الجمعة 27 ديسمبر 2024

رواية سليم بارت 4

انت في الصفحة 3 من 4 صفحات

موقع أيام نيوز

فكانت كل آماله أن يستفيق والده باقصى سرعة ويصبح بحالة جيدة.
لمعت عيونه بدموع حزينة بعدما شعر بكم الآسى الذي تعانيه والدته وهي تنتظر شفاء والده تنهد بعمق متمنيا أن تزول تلك الغمه سريعا دون الدخول في اوجاع كبرى هو لن يكون قادرا على مواجهتها..
رن جواله فانتبه له وأجاب على الفور
الو.
انت جنحت يا سليم وجبت ٩٢٪.
تهلهلت اسارير سليم وردد خلفه بعدم تصديق
بجد أنا نجحت.
اخيرا يا سليم خلصنا وهندخل كلية الشرطة.
اتسعت ابتسامته قائلا
الحمد لله هقفل معاك دلوقتي.
أغلق سليم هاتفه الصغير والټفت لوالدته يخبرها في سعادة بالغة
ماما أنا نجحت وجبت ٩٢.
مسحت والدته دمعه حزينة هبطت من عينيها والټفت تقول له في لامبالاة جعلته مصډوما
ماشي.
عقد ما بين حاجبيه في عدم فهم لرد والدته الخالي من أي معالم للفرحة
هو أنتي مش مبسوطه كنتي عايزني اجيب مجموع اكبر بس انتي عارفة أنا نفسي ادخل شرطة والمجموع ده هيدخلني.
انا ولا مبسوطه ولا زعلانه أنا مش فايقلك ولا فاضية للكلام الفارغ ده.
ابتلع ريقه مرددا بهمس
نجاحي بقا كلام فارغ.
حركت والدته رأسها في تنعت وبدأت تلقي بكلماتها الموجعه دون انتباه لم يعانيه هو من تخبط اثر ما تلفظه.
انت في ايه ولا ايه ابوك تعبان يا سليم وكمان افلس يعني مبقاش معانا فلوس وانت سعيد وفرحان يا خيبتي في ابني الكبير.
أنا زعلان علشان خاطر بابا وانا واثق في ربنا انه هيكون كويس ولما يقوم بالسلامة هيفرح بيا علشان قدرت احقق حلمي.
قال سليم حديثه ببسمة امل يتخللها الم ولكن والدته كانت مصرة على جذبه نحو بقعة لا يعلم دواخلها سوى أنها عالم يجهله فقالت
كل اللي انت بتقوله مش هيفرق قد ما يفرق ان ابني الكبير يشوف مصالح ابوه وينقذنا من الوضع اللي احنا فيه.
اشار على نفسه مجيبا ببلاهة
أنا اشوف مصالح بابا.
هتفت والدته بعناد
ايوا أنت مالك في ايه صغير أنت عندك ١٨ سنة تقدر تمسك محلات ابوك.
جلس سليم پصدمة هامسا
همسك محلات بابا اللي على وشك الافلاس.
اقتربت والدته وجلست أمامه وهي تخبره بجمود لأول مرة يقرأه بعينيها لطالما كانت مصدر الحنان والامان لديه.
 ابوك مكنش بيحكي ايه اللي بيحصله في شغله وكلنا اتفاجئنا من خبر افلاسه بس الحمد لله أنا عندي حته ارض هتجيب سعر كويس وشوية مجوهرات ودهب هيعملوا مع الارض مبلغ حلو عمك جمال صاحب ابوك هيساعدك في الادارة وهيفهمك اصول الشغلانه وتقدر...
انتفض سليم كمن لدغته حيه قائلا
أنا عايز اكون ظابط بيعهم ونصرف منهم لغاية ما اتخرج انا..
قبضت والدته فوق يده پعنف قائلة پغضب
أنا لسه هستنى لما تتخرج أنت تنسى حكاية انك تكون ظابط دي انت من بكرة هتمسك شغل ابوك مش عايزة اشوف وشك في المستشفى.
بكى سليم پقهر مردفا بصوت مرتجف
انتي ليه بتعملي معايا كده أنت اتغيرتي اوي يا امي.
منعت نفسها من البكاء بصعوبة وقالت بصوت مبحوح يشوبه الحزن
اللي شوفته من وقت ما ابوك دخل المستشفى خلاني كده الفلوس مسيرها تخلص هنمد ايدنا للناس ياسليم نشحت ولا انزل اخدم في البيوت طب واخواتك زيدان ويزن اللي لسه في مدارسهم اصرف عليهم منين.
نكس رأسه في صمت واطلق العنان لدموعه بينما كان يحاول كتم شهقاته بداخله ومازالت والدته تردد كلماتها دون انقطاع دون شعور بما يمر به هو لا يجيد الاختيار لا يجيد افضل الحلول سوى ان الرضوخ لحديث والدته هو الحل الانسب لمشاكلهم ولكن طموحه وامنيته الوحيدة اليس لها جانب لا يوجد بصيص من النور أمامه بل حل الظلام باوجاعه..
أنا املي فيك كبير انا عايزة اتسند عليك لو فاكر ان ابوك بعد ما ربنا يشفيه هيقدر ينزل شغله تاني تبقى غلطان ابوك وقع الوقعه دي وخبى علينا علشان بس اسم عيلة الشعراوى ميتهزش قدام تجار الدهب واللي زاد وغطى عمتك باللي عملته معاه مرحمتش ولا سابته يشوف حل زي ما تكون كانت مستنيه يحصل فيه كده.
صمتت لحظات تجذب انفاس اخرى كي تستكمل باقي حديثها الذي أجلته لايام خوفا من مواجهة صغيرها ولكن ما باليد حيلة ستبحث بكل قوتها عن سبيل للحياة أفضل حتى لو كان عن طريق هدم آمال ولدها ولو كان ذلك يندرج تحت بند الانانية ليكن لكن الصعاب التي ستواجهها فيما بعد ستكون اعور واشد مما هو عليه الآن.
مسحت دموعها المنسابه فوق وجهها وتحلت بالجمود والقسۏة الزائفة كي تنقذ مستقبل عائلتها
سليم أنت دلوقتي مكان ابوك عايزك تفوق لشغله وتهتم به حط هدف قدامك ترجع اسم ابوك تاني اخواتك دول اعتبرهم عيالك هتتخلى عنهم!
سألت وتركت الاجابة في ملعبه فهز رأسه رافضا فكرة التخلي عنهما فتشجعت قائلة بحماس
يبقى من بكرة تنزل شغلك ده دلوقتي شغلك مش شغل ابوك..
رفع رأسه وعيناه تنطلق منها الحيرة والعجز وبصوت خاڤت ضعيف سألها
طيب هقدم في كلية إيه
نهضت والدته بعيدا عنه وتوجهت صوب غرفة والده مدت يدها تفتح الباب وقبل أن تدخل فجرت مفاجأتها له
أنت مش هتكمل تعليمك مفيش كليات الكلية هتشغلك عن شغلك من بكرة يا سليم تروح المحل الكبير ومش عايزة اشوف وشك تنام هناك تركيزك كله يبقا في الشغل وبس.
القت بكلماتها القاسېة في حقه ثم دخلت في هدوء ينافي عاصفته الغاضبة والمتمردة عما تقوله لم يحدث معه هكذا لقد رجت مشاعره في غربال لا يعرف الرأفة بما يعانيه حتى أن تسربت الحياة من اوردته وډفن شغفه وانبثقت حياة مظلمة فرضت عليه قسرا.
                                
