رواية مريم من 36-40
انت في الصفحة 1 من 7 صفحات
36
وعد !
صباح يوم جديد ... تستيقظ سمر باكرا و أثناء ما كانت ترتدي ثيابها راحت تعيد ترتيب أحداث خطتها الخرقاء
بالطبع خرقاء و يجب أن تتوقع أي رد فعل عڼيف قد يصدر عنه و لكن ما أقلقها بحق و جعل أصابع يدها ترتجف و هي تغلق أزرار كنزتها .. تلك الطفلة المسكينة
ألقت سمر نظرة علي أختها النائمة بالمهد الصغير أزعجتها فكرة أنها ستتخذها كدرع حماية و لم تكن واثقة من نجاح الخطة
و تأمل كثيرا لو تنجح هذه الخطة رغم أنها تعلم أن لا يمكن الهروب منه كثيرا و لكن لتفلت منه هذه المرة و ستفكر في عذر أقوي للمرة القادمة ..
إنتهت سمر من تحضير نفسها ثم إيقظت ملك من نومها بلطف و أخذت تبدل لها ملابسها و تعطرها و تمشط لها شعرها البندقي الجميل
دقت بابها ... لحظات و فتحت لها زينب و علي وجهها إبتسامتها المشرقة ..
زينب بود
صباح الخير يا قمرات . إيه نازلين بدري ليه .. ثم قالت بإستغراب
و بعدين إنهاردة الجمعة . مافيش شغل إنهاردة !
سمر بإبتسامة متوترة
ملك مش هتقعد معاكي يا ماما زينب . أنا هاخدها معايا إنهاردة.
هتاخديها معاكي فين
حمحمت سمر بتوتر أشد و لكنها أخبرتها بالأخير ..
إنتي بتقولي إيه .. صاحت زينب پغضب و تابعت
إنت أتجننتي هتروحيله برجليكي تاني و وعدك ليا هتسلميله تاني
سمر بهمس و هي تتلفت حولها بقلق
بالله عليكي يا ماما زينب وطي صوتك . وعدي ليكي زي ما هو . و الله ما هسيبه يلمسني تاني صدقيني مش هيحصل لو علي رقبتي.
أومال رايحاله برجلك دلوقتي ليه و هتقابليه لوحدك ليه
سمر بنبرة مقنعة
أنا هروح أقابله فعلا بس و ملك معايا . أنا نايمتها طول الليل إمبارح عشان تفضل صايحة طول النهار و هي معانا . هتحجج بيها و مش هيعرف يعمل معايا حاجة . ماتقلقيش يا ماما زينب و الله العظيم ما هخليه يقربلي.
زينب و قد تهدلت تقاسيم وجهها بإستسلام
سمر بثقة
ماتقلقيش .. أنا وعدتك !
في قصر آلبحيري ... يضبط يحيى البحيري ربطة عنقه أمام المرآة لتأتي زوجته من خلفه و تسند خدها علي كتفه و هي تطلق تنهيدة حارة
فريال بلهجة قانطة
هتسافر تاني يا يحيى
يحيى بصوت خاڤت لونته المرارة
أيوه يا فريال . لازم أسافر . هحاول أنقذ ما يمكن إنقاذه من الصفقة إللي حطيت فيها حصيلة سنة كاملة من الشغل !
عشان خاطري ما تتأخرش . أنا ببقي وحيدة منغيرك . مابحسش بطعم الحياة إلا بوجودك جمبي.
إستدار يحيى ليواجهها
أمسك بكتفيها و حدق في عيناها مباشرة ..
يحيى بصوته الدافئ
و أنا كمان يا حبيبتي مابقدرش أعيش ثانية منغيرك . لكن مضطر . إدعيلي إنتي بس سفري ده يجي بفايدة و لو كل حاجة تمت زي ما أنا عايز هرجع بعد يومين إن شاء الله.
فريال و هي تنظر إليه بلوعة
ربنا يحفظك ليا و ترجعلي بالسلامة . دول الأهم بالنسبة لي.
إبتسم يحيى بحب ثم ضمھا إلي صدره بلطف و تمتم بأذنها
بحبك . خليكي فاكرة إني جمبك دايما .. و بحبك دايما !
في غرفة صالح ... الصمت و الوجوم يخيمان عليه و هو يجلس مهموما علي فراشه الواسع
تلج صفية إليه حاملة كأس اللبن الدافئ بين يديها ..
