رواية مريم من 36-40
بإبتسامة
أوك . يبقي متفقين . إستأذنك بقي دلوقتي !
المدير بكياسة و لطف
إتفضلي . نورتينا.
و حالما خرجت ضغط بسرعة علي زر الإستدعاء ليحضر ذاك الشاب خلال ثوان قصيرة ملبيا ندائه ..
الشاب بخباثته المعهودة
آمرني يا ريس . في مصلحة جديدة و لا إيه المزة جتلك محملة صح .. و غمز له بعينه
المدير بتوبيخ
إهمد شوية ياض و طرطألي ودانك . عايزك تنزل بسرعة و تقطرلي البت إللي لسا نازلة . عايزك تجيبلي قراراها و تعرفلي هي مين.
إنت ماتحتاجنيش أبدا إلا في المشاوير !
بقولك إيه مش عايز رغي كتير و بعدين إنت عارف إني معينك هنا ندورجي ببعتك تجيبلي أخبار الناس و بديك أجرك .. ثم قال بصرامة
إنجز بقي و ألحقها بسرعة قبل ما تمشي أحسن و الله أمشيك أنا و دلوقتي حالا.
الشاب بضحكة ساخرة
لا و علي إيه . هطير أنا أهو و هاجبيلك أخرها قبل أولها كمان ده إنت تؤمرني يا ريس.
بينما أمسك المدير بهاتفهه و أخذ يبحث في اللائحة عن إسم معين ...
في قصر آلبحيري ... تذهب هالة لتطمئن علي والدها
تجده جالسا في الظلام وحده غرفته هادئة تماما و كئيبة مثل كل شيء في البيت كله ..
تقترب منه ببطء ثم تركع أمام مقعده و تقول بصوت حزين
بابي ! إنت كويس .. يا بابي بليز رد عليا . هتفضل ساكت علطول كده !
عايزاني أقول إيه يا هالة مافيش كلام ممكن يتقال خلاص.
هالة و هي تمسك يده الكبيرة بكلتا يداها
إنت بقالك إسبوع علي الحال ده . لا بتاكل و لا بتشرب و حابس نفسك في الأوضة . حرام عليك يا بابي أنا و صالح محتاجينلك.
و هنا نظر رفعت إلي إبنته ..
تراقصت بعيناه الدموع و هو يقول
أخويا ماټ يا هالة . يحيى .. أخويا الصغير ماټ . ماټ و هو زعلان مني . أنا عمري . عمري ماتخيلت إن له في قلبي الحب ده كله . عمري ما فكرت إني هندم أووي كده علي كل موقف . كل لحظة زعلته فيها . كنت دايما بقول علي نفسي أنا الكبير . لكن هو إللي طول عمره كان الكبير . بأفعاله و تصرفاته . أنا كنت أخ وحش أوووي عمري ما حبيته عمري ما خدت بالي منه.
يا بابي كفاية . عشان خاطري كفاية ! .. كانت تبكي مثله الآن
رفعت بصوت كالأنين
ماكنش يستاهل مني كل الكره ده . نفسي أشوفه بس و لو لمرة واحدة . عايز أعتذرله و أترجاه يسامحني . يا ريتني كنت أنا إللي مت و هو إللي عاش علي الأقل كان ممكن يسامحني أنا ماستهلش أعيش بداله ماستهلش.
يا بابي إسكت . كفاية بالله عليك . ربنا يخليك لينا أنا مستحيل أقدر أعيش منغيرك.
رفعت بمرارة حاړقة
و أنا دلوقتي بقيت لوحدي . أخويا سابني و مش هقدر أعيش منغيره . ماعادش ليا حد و لا ضهر . ماعادش ليا لازمة !
في سيارة عثمان البحيري ... يركن قريبا من الشاطئ ثم يترك سيارته و يمضي بإتجاه البحر
يجلس فوق الرمال بعيدا عن الأمواج قليلا غير عابئ بتلويث ملابسه السوداء
يأتي صوتها بعد لحظات
ألو !
40
خارج عن السيطرة !
تفتح سمر عيناها ... تستقبل ضوء صباح جديد
بقت مستلقية لدقائق في سريرها تحصي دقات قلبها المتسارعة و تتساءل عن سبب تعرق راحتي يديها ..
