رواية فاطمة الجزء الاخير
شيء كيفما شئت قبل أن تبدأ الجولة في الحي العتيق وليس هناك ماهو أمتع من التجوال سيرا على الأقدام داخل أزقة وحواري تحتاج إلى عبقرية في فك ألغازها وإلى حاسة سادسة لمعرفة طلاسمها فالأزقة متراصة كحبات عقد متداخلة كقوس قزح متعدد الألوان ولايعرف أحد حتى الآن الفلسفة المعمارية التي بني على أساسها خان الخليلي فالأرض مبلطة بحجر بازلتي أسود لامع والسوق مسقوف بخشب تحدى الزمن وعوامل التعرية والشمس تتسلل إلى حوانيت عديدة تشكل مع بعضها سراديب مليئة بالكنوز والتحف النادرة والمصنوعة بمهار
وإذا بدأت الرحلة في الخان فلابد وأن تلقي نظرة على ماتبقى من مشربيات مطلة على الشارع أو الحارة وأسبلة جميلة مشغولة واجهاتها بالنحاس وفيها أحواض الماء التي كانت تروي العطشان وعابر السبيل.
وفي خان الخليلي تحرص النساء من كل الجنسيات على شراء العقد الذي تتدلى منه عين حورس وتصنع العقود من خامات شتى وما على الزبون إلا تحديد طلبه وفق إمكاناته المالية وهنا يخرج له البائع تحفة فنية ربما مر على صناعتها مئات السنين
كلما سار خطوة داخل الخان تتسع عيني أنبهارا وسحرا من منظره العريق وجماله الأخذ للعيون وجد مقهى قرر أن يستريح على أحدى مقاعدها الخشبية ووضع حقيبته لياتي شخصا من خلفه يلتقط الحقيبة ويفر هاربا ركضا بسرعة كبيرة نهض مصډوما من مجلسه وراءه بعض المتواجدين بالمقهى فلحق بذلك الشاب وحاصره من الجهة الأخرى شابا أخر وأمسك به ولكن فلت من بين يديه عاد الشاب يحمل الحقيبة بيده ويضعها أمام ألبرت قائلا
تبسم له ألبرت وشكره بأمتنان
اقترب منه الرجل الثاني وجلس على نفس الطاولة التي يجلس عليها ألبرت وقال هامسا بودية
نورت مصر يا خواجة
مد يده يصافحه وقال بلباقة
ألبرت أرثر
صافحه الآخر بمحبة وقال
عبدالله السعدني ثم أشار بكف يده لمحل سكنه ودكانه الذي يبتاع به السلع الغذائية وأخبره أيضا بأنه يمتلك شقة في الطابق الأرضي فارغة أذا أراد أن يستأجرها تلك المدة التي سيقضيها بالمحروسة واستحسنت الفكرة ألبرت وشكره بأمتنان على مساعدته وأصطحبه عبدالله وسار جانبه يأخذه المسكن خاصته ويعطيه الشقه ولم يعترض ألبرت الأمر وجدها فرصة مناسبة للقضاء أكثر فترة ممكنة داخل الخان ريثما ينهي العمل الذي جاء من أجله..
داخل المقهى..
الاناس المتواجدين على مقاعدهم الخشبية كل منها سارح في ملكوته منهم من يحتشي الشاي وبعضهم يلعبون الدومنة وأخرين يلعبون الشطرنج أما على الجانب الاخر يجلس مجموعة من الشباب المثقف مرتدين حلتهم ويضعون الطربوش الأحمر أعلى رؤسهم في مرحلة البكالوريا وشاب منهم يمسك بالجريدة يتحدث عن أخبار الملك فؤاد الأول وحاشيته وانه سوف يقام حفل في قصر عابدين بسبب عيد مولد ولي العهد الامير فاروق الأول.
والمذايع يصدح داخل المقهى على نغمات المحطة الإذاعة بصوت المطرب محمد عبدالوهاب ..
وفي هذا الاثناء جاءت أحداهما تتبخطر في خطواتها بملابسها المزركشه الكاشفة عن ذراعيها وتضع الملاءة اللف السوداء لتواري جسدها الغض وكلما تحركت كشفت عن ساقيها الجميلتين المرمريتين ملفوفة القوام مرتدي شبشب بكعب عالي باللون الأسود وعليه من كل جانب وردة والخلخال يرن ويصدح صوته كلما سارت خطوة مما جعل العيون تترصد لها وتطالعها پشهوة ورغبة