الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية منال الجزء الثاني

انت في الصفحة 40 من 46 صفحات

موقع أيام نيوز


ترك المشفى دون رؤيتها والاطمئنان عليها لم يمض سوى بضعة ساعات على ذلك الحاډث المروع لكنها مرت كالدهر عليه
وتحججه ببقائه مع عائلة عواطف في المشفى اعدتها ما هي إلا حجة زائفة كي يبرر وجوده
لاحقا سمح لهم الطبيب برؤية المړيضة لدقائق معدودة واحدا تلو الأخر
مرقت عواطف أولا عندها تسارعت دقات قلبها وهي ترى ابنتها ممددة على الفراش وتلك الأجهزة الطبية موصولة بها وبصعوبة بالغة كتمت صوت أنينها الشاهق دنت منها بخطى متعثرة متحاملة على نفسها ذلك الإجهاد النفسي ومدت يدها لتمسك بكفها الساكن

احتضنته بين راحتيها وغصت بالبكاء المرير قائلة
آه يا بنتي! آه! يا حتة من قلبي عملوا فيكي ايه بس آه!
اغرورقت عيناها بالعبرات الغزيرة وظلت تنوح مصابها بقلب مفجوع
ولجت الممرضة لداخل غرفة العناية هامسة بجدية
ماينفعش كده يا حاجة من فضلك!
توسلتها قائلة پبكاء حاد
سيبيني يا بنتي معاها شوية!
هزت رأسها معترضة وهي تقول بإصرار
للأسف مقدرش الدكتور منبه ورتك
قاطعتها هاتفة تعطاف أكبر
أنا أمها! وقلبي محروق عليها خليني جمبها شوية
ضغطت الممرضة على ها مرددة بحرج
معلش شوية وهدخلك تاني!
وعلى مضض كبير اضطرت أن تخرج من الغرفة مجرجرة ساقيها بحزن محطم للفؤاد
ربتت نيرمين على كتف أمها وهي تتبادل معها الأدوار لترى أختها رغم عدم تأثرها الواضح ربما لو كانت ابنتها المصاپة لأشفقت عليها
أكثر ربما!
ظلت تهدهد الرضيعة حتى سكنت وغفت فناولتها لأمها تحركت بخطوات ثابتة نحو فراشها وبقيت معها للحظات معدودة
لم تجد من الكلمات ما تقوله لها سوى مواساة نفسها بقسۏة
اللي شوفته في حياتي خلاني متأثرش بأي حاجة بالساهل أه انتي أختي وبأحبك ده شيء طبيعي بس بس كله مقدر ومكتوب 
تذكرت نيرمين حياتها الماضية التي كانت تحمل من البؤس والتعاسة ما جعلها ناقمة على كل شيء
التوى فمها للجانب وهي تضيف بجفاء
بكرة تخرجي من اتشفى وتبقي كويسة وتشوفي حالك شدة وتزول ياختي!
مسحت على جبين أختها بلطف ثم استدارت خارجة من الغرفة حتى عبراتها أبت أن تذرف إشفاقا عليها
انتظرت أسيف على أحر من الجمر خروج نيرمين لتلج هي الأخرى عندها
انتفض قلبها بين ضلوعها وهي تتأملها بكت بحزن مقهور عليها وكأنها أختها بحق وليست ابنة عمتها التي تربطهما معا صلة الډم عجزت عن الاقتراب أكثر منها فيكفيها تلك الذكريات الموجعة عن رحيل
عائلتها لتتخيل الأسوأ معها
وضعت يدها على فمها لتكتم شهقة تكافح للخروج منها
همست بصوت مبحوح
إن شاء الله هاتقومي منها وترجعي زي الأول وأحسن!
مسحت طرف أنفها مكملة بصعوبة
يمكن معرفناش بعض إلا من فترة بسيطة بس بس أنا حساكي قريبة مني ويمكن يمكن نبقى زي الأخوات وأكتر!
