الأحد 01 ديسمبر 2024

رواية دعاء عبده الجزء الاخير

انت في الصفحة 19 من 31 صفحات

موقع أيام نيوز

عاوزاهم يقتلونى فى أمن الدولة وتخلصى مني كنت مستعجلة على الفلوس أوى كده بتحبي الدنيا أوى كدة طالما بتحبيها كده
أنا بقى هحرمك منها ودلوقتى حالا 
وبدأ يقبض على رقبتها بقبضته بقوة وهى تنتفض بين يديه وتحدق به مذعورة وقد احتقن وجهها وبدأت دماء الحياة تفارقه وشعرت أنها ستموت فى هذه اللحظة وتنتهى 
ولكن فجاة شعرت أن الډماء بدأت تعود إليها من جديد والهواء يعانق رئتيها وشعرت بارتخاء أصابعه حول رقبتها ونظرت إليه وهو يقول لها 
أنت خسارة فيكى الواحد يضيع نفسه علشانك 
وارتطمت وجنتها بصڤعة أخرى وصړخ فيها قائلا
بس مش هطلقك واريحك خاليكى مرمية هنا علشان وقت ما يجيلى مزاجى وأعوز اقټلك ابقى عارف طريقك
بصق عليها ونظر إليها باحتقار وغادر المكان وهو يشعر بالتقزز والنفور وأغلق الباب خلفه بقوة أرعبتها وانتفض لها جسدها الذى لم يعد يستطع أن يتحمل كل هذا الړعب والخۏف والفزع أغمضت عينيها وابتلعت ريقها وهى ترتعش وبدأت فى بكاء هيستيرى كانت تريد كل شىء ففقدت كل شىء حتى حياتها كادت أن تفقدها فى لحظة ڠضب
عاد إلى منزله مساءا وهو يشعر أنه قد فقد جميع قواه وبذل مجهودا نفسيا مضنيا هبت والدته منتفضة واتجهت إليه متلهفة وقالت 
كده يا فارس تعمل كده فيا انا كنت ھموت من الخۏف عليك
تنفس بعمق ثم ربط على كتفها مطمئنا وهو يقول بإرهاق
معلش يا أمى أنا آسف كان جوايا شحنة وعاوز اطلعها فى مكانها اللى يستهالها
نظرت إليه متفحصة بقلق وهى تتسائل 
روحتلها مش كده عملت فيها حاجة 
هز رأسه نفيا وهو يقول بابتسامة واهنة 
مټخافيش عليا أنا فشيت غلي فيها وخلاص هو أنا مچنون أضيع نفسى فى واحدة زى دى
أخذته من يده كالأطفال وذهبت به إلى غرفته وأجلسته
إلى فراشه قائلة 
نام شوية طيب شكلك تعبان أوى ده انت حتى مستريحتش من ساعة ما رجعت
خرجت وتركته يهوى بجسده المنهك فوق
فراشه وهو يفكر فى زوجته وما فعلته به منذ أول يوم زواجهما وحتى هذه اللحظة ويتسائل عن سبب واحد فعله معها جعلها تنكر كل شىء وتقذف به خلف ظهرها وتخطوا فى طريقها على جثته بهذا الشكل القبيح فلم يجد شىء إلا دنائتها فالشخص الدنىء لا يؤثر فيه معروف ولا يستقبح منكرا 
لقد أخطاء منذ اللحظة الأولى عندما قبل الأرتباط بفتاة مثلها لم يعطى بالا وهو يقرر الارتباط بها لحديث النبى صل الله عليه وسلم أظفر بذات الدين تربت يداك 
وكانت هذه هى النتيجة غطى الطمع عينيها ولم تجد دينا يردعها فما كان منها إلا الخېانة أغمض عينيه فى سكون وهو يشعر فيهما پألم شديد وكأن نغزات شوك شديدة تنغزه من كثرة الإرهاق والتعب والجهد ورغم أنها الليلة الأولى التى سينامها على فراشه بعد كل ما مر به إلا أنه لم يرتاح وظلت رأسه تدور حتى سقط فى نوم عميق فجأة وكأن النوم بئر قد أسقط فيه رغما عنه على حين غره
فى الصباح استيقظ على صوت رنين الهاتف فنهض وهو يشعر پألم فى عظامه شديد نهض بتاكسل وتثاقل وعندما فتح الباب سمع والدته تتحدث فى الهاتف قائلة 
لاء لسه مصحيش يابنتى أطمنى ليه القلق اللى انت فيه ده قلتلك امبارح أنه جه كويس ودخل نام لاء مټخافيش لو كان حصل حاجة كان هيبان عليه يعنى طيب ماشى خلاص مع السلامة
