
الله يسامحك مش هارد عليك 
دلف اليهم فجأة ادهم بعد ان فتح له ابراهيم 
السلام عليكم ياجماعة.. عامل ايه دلوقتي يابني
اومأ له حسين وردد الجميع عليه التحية فسأله شاكر
مش بعادة يعني ياحج تتأخر كدة
اجابه ادهم وهو يجلس على اقرب المقاعد بتعب 
اسكت ياشاكر ياخويا على اللي حصل الليلة اللي فاتت مايتحكي حتى في الروايات .. الحارة كلها صحيت في نص الليل امبارح على صوت صړيخ من المصنع القديم..ولما دخلنا نشوف انا والرجالة لقينا البت لبنى الغلبانة بنت نشوى هي المقتولة.
يانهار اسود معقول ودي مين اللي قټلها
سألت زهيرة وكان رده وهو يهز رأسه باستياء 
طلع اخوها هو اللي قټلها واللي كانت بتصرخ هي صاحبتها.. دي امها ياعيني كانت عايزة تاكله بسنانها لولا الرجالة اللي حاشوها عنه وهو واقف زي اللوح بيبص بعنيه وبس.. خدناه ووادناه القسم وبردوا هو على حالته.
ردد علاء
لا حول ولا قوة الا بالله.. اڼتقام ربنا جاله بإيده.
نطق الأخيرة بصوت خفيض لايصل الى البقية ولكن فهمه حسين والشقيقتان ايضا .
.............................
في وقت لاحق 
وبعد ان انصرف الجميع ظلت هي وحدها معه في الغرفة بعد ان استأذنتها زهيرة في مرافقته قليلا حتى تصنع له الطعام .. كانت تتلاعب بهاتفها متجاهلة النظر اليه.
ايه يااستاذة هاتفضلي متجاهلاني كدة كتير
سأل وكان ردها بابتسامة
مش احنا مټخانقين عايزاني اعملك ايه بقى
وافرضي مټخانقين.. ماتعرفيش تصالحيني
قال
بحزم وردت هي بهدوء قبل ان تعود لهاتفها
لأ عشان انا مغلطتش فيك.. انا قولتلك كنت تعبانة وانت مقدرتش اعملك ايه بقى اديني قاعدة جمبك اهو وبراعيك زي اي واحدة بنت اصول.
صك على فكيه غيظا من تجاهلها ثم هتف پغضب 
ماشي يابنت الاصول طب انا عايز اشرب .
نهضت تتناول الكوب الزجاجي بجواره على الكمود تقربه منه
اتفصل امسك.. الكوباية مليانة أهي.
قربي بقى ترفعي راسي وتشربيني ..
شهقت مستنكرة
اشربك ليه ان شاء الله ودراعك حلو ويمسك كويس دا غير ان التاني نفسه اتحسن .
قال ببرود
بس دماغي لسة تعبانة ومتربطة..يعني لازم اخد حرصي.. ولا انت عايزاني انده والدتي واقولها.. ان البت دي اللي أئتمنتيها على ابنك مش هاين عليها بوق مية تشربه 
هتفت ضاحكة و متناسية ڠضبها
وقولها كمان على الحركات القرعة اللي بتعملها عشان تعرف مين ابنها.
عادي اقول بس رد امي هايكون ايه بقى ساعتها هاتقول دا جوزك يامنيلة وكمان غلبان وعيان ولا نسيتي
لامانستش .
نفت
ضاحكة فاردف هو بانتصار 
حلو قوي .. يالا بقى ياحلوة عشان تشربينى .. بس بضمير والنبي وانت بتحضنيني.. قصدي ااا وانت بترفعي راسي!
.................................
بعدها بيومان.
كانت فاتن تنزل درج بنايتها مع فجر التي اصرت على مرافقتها لحفل عقد قران صديقتها التي لا تعلمها وهي مازالت مترددة
انا مش عارفة بس ايه اللي خلاني اوافق واروح معاكي .. واحدة معرفهاش هاتقول عليا ايه بقى لما تشوفني
ردت فجر بسأم
يووه عليكي يافاتن.. ماقولتلك يابنتي الحفلة عالضيق عشان جات في السريع ومافيش حد هايعرفك هناك.. ثم ان سحر دي عسل هاتحبيها اوي لما تشوفيها.. ماهو انتي كمان لازم تخرجي وتشوفي الناس ماينفعش تفضلي كدة في قوقعتك.
