رواية هبة بارت 6
انت في الصفحة 1 من 4 صفحات
الفصل السادس
إلىَ أين بعد المفر منك؟!
لقلبي
وبعد هَجرك؟
لروحي
استندت بجسدها على أقرب مقعد طالته قدميها، مظهره والډماء تقطر من أنفه ووجهه الشاحب وشفتيه البَنفسجيتين جعلها ترتجف عند الاقتراب منه، للآن تشعر بألمٍ حادٍ بقلبها، حبست أنفاسها ودعت الله بنفسها، لقد مضى نصف ساعة منذ أن آتت به للمشفى واختفى خلف الغرفة الزجاجية، كانت تنوي صفعه ولكمه والصړاخ عليه وسؤاله عن أسباب غيابه ولكن بعدما رأت حالته باتت تريد فقط ضمھ والبقاء بين أحضانه!! اللعڼة على قلبها الذي تعلق به وأحبه، تنهدت بجزعٍ ونهضت تنوي الدلوف له ولكنها اصتدمت بالطبيب الخاص به، طغت اللهفة عليها وأردفت بقلق: براء عامل إيه يا دكتور
نظر لها الطبيب ببعض التوجس وتمتم: حضرتك مراته؟!
ابتلعت ريقها بتردد ورسمت بسمة زائفة وهمست: ايوا
هز الطبيب رأسه بموافقة وتحدث بجدية: إحنا عملنا ليه شوية فحوصات وتحاليل وهي هتبين لينا حالته بالظبط
هزت رأسها بخوفٍ وتمسكت بثوبها وتمتمت بتوجس: حضرتك شاكك في حاجه؟
تفحص الطبيب الأوراق التي بيديه بدقة ومن ثم رمقها بنظرة شاملة وهتف: ورم
غادر الطبيب وتركها تتخبط وتردد كلمته التي بصقها لتسقط بخواء روحها ورحل!!! من المؤكد أنه يمزح!! عن أي ورمٍ يتحدث!!! هل؟؟ هل براء يُعاني؟! هزت رأسها بسخرية وابتسمت بتهكم لحديث الطبيب الكاذب من وجهة نظرها!! وجلست بتحدي أمام غرفته تنتظر ظهور نتائج الفحوصات التي ستكون الضړبة القاضية لها.....
مضت الدقائق عليهم بطيئة، توقفت دقات الساعة عند تلك اللحظات التي اختلسوها من الزمن، هي بضعفها واحتياجها وهو بقوته ومساندته لها، تلك الضمة ما كانت تحتاجه فقط، رغبت بإلاحتواء منه، ببطءٍ رفعت رأسها من عنقه ونظرت له بطريقة لأول مرة يختبرها قلبه منها، نظرة حالمة لأبعد الحدود، نظرة عاشقة متيمة برجلها الأول، ابتعد عنه واعتدلت في مقعدها ولكنها لم تفصل تشابك كفيهما وهمست بخفوتٍ: شكراً لوجودك
ابتسم بعشقٍ يتخلل روحه وتحدث بنبرة جعلتها ترفرف بعنان السماء: دا مكانك من غير ما تطلبي، حضڼي بيتك حتى لو زعلانين من بعض، أثير أنا معرفتش أحب غير بيكِ
ضحكت وسط دموعها التي مازالت تهطل ورفعت كفه لشفتيها وطبعت قبلة رطبة فوقه وأردفت بنبرة ممتنه: وجودك زي البلسم بيداويني ويشفي قلبي
مدة من الصمت تخللها صوت أنفاسهم العالية وتنهيداتهم المطمئنة، مدة من النظرات الدافئة والحنونة والعاشقة، اللغة السائدة بينهم هي نظراتهم الشغوفة والصابره، قطع الصمت صوتها العذب: ممكن نروح مكان قريب من هنا؟!
ابتسم لصفاء عينيها وانعكاس أشعة الشمس عليها التي جعلت منها لوحة فنية بديعة أوضحت عظمة خالقها، هز رأسه بموافقة وتتبع شرحها له ولم تغادر شفتيه تلك الابتسامة الدافئة التي أبردت نيران قلبه......
استيقظت براحة عكس أيامها السابقة وتمطأت بدلالٍ شديد ثم رفرفت بأهدابها عندما أبصرت شقيقتها بنظراتها الثاقبة، ابتسمت بتوتر وتحدثت بنعاسٍ: صباح القمر يا رحوم
رمقتها « رحمه» بنظرة مستهزئة ورطبت شفتيها وتحدثت: امممم بتثبتيني صح؟!
ضحكت على ڠضب شقيقتها واقتربت منها بخفة محتضنة إياها وتمتمت بمهادنه: إيه مزعل ست رحمه مننا طيب
رفعت الصغيرة رأسها بشموخٍ وتحدثت: إزاي تروحي لثائر ومتخدنيش معاكِ؟!