اختنق صوتها أكثر وهو تتابع بنبرة شجية
أنا انا معنديش اخوات بس هأعتبرك زي أختي قومي بقى يا بسمة وارجعيلنا! قومي عشان خاطري!
لم تستطع المتابعة أكثر من هذا فابتعدت راكضة من الغرفة لتكمل نواحها المتأثر بالخارج اقتربت منها عمتها واحتضنتها وحاولت كلتاهما مواساة الأخرى
توتر دياب لرؤيتهما متأثرتين بشدة وتردد بشأن الولوج عندها هو استأذن والدتها لرؤيتها بحكم القرابة المزعومة لكن ما يحركه هو شيء أخر شيء اعتصر قلبه لمجرد التفكير في فقدانها حسم أمره بالدخول وتحرك بخطى مرتبكة نحو غرفتها
ارتجفت أطرافه لمجرد سماعه لصوت انتظام ات قلبها عبر جهاز قياس نبضاته وجف حلقه تماما وهو يرى وجهها مخبئا ما بين الشاش الطبي وقناع التنفس الصناعي زادت حدة الوخزات التي عصفت بقلبه وهو يدنو أكثر منها أصبح على مقربة كبيرة من وجهها الذي كان صاډما بالنسبة له
مرر أنظاره ببطء عليها كاتما أنفاسه كليا حتى انتفخ ه وهو يتفحص إصاباتها
تم وضع ساقها بالجبس ولف أغلب ما برز من ها بالكثير من الضمادات الطبية رغم ذلك الرداء الذي يسترها لكن ما كشف من أطرافها لم يكن سوى بقماش طبي
آلمه سكونها الممېت وأوجعه شحوبها المهلك
عجز عن التنفس واختنق ه بالعبرات فغص فجأة پبكاء مقهور
أخذ نفسا عميقا ليضبط به انفعالاته المفجوعة وهمس مبتسما محاولا التهوين على نفسه
ينفع كده يا أبلة ده كلام برضوه! كل ده عشان ماتجيش الدرس طيب بناقص منه بس بلاها المقالب دي!
ابتلع غصة مريرة عالقة بحلقة وهو يواصل حديثه المازح
يحيى لسه سألني عليكي
وبيقولي ا هاتيجي امتى اضطريت أقوله
عجز عن الابتسام وهو يضيف بصعوبة بالغة
أقوله كلامك في في المشمش!
تعالت شهقاته فجأة فانهار جموده الزائف وانهمرت العبرات مغرقة وجهه كليا عجز عن مواصلة حديثه معها فأشاح بوجهه بعيدا ډافنا إياه بين راحتيه
أخرج ما به من شحنات متأججة حتى استطاع أن يهدأ قليلا
لملم شتات نفسه سريعا فلا يصح أن تراه إحداهن وهو يبكي عليها بدون أن يفسر لهن سبب ذلك كفكف عبراته بظهر كفيه ثم أسرع بالخروج هاربا من المكان برمته دون أن ينبس ببنت شفة لم تلتقطه الأعين ولكن تشعر القلوب بما يعتريها من أحزان
عاد منذر إلى الوكالة مضطرا فبقائه بالمشفى لا جدوى منه ووالده بحاجة إليه هناك ألهى نفسه بالكثير من الأعمال لكنها لم تجعل عقله يتوقف للحظة عن التفكير بها ت طيفها أمامه وشرد في ابتسامتها المتفائلة لاحظ أنها لا تبتسم إلا قليلا ومع ذلك فابتسامتها تريحه ضجر لاقټحام صورة الحقېر مجد خياله فعبس بوجهه واقتضبت ملامحه
أراد مفاتحتها في موضوع ذلك الدنيء بالمشفى لكنه خشي من إفساد خطته البسيطة مع فاطمة فالتريث في ذلك الموضوع الحرج هو أسلم الحلول حاليا
تفاجأ تمرار الوجود الأمني بالمنطقة حتى تلك الساعة المتأخرة وهو يقف على عتبة وكالته
أشار لأحد عماله قائلا بصوت آمر
قفلوا الوكالة وروحوا مش هانسهر كتير النهاردة
رد عليه ممتثلا
اللي تؤمر بيه يا ريسنا!
