رواية سليم بارت 4
انت في الصفحة 1 من 4 صفحات
الفصل الرابع
استندت شمس على وسادتها تتطلع لمنظر الفراش الفوضوي وشعرها الأشعث تحاول ترتيبه للخلف حاولت منع ابتسامتها الحمقاء ولكنها فشلت حركت بصرها لنقطة ما وسمحت لنفسها بالغوص في عناقهما الدافئ حيث مازال تاركا أثاره في نفسها وأثناء تأملها خرجت تنهيدات عميقة تعبر عن مدى حالميتها وافتتنانها بفارسها ومعذب قلبها سليم الشعراوي.
عبست بوجهها حينما تذكرت كلماته الجافة كلما حانت الفرصة لهما بالتحدث بحكم جيرتهما وصداقة عائلتهما معا.
وقفت شمس بجانب والدها تطالع سليم ذاك الشاب الذي يرهق قلبها بحبه فقد قاومت وسامته التي جذبت أنظارها وأنظار فتيات الحي جميعا فتى أحلامهن الذي تتوفر به كل الصفات بداية من ملامحه الرجولية الخشنة وطوله الفارع وتناسق جسده .. ناهيك عن سيارته الفارهه وامتلاكه لمحلات الذهب والمجوهرات..فكانت أحلامهن تافه بقدر عمرهمن الصغير..ولكن هي كانت في عالم آخر عالم تذوقت به حلاوة الحب لأول مرة.
كانت أحيانا تقاوم وأخرى تستلم وقعت في حيرة الحب لاعتقادها أن مشاعر الاعجاب من ناحيتها فقط بسبب اصطدامها الدائم بمعاملته الجافه معها خصيصا وعقب كل لقاء تنخرط في بكاء حار عما أوقعت نفسها به كانت شبه ضائعة شاردة تجاهد التحكم بنبضات فؤادها أمامه.
ارتعشت شفتاها بخجل وندمت على موافقتها للمجئ إليه كي تقتني هدية لها من إحدى محلاته لأعجابها بذوقه الفريد.
انتبهت شمس لصوت والدها وهو يقدم لها بضع الخواتم الرقيقة
طالعت والدها بحب وهي تقول بصوت ناعم ورقيق
اختار معايا.
صمتا ثوان بينما عيونهما كانت تتجول فوق الخواتم في سرعة افتقدا كلا منهما التركيز بسبب رنين هاتف والدها وإخبار أحد العمال بحاجتهم لحضوره الفوري..فقال وهو يغلق الهاتف
هروح بسرعة اشوف في إيه في المحل وأنتي اقعدي هنا مع سليم..
ثم توجه بحديثه لسليم الجالس خلف مكتبه يطالعهما في صمت
ساعدها يا سليم لغاية ما أجاي.
وقبل أن تبدي اعتراضا غادر والدها وتركها مع ممن كانت تتجنب النظر إليه كي لا يقرأ الغرام بعينيها فتعلق بصرها بالخواتم والرؤية أمامها مشوشه لدرجة أنها افتقدت حاسه السمع وبالتالي لم تستمع لبضع كلماته فقالت ببلاهة
ها.. بتقول إيه!.
رمقها بابتسامة ساخرة وجذابه في آن واحد مردفا بصوت رخيم
مبروك.
أسبلت أهدابها لتقول بخجل اكتسح ملامحها وأكسب وجنتيها حمرة لطيفة
الله يبارك فيك.
هبطت ببصرها نحو يده التي كانت تحرك قلمه بعشوائية فوق مكتبه الزجاجي.
ناويه على كلية إيه.
تحمست بحماقه قائلة
فنون جميلة طبعا أنت تعرف انا ذاكرت قد إيه علشان اقدر ادخلها.
قابل حماسها بنظرة جامدة يشوبها الامبالاة
كل الكليات زي بعض مش فارقه كتير.
لم شعرت وكأنه يريد التقليل من سعادتها ونجاحها وكأنها شخصية تافهه تفرح لأمرا لا يستحق وفي ظل صمتها نهض سليم ثم تقدم منها جالسا فوق الكرسي المقابل لها.
قبل ما افتح عم جمال في الكلام اللي هقوله لازم اتكلم معاكي.