أنهت المكالمة واستدارت لتجده يقف بجوار باب غرفته عاقدا ذراعيه أمام صدره والابتسامة تعلو وجهه وهو يقول 
كانت بتطمن عليا مش كده 
أبتسمت والدته بمكر وهى تقول بلامبالاة 
هى مين دى قصدك مين
اقترب منها وقبل وجنتها وهو يقول بمرح 
مش عارفة مين يا ست أم فارس
ضحكت وهى تتجه للمطبخ فدخل خلفها وهو يقول بأصرار 
ممكن بقى تحكيلى كل حاجة مكنتش واخد بالى منها
ألقت عليه نظرة وهى تعد الأفطار ثم قالت 
وانا مالى أسأل صاحبة الشأن
تنهد بقوة وهو يقول 
اسألها ازاى بس مش هينفع اكلمها أصلا
وضعت والدته طبقين فى يديه ثم أخذت بقية الأطباق وخرجت من المطبخ وهو يتبعها
وقالت 
والله لو دخلت البيت من بابه هينفع تكلمها ونص كمان
جلس على المقعد خلف المائدة وهو يقول مراوغا
أنت شايفة كده يعنى 
نظرت له نظرة جانبية وضړبته على كتفه وهى تقول 
يا واد بطل تتلائم عليا ده انت عاوزها النهاردة قبل بكره
ضحك وهو يمسك يدها التى ضړبته بها ثم قال 
هو انا معرفش أهزر معاكى شوية يا حجة علطول فقسانى كده
أبتسمت فى سعادة وقالت 
تحب احددلك معاد أمتى
أخرج هاتفه من جيبه ووضعه أمامها على المائدة قائلا
دلوقتى
نظرت إلى الهاتف ثم نظرت إليه بدهشة وقالت 
أنت بتكلم جد يا واد
أخذ الهاتف وضغط رقم منزلها وأعطاها الهاتف وهو يومىء برأسه أى نعم
أخذت الهاتف مبتسمة بدهشة من تصرفاته الصبيانية وكأنها ترى ولدها لأول مرة !
نظرت أم يحيى إلى مهرة التى كانت تفرك يديها بتوتر بالغ وقد احمرت وجنتيها بشدة بعد أن أخبرتها بطلب فارس وقالت لها 
يعنى مردتيش عليا يا مهرة أوعى تكونى مستغربة زيى انا وابوكى
لم تستطع أن ترفع وجهها
كان الخبر كفيل بأن يفقدها وعيها ويلجم لسانها ها هو حبيب العمر يتقدم طالبا الزواج منها ثانى يوم تحرره من الأسر وكأنه لم يكن فى أسر السجون فقط هزتها أمها من كتفها وهى تقول 
يابنتى ردى على ابوكى
رفعت مهرة رأسها إلى والدها الذى قال 
هتعملى فيها مكسوفة ما تردى على طول ها اقوله أيه موافقة ولا رافضة
همهمت فى خفوت فلم يسمعها أحد منهما هتف والدها بصوت عالى انتفضت له وهو يقول 
متعلى صوتك
جلست والدتها بجوارها وهى تقول 
حبيبتى المرة دى مش هنجبرك على حاجة أنت حره مټخافيش أنا عارفة انه أكبر منك بعشر سنين واكتر وانت بتعتبريه زى اخوكى الكبير و 
قاطعتها مهرة فجأة وهى تقول بسرعة 
موافقة
فارس أنت بتهزر ولا بتكلم جد!
ضحك فارس وهو يجيب عمرو عبر الهاتف النقال 
هى الحاجات دى فيها هزار يا عبيط اخواتك انت طبعا بتكلم جد
قال عمرو بمرح 
أصل مش معقول أنت عارف انت اكبر منها بكام سنة ولا ناسى طب وهى وافقت ازاى
تنحنح فارس وهو يقول 
وأيه المشكلة مش فاهم 
تنهد عمرو وقال 
طب وهى قالتلك أيه وافقت على أساس أيه يعنى
أبتسم فارس ابتسامة واسعة وهو يقول 
بينى وبينك انا كنت ھموت واشوفها واتكلم معاها لما طلعت عندهم فى البيت لما كنت بتفق مع والدها على التفاصيل بس هى بقى مرضيتش تخرج وامها قالتلى انها لو خرجت دلوقتى هيغمى عليها من الكسوف 
ضحك مرة أخرى وهو يقول 
حتى لما اتلككت وقلتلهم طيب لو هى
عاوزه تسألنى على حاجة هتعمل أيه وانا لو عاوز اسالها على حاجة هعمل ايه مامتها دخلت كلمتها وخرجت تقولى بتقولك لو
عاوز تسألها على حاجة قول لماما وماما هتقولى وانا هرد عليك عن طريقها وانا مش عاوزه اسأله على حاجة علشان انا عارفة كل حاجة!
