الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية دعاء الفصول الاخيرة

انت في الصفحة 8 من 8 صفحات

موقع أيام نيوز


فارس ..أديك شفت لما اتشدينا كلنا على المعټقل محدش حس بينا ولا حد سال علينا واللى خرجنا من هناك هما هما نفس الناس اللى احنا شاكين فيهم دلوقتى.. والخۏف دلوقتى مش علينا احنا.. الخۏف دلوقتى على الحريم اللى ممكن يتبهدلوا معانا لو كملنا
ضغط فارس قبضته فى راحته وهو يقول پغضب 
عارف لو هددونى پالقتل مكنش همنى حاجة ... المشكلة انهم بيهددونى بمراتى .. مراتى يا بلال

وضع عمرو وجهه بين راحتيه وهو يقول موبخا نفسه 
ياريتنى ما كنت رحت اشتغلت فى الشركة دى ..ياريتنى لما قدمت استقالتى صممت عليها ومشيت ولا كنت سافرت ولا اتهببت
هتف فارس بحنق 
لازم نلاقى حل مش معقول نسيبهم ينهبوا البلد كده واحنا خايفين على نفسنا لازم نوصل لأكبر مسؤل فى البلد
نهض الضابط صديقه من مكانه واقفا وهو يقول فى شرود 
أكبر مسؤل اللى انت عاوز توصله ده هو اللى خد أوامر من اللى أكبر منه أن محضر القټل يتقفل والحفر يفضل شغال فى وادى الريان مكان الفندق واهو نفذ الأوامر وقفل المحاضر واتحفظ عليها من غير تحقيق .. عارف لما جارك يتعدى عليك وتروح لابوه تشتكيله تلاقى ابوه هو اللى مسلطه.. أهو هو ده بالظبط .
وضع يده على كتفه وقال بأسى 
شيل أيدك من الموضوع يا فارس ..الفساد فى البلد دى من سنين كتير.. فوق الستين سنة ويمكن أكتر.. لدرجة ان الناس تعايشت معاه واتعودت عليه .. مينفعش تواجهه لوحدك أستنى شوية .. محدش عارف بكرة هيحصل أيه !
جلست بجواره حول المائدة وهى تقول بنعومة 
معلش يا فارس اشرحلى الحتة دى تانى.. مش فاهماها كويس ..الجنائى ده صعب أوى
مال عليها وهمس فى أذنها 
طب خشنى صوتك شوية انا كده مش هعرف اشرح حاجة خالص
ضحكت بصوت خفيض ثم قالت 
معلش استحملنى خلاص الامتحانات قربت تخلص
تافف وهو يغلق الكتاب بيده وقال 
ما انت لو حنيتى عليا بأطه هستحمل
ضحكت ثانية وامتزجت ضحكاتها بصوت والدته وهى تعود من المطبخ حاملة أكواب الشاى بيدها ووضعتها أمامهم وهى تنظر إليهما بمكر قائلة 
أيه الدرس اللى كله ضحك ده
أمسك يد والدته وأجلسها أمامهما وقال متبرما 
بصى بقى يا ست الكل ..أنا عاوز اتجوز ماليش دعوه اتصرفى ..مش انت امى ومسؤلة عنى.. أنا كده هنحرف
تبادلت النظرات مع مهرة وقالت بلامبالاة 
استنى بقى لما تخلص الكلية بتاعتها
هتف فارس على الفور 
نعم ! .. لالالا ..أنا يدوب هستحمل لحد امتحانات السنة دى ما تخلص 
ثم نظر إلى مهرة نظرة ذات معنى وقال 
وبعدها بقى محدش يلومنى 
قالت والدته على الفور 
طب اصبر لما نجيب لمهرة عفش جديد ولا هتدخل على القديم
ظهرت سحابة حزن فى عينيى مهرة وأمطرت حروف غيرتها الواضحة وهى تقول 
الحكاية مش حكاية عفش قديم ..الموضوع ده ميفرقش معايا.. أنا بس مش عاوزه أوضة النوم دى .. مش بتاعتى.. فى واحدة غيرى نامت عليها
ثم نظرت إليه نظرات عتاب ولوم فقال 
تانى يامهرة ... مش انا فهمتك الحكاية كلها قبل كده.. وبعدين يا ستى انا نفسى مش هوافق تدخلى على عفش قديم وهغيرهولك بالقسط
