الفصل العشرون
ليت العمر لحظة فأقدمها لك لتبقى وليت اللحظة عمرا فأقضيه معك ونرحل
نهرتني صديقة ذات مرة لأتوقف عن تذكر مخاۏفي وإعادة طرحها بعقلي عند ترددي ولكني سألتها أللخوف حد علمت إجابتها من تراقص قدحتيها وتأكدت حينها أن خائڤة مثلي من مواجهة هواجسها التي تعسر نومها وهي ذاتها الحاجز الوحيد الذي يفصلها عن السلام والسکينة التي تفتقدها....
بقت لعدة لحظات تناظره بعينين متوسلتين الكذب والرجاء تصلبت قدميها وكذلك عينيها الميتتين! لا تعلم ما أصاب جسدها عند رؤيته! فقد أعاد عقلها تضاعف آلالامه بالأيام الماضية وكثرة تقيؤه وضعف جسده العام والهزال الواضح عليه! جف حلقها عندما انبثقت فكرة أن تلك النهاية! أحقا! أحقا ختمت قصتهم من قبل البداية! بصعوبة أرغمت جسدها على السير نحوه والجلوس أمامه رافعة يديها المرتجفتين تحتضن وجهه پخوف بحثت بهلع عن مصدر تدفق تلك الډماء التي غطت أرضية المرحاض من حولهم ولكنها لم تنتبه لذلك السائل اللزج الذي يحتضن كفيها الملامسين لمؤخرة رأسه!! بلحظات الخۏف يتوقف العقل عن العمل وتتصلب الأعصاب كافة عاجزة عن تصديق الحقيقة الملموسة سواء كانت النتيجة سلبية أم لا! هي حتى لم تتحسس عنقه لتعلم أكان يتنفس بعد أم لا! ابتعدت عنه تبحث عن هاتفها باڼهيار ودموعها تأبي التوقف وبصعوبة من بين غشاوة عينيها وصلت لرقم صديقتها!! وضعت الهاتف عن أذنها بارتجاف ولم تستمع للكلمات الأخرى بل همست بضعف وصوت بح من الألم
_ ألحقيني براء بېموت...
هكذا فقط! ألقت الهاتف وهرولت مسرعة جالسة أمامه محتضنة رأسه لصدرها ولبها المتعب شل من كثرة محاولاته ليواكب كل تلك المصائب والاختبارات التي تهطل عليه!! لا تعرف كم مضى من الوقت عليها جالسة بلا روح تناشد كيانها الغافي تهمس له من بين دموعها بمدى حبها واحتياجها له! لا تعرف ماذا يتوجب عليها أن تفعل ولكنها تعرف فقط أنها لن تبارحه! استمعت لطرق الباب فهرولت مسرعة لصديقتها وما إن رأتها وخلفها ثائر حتى جذبتها للداخل ليروا زوجها!!
أحكمت الغطاء حول شقيقتها الغافية بحب وعادت بذاكرتها لنظرتها التي حجبها عنها طوال الليلة وتهربه الذي بات واضحا للجميع! لن تلومه فهو يساعدها وظنت أن ذلك أفضل ولكنها تشتاقه ومتلهفة لسماع صوته! لم ينتظر لها الليلة سوى مرة واحدة عندما كانت تبكي بسعادته لرفيقتها ولا تعلم ماهية تلك النظرة أكان يطمئنها أم يلومها أم أنه يشتاقها! انتبهت لصوت رنين هاتفها الذي أضاء باسم ورده فتلقته بتعجب وخوف نوبة من الهلع اقتحمتها هي الأخرى لمجرد سماع صوتها الباكي وحجم فزعها! أغلقت الهاتف معها وكل ما جال بخاطرها هو! نظرت للساعة التي تعدت منتصف الليل ومن الصعب خروجها بمفردها ولم تجد مفر غير محادثته!! لم ترغب بالمزيد من الحرج والتوتر لذاتها فبعثت له برسالة تطلب رؤيته بأمر هام!!....
بعد أكثر من نصف ساعة رأت سيارته على مدخل حارتهم أسرعت بخطواتها حتى وصلت أمامه ولم تحتاج للشرح فملابسها الغير مرتبة وحركتها العشوائية نبأته بکاړثة واقعه! تنفس بقلق ولم يرفع عيناه بها وكاد أن يسألها عن وجهتهم ولكنها سبقته على عجل وارتباك
_ على بيت ورده وبراء... بسرعه يا ثائر
انصاع لطلبها بقلق رغم دهشته ولكنها إن لم ترغب بالحديث لن يجذبه منها! مضى الكثير من الوقت منذ سمع اسمه من شفتيها!...
غلف الصمت تلك اللحظات المشحونة بالتوتر والخۏف منها والقلق والعتاب منه! مهما تغاضى عن مشاعره لن يكبح ذاته عن المزيد! توقفت السيارة أمام بناية فاخرة ولم تنتظره