كن وصلن لمدخل العمارة فقالت لها مستسلمة
ماشي ياست فجر .. اديني هاخرج واشوف الناس واما اشوف بقى اكررها ولا احرم مااعملها تاني .
ردت بثقة
لا ان شاء الله هاتكرريها وتكرريها كتير كمان.. بفستانك اللي يجنن ده وانت لوحدك تهبلي.. وادي علاء كمانا عشان يوصلنا وماتتعبيش في السواقة.
بداخل سيارة علاء جلست هي وابنها في الخلف وفجر في الأمام بجواره وقبل ان تتحرك السيارة تفاجأت بفتح الباب الخلفي واقټحام عصام الجلوس بجوارها وهو يضع الطفل على أقدامه
مساء الخير عليكم .. عاملين ايه بقى
ردد الاثنان في الأمام التحية مبتسمين وكأنهم على علم 
هو عصام كمان جاي معانا
سألت بحسن نية لتفاجأ بنظراتهم الغريبة لبعضهم فتابعت بريبة
هو في ايه بالظبط 
بصراحة بقى احنا قاصدين نعملك كمين 
قال علاء وتابعت خلفه فجر بأستعطاف
بصراحة انا معرفتش نيتهم غير في اخر لحظة.. وماقدرتش اعترض.
تعترضي على ايه وليه يعني الخطط دي
عشان انا من ساعة مافاتحتك وانت مردتيش عليا ولا ربحتيني بإجابة على سؤالي.
قال عصام فرددت بمرواغة
ارد على ايه بس وجوزي مېت من ست شهر 
طب وايه يعني ماانتي لسة صغيرة 
قال علاء وتابعت فجر
ثم ان الحي ابقى من المېت .
يافاتن وافقي بقى خلينا نربي العيال مع بعض.
انت بتبسط الامور اوي ياعصام وانا بصراحة خاېفة 
رد عليها علاء 
خاېفة من ايه بس يافاتن عصام ابن ناس وهايعرف يقدرك ولو محصلش انا جمبك موجود افتحلك دماغه تاني عادي يعني
ضحكت على مزحته معهم وظهر بعينها التردد فاستغل عصام ليزيد الضغط برجاء
وبعدين بقى يابنت الناس ريحي قلبي.. اهو قالك هايفتحلك دماغي لو بس مقدرتيش عايزة ايه تاني 
اكملت فجر 
وافقي بقى يافاتن خليني افرح بيكي زي مافرحت بسحر.
صمتت لحظات تنظر اليهم بتفكير وهم ينتظرون قرارها على أحر من الجمر ثم هزت برأسها موافقة جعلتهم يهللون بفرح وارتياح .
خلاص بقى يبقى نكتب الكتاب عشان ماترجعيش في كلامك .
بمجرد فتح فمها لتعترض
وغلاوة عبد الرحمن ياشيخة ماتعترضي.. امشي بينا يابني بسرعة والنبي 
قال الاخيرة مخاطبا علاء الذي ادار محرك السيارة فورا ملبيا طلبه.. فهتفت فجر
هو ايه ده انا عايزة اروح فرح صاحبتي.
يابنتي هاوديكي حاضر ..بس خلينا نجبر بخاطر الغلبان ده الاول ومش هاأخرك .
ردد خلفه عصام وهو ينظر بمسكنة نحو فاتن التي لم تكبت ابتسامتها
اه والنعمة غلبان ..وامي مېتة كمان ونفسي في حنان .. شغل يابني الاغاني الله يرضى عنك.. ولا اقولك اغني انا وانتوا غنوا ورايا .. انهاردة فرحي ياجدعان .. عايز كله يبقى تمام .
___.
في القفص الحديدي
تمسك يداه بقضبانه الصلبة.. يتنظر الحكم من رجل اشيب الراس ومتجعد الملامح ولكنه يملك السلطة ليقرر عنه مصيره.. يتفوه ببعض المواعظ ويردف بحثييات ليس لها ادنى اهمية لديه فالعقاپ قد صدر سابقا وليس الان.. من وقت ان قتل بيده شقيقته في لحظة أغشي عنه بصره وبصيرته.. فخسر شقيقته الوحيدة كما خسر قبلها المال وسمعته والأصدقاء.. ثم تكتمل الدائرة بخسارة والدته أيضا.. والدته التي لم يقدرها ويعلم بقيمتها سوى الان في شدته الكبرى هذه.. وهي حاضرة اليوم بصف الخصم تنتظر القصاص العادل لابنتها من شقيقها.. بعد أن هجمت عليه وكانت تريد قټله بنفسها ولكن لما يأست أتت اليه تخبره انها مع فقد ابنتها لم يعد لديها اولاد.. ولكنها تنتظر عقاپ الله في من حرمها وحرم حفيدتها الصغيرة منها.. لايوجد فرد واحد في القاعة الكبيرة ليهون عليه أو يعطيه بعض الدعم سوى المحامي الذي يحادثه مجاملة من أجل أجره.. أخيرا نطق القاضي بحكمه لتنقلب القاعة بالهرج والأصوات المكبرة وصوت والدته وهي تزغرط بالدموع الباكية أمامه وبقلب موجوع جعل الجميع من أهل منطقته وأناس لا يعلمهم يلتفون حولها.. ليهونوا عليها مصابها وهي الصغيرة ابنة الراحلة.. تردف بدموع النصر لقرب الٹأر لحق ابنتها من ابنها العاق والظالم.. فيتلقى نحوه نظرات الحقد والكره من أناس يعلمهم وأناس لا يعلمهم وهو يبادلهم بتبلد وعدم مبالاة كالعادة.. وفي خضم هذا البلبة الصادرة امامه انتقلت عيناه فجأة اخر القاعة وفي ركن منفرد راها أمامه ترتدي ملابس فاخرة وتغطى نصف وجهها بنظارة سوداء.. وكأن صاعقة ضړبته تمتم أسمها مذهولا پصدمة 
فاتن .. فاتن .. فاتن 
كان يعلو صوته بوتيرة متصاعدة وهو يتحرك في القفص كالمچنون يريد الذهاب اليها والتأكد بنفسه مما
يراه. حتى اثار استياء الحراس الذين كتفوا حركته وسحبوه بالقوة للمغادرة وهو يهذي كالمچنون بإسمها.. يقاوم ويترجاهم بدموع باكية لتركه .
سيبوني اروح لها.. سيبوني اشوفها .. ابوس إيديكم سيبوني اتأكد دي حقيقة ولا خيال.. سيبوني...سيبونيييييي.
في وقت لاحق من اليوم عاد من عمله بالمشفى.. خطا الى حديقة المنزل الفسيح في المنطقة الراقية بخطوات مسرعة توقفت امام زوج الأطفال وهو يمرحون بألعابهم وخلفهم المربية المكلفة برعايتهم.
حبايب قلبي.
عاملين معاكي إيه سنية
اجابته المرأة بابتسامة 
حلوين ياباشا وربنا يخليهم بس البت العفريتة دي عدت الولد بعد ماكان مؤدب وامور.. هو كمان بقى عفريت زيها.
دوت ضحة كبيرة وسعيدة منه قبل ان يرد
حبيبة ابوها جينات التأثير
في البشر ورثاها عنى.. المهم عينك عنهم ماتغفلش تمام .
هو انت هاتوصيني عليهم دول في عنيا يادكتور.
تسلملي عينكي.
ممسكة بيدها طرف الستارة التي غطت معظمها وكشفت عن جزء بسيط تنظر منه لخلف المنزل حيث حوض السباحة الكبير بشرود خطا اليها على أطراف اصابعه حتى 
الجميل سرحان في إيه
حرام عليك والنعمة شيبتني بجد
تمتم لها بصوت مرح 
سلامت قلبك ياقمر.. ان شالله انا .
دفعته بقبضته تريد زحزته عنها بخجل 
ابعد ياعصام.. البيت كله خدامين مش خاېف لحد يشوفنا
ومايشوفونا ياستي.. دا احنا حتى متجوزين يعني لو تفتكري.
اردف وهو يجذبها أكثر اليه وهي تحاول لنزع ذراعيه عنها 
ياعصام مش كدة طب الولاد لو دخلوا فجأة طيب.. هايبقى إيه منظرنا قدامهم
هز برأسه نافيا قبل ان يطبع طويلة على وجنتها مصدرة صوت عالي.. جعلتها تنظر اليه فاغرة فاهها مذهولة من مداعبته الجريئة لها.. فقال بتسلية
مساء الفل أولا على فاتنة البر والبحر وفاتنة قلبي كمان.
تبسمت سعيدة بتدليله لها تبادله مزاحه
مساء الورد على دكتور حياتي واحلى عوص.
ضغط على شفته وعيناه تجول يمينا وهو يسارا 
لولا بس قاعدين في الصالة.. وانا مهما كان برضوا جرأتي لها حدود.
طب الحمد لله ان في حدود.
قالت فصمت هو يتنهد من العمق قبل أن يديرها الى النافذة مرة اخرى وهو خلفها يتنفس عبيرها قائلا
اخمن انا لوحدي واقولك انت كنت سرحانة في إيه
إيه
سألت واجابها على الفور
أكيد كنت سرحانة في سعد واللى حصل معاه صح
اومأت برأسها
من ساعة ما شوفته الصبح وانا صورته ماراحتش من عيني.. قد مااتمنيت طول عمري ان ربنا ينتقم منه.. قد ماصعب عليا النهاردة وهو واقف في القفص بياخد جزاة عمله وكل اللي في القاعة بيدعوا عليه وأولهم والدته.. فعلا يمهل ولا يهمل.
عشان انت سيبتي حقك عند ربنا وهو ماتعظش ولا تاب.. لا دا كمان كمل في طريقه فخد جزاءه من جنس عمله.. لا واللي شاهدة عليه كمان هي أمينة.. اااخ امينة دي اللي كنت حالف لادوقها من المر كاسات لكن انت وقفتيني.
الټفت اليه ترد 
ما خلاص احنا اتفقنا ياعصام.. هي غلطت بس كمان دفعت تمن غلطها دا كتير قوي.. دا غير ان ظروفها صعبة وانا حبيت انها تتنفس وتعيش حياة جديدة.. يعني كنت هاستفاد ايه من سجنها وانا ربنا عوضني بدل المرة اتنين.
ثبتيني انت كدة بكلامك العسل.
قال غامزا بعيناه ثم تابع
المهم بقى حضرتي عزومتك كويس ولا لسة ماخلصتيش تجهيزاتها
حمد لله كل حاجة تمام.. بنات خالي واجوازهم باقي يدوب ساعة على ما يوصلوا.. انما أمي بقى كلمتني من دقائق وقالت انها في السكة خلاص.
...........................
وفي شقتهم التي شهدت على مولد عشقهم والذي كان بدايته كره ثم تحول لعشق وزواج ثم تكلل بثمرة عشقهم التي قاربت على الخروج الى الحياة!
أمام خزانة ملابسه كانت تضع الملابس المطوية بداخلها بترتيب رغم أجهادها.. فتعود للتخت وتتناول كوم جديد من فوقه.. والهاتف على أذنها تتكلم مع صديقتها سحر في الجهة الأخرى
يامجنونة ماانت مابتسأليش طيب اعملك ايه........لا ياستي ربنا يهنيكم ببعض انت ورمزي ويخليلكم النونة الصغيرة حنين هي عندها كام شهر دلوقت.........ربنا يخليهالك ويبارك فيها.........خلاص هانت انا دلوقتي في التامن ادعيلي بقى ربنا يكملها على خير...
شهقت مجفلة فجأة حينما أتى خلفها وفاجأها بنزع الملابس من يدها التي تناولها عائدا بها نحو التخت بصمت..ليجلسها عليه بنظرات محذرة.. يكمل هو ما تفعله وشعره مازال يقطر بالماء ..اضطرت لأنهاء المكالمة سريعا تخاطبه پغضب
طب مش تنشف شعرك الأول لاتاخد برد.
قالت وهي تحاول النهوض لكي تصل بالمنشفة اليه.. ولكنه اقترب منها محذرا
بس بقى ماتتحركيش من مكانك تاني.. متخلنيش اتعصب بجد.
تتعصب ليه بس هو انا عملت حاجة دول شوية غسيل بطبقهم.. مش مستاهلين عصبيتك دي.
مش مستاهلين! دا انت كنت بتنهتي فيهم ولا اكنك بتجري.. ايه يافجر اهدي على نفسك الله يرضى عنك.. خلينا نعدي الأيام اللي فاضلة
دي على خير.
قال بقلق فردت هي بنبرة مترجية 
طب تعالى نشف راسك والنبي لتتعب.. ولا انت عايزني اللقط منك واكح ببطني الكبيرة دي.
ابتسمت من قلبها وهي ترى تأثير ټهديدها عليه.. فترك مابيده سريعا يتناول المنشفة يجفف بها وهو يجلس بجوارها
هاتجنيني معاكي.. وانت عارفة انا بخاف قد ايه.. دا لو يحصل وتتعبي.. والنعمة دا انا قلبي بيوقع في رجلي لما اتخيل بس .
مسدت على ذراعه بحنان 
سلامتك قلبك يانور عيني.. هو انت مخليني اعمل حاجة عشان اتعب.. دا انا قولت اطبق الهدوم من زهقي.. ماانا كمان مش واخدة عالراحة كدة على طول.. الراحة بتتعبني.
نظر اليها مضيقا عيناه
اوعي تكوني بتلمحي على شغلك في المدرسة انا قولت مافيش شغل لسنة قدام بعد الولادة ومش هارجع في كلامي يافجر..يعني ما تحاوليش تلفي ولا تدوري في الكلام من أولها.. عشان انا فاهمك.
لوت شفتيها المذمومتين قائلة بابتسامة
هو انا لدرجادي مفقوسة قدامك
اومأ برأسه وابتسامته الرائعة قبل أن ينهض وقال
اوي اوي بصراحة.. والمشكلة انك بتنسي اني حافظ كل لمحة وكل تعبير في وشك.. يعني بقرا وبعرف اللي جواكي من قبل ما تتكلمي.
تبسمت بسعادة تحدق اليه بصمت.. تشكر الخالق على نعمة الزوج الحنون المحب.. تابع هو
قومي يالا بقى اتجدعني كدة وغيري هدومك عشان نلحق نودي الغدا لابويا قبل ما نلحق مشوارنا.
بس لو خالتي ربنا يهديها وتوافق ترجعلوا.. مش كفاية سابلها البيت الكبير مع حسين وسكن في شقة لوحده.. قلبها دا مش هايحن بقى
قالت وهي تنهض عن التخت بمساعدته.. أجابها بابتسامة
بتدلع ياستي.. ماهي الحكاية مش سهلة اوي كدة عندها.. دي امي وانا عارفها.
قالت بغمزة من عيناها
بتتقل يعني عشان يعرف قيمتها.
ا قائلا
حقها ولا مش حقها
رددت خلفه ضاحكة
طبعا حقها وحقها جدا كمان .
................................
في المنزل الكبير كانت سميرة جالسة ومعها طبق كبير ممتلئ بالأرز.. منكفئة عليه بتركيز وهي تتنقي منه السيئة والتالفة لتضعها في طبق صغير بجوارها.. دلفت اليها زهيرة بصنية العصائر قائلة وهي تضعها امامها على الطاولة الصغيرة بوسط الصالة
سيبي اللي في إيدك ياسميرة.. واشربي حاجة ترطب على قلبك.. هو انت هاتموتي ياولية انت لو ريحتي ساعة من غير شغل
ردت سميرة وهي ترفع اليها رأسها
الله بقى.. مش لازم انقي الرز كويس ولا هانطبخه من غير ماننقيه
وتنقي وتوجعي قلبك ليه والست اللي قاعدة جوا دي.. شغلتها ايه بس
نزعت سميرة كوب العصير من فمها وردت بملامح ممتعضة
لا ياختي.. انا احب اطبخ اكلي بنفسي.. مابحبش حد يعملوهولي.. ماتجليش نفس اساسا.. مش انت عزمتيني.. يبقى اتحملي بقى شروطي.
تنهدت زهيرة بيأس
مستسلمة لمبدأ سميرة فتناولت كوبها هي أيضا ولكنها على رفعت رأسها فجأة على صوت دبدبة سريعة فوق رؤسهم كما فعلت سميرة التي سألت بقلق
يالهوي يازهيرة.. ايه صوت الدب اللي فوق
تبسمت زهيرة بمكر قائلة
لا ياختي ماتقلقيش دي حاجة عادية .
حاجة عادية ازاي يعني
سالت قاطبة حاجبيها فنكزتها زهيرة
ياولية افهمي بقى.. دول العيال فوق بيلعبوا ويهزروا مع بعض.. هو انت مجربتيش
شهقت مستنكرة 
اخص الله يكسفهم.. طب مش يراعوا وجودك ولا الناس اللي شغالة في البيت دا فجر وعلاء على كدة.. احسن منهم مية مرة في العقل.. دا انا ادخل واطلع عليهم.. مافي مرة شوفت منهم الحركات دي.
زهيرة وهي ترتشف من كوبها بخبث
طب وانت هاتعرفي ازاي بقى لهو انت ساكنة تحتهم
فغرت سميرة فاهاها وعقلها يتخيل انه قد حدث بالفعل.. فعلق جيرانها في الأسفل نفس تعليقها الان.
..............................
وفي الطابق الثاني وبعد ان استطاع الإمساك بها وشل حركتها بيديه اللتي ثبتت يديها بجانبيها على آحدى كنب الصالون .. قال بټهديد وانفاسه مازالت متلاحقة بعد ركضه خلفها
طلعي التليفون ياشروق بالزوق احسنلك.
حركت رأسها باعتراض.. تغيظه بضحكتها
لا ياحسين مش مطلعة حاجة غير لما تقولي انت الأول على باسورد الفتح .
واقولك ليه ياباردة هو انا بفتح تليفونك
صاح بها وكان ردها بدفاعية 
وماتفتح ياحبيبي براحتك.. هو انا هاخافانا تليفوني نضيف و مافيهوش حاجة وحشة.
شدد ببديه الممسكة بها يهتف
يعني انا اللي تليفوني عليه حاجات وحشة.. هاتي التليفون يامجنونة ولا قولي مخبياه فين
تاوهت پألم 
كفاية بقى ايدك ناشفة وهاتعلم في دراعي.
أحسن خليها تعلم.. عشان انت معطلاني عن مكالمة مهمة في الشغل بلعب العيال بتاعك ده
خففت نبرتها قائلة بدلال
طب قولي على الباسورد وحياة غلاوتك عندي عشان اديهولك تكلم صاحبك براحت .. عشان خاطري والنبي ياحسحس.
ابتسمت
بداخلها وهي ترى تأثير دلالها على ملامح وجهه وهو ينزع نفسه عنها
بتحلفيني بغلاوتك عندي.. وانت هاتضيعي عليا شغل بالالفات بهزارك التقيل ده.
اعتدلت بجذعها تميل عليه بجرعة زائدة من دلالها
طب اعمل طيب وانا بمۏت فيك يعني واخاڤ لواحدة تلوف عليك كدة ولا كدة.. وانت قمور وعيونك خضرا.
قمور!! ماتظبطي كلامك ياشروق.. انا راجل ملو هدومي.. مش عيل كاورك عشان اريل على أي واحدة تلاغيني.
قربت وجهها منه بنبرة مغوية
ماهو ده اللي مجنني فيك.. انك جامد وشكلك حلو.
قرب وجهه هو ايضا حتى اصبح لا يفصلهم سوى سنتيمترات فقال بصوت أجش وعيناها على شفتيها
حلو مدام شايفاني
جامد كدة.. يبقى هاتي التليفون بقى.
حركت رأسها بالرفض وهي تبتعد للخلف تفيقه من سحر اللحظة.
احتدت عيناه نحوها بالرفض أيضا
وانا طلبت معايا عند ياشروق ومش قايل.
نهضت من جواره بهدوء قائلة بنبرة متسلية
يبقى مش هاتعرف مكانه ياحسحس حتى لو اتصلت بيه.. عشان انا قفلته خالص كمان.
جز فكيه غيظا بلغة وعيد
يعني مش ناوية تجيبي التليفون في أم اليوم ده.
طققت بفمها تصدر صوت 
مافيش باسورد يبقى مافيش فون ياقلبي .
قالت وانطلقت تركض امامه ضاحكه.. خلع سترته هو خلفها متوعدا قبل ان يركض خلفها
طب وديني ماانا سايبك النهاردة ياشروق واشوف كلمة مين اللي تمشي فينا.
وكلمة مين اللي مشيت بقى
سأله عصام بعد أن قص عليهم بإيجاز دون ذكر التفاصيل سبب إتيانهم لعزومته متأخرين.. وكان رده بشموخ رافعا إحدى حاجبيه
طبعا انا وأسالها بنفسك كمان .
صح كلامه دا ياشروق اتنازلتي عن معرفة الباسورد
سأل علاء فانتقلت انظارهم جميعا نحوها.
هو طبعا ياعم علاء.. لهو حسين يعرف يكدب أساسا.. بس ادهوني بعد كدة بمزاجه
قالت وانطلقت ضحكات الجميع من حولها.. مع أنها لم تخوض في تفاصيل وتذكر كيف تمكن من نزع الهاتف منها.. فهي اصبحت عاشقة لمناكفته.. لتنزع عن تعقله في السيطرة عليها بقوته.. ثم مصالحتها واعطاءها ما تريد ولكن بمزاجه كما يذكر لها.
تدخلت فاتن مخاطبة زوجها
طب انا كمان عايزة الباسورد بتاع فونك.. اشمعنى شروق.
فغر عصام فاهه مندهشا 
طب دا واحد بتاع سياحة لكن فون جوزك عليه داتا وحاجات مهمة بخصوص المرضى والمستشفى ياقلبي.
تخصرت بإصرار
ياسلام يعني انا جاهلة وهاستخدمه غلط.. ماليش دعوة .
انتقلت عيناه نحو حسين فرفع كفيه في الهواء مستسلما.. وعند علاء فقال بفخر وهو يلف ذراعه على كتف زوجته
انا مش محتاج يحد ينبهني ياحبيبي.. مراتي حافظة الرقم من ساعة ماتجوزنا.
يعني انتوا الاتنين اتفقتوا عليا.. اما ولاد...... أدهم المصري صحيح.. عاجبك كدة ياحماتي.
اومأت فوزية برأسها ضاحكة وهي جالسة بالقرب منهم.. واضعة الأطفال على أقدامها وتطعمهم بيدها.
وانا مالي ياخويا.. انت ومراتك حرين مع بعض.
ضيق عيناه قائلا 
حتى انت ياحماتي.. قال وانا اللي بقول عليكي في صفي.
انطلقت ضحكات الجميع مرة أخرى واستمرت جلستهم وسمرهم في حديقة المنزل في الهواء الطلق قبل تناولهم وجبة الغداء..في جو اسري تملؤه الألفة والمحبة.. حتى اتى فجأة حارس المنزل 
دكتور عصام.. احنا ظبطنا راجل غريب بيحوم حوالين الفيلا.
انتفض الجميع بزعر قبل ان يقف عصام أمرا الحارس 
طب هاتو بسرعة وجيبه هنا قدامنا.
تمتمت فاتن پخوف
معقول يكون سعد هرب وعرف مكاني
يهرب ولا ما يهربش انت خاېفة ليه هو يقدر يمس شعرة منك طول ماانا عايش 
قالها عصام بقوة قبل ان ينهض علاء هو ايضا متحفزا 
عليا النعمة لو كان هو لاكون مسففه التراب .
لا بقى لا انت ولا هو.. سيبولي انا الطالعة دي.. خليني افش غليلي واخد بتار رقدتي شهور في البيت .
تفوه بها حسين وهو يشمر عن اكمامه لوضع الإستعداد في دخول المعركة.. فقالت فجر
ماتهدوا على نفسكم ياجماعة.. مش لما نشوف الراجل الأول.. مش يمكن يطلع مش هو .
شهقت فجأة فوزية حينما لمحت شبح الرجل الذي ظهر أمامهم فجأة بحوزة الرجال.
