رواية دعاء عبده الجزء الاخير
بأتجاهه وربت على كتفه قائلا
التربية يا استاذ عبد القادر مش معناها أنك تديله فلوس وتخليه مش عاوز حاجه أنت كنت بتشوفه بيخرج مع بنات وكنت بتشوف بنات فى عربيته وكنت مخصصله شقه بتاعته يروحها وقت ماهو عاوز مع اللى هو عاوزه من غير رقيب ولا حسيب على تصرفاته
أنت اديته فى أيده الاداه اللى دمر بيها نفسه وأنت فاكر أنك بتسعده ومش مخليه عايز حاجه
أنا كنت بقول ده راجل مش بنت علشان أخاف عليه
ربت فارس على كتفه وقال
الحلال والحرام مفيهوش راجل وست وأنت لو كنت ربيته على الحلال والحرام كنت كسبت راجل فى ضهرك دلوقتى يقف جنبك ويساندك لكنت أنت سبته للبنات والعربيات والخروجات
والفسح ونسيت حديث الرسول عليه الصلاة والسلام
أعتدل فارس فى جلستة وقال
يعنى حضرتك أنت وأمه هتتسئلوا عن تربيتكوا ليه وعن الحال اللى وصله علشان معلمتهوش دينه
نهض الرجل بتثاقل وقد شعر أن جبلا قد وضع على ظهره فلم يعد يحتمله وقال بوهن
متشكر يا دكتور فارس بس أنا فوقت متأخر أوى بعد ما ابنى ضاع مني وماليش حيلة خلاص
ياريت كل اب وأم ينتبهوا على ولادهم وبناتهم قبل ما يضيعوا من أيديهم وساعتها مفيش رجوع
متقلقش حكم الاعډام هيتخفف ان شاء الله
أومأ الرجل برأسه حزنا وهو يشعر بالضياع ضياع حياته وولده من يده فلم تنفعه امواله فى أن ينشىء رجلا حقيقيا يعتمد عليه فى مراحل عمره المتقدمة ومرضه الذى بدا يزحف إليه رويدا رويدا
بعد خروج الرجل من مكتبه أخرج فارس جواب استدعاء من النيابه وقدمة للدكتور حمدى قائلا
قرأ الدكتور حمدى جواب الاستدعاء وهو يومىء برأسه ثم قال
ده كان متوقع يا فارس طبعا
متنساش أن اسمك فى التوكيل أول اسم مط شفتيه قائلا
عموما متقلقش فى أكتر من اثبات أنك مكنتش شغال القضية دى
تنهد فارس بعمق وقال
أنا مش قلقان يا دكتور أنا عارف انى هطلع منها بسهوله ان شاء الله أنا هروح بكره وأحط أقوالى وربنا ييسر الامر والموضوع يخلص على كده
معلش يا فارس أنا عارف أن اللى حصل مش سهل عليك وصدمتك فى مراتك مش قليلة بس أنت قدها ان شاء الله وهتتجاوز الازمة دى بسرعه زى عادتك دايما ثم ابتسم قائلا
وبعدين عندى ليك خبر حلو هينسيك كل ده
نظر فارس إليه بفضول فقال حمدى على الفور بمرح
هو أنت يابنى مش معاك الدكتوراه ولا ايه
أومأ فارس برأسه وهو ينظر إليه بفضول كبير فأردف الدكتور حمدى قائلا
طب استعد بقى علشان تستلم شغلك فى الجامعه يا دكتور
حدق فارس به غير مصدق وعلى وجهه ابتسامة وقال بسرعة
بجد يا دكتور
ابتسم الدكتور حمدى وقال بخشوع
قال الله عزوجل إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا
كانت عبير تضع الأطباق على المائدة وقد ارتسمت ابتسامة رضى على شفتيها ثم ضحكت ضحكة صغيرة وهى ترى بلال يمرح مع الاولاد ويداعبهم ويقوم بتعليمهم الملاكمة وهم يتدربون فيه فمنهم من يلكمه فى معدته ومنهم يلكمه فى وجهه ومنهم من يقفزون على ظهره ويلكمونه فى ساعديه وهو ېصرخ بمرح ويصيح
ألحقينى يا عبير ولادك هيموتونى
ضحكت وهى تقول
أحسن أنت اللى علمتهم
ثم صفقت بيدها وهى تقول للاولاد
يالا يا ولاد أدخلوا صحوا تيتة علشان نتغدى سوا
ولكنهم لم يعبأوا ظلوا يلكمونه ويضربونه ولكنه استطاع أن يفلت منهم جميعا ويهرول بأتجاه عبير
