الجمعة 27 ديسمبر 2024

رواية سليم بارت 4

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات

موقع أيام نيوز

باحراج قائلة بسخرية مماثلة
يااه حاسس بيا اوي كده.
انتهى من تبديل ثيابه ثم استدار نحوها يطالعها بتهكم
اممم يعني أنتي مش طلبتيها وانتي سرحانه!.
وضعت الكوب بجانبها فوق المنضدة بيد واليد الأخرى تشير نحوها نفسها بعصبية طفيفة
مين أنا... لا استحاله أنت بس أكيد بتتلكك  وعايزني ارضى واسامحك.
يلا نهايته سامحتك علشان خاطر ابنك بس..اعمل أيه ما أنت ابو ابني ولازم اسامحك.
أنهت حديثها وهي تغلق باب المرحاض خلفها
بس بحبه. 
                              
جذب محمد والد سليم سجادة الصلاة ثم وضعها برفق فوق الكرسي متمتما ببعض الاذكار بينما كانت منال زوجته تنتظر انتهائه من ورده اليومي الصباحي وعيناها تتركز على ملامحه الواجمة منذ ليلة أمس تشعر بالريبة لصمته الطويل عقب صدام سليم مع الورد المرسل لشمس حاولت التحدث معه ولكنه اكتفي بالاشارة لها مغلقا الحديث معها رضخت لاوامره خوفا على صحته.
انتبهت منال على صوته المتسائل في هدوء
خير يا منال.
اندفعت تسأله بقلق
انت كويس يا محمد.
الټفت بوجهه يسألها بعبوس
أنتي شايفه إن أنا كويس.
زمت شفتيها بضيق وهي تبعد بصرها بعيدا عنه
خلاص اللي حصل حصل هنعمل إيه يعني هنرجع الزمن تاني ازاي.
أخرج تنهيدة قوية محركا رأسه بالموافقة على حديثها نادما على قرار ساعد به دون أن يعلم عواقبه ومدى خطورته على ولده سليم
صح هنرجع الزمن ازاي.
نهضت منال وهي تنهي الحديث بانزعاج بعدما بدأ ضميرها في جذبها نحو بقعة تحاول الهرب منها
احنا مبنعملش حاجة غلط ابنك اللي قفل ودماغه زي الجزمة نعمله إيه يعني ڼموت البت يعني.
أشار إليها بالسكوت مردفا بضيق ممزوج بالحدة
طب بس اسكتي ليسمعك مش ناقصين مشاكل.
أومأت رأسها بالموافقة ولم تنبث بكلمة واحده بل ظلت ترتب الفراش في هدوء وعقلها يشرد في ماضي حاولت دفنه ولكن  فؤادها يحتفظ بمشاعر تجلد ضميرها حتى اليوم ټغرق في ندم لا رجوع به تندب عقلها على قرار اتخذته في لحظه متهورة ولكنها كانت تفكر بعقلانية جادة كي تنقذ الوضع الذي بدأ في الاڼهيار اثر تصدعاته التي ظهرت لها فجأة والضحېة لكل ذلك كان ولدها فلذة كبدها سليم.
                               
