رواية رحمة كاملة
بنات تبات برا بيت جوزها اكتر من ليلة بكره الصبح ترجعي بيتك متخليش الشيطان يدخل بينكم اكتر
فتحت فاهها لتعترض ولكن أوقفها دخول والدتها المتلهف وهي تنادي بأسمها
جنة
لينهض والدها مبتسما وهو يخبرهم بهدوء
اهي جات اهي انا هنزل أصلي العشا وأسيبكم تقعدوا مع بعض شوية
اومأت كلتاهما بابتسامة متكلفة تسلقت لأعتاب ثغرهن بصعوبة وما إن غادر حتى قالت والدتها هناء بصوت قلق
لتنفي جنة برأسها مؤكدة
لا طبعا بابا لو عرف حاجة زي دي مش بعيد يروح فيها
اومأت هناء برأسها ثم ألقت نظرة شاملة سريعة على جنة وهي تسألها بحروف إنطلقت من منبع القلق الذي تراكم فوق دقات قلبها خلال الساعات التي مرت
حصل إيه يا حبيبتي طمنيني عملك حاجة اذاكي
بمجرد العودة لنفس الموضوع وجدت الدموع تصحو لتستعيد فرض سيطرتها على عينيها فهمست بصوت متحشرج على وشك البكاء
فضيقت هناء عيناها تسألها وهي تحاول التخمين
وانتي طبعا مش هتقوليله صح
وضعت جنة يدها على جبهتها وهي تنكس وجهها أرضا ثم غمغمت في قلة حيلة
مش عارفة بس مينفعش مينفعش مقولوش انا كده بحكم على حياتنا سوا بالفشل
بالعكس انتي كده بتتصرفي صح تقدري تقوليلي عمار اول ما يعرف مين اللي عمل كده هيعمل إيه أراهنك إن ماراحش قټله طب لو قولنا هيتعاقب بس على اللي عمله فيكي فين الدليل احنا ممعناش دليل على اللي عمله ومش هيتحبس هتبقي ډمرتي كل حاجة ومخدتيش حقك وهو ماتجازاش ده غير إن أبوكي أكيد هيعرف ومش هايسكت هو كمان والموضوع هيطلع من ايدينا وهيتعرف للناس وهنبقى تحت رحمة كلام الناس والله اعلم يصدقوا ولا ميصدقوش إن ده كان ڠصب عنك مش بمزاجك وانتي عارفة الناس طول ما حاجة متخصهمش يبقى
إرتجفت شفتا جنة بشهقة باكية وهي تخبرها في نبرة واهنة مرتعشة
بس انا مش هقدر أخسر عمار يا ماما
مين قال
بس إنك هتخسريه يا قلب أمك
عمار لو معرفش مين عمل كده هيطلقني
فباغتتها والدتها بالحل الأمثل من وجهة نظرها
انتي تقوليله إن اللي عمل كده سواق تاكسي
عمار مش غبي ومش هيصدق هيقولي طالما كده خبيتي ليه من البداية!
قوليله إن السواق ده من منطقتنا وأنتي كنتي خاېفة ليتهور ويروح يتجن وېقتله
أغمضت جنة عيناها بقوة تشعر أنها كلما حاولت أن تتجه يمينا او يسارا لتنجو من تلك الدوامة تجد سدا أمامها يمنعها !
إنتبهت حينما سألتها والدتها بصوت
انتي بتثقي فيا وبتثقي إني مش هافكر إلا في اللي فيه مصلحتك ولا لأ
فأومأت مؤكدة دون تردد
أكيد يا ماما
لتنتفخ حروفها بالحزم وهي تتابع
يبقى تسمعي كلامي وتقوليله زي ما بقولك وبكره الصبح ترجعي بيتك زي ما ابوكي قال وتقوليله بابا قالي ارجعي وحاول تحنني قلبه عليكي عمار بيحبك ومش هيفرط فيكي بسهولة
حينها زفرت جنة بعمق ثم همست في استسلام
حاضر يا ماما حاضر ربنا يسترها
اليوم التالي صباحا
بالفعل عادت جنة لمنزلها تحاول بث الشجاعة في نفسها بالرجوع لذكرياتهم الرائعة سويا والتي تعطيها أمل دوما أن حبها في قلب عمار لن تقتلعه أي عقبات
كانت في المطبخ تعد الطعام كعادتها كما كانت تفعل دوما او بمعنى أوضح لتشغل نفسها عن التفكير فيما حدث وسيحدث
سمعت صوت الباب يفتح فعلمت أن عمار عاد من عمله أخذت شهيقا عميقا وهي تستعد للقادم ولكن ما إن رأته أمامها يحدق بها بتلك النظرة الباردة ثم يسألها مستنكرا
انتي بتعملي إيه هنا معقول قررتي تقولي هو مين بالسرعة دي
حينها أحست جنة أن ملامحه الصارمة أتت كالعاصفة على كل ما قررته وكانت تجهزه لتقوله لتطيح به مع مهب الرياح وتبقى هي وحيدة أمامه تفكر ترى هل تخبره الحقيقة وتضمن أنه لن يفترق عنها ابدا ام تكذب عليه كما اتفقت مع والدتها لتنقذ آخرين وربما لن تنجو هي بكذبتها وتضع عقبة جديدة في طريق حياتهم سويا !