وهو يصيح بمرح ألحقونى هيموتونى وهم يجرون خلفه ويضحكون بشدة جرى بلال حتى وصل عند عبير ولف خلفها وأحاط خصرها من
الخلف وهو يحتمى بجسدها منهم وكلما جاؤه عن يمينه أدارها ناحية اليمين واذا جاؤه عن شماله أدارها بأتجاههم وكأنها دمية يلعب بها وهى تضحك ولا تستطيع الفكاك من ذراعيه المحيطة بها من الخلف خرجت أم بلال من غرفتها على اصوات الضحك ونظرت إلي بلال محدقة به وهو يحيط عبير من الخلف ويضمها إلى صدره والاولاد يضحكون وهى تضحك نظر بلال الى والدته وقال
لا ارجوكى يا أمى متفهمنيش غلط
حاولت عبير فكاك يده من حولها وهى تشعر بالخجل وهو مازال مطبقا عليها بقوة لا يريد تركها فصاحت فى والدته
ألحقينى يا ماما خاليه يسيبنى
جلست والدته على الاريكة وهى تهتف به
سبها وبطل استعباط
نظر الاولاد إلى بعضهم البعض وكأنهم يقررون خطة ما لفك أسر والدتهم أندفعوا بقوة نحوهما وسقط الستة أرضا وسط ضحكات عالية استطاعت عبير أن تتحرر وتنهض مسرعة تجرى باتجاه المطبخ وهى تصيح
حرام عليكوا الاكل هيتحرق
دخل بلال خلفها بعد أن أعطى والدته دوائها ووقف خلفها ينظر إليها وهى تعد الطعام والعرق ينبت على جبينها من الدخان المتصاعد فى وجهها وهى تزيل غطاء القدر وتقلب فيه بهمة وتتذوقه لتشعر بالرضا تجاهه وضعت الغطاء مرة أخرى وألتفتت لتجده واقفا يشاهدها قالت وهى تضيق عينيها
نعم يا فندم جاى تكمل هزار هنا ولا أيه
ضحك وهو يقول
لا والله مش قصدى
ثم تقدم منها ومسح حبات العرق التى تجمعت على جبينها وقال
أنتى بتتعبى اوى يا عبير ربنا يخاليكى لينا يارب
أنا مش عارف من غيرك كنت هعيش أزاى
نظرت له بحب وقد تناست تعبها تماما على اثر كلماته العذبة المقدرة لمجهودها وقالت
ما أنت كمان بتتعب فى شغلك بره البيت
هز راسه نفيا وقال
لا أنا لازم اساعدك قوليلى اعمل ايه وأنا هتلاقينى فوريره على طول
قالت بخجل
ممكن تحضر الاكل معايا بس
رفع حاجبيه قائلا بدهشة
بس كده
أومأت برأسها فأنحنى بخفة أمامها وهو يقول بأحترام
تحت أمرك يا مولاتى
ضحكت وضړبته بخفة على كتفه ثم أعطته أحد الاطباق فى يده قائلة
أتفضل بقى للخلف دور
ألتفوا جميعا حول المائدة وشرعوا فى تناول الطعام ولكنه فجأة ترك الملعقة من يده لتصدر صوتا عاليا وهى ترتطم بالطبق امامه وعقد جبينه هاتفا
ايه ده يا عبير ايه الاكل ده
نظر الجميع إليه وقالت عبير بتوتر
ايه ماله
عقد جبينه
أكثر وقال بصرامه
طبيخ ده ولا بسبوسة
تذوقت والدته الطعام وقالت
ماهو كويس أهو يابنى
بينما قالت عبير بإضطراب
بسبوسة ازاى يعنى
ألتفت إليها بنفس الصرامة وقال
المعلقه يا هانم اللى دوقتى بيها الاكل ولمست بؤقك حطتيها فى الحلة تانى علشان كده الطبيخ بقى مسكر
رفعت عبير حاجبيها بينما نظرت له والدته ثم ضحكت وقالت
والله أنت عاوز علقة
ثم نظرت لعبير وقالت
الله يعينك عليه يا بنتى أنتى مستحمله رخامته دى أزاى
زفرت عبير وهى ترى ضحكاته وقالت
الله يسامحك يا بلال خضتنى انا قلت حطيت سكر بدل الملح
ضحك وهو يمسك بيدها وهو يقول
مش انا قلتلك قبل كده اى حاجه بتمسكيها بتبقى مسكره
قاطعه أحد الاولاد قائلا
ابى أنا عاوز من الفرخه دى
نظر له بلال وقال لعبير
الواد ده طالعلى بياكل بضمير أوى
بعدما هدأت الضحكات قالت عبير وقد تبادلت النظرات مع أم بلال
