رواية خالد 24
انت في الصفحة 3 من 3 صفحات
فى بيتك أصلا.
إبتسم خالد فى نفسه فقد قالت ليلة ما يود أن يقوله كلية..ووفرت عليه الإحراج..ليعقد حاجبيه وهو يستمع إلى كلمات جورية التالية وهي تقول
الحقيقة أنا كنت بس عايزة أطمن على خالتى جليلة عشان سايباها لوحدها.
عقد فراس حاجبيه قائلا پصدمة
خالة جليلة هنا فى مصر..وسايبة جدك عزيز فى الوادى..أهي دى عمرها ما حصلت ولا كنت أصدقها أبدا.
أيوة..أصلها..مرضيتش تسيبنى لوحدى وصممت تيجى معايا عشان تخلى بالها منى.
لاحظ خالد سحابة الحزن تلك والتى مرت بعينيها سريعا..ليقول بهدوء
خلاص ياجورى..تعالى هوصلك.
نظرت جورية إليه بإضطراب قائلة
لأ..أرجوك ..متتعبش نفسك..أنا هتصل بأي شركة توصيل..وهم....
قاطعها خالد قائلا فى حزم
لأ طبعا..تتصلى بيهم إزاي وأنا موجود..تعالى معايا هوصلك لشقتك تتطمنى على خالتك وهرجعك هنا تانى..متقلقيش.
تمام..يلا بينا.
لتتقدمه ويبتعدا فى هدوء تتبعهما عيون العروسين ودعواتهما.
كان خالد يقود السيارة بهدوء تجاوره جورية التى شعرت بالإضطراب فى قلبها..تتسارع دقاتها..كلما تلامست يدها مع يده بالخطأ..فحين أرادت تغيير الأغنية فى كاسيت السيارة حيث كانت الأغنية ناعمة ورومانسية للغاية تمس شغاف قلبها ..تلامست أصابعها بأصابعه وهو يمد يده يرفع درجة صوت الأغنية..ليشتعل القلبان بالمشاعر حين تلامست الأصابع..وحين أطار الهواء خصلاتها فدخل فى عينيها وأدمعت أرادت منديلا فتلامست أيديهما وهو يمد يده ليسحب لها منديلا..ليبعدا فى كل مرة أيديهما عن بعضهما البعض على الفور وهما يتحاشان النظر إلى بعضهما البعض حتى لا تخونهما مشاعرهما فتفضحها أعينهم..وكأن أفكارهم وردود أفعالهم تجاه مشاعرهم متطابقة ..أو ربما هو القدر والذى يتركهما الآن فى ڼار متأججة يبغيان منها الفكاك..ولكن لا مهرب من القدر...إنتفضت على صوت خالد ينادى بإسمها ويخرجها من أفكارها..لتنتفض وهي تلتفت إليه على الفور بتساؤل..ليقول بدهشة
هزت رأسها نفيا قائلة
لأ..أنا بس.. كنت بفكر.
نظر إليها للحظة قبل أن يعاود النظر إلى الطريق قائلا
بتفكرى فى إيه
أطرقت برأسها قائلة بنبرات رغما عنها ظهر الحزن فيهما
أبدا ..ولا حاجة.
نظر إليها مجددا مترددا للحظة قبل أن يحسم أمره ويركن السيارة على جنب..رفعت جورية رأسها ظنا منها أنهما وصلا إلى وجهتهما..فوجدت أن خالد قد توقف بجانب الطريق..لتنظر إليه فى تساؤل..تأمل خالد عيونها البنية ذات الأهداب الطويلة والتى ترمش بها الآن بتوتر من تأمله لها..ليبتسم بداخله من رقتها الشديدة وخجلها الذى يظهر فى تلك الوجنتان الحمراوتان..ليأخذ نفسا عميقا قبل أن يقول
أنا هثبتلك أد إيه بقيت بفهمك من نظرة عنيكى ..أد إيه بقيت حافظ طريقة تفكيرك..كنتى هتقوليلى إنى مينفعش أحس ناحيتك بالمشاعر دى وإنى لازم أنساكى عشان خاطر مراتى وبنتى..مش كدة.
هرد عليكى وأقولك ..مش بإيدى..قاومت مشاعرى ناحيتك..حاولت أقسى قلبى كتير وأفكر نفسى إن كل الستات قلوبهم من حجر ومبيفكروش غير فى مصالحهم وبس..
لينظر إلى الأمام قائلا فى شرود
زي جدتى بالظبط ..واللى كانت مستعدة تعمل أي حاجة فى الدنيا عشان يبقالها حفيد..حتى لو داست على قلب ست غلبانة ملهاش ذنب..و مرات
والدى الأولانية ..اللى ياما عذبتنى لمجرد إنى مش إبنها وإبن الخدامة اللى بتفكرها بإنها مقدرتش تجيب طفل لوالدى..ولما خلفت شافت فية وريث هيشارك بناتها فى ورثهم فزاد تعذيبها لية..وزادت قساوتها وجبروتها لغاية ما ماټت..حتى والدتى اللى وافقت تبيع ضناها ولما فاقت كان فات الأوان..
رق قلب جورية لألمه وتمنت لو مدت يدها الآن وربتت على يده تؤازره..وتمنحه عطفها ولكنها تدرك أنها إن أمسكت يده لن تتركها أبدا ..لتفيق من أفكارها على صوته وهو ينظر إليها قائلا
أنا ربيت إخواتى بنفسى وعارف هم إيه.. وإزاي مختلفين بس كنت فاكر إنهم بس كدة عشان تربيتى..مكنتش أعرف إن لسة فى الدنيا دى حد زيهم..حد رقيق وحنين وطيب وممكن يفضل سعادة غيره على نفسه..زي ما إنتى مصممة تضحى بسعادتك عشان خاطر شاهيناز وريم..رغم معاملة شاهيناز ليكى ورغم إنك متأكدة إنها متستاهلش.
أطرقت برأسها قائلة
إنت فاهم غلط على فكرة..أنا مش بضحى بسعادتى ولا حاجة..أنا....
قاطعها وهو يرفع ذقنها بيده قائلا
تقدرى تبصى فى عيونى وتقوليلى إنك مبتحبنيش
نظرت إلى عيونه تحاول أن تنطق بتلك الكلمات فلم تستطع ليبتسم بثقة ومع إبتسامته وجدت القوة لتقول بثبات
أنا فعلا مبحبكش..أنا بحب فهد..خطيبى..يمكن شفت فيك حاجات منه..بس أكيد مش هحبك زي ما حبيته..فهد ماټ وماټت معاه مشاعرى ياخالد..لازم تفهم ده كويس..ولو بجد جواك مشاعر من ناحيتى إنساها وإنسانى..لا أنا هقدر أحبك ولا إنت هتقدر تبعد عن عيلتك.
ترك ذقنها وهو ينظر إليها مليا..يتأمل عينيها الكاذبتان..يعلم فى قرارة نفسه أنها تحبه مثلما يحبها..ربما أحبت فيه حبيبها المتوفى..ربما تناسخت روح فهد وذكرياته فسكنته..مئات الإحتمالات واردة ولكن الحقيقة الوحيدة الآن..أنه يحبها..وهي تحبه..شاءت أن تعترف بمشاعرها أو أبت..فلقد قرر أن يطلق العنان لمشاعره ويستجيب لها..وسيدع القدر يحدد مصير تلك العلاقة..ليدير محرك سيارته قائلا بثبات
هنشوف ياجورى..هنشوف.