يتبع
الفصل الثالث
تلجلجت كافة خلاياها وشعرت بحروفها تفر فرا من بين شفتاها حتى أنها فتحت فمها وأغلقته عدة مرات في محاولة لإستحضار أي حروف كانت تجهزها ولكن استحضارها لما كانت تستعد له بدا كتحضير احدى التعاويذ القوية والتي لا قدرة لها على مجابهتها !
فرفع عمار حاجبه الأيسر يسألها
انتي راجعة عشان تسكتي تاني!
حينها هزت رأسها نافية وأخيرا قررت كلماتها العطف عليها فإنصاعت لها لتتحرر من بين شفتاها متقطعة بتوتر جلي
لأ ده آآ بابا أصل بابا قالي ارجعي البيت وصمم إني ارجع النهاردة
فسألها بنبرة فظة
ورجعتي بناءا على إيه
فهزت كتفاها معا وهي تجيب بقلة حيلة
معرفتش أرفض فرجعت
للحظة خيل له أنها ستعطيه بجوابها مفتاح لتلك الغرفة المظلمة من الأكاذيب والصدمات التي تحبس كلاهما حتى إختنقا ولكنها أذابت أمله كزبد البحر ما إن عادت لتتهرب من المواجهة المصيرية !
فقلب عيناه وكأنه يحاول تكبيل شيطان الڠضب الذي يجاهد ليخرج من بين جنح الجمود
الظاهري ثم خرج صوته أجش جاف
هتقعدي هنا اليومين الباقيين وبعدها تيجي وتقوليلي قبل اليومين دول وطول ما انا في البيت مش عايز أشوف وشك نهائي وكأنك مش هنا
وما إن أنهى كلماته كاد يغادر ولكن جنة أوقفته وهي تقترب منه خطوتان حتى أصبحت أمامه على بعد إنشات قليلة ثم همست بصوت حمل شيئا خاڤتا من التوسل
عمار ممكن تسمعني لو سمحت
توقف مكانه على مضض دون أن ينظر نحوها حتى لتستطرد هي
حاول تفهمني أرجوك أنا مش هقدر أقولك آآ
ليخرج صوته خشنا پعنف مچنون
بلاش تقولي حاجة تزيد الفجوة بينا
عيناها المتوسلة اللامعة بالدموع تسلطت على قلبه كالسهام تود التأثير فيه ولكن جراحه النازفة كانت تغطي أي شعور او تأثير آخر فأبعد عيناه عنها ليتركها ثم غادر متوجها لغرفته دون كلمة اخرى
تاركا إياها تبكي من جديد وكأنها أصبحت لا تملك أي رد فعل سوى البكاء فقط
بعد فترة قليلة
إنتهت جنة من إعداد الطعام بملامح شاحبة باهتة خالية من الروح ووقفت أمامه في حيرة من أمرها تتساءل هل تناديه لتناول الطعام ام سيفرغ فيها غضبه كعادته مؤخرا !
ولكن ما إن تذكرت شحوب وجهه والإرهاق البادي على ملامحه والذي يخبرها أنه لا يهتم بطعام او نوم منذ ما حدث جعل قلبها يقودها نحو غرفته بعد أن أعدت الطعام على صينية وأخذتها له فتحت الباب لتجده ممدد على الفراش مغمض العينان يدلك جبهته بإرهاق واضح من قلة النوم وبمجرد أن دخلت إنتصب ناهضا ينظر لها بتحفز حاد
فتنحنحت قبل أن تهتف بصوت متوتر
أنا حضرتلك الغدا أنت أكيد ما أكلتش حاجة من الصبح
بدا غير مصدقا وهو ينهض مقتربا منها وإلتوت شفتاه بابتسامة تصرخ بالتهكم والتعجب
انتي بجد!
عقدت ما بين حاجبيها في توجس
أنا عملت إيه دلوقتي يا عمار
بلحظة إنقلبت ملامحه المتهكمة الغير مصدقة بأخرى باتت تعرفها جيدا مؤخرا حادة كسن سيف وغاضبة حد الجنون ثم ضړب الصينية التي
تحملها لتسقط ارضا ويسكب الطعام ارضا وقد لامس