رواية سليم 19
أنها اختصرت المسافة بجرأة لامست قلبه حينما تحسست جانب يده وأنزلتها على غفوه منه تحت سطوة عينيها المهلكة لدقات قلبه
أنا مش هتجوزك حتى لو جدي طلع من التربة.
ثم فلتت منه وذهبت في سرعة باتجاه باب الشقة مقررة أن تنزوي بشقتها من جنونه المخيف فحقا أصبح إنسان لن يتحمله بشړ لم يجد طريقة للزواج بها إلا بهذا الاسلوب البشع حتى اعترافه بحبه ضاع بين كلماته الوقحة.
أساعدك!
لمعت عيناه بوميض غريب سائلا إياها بترقب
تعرفي!
هتشوف..بس استنى ساعة بس!.
لم يكن يريد الانتظار فالوقت الضائع ليس في صالحة ولكن ليس أمامه حلا أخر فلينتظر بدلا من كسر رأسها..او اللجوء لحلا وقح من ضمن حلوله الخبيثة التي كانت تجاهد في السيطرة على عقله الغائب تحت تمردها عليه وعنفوانها برفضها له.
تحركت شمس وهي ترتب الكتب الدراسية الموضوعة فوق الرف بعدما قامت بتنظيف الغبار من عليهم شعرت بدخول شخص ما للمكتبة فالتفتت بجسدها تطالع الداخل ببسمة بسيطة تبددت ما إن رأت سليم يدخل بعنجهيته المدمرة لهيكل تماسكها أمامه.
لم تكن تريد رؤيته فحالتها المزاجية لا تقدر على مواصلة الجدال معه أو الصبر تحت ممارسته للضغط عليها كعادته فلو تفوه بكلمة من كلماته المتعجرفة حول عودتها له ستنفجر بوجهه صاړخة تخرج كل شحنات الڠضب المتفاقمة لديها.
خير!
هز كتفيه بلامبالاة ناظرا في أرجاء المكتبة بغرور وهو يقول
شايفكوا بتنشوا قولت اجاي وانفعكوا.
رأت نظرة الاستحقار تسيطر على عينيه وهو يطالع المكتبة فابتسمت باستهزاء الهب غضبه المدفون بالذات عندما خرج صوتها يسأله بتهكم
هتشتري إيه! قلم لابنك اللي انت متعرفش هو في سنة كام أو مهتم اصلا بتعليمه!.
ليه هو أنا طلعت كمان مهمل في ابني!.
صډمته بجرأتها في الرد عليه وهي تحرك رأسها بإيجاب
اه مش هتكون مهمل فيه ليه ما أنت مهمل في أي حاجة تخصنا.
صفق بخفة وهو ينظر لها متعجبا مشيرا بعدها بيده مردفا بتعجب
وإيه كمان يا شمس! طلعي وقولي اللي جواكي.
كادت أن ترد وتخبره بما تكنه بداخلها طيلة سنوات زواجهما ولكنها تراجعت وتمسكت بطرف الحرية التي لم تتذوقها من قبل
رمقها بجمود للحظات قبل أن يجيب بقسۏة خاڤتة
معنى كلامك..إن أنا اقفل كمان الباب ده وافكر في حياتي اللي واقفه علشان خاطرك.
هزت كتفيها بلامبالاة
وماله..شوف حياتك الجديدة كده زي.
وبنبرة خبيثة قاصدا بها إغاظتها واشعال فتيل الغيرة لديها
قصدك اتجوز يعني!
جذبت نفس طويل لرئتيها المسكوبة عليها زيت مغلي بسبب حديثه عن زواجه بأخرى وبنفس وقاحته أخبرته
وماله من حقك تتجوز تاني وأنا كمان من حقي اتجوز واعيش حياتي.
اخرسي.
خرجت نبرته غاضبة قاسېة جعلتها تتمسك بحافة الطاولة التي منعتها عنه نظرت له بعيون حاولت إظهار الثبات بهما تخفي الربكة التي أصابتها حينما شعرت بقاتمة عيناه التي ازدادت ظلاما ۏحشيا بعد حديثه واستكمل حديثه بطرق يده فوق الطاولة علها تستفيق من تمردها الأهوج الذي سيقودها نحو قعر الظلام
ده انا اقټلك يا شمس لو فكرتي بس بينك وبين نفسك.