ضحكت « هبه» بشدة على دراما الصغيرة المرحة وأردفت بنبرة مصطنعة الحزن: والله هو اللي جه خادني يا رحمه وقال ماما عوزاكي وبس يعني
جحدتها الصغيرة بنظرة متوجسة وجذبت أذنها بخفة وأردفت: قلبك وقع تاني يا هبه؟
تلبكت بحديثها وشردت قليلاً به، هو بعنفوانه وقوته وشخصيته الطاغية اقتحم أسوار قلبها المتينة وجعلها كمراهقة تبتسم لكلمة غزلٍ عابرة، ابتعدت عن شقيقتها وتوجهت للشرفة وتركت للهواء حريته بالتخلخل بين خصلاتها الطويلة
ب
، ابتسمت لنسمة عابرة حضنت وجهها وتحدثت بخفوتٍ مُتيم: مش هتفهمي كلامي دلوقت بس رغم كدا هقولك، ثائر زي التلج اللي نزل على قلبي في عِز الڼار عشان يطفيه، يشبه تتر مسلسل قديم أو بيت طيب لجدودنا أو يمكن زي بسمة طفل لأم فضلت سنين عمرها تستناه، قلبي مكنش قدامه اختيار بين إنه يحبه أو لأ، قلبي وقع ڠصب عنه، ممرش وقت طويل بس زي ما بيقولوا مهما تخبى وتداري قلبك مسيره يحب ويدادي ويمكن قلبه مرايدنيش مش هكون حزينة والله لأن قلبي كفاية عليه حبي ليه، عمري ما فرحت بقصص الحب اللي بتتداول بين الناس لأني شايفه الحب من منظور تاني، الحب لمسة حنينه في وقت تعب، ضحكة صافية في وقت ۏجع، رسالة غزل في وقت حزن وعتاب، ضمة في وقت خوف، ثقة في وقت خذلان، قوة في لحظة ضعف أو حتى كلمة في وقت ضياع، الحب مش مجرد كلمات بنقولها لا دا حاجه أعظم، يمكن مليش نصيب أتحب وقلبي يرفرف بلمسه من شخص قلبي يتنفض بشوفته بس قلبي راضي بشوفته، الحب أسطوره قديمة بتحيا بيها قلوبنا....
استطرد قليلاً ثم نظرت لشقيقتها المستفهمه وتمتمت بسلامٍ تام: عارفه إنك مش فاهمه أغلب كلامي بس وقت ما قلبك يدق هتفتكريه
ابتسمت «رحمه» وتمتمت باستفسار: وثائر بالنسبالك إيه بقا؟!
عادت لشرودها مرة أخرى تراقب قطرات المياه وهي تتمسح بزجاج السيارات المارة وتلك الهرة الخائڤة من العبور، إنه الصباح ولم تغفل السماء عن إنزال رونقها الخاص للعالم، عقدت يديها حول صدرها وهمست بنبرة عميقة: ثائر زي المطر بعد صيف طويل وقحط مؤذي لتربة كانت خِصبه، ثائر بيمثل كل معاني الحب ليا رغم تناقض معانيه جوايا، هو كل حاجه حلوة عيني بتشوفها أو يمكن هو كل اللي عيوني شيفاه؟!.....
فركت أصابعها بتوتر عندما تأخر في الخروج، فبعد لحظات ضعفها قررت ترك قلبها له وها هو حدد مع والدها موعد زفافِهم بعد غد!!!!
عدلت « أثير» وضع نظارتها الشمسية التي جعلتها بأروع إطلالة على الأطلاق ووقفت بلهفة تنتظر خروجه من غرفة تبديل الملابس، فهو اصر عليها بأن ترافقه لاختيار بذلته زفافهم، ابتسمت عندما أبصرته حتى ظهرت نُغزتيها المُغريتين وعينيها تفيضان عشقًا له وأردفت: البدلة بقت حلوة بيك يا راكان
دار راكان بنظرة حولهم وابتسم بخبثٍ وأردف: طب ممكن تعدليلي لياقة القميص لأنها مضيقاني؟!
أومأت بموافقة واقتربت منه بعدما خلعت نظارتها ووضعتها على أحد المقاعد، ها هو ذلك الرجل الذي ستذهب لبيته بعد غد ومن ثم تصبح زوجته قولاً وفعلاً، هو ذلك الرجل الذي أثنى على قلبها وربط روحها بروحه ليسكنها بظِلهُ وتصبح فتاته، كادت أن تقترب منه ولكن ظهرت فتاة من العدم تتغنج بوقفتها أمامه وثيابها تفضح أكثر ما تستر من جسدها وتتدلل عليه، غلت الډماء بقلبها حتى وصلت لأبراج عقلها ليدق إنذار الخطړ، لأول مرة تتخلى عن ضعفها وتقترب منها بلمحة وتدير وجهها عن « راكان» الخاص بها وتهتف بتملك: معلش أصل عنده حساسية بعيد عنك وكمان محتاج تهويه أصل المكان بقى خنيق فجأة
ناظرتها الفتاة بسخرية وتهكم وتمتمت وعينيها تدور على جسدها: وأنتِ مين بقا يا ست الحُسن
رأت الھجوم بعيني «راكان» ولكنها بادلته نظراته المشټعلة بأخرى مُسالمة وهادئة وقبضت بقوة على ذراع الفتاة وهتفت بكبرياء وثقة: هي ماما معلمتكيش إنك متبصيش على حاجة غيرك لأن ممكن صاحبها يحط صباعه في عينك وتبقى بعين واحده أو من غير الاتنين أيهم أقرب يا...
هزت رأسها بتهكم