ضحك عمرو ضحكات رنانة وقال 
للدرجة دى مكسوفة منك سبحان مغير الأحوال قولى بقى الخطوبة أمتى كده
رفع فارس حاجبيه وقال 
خطوبة ايه يا عم الحاج هو انا بتاع خطوبة تفتكر يعنى لسه هخطب بقى وأغض البصر وكده وبعدين هى كمان بقت تكسف منى أوى وأنا عاوز أخاليها تاخد عليا شوية أحنا اتفقنا على كتب الكتاب على طول
عمرو
طب قولى أمتى بقى علشان أجى احضر
فارس 
كنا هنخاليها الخميس بس علشان سيادتك بقى هنخاليها الجمعة
قال عمرو مداعبا 
تصدق يا فارس انا عمرى ما شوفتك كده أبدا حتى فى جوازتك الأولى مكنتش فرحان أوى كده للدرجة دى بتحبها
زفر فارس بقوة محاولا أخراج جميع انفعالاته وقال 
بحبها أيه يا أخى أنا مش لاقى كلمة توصف أحساسى بيها أنا لما بلال كلمنى فى السچن ونبهنى حسيت بعدها انى عاوز أكسر حيطان الزنزانة وأخرج اشوفها كان نفسى اشوفها أوى يا عمرو ساعتها حسيت بالسجن فعلا كان هو ده سجنى الحقيقى أنا مش عارف انا ازاى مخدتش بالى العمر ده كله
فى مساء اليوم التالى دخل فارس مكتب الدكتور حمدى بعد أن هاتفه وطلب منه الحضور على الفور لأن والد هانى الذى قد حكم عليه بالاعډام قد جاء إلى المكتب وينتظره هناك طرق فارس باب حجرة مكتب الدكتور حمدى ودلف إليه وهو ينقل بصره بين الدكتور حمدى ووالد هانى الذى كان يقبع أمام حمدى وقد ظهر حول عينيه السواد من شدة الارهاق والأكتئاب الذى يعانيه منذ ان حكم على ولده بالاعډام 
بمجرد أن رأى فارس هب واقفا وهتف
فيه بحدة 
حرام عليك أنت ومراتك تعملوا فى ابنى كده حرام عليك ضيعتوا مستقبله وضيعتونى معاه
نظر فارس للدكتور حمدى الذى وضع يده على كتفه قائلا 
يا استاذ عبد القادر هو مش أنا فهمت حضرتك ان فارس مالوش ذنب وأنه كان عنده ظروف منعته من متابعة القضيه
صاح عبد القادر پبكاء 
ولما عنده ظروف معتذرش عن القضيه ليه ضحكوا عليا ليه 
ثم نظر إلى فارس ورفع يده باتجاه لحيته قائلا بحدة 
أنا عارف اللى مربين دقنهم دول كلهم ڼصابين وبيتاجروا بيها
أمسك فارس يده الممتدة إلى لحيته ونظر له بحدة وقال 
قعد وأفهم اللى حصل الاول قبل ما تتهمنى بالڼصب
نظر له الدكتور حمدى نظرة ذات معنى وقال 
مش وقته يا فارس 
هز فارس رأسه نفيا وقال بإصرار 
لاء لازم يعرف كل حاجه
جلس عبد القادر يستمع إلى فارس وهو يقص عليه ما حدث معه منذ أن دخل مكتبه اول مرة 
وطلب منه الدفاع عن ابنه هانى فى قضية القټل ولقد كان يستمع إليه وهو محدق به تتسع عينيه شيئا فشيئا غير مصدق ما تسمعه أذنه حتى أنتهى فارس قائلا
يعنى مش ابنك لوحده اللى أترمى فى السچن بسبب القضيه دى انا كمان اترميت ظلم وده الفرق بينى وبين ابنك
ضاقت عينيى عبد القادر وهو يقول بذهول 
يعنى مراتك هى اللى عملت كل ده لوحدها بعد ما رميتك فى السچن هى و وائل
أومأ فارس برأسه وقال بأسى 
أيوا مراتى ووائل
وفجأة صاح عبد القادر مرة أخرى 
يعنى مراتك تتمتع بالفلوس
وأنا ابنى يتعدم وأخسره
رفع فارس رأسه إليه وقال بجدية 
ومين قالك أنها هتتمتع بالفلوس دى زورت أوراق رسميه يعنى هتتحبس هى واللى ساعدها فكده
ډفن عبد القادر وجهه بين كفيه وهو يبكى هتفا 
وابنى يا ناس أبنى هيروح مني ظلم
مال فارس للأمام وقال بهدوء
أهدى يا استاذ عبد القادر أولا الحكم ده مش نهائى يعنى أى محامى يقدر يعمل استئناف والحكم يتخفف وينزل للمؤبد 
والمحكمة هتراعى إنه اعترف على نفسه وهتراعى سنه الصغير والمؤبد احسن من الاعډام
رفع عبد القادر رأسه ونظر إليه وهو يضرب كفيه بحسرة 
يعنى كل التعب اللى تعبت فيه ده كله وأنا بربيه وبكبره وبصرف عليه وبعمله اللى هو عايزه وفى الاخر ياخد مؤبد ليه كده يا هانى انا قصرت معاك فى ايه يابنى
تبادل فارس مع الدكتور حمدى النظرات المشفقة على الرجل وأنحنى فارس
18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 31 صفحات