قالت والدته متسائلة 
أنت ليه يا فارس مرجعتلهاش عفشها.. مش ده فى القايمة بتاعتها
أخرج فارس ميدالية المفاتيح وقال 
كويس انى لسه معايا نسخة من مفاتيح شقتها.. هروح بكره انقلها حاجتها فيها.. ده حقها
هتفت مهرة على الفور بضيق 
وانت بقى هتروح شقتها لوحدك لاء انا هاجى معاك
رفع كتفيه مقلدا لها وهو يقول مداعبا 
هو انا مش قلتلك أنها محكوم عليها بسبع سنين .. خاېفة من أيه بقى ..هتطلعلى من الصورة تاكلنى يعنى
أستندت برأسها على راحتها وقالت بعناد
برضة هاجى معاك
أنهت مهرة أختباراتها وبدأت فى أتمام أمر الأثاث الجديد أخذته إلى معرض الأثاث الخاص بوالد صديقتها وانتقيا غرفة نوم جديدة وغرفة أخرى للأستقبال ولقد كانت مهرة فى غاية السعادة والفرحة وهى تتعلق بيده وهما يتنقلان بين الغرف المعروضة .. أشارت له على غرفة صغيرة الفراش وقالت 
مش ملاحظ ان الأوضة دى الكومدينو فيها أكبر من السرير
مال على أذنها وقال 
هو فين السرير اصلا
كتمت ضحكتها وأكملا رحلتهما فى البحث عن أسعار مناسبة وقسط مناسب لحالتهما المادية فى ذلك الوقت وتم تحديد ميعاد الزواج بعد أيام من أتمام تجهيز شقة الزوجية .
حزمت عزة حقيبتها وهى تقول 
خلاص يا عمرو كل حاجة جاهزة
دلف إلى الغرفة وقال وهو ينظر للحقائب 
ده أحنا هنشوف پهدلة يابنتى
قالت باعتراض 
ليه بس ده انا بحب اسكندرية أوى وكان نفسى أعيش فيها من زمان ..كويس انك لقيت شغل هناك
بدل ملابسه وهو يقول 
آه طبعا مصائب قوم عند قوم فوائد
لفت ذراعيها حول ساعده وهى تقول بابتسامة واسعة 
على الأقل هنقضى شهر عسل جديد مع مهرة وفارس وكمان بلال وعبير هيسافروا معانا أسبوع
وضع يده على بطنها وهو يقول بمرح 
شهر عسل أيه بقى ما خلاص أدبست واللى كان كان
دفعته وهى تقول بتبرم
أمشى كده هو
انت كنت تطول ابقى ام عيالك
دفعها من كتفها برفق وهو يقول 
أمشى كده وانا متجوزك شفقة ورحمة اصلا
كالعادة كانت زفة بسيطة جميلة أحاطت النساء مهرة وهن يحملن الدفوف والشعلات وأطواق الزهور وهى تمر بينهن زهرة يافعة فى مقتبل العمر فى عينيها ترى الأمل والسعادة والتفاؤل والحب .. تصفق وتنشد معهم كالأطفال .. أما فارس فى قاعة الرجال فكان يشعر للمرة الأولى أنه فى حفل زفافه كانت السعادة بادية على وجهه وبين الحين والاخر يقترب من عمرو قائلا 
ما تنهى بقى يا عم انت مسافر الفجر ولا ايه
أقترب بلال منهما وسمع عمرو وهو يقول ل فارس مداعبا 
أيه ده هو مش الفرح عندكوا بيبقى اسبوع متواصل ولا ايه
ضحك بلال ضحكات رنانة بينما دفعه فارس من كتفه وهو يقول 
أسبوع مين يا عم.. أنا هروح أخد مراتى وامشى ..اقعد انت بقى الأسبوع ده براحتك
وضع بلال ذراعيه على كتفيهما وهو يقول مشاكسا 
لا يا عمرو حرام أسبوع كتير مشيها تلات تيام بس
نظر له فارس بحنق بينما صفق عمرو وهو يقول بمرح 
العريس ھيقتلنا يا شيخ بلال .. وبعدين كلنا مسافرين مع بعض فمفيش داعى نقطع على بعض يعنى 
دفع بعضهم البعض وهم يضحكون بشدة فى نشوة ومرح كبير والناس ينظرون إليهم ما بين سعيد ومندهش ..هل الملتحون يضحكون مثلنا !.. هل هم من كوكبنا أم هجموا علينا من كوكب آخر !