لوهلة شعرت بالتخبط والآلاما تغزو معدتها من جديته المفرطه في الحديث وكأنها اقدمت على خطأ هي لا تعلمه فلم تصدر أي رد فعل بينما هو ألقى ما في جبعته واحتفظ به طوال ثلاث سنوات.
عايز اتجوزك.
عقدت حاجبيها لثوان ثم عبست بملامحها ثوان أخرى وعقب اضطراب انفعالاتها ابتسمت بخجل وهي تشير نحوها برقة
تتجوزني أنا.
هز رأسه مجيبا
اممم عندك اعتراض!.
أنهى كلامه بنبرة ساخرة لم تعجبها فقالت بضيق طفيف
انت بتكلمني كده ليه ده جواز على فكرة.
اقترب بجسده منها قائلا بخفوت فاجأها بل انتفضت خلايا قلبها عقب تصريحه المدمر لعقلها الذي توقف مشدوها للحظات
وعلشان هو جواز باخد رأيك ماليش في الذواق والكلام الحلو حبيتك وعجبتيني وعلشان أنا راجل دوغري ماليش في العك والكلام الفارغ اللي بيحصل بين الشباب عايز اتجوزك.
رمشت بأهدابها عدة مرات وهي تتهكم
ده أسوء عرض جواز شوفته في حياتي.
ده العرض الوحيد اللي ممكن يجيلك مني.
طال صمتها وهي تحدق به تحاول البحث داخل عينيه الغامضة عن شعاع حبه فحديثه الجاد الخالي من المشاعر والأحاسيس جعلها تشعر كأنها صفقة ذهب ربما كان ينقصه دفء حار لتعبير عنه.
كتمت توترها الزائد وجاهدت إخفاء نظرة الاعجاب به بينما أصابعها ارتفعت لحجابها تحاول تثبيته وكأنها تتشبث بيه أثناء حديثها المهزوز اثر نظراته المثبته عليها
يعني...آآ...أنا ناويه اكمل تعليمي الاول.
قاطعها وهو يضع ساقا فوق الأخرى مردفا بغموض اثار ريبتها
مفيش مشكلة كملي في بيتي ومعايا.
هتفتت بتلعثم طفيف
بس.. أنا... حاسه ان مش...هقدر.
تقدري إيه.
قالها في جمود وحدة فصمتت تحاول اختيار افضل الالفاظ لباقه ولكنه فاجأها حينما قال
مش موافقه عليا!
واحتدت نظراته عقب حديثه فاردفت كالحمقاء وهي تحرك رأسها في نفي تحاول ابعاد تلك الفكرة عن ذهنه.
لا..طبعا...
ابتلعت باقي حروفها خجلا وتوقف عقلها عن العمل حينما نهض ينحني نحوها في تمهل تفرست في ملامحه عن قرب بداية من شعره الأسود الغزير وعيناه ذات العشب الصافي فأصبحت دقات قلبها فوضوية أغلقت عيناها تحارب مشاعرها المنبثقة نحوه وكأن أنفاسه الساخنه التي كانت تلفح وجهها بمثابة المجراف لثباتها أمامه ولو انتظر ثانية واحده لاعترفت بحبه كالتي وقع عليها تعويذة سحرية.
تشربي عصير إيه.
صمتت لثوان عديدة كانت تبحر في عالم خاص مع أحلامها الوردية التي باتت تتجسد أمامها دون أي عناء منها حتى أن نغمة صوته المميزة تداعب أذنها وكأنها تستمع لترنيمة لا مثيل لها فتمايلت برأسها يمنيا قليلا وتنهيدات خاڤتة متتابعه تلاحق بعضها تخرج منها عقب إصراره لنطق حروف اسمها..
شمس.
فتحت عيناها تطالعه في هيام
ها..
ابتسامته الساخرة اخرجتها من عمق أحلامها واستكانتها فقالت برقة ممزوجة بالخجل
بتقول ايه!.
تشربي عصير إيه!.
مانجه.
خرجت من شرودها وبحر ذكرياتهما معا على كوب المانجه الموضوع بين يدها وصوته الساخر يتردد في أذنها
اشربي المانجه يا شمس علشان تفوقي.
تنحنحت