ربما لأنها ستقابل عثمان اليوم ! ... لقد سبق و قطعت وعدا للجارة زينب بإنها لن تسمح له بإن يختلي بها مجددا لن تلتقي به بمفردها أبدا
و لكنها لا تعلم .. لماذا منحته البارحة موافقتها بسهولة هكذا .. لماذا حاز علي عطفها .. لماذا أشفقت عليه لماذا لمستها نبرة الحزن في صوته
لم تشعر سمر بحاجة لتناول فطورها الآن فقامت بإطعام ملك ثم بدلت ثيابها و أخذتها و نزلت لتسلمها كالعادة للسيدة العطوفة التي تهتم بها ..
أهلا أهلا بالقطقوطة الصغننة بتاعتي ! .. هدلت زينب بإبتسامة عريضة و هي تفتح ذراعاها لتتلقي ملك
مدت سمر ذراعيها مبتسمة هي الأخري و ناولتها الصغيرة قائلة
القطقوطة الصغننة بتاعتك بقت شقية و فظيعة خآالص تعبتني.
زينب بضحك
و ماله ياختي تتشاقي ما كل العيال كده هتيجي عليها يعني .. ثم سألتها بسماحة
إيه رايحة الشغل و لا إيه
سمر بخفوت و توتر
إحم . لأ يا ماما زينب مش رايحة الشغل.
زينب بدهشة
أومال رايحة فين علي الصبح كده !!
إرتعشت أنفاسها و هي تدفعها بلطف إلي داخل الشقة ... أقفلت الباب بروية ثم أجابتها بهدوء حذر
ماما زينب . منغير ما تتعصبي . أنا رايحة أقابله.
زينب ببلاهة
رايحة تقابلي مين !
سمر بتردد
ع عثمان يا ماما زينب . هيكون مين يعني !
مر وقت قصير و زينب تكرر الكلمات في ذهنها مرات عدة مدققة في كل كلمة لكي تستطع معرفة هدفها الحقيقي ..
إنتي إتجننتي !! .. صاحت زينب پغضب
سمر بلطف
إهدي بس يا ماما زينب هفهمك.
زينب بإنفعال
هتفهميني إيه إنتي كده بتسرحي بيا يا سمر أو بتاخديني علي أد عقلي . إنتي مش وعدتيني إنك هتستسلميله تاني
سمر بوهن
يا ماما زينب لو سمحتي إسمعيني . أنا مش رايحة أقابله عشان حاجة . ما إنتي عارفة إن والده إتوفي الإسبوع إللي فات.
زينب بإستهجان
الله يرحمه و يحسن إليه ياستي بس إنتي مالك يعني هياخدك و يقرا عليه في الترب مثلا !
سمر بإنزعاج
حرام كده يا ماما زينب . الراجل في ذمة الله دلوقتي ماينفعش نتريق عليه بالشكل ده مايجوزش عليه غير الرحمة.
تنهدت زينب بضيق و قالت
أنا ماقولتش حاجة يابنتي . بس أنا مضايقة منك و من المماطلة و الكر و الفر إللي بينك و بينه . ما تجيبهاله علي بلاطة كده و قوليله إن إللي بينكوا إنتهي و خلصي نفسك من القرف ده.
سمر بنبرة تفيض حزنا
يعني إنتي فكراني مبسوطة بحالي معاه أنا لحد دلوقتي بستحقره و و لا مرة حسيت معاه بالآمان.
زينب بتعجب
أومال ليه ساكتة عليه لحد دلوقتي و رايحة تقابليه ليه !
صعبان عليا !
زينب بإستنكار ممزوج بالذهول
نعم ياختي !
تنفست سمر بعمق و ردت متأثرة بالمشاعر التي أخذت تجيش بصدرها الآن
لما كلمني إمبارح . حسيت في صوته نبرة حزن كبيرة أوي .. حسيت بالبرد في صوته . حسيت إنه شرد من نفسه . إنه غرقان و مش عارف يتنفس .. أنا مريت بإللي مر بيه يا ماما زينب و عارفة كويس يعني إيه خسارة أب أو أم . هو يمكن غني جدا و معاه فلوس تعيشه طول عمره مش محتاج لحد . بس الأب و الأم هيفضلوا أغلي حاجة في حياة ولادهم . أغلي من كنور الدنيا و مافيش حاجة ممكن تعوض غيابهم.
نظرت لها زينب