سافروا جميعا إلى عروس البحر المتوسط .. فارس ومهرة .. بلال وعبير .. عزة وعمرو
كل ثنائى فى شقته الخاصة المؤجرة خصيصا لهذه الأجازة باستثناء شقة عمرو التى كانت مؤجرة بشكل دائم نظرا لعمله الذى جعله ينتقل للأسكندرية للأقامة الكاملة فيها ... وضع فارس الطعام على المائدة ثم توجه إلى غرفة نومها وطرق الباب بخفة وقال 
مهرة العشا جاهز يا حبيبتى
هتفت من الداخل
أوعى تدخل لسه مخلصتش
تنهد بسعادة وهو يتجول فى أركان الشقة ينتظرها .. خرجت بعد قليل بعد أن بدلت ملابسها
تنهد بعمق ثم توجه إليها وجلس بجوارها وبدأ يطعمها فى فمها بعض اللقيمات الصغيرة وبعد أن انتهى أخذت يده فى يدها ولعقت أصابعه بمرح وهى مبتسمة له فنظر لها بحب وشوق كبيرين وقال بخفوت 
أوعى تقولى عبير علمتك دى كمان
أومات برأسها وهى تقول 
أه عبير هى علمتهإلى
أمسك يدها وقبلها بحنان قائلا 
خلصتى أكل ولا لسه 
شعر بها ارتجفت فجاة وأنتفض جسدها وتقلصت عضلات وجهها خوفا ووجلا فعقد جبينه وقال بقلق 
مالك خاېفة كده ليه
تلعثمت وهى تقول 
لا ابدا مفيش
شعر بخۏفها وسمع طرقات قلبها وكأنه رأى خفقانه وقفزاته پجنون .. شعر بالشفقة تجاهها ومسح على شعرها وهو يجذبها إلى صدره قائلا 
من أمتى وانت بتخافى مني فاكره اليوم اللى قلتيلى فيه أحمينى منك يا فارس 
رفع رأسها إليه قائلا 
محدش فى الدنيا دى ېخاف عليكى أدى ..صح ولا لاء
أومات برأسها وقد شعرت ببعض الهدوء النفسى يغلفها على أثر كلماته الرقيقة ووضعت رأسها على صدره بهدوء فمسح على ذراعها وهو يقول 
لازم تتأكدى من كده كويس أوى ..أنا هفضل طول عمرى حمايتك وأمانك حتى من نفسى أنت يا مهرة مش حبيبتى وبس ومش مراتى وبس ..أنت بنتى واختى قبل أى حاجة تانية وزى ما كنت بخاف عليكى وانت لسه بيبى بين أيديا.. هفضل برضة اخاڤ عليكى وانت مراتى وحبيبتى وبين أيديا 
اتسعت ابتسامتها ورفعت رأسها إليه وطبعت قبلة صغير ممتنة على وجنته ..فنظر إليها بشغف قائلا 
أنت صدقتى ولا أيه ده انت عبيطة أوى !
