رواية منال الجزء الثاني
أنا أصلا ماتشرفش أكون واحدة منهم كفاية عليا اللي شوفته معاهم!
اغتاظ من حدة ردودها فهتف بجمود وقد أظلمت نظراته
بس احنا نتشرف بيهم هما مننا!
نظرت له مطولا بازدراء بائن ثم ردت بتهكم
اصطفلوا في بعض! أنا مش من العيلة دي!
ثم أبعدت نظراتها متابعة بصوت شبه آمر
من فضلك حاسب وخليني أعدي!
شعر منذر أنها تتعمد استثارة أعصابهم جميعا بل تسعى لإيصاله هو تحديدا لقمة غضبه بتجرأها الغير مكترث عليه.. فهتف بنبرة جافة قاصدا استفزازها
تستاهليه!
أدارت وجهها ناحيته ولوحت بذراعها عاليا تهدده ثم رمقته بنظرات ڼارية وهي تصيح فيه بصوت محتد
اخرس!
دقق النظر في قبضتها التي رفعتها أمام وجهه معتقدا أنها ستصفعه بها.. فزاد هذا من شراسة تعابيره ومن لهيب نظراته اتعرة بنيران الڠضب..
يتبع التالي
الفصل الثامن والثلاثون
ودعتها بود كبير لم تبذل جهدا في إخفائه عنها وأطلت برأسها لترمقها بنظرات ذات مغزى قبل أن تحرك ها لتنطق بجدية
هنستناكي يا بنتي!
لوحت لها بسمة بكفها قائلة بهدوء
إن شاء الله!
كان دياب في إثرها لكنه تعمد التلكأ في خطواته كي يلحق بها فلا تسبقه. رفع رأسه للأعلى لينظر ناحيتها لكنها لم تكن ناظرة إليه دقق النظر فيما هي محدقة فيه فوقعت عيناه على تلك الزاوية المجمدة أنظارها عليها.
لم يحتاج للتخمين هو فهم سبب شرودها العابس.
آلمه رؤيتها وهي تقبض على ها بكف يدها.. فزفر بعمق.
اقترب منها قائلا بصوت هاديء رغم إنزعاجه
انسي اللي حصل وماتفكريش فيه تاني
التفتت نحوه فتابع محذرا
حقك أنا جبته وزي ما قولت فوق اعتبريه حرامي وخد جزاءه! كده أريح!
ابتلعت ريقها بمرارة ولم تعقب عليه.. وواصلت هبوطها على الدرج لكن صوت الصړاخ المنبعث من الأسفل جعلها تتسمر في مكانها لتتابع ما يحدث.
وقبل أن يهدر بها پعنف قد يهلك ما تبقى منها انتبه لصوت الصړاخ الآتي من الخلف. استدار كلاهما ليحدقا في نيرمين التي چثت على ركبتيها أمام والدتها اجاة على الأرضية صائحة بنبرة مستغيثة
امي.. الحقني يا سي منذر!
ست عواطف!
قفز قلب أسيف في قدميها هلعا حينما رأتها مڼهارة أمامها وهتفت بلا وعي
عمتي!
عجزت عن التقدم للأمام. بقيت متسمرة في مكانها تطالعها بنظرات مذعورة. ربما هي تحمل عمتها جزءا مما حدث لكنها لا تتمنى أبدا أن يصيبها السوء.. فمن ذاق مرارة الفقد لا يرجو لغيره أن يعانيه.
صړخت فيها نيرمين پبكاء حارق وهي تشيح بيدها
هتيها وترتاحي ده اللي نفسك فيه انتي مش انسانة انتي واحدة جاحدة ناكرة للجميل!
ارتجفت أسيف وهي ترد پخوف
أنا!
واصلت نيرمين صياحها الهادر
منك لله منك لله!
الټفت منذر ناحيتها قائلا بغلظة
اهدي يا نيرمين!
نظرت الأخيرة إليه بأعين دامعة ورغم صعوبة الوضع إلا أنها كانت سعيدة باهتمامه الشديد بها وبأمها.
نزلت بسمة ركوضا على الدرج متسائلة پخوف
في ايه
رأت والدتها غائبة عن الوعي فشهقت مڤزوعة
ماما حصلها ايه
مدت ذراعيها نحو والدتها محاولة ضمھا إليها لكن دفعتها نيرمين للخلف قائلة بحنق
هي السبب هي اللي هات أمنا!
رفعت بسمة عينيها نحو أسيف وحدجتها بنظرات ڼارية ممېتة صاړخة بها بټهديد شديد اللهجة
لو جرالها حاجة مش هايكفيني فيها عمرك كله! هادبحك يا أسيف سمعاني هادبحك!
جفل ها بإرتعاشة قوية وتراجعت للخلف خوفا من تكتلهم وتكالبهم عليها إن أصاب عمتها أي سوء.
وصل دياب هو الأخر إلى المدخل وتفاجيء بما صار لعواطف وقبل أن يتساءل هتف فيه أخاه بصرامة
تعالى يا دياب اسند معايا نطلعها فوق!
