الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية دعاء عبده الجزء الاخير

انت في الصفحة 10 من 31 صفحات

موقع أيام نيوز

هارون باشا وبعدين ندى على المخبر وقالوا حضرلى التونيك 
قاطعه عمرو متسائلا 
أيه التونيك ده
أجابه الرجل 
ده الجهاز اللى بيصعقونا بيه بالكهربا وفضلوا يعذبوا فيا بالكهربا وانا عريان وفى الاخر 
ثم اشار للرجل الاخر وقال
لقيت الراجل ده جايبينه برضه متغمى وبيقولولى هو ده اللى اشترى التايمر
منك بصتله كده وقلت لاء
نظر لهم الرجل الاخر وقال 
انا اصلا من القاهرة ايه اللى هيودينى سينا علشان اشترى تايمر غسالة خدونى من بيتى من وسط ولادى وشدوا النقاب من على وش مراتى وكانوا عاوزين يعتدوا عليها قدامى لولا ستر ربنا وكل اللى طالع عليهم أنت بتصلى الفجر فين وسايب دقنك ليه زى ما تكون صلاة الفجر تهمه ودقنى چريمة فضلوا يعذبوا فيا أربع ساعات كهرباء ولما عرفت أنطق قلتلهم عاوز اصلى وقف الظابط قدامى وقالى صليلى قول سبحان هارون وبحمده سبحان هارون العظيم فضلت ابكى واقوله خاف ربنا يقولى ربنا مين مسمعتش الاسم ده قبل كده 
تابع الرجل الاول حديثه قائلا 
كان حلقى بيتقطع من كتر الټعذيب قلتلهم عاوز
اشرب رد عليا واحد منهم قالى مينفعش يا حبيبى أحنا خايفين عليك أنت متوصلك كهربا فشړ السد العالى لو شربت ھتموت أول مرة أحس ان روحى بتطلع وترجع تانى مكانها 
أردف الرجل الاخر 
أنا لقيوا عندى سيديهات عن الويندوز وتصليحه والبرامج ولقيت وكيل النيابة وهو بيقرا عناوين السيديهات بيقول للى بيكتب جنبه انهم لقيوا سيديهات عن ازاى تركب قنبلة وتفجرها عن بعد ومرسومات لكنسية ازاى تتسلق وتدخل تحط قنابل فى اماكن محدش يكتشفها 
أنتفضت أجسادهم مرة أخرى عندما سمعوا صوت الباب يفتح من جديد وكانوا يظنون أن هناك المزيد من المعذبين سيدخلون عليهم ولكن هذه المرة سمعوا صوت ينادى أسمائهم الثلاث بلال فارس عمرو
نظروا إلى بعضهم بعضا وكأنهم يودعون بعضهم ويشيعونهم ونظرا إليهم الرجلين نظرات شفقة وخوف زادت من فزعهم نهض ثلاثتهم ولكن بلال أمسكهم من أكتافهم ونظر إليهم قائلا 
حافظوا على دعاء اللهم أكفنيهم بما شئت وكيف شئت 
تقدم الثلاث وهم يرددون الدعاء فى خفوت ولقد
كان قلب فارس يعتصر اعتصارا منذ أن علم أن الټعذيب يتم بمعرفة وكيل نيابة وتحت نظره سار الثلاثة فى رواق ضيق طويل وصدورهم تلهج وتأجر إلى الله سبحانه وتعالى وبلال يتمتم 
اللهم انهم لا يعجزونك 
دخل ثلاثتهم غرفة صغيرة أخرى ولكن هذه المرة يتوسطها مكتب يجلس خلفه رجل عرفه فارس من أول وهلة حدق فارس به لبرهة فنهض الرجل قائلا 
تعالوا 
وجد فارس نفسه يقول دون وعى 
أنت ازاى تشوف الټعذيب ده وتسكت عليه 
قال وكيل النيابة الذى كان زميلا له فى الكلية 
مفيش وقت للكلام ده يا فارس كويس انى عرفت انك هنا بالصدفة ربنا وحده 
هو اللى خلانى اشوف أسمك بالصدفة فى اللى جم أمبارح أسمع انت هتترحل دلوقتى على طره أهو أحسن من هنا على أى حال 
أعاد فارس سؤاله مرة أخرى هاتفا به أن يجيبه فقال صديقة 
يا فارس انا كنت زيك بحلم ابقى وكيل نيابة وربنا حققى حلمى مكنتش اعرف أنى هشتغل فى أمن الدولة ولما شفت المهازل اللى بتحصل هنا عملت فيها شجيع وقلت اروح اقدم بلاغ للنائب العام وقبل ما ادخله قابلت ولاد الحلال اللى يعرفونى وقالولى هو انت مكنتش تعرف أنه كان بيتشغل فى مباحث أمن الدولة عشر سنين وكان راضى عن اللى بيحصل هتدخل تقوله ايه حافظ على نفسك وعيالك وحاول تتنقل لأى جهة تانية من غير ما تقول حاجة ولا تفتح بؤك وانا يا فارس قدمت طلب نقلى وهنفذه قريب والحمد لله انك جيت قبل ما انا امشى ولا مكنتش هتخرج من هنا على رجلك زى ما دخلت ولا انت ولا اصحابك أنت متوصى عليك جامد يا فارس
نظر عمرو إلى بلال بذهول بينما حدق به فارس قائلا 
مين اللى موصى علينا وليه 
قال صديقه 
معرفش كل اللى عرفته انك متوصى عليك انت بالذات ومكنوش هيخرجوك سليم من هنا أنا ادخلت وهرحلك انت وصحابك على طره لحد ما تشوف هتخرج منها ازاى وأوعدك انى اساعدك على قد ما اقدر 
ضغط أحد الازرار أمامه فدخل على فور أمين شرطة يرتدى زى ملكى وقال له بلهجة صارمة 
خد دول يابنى على عربية الترحيلات أوراقهم اهى 
أستقل ثلاثتهم سيارة الترحيلات وهم يعتذرون فى داخلهم للوحوش التى يقال عنهم انهم مفترسين وبلا رحمة 
نهضت مهرة من نومها فزعة وهى تصيح 
الدكتور حمدى 
وأخذت توقظ أم فارس وتهزها بقوة جعلتها تستيقظ فزعة ونهضت جالسة وهى تهتف بها 
مالك يا مهرة فيكى ايه 
صاحت مهرة وكأنها غريق قد وجد لوح من الخشب فى قلب المحيط يتعلق بها لعلها تنجيه من الڠرق وقالت 
الدكتور حمدى يا طنط مفيش غيره هو اللى هيعرف طريق فارس فارس كان بيقول عليه بيحبه وبيعتبره زى ابنه 
تلقت دنيا اتصالا هاتفيا وهى غارقة فى نومها على فراشها الوثير فى بيت والدتها تململت فى الفراش وهى تنظر للرقم أتسعت حدقتاها وخفق قلبها خوفا وأجابة بتردد فقالت أم فارس لهفة 
معلش يا بنتى صحناكى من النوم أنا عاوزه رقم الدكتور حمدى صاحب المكتب يا دنيا 
هو الوحيد اللى هيعرف طريق فارس ليه معارف كتير 
أبتلعت دنيا ريقها وقد غارت عيناها وقالت 
بس الرقم
مش معايا هنا دلوقتى بكره اروح المكتب أجيبه 
قالت ام فارس برجاء
ارجوكى يا بنتى مش هقدر استنى للمغرب مينفعش تروحى المكتب بالنهار 
توترت دنيا أكثر وقالت بتلعثم 
اه اه هحاول اشوف ينفع ولا لاء وهرد عليكى فى اقرب وقت وبعدين مفيش داعى تتعبى نفسك انا لما اروح المكتب هكلمه واطلب مساعدته مټخافيش
أغلقت دنيا الهاتف وهى ټلعن اليوم الذى جعلها توافق على اقتراح باسم وقالت بعصبية 
هعمل ايه دلوقتى لو الدكتور حمدى عرف كل حاجة هتبوظ 
ظلت تفكر منذ طلوع الفجر وحتى قرب وقت الظهر وهى ترتشف القهوة كوبا تلو الآخر حتى هداها شيطانها لفكرة لمعت فى رأسها على الفور وبلورها لها عقلها أنتظرت حتى بعد الظهر بقليل ثم أعادت الأتصال بام فارس مرة أخرى وقالت لها بأسى 
انا
آسفه يا طنط الدكتور حمدى تعبان أوى وسافر بره يتعالج مش موجود فى مصر ومش عارفة اوصله 
أجرت مهرة اتصالا هاتفيا تقوم به لأول مرة منذ زواجها وقالت بارتباك 
علاء من فضلك محتاجة منك حاجة مهمة أوى 
قال بتثاقل وهو ينهض من فراشه 
طب مش تقولى صباح الخير يا حبيبى الأول
قالت بصوت مرتجف 
أرجوك يا علاء مش وقته انا محتجالك 
أنتبه وهو يجلس على فراشه وقال 
خير يا مهرة عاوزه أيه محتاجه فلوس ولا حاجة 
قالت بصوت باكى 
فارس جارنا أمن الدولة خدوه ومش عارفين نلاقيه بيقولوا معتقل بس
فين مش عارفين وانت أكيد ليك اصحاب كتير معروفين ورجال أعمال ممكن يعرفولنا طريقه 
هتف بها حانقا 
مش فارس ده اللى ضربنى 
بكت بشدة وأخذت تشهق وترجوه بمرارة أن يصفح عنه ولكنه قال بتشفى 
أحسن خإليه يتبهدل ولا ېقتلوه ويرحونا منه ربنا خادلى حقى 
شهقت بشدة وأخذ صدرها يعلو ويهبط وهى تبكى وتقول 
أرجوك يا علاء علشان خاطر ربنا أعمل كده لوجه الله طيب طيب علشان خاطر امه المسكينة
صاح بها وهو ينهى المكالمة 
بقولك أيه يا مهرة بلا امه بلا ابوه أنا راجل نجم عاوزه حد يعرف انى اعرف واحد معتقل عاوزه تضيعى مستقبلى 
واغلق الهاتف بقوة وهو يزفر بقوة بينما سقط منها الهاتف وسقطت على الأرض من شدة البكاء ثم سجدت وهى تقول بنحيب 
يارب مالناش غيرك يارب نجيه ده عمره ما أذى حد يارب
طرق صلاح باب حجرة مكتب إلهام ودخل وقد بدا القلق على محياه فاعتدلت وقالت بسرعة 
ها يا صلاح وصلتوا لحاجة عرفتوا عمرو مبيجيش ليه 
أومأ برأسه وقد ارتسم الحزن على قسمات وجهه وقال 
أتقبض عليه من يومين خدوه الفجر من بيته 
هبت واقفة وقالت بفزع 
مين دول اللى خدوه وليه 
رفع كتفيه باسى وقال بحيرة 
مش عارف يا بشمهندسة بس طريقة القبض عليه دى بتقول انهم مش مباحث عادية شكلهم كده أمن دولة 
هوت إلى مقعدها وارتجف قلبها بين أضلعها واتسعت عيناها وهى تفكر وفجاة تناولت سماعة الهاتف وضغطت عدة أرقام ثم قالت بسرعة لمديرة المكتب 
وصلينى بالباشا حالا 
عالم السجون إنه عالم إختلفت فيه المعايير وتغيرت المقاييس لم يعد السچن هو مصير دفع ثلاثتهم بقوة داخل العنبر وأغلق الباب الحديدى خلفهم ليصدر صريرا مزعجا أيقظ على أثره النيام داخل العنبر وقف ثلاثتهم ينظرون إلى بعضهم البعض وأعينهم تفيض
بسؤال واحد فقط وماذا بعد وقعت أعينهم على رجل ملتحف ببطانية سوداء فى أحد الاركان على أرض العنبر فاقترب بلال منه بقلب مقبوض وكأنه يشعر لماذا هذا الجسد قد سجى هكذا وقبل أن يلمسه هتف أحد الرجال الآخرين من زملاء العنبر 
سيبوا ده مېت 
أصابتهم غصة فى حلوقهم وهم يتبادلون النظرات أنحنى بلال لينظر فى وجهه فوجد ما كان يعتقده شاب صغير فى السن له لحية صغيرة واضح عليه اثار الټعذيب بشدة أغمض بلال عينيه پألم وهو يقول 
إنا لله وإنا إليه راجعون 
غادر أربعة مسجونين سرائرهم واقتربوا منهم متسائلين 
أنتوا جايين فى ايه مفيش مظاهرات الأيام دى 
قال الرجل الاخر 
بس حظكوا حلو والله أنكوا جايين فى الوقت ده لو كنتوا جيتوا الصبح كنتوا حضرتوا حفلة الاستقبال
عقد فارس بين حاجبيه وقال 
حفلة استقبال أيه
قال الرجل 
حفلة الاستقبال دى يا سيدى بيستقبلوا بيها كل عربية ترحيلات بتوصل السچن بالكلاب البوليسية وانت وحظك وبعد ما تنزل وانت بتجرى من الكلاب قبل ما تتعض يستقبلوك العساكر بالعصاية الكهربا والكرابيج ساعة ساعتين لحد ما كله يقع على الارض ويستسلم للضړب بعدها بقى يوزعوهم على العنابر دى بقى حفلة الاستقبال
أومأ بلال برأسه وهو يربط على كتفهم مطمئنا ونظر لهم نظرات مطمئنة أنهم قد عبروا تلك المرحلة بأمان فمن الواضح أن صديق فارس كان يعلم هذا أيضا لذلك أمر بترحيلهم فى هذا الوقت من الليل شعر فارس بغصة فى قلبة وهو يرى بلاده لأول مرة بصورة حقيقية غير التى كان يراها فى الخارج فى خارج ذلك العالم عالم السجون والمعتقلات أخذهم
زملاء العنبر إلى أفرشتهم كل واحد منهم على سرير صغير عليه بطانية خشنة 
جلس عمرو على طرف فراشه مشدوها لما رأى فى تلك الأيام أولا فى أمن الدولة وثانيا هنا فى السچن وقال پغضب وعصبية موجها كلامه لفارس 
وبعدين يا فارس هنفضل كده لحد أمتى حتى منعرفش تهمتنا ايه 
جلس أحد الرجال على السرير بجواره قائلا
لا لازم تهدى وطى صوتك اللى بيعلى صوته هنا بيتسحب على عنبر التأديب 
ألتفت عمرو إليه وحدق به قائلا 
ايه عنبر التأديب ده كمان
أبتسم الرجل وقال 
اه معلش كان المفروض أشرحلكم من الاول النظام هنا السچن متقسم كذا عنبر عنبر التأديب وده متقسم زنازين صغيره مترين فى مترين وده بيبقى أنفرادى 
وعنبر الجنائى ودول بقى تجار المخډرات وقتالين القټله وغيرهم وعنبر التخابر وده بقى
10  11 

انت في الصفحة 10 من 31 صفحات