جلست علي طرف السرير بجانبه و قربت الكأس من فمه و هي تقول بإبتسامة رقيقة
صلوحي ! يلا يا حبيبي إشرب اللبن و هو سخن.
يشيح صالح بوجهه قائلا بإنزعاج
من فضلك إبعديه عني يا صفية مش عايز.
صفية بضيق
بعد ما عملتهولك بإيدي تقولي مش عايز .. لكنها لاحظت تعابيره البائسة فجأة فسألته بجدية
مالك يا صالح
صالح بكدر
ماليش يا صافي.
صفية و هي ترمقه بنظرة ثاقبة
إنت كداب يا صالح . قولي في إيه إيه إللي مضايقك !
و ظلت لعدة دقائق تقنعه بالكلام ... ليقول أخيرا
دايما كل الظروف بتبقي ضدي يا صفية !
صفية بعدم فهم
مش فاهمة ! تقصد إيه يا صالح !
صالح بكآبة
كل ما أحل عقدة . كل ما أفتكر إن مشاكلي إتحلت بطلع غلطان في الأخر .. مشاكلي بتزيد و بتتعقد أكتر.
أجفلت صفية و قالت بدهشة
ليه بتقول كده يا حبيبي إنت ماعندكش أي مشكلة . وضعك بيتحسن و الدكتور قال قريب أوي هترجع تقف علي رجليك من تاني . صحتك ممتازة و قطعت شوط هايل النتيجة إللي وصلنالها ماكنتش متوقعة . إنت إنسان قوي يا صالح و عندك إرادة . مافيش حاجة واقفة في طريقك دلوقتي !
نظر لها و قال بسخرية
لأ في . أبويا .. أبويا إتخانق إمبارح مع أبوكي . و شكل الخناقة كانت بجد و غير أي خناقة عادية عدت بينهم . أبويا يا صفية عقدلي الدنيا أكتر ما هي متعقدة.
صفية بصوت كالأنين و هي تلتقط خصلة أمامية من شعره
يا حبيبي إنت بتقول كده ليه بس مافيش عقد يا صالح . و بابا و أنكل رفعت دايما بيتخانقوا و بيرجعوا زي ما كانوا.
بس المرة دي غير . صوتهم كان عالي و أنا سمعت كلامهم .. أنا حاسس إن المشكلة دي هتقف في طريقنا يا صفية . حاسس إن عمي هيبعدك عني بسبب خلافه مع أبويا.
وضعت صفية إصبعها علي فمه و قالت
هشششش . ماتقولش كده تاني . إنت مش واثق فيا يعني أنا مستحيل أبعد عنك أنا بحبك يا صالح و عمري ما هسيبك أو أسمح لحد يبعدني عنك . فاهم مش عايزاك تقلق نفسك بحاجات زي دي . ركز في علاجك و بس . و إحنا لبعض في الأخر . محدش هيقدر يفرقنا أبدا .. أوعدك.
رمقها صالح بنظرات آملة بينما إبتسمت و هي تعيد الكأس إلي فمه
يلا بقي إشرب اللبن !
كان عثمان جالسا في سيارته المركونة علي جانب الطريق ... يراقب المارة أمامه بنظرات فاترة من خلال نظارته الشمسية القاتمة
زفر بقوة و قد أزعجه طول إنتظاره لكنه تلقي مكالمة في هذه اللحظة ..
أخرج هاتفهه من جيب داخلي في سترته البيضاء .. ألقي نظرة سريعة علي الرقم ثم أجاب
بابا ! .. كانت نبرته لطيفة ودية
يحيى بصوت أجش
إنت فين يا عثمان
أنا في مشوار كده . ليه في حاجة !
يحيى بنبرة متماسكة غامضة
لأ مافيش .. بس بقالي مدة ماشوفتكش !
آسف بس إنت عارف الشغل و شركتي لسا في بدايتها . هاشوفك بالليل إن شاء الله.
أنا مسافر دلوقتي.
عثمان بدهشة
مسافر ! مسافر فين
طالع علي لندن.
الله ! إنت مش كنت لسا هناك !
هاروح تاني . لسا في شغل متعلق .. ثم قال بنبرة جدية
المهم أنا عايز أطلب منك طلب.
عثمان بإهتمام
طلب إيه يا بابا