رواية منال الجزء الثاني
مهللا بحماس
الله عليك يا باشا أنا مش عارف أقول ايه والله!
رد عليه الضابط بهدوء
ماتقولش حاجة هات قريبتك وتعالى القسم عشان نكمل الإجراءات وتستلم فلوسها!
ارتبك منذر من جملته الأخيرة وضغط على ه بقوة فهو لا يرغب في إبراز دوره في إظهار الحقيقة وإار نقودها اروقة. لذا أردف قائلا بحذر
طب معلش يا باشا هاتقل عليك في حاجة أخيرة
قول يا منذر
تنحنح الأخير بخشونة مرددا
إن مكانش فيها إزعاج تبعتولها عسكري تدعاء رسمي يبلغها بإنكم لاقيتوا فلوسها وبلاش أظهر أنا في الصورة
ليه
ابتلع ريقه وهو يجيبه بتمهل
يعني مش عاوز أحرجها وكده هو الموضوع ده كان خدمة عشانها ومش حابب إنها تعرف!
رد عليه الضابط بهدوء
هتف منذر ممتنا لتلبيته لطلبه دون جدال
ربنا يكرمك يا باشا نقفلك في أي حاجة تعوزها!
أضاف الضابط قائلا بهدوء
وماله سلام!
رد عليه الأخير بتنهيدة ارتياح
مع ألف سلامة!
أخرج منذر زفيرا عميقا من دفعة واحدة ثم وضع يده على رأسه ماسحا إياها عدة مرات بحركات متتالية.
أخفض يده ثم فرك بها وجهه وتلفت حوله بنظرات عامة قبل أن يثبت أنظاره على نقطة ما بالفراغ.
أخيرا.. يا ريت بس تحسي بظلمك ليا...!!!
يتبع التالي
الفصل الرابع والأربعون
استقبلتهما بألفتها المعهودة وعلى ثغرها ابتسامة عريضة دعتهما للدخول في غرفة الضيوف أولا ريثما يستعد الصغيران لتلقي الدرس كانت ملامح بسمة متجهمة إلى حد ما فقد استاءت من ور أختها معها وملازمتها إياها خلال عملها دون أن تعرف السبب الحقيقي وراء تلك الزيارة وتعمدت نيرمين أن تأتي معها لغرض ما في نفسها وأرت كذلك رضيعتها لتثير شغف جليلة إلى الصغار خاصة أنها قرأت في عينيها رغبة ملحة في الحصول على حفيد جديد لعائلة حرب.
قطعت بسمة الصمت السائد مستطردة حديثها بتبرم
مش فاهمة انتي صممتي تجي ليه معاياردت عليها نيرمين ببرود وهي تهز كتفيها في عدم مبالاة
ثم أدارت ها للجانب لتقع عيناها على صورة عائلية لعائلة حرب. وبالطبع التقطتت نظراتها شخصه المهيب.
أخرجت من ها تنهيدة حارة فتعجبت بسمة من طريقتها.
دققت النظر فيما هي محدقة به بنظراتها الغريبة وتساءلت بفضول
متنحة في الصورة ليه
أجابتها بلا وعي
طول عمره راجل
سألته بحيرة
مين ده
أجابتها نيرمين بتنهيدة مطولة
ماله يعني عادي!
ردت عليها نيرمين بإنزعاج
ايش فهمك انتي في الرجالة
نظرت لها بسمة باندهاش أعجب وتمتمت مستنكرة
واحدة زيك المفروض تكون كارهة الصنف كله بعد اللي شافته في جوازتها الأولى
عبس وجه نيرمين بشدة وردت بسخط جلي
هي دي كانت جوازة أصلا متفكرنيش!
بررت لها بسمة سبب اندهاشها قائلة
ماهو عشان كده أنا مستغربة بصاتك ليه هو بالذات!
حدقت فيها نيرمين بنظرات ثابتة وهي تقول
لأنه غير أي حد!
هزت بسمة رأسها للجانبين مانعة ضحكة ساخرة من الخروج من بين ها وهتفت مازحة
لأحسن تكوني بتفكري تتجوزيه و.....
وضعت نيرمين يدها على فمها لتمنعها من إتمام حديثها ورمقتها بنظرات حادة هامسة بتحذير شديد اللهجة
ششش.. وطي صوتك أمه تسمعك!
أزاحت بسمة كف يدها عنها مستغربة تصرفاتها المبالغة فيها.
استغرقها الأمر عدة لحظات لتتأكد أن أختها تتحدث بجدية تامة فارتفع حاجباها للأعلى غير مصدقة نيتها المبيتة مسبقا.
شحب لون بشرتها قليلا وردت بصوت خفيض
انتي بتكلمي جد أنا بأقولك ده بهزار!
همست نيرمين بتوجس
هزار أو جد ده موضوع يخصني! سامعة وبطلي كلام بقى فيه.
نظرت لها شزرا وهي تعقب باقتضاب
انتي حرة! بس أنا بأحذرك إنه مش كل الهزار بيقلب بجد وساعتها هتتسكي على دماغك و.....