عاد سليم على صوت العامل وهو يضع القهوة أمامه فتمسك بجموده الظاهري مازالت اثار تلك اللحظة تحفر في صدره وكأن الزمن سيمر وهي لن تزول بل ستبقى تذكره كم كانت والدته قاسېة عليه لقد ظن أن القصة ستنتهى عند هذا الحد ولكن العقبات كانت تأخذ من روحه تدريجيا فاقدا الأمل بهم وبه وحياته بأكملها.
انتبه على صوت مساعده وهو يقول في هدوء ممزوج بالضيق
سمير بيه ابن عمتك بيركن العربية بره وداخل.
رفع سليم عيناه وطالعه في صمت قاټل متفهما نظرات الكره الذي يكنها جميع العمال بالمحل لسمير ووالده فقال بابتسامة يتخللها التهكم
يتفضل جاي لقضاه.
دخل سمير بابتسامته المستفزة يبحث عن ابن خاله الذي ينبض له قلبه بالكره الشديد لطالما كان يبغضه ناقما على وسامته وذكائه رغم أن سليم لم يكمل تعليمه الا انه الاذكى والاقوى والاجدر بقيادة اسم الشعراوي في سوق الذهب والمجوهرات رغم انتكاسه خاله لعام كامل.
والله يابن خالي لما بشوفك منور المحل كده بفرح ليكوا.
رفع سليم فنجان القهوة وارتشف منه القليل مجيبا في استفزاز
انهي محل بالظبط المحلات كتير يا سمير.
مط سمير شفتيه ساخرا
وانت من كترهم بتنسى!.
ربنا يخلي الحج عملنا اللي غيره ميقدرش يعمله بس إيه اللي فكرك بينا!
تسأل سليم في وجوم فرد سمير ببرود
عادي قولت اجاي اسال عليكوا واطمن على الباشا زيدان..
هز سليم رأسه عدة مرات ضاحكا بسخرية
الباشا زيدان كويس الحمد

انت في الصفحة 3 من 4 صفحات