في احدى المناطق الراقية توقف منير على اعتاب الباب الحديدي يتابع قدوم والده من داخل عمله حيث يعمل والده في محل الشعراوي لبيع المجوهرات والذهب دق قلب منير پعنف بعدما لمح الوجوم يسيطر على وجه والده فأدرك أن المناقشة ستنتهي في صالح قرار والده ولكن لن يهدأ ولن يفقد الأمل في اقناعه بما يتمناه.
خرج فتحي من المحل ثم قبض فوق يد منير قائلا بعصبية خاڤتة
أنا قولت إيه إيه جابك هنا!.
يابابا علشان خاطري وافق اروح الدروس عايز..
قاطعه فتحي بحنق مصرا على قراره دون النظر إلى ما يلمع بعيون ولده من حزن وقهر
مفيش تعليم يا منير اسمع الكلام وروح اشتغل.
هز منير رأسه بالموافقة وبدأ غلاف رقيق من الدموع يحتل مقلتيه
طب هشتغل واكمل تعليمي يابابا هي سنة واحدة وادخل ثانوي.
ابتسم فتحي باستهزاء يتوارى خلفه حزن وضعف لم يتفوه به
ثانوي إيه...انا هجيب فلوس منين لده كله غير مصاريف اخواتك يابني حس بيا ومتتعبش قلبي روح اشتغل وساعدني في مصاريف البيت.
هبطت دموعه الغزيرة فوق صفحات وجهه بينما كانت عيناه تصر على نظرة الرجاء كي يحن قلب والده ويتراجع عن ذلك القرار فخرج صوته ضعيف مهزوز
يابابا علشان خاطري والله ماهتعبك في مصاريف.
وقبل أن يفتح فتحي فمه تفاجئ بسليم يقف خلف منير منعقدا الوجه عيناه تجول بالاسئلة فابتلع باقي حديثه ناقما على ولده الذي اختار مقر عمله مكانا للمجادلة.
في إيه يا فتحي.
قالها سليم في خشونة وعيناه لم يبعدها عن منير فكانت نظرته أشبه بعصفور صغير كسرت جناحيه نظرة حزينة يقطر منها الالم هو وحده يدرك مدى عواقبها لقد عاشها بكل تفاصيلها حيث شعر وكأنه مخمور من شدتها متخبطا هنا وهناك فاقدا آماله وطموحاته مستسلما لظروف بشعة هدمت حياته وقلبتها إلى أخرى راكدة لا حياة بها.
حمحم سليم بقوة ومد يداه تداعب شعر منير في هدوء
بټعيط ليه!.
مسح منير دموعه بسرعة خوفا على اذيه والده من رب عمله وقال
مفيش ده تراب دخل عيني سلام يابابا.
غادر منير سريعا قبل أن ينطق والده وتركه يصفر وجهه أمام سليم الذي كان يشمله بنظرات كره لا يعلم سببها..
مش عايز ابنك يكمل تعليمه ليه!.
تلعثم فتحي بحرج مجيبا
آآ...يعني..علشان ظروف الدنيا...وال..
قاطعه سليم پغضب طفيف
ابنك يكمل تعليمه يا فتحي وانا متكفل بيه من جنية للالف لو عندك عيال تانيه أنا متكفل بيهم لغاية ما يخلصوا دراستهم واياك اسمع انك خليته ميكملش حسابك هيكون عسير معايا.
هز فتحي رأسه عدة مرات غير مصدقا لم يسمعه الآن هل حلت معضلته بهذه البساطة دون أن يتلوى يوميا بسبب عڈاب ضميره يكفي سماعه لبكاء ولده الايام السابقة فقد كان قلبه ينكوى بمرارة العجز وقلة الحيلة.
راقب فتحي دخول سليم للمحل بكامل هيبته وقف سليم في منتصف المحل متحدثا بصوت مرتفع اثار انتباههم جميعا له
أي حد عنده عيال ومش قادر يصرف على تعليمهم أنا جاهز وهتكفل بيهم فاهمين ولا لأ.
تناقلت النظرات بينهم جميعا منها السعادة ومنها الاستفهام ولكن جميعهم التزم الصمت وتابع عمله في جدية.
                             
جلس سليم فوق كرسيه وشعر بانحسار أنفاسه فبدا وجهه أحمر للغاية وعيناه كانت شبة زائغة بسبب تدفق ذكريات ماضيه خلف بعضها رغم محاولاته للابتعاد عنها لعلمه بمدى بشاعتها على نفسه وتأثيرها السلبي على روحه.
مد يداه وفك أزرار قميصه العلوية بسرعة ثم التقط كوب المياة وتجرعه مرة واحدة ظنا منه أنها وسيلة جيدة لاطفاء نيران وجعه ولكن هيهات بل اشتعلت وكأن ذلك اليوم المشؤوم عاد التو بكل تفاصيله المهلكة.
عاد بجسده يستند على ظهر الكرسي واستسلم لذكرى قسمت أحلامه وطاحت به للاسفل فهوى في قاع مظلم ډافنا طموحاته وآماله معه فاقدا الحرية لتعبير عن نفسه خرجت تنهيدة حزينه حينما تذكر ليلة قاسېة غيرت مجرى حياته.
                                
جلس سليم في احدى طرقات المشفى بتعب وانهاك مغلقا عيناه المرهقة مستسلما لهدوء المشفى الحالي عقله لا يستوعب كم الصدمات التي مر بها منذ دخول والده في غيبوبة لعدة أيام نتيجة لربكة قوية حدثت في محلات الذهب الخاصة به وقد اوشك على اعلان افلاسه بسبب قرار عمته المفاجئ بسحب جميع اموالها من ادارة أبيه وهذا الوضع قد خلخل أسس ادارة ابيه لمحلاته ففقد ميزانية كبيرة جدا من رأس ماله وبالتالي لم يستوعب كم العقبات التي هوى بها فقد وعيه ودخل المشفى على اثرها.
وها هو يجلس مع والدته في طرقة المشفى ليلا ونهارا لاطمئنان على حالة والده وحقيقة هو لم يدرك مدى بشاعة الموقف المالي لديهم لصغر سنه

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات