رواية ميرا القصول من 32 للاخير
انت في الصفحة 1 من 18 صفحات
الثاني والثلاثون
من السهل أن نتفادى مسؤولياتنا ولكن لن نستطيع أن نتفادى النتائج المترتبة على ذلك.
في خضم كل ما تمر به حاولت أن تهاتفه كثيرا كي تطمئن على أحواله خاصة أنه في تلك المرات التي كان يسأل بها عن يامن وعلم باختفائه انقطعت اخباره عنها تأكلها قلبها عليه وخاصة كونه لم يجيبها لذلك ذهبت لمنزله القريب وها هي تطرق الباب لعدة مرات دون جدوى وإن كادت تيأس وتغادر فتح و تفاجئ بها
خالتي!
طالعت ثريا هيئته الرثة مستغربة ثم عاتبته
ايوة خالتك اللي نستها يا واطي ومهنش عليك تطمن عليها في غياب ابنها
نكس رأسه قائلا بخزي
مش هتقولي اتفضلي ولا ايه
افسح المجال لها مرحبا
اتفضلي يا خالتي هو أنت محتاجة إذن
تقدمت ثريا بخطوات وئيدة قائلة
انا كنت حالفة مدخل البيت ده تاني بس اعمل ايه قلقت عليك وخۏفت لما اختفيت مرة واحدة
اجابها وهو يتحاشى النظر لها من شدة خزيه
انا زي ما أنت شايفة...
تنهدت ثريا وهي تشمل هيئته الغير مرتبة ابتدائا من خصلات شعره المبعثرة إلى وجهه الشاحب وذقنه المستطالة دون تهذيب وعينه الغائرة وتلك الهالات الداكنة التي تحاوطها وتدل كونه لم ينم ولم يذق طعم الراحة من زمن لتتنهد وتقول وهي تجلس على أحد المقاعد القريبة مشمئزة من الفوضى التي تعم المكان والغبار الذي يكسو كل شيء حولها
لم يجيبها بل ظل منكس الرأس حين تساءلت
هي مراتك هنا
نفى برأسه وقال بخزي من نفسه قبل أي شيء أخر
لأ أصرت تطلق وطلقتها
لوت ثريا شدقيها وقالت متهكمة تذكره بحمئته لها
أصرت أمال فين الحب اللي كانت بتحبهولك وفين مصلحتك اللي كانت ھتموت عليها
رد بندم
بلاش تزودي همي يا خالتي كفاية عليا اللي حصلي ...لتحين منه بسمة مټألمة وينعي نواقصه وتلك النعم التي حرم منها
انا غبي وضيعت كل حاجة لا عارف انام ولا أكل ولا أشرب ولا ألبس والبيت زي ما انت شايفة حتى ولادي اتحرمت منهم
اللي حصل حصل واظن ده كان قرارك ولازم تتحمل عواقبه... وبعدين مهما كان ولادك هيفضلوا ولادك و متنساش أن ليهم حق عليك مش معنى أنك طلقت امهم يبقى تنساهم وتاخدهم في الرجلين
انا بټعذب من غيرهم يا خالتي ونفسي اشوفهم واحضنهم واشم ريحتهم بس خاېف رهف تطردني وتكسفني قدامهم
بلاش حجج فارغة روح وشوف ولادك رهف اصيلة ومستحيل تعمل كده...
طب تفتكري في أمل تسامحني
رغم انها تعاطفت معه كأي أم ولكن تعلم حق المعرفة انه يستحق هو من اوصل ذاته لهنا لذلك ردت عليه بصراحة عادلة كي ترضي ضميرها
تسامحك ازاي يا ابني ده أنت حړقت كل المراكب وراك ومخلتش طريق رجعة وبعدين أنت اللي فرطت فيها وعمرك ما عرفت تحافظ عليها...وكنت مصمم على اختيارك ومفكرتش حتى تتراجع عنه في سبيل ولادك و كنت بتبرر اللي عملته و بتفرض عليها جوازك من التانية بالعافية وعايزها تتقبل وترجعلك الفلوس وتفضل ذليلة ليك...
مرر يده بخصلاته وقال بقناعات مازالت راسخة بركن ما من عقله رغم كل شيء
يا خالتي متصعبهاش عليا انا عارف إني غلطت وضعفت وبعدين انا معملتش حاجة حرام انا اتجوزت ومنكرش إني ندمت ...
الندم متأخر ومبقاش يفيد يا حسن
أنت جاية عليا يا خالتي
انا نصحتك كتير وكان عندي أمل تغير من نفسك بس أنت عمرك ما اتعظت ومع ذلك هكلمها يا حسن ومش علشانك لأ علشان العيال و علشان ابقى عملت اللي عليا وربنا يقدم اللي فيه الخير
وعند أخر قولها تهللت اساريره بشدة وهو يأمل في فرصة ثانية تعيد له الحياة.
اتى ذلك اليوم المنتظر وها هي تجلس على ذلك المقعد الوثير المقابل لفراشها التي لطالما استيقظت و وجددته يتأملها من عليه أثناء نومها فقد
فرت دمعة حاړقة كوت وجنتها بنارها ولهيب تلك الذكريات يهلك قلبها وسؤال لعين واحد يتردد برأسها كيف تمكن من خداعها فإن أحبها حقا...كيف هان عليه فراقها .
فقد مر على غيابه شهر واربعة عشر يوم وتسع ساعات و دقيقتين وبضع ثوان
عجاف كادت تفقد عقلها من دونه