يانهار اسود بدر .
انتفضت فاتن تهمس بغير تصديق لرؤيته امامه
أبويا !!
هدر عصام على رجاله صائحا 
انتوا لسة ماسكين فيه يابني أدم انت وهو.. سيبوه وغورا على أماكنكم.
انصاع الرجال لأمره واقترب عصام نحو الرجل بترحيب 
اتفضل ياعمي.. البيت بيتك ومطرحك.
تبسم الرجل بزاوية فمه ساخرا بصمت فاقتربت فوزية وهي تنتفض پخوف من زوجها الذي تركته في المنزل قبل تسافر بحجة زيارة أخيها لتفاجأ به الان أمامها
وحياة الغالين عندك يابدر ماتفهمني غلط.. بنتك اتجوزت على سنة الله ورسوله.. يعني ماعملتش حاجة غلط.
رمق بدر ابنته بنظرة لا مبالية قبل ان يلتفت نحو عصام الذي يخاطبه.
اتفضل اقعد ياعم بدر واسمع مننا اكيد هاتفهم وتقدر موقفنا.
اقتربت فجر وشروق نحو فاتن يساعدنها على الوقوف وهي تنتفض باكية من هول الموقف.
تدخل علاء
اسمع منهم ياعم بدر..انا نفسي والله ماكنت اعرف الحقيقة غير من كام شهر بس.
تدخل أيضا حسين 
وانا معايا التسجيلات اللي تثبت برائتها وظلمها و مستعد اسمعهملك حالا دلوقتي .
انا عارفة ياخويا انك متفاجأ ومصډوم عشان اكتشفت انها عايشة .. بس انا كنت هاقولك ازاي وانت مصمم على ..... 
اردفت بها فوزية قبل أن يقاطعها
انا كنت
عارف من زمان مش من دلوك بس.
هذه المرة الصدمة كانت من نصيب الجميع حوله قبل ان يتابع الرجل وعيناه تنتقل نحو ابنته وزوجته
عارف من ساعة ما كنتي بتروحي تزوريها في الجمعية اياها عندينا في الصعيد.. وبعدها كنت بتزوريها في بيت جوزها في اسكندرية ودلوك بتزوريها هنا.. عند بيت جوزها التاني .
يعني انت كنت بتراقب وتطل على بنتك رغم كڈب عمتي عليك.
قالت فجر فتبسم عصام قائلا 
مدام قلبك ماطاوعكش السنين دي كلها تتكلم ولا تكشف نفسك.. يبقى اكيد هاتسمع مننا وتقدر.
لاه مش عاوز .
قالها بدر وهو يرتد للخلف عائدا فأوقفته فاتن بصوت مرتجف ومتقطع من البكاء
ابوس ايدك... تسمعني ياابويا .. دا انا ماصدقت اشوفك
عالحقيقة واكلمك من سنين ماخاطبش لساني لسانك .
حدق بها صامتا لدقائق بملامح مبهمة ولغة عيناه التي كانت تتحدث وحدها.. و رغم ذلك تحركت اقدامه ينتوي الهروب ولكن اوقفه هتاف فوزية.
طب سلم على عبد الرحمن.. دا حتى بيقولوا اعز الولد ولد الولد .
برقت عيناه نحو الطفل الذي يتقدم نحوه بدفعة من فوزية التي كانت تراهن باخر ورقة لديها.. وصل اليه الطفل يخاطبه بتلقين فوزية
مش هاتسلم عليا ياجدو
جحظت اعين بدر حتى كادت ان تخرج من محجريها وقلبه يضرب بداخل صدره كالطبول.. بعد سماعه للكلمة التي اثارت الرجفة بداخله.. لعدة لحظات حاول التماسك قبل ان يحركه قلبه ويدنو نحوه الطفل يحتضنه .. فهتف الجميع بارتياح ومعهم فاتن التي تحركت مسرعة نحو ترتمي عليه تحتضنه غير مبالية بردة فعله او رفضه لها .. ولكن كان يكفيها ان تلمسه.. وهو لم يقدر على رفضها.. فانطلق التهليل من الجميع والتمتمة بكلمات الحمد فاأخيرا تكتمل السعادة
تمت