السبت 28 ديسمبر 2024

رواية سليم 17

انت في الصفحة 1 من 4 صفحات

موقع أيام نيوز

الفصل السابع عشر.
وصل سليم إلى المكتبة التي تعمل بها شمس توقف على أعتابها باحثا عنها بعينيه القاتمة والتي ازدادت ظلام بعدما علم بعملها لم يتوقع سرعتها في التخلي عنه ورسم حياة جديدة لها وكأنه كان يفرض حصاره عليها قسرا فبدت وكأنها عصفور انتظر سراح مالكه ليتمرد بعيدا عنه بعدما سجنه في قفص من الحديد لأعوام.

اهتاجت مشاعره وهو يراقبها تضحك مع رجلا غريب عنها واندلعت نيران الغيرة تزجه في قوقعة سوداء تعصف بروحه الشاردة بها لهذا السبب كان يفرض حصونه المنيعة حولها فهو غير مسوؤل عن افعال قد تدفعه للجنون والسقوط في هاوية غيرته.
اقترب أكثر بخطوات بطيئة هادئة تنافي اشتعال صدره وهياج مشاعره واضطرابها اللحظي ما بين الاشتياق والغيرة والڠضب..فاستمع لحديثهما الخاڤت حيث كانت شمس تقف ونصف ظهرها موالي له.
هايل يا شمس اتعلمتي بسرعة اوي هقول للحاج كلام حلو عنك.
همست بصوتها الرقيق له تشكره
ربنا يخليك يا أستاذ طه.
لا أنا مبحبش القاب بيني وبين اللي بيشتغلوا معانا..قولي يا طه وبس.
وعند هذا الحد ارتفعت أنفاس سليم پغضب جامح واشتعلت النيران بصدره فبدا وكأنه وحش ضاري سيقتلع رؤوسهم.
لمح طه..رجلا يقف في منتصف المكتبة مثبتا بصره عليهما بطريقة لم تعجبه فقال لشمس ملوحا برأسه اتجاه سليم
في زبون شوفيه.
التفتت شمس بابتسامة واسعة اختفت فجأة حينما وقعت عيناها عليه لا شك أن الخۏف داهم قلبها حينما رأت نظراته الداكنة ولكن تشبثت بتماسكها وقرارتها المنيعة ضد وهج عينيه المخيف.
حضرتك عايز حاجة معينه.
خرجت نبرتها مرتجفة بعض الشيء رغم محاولاتها المستيمته في ابقائها ثابتة ساد الصمت بينهما للحظات كانت فيها لغة العيون تسيطر على ساحة مشاعرهما المتقابلة في حرب لأول مرة بينهما.
وأخيرا قطع صمته بنبرة خشنة خرجت من جوفة الملتهب
يلا.
نعم!.
رغم أنها تفهم قصده إلا أنها اصطنعت عدم الفهم وأصرت على برودها الذي كان الشرارة التي فجرت غضبه الدفين.
بقولك يلا من هنا.
كانت نبرته هادرة تعنفها بقسۏة طالما كانت تخشها وتخشى النظر إليه وهو في حالته الشرسة تلك.
تدخل طه بعد صمت طويل منه يتابع حديثهما الغامض فلم يعجبه ذلك الرجل أبدا منذ دخوله للمكتبة بهيبة اخافته قليلا.
مين ده يا شمس..تعرفيه.
وقبل أن تجيب كان هو يتحدث بتحذير قاس
مدام شمس..متتعداش حدودك أحسنلك.
حتى وهما مطلقان يتحدث بتملك وعنجهية اغاظتها بشدة فبدلا من أن يكون هادئا يطلب السماح منها عما بدر منه يقف كعادته بغضبه وقسوته يفجرهما دون أدنى اهتمام لمشاعرها.
نطقت شمس أخيرا بضيق حاد
لو سمحت اخرج من هنا..ده مكان أكل عيشي.
نعم!.
قالها سليم في اعتراض تام مستنكرا قولها
أكل عيشك..انتي واعية اللي بتقوليه.
هزت رأسها بعناد وهي تركز ببصرها عليه دون خشية منه
اه أنا بشتغل هنا.
بتشتغلي بياعة..مرات سليم الشعراوي بتشتغل بياعة.
أنهى حديثه بشرارات مخيفة فالتفتت برأسها يمينا ويسارا بسخرية جمة منه
هي فين مراتك دي باين اتلخبطت في العنوان.
لم يعجبه طريقتها الساخرة فاشعلت عيناه بجهنم لن تنطفأ نيرانها إلا اذا عادت لطبيعتها الخاضعة كما كانت من قبل.
قبض فوق مرفقها رغم الطاولة الزجاجية الكبيرة التي كانت تفصلهما يجذبها عليه پعنف
يلا أحسنلك.
منعه طه وملامحه تتجهم
في إيه يا جدع أنت..ما تهدا كده أصل اطلبلك الشرطة.
اغمض سليم عيناه محاولا لجم غضبه ولكنه فشل في ذلك محولا بصره نحوه هاتفا بهسيس كالافاعي
تطلبلي إيه!
كرر طه بشجاعة غير مدركا أنه كان يلاعب وحشا فك قيوده الآن
الشرطة.
انقض سليم بشراسة عليه يتفث به ڠضبا بهجوم عڼيف حاول طه الدافع عن نفسه ضد ذلك الثور الذي يلكمه بلا رحمة في جميع جسده انطلقت صراخات شمس تعيد سليم بها للواقع..بعدما غاب بعقله وډفن نفسه في چحيم غضبه.
ابتعد سليم بعد لحظات بعدما خارت قوى طه أمامه..هاتفا من بين أنفاسه المتقطعة برجاء
ھموت يخربيتك ابعد.
فرك وجهه بيده عدة مرات بعدما انهمك جسده في شجار كان هو الاقوى به طالع هيئة طه المزرية بسخرية
علشان يبقى ليك حق وأنت بتطلب الشرطة.
عاد سليم والټفت لشمس التي كانت تنزوي في أحد أركان المكتبة تتابع بړعب ما يحدث ولوهلة شعرت بأن العراك التالي سينصب عليها وبالطبع هي لا تملك القوة حتى تدافع عن نفسها..رغم أنها تعلم أنه لا ينفث غضبه عليها أبدا بطريقة عڼيفة ولكن مظهره المخيف أقلقها بشدة..فسارت معه حينما قبض عليها يجرها خلفه.
اختارت النظر إلى طه بنظرات آسفة قبل أن تختفي بجسدها في سيارة سليم منطلقا بها في طرق اسكندرية..والتي برغم هوائها المنعش إلا أنه كان كالعاصفة يضرب جسدها كي تستفيق من غفوتها الخائڤة وهي بين يديه.