لم تكن تلك الليلة هى ليلة عادية فى عمرهما كانت بداية جديدة لعمر آخر ... فارس آخر ومهرة أخرى يطوفان حدائق حبهما فى سكون وصمت يهدى كل منهما رحيقه طواعية وحب أصبح الأخذ هو العطاء والعطاء هو الأخذ أختلفت المقاييس توحدت الأنفس أصبحت كيانا واحدا يتنفس برئة واحدة يبتسم بثغر واحد روحا واحدة و جسدا واحدا ... وقلبان ينتفضان عشقا .
لامست مياه البحر أقدامهما وهما يجلسان على شاطئه ويتأملان شروق الشمس فاسندت رأسها على صدره وقالت 
أنا جسمى قشعر من جمال وروعة المنظر الخلاب ده .. شفت عظمة ربنا فى أبداعه ..
أجابها فارس بعد أن قبل كفها بحنان 
أومال لو شفتى الأجمل والأروع من المنظر ده هتقولى أيه
رفعت رأسها تنظر إليه فى فضول كبير قائلة 
فين ده
قال وهو ينظر إلى عينيها الواسعتين 
عنيكى
أحمرت وجنتيها خجلا وقالت بخجل 
بتهزر 
قال بحب 
انا بتكلم جد ..أنا لما بشوف عنيكى بنسى الدنيا كلها وبحس أنى فى الجنة ... أنا معرفتش طعم الحب الا وأنا معاكى .. عشت حياتى قبلك فى وهم وانا فاكر أنى بحب غيرك .. عشت أكبر كدبة فى حياتى .. لكن لما عرفت أنى بحبك دوقت ساعتها طعم الحب الحقيقى ...
أنت عارفه يا مهرة.. أنا عشت حياتى كلها كل ما أدخل محكمة واسمع حكم وراه جملة مع وقف التنفيذ .. كنت بفتكر حياتى اللى عشتها .. الجملة دى هى تلخيص حياتى كلها .. من ساعة ما اتخرجت من الجامعة وانا بحلم ابقى وكيل نيابة ..وكنت بذاكر واطلع الأول وكنت عايش دور وكيل النيابة بس مع وقف التنفيذ .. لحد ما اتجوزت وكنت فاكر انى بحبها وهى بتحبنى وبعد ما عرفتها على حقيقتها والناس فاكرانا متجوزين ومتفاهمين وبنحب بعض ميعرفوش اننا متجوزين بس مع وقف التنفيذ ...حتى لما دخلت المعټقل كنت فاكر انى ھموت ومحضر نفسى للمۏت لكن كنت بمۏت كل يوم من الانتظار.. لكن برضه مع وقف التنفيذ .. ولما اتجوزتك وابوكى كان هيفرق بينا ومكنتش عارف اشوفك ..كنت مراتى مع وقف التنفيذ .. و لما فكرت واتحمست انى أطهر البلد دى من الفساد والسړقة واللى بيحصل فيها عرفت ساعتها اننا كلنا شايفين السړقة والفساد لكن مش قادرين نعمل حاجة وفاكرين نفسنا أبطال ..بس كلنا أبطال مع وقف التنفيذ .
كانت تنظر إليه تسمعه
بتركيز واهتمام فقالت 
تفتكر يا فارس فى أمل بلدنا تتغير 
قال بشرود 
أنا متاكد ان ده هيحصل ... بس عشان ده يحصل لازم نكون كلنا أيد واحدة لازم الشعب ده يفوق من الغفلة اللي عايش فيها من سنين طويلة... إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم... ده مهما كان حجم الظلم والطغيان اللي موجود في البلد مش هايقدر يقف أدام ثورة الناس كلها ... بس الخۏف كله إن لو الشعب عمل ثورة فعلا وما غيرش نفسه وفضل عايش فى الضلمة ... هاتبقى ثورة .. بس مع وقف التنفيذ .
تمت بحمد الله

 

انت في الصفحة 8 من 8 صفحات