قاطعتها نيرمين قائلة بازدراء
بدل ما تحذريني شوفي نفسك الأول!
احتدت نظرات بسمة نحوها وهي ترد پغضب
أشوف نفسي ليه هو أنا زيك
تقوس فم نيرمين للجانب مشكلة ابتسامة تهكمية ساخطة ثم رمقتها بنظرات حادة وهي توضح مقصدها بنبرة لاذعة
هه انتي واحدة أنانية مش بتحبي إلا نفسك وبس عايشة عشان مصالحك الخاصة ومش مهم أي حد إلا انتي!
فغرت بسمة ها مرددة بذهول مستنكر
أنا
أومأت نيرمين بالإيجاب قائلة بفظاظة
اه انتي بصي لنفسك في المراية وشوفي طريقتك مع الناس وهتلاقي كلامي صح انتي بس اللي عملالي فيها مصلحة اجتماعية وآ.....قطمت عبارتها حينما لمحت طيف شخص ما يدنو من الخارج.
ظلت تعابير وجه بسمة مصډومة من حديث أختها الچارح. لقد تجاوزت حد المقبول معها ربما هي صارحتها بما تظنه عيوبا بها وقد تكون مصېبة في أغلبها لكن هذا لا يعطيها الحق لأن تكون فجة في حديثها وتناست أنها تحمل أكثر منها في قلبها حقدا وغلا نحو الجميع بصعوبة بالغة كتمت غيظها في نفسها وجاهدت لتبدو
طبيعية في تصرفاتها لكن ذلك لا يمنع أنها باتت تضمر ناحيتها شيء ما.
عادت جليلة مرة أخرى للغرفة حاملة بيديها صينية مليئة بالمشروبات والحلوى فنهضت نيرمين على الفور من على الأريكة لتساعدها قائلة برقة مصطنعة
عنك يا خالتي مالوش لازمة التعب ده هو احنا أغراب
ردت عليها جليلة بلطف
دي حاجة بسيطة يا بنتي!
ضجرت بسمة من تصرفات أختها المصطنعة خاصة بعد أن كشفت نيتها الغريبة فنهضت من مكانها متسائلة بجمود مريب
هي أروى جاهزة
عشان أبدأ معاها الدرسهزت جليلة رأسها نافية
لأ البت نايمة وهاصحيها بس يحيى صاحي خلصي معاه الأول تكون أروى جهزت
حركت بسمة رأسها بالإيجاب قائلة بإيجاز
ماشي!
أشارت لها بيدها وهي تصطحبها للخارج
تعالي في أوضته!
ثم لمحت كلتاهما الصغير وهو يقفز بمرح مقتربا منهما.
ابتسمت جليلة قائلة بحماس
أهوو بنفسه جاي يستقبلك!
احتضن الصغير معلمته من ها بحب صادق نابع من قلبه هاتفا بمرح
مس بسمة!مسحت الأخيرة على ظهره برفق مرددة بهدوء
حبيبي يا يحيى!
تراجع الصغير بظهره للخلف متابعا بسعادة
أنا مخلص مذاكرة كلها وحفظت كل حاجة و....
قاطعته بسمة بابتسامة ودودة
خلاص يا حبيبي أنا هسألك عن كل حاجة جوا في الأوضة!
هز رأسه بإيماءات متتالية وهو يقول
اوكي يا مس بسمة!
ثم حاوطت إياه من كتفيه وسارت معه بإتجاه غرفته الخاصة ليشرعا في استذكار الدروس.
تأكدت نيرمين من ابتعاد أختها لتبدأ هي الأخرى في تنفيذ خطتها الدنيئة اقتربت من جليلة وابتسمت لها قائلة
تسلم ايدك الحاجة طعمها حلو
ردت عليها جليلة بابتسامة عريضة وهي تمسح على ذراعها
بالهنا والشفا يا بنتي!
عمدت نيرمين إلى تسبيل نظراتها والرمش بجفنيها لعدة مرات لتظهر نفسها بالشابة المتحرجة وهي تقول
خالتي معلش ممكن أطلب منك حاجة
ارتسمت علامات الجدية على تعابير وجه جليلة وسألتها باهتمام
خير يا نيرمين
ادعت التوتر والارتباك وهي تقول بتعلثم
... أنا... يعني محرجة أقول كده و...
هتفت فيها جليلة بقلق
اتكلمي على طول ماتتكسفيش! في ايه
تنحنحت بصوت خفيض قائلة بخجل
احنا لما كنا بايتين عندكم بنتي رنا كانت لابسة الحلق الحمصة بتاعها والحلق ده هدية غالية أوي من أمي!
ثبتت جليلة أنظارها عليها متابعة بجدية
أها وبعدين!
استأنفت نيرمين حديثها بصوت خفيض يوحي بالتردد
فلما رجعنا بيتنا وجيت أغيرلها هدومها ملاقتش إلا البريمة شابكة في ودانها فجايز يعني... يكون.. يكون وقع هنا في حتة كده ولا كده
قطبت جليلة جبينها مرددة باندهاش
هنا فين مافيش حاجة يا بنتي ولو كنت لاقيت حاجة زي كده أكيد كنت هسأل وأعرف!