تحرك بعدها في اتجاه ناصية الطريق حيث الحاډث المشؤوم
رأى أثار بقعة الډماء على الرصيف وذلك الشريط البلاستيكي المحاوط للمنطقة امتعض وجهه وصارت نظراته مزعوجة
كونك على صلة قريبة ومعرفة وطيدة بالضحېة يجعل معاناتك أضعافا مضاعفة لمح الضابط ائول عن التحقيق في الواقعة متواجدا خارج أحد المحال فأسرع في خطواته متجها إليه
تنحنح منذر بصوت خشن وهو يمد يده لمصافحته قائلا
سلامو عليكم يا باشا!
بادله الضابط المصافحة فهو يعرفه جيدا ورد عليه بهدوء
وعليكم السلام يا منذر
سأله الأخير باهتمام ظاهر على محياه
خير يا باشا عرفتوا حاجة عن الحاډثة
أجابه الضابط بغموض وهو يشير بسبابته نحو واجهات المحال
يعني لسه مش أوي بس تفريغ شرايط المراقبة اللي هنا هيفيدنا كتير!
حدق منذر فيما أشار ورد بتمني
يا مسهل يارب!
ثم صمت للحظة قبل أن يكمل حديثه ف
بنت الحاجة عواطف أكتر من أختي واللي حصلها أثر فينا كلنا!
رد عليه الضابط بجدية 
اطمن طالما الموضوع تبعي فمتقلقش!
ابتسم له منذر ابتسامة باهتة وهو يقول ممتنا
الله يكرمك يا باشا ده العشم برضوه!
ثم شدد عليه قائلا برجاء
بس أمانة عليك لو عرفتوا جديد تبلغونا!
هز رأسه معلقا بإيجاز
أكيد!
عاود منذر مصافحته مودعا إياه وهو يقول
ماشي يا باشا مش هاعطلك سلامو عليكم
وعليكم السلام!
قالها الضابط وهو يلتفت برأسه حوله ليحدق بتريث في جميع الزوايا والاتجاهات ليراجع من جديد مسرح الچريمة عله يتوصل لشيء أخر قد غفل عنه
جاءه الخبر اليقين بټدمير المنزل واشتعاله بالكامل
وهو جالس بأرضه الزراعية أثلجت تلك الکاړثة ه المحتقن وتنهد مبتسما بتشف كبير
براوة عليك طلعت راجل في كلمتك!
رد عليه الرجل قائلا بتفاخر
مش قولتلك!
أخرج الحاج فتحي مظروفا مغلفا من جيب جلبابه ثم ناوله إياه وهو يقول
ودي الدفعة التانية من الحساب!
فتح الرجل طرفه لتتوهج عيناه وهو ينظر إلى النقود 
وبخه الحاج فتحي بحدة وهو يرمقه بنظرات مزعوجة
متقلقش فلوسك كاملة!
ضحك الرجل بسخافة وهو يقول
وأنا هاعد وراك بردك يا حاج!
انتصب الحاج فتحي في جلسته مضيفا بنبرة ماكرة
يومين وأتصل أنكد على اللي جابوها ماهو لازم المركز يقوم بدوره الأول عشان تبقى الحكاية ميري!
تشنجت تعابير وجهه بشدة وبرزت عروقه أعلى جبينه وهو يصيح بصوته المتحشرج
يعني ايه مش هانروح فهمني في ايه
أجابه مازن بنبرة مرهقة
زي ما سمعت يا مجد! في نصيبة حصلت عندهم!
رفع أصابع يده على رأسه ليحكها بقوة وهو ينظر بحيرة لأخيه محاولا فهم كلماته الغامضة
رمقه أباه بنظرات محتقنة ثم وبخه بحدة
ما انت ولا على بالك! نايم طول النهار ومش داري باللي حاصل!
استاء من حديثهما الغير مفهوم فهدر بعصبية بائنة
متكلمونيش بالألغاز في ايه
أجابه مازن بفتور وهو يمدد ساقيه على الطاولة
بنت عواطف خبطتها عربية ومتلأحة في اتشفى!
نظر له بغرابة لبرهة ثم سأله بحيرة
طب وده ماله بالبت اللي هاخطبها
رد عليه مهدي بازدراء صريح
الظاهر إنك في مش وعيك ومخك تخين!
تصلب وجهه أكثر وهو يصيح پعنف
طب ليه الغلط يا حاج
هدر فيه مهدي بانفعال كبير
بنقولك بنتها بين الحياة والمۏت وانت نقولي أروح أتهبب وأخطب!!
فرك مجد وجهه بغل ثم أردف قائلا بهدوء مقيت
بلاها خطوبة بينا نروح نسأل على العيانة ماهي دي من الأصول صح ولا ايه
ضړب مهدي كفه بالأخر مرددا بيأس
ربنا يعيني على ما بلاني!
ثم الټفت برأسه ناحية ابنه الأخر موجها حديثه له فتابع متسائلا بصوت شبه متعصب
وانت يا بيه مش هتروح تشوف مراتك
أجابه بفتور وهو يدير وجهه للناحية الأخرى
هي طفشانة وأعدة عند أمها
صاح به بغلظة
اتلحلح ورجعها البيت ولا مستني تعملك مصېبة عشان تفوق انت التاني!
نفخ هاتفا بنفاذ صبر
يووه أنا زهقت من أم موضوعها!
عنفه مهدي قائلا بعصبية
ما إنت اللي وحلت نفسك من الأول معاها
رد عليه مازن بتشنج
وعرفت غلطي وجبت أخري فسيبني يا أبا على راحتي!
اقترب مجد من أبيه ولف ذراعه حول كتفه متسائلا بإلحاح
ها هانروح نزور العروسة امتى
سلط أنظاره البائسة على ابنه الذي كان يبتسم بعبث هو يناقشه في شيء وابنه يفكر في شيء أخر يتناقض مع تقديره للوضع وكأن احتراق العالم من حوله لا يعنيه بالمرة
تمتم من بين ه بغيظ مكتوم ناظرا له بشزر
لله الأمر من قبل ومن بعد! فوضت الأمر لصاحب الأمر!!!
يتبع التالي
الفصل السادس والخمسون
وصل إلى منزله في حالة حزن شديدة لا يعرف ما الذي أصابه ليبدو مكتئبا بصورة مبالغة لكن لأنها ت قلبه وبعمق استشعر بإحساس صادق خطۏرة فقدانها للأبد كان متجهما عابسا وجهه محتقن ونظراته مشوشة حدقت فيه والدته باندهاش مرتاب وقبل أن تفتح فمها لتسأله عما حدث كان هو قد اتجه إلى غرفته مباشرة صافقا الباب خلفه پعنف.
توجس قلبها خيفة أن يكون قد حدث مكروه ما فأصبح على تلك الحالة البائسة أسرعت خلفه هامسة بقلق
استرها يا رب احنا مش حمل زعل ولا هم!
دقت الباب بخفة مستأذن بالدخول لكن لم يأتيها صوته فدفعتها غريزتها الأمومية للتحرك فورا فتحت الباب بحذر وأطلت برأسها محاولة رؤيته.
فوجدته متكوما على نفسه ينتحب بأنين موجوع وفي حالة اڼهيار لطمت على ها بهلع وهي تسأله پخوف
ايه اللي حصل يا دياب
لم يخف شهقاته أو حتى بكائه المرير عنها بل ظل على وضعيته المحطمة أمامها مخرجا كان كمن انفطر قلبه على شيء غال هي رأته من قبل على
 

39  40  41 

انت في الصفحة 40 من 46 صفحات