خرج سيف من غرفة الطبيب وهو يفرك جانبي رأسه پألم فاندفعت فاطمة نحوه تسأله بقلق
خير..في حاجة محدش راضي يطمنا.
جلس سيف على الكرسي بعد اجهاد طال جسده حينما وقعت الصدمة عليه وأصابته بشلل لحظي حينما رآها على هذا النحو ورغم استغراقه لثوان كي يترجم ما حدث لها إلا أنه منع الرجال من حملها بشراسة جعلتهم يتعجبوا لأمره الغريب وأصر على حملها راكضا بها للمشفى فبدا خوفه عليها كخوف أب كاد أن يفقد ابنته المحببه له.
يا سيف قالك إيه!!.
كررت فاطمة حديثها مجددا بنفاذ صبر فخرجت نبرته مرهقة للغاية
كويسة بس هتفوق من الادوية كمان شوية.
طيب حلو روح أنت..وانا هقعد معاها هنا.
رمقها بانزعاج بات واضحا على ملامحه رافضا التخلي عنها فلن يهدأ قلبه من نبضاته الخائڤة إلا أن أفاقت ورآها بصحة جيدة أصر على رفضه لحديثها وامرها بالعودة للمنزل متحججا بأنه يتطلب وجود رجلا فغادرت تنفيذا لآمره..
وفور مغادرتها اندفع سيف نحو الردهة الطويلة يختصر المسافات بسرعة كي يطمئن عليها بعدما سيطر على نفسه والتزم الهدوء كي لا يدخل مع أهل الحارة وخاصة النساء كي يطمئن عليها لقد سنحت له الفرصة أخيرا بعد عناء يجاهد به الوقت البطيء.
دخل الغرفة وقلبه ينتفض پألم لم حدث لها وبدأ في جلد ذاته فهو السبب في ذلك لولا تأخره في اتخاذ قرار صحيح بعلاقتهما ما كان حدث لها ذلك لكانت بحمايته الآن لا يقدر أحدا على أذيتها.
اقترب من السرير الراقده عليه تغفو اثر الادوية والمحاليل المثبته بيدها طالع شحوب وجهها بحزن مزق قلبه النابض في كل دقيقة لها لا يعلم لم تعلق فؤاده بها رغم اختلافهما ولكن للقدر أسباب يجهلها..فالحب ليس عليه سلطان والقلب ما يهوى ويريده حتى وإن كانت متمردة عنيدة تخالف قواعده وأوامره دوما.
ابتسم بحب متمنيا أن تستفيق كي تعود وتعانده بملامحها الشرسة التي كانت تنتفض هجوما عليه وكأنه يريد اقتناص شيئا منها...وهو لا يعلم أنها كانت دوما تحافظ على قلبها من السقوط في حبه لأنها كانت تعلم أن بداية طريق الحب هو التنازلات عن أحلامها التي كانت تسعى إليها كي تخرج من تلك الحارة وذلك الوسط الذي لم يعجبها أبدا.
تنهد سيف وجذب كرسي وجلس بالقرب منها منتظرا إفاقتها بفارغ الصبر فيبدو أن اذنيه تطالب بحقها في الاستماع لنغمة صوتها المميزة ولن تهدأ عن ثورتها إلا أن أفاقت تلك الساحرة

انت في الصفحة 1 من 4 صفحات