السبت 28 ديسمبر 2024

رواية سليم 29

انت في الصفحة 1 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

الفصل التاسع والعشرون.
الهدوء المنبعث من حوله لطيف لدرجة أنه أطفأ نيران الڠضب التي كانت تتفاقم بداخله مع كل حرف كان ينطق به أخيه المعتوه ...نعم ليس سوى معتوها كي يتحدث هكذا بكل بساطة دون أن ينتبه لما عانى منه في الماضي وحتى لو قدم ملايين الاعتذارات لن تفيد بشيء فالچرح غائر ولن يعالج باقوالا لفظية تنسف مع أول عاصفة تهاجم حياتهما.

خرج من عمق تفكيره الهادئ على صوت صړاخ منبعث من الأسفل فركض سريعا نحو مصدر الصوت والقلق يجتاح صدره ولكن شعوره تحول إلى الخۏف..نعم خوف لم يتذوقه منذ زمن بعيد وذلك حينما استمع لبعض الكلمات المتناثرة هنا وهناك حول حاډثة زيدان.
لم يشعر بنفسه وهو يركض كالمچنون نحو سيارته بثيابه البيتية يخترق قوانين المرور من أجل أن يطمئن عليه رغم أن قلبه مشوه بأثار ندوب الزمن القاسېة إلا أنه مازال ينبض من أجل عائلته هم كنزه الوحيد رغم العواقب التي كانت تحيطه يكره أن يصيبهم مكروه ومع أي أذى يتعرضوا له يخفق قلبه بشدة لدرجة أنه يهوى من السماء السابعة لاسفل الارض تماما مثل حاله الآن وهو يتابع أخيه مثبتا بالأجهزة الطبية من خلف زجاج غرفة العناية المركزة فكان يستمع لكلمات الطبيب ولا ينتظر الا شيء واحد متى سيفتح عيناه ويعود ذلك المعتوه لطبيعته!.
مر شهرا على ذلك الحاډث..وها هو يجلس قعيد الفراش يتلقى الخدمات والعلاج من عائلته بالكامل لا يتركونه إلا على النوم وهذا شيء كرهه بشدة لحاجته بالاختلاء قليلا مع نفسه للتفكير رغم آلام جسده والكسور التي تحتل معظم عظامه.
دخلت شمس بصينية العشاء وعلى وجهها ابتسامة واسعة
- العشا يافندم.
- أنا زهقت من الاكل ومنكوا.
قالها بحنق وكلماته اللاذعة ټضرب وجهها بقوة فاتسع فمها باندهاش من فظاظته
- كلك أخوك سليم مفيش فرق ما بينكوا.
التوى فمه ساخرا لتشبيه بسليم ذلك القلب المتحجر والذي لم يدخل مرة واحدة للاطمئنان عليه بل لم يعطيه أي انتباه يستمع لصوته في الخارج ومن بعدها يصعد لشقته أليس في قلبه ذرة رحمة وغفران!
ودون تفكير منه وجد نفسه يتحدث بسخط
- عمري ما هكون زيه ده مفيش اتنين على وجه الارض منه.
- طبعا..سليم الشعراوي واحد وبس.
قالتها بكبرياء وثقة وابتسامة الحب تشق ثغرها فرد زيدان بهجوم وكأنه لم يع لما يقوله
- بتحبي فيه إيه ده! ده قلبه حجر محدش فيكوا واخد باله انه معبرش اخوه من وقت ما عمل الحاډثة.
هزت كتفيها بلامبالاة وكأنها كانت تتوقع كلماته القاسېة ولكنها ليست سوى تنفيث عما يشعر به من اضطراب نفسي لما آلت إليه علاقتهما الأخوية
- لا مش واخدين بالنا..انت الوحيد بس اللي حاسس بكده عشان انت عايز تشوفه كده.
رفع أحد حاجبيه فورا بذهول من حديثها فأكملت هي بسلاسة تلقي بكلماتها بهدوء دون أن تنتبه لفيضان مشاعره وتكدس أفكاره بالأسئلة
- وانت في المستشفى مش حاسس بنفسك كان جنبك ورفض يسيبك لحظة ولما فوقت اطمن عليك مقدرش يدخلك لانك اول ما فوقت سألت على كله ما عدا هو يعني وجوده مش فارق معاك ببساطة قرر أنه يحتفظ بنفس المسافة اللي أنت عاملها بس ده ميمنعش انه بيكلمني يوميا ويسألني أكلت وشرب واخدت دواك ولا لا.
حك أنفه بقوة وبصوت يغلب عليه الحيرة سألها
- انتي بتتكهني ولا...
قاطعته وهي تنهض حينما استمعت لصوت يزن يخبرهما بمجيء أصدقاء زيدان
- أنا أكتر واحدة عارفة اخوك على إيه وحاسة بيه كويس عشان كده مش بلومه أبدا من ناحيتكوا.
أنهت حديثها وخرجت سريعا تفسح

انت في الصفحة 1 من 5 صفحات