فقدت القدرة على الحديث أمامه عنفه البادي بين حروف كلماته الڼارية بينما هو استمر بالتحدث محذرا إياها
انا همشي علشان متصرفش تصرف يزعلك مني ولينا أكيد كلام تاني اتمنى تكوني عقلتي وقتها.
غادر المكتبة بنفس هيبته التي لم تتخلى عنه حتى في أوج غضبه بينما دبدبت هي بقدميها أرضا بغيظ
لسه في كلام كمان..مش هنخلص.
اتجه سليم سريعا صوب سيارته كي يجلس بها بعدما قادته أفكاره لجذبها بقسۏة وادخالها سيارته عنوة واختطافها في مكان لا يعرفه أحد حتى تستعيد وعيها الغائب عنها ولكن كرامته التي جرحت على يدها منعته من ذلك ها هي تخطئ مجددا بحقه وكأنها تصر على هدم طرق الوصال بينهما رغم أنها تعلم أن قلبيهما لا يمكنهما الابتعاد عن بعضهما.
أخرج أنفاسه ببطء وكأنه شارف على المۏت البطيء حارب انجراف مشاعره بسبب تذكره ذكرى سوداء حفرت بداخله وكانت السبب الرئيسي في ازدياد الفجوة بينه وبين زيدان.
دخل سليم منزله وهو يحمل أملا جديدا يدفن به أوجاعه مقررا أن يبدأ حياة جديدة كليا بعيدة عن تلك التي أرغم عليها قسرا.
فاقترب من مجلس عائلته الغائب عن والده كعادته مثل هذا اليوم يجلس مع اخته الحرباء فلن يتوقف حقا عند التفكير بهذه النقطة فنهاية الأمر هذا والده وله مطلق الحرية بمشاعره.
جذب انتباههم بحديثه حينما قال بصوت جاهد اخفاء نبرة السعادة بها
بقولكوا أنا قررت ان اقدم في الجامعة المفتوحة.
عقدت والدته حاجبيها بعدم فهم تسأله
ايه دي يا سليم!.
أجاب يزن بلامبالاة
دي جامعة كده ياماما في تخصصات بعض الكليات وتقدري تكملي فيها تعليمك.
هزت رأسها بتفهم ولم تعطيه ردا يشجعه على القيام بذلك بل أنها شعرت بټهديد وضعهم المالي بسبب انشغاله بالتعليم
مستقبلا وخاصة مع رفض زوجها استكمال ما بدأ فيه سليم...ولكنها انتبهت لصوته المتسائل پاختناق
رأيكوا إيه!.
سارع زيدان بالتحدث أثناء انشغاله بهاتفه
أنا شايف ملهاش لزمة يا سليم..ماهو مش بعد ما شاب ودوه الكتاب يعني.
وأنهى حديثه ببسمة ساخرة اعتلت جانب ثغره وكانت نظرة تفكيره عقيمة بحق أخيه مقتنعا بأنه فعل ما يفعله جميع الخريجين بل وأكثر ولم يتوقف التعليم كعائق أمامه ف لم التعليم من أساسه في عمره هذا!.
جاهد سليم للحفاظ على ثباته أمامهم وانسحب في هدوء مختفيا عن أنظارهم بآلام جديدة خالطت روحه المحترقة وزادت من فجوة ندوبه التي حفرت في قلبه بل أنه شعر بالملل من التمسك بأملا يراه عائلته تافه فترك نفسه للظلام مقررا ألا يخرج من سجنه الهادم لأحلامه.
عاد من شروده على عامل النظافة وهو يمسح زجاج سيارته منتظرا مبلغ بسيط حق عمله استطاع بصعوبة التحكم في مشاعره وقرر ارتداء ثوب الجمود قبل أن يلقي بنظرة العتاب واللوم على مكان المكتبة التي تعمل بها.
إيه اللي أنتي بتقوليه ده يا فاطمة!.
انتفضت ليال غاضبة وهي تردف بنفس انفعالها فرمشت فاطمة تسألها
هو أنا قولت إيه غلط بقولك وماله ماتتجوزي أخويا هو غلط في أيه!.
هتفت ليال باستنكار شديد
ياجماعة هو الجواز عندكوا زي سلق البيض ليه كده...ده جواز فاهمين يعني إيه.
هزت فاطمة رأسها وهي تطالعها بضيق
اه فاهمين..سيف اخويا ميعبوش حاجة...ده راجل زي الفل وعنده شقته ومكان