تابعت نيرمين قائلة بمكر وقد برقت عيناها بذلك الوميض الشيطاني
عارفة يا خالتي بس... لو مافيهاش حرج يعني...ممكن... أدور في أوضة سي منذر جايز يكون وقع تحت السرير ولا حاجة
حركت جليلة رأسها بإيماءة موافقة وهي ترد
وماله منذر أصلا مش موجود دلوقتي فتعالي دوري براحتك وربنا يعترك فيه!
التوى ثغرها بابتسامة ماجنة
كتر خيرك يا خالتي والله ما في زيك أبدا
تحركت معها للخارج تاركة رضيعتها بغرفة الضيوف لكنها توقفت عمدا لتقول بضيق مصطنع وهي تضع يدها على جبينها
يووه كنت هانسى رنا دماغي مش فيا أما أشيلها بدل ما تصحى وټعيط وتعمل دوشة و....
قاطعتها جليلة قائلة بحنو
لا خليها معايا لحد ما تخلصي!
ردت عليها بع زائف
مايصحش كده أنا بأتعبك معايا يا خالتي
ابتسمت جليلة مرددة بحنو أمومي غريزي
وهو ده اسمه تعب ده الأطفال أحباب الله!
تنهدت نيرمين بصوت مسموع قائلة عن عمد
اه والله ربنا يعوض على سي منذر بالخلف الصالح يا رب زي دياب أخوه!
نجحت بكلماتها المنتقاة بعناية في إثارة مشاعر الضيق بداخلها هي تعلم أهمية ذلك الموضوع بالنسبة لها ومدى حساسيته لذا ببراعة جراح ماهر ضغطت على الچرح دون أن تترك أثرا.
ردت
عليها جليلة بحزن واضح في نبرتها
ايوه ادعيله يا بنتي ربنا يكرمه
أضافت نيرمين بحياء مصطنع
هو يستاهل والله كل خير بس لسه وقته مجاش يا خالتي ما انتي عارفة بقى!
لمعت عيناي جليلة تأثرا وهي تردد برجاء
ياما نفسي أشيل عوضه بإيديا
ضاقت نظرات الأخيرة لتصبح أشد غموضا وهي ترد بحذر
هايحصل يا خالتي انتي بس دوريله على عروسة حلوة تليق بيه!
أشارت جليلة بكف يدها قائلة بامتعاض
على الحلاوة في كتير بس أنا في دماغي حاجة معينة!
بدت نيرمين مهتمة بمعرفة ما تفكر فيه فسألتها بمكر واع
حاجة ايه دي يا خالتي!
رمشت بعينيها متحاشية الرد عليها فقد عاهدت ابنها ألا تبوح بما تفكر فيه خاصة وأنها المعنية بحديثها ذلك ومع ذلك لأنها كانت على سجيتها الطيبة فلم تتخذ حذرها جيدا ونجحت نيرمين بطريقتها الماكرة في استدراجها في فخها وإجبارها على كشف مكنون أسرارها.
بهدوء شديد غمزت لها هامسة بدهاء
فضفضي معايا أنا بردك زي بنتك وجايز أفيدك! يا عالم ده بيقولوا يوضع سره في أضعف خلقه!
استسلمت جليلة لإلحاحها البارع وخالفت عهدها.
هتفت ناطقة وكأنها تريح إزاحة ذلك الثقل عن ها
مخبيش عليكي ومن غير حرج أنا بأدور لابني على واحدة تكون بتخلف هو تعب مع المرحومة مراته فضلوا سنين دايخين مع الدكاترة عشان يخلفوا ومكانش في فايدة!
تراقصت نبضات قلب نيرمين طربا لسماعها ذلك الكلام وكأنها تعزف به معزوفة فريدة على أوتار قلبها.
تنهدت جليلة متابعة بحزن محبط
والعمر بيجري منه وأنا خاېفة أجيبله عروسة بنت بنوت تطلع مابتخلفش ونكرر الغلب ده تاني معاه!
برقت عيني نيرمين بوميض مثير بعد تأكد حدسها أن والدته تميل إلى البحث عن عروس بمواصفات معينة أغلبها تنطبق عليها.
أفاقت من شرودها السريع وعمدت إلى رسم ملامح الجدية على محياها وهي تقول مدعمة إياها في الرأي
عندك حق يا خالتي والتحاليل المضړوبة بتاعة الجواز مش بتبين حاجة يعني ممكن واحدة كده ولا كده تعجبه بس تطلع معيوبة ومش بتخلف!
هزت جليلة رأسها قائلة بتوجس
مظبوط وده اللي مخوفني!
التوى ثغرها بابتسامة لئيمة وهي تضيف
اطمني إن شاء الله ربنا هيعوض صبرك خير
ربتت جليلة على ظهرها مرددة بود
يا رب أمين ويكرمك يا ضنايا انتي بردك لسه صغيرة وحلوة وفي ألف يتمنوكي!
تعمدت نيرمين الع بوجهها وهي تضيف بإحباط زائف
لا خلاص أنا خدت حظي من الدنيا وهاعيش عشان بنتي