بقولك ايه يا بلال أنا عندى فكره كده يارب توافق عليها
ابتلع الطعام وقال
خير يا حبيبتى
ايه رايك تعلمنى الحجامه زى ماما كده ونعمل جزء فى المركز للستات أنت الحجامه ابتدت تنتشر والستات مش لاقيه واحده ست تعمل عندها فكر بلال قليلا ثم قال
طب والبيت والولاد
تدخلت والدته قائلة
انا هساعدها وهنتبادل الشغل وبعدين يعنى مش هتبقى زحمة الناس لسه لحد دلوقتى ميعرفوش فوايدها ومش هيبقى فيه اقبال كتير وخصوصا فى الاول كده اردفت عبير قائلة
حتى لو بقت زحمة ممكن نجيب ممرضة تساعدنا
نظر بلال اليهما وقال
شكلكوا متفقين وانا اخر من يعلم
تبادلت مع أم بلال النظرات القلقه فقال بهدوء
بصى يا عبير أنا مش ضد شغل الستات بالعكس الست ممكن تفيد الست اللى زيها واللى مش عاوزه تعرى نفسها قدام دكتور راجل علشان كده أنا نفسى الدكاتره الستات يبقوا اكتر من كده ويبقوا فى كل التخصصات
قالت بفرحه
يعنى موافق
اشار بيده قائلا
موافق بشرط ده ميأثرش على بيتك وولادك
أومأت برأسها بفرحة وهى تنظر الى والدته التى ابتسمت بسعادة وهى تنظر إلى عبير بأمتنان فلقد كانت هذه رغبتها هى ولكنها خشيت من رفض بلال للفكرة خوفا على صحتها وسنها المتقدم ولكنها كانت تشعر أنها لابد أن تفعل شىء يخدم دينها لن تظل هكذا حبيسة الجدران تهتم باحفادها وفقط لابد أن يكون لها دور فى المجتمع مفيد ويخدم دينها بدون أختلاط وهى وسط النساء بجوار زوجة ولدها التى تعتبرها ابنتها منذ أن رأتها فى بيت والدها فهناك أناس ېموتون فنشعر بعد موتهم بفقد الكثير والكثير وهناك أناس ېموتون فنتفاجىء بأنهم كانوا لايزالون
أحياء
وقف فارس ماثلا أمام النيابة يدلى بأقواله فى القضية وهو يذكر كل تفصيلة مرت به فى هذه الأثناء وقدم الدكتور حمدى ما يفيد بأنه كان معتقلا فى هذا التوقيت وبعد أدلاء سكرتير النيابة بأعترافاته وأنه فعل ذلك بعد تحريض من وائل وأنه استلم المال من دنيا يدا بيد بشكل مباشر وأنه لم يتقابل مع فارس ولم يراه من قبل خرج فارس من هناك دون أن توجه له تهمة واحدة
وهو فى طريقه فى الرواق أمام مكتب النيابة تقابل مع دنيا ووائل وهم فى حالة مذرية ومن الواضح أنهم قد تم حبسهم على ذمة التحقيق نظر لها فارس بأزدراء وأطرقت هى برأسها ارضا تخشى من مواجهته وحثه الدكتور حمدى على عدم التوقف والحديث معها ولكنه لم يفعل وقف امامها قائلا
أنا عمرى ما عملت فيكى حاجه وحشة ومغصبتكيش علشان تتجوزينى ليه وافقتى على كتب الكتاب وانتى رافضانى بدل ما كنتى تهربى من أمك كنتى كلمينى وقوليلى مش عاوزاك صدقينى كنت هحترم ده وأنسحب من حياتك بهدوء كنتى وفرتى علينا سنين ضاعت فى لاشىء صمتت وأطرقت إلى الارض تريد أن تبتلعها الأرض فى أحشائها ولا تقف أمامه مثل هذا الموقف
سمعت صوتا من الخلف يقول
حمدلله على سلامتك يا دكتور
ألتفت فارس ودنيا ليجدا حسن الذى اقترب منها وقال
مش كنتى وفرتى على نفسك البهدله دى
حدقت به وقالت صاړخه
يعنى انت اللى قلتله مش كده يا ندل
ابتسم حسن وقال لها
مش انتى اللى مسمعتيش الكلام وكنتى عاوزه تاخدى نص الفلوس لوحدك أديكى هتصرفيها على المحامين
ثم نظر الى فارس وقال
بزهو
انا اللى
بعتلك الجواب يا دكتور فارس علشان أعرفك الحقيقة
أحتقن وجه فارس وهو يستمع الحديث الذى يدور بين حسن ودنيا وشعر أنه