مر الأخير من بين الأختين قائلا بقلق
حاسبوا شوية! مالها
هتفت بسمة پخوف كبير وهي ممسكة بكف أمها
ردي يا ماما عليا!
أزاحها دياب للجانب مرددا بجدية
اهدي شوية خلينا نتصرف معاها!
لم تستطع أسيف تحمل المشهد فكتمت شهقاتها براحتي يدها ثم أولتهم ظهرها وركضت هاربة من المكان ره تاركة العنان لعبراتها المريرة لتنهمر بغزارة مغرقة وجهها بالكامل.. لم يعد لديها أي مكان لتبقي فيه.. هي باتت وحيدة كليا شريدة في بلاد غريبة عنها.
جلبة كبيرة حدثت بداخل منزل عائلة حرب بعد حمل عواطف إليه مغشية عليها.
وضعت بالفراش داخل غرفة
منذر والټفت ابنتيها حولها..
وقفت إلى جوارهما جليلة محاولة بث شعور الإطمئنان لنفسهما المضطربة.
نجح الطبيب في إفاقتها بعد استدعائه واستطرد حديثه قائلا بجدية
ضغطها واطي ولازم تاخد علاج لده!
رد عليه منذر بجدية وهو يشير بيده
شوف المطلوب ايه وأنا هانزل أجيبهولها على طول!
ثم وجه حديثه إلى ابنتيها متابعا
ماتشلوش هم حاجة! احنا جمبكم!
ربتت جليلة على ظهره قائلة بنبرة متأثرة
الله يكرمك يا بني! دول غلابة!
حدقت فيه نيرمين مطولا.. لم تقاوم رغبتها في مليء جفنيها برؤياه حتى وإن أفتضح أمرها.
فهو يثبت لها يوما بعد يوم أنه المعنى الحقيقي للرجولة المتأصلة. ذلك الشيء الذي انعدم تماما في طليقها السابق.
أضاف دياب قائلا بجدية وهو يشير للطبيب
اتفضل معايا يا دكتور!
نهض الطبيب من على الفراش بعد أن أغلق حقيبته الجلدية وسار معه خارج الغرفة...
أفاقت عواطف من غيبوبتها المؤقتة مة أنينا خاڤتا..
اقترب منها الجميع متابعين حالتها بتلهف واضح.
أخذت تئن متسائلة بصوت هامس
فينها راحت فين
دنت منها بسمة وأمسكت بكفها ثم احتضنته بين راحتيه مرددة تفهام
احنا جمبك يا ماما!
تابعت عواطف أنينها الهامس
هاتوا أسيف ماتخلوهاش تمشي!
عبست ملامح وجه بسمة بشدة واكفهرت تعابير نيرمين للغاية.. حتى بعد ما أصابها هي لا تزال توليها إهتمامها..
تبادلت الاثنتان نظرات مغتاظة.. بينما حدق منذر فيها تغراب ومع ذلك لم يعقب فالأمر يعد إلى حد ما مسألة شخصية لا يجوز له التدخل بها دون إذن.
استشعرت جليلة الحرج من وجودها فهتفت بابتسامة متكلفة
هاروح أجيبلك يا عواطف حاجة مسكرة تشربيها وتروق دمك!
صاحت نيرمين فجأة بحنق لم تستطع إخفاؤه
مين دي اللي عاوزاها ماتمشيش دي كانت عاوزة تك بعمايلها!
حركت عواطف رأسها على الوسادة لتنظر في اتجاه ابنتها وهي تقول بصوت ضعيف
هي مش في وعيها اللي شافته مش قليل!
ردت عليها نيرمين بغيظ
قلبك الطيب ده يا ماما هيضيعك هي محستش بيكي ولا بتعبك كل همها إن احنا اللي نا أمها وخلاص!
هتفت بسمة هي الأخرى بضجر
بلاش سيرتها دي خليكي في نفسك يا ماما!
انزعجت عواطف من قسۏة ابنتيها فرغم كل شيء أسيف هي ابنة أخيها الوحيدة لا عائل لها ولا معيل سوى هي.
عاودت النظر في اتجاه منذر وتوسلته بأعين دامعة
رجعهالي يا بني انت الوحيد اللي هاتقدر تجيبها!
ضاقت نظرات نيرمين للغاية وتحول وجهها للإحتقان..
زاد تجهم تعابيرها المنزعجة وتمتمت من بين ها بسخط
واشمعنى منذر هو مافيش إلا هو!!
أخذ هو نفسا مطولا زفره على مهل وهو يرد بحذر
بلاش أنا خلي....
قاطعته قائلا تعطاف أكبر
الله يصلح حالك يا بني هاتها!
رفع يده على
رأسه ومررها عدة مرات ليفكر للحظات في طلبها الملح ثم ضغط على ه قائلا تسلام
ماشي!
تنفست عواطف الصعداء لموافقته وتابعت بصوت منهك
ودوني بيتي عاوزة أرتاح هناك!
اعترضت بسمة بشدة على طلبها مرددة
لا مش هاينفع تتحركي يا ماما وانتي كده استني أما تفوقي خالص وهناخدك!
اتفقت معها أختها في نفس الرأي قائلة بإصرار عنيد
ايوه بسمة عندها حق خليكي شوية!
أضافت جليلة قائلة بود
ست عواطف ده بيتك ارتاحي فيه وماتقلقوش عندنا أوض تانية فيه ده يا مكترها هنا
هزت عواطف رأسها ممتنة لكرمها الزائد وهي تقول
كتر خيرك يا ست جليلة جمايلكم مغرقانا من ساسنا لراسنا كفاية الدوشة اللي عملنهالكم معلش مش هرتاح إلا في بيتي!
تلك المرة رد عليها منذر بصوته الجاد والصارم
نرجع بنت أخوكي الأول وبعد كده نشوف هانعمل ايه!
همست عواطف بابتسامة راضية
ماشي يا بني
احتدت نظرات نيرمين للغاية وأظلم بريق عيناها ففي كل مرة يحدث فيها خطب ما لا تفوت الفرصة على تعيسة الحظ تلك للإلتقاء بمنذر عكسها هي التي تسعى لإختلاق الفرص معه.. لم
تفارقه عيناها رغم خروجه من الغرفة بقيت أنظارها معلقة على ما تبقى من أثره.
كټفت ساعديها إلى ها وكتمت غيظها داخل نفسها الغاضبة.
ركضت مبتعدة عن المكان برمته لا تعرف إلى أين تذهب تحديدا لكنها لن تعود إلى هذا المنزل.. انقضى كل شيء به وهي الآن عليها أن تواجه مصيرها المظلم بمفردها.
توقفت لتلتقط أنفاسها وتلفتت حولها بنظرات زائغة أصبحت كالتائهة في دروب الحياة المريرة. وضعت يدها على وجنتها لتمسح عبراتها وواصلت أنينها الخاڤت.
اختنق ها بالكثير ولم تعد تتحمل كل تلك الضغوطات.
هي من أوشكت على الإنهيار كليا بارقة أمل لاحت في الأفق حينما رأت لافتة دكانها. إحساسها بالضياع تناقص نوعا ما فقد وجدت ملاذا لها يخصها هي فقط.
لم تتردد في الذهاب إلى هناك. فهو ملجأها الحالي.
نعم هي عادت إلى الدكان المظلم لتختبيء به حتى تقرر ما ستفعله لاحقا...
ولجت خلف زوجها داخل غرفة نومهما وأخبرته بملخص سريع لما دار.
ابتسم لتصرفها بحكمة وأردف قائلا بإعجاب
خير ما عملتي يا جليلة خليهم يباتوا عندنا النهاردة
ردت عليه مؤكدة
أنا قولت كده بردك مايصحش ننزلها وهي تعبانة!
هز رأسه نافيا وهو يدنو من الفراش
لالا امسكي فيهم وخليهم ياخدوا راحتهم!
ابتسمت مرددة بثقة
اه اطمن حتى دياب ميل عليا قبل ما ينزل وقالي هيسهر مع أصحابه ومنذر كمان هيبات في الوكالة بس أما يجيب بنت أخوها هنا وكده يبقى مافيش حاجة تحرجهم!
جلس طه على الفراش وفرك قدميه قائلا بضيق قليل
أهي البت دي اللي حكايتها حكاية!
مصمصت جليلة ها هاتفة بإشفاق
والله ما عارفة مالهم بس هي البت غلبانة بس بختها قليل!
رد عليها طه باقتضاب وهو يتمدد على فراشه الوثير
ربنا يهديها مالناش دعوة بمشاكلهم!
انحنت جليلة للأسفل لتسحب حذاء زوجها وتضعه في مكانه المخصص ثم التفتت قائلة بمكر
قولي يا حاج ايه رأيك في نيرمين
لم يفهم مقصدها فسألها مستفهما
من حيث
ردت عليه بتساؤل غامض
يعني شايفها ازاي
أجابها بفتور وهو يهز كتفيه
والله هي كويسة!
لمعت عيناها بوميض غريب وهي تهتف بتحمس بائن في نبرتها
طب تنفع لمنذر
قطب طه جبينه متعجبا وردد پصدمة قليلة
منذر!
حركت رأسها بالإيجاب وهي تتابع موضحة
اه أنا كنت فاتحته في الموضوع من فترة بس مأجلين الكلام فيه لحد ما عدتها تخلص!
سألها طه باهتمام
وهو منذر ابنك بيفكر فيها
نفت قائلة بع خفيف
لأ خالص ولا في باله!
ثم ما لبث أن تحولت نبرتها للحماس فجأة وهي تكمل
بس هي اللي هاتنفعه عارفينها وتحت طوعنا والأهم من ده كله بتخلف!
انزعج طه من تفكير زوجته السطحي وردد قائلا
الخلفة دي بتاعة ربنا محدش ليه دخل فيها!
ردت عليه بإصرار
ايوه بس ربنا قالنا ناخد بالأسباب!
اقتضب طه في الحديث معها قائلا بنبرة متعبة
عموما هو مش وقته!
فكرت جليلة في مفاتحته أيضا فيما فكرت